• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

الحريات الأكاديمية في الجامعات الأردنية

الحريات الأكاديمية في الجامعات الأردنية
أروى محمد أبو فخيدة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/7/2015 ميلادي - 1/10/1436 هجري

الزيارات: 18006

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحريات الأكاديمية في الجامعات الأردنية

"حرية البحث والتدريس والتفكير العلمي"

 

التعليم هو الأداة الرئيسية لكل الفئات العمرية التي تقي من الاضطهاد والعنف والاستغلال، وهو وسيلة الفقراء لصهر أنفسهم في البوتقة الاقتصادية والاجتماعية دونما تمييز من خلال متطلبات التنمية في المجتمع، وبناء مواطن مفكر ومثقف قادر على العمل والإبداع والتحليل، كذلك فإن الجامعة تقوم بوظيفة المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية، ودعم الاختراع التكنولوجي والعلمي، وحفزالإبداع في الفنون والآداب، ومخاطبة القضايا العالمية الطارئة مثل الفقر، والمرض، والصراع السياسي العرقي والتدهور البيئي، لذا عد التعليم من أهم الحقوق الإنسانية ومن أكثر المجالات استثمارًا في الدول قاطبة.

 

فالجامعة لم تعد مرتبطةً بالعمل الأكاديمي فقط بل بدأت تساهم بشكل فعال في عملية البناء والتنمية ونقل المجتمعات من التخلف والتبعية الفكرية بكافة أشكالها إلى مرحلة النهوض والإستقلالية، فتقوم بأدوار كثيرة عن طريق كوادرها وقياداتها العلمية والإدارية من أجل رفد المجتمعات بالكفاءات والخبرات الفنية المؤهلة تأهيلًاعلميًّا للمساهمة في عملية الإصلاح والمصالحة.

 

في 10 كانون الأول/ ديسمبر 1948، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجاءت المادة 26 التي تنص على:

( 1 ) لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميًّا وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة.

 

( 2 ) يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملًا، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتحدة لحفظ السلام[1].

 

فكان التعليم النافذة الأولى، نطل بها على العالم مشرعين ذواتنا على عالم أرحب من خلال مؤسسات التعليم المختلفة فكانت جامعاتنا التي منها وبها أطلقنا العنان لأرواحنا ولعقولنا، وفي حضنها تحررنا من سطوة البرمجة والتقليد، فهي منابع العلم والمعرفة والفكرو منطلقنا الحر والواعي والمتنور نحواستيعاب الآخر، تسعى باختلاف أفرادها ومساربها نحو التكامل والتماثل وهذا ما دل عليه المعنى اللغوي للجامعة فالتماثل والتضاد يكونان معنى الوجود الإنساني.

 

الجامعة من جمع: جَمَعَ الشيءَ عن تَفْرِقة يَجْمَعُه جَمْعًا وجَمَّعَه وأَجْمَعَه
فاجتَمع واجْدَمَعَ، وهي مضارعة، وكذلك تجمَّع واسْتجمع. والمجموع: الذي
جُمع من ههنا وههنا وإِن لم يجعل كالشيء الواحد. وتجمَّع القوم:
اجتمعوا أَيضًا من ههنا وههنا، الجامعُ؛ قال ابن الأَثير: هو الذي يَجْمع
الخلائق ليوم الحِساب، وقيل: هو المؤَلِّف بين المُتماثِلات والمُتضادّات في
الوجود؛ وقول امرئ القيس:
فلو أَنَّها نفْسٌ تموتُ جَميعةً،
ولكِنَّها نفْسٌ تُساقِطُ أَنْفُسا

والجَمِيعُ: ضد المتفرِّق؛ قال قيس بن
معاذ وهو مجنون بني عامر:
فقدْتُكِ مِن نَفْسٍ شَعاعٍ، فإِنَّني
نَهَيْتُكِ عن هذا، وأَنتِ جَمِيعُ[2].

 

واستهجن أمر من ينعت الأمة بحالة غزو فكري وثقافي أين هي الحرب إذا قدم الغرب لنا ثقافة جديدة ربما مخالفة لثقافتنا لكن إذا سقناها إلى الطريق الصحيح وصلنا إلى هدفنا، لكن ديدن الأمر أننا نحن أقمنا حربًا على أنفسنا، وعدونا نحو الغنائم واللوامع دون أن نفهم أو ندرك ماهيتها، فما عيب الثقافة المتعددة داخل السور الواحد فكارل ساغان الفلكي الأمريكي يقول "ليس هناك من معنى أن نكون منفتحين على فرضية لا نفهم منها شيئاُ ".

 

وبالتالي فحركة الإنفتاح هذه تستوجب الإدارة المدروسة الناجحة لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي التي تعني مجتمعًا ناجحًا ومتطورًاوذلك بتطوير كفاءاتها وتوفير المناخ الملائم لإنتاج افرادمثقفين واعين قادرين على الإبداع والتحليل واستيعاب متطلبات العصر ومتغيراته، وهنا يكمن هدف الجامعة.

 

وقد وصف العالم رسبوسو resposo الجامعة بأنهاتمثل مجتمعًا علميًّا يهتم بالبحث عن الحقيقة، وأن من وظائفها الأساسية تتمثل في البحث والتعليم وخدمة المجتمع وتنمية أفراده، وتنمية طاقاته ووسائله، وتنمية الموارد البشرية والحفاظ على الثقافة والهوية الوطنية[3].

 

وهناك عبارة مشهورة لتوماس جيفرسون التي قالها عند الاحتفال بإفتتاح جامعة فرجينيا: "إن هذا البناء المادي العظيم -مشيرًا إلى الجامعة - لا يمكن أن يقوم إلا على البناء الروحي الخالدعلى الحرية المطلقة للعقل الإنساني "[4].

 

تعريف الحريات الأكاديمية ونشأتها:

تنص المادة (19) من لائحة حقوق الإنسان على ما يلي "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة، ودونما اعتبار للحدود"[5].

 

يعود مفهوم الحرية الأكاديمية في الجامعات الغربية إلى العصورالوسطى، وهومفهوم غربي على حد قول محافظة، وهولا صلة له بالحرية التي كان يتمتع بهاالتلميذ والشيخ في مؤسساتنا التعليمية الاسلامية القديمة لأن أغلب معاهدنا ومؤسساتنا التعليمية _باستثناء البعض_ أخذناها عن الغرب سواء كانت فرضًا أو اختيارًا.

 

إلاأن مرسي يرى غير ذلك فيقول" من الثابت تاريخيًا أن المسلمين في عصور ازدهارهم قد عرفو أومارسوا حرية البحث والعلم في نقلهم لعلوم ومعارف الثقافات الأخرى وفي شرحهم وتفسيرهم لها وفي الإضافة اليها، ومحاولة التوفيق بين الفلسفة والدين وفي إصدارالأراء المتخالفة لما هو متوارث ومتعارف عليه في الفكر الإسلامي، يشهد على هذا ما كان يقوم به فلاسفة المعتزلة من نقد صريح لأحداث التاريخ في صدر الاسلام.

 

ويأكد مرسي أن المجتمع الاسلامي لم يشهد اضطهادًا للعلماء والمفكرين على ما كان في المجتمع الأوروبي في العصور الوسطى.ففي الوقت الذي كان الخلفاء الراشدون والأمويون والعباسيون يجادلون الخوارج والنصارى واليهود والمجوس بالتي هي أحسن ويعقدون المجالس للمناظرة ويدرون عليهم الأرزاق ويفتحون لهم أبواب العلم، كان الأمر مختلفًا تمامًا في المجتمعات الاوروبية حيث كان الذي يتجرأعلى تبيان فضل العقل يربط على سارية مركوزة على نار متأججة أو تشد أطرافه على أربعة جياد وينهال عليه الموكلون ضربًا بالسياط، وكان الشيخ في العصر الإسلامي يتمتع بالرعاية والتقدير وحرية التدريس واختيار منهج التدريس وطرقه، وكان الطلاب أحرارًا في اختيارهم لأستاذهم"[6].

 

وأنا مع الرأي الأخير لأنه لو لم يكن حرية أكاديمية في العصر الإسلامي لما قامت الحضارة الإسلامية مطلقًا فالمعرفة سلطة والسلطة قوة وحضارة، إذا وجهت وجهتها الصحيحة.

 

ويقول الله عز وجل في كتابه الكريم عن كثير من الآيات التي تذكر العلم وتحض عليه وتدعو إلى تحرير العقل من كل ما هو موروث لا يستند إلى منطق علمي فقال عز وجل ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 170].

 

وكان مفهوم الحرية في العصور الوسطى يعني أمرين:اعتراف السلطة الدينية أو المدنية بالإستقلال الذاتي للجامعة وبالإمتيازات الخاصة التي يتمتع بها الأساتذة والطلبة والعاملون فيها.وكانت المراسيم البابوية والمواثيق الملكية في اوروبا تؤكد هذا الإستقلال الذاتي للجامعات التابعة للكنائس والأديرة والممالك، غيرأن هذا المفهوم تغير بعد حركة الإصلاح الديني التي أدت إلى تمزيق وحدة الكنيسة الرومانية الغربية وأسفرت عن حروب دينية بين الكاثوليك والبروتستانت وتأثرت الجامعات بذلك وغدت مؤسسات وطنية وغدا الخطر الذي يهددها خطرًا سياسيًا، وأصبحت الدولة المدنية ذات السيادة لا تسمح بالتعليم إلا اذا اتفق مع المبادئ والأهداف السياسية التي تنادي بها.

 

وبدأت بوادر الحرية الأكاديمية بالظهور بتأسيس جامعة لايدن Leiden في هولندا سنة 1575، حيث منحت المعلمين والطلبة شيئًا من الحرية في بداية نشأتهاوتطور مفهوم الحرية واتسع نطاقه في القرنين السابع عشر والثامن عشر في الجامعات الألمانية ولا سيما جامعتي لايبتسغ Leipzig وغوتنجن goettingen وبانشاء جامعة برلين سنة1811، وتحت رئاسة الفيلسوف غوتليب فيخته اصبحت الحرية تعني حرية التعليم والتعلم.

 

وتأثرت الحرية الأكاديمية في القرن العشرين بالتوترات الدولية والحروب الإيديولوجية ففي الحرب العالمية الاولى اتهم بعض الأساتذة بعدم الولاء لدولهم، وشعر الأساتذة في الجامعات الأمريكية بالحاجة للدفاع عن حريتهم فكونوا في سنة1915 الرابطة الأمريكية لأساتذة الجامعات وناضلت هذه الرابطة من أجل الحرية الأكاديمية منذ نشأتها"[7].

 

والحرية الأكاديمية كما حددتها الجمعية الأمريكية لأساتذة الجامعات هي "حرية أولئك الأشخاص المؤهلين مهنيًّا في البحث عن الحقيقة واكتشافها ونشرها وتعليمها كما يرونها هم، وهي لا تخضع لأي سيطرة أو سلطة غير سيطرة الطريقة العقلانية في البحث"[8].

 

وتطور مفهوم الحرية من التعلم والتعليم إلى حق المعلم في أن يعلم وحق المتعلم في أن يتعلم ما يريد دون تدخل أو قيد من الخارج وشملت الحرية الأكاديمية حرية التعبير وحرية النشر وحرية الاعتقاد فالبنسبة إلى المعلم، للحرية الأكاديمية ثلاثة جوانب هي:

حريته في متابعة بحثه العلمي للوصول إلى النتائج العلمية، وحريته في أن يعرض على طلبته نتائج أبحاثه بصورة دقيقة وأمينة ويعرض أحكامه في ميدان تخصصه وأخيرًا حريته في نشر نتائج أبحاثه بحيث يستفيد منها زملاؤه، فضلًا عن حقه في اختيارالكتب المقررة للمواد وطريقة المواد التي يراها مناسبة.

 

أما بالنسبة للطالب فالحرية الأكاديمية تعني حقه في الحصول على التعليم السليم وحقه في تكوين استنتاجاته بناء على دراسته وحقه في الاستماع والتعبير عن آرائه فللطالب الجامعي الحرية في اختيار المواد الدراسية، وله دور في الهيئة الطلابية التي ينتمي إليها"[9].

 

وقد جاء تعريف تردنيك الذي يرى أن الحرية الأكاديمية تتضمن نوعين من الحريات:

"الحرية الفردية التي تتيح للفرد الأكاديمي باحثًا ومدرسًا حق تتبع بحوثه ودراساته واستخلاص نتائجه، وحق نشرها وتدريسها لطلابه دون التدخل من أي جهة؛ سواء من داخل الجامعة، أو من خارجها"[10].

 

وتعددت الآراء حول تعريف المصطلح ولكن جميعهم التقوا في مسار واحد.

 

ومع ذلك فليس هناك الآن وثيقة دولية للحرية الأكاديمية مما يدخل تحت مظلة القانون الدولي ولا آلية دولية لأعمالها....فقد اهتمت منظمات غير حكومية بموضوع الحريات وصدر عنها عدد من الإعلانات نذكر منها:

اجتماع الرابطة الدولية 1982 لأساتذة ومحاضري الجامعات حيث أسفر المؤتمر عن ميثاق حقوق وواجبات الحرية الأكاديمية.

 

اجتماع الجمعية العمومية للخدمة الجامعية المنعقد في نانت بفرنسا عام1984 وفي عام 1988 عقد في مدينة بولونيا بإطاليا مؤتمر الجامعات الأوروبية ورؤسائها وفي سنة1990 صدرإعلان عن دار السلام عن رابطة موظفي مؤسسات التعليم العالي وإعلان كامبالا وفي عام 1993عقد مؤتمر بوزنان بولونيا بإيطاليا وصدر عنه إعلان الحريات الأكاديمية، وكان من أكثر الإعلانات دقة وشمولًا إعلان ليما الذي عقد في اجتماع الهيئة العامة للخدمة الجامعية العالمية المنعقدة في ليما عاصمة البيرو في سبتمبر/ أيلول.1988[11].

 

عناصر الحرية الأكاديمية:

تتمثل الحرية الأكاديمية في ثلاثة عناصر:

1. حرية أعضاء هيئة التدريس في البحث عن الحقيقة وحقهم في نشرها وتعليمها[12]، التي تشمل حرية الأفراد المشتغلين بالعلم والبحث العلمي والأكاديمي، وكل ما له علاقة بحقوق وواجبات مهنة العمل الأكاديمي والحرية الأكاديمية، فهو مطلب مهم من مطالب استمرار المشتغلين بالعلم والبحث والتدريس الجامعي في نشاطهم بمأمن من أي نوع من أنواع الازعاج من قبل السلطات أو الزملاءأو المؤسسات أو المجتمع ككل، كما أن من حق هؤلاء التعبير عن آرائهم والإعلان عن نتائج بحوثهم وتأملاتهم مهما كانت غير تقليدية وغير شائعة دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان لوظيفته في المؤسسة الجامعية والبحثية[13].

 

2. حرية الجامعات والمؤسسات الجامعية والبحثية وضمان حصولها على الاستقلالية الداخلية والخارجية إداريًّا وماليًّا وثقافيًّا[14].

 

وعلى النقيض تمامًا لدعاة استقلال الجامعات لتوفير الحرية الأكاديمية، نجد أن بعض الباحثين لا يرون استقلال الجامعة ضرورة لتوفير الحرية الأكاديمية، وضربوا لذلك أمثلة واقعة كالجامعات الألمانية التي أنشأها الملوك والامراء قبل قيام الوحدة الألمانية فعلى الرغم من تبعيتها للحكومة إلا أنها مارست حرية البحث عن الحقيقة وحرية التعبير عنها دون تدخل[15]، ويعتبر البعض هذا المثال حالة استثنائية لا يقاس عليها ويعتقدون أن درجة الحرية الأكاديمية تتناسب طرديًّا مع مدى استقلال الجامعة[16].

 

فالجامعات العصرية على أبواب القرن الحادي والعشرين مراكز للتعامل مع المعلومات الحديثة، والتقنيات المتقدمة والوسائل المتطورة، وليست مجرد مراكز لصنع وضخ الأعداد الغفيرة من الخرجين من حملة الشهادات الجامعية، بحيث تتحول إلى نظام آلي ضعيف، عديم الصلة بالمجتمع، فتصبح بيروقراطية إدارية تنتج مفردات كلاسيكية في المناهج، وتفتقد التقاليد الجامعية، وتتعامل مع مراكز قوى تحمل عقولًا وخلفيات محافظة لاتحترم الرأي والحرية والحوار الديمقراطي الهادف[17].

 

ومما يفاقم الأزمة أن نظام التعليم العالي لا يمتلك خريطة مفصلة ومتكاملة في التخطيط والتنفيذ، فتتكرر أنماط من الجامعات لها تخصصات متشابهة وتحتاج أعدادًا كبيرة من الإداريين والمدرسين المؤهلين أكاديميًّا لقيادة العملية التربوية والتعليمية، وهذا ما لا يمكن تحقيقه بفترة زمنية قصيرة، فتكون الكمية على حساب الكفاءة والنوعية والمؤهلات الجامعية[18].

 

3. حرية العلم والبحث العلمي، وكل ما له علاقة بالنشاط العلمي والبحثي المجرد، ويكون ذلك بالتعبير عن المعرفة والحقيقة والإعلان الحر عن نتائج البحوث والاختراعات والآراء العلمية[19].

 

يأتي السؤال: هل الحرية الأكاديمية لها ضابط واتجاه، أم أن لها فضاءها الواسع أينما شاءت وكيفما شاءت؟

إن الحرية الأكاديمية ليست مطلقة مما يجب أن يقيدها، فالحرية التي لا ضوابط لها قد تقود للفوضى وتصبح خطرًا يهدد مؤسسات التعليمية والمجتمع كله[20].

 

وهذا ما طرحه محمد جواد رضا على رئيس لجنة المنح الجامعية في لندن UGC عام 1978 فقال: ألا ترى أن من واجب الدولة توفير المال للجامعات دون أن تتدخل في شؤنها الإدارية والأكاديمية؟ فقال: لا مراء في ذلك، ولكن ألا ترى أن الدولة حتى لو نظرنا إليها على أنها مجرد وكالة تمويلية أفليس من حقها أن تتأكد من حسن إنفاق الأموال العامة المقدمة للجامعات[21].

 

"ولذا فلا بد من دور رقابي من الدولة في حدود ضيقة يتمثل في التأكد من حسن سير العملية التربوية التعليمية وضمان إنفاق الأموال العامة بطرق سليمة وعدم انحراف الجامعات عن أداء دورها في التدريس والبحث وخدمة المجتمع، إن الحرية الأكاديمية لا تعني الانفلات والتمرد على الضوابط المجتمعية؛ لأن الحرية الأكاديمية حرية منطقية ومسؤولة ومعقلنة"[22].

 

الحرية الأكاديمية في الجامعات الأردنية:

تهدف الجامعة إلى نشر المعرفة وتطويرها والإسهام في تقدم الفكر الإنساني، والقيام بالبحث العلمي وتشجيعه، وتطوير المجتمع العلمي والاستقلال الفكري، وهذا ما نص عليه قانون الجامعات الأردنية رقم 29 لعام 1987 في المادة الرابعة منه[23].

 

وقد نصت على أن الجامعة شخصيةمعنوية، مستقلة ماليًّا وإداريًّا، وجاء في المادة الخامسة أن الجامعة مستقلة علميًّا، وتحقيقًا لذلك تقوم بوضع برامج أبحاثها ومناهجها الدراسية والتدريبية وتعقد الامتحانات، وتمنح الدرجات العلمية والفخرية والشهادات، وتحدث الوظائف في أجهزتها العلمية والفنية وغيرها، وتعين فيها[24].

 

كما نصت القوانيين أن عضو هيئة التدريس يتمتع في نطاق عمله الجامعي بالحرية الكاملة في التفكير والتعبير والنشر وتبادل الرأي فيما يتصل بموضوعات الدراسة ونشاطاته الجامعية، وذلك في حدود القوانين المعمول بها مع الالتزام بالأنظمة والتعاليمات الجامعية[25].

 

وقد تمتعت الجامعات الأردنية باستقلال إداري ومالي مقبول، وكان للجامعة مجلس أمناء يقوم على تدبير أمور الجامعة ومناقشة كل ما يتعلق بالجامعة - من مناقشة الميزانية العامة والأنظمة الداخلية - غير أن الوضع لم يدم طويلًا حتى استولت السلطات التنفيذية والقضائية على الجامعات، وكان ذلك بإنشاء وزارة التعليم العالي عام1985، وحل مجالس الأمناء في الجامعات، الأمر الذي نال من استقلال الجامعة الإداري والمالي، كما ساهم في إضعاف التعليم الجامعي وتدنِّي مستواه، وكان الهاجس الأمني العامل الأقوى في تدخل الأجهزة الأمنية في تعيين العاملين في الجامعات الأردنية، متمثلًا باشتراط حصول من يريد التعين في الجامعة على موافقة أمنية.

 

ولم تفلح الديمقراطية التي أعلنت عنها نهاية عام 1989 في تغيير هذه القوانين التي تحد من الحرية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الأردنية، الأمر الذي أدى إلى عزلة الأكاديميين عن قضايا أمتهم وعدم الخوض فيها ولا البحث في المشكلات الساسية والاقتصادية والاجتماعية، ونتيجة لذلك فقد أثبتت وزارة التعليم العالي فشلها، وأن مجلس التعليم العالي لم يعد قادرًا على القيام بالمهام الموكولة إليه، وكان طوال السنوات الماضية عاجزًا عن تطوير التعليم العالي وتحسين مستوى أدائه؛ مما يجعل من ذلك ضرورة لإعادة النظر في القوانين والتشريعات التي تحد من الحرية الأكاديمية في الجامعات الأردنية[26].

 

البحث العلمي في الأردن:

يعرف البحث العلمي بأنه "عملية الوصول إلى الحقيقة "، ويعرف أيضًا: عملية دراسة مستمرة للتعرف على المشكلة ووضع الحلول اللازمة لها، واستخدام هذه الحلول في التعامل الواقعي لاختبار صلاحيتها، ومن ثم تعميمها بشكل قواعد تصلح للاستعمال والتطبيق[27].

 

يعد البحث العلمي في الجامعات المحرك الأساسي لكافة القطاعات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والتربوية، ولا يمكن لأي دولة أن تستغني عنه، وفي ظروف دولية جديدة لا بقاء فيها إلا للأقوى تكنولوجيًّا، فإن مكانة البحث العلمي على مستوى برامج ومخططات ميزانية التنمية أصبحت أكثر ضرورية للبقاء في عالم الغد.

 

لا مندوحة من القول بأن البحوث العلمية هي عنصر أساسي من عناصر التعليم الجامعي، ويعتبر عنصرًا حاسمًا في تحقيق الجودة وفي عمليات التجديد والتطوير الشامل لعملية التعليم والتعلم، ورفع مستوى الأساتذة والملائمة بينه وبين الأبعاد الاقتصادية الحديثة؛ حيث يتزايد الطلب على توفير خريجين قادرين على تحديث معلوماتهم بشكل مستمر، فلا بد من توسيع نطاق المشاركة في جهود تحديث وتطوير البحث العلمي بما يضمن تلبية الاحتياجات ومتطلبات التنمية الحالية والمستقبلية لمجتمعنا المحلي، والذي يشهد تحولات سياسية وثقافية واجتماعية على مستوى المنطقة.

 

ويعد البحث العلمي في الجامعات من أخلاقيات العمل لأعضاء هيئة التدريس في مجال خدمة المجتمع على اعتبار أن الجامعة مجتمع صغير يحيط به المجتمع الكبير بسائر حلقاته، ولهذا يتصل بهذا المجتمع بعدًا من أخلاقيات التعليم الجامعي يدعو إلى الحرص على المبادأة في تقديم الخدمات الممكنة للمجتمع تحقيقًا لرسالة الجامعة في المجتمع[28].

 

ويمكن استباط الملامح الواقعية للبحث العلمي في الجامعات الأردنية من خلال:

1. أساسيات البحث العلمي في الجامعات الأردنية

2. المشكلات وتحديات التي تواجه البحث العلمي[29].

 

إن نظرة المجتمع للباحث والبحث العلمي والواقع الاجتماعي تعد عاملًا مؤثرًا على مستوى البحث العلمي؛ حيث ينظر نظرة تتصف بالآتي:

1. التقديس والولع الشديد.

2. النظرة المخزونية على اعتبار أنه كمية من المعارف يمكن تخزينها.

3. النظرة الترفيهية للبحث على اعتبار أنه شيء ثانوي.

4. التفريق بين العلوم النافعة وغير النافعة من خلال الاهتمام بالعلوم التطبيقية على حساب العلوم الأساسية والنظرية[30].

 

ومن هذا المنطلق ينظر المجتمع الأردني للبحث العلمي على أنه شيء صعب المنال وشيء يستحيل تحقيقه، والبحث عن حلول بديلة خارجية هو الحل الأمثل للخروج من المشاكل التي تواجه البحث العلمي، فضلًا عن عدم الثقة بكل ما هو وطني.

 

المشكلات والتحديات التي تواجه البحث العلمي:

من البديهي والمعروف أن الثقافة تمثل المجتمع وهي بجل حثيثياتها ترتبط بالفكر، والفكر عملية إبداعية بحتة إذا تناسبت مع الشروط الواقعية المجتمعية وخدمت العملية الإنسانية ككل، فقد رفض البعض الفكر غير المفيد، والذي لا يخدم الإنسانية ويحقق غاياتها ومطالبها، فمسيرة الفكر في التاريخ الإنساني واضحة للعيان بخيرها وشرها، فبروز القوة العربية تعود إلى الثورة الفكرية والروحية التي أتى بها الإسلام للقضاء على الجاهلية بمختلف قيمها وعاداتها وتقاليدها، وترسيخ مفاهيم سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تحفظ كرامة الإنسان، وتحقق له الآمان الاجتماعي وتجعل منه ربان سفينة يقودها بحكمة وروية، وينأى بنفسه بعيدًا عن الرياح والعواصف؛ كي لا تقلب السفينة رأسًا على عقب، فلولا قوة فكرنا لما حوربنا بكافة الوسائل والطرق التي تقف في وجه الفكر الفذ والمتنور، فخلاصة القول بأن هناك حملة من التداعيات والعوائق توجه أسهمها إلينا؛ سواء كانت داخلية أم خارجية، فهل تصيبنا أم تنحو عنا؟!

 

هناك كم هائل من المعلومات المتمثلة بالدراسات والكتب، ونظم المعلومات التي تنشرها الجامعات الأردنية، لكن هناك مشكلات تواجه البحث العلمي ناتجة عن الجو العام والبيئة المحيطة بالجامعات الأردنية، والتي يمكن حصرها بالآتي:

1. حداثة البحث العلمي؛ حيث نجد أن الأسس البحثية تتغير من باحث لآخر ومن جامعة لأخرى، بالرغم من أن الخبرة التنظيمية في مجالات البحث من العلوم التي تعتمد المحاولة والخطأ؛ مما أدى إلى تغيير الكثير من البحوث[31].

 

2. تخلف المحيط الاجتماعي؛ إذ إن هناك نسبة كبيرة في المجتمع غير واعية لأهمية البحث، وينظر إلى أنه مضيعة للوقت والمال والجهد؛ حيث تعطى الأهمية لأصحاب النفوذ، بينما تتدنى مكانة الباحث؛ لأنه لا يملك أيًّا منها، فمعظم السياسات في الجامعات التي تنتهج في توطين التكنولوجيات الإنتاجية، لا تعمل على تشجيع أنشطة البحث العلمي والتكنولوجي، بل إن مكانة الباحث تؤثر سلبًا وتغيِّر مفهوم البحث جذريًّا؛ ليصبح لا يتعدى مفهوم الوظيفة العامة لأي نشاط، وإن الاستعانة بالخبرة الأجنبية ما زال بديلًا مطروحًا بالنسبة لتطبيقات المعلومات التي أصبحت تقليدية بكل المقاييس، ويمكن تنفيذها بالخبرات المحلية[32].

 

حتى القطاع الطلابي يعتمد البحوث الجاهزة من مكاتب متخصصة أو أكاديميين مرتزقين، أو من الإنترنت؛ مما يعرقل عملية سير الواقع الأكاديمي، ويعود بالضرر على المجتمع، ويعود ذلك إلى المنهج البحثي عل حد قول حبيب" ففي المدارس الثانوية وفي الجامعات مع ما يصاحبه من تردي المستوى التربوي العام، الذي يعلم على التلقين والحفظ والإنشائية، وليس على الاستقلالية والابتكار والتحديد، وهذا نحن جميعًا ضحاياه، فينشأ الطالب الذي قد يكون باحثًا على مستوى هزيل من الضبط المنهجي، والجدل المنطقي، والوصف والنقد الموضوعيين، فإذا لم يتدارك الباحث هذه العيوب، سينتج بحثًا يتصف بواحدة أو أكثر بالمواصفات التالية: ضعيف اللغة، ركيك الأسلوب، مشوش الأهدافه، عشوائي المنهج، ضحل المعلومات وقليل المراجع، اعتباطي المنطق[33].

 

وأنا أؤيد رأي حبيب وأبصم به عشرًا، فمن خلال دراستي للغة العربية تخرج معي عدد لا بأس به من طلاب لا يعرفوا القراءة الصحيحة ولا القواعد الأساسية للغة، وهذا في صلب تخصصهم، فما بالك في تخصصات أخرى؟! ويعود ذلك إلى اعتماد النظام التعليمي على أسلوب التلقين والحفظ والسير قدمًا نحو قاعدة بضاعتكم ردت إليكم، فقل للطالب 1+1=2 أعد صياغة السؤال، وقل له: الرقم2 من أين أتى لا يعرف، وقس على ذلك باقي العلوم.

 

3. تحمل وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في فشل المنظومات التعليمية والتربوية في الأردن؛ لأنها تساهم في تكوين الثقافة العلمية اللازمة للشرائح الاجتماعية المختلفة من أجل مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية، فغالبًا ما تركز الوسائل المطبوعة على معاجة قضايا سياسية واقتصادية، ويخصص أحيانًا ما يزيد على نصف المساحات للإعلان والدعاية، وأما الوسائل السمعية والبصرية، فإنها تقوم ببث الوثائق العلمية في أوقات بعيدة عن مساحات الذروة[34].

 

4. البحث العلمي في الجامعات أو المراكز البحثية لا تربطه علاقة تنظيمية بقطاع التنمية لعدة أسباب أبرزها:

1. التنظيم القانوني لقطاعات التنمية لا يحثها على الاستعانة بمراكز البحث لحل مشاكلها.

2. عدم الثقة بقدرة البحث العلمي الوطني من قبل المسؤولين في هذه القطاعات واستعانتهم بمراكز الدراسات الأجنبية[35].

 

5. نقص أو غياب الحوافز المادية والإدارية لتشجيع وتحفيز النخبة العلمية على العطاء والابتكار؛ حيث إنه لا يكون هناك تشجيع للتأليف؛ مما يؤدي ذلك هجرة الكفاءات العلمية الماهرة إلى مراكز عمل في البلدان المتطورة، كما جاء في مقال للكاتب ياسر أبو هلالة بعنوان: "لا تبيعوا التعليم العالي"، يقول فيه عن دراسة رصدت العام الدراسي 2007-2008: "كشف الأمين العام للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا أن 776 أستاذًا جامعيًّا من حملة الدكتوراه في الجامعات الأردنية الرسمية تركوا عملهم خلال الفترة الممتدة بين أيلول 2007 وأيلول 2008. وكانت أعلى نسبة في الجامعة الأردنية؛ حيث بلغ عدد الأساتذة الذين تركوا الجامعة 323 أستاذًا، وتلتها جامعة اليرموك وعددهم 155 أستاذًا، ثم الجامعة الهاشمية وعددهم 100 أستاذ، في حين بلغ عدد الأساتذة الذين تركوا جامعة العلوم والتكنولوجيا 78 أستاذًا، وتلتها جامعة الطفيلة 37 أستاذًا، وغادر جامعة الحسين بن طلال في الفترة نفسها 26 أستاذًا، و"آل البيت" 22 أستاذًًا، و"البلقاء" 16 أستاذًا، و"الألمانية الأردنية" تسعة أساتذة، و"مؤتة" خمسة أساتذة.

 

وأرجع عدد من أساتذة الجامعات هذه النسبة الكبيرة إلى تدني رواتب أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الأردنية الرسمية، وحذروا من استمرار الوضع الحالي في ظل تدني الرواتب وهجرة الكفاءات، فإن ذلك سينعكس على العملية التعليمية بشكل عام[36].

 

6. ضعف التمويل المادي للبحث العلمي؛ إذ إن الجامعة لا تمنح مكافآت مادية مشجعةللبحث الذي يقوم به عضو هيئة التدريس، وحينما يدعم البحث من الجامعة، ففي أغلب الأحيان يحصل الباحث على أقل من تكاليف البحث، ولا تتحمل الجامعة أجور النشر في المجلات العربية والأجنبية، وهذا يعود إلى عدم قدرة ميزانية الجامعة على ذلك؛ مما يترتب تكاليف على الباحث تعيقه على التقدم في كتابة عدد من البحوث التنموية التي تحتاج إلى التطبيق الفعلي في البيئة الأردنية، وقد أكد مصدر في العرب اليوم أن الجامعات الأردنية تولي البحث العلمي أدنى اهتمام، وهو ما تؤكده أرقام كشفها وزير التعليم العالي والبحث العلمي د. وليد المعاني الذي أوضح أن إنفاق الجامعة الأردنية لم يتجاوز نسبة 6 % من مخصصات البحث العلمي البالغة ستة ملايين دينار، وزاد مؤكدًا أن البحث العلمي في الجامعات غالبًا ما يكون بقصد الترقية وهو ما يفرغه من أهدافه، وبين المعاني أن الجامعة الهاشمية رصدت مليونًا و800 ألف دينار لكن إنفاقها لم يتجاوز 3%، فيما رصدت جامعة أخرى (لم يسمها) 25 ألف دينار للبحث العلمي، لكن إنفاقها لم يبلغ 1%؛ أي: أقل من 250 دينارًا، وأشار إلى أن الجامعات الرسمية أجرت 621 بحثًا علميًّا عام 2006، و763 بحثًا عام 2007 فيما حصة الجامعات الخاصة اقتصرت على 26 بحثًا، وأوضح أن التعديلات الجديدة في تعليمات التعليم العالي اشترطت تفرُّغ عضو هيئة التدريس للبحث العلمي في أثناء إجازته، وليس تسخيرها للتدريس في جامعات أخرى.

 

7. قصور المجتمع في فهمه لوظيفة الجامعة، وهو أن المجتمع لا زال يعتقد بأن وظيفة الجامعة هي استهلاك المعرفة بالدرجة الأولى، بمعنى أنها تقوم بوظيفة تلقين المعرفة المنتجة من قبل الآخرين، ولا يمكنها إنتاج هذه المعرفة عن طريق معالجة قضايا المجتمع الذي في أَمَسِّ الحاجة إلى خبرة الجامعة[37].

 

فما أبعد الفجوة بين المثال والواقع! ما بين جامعات منهمكة بهمِّها الذاتي والدور المنوط بها لتحقيقه في المجتمع، فها هو الأستاذ الجامعي يشغله ترقياته ومنصبه الاجتماعي؛ لكي يخرج على المجتمع مترفعًا برتبته هذه، لا منخرطًا في المجتمع وهمومه، فقد ذهبت إحدى المرات إلى صرح ثقافي محلي معروف، وزرت مستودع الكتب، فقال لي الموظف المسؤول عقب حديثنا عن حركة الثقافة في الأردن: إن بعض الأكاديمين والمثقفين يأتون لزيارتي؛ لكي يأخذوا كمًّا من الكتب ليضعوها في مكتباتهم الباهظة كنوع من" البرستيج"، فهم مصابون بالعمى الأكاديمي على حد قول الكاتب سامر خير أحمد إلا من رحم ربي، وذلك لاستغراقهم في الجانب النظري وبعدهم عن الجانب العملي التطبيقي الذي يساهم في بناء المجتمع، ووضع أنفسهم في أبراج عاجية، فهم صنعوا من أنفسهم ضحايا عُقَدهم الثقافية، يحملون شهادات لسنا واثقين من أين أتت، وكيف أتت، وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة الضجة التي أُثيرت حول هذا الموضوع، وفي المقابل نجد ثلة مميزة إبداعية ارتبطت بالواقع المجتمعي كما ارتبطت بقاعة الدرس، انغمست في المجتمع طوعًا وهم حاضرون بيننا دائمًا، فنُحيي جهودهم الجليلة.

 

وذكر عيسى برهومة في مقال له عن " الجامعات والدور الغائب" أسباب غياب الدور الثقافي الفاعل للجامعات المحلية بما يلي:

1. نظام الترقية الذي يقيِّد عضو هيئة التدريس بعدد من البحوث وسنوات محددة، وقصر البحوث على مجلات علمية محكمة؛ مما يفضي إلى نخبوية العلم.

 

2. عقلية المركز والأطراف، فالأنشطة الثقافية في عمومها متركزة في العاصمة، أما الأطراف فمحرومون منه، وهذا يقتضي إعادة النظر في الإستراتيجيات الثقافية للمؤسسات المعنية بهذا الشأن.

 

3. بُعد الجامعة عن أماكن سكن الأهالي يعوق التواصل بين الجامعة والمجتمع المحلي، ويحرمه من الإفادة من المعرفة والثقافة التي توفرهما الجامعة.

 

4. ضعف التنسيق بين الهيئات الثقافية في المحافظات والجامعات القريبة منها، فتغدو الأنشطة جُزرا معزولة لا تشكِّل فعلًا تراكميًّا.

 

وهكذا سنظل ندوي بأعلى صوتنا ونهتف بمصطلحاتنا البراقة عن العلم والانفتاح والفكر التنويري، ونشيِّد للمؤتمرات والاحتفالات، ناهيك عن مصطلحات الديموقراطية وحقوق الإنسان والتعددية، وحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان، ونلوِّح براية العلم والجامعات باسم التقدم والتطور والحداثة، وإعداد طلاب أُولِي بأس شديد في الثقافة والوعي الحضاري، نكسر زجاج البوصلة العلمية، ونوجِّه أسْهمها كما نريد، أو بالأحرى كما يريدون .. فلم يعد هناك اتجاهات جغرافية طبيعية، بل أصبح هناك جهات وضعية مصطنعة ننشئها حسب مصالحنا واحتياجاتنا.

 

فينبغي لنا أن نقر ونعترف بأننا مستهلكون، ولا نملك من الإنتاج ما يذكر، فثقافة الاستهلاك طبعت على جباهنا أو بالأحرى طبعناها، وسرنا قدمًا نحو الثقافة الغربية وسياساتها، دون النظر إلى الخلف ولا التفكير في الأمام، فأصبحنا على المحك كمن يُدحرج صخرة ضخمة من قاع الوادي إلى رأس الجبل، وما يكاد يوصلها حتى تتدحرج مرة أخرى إلى الوادي، ويعود لدحرجتها وتستمر العملية للأبد؛ فيجب أن نقر بضرورة الإيمان بتطوير البحوث العلمية ودعمها المادي والاجتماعي والثقافي؛ حتى نسير قدمًا للأمام بدون قائد ومرشد، بل نكون عرابين لأنفسنا، ننهل من الآخر بقدر، مع أني لا أحبذ ذكر هذا المصطلح (الآخر)؛ لأننا نحتم بذكره العدائية والعنصرية والتنكرية والثقافة اليتيمة، وأنا أعارض تلك المصطلحات التي بدورها تعزلنا عن الآخر، فأنا أمحو كلمتي وأعيد صياغتها بالثقافة الغربية.

 

مقترحات لمواجهة مشكلات البحث العلمي:

عقد في جامعة الزرقاء الأهلية عام 200 وقائع مؤتمر التعليم العالي في الأردن بين الواقع والطموح، ونتج عن المؤتمر لفيف من المقترحات العملية، وذلك من خلال ورقة الأستاذين الدكتور صالح عليمات والدكتور خليفة عاشور وجاءت بالآتي:

1. ضرورة تشكيل لجنة وطنية للجامعات توكل لها مهمة الإشراف المستمر على التسيير والاعتماد، ولجنة أو مؤسسة وطنية للبحث العلمي توكل لها مهمة تمويل البحث.

 

2. نشر الثقافة العلمية وإشراك عدد متزايد من المواطنين في تقدير أهمية العلم وضرورته الاقتصادية والاجتماعية والحضارية بما يمكن من ضمان التأييد والدعم اللازمين للتنمية العلمية والتكنولوجية الذاتية ولتحسين وضع الإنسان الأردني.

 

3. توفير الدوريات المتخصصة وربط مراكز البحوث والجامعات ببنوك المعلومات الوطنية والقومية العالمية؛ حتى يتسنى لهم فهم التعامل مع بنوك المعلومات والاستفادة منها.

 

4. التدريب وعقد الدورات المستمرة لاستخدام الأجهزة الحاسوبية والإنترنت في نقل وتبادل المعلومات واستقطابها في تنمية اللغات الأجنبية لدى الباحثين، عن طريق عقد الدورات الملزمة لعضو هيئة التدريس في الجامعات؛ لكي تستطيع الاستفادة من الثقافة العالمية وطرق التفكير والبحث من حيث المنهجية والمحتوى.

 

5. زيادة تمويل البحث العلمي وتشجيع وتحفيز القائمين عليه[38].



[1] جريدة الراي حسين نشوان ميم الثقافة وجيناتها 26/ 6/ 2009.

[2] لسان العرب.

[3] jaspers, the idea of university,london,1955,pp.(13-20) وانظر ايضاً: عبدالله بوبطانة (الجامعات وتحديات المستقبل مع التركيز على المنطقة العربية )الكويت، مجلة عالم الفكر ، مج (19)، ع(12)، أيلول (سبتمبر) 1988 (ص95-97)

[4] محمد محمد سكران .(2001)،الحرية الأكاديمية في الجامعات المصرية .القاهرة ،دار الثقافة للنشر والتوزيع

[5] Bowen, roger w. "academic freedom and human rights"5academic,vol.90,no.(sep/ oct.2004)p.88

[6] سعد مرسي (1975).تطور الفكر التربوي.القاهرة عالم الكتب.

[7] علي اومليل ،الحريات الأكاديمية والمواثيق الدولية (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية ،المستقبل العربي عدد190، 1994)ص82-83.

[8] الحرية الأكاديمية في الجامعات العربية ،منتدى الفكر العربي عمان ، 1994 ، ورقة د.علي محافظةص23 ص26.

[9] المرجع نفسه 7.

[10] المرجع نفسه 4.

[11] المرجع نفسه 7.

[12] يزيد سورطي(1997) الحرية الأكاديمية في الجامعات العربية بين الواقع والتطلعات مجلة كلية التربية ،(14)،1-47.

[13] عبدالخالق عبدالله (1994) الحرية الاكاديمية في جامعات الإمارات، منتدى الفكر العربي، عمان دار مجدلاوي للطباعة والنشر والتوزيع.

[14] المرجع نفسه رقم12.

[15] محمد جواد رضا(1984)،حوار حول الحرية الأكاديمية بين المفهوم والممارسة، المجلة التربيوية (1).

[16] المرجع نفسه12.

[17] محمد نبيل نوفل (تأملات في فلسفة التعليم الجامعي العربي)، بيروت، مجلة التربية الجديدة، مكتب اليونسكو

الإقليمي س17 ،ع151كانون الأول ( ديسمبر) 1990 - ص23.

[18] إبراهيم سعد الدين وآخرون (صور المستقبل العربي )، بيروت مركز دراسات الوحدة العربية 1985ص (96).

[19] المرجع نفسه13.

[20] المرجع نفسه 12.

[21] المرجع نفسه 15.

[22] سميح أو مغلي وآخرون (1997)قواعد التدريس في الجامعة .عمان ،دار الفكر للطباعة والنشلر والتوزيع.

[23] سلامة يوسف طناش (1995).مفهوم الحرية الأكاديمية لدى أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الأردنية.دراسات الجامعة الأردنية،22(5)،197_221.

[24] علي محافظة (1994) الحرية الأكاديمية في الجامعات الأردنية، منتدى الفكر العربي، عمان دار مجدلاوي للطباعة والنشر.

[25] المرجع نفسه23.

[26] المرجع نفسه 24.

[27] يعرب سعيد (1988 ) كتابة الرسائل الجامعية، المكتبة الوطنية بغداد.

[28] إسحاق الفرحان (1998) التعليم الجامعي مهنة تربوية سامية ذات قواعد أخلاقية عالية، محاضرة في ندوة تهيئة أعضاء هيئة التدريس جامعة اليرموك.

[29] وقائع مؤتمر التعليم العالي في الأردن بين الواقع والطموح؛ الدكتور صالح عليمات، والدكتور خليفة عاشور؛ البحث العلمي في الجامعات الأردنية من الملامح الواقعية للنظرة المستقبلية، جامعة الزرقاء الأهلية.

[30] أكرار عبدالباقي (1991) نحو منظومة بحثية بديلة، مجلة الوحدة ع (85) (أكتوبر) اتحاد المغرب العربي.

[31] المرجع نفسه رقم28.

[32] المرجع نفسه رقم23.

[33] عبدالرحمن حمادي (1990) الجامعات العربية بين بطالة الخرجين وهجرتهم والإنتاجية المشودة، مجلة الوحدة ع(72)، اتحاد المغرب العربي.

[34] د. عبدالرحمن حبيب حرية البحث المفقودة في الجامعات العربية.

[35] Lackdydroug1993 Levol delaudiovisuel dans lacces alacounaisenc:formational culture demass scientifiqurist,

vol(3),no(1)).

[36] محمد الغنام (1983 ) البحث التربوي في العالم العربي: سياساته وأولوياته وخططه، ندوة عمداء كلية التربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الكويت.

[37] وقائع مؤتمر التعليم العالي في الأردن بين الواقع والطموح، البحث العلمي والتعليم العالي في الأردن، الدكتور عمر بدران، والأستاذ الدكتور فاتح بندر، جامعة الزرقاء الأهلية.

[38] المرجع نفسه رقم 24.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تنمية موارد الجامعات: الواقع والمأمول
  • أنموذج مضبب لتقييم مواقع الجامعات
  • واقع البحث العلمي في الجامعات العربية
  • دور الجامعات في تقدم الوطن

مختارات من الشبكة

  • الحرية الاقتصادية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور القيادة الأكاديمية في تنمية التشارك المعرفي كما يدركه أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك خالد (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • حوار مع نائب عميد الأكاديمية الإسلامية بجامعة ناراديوس في تايلاند(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مقالات فكرية حول الحريات والحقوق بين الإسلام والعلمانية والليبرالية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حرية بحرية بحيلة ذكية من طفل بقصة المصيدة!!(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حرية المرأة المدعاة: حرية أم لعب بالنار تحول إلى حريق؟ (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحرية الشخصية وحدودها في الشريعة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مصطلحات منهجية في كتابة البحوث والرسائل الأكاديمية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مجمل الأمور الأكاديمية التي يحتاج إليها في كتابة الأبحاث العلمية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ‏حكم الدراسة الأكاديمية ‏في أقسام التأمين لغرض الوظيفة : دراسة فقهية تأصيلية (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب