• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

حقوق الجار

حقوق الجار
الشيخ ندا أبو أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/7/2012 ميلادي - 12/8/1433 هجري

الزيارات: 452396

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق الجار

تمهيد:

إن الحمد لله تعالى نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله - تعالى - من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

مقدمة:

إن الذي دعاني للكلام عن هذا الموضوع، أنني ذهبت لزيارة أحد الأصدقاء في حي راق، فطرقت باب أحد الجيران لأسأل عنه، وإذا بالمفاجأة أن هذا الجار لا يعرف مَن بجواره!

فقلت: سبحان الله! أين حق الجار؟

 

فإن الجار أقرب الناس تجده لجاره، وأسرعهم إجابةً لندائه، وهو الذي يطالع الإنسان صفحة وجهه في كل يوم، ويلاقيه أكثر من أهله وذَوِيه، وهذا الجار له من الحقوق الكثيرة والتي عرَّفها لنا الإسلام، وجهِلها كثير من الناس، حتى وصل الأمر من بعض الجيران أنهم لا يسترون عورةً، ولا يُقِيلون عثرةً، ولا يغفرون ذنبًا.

 

وقبل الكلام عن حق الجار لا بد أن نعرف حد الجيرة.

 

قيل: "من صلى معك الصبح في المسجد، فهو جار لك".

 

ونقل الحافظ - رحمه الله - في "الفتح" (10/ 447): عن علي أنه قال: "من سمع النداء، فهو جار".

 

وكان الأوزاعي يقول: إن حدَّ الجار أربعون دارًا من كل ناحية، ونقل هذا الكلام عن عائشة - رضي الله عنها - أيضًا، وكذا الحسن.

 

وقد توسع البعض في حد الجوار، فجعل كل مَن ساكَن رجلاً في محلة أو في مدينة، فهو جار، واستدلوا بقوله - تعالى -: ﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الأحزاب: 60]، فجعل الله - تعالى - اجتماعَهم في المدينةِ جوارًا، ولقد جاء في القرآن الكريم الوصيةُ بالجار؛ فقال - تعالى -: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].

 

• ﴿ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى ﴾؛ أي: الجار القريب، الذي له حقَّان: حقُّ الجوارِ، وحقُّ القرابة.

 

• ﴿ وَالْجَارِ الْجُنُبِ ﴾؛ أي: الذي ليس له قرابة، فيكون له حقّ واحد، وهو حق الجوار.

 

• ﴿ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ﴾؛ قيل: الرفيق في السفر، وقيل: الزوجةُ، وقيل: الصاحب مطلقًا، ولعله الأَوْلَى.

 

بل كان جبريل - عليه السلام - يوصي الحبيب المختار - صلى الله عليه وسلم - بالجار؛ فقد أخرج الإمام أحمد عن رجل من الأنصار، قال: "خرجت مع أهلي أريد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا به قائم، وإذا رجل مقبل عليه، فظننت أن له حاجةً، فوالله لقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جعلت أَرْثِي له من طول القيام، ثم انصرف، فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله، لقد قام بك هذا الرجل حتى جعلت أَرْثِي لك من طول القيام، قال: ((أتدري من هذا؟))، قال: لا، قال: ((جبريل، ما زال يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورِّثه[1]، أما إنك لو سلمت عليه، لرد عليك السلام))؛ صحيح الترغيب والترهيب (2572).

 

وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيُورِّثه))؛ لذا كان حسن الجوار من أوليات دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم.

 

فعندما سأل هرقل أبا سفيان، فقال له: بما يأمركم؟ فقال أبو سفيان: "يأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء..."؛ الحديث.

 

وكان الصحابة الكرام يقومون بحق الجار حتى مع الكفار، فكانوا من أحرص الناس على إكرام الجار، وإن كان غير مسلم؛ فقد أخرج الترمذي وأبو داود - بسند صحيح - عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: "أنه ذبحت له شاة في أهله، فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟"، قلنا: لا، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه))؛ صححه الألباني في الإرواء (891).

 

وللجار حقوق لا بدَّ أن يَعِيَها ويعلمها كل مسلم:

- الحق الأول: الإحسان إلى الجار بالقول والفعل:

فالإحسان إلى الجار خلق كريم، يهيِّئ القلوب إلى الخير، وحين يشعر الجار بسلام مع جاره ويراه يحسن إليه، يطمئن قلبه، وترتاح نفسه، ويَنشرح صدره.

 

1- فالمسلم الحق هو الذي يُحسن إلى جاره:

فقد أخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كن ورِعًا تكن أعبد الناس، وكن قنِعًا تكن أشكر الناس، وأحبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنًا، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلمًا)).

 

أخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يا أبا هريرة، كن ورعًا تكن من أعبد الناس، وارضَ بما قسَم الله لك تكن من أغنى الناس، وأحبَّ للمسلمين والمؤمنين ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك تكن مؤمنًا، وجاور مَن جاوروك بإحسان تكن مسلمًا، وإياك وكثرة الضحك؛ فإن كثرة الضحك فساد القلب)).

 

2- وجعل الإسلام الإحسان إلى الجار من علامات أهل الإيمان:

فقد أخرج الإمام مسلم، عن أبي شريح الخزاعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُحسن إلى جاره)).

 

وفي رواية أخرى عند البخاري ومسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرم جاره)).

 

ويدل على هذا أيضًا ما رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من يأخذ عني هذه الكلمات، فيعمل بهن أو يعلم مَن يعمل بهن؟))، فقال أبو هريرة: قلت: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي، فعدَّ خمسًا، فقال: ((اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسِن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تُميت القلب))؛ السلسلة الصحيحة (930).

 

3- من أراد أن يحبه الله ورسوله، فليحسن إلى جاره:

فقد أخرج الطبراني في "الأوسط"، و"الكبير" من حديث عبدالرحمن بن أبي قراد السلمي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أحببتُم أن يُحبكم الله ورسوله، فأدوا إذا ائتمنتُم، واصدقوا إذا حدَّثتم، وأحسنوا جوار مَن جاوركم))؛ صحيح الجامع (1409).

 

4- حسن الجوار يزيد في العمر، ويعمر الديار:

فقد أخرج الإمام أحمد - بسند صحيح - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنه من أعطي من الرزق، فقد أعطي حظه من الدنيا والآخرة، وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار، يَعمُران الديار، ويَزيدان في العمر)).

 

5- من أراد أن يدخل الجنة، فليحسن إلى جاره:

فقد أخرج البيهقي "في شُعب الإيمان" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:

"أن رجلاً قال: يا رسول الله دُلَّني على عمل إذا عمِلت به، دخلت الجنة، فقال: ((كن محسنًا))، فقال: يا رسول الله، كيف أعلم أني محسن؟ قال: ((سل جيرانك، فإن قالوا: إنك محسن، فأنت محسن، أو قالوا: إنك مسيء، فأنت مسيء)).

 

وأخرج الإمام أحمد وابن ماجه - بسند صحيح - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: "قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت؟ قال: ((إذا سمعت جيرانك يقولون: قد أحسنت، فقد أحسنت، وإذا سمعتهم يقولون: أسأت، فقد أسأت))؛ الصحيحة (1327).

 

فجارك هو الميزان أو المؤشر، الذي من خلاله تستطيع أن تعرف حقيقة نفسك، وهل أنت محسِن أم لا؟


ومن صور إحسان الجار إلى الجار:

• تعهُّده بالهدية بين الحين والآخر:

فالهدية إلى الجار طريق إلى المحبة والأُلفة، وهي تأسِر القلب وتملك الفؤاد؛ ولذلك جاءت الأحاديث مصرِّحةً بذلك؛ فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أبا ذر، إذا طبختَ مرقةً[2]، فأكثِر ماءها، وتعاهد جيرانك)).

 

وفي رواية: قال أبو ذر - رضي الله عنه -: "إن خليلي أوصاني: إذا طبختَ مرَقةً، فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف".

 

وفي رواية عند أحمد وابن حبان - بسند حسن -: ((فإنه أوسع للأهل والجيران)).

 

وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "والله، إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أُوقد في أبيات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار، قال: قلت يا خالة، فما كان يعيِّشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيران من الأنصار، وكانت لهم منا منائح[3]، فكانوا يرسلون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ألبانها، فيَسقيناه)).

 

وأخرج أبو داود عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تحل الصدقة لغني إلا: في سبيل الله، وابن السبيل، أو جار فقير يُتصدَّق عليه، فيهدي لك أو يدعوك)).

 

فمن الإحسان أن تهدي إلى جيرانك ولو شيئًا يسيرًا؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((يا نساء المسلمات، لا تَحقرن جارة لجارتها، ولو فِرْسَنَ[4] شاة)).

 

• والمعنى: لا تَحقرن أن تهدي إلى جارتها شيئًا، ولو أنها تهدي إليها ما لا ينتفع به في الغالب"؛ (الفتح:10/ 445).

 

ولعل سألاً أن يسأل، فيقول: لي جيران كُثر، فمن أهدي؟

فعلى الجار أن يعطي جاره - ولو شيئًا يسيرًا - ويبدأ بالجار الأقرب فالأقرب؛ فقد أخرج البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إلى أقربهما منك بابًا)).

 

والحكمة في ذلك أن الأقرب بابًا يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها، فيتشوف إليها، بخلاف الأبعد؛ "سُبل السلام" (2/ 172).

 

جاء في "نزهة المتقين" (1/ 301 - 302):

يستفاد من الحديث: استحباب إهداء شيء من الطعام إلى الجيران، وتبادل الهدية مع الجار، وتقديم الأقرب فالأقرب، إذا لم يقدر على الإحسان إلى الجميع".

 

وأخيرًا:

ينبغي أن نعلم أنه ليس من الإيمان أن يشبع الرجل وجاره جائع؛ فقد أخرج الطبراني والحاكم عن ابن عباس قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه)).

 

يقول الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1/230):

"وفي الحديث دليل واضح على أنه يَحرم على الجار الغني أن يدَع جيرانه جائعين، فيجب عليه أن يقدِّم إليهم ما يدفعون به الجوع، وكذلك ما يكتسون به إن كانوا عُراةً، ونحو ذلك من الضروريات".

 

وعند الطبراني والبزار - بإسناد حسن - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما آمن بي مَن بات شبعان وجاره جائع إلى جَنبه وهو يعلم)).

 

ورُوِي عن سفيان الثوري، أنه قال: "عشرة أشياء من الجفاء:

أولها: رجل - أو امرأة - يدعو لنفسه، ولا يدعو لوالديه والمؤمنين.

والثاني: رجل قرأ القرآن، ولا يقرأ في كل يوم مائة آية.

والثالث: رجل دخل المسجد وخرج، ولم يصل ركعتين.

والرابع: رجل يمر على المقابر، ولم يسلم عليهم، ولم يدعُ لهم.

والخامس: رجل دخل مدينةً في يوم جمعة، ثم خرَج ولم يصل الجمعة.

والسادس: رجل - أو امرأة - نزل في محلتهما عالم، ولم يذهب إليه أحد؛ ليتعلم منه شيئًا من العلم.

والسابع: رجلان ترافَقا ولم يسأل أحدهما عن اسم صاحبه.

والثامن: رجل دعاه رجل إلى ضيافة، فلم يذهب إلى الضيافة.

والتاسع: شاب يضيع شبابه وهو فارغ، ولم يطلب العلم والأدب.

والعاشر: رجل شبعان وجاره جائع، ولا يعطيه شيئًا من طعامه.

 

تعاون الجيران فيما بينهم، والتنازل للجار عن بعض الحقوق:

وهي صورة من صور الإحسان إلى الجار؛ فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يمنع جار جاره أن يَغرز خشبةً في جداره))، ثم يقول أبو هريرة - رضي الله عنه -: "مالي أراكم عنها معرضين؟[5]، والله لأرمينَّ بها بين أكتافكم"[6].

 

وفي رواية عند البخاري ومسلم: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمنع جاره أن يغرز خشبةً في داره"، فالحديث يشير إلى تعاون الجيران فيما بينهم، والتنازل للجار عن بعض الحقوق التي تنفعه ولا تضر بالمتنازل، وأن هذا التعاون مظهر من مظاهر الأخوة الإسلامية وتكامل المجتمع المسلم.

 

ومن صور الإحسان إلى الجار كذلك:

• صيانة عرضه، والحفاظ على شرفه، وستر عورته، وسد خَلته، وغض البصر عن محارمه، والبعد عن كل ما يريبه ويُسيء إليه:

 

يقول عنترة في ديوانه ص (308):

وأَغُضُّ طَرْفي ما بَدَتْ لي جارتي
حتى يُوَارِي جارَتي مَأْوَاها

 

وهكذا كان العرب في الجاهلية يفخرون بصيانتهم أعراضَ الجيران، ولما جاء الإسلام أكَّد على هذا الأمر، حتى قال أحدهم:

ما ضرَّ جاري إذ أُجاوِره
ألاَّ يكونَ لبيتِه سِتْرُ
أعمى إذا ما جارَتي خَرَجَت
حتى يُوَارِي جارتي الخِدْرُ

هدية:

فليحسن كل منا إلى جيرانه؛ حتى يَشهدوا له بالخير عند موته، فيغفر الله له ذنبه؛ فقد أخرج الإمام أحمد وابن حبان عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مسلم يموت، فيشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الأدْنَيْن، أنهم لا يعلمون منه إلا خيرًا، إلا قال الله - عز وجل -: "قد قبلت قولكم - أو قال: شهادتكم - وغفَرت له ما لا تعلمون)).

 

الحق الثاني: حل مشكلاته وقضاء مصالحه:

لا بد للجار أن يتعايَش بجسده ورُوحه مع جاره، فيسعى في حل مشكلاته وقضاء مصالحه؛ وذلك من باب: ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].

 

ومن باب قوله - تعالى -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

 

لكن لسان حال كل واحد منا يقول: أنا لا أستطيع حل مشكلاتي حتى أحل مشاكل غيري، وينبغي للجار أن يكون في حاجة أخيه؛ ليكون الله في حاجته؛ فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته)).

 

وعلى الجار أن يُيسِّر على أخيه؛ ليُيسِّر الله عليه، فالأيام دُوَل، وفي صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من يسَّر على مُعسِر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه)).

 

وقد رُوِي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "ثلاثة أخلاق كانت في الجاهلية مستحبة، والمسلمون أولى بها:

أولها: لو نزَل بهم ضيف، لاجتهدوا في بِره.

والثاني: لو كان منهم امرأة كبرت عنده لا يطلقها، ويمسكها مخافة أن تضيعَ.

والثالث: إذا لحِق بجارهم دَينٌ، أو أصابه شدة أو جَهْد، اجتهدوا حتى يَقضوا دينه، وأخرجوه من تلك الشدة".

 

الحق الثالث: عرض العقار أو الأرض على الجار قبل غيره عند إرادة البيع:

فعندما يتحول الإنسان من دار إلى دار، فإنه يعرض الدار المباعة على جاره أولاً قبل غيره، وكذلك لو كانت قطعة أرض، وهذا من حق الجار عليه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه، وفيه: ((من كانت له أرض، فأراد بيعها؛ فليعرضها على جاره))، وهذا الأمر أطيب لخاطره ولقلبه، والتفريط في هذا الأمر يفتح باب المشاحنات.

 

الحق الرابع: إذا استقرضك فأقْرِضه:

من حق جارك إذا قدر الله - عز وجل - أن تمرَّ به ضائقة مالية، وأتى إليك ليَستقرض منك مالاً، فعليك أن تعطيه إن كان معك هذا المال، وهذا من باب التعاون بين المسلمين؛ قال - تعالى -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].

 

فعلى الجار أن يقف بجوار جاره في أوقات شدته؛ حتى يُيسر الله عليه الشدائد في الدنيا والآخرة؛ فقد أخرج الإمام مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من يسَّر على مُعسِر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))، فلقد كان الناس إلى زمن قريب يواسي بعضهم بعضًا، فإذا شعر الجار بحاجة جاره إلى معونة، بذل ماله من غير سؤال.

 

وأهمس في أذن الدائن، فأقول له:

إذا اقترض منك أخوك مالاً، وحان وقت السداد، ولم يقدر على تسديد دينه، فأنظِره إلى حين المقدرة على السداد؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾ [البقرة: 280].

 

وأهمس في أذن المستدين، وأقول له:

عليك أن تبادر بكتابة هذا الدين في ورقة، وتعطيها لأخيك الذي أقرضك؛ لقوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282].

 

ثم إذا حان وقت السداد، فبادر بقضائه قبل أن توافيك المنية؛ فقد أخرج الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((نفس المؤمن معلقة بدَينه حتى يقضى عنه))؛ أي: محبوسة عن مقامها الكريم، وأخرج مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((القتل في سبيل الله يكفِّر كل شيء إلا الدَّين)).

 

وكان حاتم الأصم يقول: "العجلة من الشيطان إلا في خمسة أشياء - فإنها من السُّنة -: إطعام الضيف إذا دخل، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدَّين، والتوبة من الذنب".

 

تتمة:

ولا مانع للجار أن يعطي لجاره ويساعده إن كان فقيرًا، فالجار هو أقرب الناس نجدة لجاره، وأسرعهم إجابةً لندائه.

 

والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول - كما عند البخاري ومسلم -: ((المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يُسلِمه، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً، فرَّج الله عنه بها كربةً من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة)).

 

فينبغي للجار أن يَمُدَّ يد العون والمساعدة لأخيه الجار إذا كان فقيرًا؛ لأن مثل هذه المواقف تُورث التوادَّ والتراحم بين المسلمين، خاصة الجار مع جاره.

 

• وانظر إلى ابن المقفع لَمَّا بلغه أن جارًا له يبيع داره في دَين رَكِبه، وكان يجلس في ظل داره، فقال: ما قمت إذًا بحرمة ظل داره إن باعها مُعدمًا، فدفع إليه ثمن الدار، وقال له: لا تَبِعْها.

 

وصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال - كما عند البخاري ومسلم -: ((مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطفهم، مثل لجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمَّى)).

 

فعلى الجار أن يعطي لجاره إذا كان في ضيق من العيش، وهذا من باب إدخال السرور على قلبه، وإدخال السرور على قلبه من أحب الأعمال إلى الله؛ فقد أخرج الطبراني في "المعجم الكبير" و"الأوسط" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أحبُّ الأعمال إلى الله - تعالى - سرور تُدخله على مسلم)).

 

وفي رواية أخرى عند البيهقي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا، أو تقضي عنه دينًا، أو تطعمه خبزًا))؛ صحيح الجامع (1096)، وخصوصًا الجار؛ لما له من حقوق عليك.

 

الحق الخامس: أن تنصره ظالمًا أو مظلومًا:

ويشير إلى ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابت في صحيح البخاري: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أرأيت إن كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: ((تَحجزه أو تمنعه من الظلم؛ فإن ذلك نصْره))، فإذا أحب الجار أن يَبطش بجاره أو أي إنسان أو يَظلمهم، فعلى الجار الآخر أن يمنعه من ذلك ويسعى في الإصلاح بينهم.

 

فواجب على الجار أن يسعى في الإصلاح بين جيرانه، وأن يكون أداة صُلح وخير، لا أداة إفساد وتدمير، وإلى كل هذا يشير ربنا - سبحانه - في قرآنه، وحبيبنا - صلى الله عليه وسلم - في سنته، فيقول - تعالى -: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].

 

ويقول - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].

 

ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عند البخاري ومسلم: ((كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة، ويُعِين الرجل في دابته، فيَحمله عليها، أو يرفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خُطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة، ويُمِيط الأذى عن الطريق صدقة))، والمقصود بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ويعدل بين الاثنين صدقة))؛ أي: رجلين متخاصمين، فعدَل بينهما؛ أي: أصلح بينهما.

 

وأخرج أبو داود والترمذي - بسند صحيح - عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إصلاح ذات البَيْن؛ فإن فساد ذات البَيْن هي الحالقة)).

 

الحق السادس: تعليمه العلم الشرعي، ومصاحبته إلى المساجد ومجالس العلم:

فقد أخرج الطبراني في "المعجم الكبير" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب ذات يوم، فأثنى على طوائف من المسلمين خيرًا، ثم قال: ((ما بال أقوام لا يُفقِّهون جيرانهم، ولا يعلِّمونهم ولا يعظونهم، ولا يأمرونهم ولا ينهونهم؟ وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم، ولا يتفقَّهون ولا يتَّعظون؟ والله ليعلِّمن قوم جيرانهم ويفقِّهونهم، ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، وليتعلَّمن قوم من جيرانهم، ويتفقَّهون ويتعظون؛ أو لأُعاجلنهم العقوبة))، ثم نزَل، فقال قوم: مَن ترونه عنى بهؤلاء؟ قال: عنى الأشعريين؛ فإنهم قوم فُقهاء، ولهم جيران من أهل المياه والأعراب، فبلغ ذلك الأشعريين، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، ذكرت قومًا بخير، وذكرتنا بشرٍّ، فما بالنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى: ((ليعلِّمن قوم جيرانهم، وليعظنهم، وليأمرنهم ولينهونهم، وليتعلَّمن قوم من جيرانهم، ويتعظون، ويتفقَّهون؛ أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا))، فقالوا: يا رسول الله، أَنُفطن غيرنا؟ فأعاد عليهم قوله، فأعادوا قولهم: أنُفطن غيرنا؟ فقال ذلك أيضًا، فقالوا: أمْهِلنا سنة - فأمَهلهم سنة؛ ليعلِّموهم، ويفقِّهوهم، ويعظوهم، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78 - 79].

 

ولقد كان الجيران على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتناوبون في تعلُّم العلم من النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يأتي أحدهم جاره، فيعلمه ويُخبره بخبر الوحي، ثم يفعل جاره معه مثل ذلك؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله - تعالى - عنهما: ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ [التحريم: 4]؛ حتى حج عمر وحججتُ معه، فلما كان ببعض الطريق، عدل عمر وعدَلت معه بالإداوة، فتبرَّز، ثم أتاني فسكَبت على يده، ثم توضَّأ، فقلت: يا أمير المؤمنين، مَن المرأتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتان قال الله - تعالى - عنهما: ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ [التحريم: 4]؟ فقال عمر: واعجبًا لك يا ابن عباس؟ هي حفصة وعائشة، ثم أخذ يسوق الحديث، قال: كنا - معشر قريش - قومًا نغلب النساء، فلما قدِمنا المدينة، وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلَّمن من نسائهم، وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، وكان لي جار من الأنصار، وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل يومًا وأنزل يومًا، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه مثل ذلك"، الحديث.

 

فعليك أيها الحبيب، أن تقوم بحق جارك عليك: من النصح، والتعليم، والوعظ والإرشاد، وأن تصحبه إلى مجالس العلم؛ لتكون ممن قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه - كما في صحيح مسلم -: ((من دلَّ على خير، فله مثل أجر فاعله)).

 

فيوم مثل يوم الجمعة، ما المانع أن تصحب معك جارك إلى الصلاة، ولا تتركه لنفسه الأمارة بالسوء؟ بل اصحبه إلى المسجد حيث: الرحمات والبركات، والقربى، والزلفى إلى رب الأرض والسموات، ولك مثل أجره.

 

الحق السابع: إحسان الظن بالجار:

فإذا رأى الجار ما يريبه من جاره، فليحسن به الظن، وإذا تكلَّم معه فليحمل كلامه محملاً حسنًا؛ لقوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12].

 

فعلى الجار دائمًا أن يحسن الظنَّ بأخيه الجار؛ لأن إساءة الظن بالآخرين تُورث الشحناء والبغضاء بين أفراد المجتمع، وقد يكون هذا الذي تسيء الظن به وتُبغضه، أفضل منك بكثير وأنت لا تدري؛ فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده والطبراني في "الكبير" - بسند صحيح - عن أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً مر بمجلس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم الرجل، فردوا عليه، فلما جاوَز، قال أحدهم: إني لأبغض هذا، قالوا: مه، فوالله لننبِّئنَّه بهذا، انطلق يا فلان، فأخبره بما قال له عليه، فأخبره، فانطلق الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدَّثه بالذي كان، وبالذي قال هذا الرجل، قال الرجل: يا رسول الله، أرسل إليه، فاسأله لم يُبغضني؟ فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لِمَ تُبغضه؟))، قال: يا رسول الله، أنا جاره وأنا به خابر، ما رأيته يصلي صلاةً إلا هذه الصلاة التي يصليها البَر والفاجر، فقال له الرجل: يا رسول الله، سله هل أسأتُ لها وضوءًا أو أخَّرتها عن وقتها؟، فقال: لا، ثم قال: يا رسول الله، أنا له جار وأنا به خابر، ما رأيته يطعم مسكينًا قط إلا هذه الزكاة التي يؤديها البَر والفاجر، فقال: يا رسول الله، سله هل رآني منعتُ منها طالبها، فسأله، فقال: لا، فقال: يا رسول الله، أنا له جار وأنا به خابر، ما رأيته يصوم صومًا قط إلا الشهر الذي يصومه البَر والفاجر، فقال الرجل: يا رسول الله، سله هل رآني أفطرت يومًا قط لستُ فيه مريضًا ولا على سفر؟ فسأله عن ذلك، فقال: لا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإني لا أدري، لعله خير منك)).

 

فعليك أخي الجار الكريم، أن تحسن دائمًا الظن بجارك في أقواله وأفعاله؛ لتدوم الحياة بينكما على المودة والأُلفة والرحمة.

 

الحق الثامن: عدم إيذاء الجار:

لقد حذَّر الإسلام أشد التحذير من إيذاء الجار، وبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مَن آذى جاره، فليس مؤمنًا بالله واليوم الآخر.

 

1- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذِ جاره))، فدل ذلك على أن عدم أذى الجار من الإيمان؛ ولذا تجد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ينفي الإيمان عمن يؤذي جاره؛ فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((الذي لا يأمن جاره بوائقَه[7])).

 

كما في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي شُريح الكعبي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن))، قيل: يا رسول الله، لقد خاب وخسِر، من هذا؟ قال: ((مَن لا يَأمن جاره بوائقه))، قالوا: وما بوائقه، قال: ((شرَّه))، وفي رواية لمسلم قال: ((لا يدخل الجنة مَن لا يأمن جاره بوائقه)).

 

3- فالنبي - صلى الله عليه وسلم - نفى الإيمان إلا بمحبة الجيران؛ فقد أخرج الإمام مسلم عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره - أو قال: لأخيه - ما يحب لنفسه)).

 

واقرأ هذه القصة:

ذكر الغزَّالي في الإحياء (2/ 291):

"أن بعضهم شكا كثرة الفئران في داره، فقيل له: لو اقتنيت هرًّا؛ أي: قطة؛ حتى يهرب الفأر من دارك، فقال: أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر، فيهرب إلى الجيران، فأكون قد أحببت لهم ما لا أحبُّ لنفسي".

 

وعيد وإنذار لمن آذى الجار:

1- ذنب الاعتداء على الجار مضاعف:

لقد بالغ الإسلام أشد المبالغة في المحافظة على الجار وعدم إيذائه، فقد ضاعف عقوبة الذنب الواحد إلى عشرة أضعاف؛ فقد أخرج الإمام أحمد عن أبي ظَبية الكَلاعي، قال:

سمعت المِقْدَاد بن الأسود يحدِّث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سألهم عن الزنا، فقالوا: حرام، حرمه الله ورسوله، فقال: ((لأن يزني الرجل بعشر نسوة، خير له من أن يزني بامرأة جاره))، قال: وسألهم عن السرقة، فقالوا: حرام حرمها الله ورسوله، فقال: ((لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات، أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره))؛ صحيح الجامع (5043).

 

جاء في "الخطب المختارة" لوزارة الأوقاف (82):

"ولقد صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا البيان؛ لأن الجار ألصق بجاره من غيره، واختلاطه به أشد من غيره، وهذا الاختلاط قد يكون فرصةً لصغار النفوس، وضعفاء الإيمان، وحلفاء الشيطان، أن يعبثوا بحرمة الجار، وينتهكوا عِرضه وهم آمنون؛ لأنهم أعلم الناس بمدخله ومخرجه، وغيابه وحضوره، فيسهل عليهم الترتيب للجريمة، وقد يعتبره الجار من حماة أهله وحراس عرضه، فتشتد ثقته فيه واطمئنانه إليه، ومن هنا جاء التشديد في الذنب، ومضاعفة الإثم إلى عشرة أضعافه"؛ ا.هـ.

 

ولهذا جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الزنا بحليلة الجار من أعظم الذنوب عند الله - تعالى - فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الذنب أعظم عند الله؟ قال: ((أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك))، قلت: ذلك بعظيم، ثم أي؟ قال: ((أن تقتل ولدك مخافة أن يَطعم معك))، قلت: ثم أي؟ قال: ((أن تزاني حليلة جارك)).

 

2- بل أذى الجار سبب دخول النار:

أخرج الإمام أحمد وابن حبان - بسند صحيح - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:

قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في النار))، قال: يا رسول الله، فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها، وأنها تتصدق بالأثوار من الأقِط[8]، ولا تؤذي جيرانها، قال: ((هي في الجنة))؛ (صحيح الترغيب:2560).

 

3- أذى الجار سبب لعدم دخول الجنة:

أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يدخل الجنة مَن لا يأمن جاره بوائقه)).

 

بل يُقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ففي رواية الإمام أحمد وأبي يعلى والبزار - بسند جيد -: ((والذي نفسي بيده، لا يدخل الجنة عبد لا يأمَن جاره بوائقه)).

 

4 - وليعلم كل من يؤذي جاره أن أول من سيخاصمه أمام الله يوم القيامة هو جاره:

فقد أخرج الطبراني في "الكبير"، وأحمد - بسند صحيح - عن عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أول خصمين يوم القيامة جاران)).

 

فاحذر أخي الحبيب من أذى الجار؛ حتى لا يشكوك إلى الله - تعالى - يوم القيامة.

 

ومن صور إيذاء الجار:

1- الوقوع في عرضه: من سَبٍّ، أو لعْن، أو شتم، أو غيبة، أو نميمة:

وقد مر بنا الحديث الذي رواه أحمد:

أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن فلانة تُكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في النار)).

 

2- سوء الظن به والتجسس عليه:

وقد نهى الله - تعالى - عن ذلك، فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12].

 

وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن التجسس، فقال - كما عند الإمام أحمد بسند حسن -: ((يا معشر مَن آمَن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تتبعوا عورات الناس، فمن تتبَّع عوراتهم، فضحه الله في جوف بيته)).

 

3- تشغيل المِذياع أو التلفاز بصوت عالٍ:

وهذا مما يؤذي الجار، فلا يستطيع المُتعَب أن يرتاح، ولا المريض أن يهنأ بمنام، ولا الطالب أن يستذكر دروسه، فرفع الصوت مخالف لتعاليم الإسلام، حتى ولو كان بالقرآن؛ فقد أخرج أبو داود - بسند صحيح - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: ((ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة)).

 

فإذا كان رفع الصوت ممنوع حتى ولو بالقرآن، فما نقول إذا كان رفع الصوت بمزامير الشيطان التي تؤذي الجيران، نسأل الله الهداية لأهل العصيان.

 

4- أن يغلق بابه دون جاره، ويمنعه فضله:

ذكر المنذري - في الترغيب وعزاه للأصبهاني بسند فيه مقال - عن ابن عمر مرفوعًا: "كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة، يقول: يا رب، سل هذا لم أغلق عني بابه ومنعني فضله؟"؛ ضعيف الجامع.

وإن كان الحديث ضعيفًا، لكن ما مر بنا يشهد لمعناه.

 

• فهناك من يمنع فضله عن جاره فيبيت شبعانَ وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم.

• وهناك من يلبس أجمل الثياب، ويضع أفضل الطيب، وبجواره جاره الذي ليس عليه رداء يكتسي به من برد الشتاء.

• وهناك من يدخل بألوان الفاكهة على أهل بيته، وأولاد جاره الفقراء ينظرون إليه دون أن يُعطيهم.

• فكل هذا من إيذاء الجار.

 

وصدق ابن عمر - رضي الله عنهما - حيث قال: "لقد أتى علينا زمان، وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم، ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم".

 

5- أن يزرع شجرة أو نخلة بجوار جداره، ثم يسقيها بالماء، فيتضرَّر الجدار بذلك.

 

6- أن يبني جدارًا - دون إذنه - يحجب عنه الشمس، ويمنع عنه الهواء.

 

7- أن يفرح وجاره مهموم: فهناك من يقيم الأفراح والليالي الملاح، والبيت الذي بجواره مات فيه إنسان.

 

8- نشر الملابس دون عصرها، فيتساقط الماء على ملابس الجار الذي يسكن تحته.

 

9- وهناك نماذج أخرى من الإيذاء:

• كإلقاء القمامة والكناسة حول داره وأمام بابه.

• أو التضييق عليه عند الدخول أو الخروج.

• أو الدق في وقت الليل.

• أو عدم نُصرته إذا كان مظلومًا، أو عدم إغاثته إذا كان ملهوفًا.

• أو إفشاء سره، وغير ذلك من صور الإيذاء.

 

ينبغي أن يكون لسان حالك:

أَقولُ لجاري إذ أتاني مُعاتبًا
مُدِلاًّ بحقٍّ أو مُدِلاًّ بباطلِ
إذا لم يَصل خيري وأنت مُجاورٌ
إليكَ فما شرِّي إليك بواصِلِ

 

الحق التاسع: الصبر على أذى الجار:

فربما يبتلى المرء بجار سيِّئ الجوار، معتد أثيم، فعليه أن يصبر على آذاه وهذا من حُسن الجوار.

 

1- يقول الحسن البصري: "ليس حُسن الجوار كف الأذى عن الجار، ولكن حسن الجوار: الصبر على الأذى من الجار".

 

2- ولقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نصبر على أذى الجار، ولا نعامله بالمثل:

فقد أخرج أبو داود - بسند حسن - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكا إليه جارًا له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات: ((اصبر))، ثم قال في الرابعة - أو الثالثة -: ((اطرح متاعك في الطريق))، ففعل، قال: فجعل الناس يمرون به، ويقولون: ما لك؟ فيقول: آذاه جاره"، فجعلوا يقولون: لعَنه الله، فجاءه جاره، فقال: رُدَّ متاعك، لا والله لا أُؤذيك أبدًا"؛ صحيح الترغيب (2559).

 

فانظر كيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر هذا الرجل بالصبر، ولم يأمره أن يعامل جاره بالمثل.

 

3- فإذا جارك عصى الله فيك، فأطع الله أنت فيه.

يروى أن رجلاً جاء إلى عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - فقال له: إن لي جارًا يؤذيني ويشتمني، ويُضيِّق علي، فقال: اذهب، فإن هو عصى الله فيك، فأطع الله فيه".

 

4- ويقول عمرو بن العاص - رضي الله عنه - كما في "تنبيه الغافلين"، ص (86):

"ليس الواصل الذي يصل مَن وصله، ويقطع مَن قطعه، وإنما ذلك المنصف، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه، ويعطف على مَن جفاه، وليس الحليم الذي يحلم عن قومه ما حلموا عنه، فإذا جهلوا عليه جهِل عليهم، وإنما ذلك المنصف، إنما الحليم الذي يحلم إذا حلموا، فإذا جهلوا عليه، حلم عنهم".

 

يقول الغزَّالي - رحمه الله - كما في "الإحياء" (2/ 213):

"واعلم أنه ليس حق الجوار كفَّ الأذى فقط، بل احتمال الأذى، فإن الجار أيضًا قد كف أذاه، فليس في ذلك قضاء حقه، ولا يكفي احتمال الأذى، بل لا بد من الرِّفق، وإسداء الخير والمعروف.

 

نماذج مضيئة للصبر على أذى الجار:

1- يُروى أن مالك بن دينار - رحمه الله تعالى - كان له جار يهودي، فحول اليهودي مستحمه إلى جدار البيت الذي فيه مالك، وكان الجدار متهدِّمًا، فكانت تدخل منه النجاسة، ومالك ينظف البيت كلَّ يوم ولم يقل شيئًا، وأقام على ذلك مدة وهو صابر على الأذى، فضاق صدر اليهودي من كثرة صبره على هذه المشقة، فقال له: يا مالك، آذيتك كثيرًا وأنت صابر، ولم تخبرني، فقال مالك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار؛ حتى ظننت أنه سيورِّثه))، فندِم اليهودي وأسلم؛ "الإحياء" (2/ 213).

 

2- وحدَثت هذه القصة أيضًا مع سهل بن عبدالله التستري - رحمه الله - فقد كان له جار مجوسي، وكان في نفس البيت في الطابق الأعلى، فانفتَحت فتحة في كنيف المجوسي، فكان يقع منها الأذى في دار سهل، فكان يضع كل يوم الجفنة تحت الفتحة، فينزل فيها الأذى، ثم يأخذ ذلك بالليل ثم يَطرحه بعيدًا، فمكث - رحمه الله - على هذا الحال زمانا طويلاً إلى أن أتى سهلاً المرَضُ، فاستدعى سهل جاره المجوسي، وقال له: ادخل ذلك البيت وانظر ما فيه فرأى الفتحة والقذر، فقال: ما هذا؟

 

قال سهل: هذا منذ زمن طويل يسقط من دارك، وأنا أتلقاه بالنهار وأُلقيه بالليل، ولولا أنه حضَرني أجلي ما أخبرتك، وأنا أخاف أن لا تتَّسع أخلاق غيري لذلك، فافعل ما ترى، فقال المجوسي: أيها الشيخ، أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمن طويل، وأنا مقيم على كفري، أيها الشيخ، مد يدك، فأنا أشهد أنْ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم مات سهل - رحمة الله عليه.

 

وفي هذا الزمن نجد من يؤذي جاره، فينزل عليه القَذى والقذر من حمامه، ولا يستجيب لرجاء جاره.

 

يَلُومُونني إذ بِعْتُ بالرُّخْص منزلاً
ولم يَعرفوا جارًا هناك يُنَغِّصُ
فقلتُ لهم: كفُّوا الملامَ فَإنَّها
بجِيرانها تَغْلُو الديارُ وتَرْخُص

 

أيها الحبيب:

حق عليك أن تسجد لله شكرًا إذا وجدت جارًا يقوم بهذه الحقوق، فهذه من سعادة الدنيا التي أنعم الله عليك بها؛ فقد أخرج ابن حبان - بسند صحيح - من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهني، وأربع من الشقاء: المرأة السوء، والجار السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء))؛ الصحيحة (282).

 

فكما أن الجار الصالح من سعادة الدنيا، فإن الجار السوء من الشقاء الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - دائمًا يستعيذ منه؛ فقد أخرج الحاكم في "المستدرك" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار البادية يتحوَّل))؛ صحيح الجامع (1290).

 

بل جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - جار السوء ممن يجلب الفقر؛ فقد أخرج الطبراني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ثلاثة من الفواقر: إمام إن أحسنت لم يشكر، وإن أسأت لم يَغفر، وجار سوء إن رأى خيرًا دفنه، وإن رأى شرًّا أذاعه، وامرأة إن حضَرتك آذتك، وإن غبتَ عنها خانتك)).

 

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن أن إيذاء الجار يفسد العمل، ويضيِّع ثمرة العبادة، فقد قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن فلانة تقوم الليل، وتصوم النهار، وتُصلي، وتتصدَّق، وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا خير فيها، هي في النار)).

 

نداء إلى الجار الذي يؤذي جاره:

ها قد علِمت الوعيد والتهديد لمن يؤذي جيرانه، كما أن الجنة محرمة على من يؤذي جيرانه، فتب إلى الله، ولتبدأ من جديد مع جيرانك، واستغفر الله على هذا الإثم العظيم والذنب الكبير، وأكثر من الصلاة والصوم والصدقة، فهذا تكفير لما سلف؛ فقد أخرج البخاري ومسلم عن حذيفة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فتنة الرجل في أهله وماله وجاره، تُكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر والنهي))، الحديث.

 

نداء إلى الجار الذي يصبر على أذى جاره:

1- اعلم أن صبرك على هذا الجار المؤذي سببٌ لمحبة الله - تعالى - لك؛ فقد أخرج الإمام أحمد - بسند حسن - عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة يحبهم الله...))، ثم ذكر منهم: ((والرجل يكون له الجار يؤذيه جاره، فيصبر على أذاه، حتى يُفرِّق بينهما موت أو ظعْنٌ[9]))؛ صحيح الترغيب (2569).

 

أخرج الإمام أحمد في مسنده عن مُطرِّف بن عبدالله قال: "بلغني عن أبي ذر - رضي الله عنه - حديث كنت أحب أن ألقاه، فلقيتُه، فقلت له: يا أبا ذر، بلغني عنك حديث، فكنت أحب أن ألقاك فأسألك عنه، فقال: قد لقيت فاسأل، قلت: بلغني أنك تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ثلاثة يحبهم الله - عز وجل - وثلاثة يبغضهم الله - عز وجل))، قال: نعم، فما أخالني أكذب على خليلي محمد - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة يقولها - قال: قلت: من الثلاثة الذين يحبهم الله - عز وجل؟ قال: رجل غزا في سبيل الله، فلقي العدو مجاهدًا محتسبًا، فقاتل حتى قتِل، وأنتم تجدون في كتاب الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا ﴾ [الصف: 4]، ورجل له جار يؤذيه، فيصبر على أذاه ويحتسبه، حتى يكفيه الله إياه بموت أو حياة، ورجل يكون مع قوم، فيسيرون حتى يشق عليهم الكَرى أو النُّعاس، فينزلون في آخر الليل، فيقوم إلى وضوئه وصلاته، قال: قلت: من الثلاثة الذين يبغضهم الله؟ قال: الفخور، والمختال، وأنتم تجدون في كتاب الله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18].

 

البخيل المنَّان، والتاجر الحلاَّف، قال: قلت: يا أبا ذر، ما المال؟ قال: فِرْقٌ لنا وذَوْدٌ؛ يعني بالفرق: غنمًا يسيرة، قال: قلت: لست عن هذا أسأل، إنما أسألك عن صامت المال؟ قال: ما أصبح لا أمسى، وما أمسى لا أصبح، قال: قلت: يا أبا ذر، ما لك ولإخوتك قريش؟ قال: والله لا أسألهم دينًا ولا أستفتيهم عن دين الله - تبارك وتعالى - حتى ألقى الله ورسوله - ثلاثة يقولها".

 

2- بل ستكون خير جار عند الرحمن:

فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي - بسند صحيح - عن عبدالله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره))؛ السلسلة الصحيحة (103).

 

ملحق وفائدة:

كيف تُعامل جارك إذا لم يكن مسلمًا طائعًا؟

إذا كان جارك مسلمًا طائعًا، فيجب عليك نحوه الحقوق السابقة كلها؛ قال الذهبي في "حق الجار" (46 - 49):

"وإذا كان الجار صاحب كبيرة، فلا يخلو:

• إما أن يكون متستِّرًا بها، ويغلق بابه عليه، فليعرض عنه ويتغافل عنه، وإن أمكن أن ينصحه في السر ويعظه، فحسَنٌ.

 

• وإن كان متظاهرًا بفِسقه؛ مثل: مكَّاس - وهو جابي الضرائب - أو مُرابٍ، فتَهجره هجرًا جميلاً.

 

• وإن كان تاركًا للصلاة في كثير من الأوقات، فمُره بالمعروف، وانْهَه عن المنكر مرة بعد مرة، وإلا فاهجره في الله، ولعله أن يرعوي ويحصل له انتفاع بالهجرة، من غير أن تقطع عنه كلامك وسلامك وهديتك.

 

• فإن رأيته متمردًا عاتيًا بعيدًا عن الخير، فأعرِض عنه واجتهد أن تتحول من جواره، فقد تقدَّم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تعوذ من جار السوء في دار الإقامة.

 

• فإن كان جارك دَيُّوثًا، أو قليل الغَيرة، أو حريمه على غير الطريق المستقيم؛ فتحوَّل عنه، أو فاجتهد ألا يُؤذوا زوجتك؛ فإن في ذلك فسادًا كثيرًا.

وخَف على نفسك المسكينة، ولا تدخل منزله، واقطع الود بكل ممكن.

 

• فإن كان جارك رافضيًّا أو صاحب بدعة كبيرة، فإن قدرتَ على تعليمه وهدايته، فاجتهد، وإن عجزت، فانجمع عنه ولا تواده ولا تصافه، ولا تكن له مصادقًا ولا معاشرًا، والتحول عنه أَوْلى.

 

• فإن كان جارك يهوديًّا أو نصرانيًّا في الدار أو السوق أو البستان، فجاوره بالمعروف ولا تؤذه.

 

"فيجوز زيارته في مرضه، أما عند الموت فلا يُعزى فيه؛ لحديث على - رضي الله عنه - لما مات أبو طالب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اذهب فواره))، فلم يعزه؛ أحمد وأبو داود والنسائي.

 

• فأما من جعَل إجابة دعوتهم دَيْدنه، وعاشرهم وباسطهم، من ذلك زيارتهم في الأعياد وتهنئتهم بها، فلا يجوز؛ لأن فيها إقرارًا ضمنيًّا على ما أصاب دينهم من تحريف وأعيادهم - كما لا يخفى - فمن فعَل ذلك فإن إيمانه يرقُّ، وقد قال - تعالى -: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾ [المجادلة: 22].

 

• فإن انضاف إلى جواره كونه من قرابتك أو ذا رحمك، فهذا حقه آكَدُ.

 

• وكذا إن كان أحد أبويك ذميًّا، فإن للأبوين وللرحم حقًّا فوق حقوق الجوار، فأعط كل ذي حق حقَّه.

 

• وكذا رد السلام، فلا تبدأ أحدًا من هؤلاء - اليهود والنصارى - بالسلام أصلاً، وإذا سلَّم أحد منهم عليك، فقل: وعليكم، أما كيف أصبحت؟ وكيف أمسيت؟ فهذا لا بأس به، وأن تقول بغير إسراف ولا مبالغة في الرد؛ قال - تعالى -: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54].

 

فالمؤمن يتواضع للمؤمنين ويتذلَّل لهم، ويتعزز على الكافرين ولا يتضاءل لهم؛ تعظيمًا لحُرمة الإسلام وإعزازًا للدين، من غير أن يؤذيهم ولا يودهم كما يود المسلم.

 

وكذا من حقوق الجار على جاره:

1- أن يُسلم عليه إذا رآه.

2- يعوده في مرضه إذا مرِض.

3- إن يُشيع جنازته إن مات.

4- يواسيه في المصيبة، ويهنِّئه في الفرح.

5- يستر ما ينكشف من عورته، ويغض البصر عن محارمه وأهل بيته.

6- لا يحسده على ما آتاه الله من فضله.

7- أن يرد غيبته.

8- إن استعان به، أعانه.

 

أحاديث ضعيفة تنسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حق الجار، ولكنها لا تصح:

أ - ((الجار قبل الدار))؛ ضعيف.

ب - "النبي وصى على سابع جار"؛ لا أصل له.

ج- ((الجيران ثلاثة: جار له حق واحد، وهو أدنى الجيران حقًّا، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق:

فأما الذي له حق واحد، فجار مشرك لا رحم له، له حق الجوار.

 

وأما الذي له حقان، فجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار.

 

وأما الذي له ثلاثة حقوق، فجار مسلم ذو رحم، له حق الإسلام وحق الجوار، وحق الرحم ))؛ ضعيف.

 

وبعدُ:

فهذا آخر ما تيسَّر جمعه في هذه الرسالة، نسأل الله أن يكتب لها القبول، وأن يتقبلها منا بقبول حسن، كما أسأله - سبحانه - أن ينفع بها مؤلفها وقارئها ومن أعان على إخراجها ونشرها؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا شأن أي عمل بشري يَعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صوابًا، فادعوا لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثَمَّ خطأ، فاستغفروا لي.

إنْ وجَدت العيْب سُدَّ الخَللا
جَلَّ مَن لا عيبَ فيه وعَلا

 

فاللهم اجعل عملي كله صالحًا، ولوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه نصيبًا.

 

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

هذا والله تعالى أعلى وأعلم.

 

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.



[1] أنه سَيُوِّرثه؛ أي: ظننتُ أنه سيبلِّغنِي عن الله الأمرَ بتوريث الجار جارَه، وفي هذا توكيدٌ عظيم على الحث على رعاية حقوقه.

[2] مرقة؛ أي: ذات مرَقٍ من لحم دجاج وغنم، ونحو ذلك.

[3] منائح: هي الشاة أو الناقة تُعطي اللبن.

[4] والفِرْسن: ظِلف الشاة - حافر شاة - قال الجوهري: الفِرْسَن من البعير كالحافر من الدابة.

[5] معرِضين؛ يعني: عن هذه السُّنة.

[6] بين أكتافكم؛ أي: بينكم، والمعنى: أي لأصرحنَّ، ولأُحدِّثن بها بينكم، مهما ساءكم ذلك وأوجَعكم.

[7] بوائقه: غدره، وخيانته، وظلمه، وعداونه، وفُسِّرت بشرورِه، والمفرد: بائقة.

[8] أثوار الأقِط: هي القِطَع من اللبن المجمَّد المجفَّف.

[9] أي: يتحول أحدهم عن الآخر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حق الجار... حسن الجوار.. سمت الأبرار
  • من الجار؟ وما منزلته؟
  • كيف نكرم الجار؟
  • حقوق الجار
  • حقوق الجار بين يديك
  • من أحكام الجيران في الفقه الإسلامي
  • حقوق الجار (خطبة)
  • الإحسان للجار
  • أدب الجوار
  • آداب التعامل مع الجار
  • حق الجار
  • فيض العزيز الغفار في بيان حقوق الجار (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • من حقوق ومكانة أهل الأعذار عند السلف وحقوقهم علينا(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • تكفير الحج حقوق الله تعالى وحقوق عباده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تدين روسيا بانتهاك حقوق الإنسان في الشيشان(مقالة - المترجمات)

 


تعليقات الزوار
7- شكر وتقدير
يسرى - الجزائر 18-01-2024 10:13 PM

شكرا..

6- شكر
Mor ndiaye - Sénégal 09-05-2020 11:27 AM

استفدنا منها كثيرا بارك الله فيكم

5- بحث جيد
محمد غانم - المغرب 26-10-2018 03:19 PM

موضوع ممتاز نافع بإذن الله جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم

4- الجار وحقوقه
محمد البدري 09-09-2018 02:40 PM

ممتاز . ما شاء الله

3- شكر
هبه - السودان 18-08-2016 03:43 PM

رائع

2- الجار
عصام برهومي - المغرب 28-09-2014 09:30 PM

لنعطي حقوق الجار

1- اركويت
ستموني شو - sudan 26-08-2014 06:45 PM

اتمنى لو أي جار يحافظ على جاره

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب