• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تنمية المهارات
علامة باركود

قراءة نقدية لجوانب من نظرية الذكاءات المتعددة لغاردنر

قراءة نقدية لجوانب من نظرية الذكاءات المتعددة لغاردنر
أ. حنافي جواد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/4/2012 ميلادي - 22/5/1433 هجري

الزيارات: 60721

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قراءة نقدية لجوانب من نظرية الذكاءات المتعددة

لغاردنر H.Gardner

 

تتعَدَّد تعريفات الذَّكاء، بتعدُّد عدد الباحثين في المَوْضوع؛ إذْ بِاخْتلاف توَجُّهات البحث اختلفَت التَّعريفات.

 

فهناك:

• تعريفاتٌ تتمَحْور حول مُصطلح التكَيُّف مع الوضعيَّات.

• وأُخْرى حول القدرة على اكتساب الخِبْرات.

• وأخرى حول التفكير المُجرَّد.

• وأخرى حول التصرُّف الهادف.

• ...

 

الذَّكاء في لغة العرب ولسانها:

الذَّكاءُ: شدةُ وهَجِ النارِ؛ يُقال: ذَكَّيْتُ النارَ: إذا أَتْمَمْتَ إشْعالَها ورفَعْتها، وكذلك قوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ﴾ [المائدة: 3]؛ ذبْحُهُ على التَّمام.

 

والذَّكا: تَمامُ إيقادِ النَّارِ، مقصورٌ يكتب بالأَلف؛ وأَنشد:

وَيُضْرِمُ فِي القَلْبِ اضْطِرَامًا، كَأَنَّهُ
ذَكَا النَّارِ تُرْفِيهِ الرِّيَاحُ النَّوَافِحُ

 

وذُكاءُ، بالضَّم: اسمُ الشمس، معرفة لا يَنْصَرِف، ولا تدْخُلها الأَلِفُ واللام، تقول: هذه ذُكاءُ طالِعةً، وهي مُشْتَقَّة من ذَكَتِ النارُ تَذْكُو، ويقال للصُّبْح: ابنُ ذُكاء؛ لأَنه من ضَوْئها؛ وأَنشد:

فَوَرَدَتْ قَبْلَ انْبِلاَجِ الفَجْرِ
وَابْنُ ذُكَاءَ كَامِنٌ فِي كَفْرِ

 

وقال ثعلبة بن صُعَير المازنيُّ يصف ظَلِيمًا ونَعامة:

فَتَذَكَّرا ثَقَلاَ رَثِيدًا، بَعْدَمَا
أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمِينَهَا فِي كَافِرِ

 

والذَّكاءُ، ممدودٌ: حِدَّةُ الفؤاد، والذَّكاءُ: سُرْعة الفِطْنَة.

 

الليث: الذَّكاءُ مِن قولك: قلبٌ ذَكِيٌّ، وصَبِيٌّ ذكِيٌّ، إذا كان سريعَ الفِطْنَةِ، وقد ذكِيَ، بالكسر، يَذْكى ذَكًا.

 

ويُقال: ذَكا يَذْكُو ذَكاءً، وذكُوَ فهو ذكِيٌّ، ويقال: ذكُوَ قَلْبُه يَذْكُو: إذا حَيَّ بَعْدَ بَلادَةٍ، فهو ذكِيٌّ على فَعِيلٍ، وقد يُسْتَعْمل ذلك في البَعِير، وذَكا الريحِ: شِدَّتها من طِيبٍ أَو نَتْنٍ، ومِسْكٌ ذكِيٌّ وذاكٍ: ساطِعُ الرائِحَةِ، وهو منه.

 

ومِسْكٌ ذكيٌّ وذكِيَّة، فمَن أَنَّث ذهب به إلى الرَّائحة؛ وقال أَبو هَفَّانَ: المِسْكُ والعَنْبَر يُؤنَّثان ويُذَكَّران، قال ابن بري: وتقول هو ذكِيُّ الرائِحة وذاكِي الرائِحَة؛ قال قيس بن الخطيم:

كَأَنَّ القَرَنْفُلَ وَالزَّنْجَبِيلَ
وَذَاكِي العَبِيرِ بِجِلْبَابِهَا

 

والذَّكاءُ: السِّنُّ، وقال الحَجَّاج: فُرِرتُ عن ذكاء، وبَلَغَت الدَّابَّةُ الذَّكاءَ؛ أَي: السَّنَّ، وذكَّى الرجلُ: أَسَنَّ وبَدُن.

 

والذَّكاءُ في الفَهْمِ: أَن يكون فَهْمًا تامًّا سريع القَبُول.

 

باستقراء التَّعريف اللُّغوي للذَّكاء في "لسان العرب"؛ نسجِّل ما يلي:

يَحْمل لفظ الذَّكاء معاني:

• الشدَّة.

• التمام.

• الحِدَّة.

• الفِطْنة.

• السُّرعة.

 

نظرية الذَّكاءات:

فـ H.Gardner صاحب نظريَّة الذَّكاءات المتعدِّدة Theory of multiple intelligences، يرى أنَّ الذكاء ليس نوعًا واحدًا، بل ذكاءات.

 

"قدّم "هوارد غاردنر" - الأستاذ بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة - النَّظرية لأوَّل مرَّة عام 1983 في كتابٍ بعنوان "أطُر العقل"، واستمرَّ في تطويرها لما يزيد على عشرين عامًا.

 

حيث أثبتَ أنَّ كل إنسانٍ يَمْلك سبعة ذكاءات، وبِهذا دخل في صراعٍ فِكْري مع القائلين بالذَّكاء الواحد، وأصحاب هذا التوجُّه هم "إيسنك"، و"جالتن"، و"جنسن"، و"سبرمان"، كما ذكرَتْ "هان بايك" في مقالها "ذكاء أم ذكاءات؟ رُؤًى مختلفة للقدرات الإدراكيَّة"، ويرى أصحابُ هذا التوجه بأنَّ الذَّكاء الإنساني يمكن أنْ يُقاس باختبارات قياس الذكاء IQ.

 

وقد نتجَتْ عن نظرية "جاردنر" مجموعةُ مبادئ أساسية، هي:

• يَمْتلك كلُّ إنسان تسعةَ أنواعٍ من الذَّكاء (ذكاءات) يُعبَّر عنها بأشكالٍ ومهارات مختلفة.

 

• هذه الأنواع من الذَّكاء وراثيَّة مكتسَبة؛ أيْ: تُولَد مع الإنسان، ثم يأتي دور البيئة المحيطة: (الأُسْرة، المدرسة، التَّربية، المُجتمع...) في تنمية هذه الأنواع.

 

• لكلِّ إنسانٍ قدراتُه في الذَّكاءات المتعدِّدة، وهذه الذَّكاءات تعمل معًا، وتختلف هذه القدرات في نُموِّها داخل الإنسان؛ فإمَّا أنْ تنمو وتزدَهِر بالتَّدريب والممارسة، وإمَّا أنْ تتَراجع وتتلاشى بالإهمال والتَّراخي.

 

• يُمكن أنْ يُسهِم تطويرُ أحد أنواع الذكاء في تطوير نوعٍ آخَر من أنواعها.

 

• يَكْمُن وراء أيِّ نشاطٍ بشريٍّ مجموعةُ ذكاءات تعمل بعضُها مع بعض.

 

• يُمكن تقييم القدرات العقليَّة والمعرفيَّة التي تَقِف وراء كلِّ نوعٍ من أنواع الذكاءات المتعدِّدة من خلال مجموعةِ مُؤشِّرات تدلُّ على وجودها"[1].

 

• والذَّكاء - وَفْق جارندر -: "القدرة على حلِّ المشكلات أو تَشْكيل منتجات لها قيمة في نسَقِها الثقافي أو عدة أنساق ثقافية"[2]؛ (أطُر العقل 1983).

 

• أمَّا الذَّكاءات التي تَوصَّل إليها السيِّد H.Gardner، واللاَّئحة ما زالَتْ مفتوحةً، لإضافة ذَكاءات أخرى[3]، كما قال، فهي:

1- الذَّكاء اللُّغوي: هو القدرة على اكتِساب اللُّغة وتَوْظيفها في التَّعامل مع الآخرين.

 

2- الذَّكاء المنطقيُّ - الرِّياضي: هو القُدْرة على استِخْدام الأرقام بكفاءة، والتفكير المنطقي.

 

3- الذكاء الفضائيُّ: القُدْرة على تَمثُّل المرئيَّات الفضائيَّة، وتَكْييفها ذهنيًّا وبطريقة مَلْموسة.

 

4- الذكاء الموسيقيُّ: القدرة على الإحساس بالمَقامات الموسيقيَّة، وجرس الأصوات وإيقاعها.

 

5- الذكاء الجسمي - الحرَكي: القُدْرة على استِعْمال الجسم لحلِّ المشكلات، والقيام ببعض الأعمال، والتَّعبير بالجسد عن الأفكار والأحاسيس.

 

6- الذكاء التفاعليُّ: القدرة على العمل بفعاليَّةٍ مع الآخَرين وفَهْمهم، وتحديد أهدافهم، وحوافزهم، ونِيَّاتهم.

 

7- الذكاء الذاتِيُّ: قدرة الفَرْد على فَهْم انفِعالاته.

 

8- الذَّكاء الطبيعيُّ: القدرة على فَهْم الكائنات الطبيعيَّة من نباتاتٍ وحيوانات.

 

نقول:

• إنَّ تلك التي زعَمَها السيِّد H.Gardner ذكاءاتٍ، ما هي إلاَّ قدرات؛ قدرات مُتعَلَّمة، نُعلِّمها نحن المدرسين، ويتعلَّمها الطلبة في الكليات والمعاهد، ويعلِّمها الواقع والحياة العمليَّة، أو تُتَعلَّم بمجهودات فرديَّة - من طرَفِ أولئك العصاميِّين.

 

• وفَرْقُ ما بين الذَّكاء ومُصطلَحِ القدرة كبيرٌ جدًّا، بل إن بينهما تَداخُلاً في ذهن غاردنر H.Gardner، جعله ذلك يَحِيد عن الحقيقة، فاعتبَرَ الذَّكاء ذكاءاتٍ، ويُقدِّم لذلك أمثلةً، يكادُ مَن يقرؤها - حتى مِن غير المتخصِّصين - يحسُّ أن هناك شيئًا غير طبيعي - في الأمثلة المَسُوقة.

 

• ويَفْترض القارئ الذكيُّ النَّجيب، أنَّنا لو سِرْنا على منوال تَقْسيمات غاردنر H.Gardner للذكاء، لقسَّمْنا الذكاء الرياضيَّ إلى ذكاء الجَبْر وذكاء الهندسة، ونُقسِّم ذكاء الجبر إلى أقسامٍ حسب دروس المِنْهاج الدِّراسي، وكذلك نُقسِّم ذكاء الهندسة إلى أقسامٍ وأقسام...

 

وهكذا دوالَيْك مع سائر أقسام الذَّكاءات، فلا أظنُّ غاردنر H.Gardner سيتَحدَّث آنئذٍ عن سَبْعة أنواع، بل سبعين نوعًا!

 

• يَحْمل مصطلح الذَّكاء في ثَناياه ثقلاً معنويًّا وخبرة إضافيَّة، وقدرات عجيبة، ولا ندَّعي أن الذَّكاء وراثيٌّ، بل مكتسب، إمَّا بشكلٍ مُباشِر أو غير مباشر.

 

والذَّكاء لا يُتعلَّم كما تتعلَّم القدرات وسائر المهارات؛ فهو ذو طبيعةٍ اندماجيَّة، بحيث تندمج التعلُّمات والمهارات والموارد، وتَتلاقح وتَنْصهر في بعضها؛ لِتُنتج سلوكًا ذكيًّا.

 

وتَرْديد أقوال الأذكياء ليس ذكاء، إنَّما الذكاء براعةٌ وابتكار.

 

• والذَّكاء ليس حكرًا على المتعلِّمين، بل شامل لكلِّ الفئات والأجناس، وقياس ذكاء كلِّ فئة يكون بِمَقاييس فئويَّة نابعةٍ من البيئة والمُحيط الذي تنتمي له تلك الفئة.

 

وللإشارة؛ فليست هنالك مقاييسُ مثاليَّة دقيقة، ولكنها مقاييس تقريبيَّة للاستِئْناس، ولا يعول عليها؛ فالتَّجارب العمليَّة والتَّطبيقات الميدانيَّة كفيلةٌ بِصَقل التَّجربة.

 

• فغادنر H.Gardner - في نظَرِنا - ميَّعَ مصطلح الذكاء، عندما لم يحدِّد مَعالِمَه الفنيَّة، الدالَّة على كونه قيمةً جميلة، فيه معاني الفضيلة والتميُّز.

 

ولا يُدرِك هذه الفضيلةَ كلُّ مَن هبَّ ودب مِمَّن تعلَّم درسًا أو دروسًا في مجال ما.

 

لأنَّ الذكاء ليس تعلُّماتٍ فقط، يتعلَّمها الطِّفل/ المتعلِّم؛ ليكون ذكيًّا، بل هو قُدْرة على الإتيان بالجديد، أو استكشاف روابط جديدة، تُشكِّل إضافة نوعيَّة أو كميَّة لم تَكن معروفةً في التجارب البشريَّة، أو كانت معروفة، ثم استُثمِرت استثمارًا جديدًا، عائدًا بالنفع والصَّلاح، أمَّا ما جرَّ فسادًا أو تلوُّثًا بيئيًّا، أو أخلاقيًّا، فلا أراه ذكاء.

 

وهل كلُّ الناس أذكياء؟

رُبَّما حسب غاردنر  H.Gardnerكلَّ الناس أذكياء عمَلِيًّا لا نظريًّا؛ فالمطلوب من المُربِّين والمدرِّسين - في نظره - اكتِشافُ نوع الذَّكاء الموجود عند الشخص أو المتعلِّم.

 

فالطفل إذا لم يكن ذكيًّا لُغويًّا فقد يكون ذكيًّا تفاعليًّا، وإذا لم يكن فسَيَكون ذكيًّا ذكاءً موسيقيًّا... وهكذا دواليك.

 

ونحن نتَّفِق مع غاردنر H.Gardner في طَرْحِه؛ ما دام لا يُميِّز بين مفهوم الذكاء والقدرة.

 

أما إذا ميَّزْنا بين المفهومَيْن: أيْ مفهوم الذَّكاء والقدرة، فنَقول: إنَّ الناس أذكياء بالقُوَّة لا بالفعل.

 

أذكياء بالقوَّة؛ أيْ: مستَعِدُّون بيولوجيًّا وفسيولوجيًّا، وسيكولوجيًّا وسوسيولوجيًّا؛ ليكونوا أذكياء، بِحُكم كمال تركيبتهم.

 

والفرق بين الاستعداد والفعل واضح؛ فالاستعداد نظريٌّ والفِعْل تطبيق عملي.

 

وهل هناك أو هنالك مدرسةٌ لتخريج الأذكياء؟

دلُّوني عليها إن كنتم تعلمون بها، أو سبَقَ علمكم أنَّها خرَّجت ذكيًّا واحدًا من الأذكياء.

 

أنا لا أقصد المَدارس التجاريَّة، التي تَكْتب في لوحاتها الإشهارية ما شاءَتْ، أو تشتري وقتًا للدعاية التلفزيَّة، أو تنشر إعلاناتها في الصُّحف والمجلاَّت.

 

فلْتَعلموا أنَّ الذكاء لا يُتعلَّم في المدارس والكليات، ولا في المزارع والإسطبلات، والَّذي يدَّعي أنه يُعلِّم الناس الذكاء فلْيَعلم أنَّه يُعلِّمهم القدرات والمَوارد؛ فالذَّكاء لا يتعلَّم بشكلٍ مباشر.

 

إنَّ تعَلُّمك لسلوكٍ أو فعل ذكي لا يعني أنَّك ذكي، فأنت مجرَّد بَبْغاء تردِّد أو تبذل مجهودات لتفهم ذكاء غيرك، فهذا الغير ذكي؛ لأنَّه أبدع جديدًا أو أحدث رابطًا، لم يكن موجودًا، وأنت متعلِّم لذكاءِ ذكي، فلست ذكيًّا إذًا.

 

• نحن نتَّفِق في أنَّ الذكاء يتجسَّد في صور متعدِّدة وكثيرة، لا تنحصر لا في سبع ولا في تِسْع ولا تسعمائة.

 

• ولا نختلف أنَّ كلَّ الناس أذكياء بالقوَّة، إلاَّ إذا عجزوا عن استخراج ذَكائهم؛ لأنَّ البيئة والمحيط قد يُعَرقِلان استخراجَ الذَّكاء، وبُروزَه ونبوغه؛ ليتحوَّل إلى عبقريَّة.

 

• ونختلف مع مَن يدَّعي أن الذكاء موروثٌ جينيًّا، أمَّا الوراثة الثقافيَّة والاجتماعية فموضوعٌ آخَر؛ فقد تَرِثُ عن أبيك قدراتٍ كثيرةً، مُرِّرتْ إليك عبر قنوات التَّنشئة الاجتماعيَّة داخل الأسرة.

 

• ولا نختلف أنَّ قدرات المتعلِّمين متفاوتة؛ لأسبابٍ منطقيَّة يمكن معرفتُها بعد التَّشخيص[4]، ولكنَّا نختلف في أنَّهم أذكياء جميعًا، نعم؛ فهُم أذكياء بالقوَّة لا بالفعل.

 

أمَّا الذكاء الذي يتحدَّث عنه غاردنر  H.Gardner فالمَقْصود منه - كما عَرَفْتَ - القدرات المتعلَّمة إمَّا في المدرسة أو عَبْر مسارات الحياة الاجتماعيَّة.

 

صدِّقوني...

صدقوني إنْ قلنا لكم: نحن - معاشِرَ المُدرِّسين - نواجه في الصُّفوف الدراسية تَلامذةً (صفحاتٍ بيضاء)، بكلِّ ما تحمل الكلمة من معانٍ، لا يَعرفون الكتابة ولا القراءة ولا الحساب، ولا رغبةَ لهم في الدِّراسة، ولا يعرفون أدبيَّات التَّواصُل، بل لا أتَجَاوز إن قُلت: إنَّ مصطلح تلميذ لا ينطَبِق عليهم؛ فرُبَّما كانت لهم قدرات (لا ذكاءات) غير مدرسيَّة، أما أن يكونوا أذكياء حقيقة، فلا أظنُّ ذلك.

 

ربَّما هم أذكياء في الشَّغب والمشاكَسة، وفي الغشِّ في الامتحانات، مُستثمِرين أحدثَ التِّكنولوجيات الحديثة.

 

وحبَّذا لو أضاف غاردنر  H.Gardner هذين النَّوعين اللَّذَين يتفوَّق فيهما تلامذةُ المَدارس.

 

ونحن معاشِرَ المدرِّسين والمدرسات، المُراقبين للظَّواهر التربويَّة عن كثب، والمُحتكِّين بالمتعلِّمين والمتعلِّمات [الَّذين تتَراوح أعمارُهم بين 12 - 19 سنة]، نسجِّل أن المتعلِّمين يتفوَّقون في الغشِّ والمُشاكسَة، بل إنَّنا نعاني من فَرْط ذكائهم في هذا الإطار!

 

ونَكاد نُسجِّل تفوُّقًا ملحوظًا للذُّكور على الإناث، في جانب المُشاكسة والغش.

 

ومن أسباب ذلك - فيما نعتقده -: أنَّ نسبة الخوف عند الأُنْثى في المجتمَعات العربيَّة، أعلى من نسبته عند الذكور، بحكم عوامل سيسيولوجيَّة وبسيكولوجيا، ليس هذا مجالَ مُعاينتِها.

 

فهل يحقُّ لنا أن نتحدَّث عن:


زَارَ مدرستنا:

زار مدرستَنا في يومٍ ما "خبيرٌ نفسي"؛ لإلقاء عرضٍ تربوي، فوجَدَ الحُرَّاس والإداريِّين يَحْملون أنابيب بلاستيكيَّة وعصيًّا يخيفون بها مُشاغبِي التَّلامذة ومُشاكسيهم، فعابَ على الإداريِّين فِعْلَهم، فوضَعوا عصيَّهم وألقَوْا بأسلحتهم، وانطلَقَ "الخبير النفسيُّ" يُحاضر التلامذة، يُفسِّر ويوضِّح، ويَعْرض الشَّرائح، والدُّنيا قائمةٌ ولَمْ تقعد، من جرَّاء ضوضاء المُشاغبين والتلامذة المشاكسين، فلَم يستَطِع استكمالَ نشاطه.

 

وجالَسْناه نحكي له واقِعَنا المُؤلِم، فوجدنا الدَّهشة على مُحيَّاه واضحةً، وبدأ يفهم ما نقوله - وربَّما يقتَنِع.

 

• قال: لو أنِّي لم أكن أعرِفُكم معرفة، لقلتُ: إنَّكم قد حرَّضْتُموهم لِيُشوِّشوا عليَّ.

 

• فقال له أحد الأحبَّة: لم يحضر من مشاغبي مدرستنا فلانٌ وعلاَّن... وسرَدَ رؤوس الشَّغب في المؤسَّسة.

 

• قد أسأل عن [تصوُّري] نظرتي للذكاء، فأقول:

• الذكاء: قدرةٌ على الإتيان بفعلٍ جديد، أو رابط جديد، أو تركيب جديدٍ مبدِع، في صياغةِ عناصر قديمة؛ لحلِّ إشكاليَّة أو معضلةٍ أو غير ذلك.

 

• أو هو قدرةٌ على إدماج التعلُّمات والموارد والمهارات، وخلاصات التجارب؛ لإنتاج حلولٍ مناسبة لوضعيَّة مشكلة، أو حالة تستدعي حلاًّ عاجلاً، أو غير ذلك.

 

• فالأمور التي كانت البارحةَ ذكاء، فتعلَّمَها الناس اليوم وطبَّقوها، فلا تعدُّ الآن ذكاء.

 

• وتطبيق ذكاء الأذكياء في حلِّ مشكلةٍ ما، ليس ذكاء؛ ففي مصطلح الذكاء معاني الآنيَّة والظَّرفية والبراعة والإتقان والانسجام والصلاحية والفنيَّة.

• لا يُستعمَل الذَّكاء في حلِّ المشكلات فقط، بل له استعمالاتٌ واستعمالات...

 

• ولا أنسى أن أشير إلى مسألةٍ مهمة، غالبًا ما تُهمَل؛ وهي أنَّ أذكى الأذكياء على الإطلاق الذي يَفوز بالجِنان يوم الحساب، وأغبى الأغبياء على الإطلاق الَّذي يدخل النَّار، ولو عدَّه الناس في الدنيا ذكيًّا.

 

والله أسأل أن يوفِّقنا للصَّواب في القول والعمَل.



[1] د. هزوان الوز، "نظريات الذكاء وأطر العقل":

http://kenanaonline.com/users/ahmedkordy/topics/86132/posts/327509

[2] فالثقافة هي التي تحدِّد قيمة الذكاء، وليس الشَّرْع الإسلامي؛ وبذلك فتصوُّر الغرب للذكاء يختلف عن تصوُّر المسلمين.

[3] وكان على غاردنر H.Gardner أن يتحدَّث عن الذكاء السياسي، والذكاء الاقتصادي المالي، والذكاء الإيماني... فاللائحة طويلة جدًّا، قد يوصلها إلى أرقام كبرى، ما دام لا يميِّز بين الذكاء والقدرة. كما ستعرف.

[4] اختلافها راجع للأَسْباب العامَّة التالية: سنة كونيَّة - اختلاف المحيط الاجتماعيِّ والاقتصادي - اختلاف في البنيات التحتيَّة المعرفية، والمكتسبات القبَلِيَّة...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نظرة في الذكاء والذكاءات
  • " ثم عاد.. " للدكتور صبري رجب : قراءة نقدية
  • الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences
  • مقياس وكسلر لذكاء الأطفال
  • الذكاءات المتعددة وتطبيقاتها على الواقع التربوي
  • تنمية الذكاءات المتعددة لمرحلة الطفولة (دراسة تطبيقية)

مختارات من الشبكة

  • قراءة موجزة حول كتاب: قراءة القراءة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أهمية القراءة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ملخص مفاهيم القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • وقل رب زدني علما(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القراءة المقبولة والمردودة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج الزمخشري في الاستشهاد بالقراءات القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قياس وتدريبات القراءة بقلب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التوجيه الصوتي للقراءات القرآنية في كتاب "لطائف الإشارات لفنون القراءات" للقسطلاني، الصوامت نموذجا(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • سورة الصمد في الصلاة بين قراءتها عادة وقراءتها محبة!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بؤس القراءة الحداثية للوحي العزيز: قراءة في فكر محمد شحرور(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


تعليقات الزوار
1- تقديم شكر
رشيد - الجزائر 17-02-2015 06:54 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

حقيقة أقدم لك كل شكري على الدراسة النقدية لموضوع الذكاءات المتعددة ، مع أني من المعجبين بهذه النظرية وأحاول كأستاذ تطبيقها وعرفة كلّ جديد حولها، وبمثل نهجك تتضح الأشياء
أرجو منك الاستثمار في هذا الموضوع القيم لأنه يعود بالفائدة على الجميع ، خاصة إذا أصل بما جاء من قرآن وسنة.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب