• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

لا تكن صغيرا

أ. شائع محمد الغبيشي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/3/2015 ميلادي - 9/6/1436 هجري

الزيارات: 17370

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لا تكن صغيراً

 

عتبة بن غزوان رضي الله عنه أسلم سابع سبعةٍ في الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم شهد بدرًا والمشاهد، وكان أحدَ الرُّماة المذكورين، ومن أمراء الغزاة في فتـح الأُبُـلَّة بالشام، وهو الذي اختطَّ البصرة وأنشأها، استخلَف عتبةُ على البصرة أحدَ إخوانه وخرج حاجًّا، ولَمَّا قضى حجَّه توجه إلى المدينة، وحاول أن يعتذر عن الإمارة، ولكن لم يَرضَ عمر أن يُعفيه من الإمارة، أطاع عتبةُ أمير المؤمنين، واستقبل راحلته ليركبها راجعًا إلى البصرة، ولكن قبل ركوبها دعا ربَّه ضارعًا ألا يرُدَّه إلى البصرة ولا إلى الإمارة، واستجيب دعاؤه فبينما هو في طريق عودته أدركَه الموت، وفاضت روحُه إلى بارئها.

 

عتبة بن غزوان رضي الله عنه له خطبةٌ بليغة، يصف فيها حاله مع النبي صلى الله عليه وسلم وحالَه بعدُ، فقال: "قد رأيتُني سابعَ سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعامٌ إلا ورَق الشجر حتى قرحَت أشداقُنا، فالتقطتُ بردة فشقَقتُها بيني وبين سعدِ بن مالك، فاتَّزرتُ بنصفها واتزر سعدٌ بنصفها، فما أصبح اليومَ منا أحدٌ إلا أصبح أميرًا على مصرٍ من الأمصار"! ثم دعا بدعوة عجيبة فقال: "وإني أعوذ بالله أن أكونَ في نفسي عظيمًا، وعند الله صغيرًا"؛ رواه مسلم.

ولنا مع هذا الدعاء وقفات:

أولاً: قاعدة عظيمة ينبغي أن يدركها السائر إلى ربه عز وجل، وهي: متى كان العبد عظيمًا عند الله كان عظيمًا في السموات وفي الأرض، والدنيا والآخرة، ومتى كان العبد صغيرًا عند الله، كان صغيرًا في السموات وفي الأرض، وفي الدنيا والآخرة.

 

فنعوذ بالله أن يكون الواحد منا عظيمًا في نفسه صغيرًا عند الله.

ثانيًا: متى يكون العبد عظيمًا عند الله؟

يكون العبد عظيمًا عند الله إذا كان من أهل طاعته، ومن أبرز تلك الطاعات:

1- الإقبال على القرآن تلاوة وحفظًا، وسماعًا وتدبُّرًا:

قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يَرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضَعُ به آخَرين))؛ رواه مسلم.

والقرآن كلام الله، مَن عظَّمه عظَّمَه الله، ومن أحبَّه أحبه الله؛ قال ابن جب رحمه الله: مِن أعظم ما يتَقرَّب به العبد إلى الله تعالى من النوافل كثرةُ تلاوة القرآن وسماعه بتفكُّر وتدبر وتفهم، قال خبَّاب بن الأرَتِّ لرجل: "تقرَّبْ إلى الله تعالى ما استطعتَ، واعلم أنك لن تتقربَ إليه بشيء هو أحبُّ إليه من كلامه..."؛ يعني: القرآن، لا شيء عند المحبِّين أحلى من كلام محبوبهم؛ فهو لذَّة قلوبهم، وغاية مطلوبهم، قال عثمان رضي الله عنه: لو طهرَت قلوبكم، ما شَبعتُم من كلام ربِّكم...[1].


2- الحرص على الذِّكر والمداومة عليه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكَرني، فإن ذكَرني في نفسه ذكَرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٍ منهم...))؛ رواه البخاري.

 

وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسير في طريق مكَّة فمرَّ على جبلٍ يُقال له: جمدان، فقال: ((سيروا، هذا جُمْدَانُ، سبَق المفرِّدون))، قالوا: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: ((الذَّاكرون الله كثيرًا والذَّاكرات))؛ رواه مسلم.

 

فالذاكر لله يَذكره الله ويُثني عليه، فيَعظُم عند الله عز وجل وعند خلقِه، ويَسبق إلى أعالي الدرجات وأشرف المقامات، تأمَّل قول الإمام ابن القيم رحمه الله: الذِّكر يسيِّر العبد وهو في فراشه وفي سوقه، وفي حال صحته وسقمه، وفي حال نعيمه ولذته، وليس شيءٌ يعم الأوقاتَ والأحوال مثلَه، حتى يسير العبد وهو نائم على فراشه، فيسبق القائم مع الغفلة، فيصبح هذا وقد قطع الركب وهو مستلقٍ على فراشه، ويصبح ذلك الغافل في ساقة الركب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء[2].

 

3- المواظبة على الصلوات والإكثار من النوافل:

عن ثوبانَ قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((عليك بكثرة السجود؛ فإنك لن تَسجد لله سجدةً إلا رفعَك الله بها درجة، وحطَّ بها عنك خطيئة))؛ رواه مسلم.

 

عن ربيعة بن كعب قال: كنتُ أبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم آتيه بوَضوئه وحاجته، فقال: ((سلني))، فقلت: أسألُك مرافقتَك في الجنة، فقال: ((أوَغير ذلك؟))، فقلت: هو ذاك، فقــال: ((أعنِّي على نفسك بكثرة السجود))؛ رواه أحمد ومسلم.

 

ومن أشرف تلك الصلوات صلاة الليل، وقال تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزَّه استغناؤه عن الناس))؛ رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني.

 

4- طلب العلم والدعوة إلى الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

قال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11].

 

يقول الإمام ابن القيم: فمن طلب العلم ليُحيي به الإسلام فهو من الصدِّيقين، ودرجته بعد درجة النبوة[3].

 

 

وقال سفيان بن عُيينة رحمه الله: أرفعُ الناس منزلةً عند الله مَن كان بين الله وبين عباده، وهم الأنبياء والعلماء[4].

 

وهذا الفُضيل بن عِياض رحـمه الله يَكشـف جـانبَ العظَمة للعالِم الـداعية إلى الله، فيقول: "عالمٌ عامل معلِّم يُدعى كبيرًا في ملَكوت السموات"؛ رواه الترمذي.

 

وما معنى أن يكون كبيرًا في مَلَكوت السموات؟ يكشف ذلك المباركفوري رحمه الله، فيقول: والمعنى أن أهل السموات يدعونه كبيرًا؛ لكِبَر شأنه؛ لجمعه العلم والعمل والتعليم[5].

 

وتأمَّلوا هذه القصة العجيبة التي يرويها الإمام الزهري حيث قال:

قدمتُ على عبدالملك بن مروان فقال: من أين قدمتَ يا زهري؟ قلتُ: من مكة، قال: فمن خلَّفتَ بها يَسود أهلها؟ قلتُ: عطاءُ بن أبي رباح، قال: فمِن العرب أم من المَوالي؟ قال: قلتُ: من الموالي، قال: وبمَ سادَهم؟ قلت: بالدِّيانة والرِّواية، قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا.


قال: فمن يَسود أهلَ اليمن؟ قال: قلتُ: طاوس بن كَيسان، قال: فمِن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي، قال: وبمَ سادهم؟ قلتُ: بما سادهم به عطاء، قال: إنه لينبغي.

 

قال: فمن يَسود أهل مصر؟ قال: قلت: يزيد بن أبي حبيب، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي، قال: فمن يسود أهل الشام؟ قال: قلت: مكحول، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي؛ عبدٌ نوبي أعتقَته امرأةٌ من هذيل، قال: فمن يسود أهلَ الجزيرة؟ قلتُ: ميمونُ بن مِهران، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي، قال: فمن يسود أهل خراسان؟ قال: قلت: الضحَّاك بن مُزاحم، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: الموالي، قال: فمن يسود أهل البصرة؟ قال: قلت: الحسن بن أبي الحسن، قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من الموالي، قال: ويلك فمن يسود أهل الكوفة؟ قال: قلت: إبراهيم النخعي؛ قال: فمن العرب أم من الموالي؟ قال: قلت: من العرب! قال: ويلك يا زهري! فرَّجتَ عني، والله ليسودَنَّ الموالي على العرب حتى يُخطَب لها على المنابر والعربُ تحتَها، قال: قلتُ: يا أمير المؤمنين، إذًا هو أمر الله ودينه، مَن حفظه ساده، ومن ضيَّعه سقط.

 

5- التواضع:

قال صلى الله عليه وسلم: ((ما نقصَت صدقةٌ مِن مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلاَّ عزًّا، وما تواضع أحدٌ لله إلاَّ رفعه الله))؛ رواه مسلم.

 

قال القاضي عياضٌ في قوله صلى الله عليه وسلم: ((وما تواضع أحد لله إلاَّ رفعه الله)): فيه وجهان:

أحدهما: أنَّ الله تعالى يمنحه ذلك في الدُّنيا جزاءً على تواضعه له، وأنَّ تواضعه يُثْبِتُ له في القلوب محبَّةً ومكانةً وعزَّةً.

والثَّاني: أن يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعه.

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من آدمي إلا في رأسه حكمةٌ بيد ملَكٍ، فإذا تواضع قيل للملك: ارفع حكمته، وإذا تكبر قيل للملك: دع حكمته))؛ رواه الطبراني في الكبير، وحسنه الألباني.

تواضَعْ تكُن كالنَّجم لاحَ لناظرٍ
على صفَحاتِ الماء وهْو رَفيعُ
ولا تكُ كالدُّخَان يَعلو بنفسِه
على طبَقاتِ الجوِّ وهْو وضيعُ

 

وما أجمل قول القائل:

ملأى السَّنابلِ ينحَنينَ تواضُعًا
والفارغاتُ رُؤوسهنَّ شَوامخُ

 

قال كعبُ الأحبار: "ما أنعم الله على عبدٍ من نعمةٍ في الدنيا شَكرها لله وتواضعَ بها لله، إلا أعطاه الله نفعَها في الدنيا، ورفعَه بها درجة في الآخرة".

 

وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "من تواضع لله تخشُّعًا رفعه الله يوم القيامة، ومن تطاول تعظُّمًا وضعه الله يوم القيامة".

 

6- الفقر إلى الله عز وجل: هو أقرب طريق إلى الرِّفعة في الدنيا والآخرة؛ فما زاد العبد فقرًا إلى الله وحاجة إلى الله وخشية وتقوى له، إلا رفعَه الله وعظَّمه في الدنيا والآخرة؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [فاطر: 15].

 

قال ابن القيم رحمه الله: الفقر إلى الله عز وجل هو عينُ الغنى به؛ فأَفقرُ الناس إلى الله أَغناهم به، وأَذلُّهم له أَعزُّهم، وأَضعفهم بين يديه أَقواهم، وأَجهلُهم عند نفسه أَعلمهم بالله، وأَمقتُهم لنفسه أَقربهم إلى مرضاة الله...[6].

ثالثًا: متى يكون العبد صغيرًا عند الله؟

1- إذا هجر القرآن وغفل عن ذكر الله:

قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205].

 

قال الإمام السعدي رحمه الله: ﴿ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم؛ فإنهم حُرِموا خير الدنيا والآخرة، وأعرضوا عمَّن كلُّ السعادة والفوز في ذِكره وعبوديته، وأقبلوا على من كلُّ الشقاوة والخيبة في الاشتغال به[7].

 

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((مثَلُ الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكر ربه مثَل الحيِّ والميت))؛ متفق عليه.

 

2- مقارفة الذنوب والمعاصي والإصرار عليها؛ فإنها تورث صاحبها الذلَّ والهوان، والخيبة والخسارة؛ قال تعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10].

 

عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تُعرَض الفتنُ على القلوب كالحصير عودًا عودًا؛ فأيُّ قلبٍ أُشرِبَها، نُكِت فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلبٍ أنكَرها، نُكِت فيه نكتةٌ بيضاء، حتَّى تصير على قلبَين؛ على أبيضَ مثلِ الصَّفا فلا تضرُّه فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، والآخر أسودُ مُربادًّا كالكوز مجخِّيًا لا يَعرف معروفًا، ولا يُنكر منكرًا، إلا ما أُشرِب مِن هواه))؛ رواه مسلم.


فالذنوب تُصيب القلب فيغشاه السواد، ولا تزال تنكت فيه السواد حتى يَعلوَه السواد، وتوجب له الذلَّ والهوان والوحشةَ بينه وبين الخلق.

 

قال الحسن البصريُّ: إنَّهم وإن طقطقَت بهم البغال، وهملجَت بهم البراذين، إنَّ ذلَّ المعصية لا يُفارق قلوبهم، أبى اللهُ إلا أن يذلَّ مَن عصاه.

 

وقال عبدالله بن المبارك:

رأيتُ الذُّنوبَ تُميتُ القلوبَ
وقد يورثُ الذُّلَّ إدمانُها
وتركُ الذُّنوب حياةُ القلوبِ
وخيرٌ لنفسِك عصيانُها[8]

 

3- الكبر:

الكِبْر أول ذنب عُصي الله به، فنال به الشيطانُ الخزيَ والذلَّ والهوان؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 34].

 

والكبر سببٌ للحرمان من الجنة؛ فعن عبدالله بن مسعودٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يَدخل الجنةَ من كان في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من كبرٍ))؛ رواه مسلم 1/ 93.

 

عن عمرِو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يُحشَر المتكبِّرون يوم القيامة أمثالَ الذَّرِّ في صور الرجال، يَغشاهم الذلُّ من كل مكان، فيُساقون إلى سجنٍ في جهنَّم يسمَّى بولس، تعلوهم نارُ الأنيار، يُسقَون من عُصارة أهل النار طينة الخبال))؛ رواه الإمام أحمد والترمذي، وحسنه الألباني وشعيبٌ الأرناؤوط.

كم جاهلٍ مُتواضعٍ
سترَ التواضعُ جَهلَهُ
ومُميَّزٍ في علمِه
هدَم التكبرُ فضلَهُ
فدَعِ التكبرَ ما حيي
تَ ولا تُصاحِبْ أهلَهُ
الكِبْرُ عيبٌ للفتى
أبَدًا يُقبِّحُ فعلَهُ

 

4- سوء الخلق:

عن أبي ثَعلبة الخُشَنيِّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أحبَّكم إليَّ وأقربكم مني: أحاسِنُكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة: أسوؤُكم أخلاقًا، الثَّرثارون المتشدِّقون المتفيهِقون))؛ رواه البيهقي والطبراني، وحسنه الألباني.

 

قال الأحنَفُ بن قيس: ألا أخبرُكم بأدوَأِ الداء؟ قالوا: بلى، قال: الخلق الدَّني، واللسان البذي.


وصدق شوقي إذ يقول:

وإذا أصيبَ القومُ في أخلاقهم
فأقِم عليهِم مأتمًا وعويلاَ

 

5- معاداة العلماء والدعاة وأهل الخير:

العلماء ورَثة الأنبياء والمبلِّغون عن الله عز وجل؛ ينشرون الوحيَ بين الخلق، ويبذلون الخير للناس، فمن عاداهم عاداه الله عز وجل؛ كما في الحديث القدسي يقول الله تعالى: ((مَن عادى لي وليًّا، فقَد آذَنتُه بالحَرب...))؛ رواه البخاري.

 

وختامًا، فإن الطاعات وأعمالَ البر تجعل العبدَ عظيمًا كبيرًا عند الله وعند خلقه، والمعاصيَ والآثام تجعل العبد صغيرًا حقيرًا عند الله وعند خلقه، تأمَّل قولَ ابن القيم رحمه الله: العاصي يدسُّ نفسه في المعصية، ويُخفي مكانها، يتَوارى من الخلق من سوء ما يَأتي به، وقد انقمَع عند نفسه، وانقمَع عند الله، وانقمع عند الخلق، فالطاعة والبِرُّ تُكبِر النفس وتعزُّها وتُعليها، حتى تَصير أشرفَ شيءٍ وأكبرَه، وأزكاه وأعلاه، ومع ذلك فهي أذلُّ شيءٍ وأحقرُه وأصغرُه لله تعالى، وبهذا الذلِّ حصل لها هذا العزُّ والشرف والنُّمو، فما أصغرَ النفوسَ مثلُ معصيةِ الله، وما كبَّرها وشرَّفها ورفَعها مثلُ طاعة الله[9].

 


[1] جامع العلوم ص 364.
[2] الوابل الصيب 72.
[3] مفتاح دار السعادة ( 1/ 121 ).
[4] صفة الصفوة ( 2/ 232).
[5] تحفة الأحوذي ( 7/ 380).
[6] طريق الهجرتين وباب السعادتين ص: 33.
[7] تيسير الكريم الرحمن (ص: 314).
[8] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص: 59).
[9] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص: 78).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عندما كنت صغيرا
  • هل كنت حقا طفلا صغيرا؟!
  • تعبت من أجلي صغيرا
  • الشاكية

مختارات من الشبكة

  • إن لم تكن قادرا فلا تكن عاجزا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لا تكن شديد المراس (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • الوصية بـ (أحب للناس ما تحب لنفسك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوصية بـ (أحسن إلى جارك تكن مؤمنا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوصية بـ (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (اتق المحارم تكن أعبد الناس)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ولا تكن من الغافلين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا تكن ضعيفا (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • اتق المحارم تكن أعبد الناس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • { الحق من ربك فلا تكن من الممترين }(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب