• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الزواج وفوائده وآثاره النافعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الحقوق بين الزوجين
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    حقوق الطفل (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة السادسة عشرة: الاستقلالية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    العنف المدرسي في زمن الحياة المدرسية: من الصمت ...
    عبدالخالق الزهراوي
  •  
    في العمق
    د. خالد النجار
  •  
    كيف يمكن للشباب التكيف مع ضغوط الدراسة وتحديات ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    المحطة الخامسة عشرة: استخدام القدرات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    غرس القيم الإسلامية في نفوس الأطفال: استراتيجيات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    أحكام العِشرة بين الزوجين
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    المحطة الرابعة عشرة: الطموح
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الجهل الرقمي كفجوة بين الأجيال: حين لا يفهم ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التعلق المرضي ليس حبا، فكيف لنا أن نفرق بين الحب، ...
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    عين على الحياة
    د. خالد النجار
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

فجور التجار

د. نايف بن أحمد الحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/6/2013 ميلادي - 19/8/1434 هجري

الزيارات: 4686

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فجور التجار


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فإن التجار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لهم دور يحتذى في نصرة الدين، وإغاثة المحتاجين، وسد عوز الفقراء والمساكين فهذا أبو بكر - رضي الله عنه - يوم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصدقة يأتي بماله كله قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟) قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر - رضي الله عنه -بكل ما عنده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟) قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا. رواه أبو داود (1678) والترمذي (7635) والدارمي (1701) وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح). ومن هذا الحديث تظهر كذلك نفقة أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - حيث جاء بنصف ماله - رضي الله عنهم -.


أما ذو النورين عثمان - رضي الله عنه - فمواقفه كثيرة، ونفقته مشهودة فقد جهّز جيشا كما رواه عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنه -قال: جاء عثمان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بألف دينار، حين جهز جيش العسرة فنثرها في حجره. قال عبد الرحمن: فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقلبها في حجره ويقول: (مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ) مرتين. رواه الترمذي (3701) وحسنه وابن أبي عاصم في السنة (1279) والحاكم (4553) وصححه. وقال - صلى الله عليه وسلم - يوم أصاب المسلمين ما أصابهم من نقص الماء (مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلَ دَلْوَهُ مَعَ دِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ)؟ فاشتراها عثمان - رضي الله عنه -.رواه الترمذي (3703) وحسنه.والنسائي (3608) وصححه الألباني - رحمه الله تعالى - في صحيح سنن النسائي.

 

ومن ذلك ما ذكره الله -تعالى- عن حال الأنصار مع فقراء المهاجرين -رضي الله عنهم أجمعين- ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 8، 9] هذا هو حال التجار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

أما لو تأملنا قليلا في حال بعض تجار المسلمين اليوم لرأيت ما يشيب له الرأس من كفر للنعمة التي أنعم الله -تعالى- عليهم بها فبدلاً من تنمية أموالهم وصرفها في ما يرضي الله -تعالى- شكرا له تجد جملة منهم قد أعلن الحرب على الله -تعالى- في الربا قرضا واقتراضا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278، 279].


ومنهم من أعلن الحرب على عباد الله -تعالى- في بيع المحرمات كأجهزة قنوات الشهوات والشبهات، ناسين أو متناسين أن كل مَن شاهد ما تبثه تلك القنوات مِن شر فلهم من الإثم والوزر مثله، فتجد التاجر يؤدي عبادة من العبادات كالصلاة مثلا بينما السيئات تتوالى على صحيفته من كل فج وصوب قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) رواه مسلم (1017) من حديث جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -.


ومن ذلك أن الرجل لا يكاد يجد لبناته لباسا ساترا في أسواق المسلمين، فكثير من الملابس إما قصيرة جدا أو شفافة أو ضيقة أو غير ذلك مما لا يجوز لبسه إلا عند الزوج، مما تسبب في وقوع المسلمين في حرج شديد، وجعل كثيرا منهم يتساهلون في لباس بناتهم بدعوى عدم وجود لباس ساتر، بل إن كثيرا من الملابس الساترة إن وجدتها تجدها سيئة في تفصيلها، وفي نوع قماشها وألوانها؛ تنفيرا للنساء من شرائها وما ذاك إلا لجشع التاجر وطمعه في الكسب غير المشروع بأسهل طريق دون تكليف لنفسه بتصحيح وضع متجره بأن يطلب من المصانع تفصيل ملابس ساترة مناسبة لبنات المسلمين، ولعل ذلك آخر ما يفكر به بعض التجار، وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا يُبالي المرءُ بما أخَذَ المالَ أمِن الحلال أم مِنَ الحرام) رواه البخاري (2083) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. ولترى مصداق هذا الحديث رأي العين ادخل أي متجر لترى بيع الدخان والمجلات الهابطة، وادخل أحد متاجر الملابس النسائية لترى ما ذكرته أعلاه، وغير ذلك كثير. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: " وكل لباس يغلب على الظن أن يستعان بلبسه على معصية فلا يجوز بيعه، وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم "ا.هـ شرح العمدة" 4 / 386 عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَ عَلَيْهِمِ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا، فَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ شَيْئًا، حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ) رواه أحمد ( 2961) وأبو داود (3488) وصححه ابن حبان (4938).

 

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ أَكَلَ طَيِّبًا وَعَمِلَ فِي سُنَّةٍ وَأَمِنَ النَّاسُ بَوَائِقَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا فِي أُمَّتِكَ الْيَوْمَ كَثِيرٌ. قَالَ: (وَسَيَكُونُ فِي قُرُونٍ بَعْدِي) رواه الترمذي (2520)وقال "حديث غريب" ا. هـ والحاكم (7073) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي أما الألباني فضعفه. أما حالنا اليوم فجملة من التجار لا نأمن بوائقهم إما بيعا للمحرمات، أو تدليسا وغشا في المبيعات، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا فقال: (مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟) قال أصابته السماء يا رسول الله، قال: (أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) رواه مسلم (102) وقال - تعالى - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾ (النساء: 29) ومما يؤكد ذلك أن أمانة مدينة الرياض في أيام قليلة أغلقت أكثر من ألف وثلاثمائة منشأة غذائية، بل أغلقت جملة من المطاعم الراقية؛ لمخالفتها للأنظمة الصحية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال ابن رشد المالكي- رحمه الله تعالى -:" وقد يحتمل أن يحمل قوله: "من غشنا فليس منا" على ظاهره فيمن غش المسلمين مستحلا لذلك، لأنه من استحل التدليس بالعيوب والغش في البيوع وغيرها، فهو كافر حلال الدم يستتاب، فإن تاب من ذلك وإلا قُتل" ا.هـ المقدمات والممهدات 2/100.


وأُذكِّر هؤلاء بما رواه رفاعة بن رافع - رضي الله عنه -أنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى، فرأى الناس يتبايعون، فقال: (يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ) فاستجابوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: (إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلاَّ مَنْ اتَّقَى اللَّهَ، وَبَرَّ، وَصَدَقَ) رواه الترمذي (1210) وقال: حسن صحيح. كما رواه ابن ماجه (2146) وصححه ابن حبان (4910) والحاكم (2144) ( إلا مَن اتقى) المحارم (وبرَّ) في يمينه (وصدق) في حديثه، والفجور يهدي إلى النار كما في حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ) رواه البخاري (6094) ومسلم (2607) فتاجر هذا حاله إلا من استثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - واجب عليه أن يطلب النجاة من هذا الحال، ولا يظن مَن هذا حاله أنه لو بذل شيئا من ماله الحرام في أوجه الخير أن ذلك سينفعه فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51] وَقَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) رواه مسلم (1015) وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ ) رواه أحمد (8521) والترمذي (2354) وقال: حديث حسن صحيح. وما ذاك إلا لطول الحساب (لاَ تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ ) رواه الترمذي (2416) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وراه من حديث أبي برزة - رضي الله عنه -(2417) وقال: حديث حسن صحيح.

 

• ومن صور فجور بعض التجار كثرة الأيمان عند البيع والشراء كذبا وزورا أن السلعة قد اشترها بكذا، وهو قد اشراها بأقل من ذلك، فمثلا تجد بعض السلع كالرز قد اشتراه التاجر قبل الغلاء بأشهر فإذا غلا السعر رفعه من ساعته وكذب وادعى أنه قد اشتراه غاليا؛ ليبيعه بسعر مرتفع عن أبي بكر - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثَلَاثٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يَمْنَعُهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ" رواه مسلم (173) فهنا التاجر أتى أمرين عظيمين الكذب، واليمين الغموس.


لذا لا تعجب من نزع البركة من مال كثير من التجار، فبعضهم يملك عشرات بل مئات الملايين، ولكنها أموال مودعة في المصارف يحرسها في حياته، وتكون لورثته بعده، عليه غرمها، ولهم غنمها، فلا دنيا ولا أخرى؛ عاش في دنياه عيشةَ ضنكٍ في مأكله، ومشربه وملبسه ومسكنه لا زهدا فيؤجر بل بخل ومنع فخاب وخسر، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الحَلِفُ مُنَفِّقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مُمْحِقَةٌ لِلْبَرَكَةِ) رواه البخاري (2087) ومسلم (1606). وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا يَخْتَارُ - ثَلاَثَ مِرَارٍ -، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا فَعَسَى أَنْ يَرْبَحَا رِبْحًا، وَيُمْحَقَا بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا) رواه البخاري (2114) أما في أخراه فحساب وعذاب منعا للزكاة وغشا وتدليسا ويمينا غموسا وكذبا في البيع والشراء.

 

والله لقد حدثني أحد تجار الجملة في رمضان أن رجلا جاءه فأعطاه كيس رز زكاةَ فطرٍ، ولم يتورع التاجر عن أخذه، وأظن ذلك لما رآه ذاك الرجل، ورأيته أنا من حاله السيئة مع غناه وثرائه، فقلت له هل أخذتها؟ فقال: نعم. فقلت: لا تحل لك. فقال: هل تريدني أن ألعنه وأطرده؟ فقلت له: بل اشكره على إخراج الزكاة وأخبره أنك لست من أهلها.

 

عن أبي الأحوص عن أبيه - رضي الله عنه -، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثوب دُون -وفي رواية-: فرآني رث الثياب، فقال: "أَلَكَ مَالٌ؟" قلت: نعم، قال: "مِنْ أَيِّ الْمَالِ؟" قلت: قد آتاني الله من الإبل، والغنم، والخيل، والرقيق، قال: "فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ، وَكَرَامَتِهِ" رواه أبو داود (4063) والنسائي (5223) وصححه ابن حبان (5416) والحاكم (65).

 

والواجب على المسئولين في وزارة التجارة والجمارك وغيرها ممن هي مؤتمنة على ما يدخل للبلاد من بضائع أن تتق الله - تعالى- وأن تحول دون دخول كل ما هو محرم شرعا من لباس، وأدوات كهربائية، وقطع غيار مغشوشة، وغيرها فهي خط الدفاع الأول قال ابن القيم -رحمه الله تعالى - في بيانه لقاعدة الإمام وولايته: "ومعظم ولايته وقاعدتها: الإنكار على هؤلاء الزغلية، وأرباب الغش في المطاعم والمشارب والملابس وغيرها، فإن هؤلاء يفسدون مصالح الأمة، والضرر بهم عام لا يمكن الاحتراز منه، فعليه ألا يهمل أمرهم، وأن ينكل بهم وأمثالهم، ولا يرفع عنهم عقوبته، فإن البلية بهم عظيمة، والمضرة بهم شاملة "ا.هـ الطرق الحكمية (629).


وفي مقابل هؤلاء نجد - ولله الحمد - جملة من التجار ممن يخشى الله –تعالى- في نفسه والمسلمين، فتراه يحب للمسلمين ما يحب لنفسه، فلا يغش ولا يدلس ولا يحتكر ولا يبيع ما حرمه الله –تعالى- أو رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بل منهم من تجد له أيادي بيضاء على الفقراء والأيتام والأرامل والمساكين وعمارة المساجد ودعم حلق التحفيظ سراً وعلانية مما لا يخطر على بال أحدنا مبتغيا بذلك وجه الله - تعالى - راجيا ثوابه بعيدا عن الأضواء والإعلام.

 

فهذا التاجر المتقي لله - تعالى - له البشرى من النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال: (التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ) رواه الترمذي وحسنه (1209) والدارمي (2581) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -قال الألباني "صحيح لغيره" ا.هـ صحيح الترغيب والترهيب (1782).

 

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) رواه البخاري (5025) ومسلم (815).

 

ولتعلم أيها التاجر أن الله - تعالى - قد ابتلاك بهذا المال ليرى ما أنت صانع به قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "والله سبحانه كما هو خالق الخلق فهو خالق ما به غناهم وفقرهم، فخلق الغنى والفقر؛ ليبتلي بهما عباده أيهم أحسن عملا، وجعلهما سببا للطاعة والمعصية والثواب والعقاب قال تعالى ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].


قال ابن عباس - رضى الله عنهما -: "بالشدة والرخاء والصحة والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام وكلها بلاء".

 

وقال ابن يزيد: نبلوكم بما تحبون وما تكرهون لننظر كيف صبركم وشكركم فبما تحبون وما تكرهون وقال الكلبى بالشر بالفقر والبلاء والخير بالمال والولد فأخبر سبحانه أن الغنى والفقر مطيتا الابتلاء والامتحان وقال تعالى ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا ﴾ [الفجر: 15 - 17] فأخبر - سبحانه - أنه يبتلى عبده بإكرامه له وبتنعيمه له وبسط الرزق عليه، كما يبتليه بتضييق الرزق وتقديره عليه، وأن كليهما ابتلاء منه وامتحان، ثم أنكر سبحانه على من زعم أن بسط الرزق وتوسعته إكرام من الله لعبده وأن تضييقه عليه إهانة منه له فقال ﴿ كَلَّا ﴾ أي ليس الأمر كما يقول الإنسان بل قد أبتلى بنعمتي وأنعم ببلائي.

 

واذا تأملت ألفاظ الآية وجدت هذا المعنى يلوح على صفحاتها ظاهرا للمتأمل، وقال تعالى ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ﴾ [الأنعام: 165] وقال تعالى ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7] فأخبر سبحانه أنه زين الأرض بما عليها من المال وغيره للابتلاء والامتحان "ا.هـ عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين /160.


لذا فإني أوصي إخواني التجار أن يتقوا الله - تعالى - في أنفسهم أولاً وفي أبناء وبنات المسلمين ثانيا، وذلك بالصدق في البيع والنصح للمشتري، وأن يعينوا المسلمين على أكل الحلال، وشرب الحلال، ولبس الحلال، وذلك بتوفير تلك الحاجات متوافقة مع شرع ربنا، ولا يكونوا أداة لترويج كل منتج ولو كان محرما.

 

وأختم بما رواه مطرف عن أبيه - رضي الله عنه - قال:

أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ  ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴾ قَالَ: (يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي، مَالِي، قَالَ: وَهَلْ لَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟) رواه مسلم (2958) فكم من تاجر من أصحاب المليارات، ووري الثرى، وأُهيل عليه التراب والطين، ولم يأخذ معه من ماله سوى كفن ببضعة ريالات، وقد يكون الكفن من صدقات المسلمين في مغاسل الموتى عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاَثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ: يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ) رواه البخاري (6514) ومسلم (2960) فانظر أيها التاجر لحال من سبقك من التجار وفاةً أتظن أنه يتمنى الرجوع للدنيا لكسب مزيد من المال؟ أم لإبرام صفقة من الصفقات الدنيوية؟ أم ليعمل عملا صالحا ينجيه مما لقيه من كرب قال -تعالى - ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴾ [المؤمنون: 99 - 104].

 

اللهم وفقنا وتجارنا لما تحبه وترضاه، وخذ بنواصينا للبر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، وأغننا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، وألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلبية الأخيار، وفجور الأشرار
  • حتى لا ينفجر الفجور

مختارات من الشبكة

  • فجور المنافقين في الخصومة(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • الفجور يهدي إلى النار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (حوار التجار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الاحتكار وجشع التجار(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أمانة التجار فتح للإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القاعدة الفقهية: المعروف بين التجار كالمشروط بينهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نيجيريا: الدعاة يطالبون التجار بخفض الأسعار خلال شهر رمضان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • اليابان: تعليم التجار كيفية التعامل مع السائحين المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ميانمار: اعتقال التجار والشباب المسلمين بعد حرق منازلهم وممتلكاتهم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ميانمار: قوات الأمن تنهب السلع من التجار المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/12/1446هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب