• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

إنما الأمم الأخلاق

عبداللطيف الجوهري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/8/2011 ميلادي - 30/9/1432 هجري

الزيارات: 172546

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

• لم يكن الشاعر حافظ إبراهيم مُبالغًا عندما قَصَرَ نهضة الأمم وازدهارها وقوَّتَها على الأخلاق ومنظومة القِيَم، التي ترتكز عليها الأمَّة في بنائها الإنسانَ الوطني، الذي هو عمادُ كلِّ نهضة وتقدُّمٍ وعافية للأمة، يقول شاعر النيل:

 

وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ
فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا

 

• إنَّ الاهتمام بالأخلاق وفق المنظومة القيميَّة والعقَدِيَّة التي تؤمن بها الأمة والتوافق المُجْتمعي عليها هو نقطة الارتكاز لعافية الأمَّة في كلِّ المجالات الحيويَّة؛ سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وافتقاد الأخلاق وانحطاطها مؤشِّر انهيار الأمة الذي لا شكَّ فيه؛ لأنَّ محصِّلة افتقاد الأخلاق الكريمة؛ مِن صدقٍ في المعاملة، وإتقانٍ في العمل، واحترامٍ للنظام، وأمانةٍ في الأداء، والاستثمار الأمثل للوقت، واحترام الإنسان، والتأكيد على حقوقه في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانيَّة، وتعهُّده بالتربية منذ طفولته الأولى، وتثقيفه وتربيته على مكارم الأخلاق، وطلب المعالي، والهمة العالية، وتعهُّدِه بالتوجيه السديد، والإعلام الرشيد...

 

أقول: إن مُحصلة افتقاد تلك القيم يؤدِّي حتمًا إلى شيوع الفساد الأخلاقي والسياسي والاجتماعي، الأمر الذي يترتَّب عليه انتشار الظُّلم والفساد، والانحطاط الأخلاقي، وافتقاد قِيَم الرحمة والتسامح، وشيوع الغشِّ في المعاملات، والقسوة في التعامل مع الضعيف، وقَصْر تطبيق القانون على المستضعَفين، واستثناء ذَوِي الجاه والنُّفوذ والسلطان، فيتحقق بذلك الهلاك المؤكَّد؛ بافتقاد تلك المنظومة من الأخلاق الكريمة.

 

وقد نبَّه إلى ذلك نبِيُّ الرحمة والإنسانية الكاملة، سيدنا محمَّدُ بن عبد الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندما قال: ((إنَّما أَهلك مَن كان قبلكم أنَّه كان إذا سرق فيهم الشَّريف ترَكوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ، فوالذي نفسي بيده لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقَت، لقطع محمدٌ يدَها))، وأكَّد الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - على ضرورة ارتكاز بناء الإنسان ونهضة الأمم على مَكارم الأخلاق والحُرِّية الإنسانيَّة، بل لفتنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أنَّ مكارم الأخلاق وبناء الإنسان هي رسالة الأنبياء والرُّسل - عليهم صلوات الله وسلامه - عندما قال: ((إنَّما بُعِثت لأتمِّم مكارم الأخلاق)) وعندما مدحه ربُّه وأثنى عليه، قال في حقِّه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].

 

• إنَّ الاهتمام بالبناء الأخلاقيِّ للإنسان وحُسْن تربيته، والاعتناء بتوجيهه وتثقيفه وتوعيته على مدى سني عُمره - يَكْفل للمجتمع والأمة تماسُكَ نسيجها، وتكافل أبنائها، وشيوع قيم الرَّحمة والمحبَّة والتسامح والتوادِّ بين أفراد المجتمع، ومِن ثَمَّ تنهض الأمة اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا، وتتبوَّأ مكانها تحت الشمس، ومكانتها بين الأمم القائدة المنتصرة والفاعلة في المجتمع الإنساني.

 

• إن التمسُّك بمكارم الأخلاق هو الركيزة التي نهضت بها أمةٌ من صحراء مكَّة وربوع المدينة عندما تعهَّدَها الله بخاتم رسالاته للإنسان، وأكمل شرائعه للحياة السَّعيدة، وأشرف وحي السَّماء إلى الأرض بقيادة نبويَّة ربَّانية عبقرية فذَّة، بهرَت العالَم والإنسانية في عبقريَّة تربية الأجيال، واكتشاف طاقاتهم الإيجابيَّة، وتوجيه نبوغهم وتفرُّدهم في المجالات التي برعوا وأبدعوا فيها.

 

فانطلق أتباع النبي الخاتَم، وسيِّد ولد آدم، وأشرف المرسلين إلى أرجاء الأرض، فتهاوَتْ أركان الحكومات الإمبراطوريَّة الطاغية المستبِدَّة الفاسدة، والتي نشرت الظُّلم والمفاسد الأخلاقيَّة، واستعبدت البشر، وورث الفاتحون الصالحون من أبناء الصحراء ميراث كسرى وقيصر في العراق وفارس ومصر والشام وآسيا وإفريقيَّة، وعبَروا إلى أوربا في أعظم انتشارٍ لأمَّة سعَت لتحرير الإنسان من براثن الفساد والطُّغيان واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان، مبشِّرين بعقيدة حرَّرت العقول من الشِّرك بالله، ومن ضيق الدُّنيا إلى سعة النعيم الأبدي للمؤمنين الصالحين في الآخرة، ومن جَوْر الأديان والأحبار والرهبان إلى عدل الإسلام ورحابة شريعته وعصمة كتابه.

 

• قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ... ﴾ [التوبة: 34]، وكانت قِيَم التوحيد الخالص والعدالة والحرية الإنسانية هي ركيزة الأمَّة الجديدة التي قدَّمت نماذج فذَّة في السياسة والقيادة العسكريَّة، والإصلاح الاجتماعيِّ وبناء الحضارة.

 

كما قدَّمت للبشرية أفذاذًا في العلوم والآداب لم تَشْهد البشرية لهم مثالاً، فخشع الكون لإبداعهم، وانحنت الإنسانيَّة إجلالاً واحترامًا لعبقريَّتِهم، ومن تلكم النماذج الصدِّيق أبو بكر، والفاروق عمر بن الخطاب في السياسة والقيادة والحكم بشهادة علماءَ أفذاذٍ من غير المسلمين من مؤرِّخي أوربا وأمريكا.

 

ورأينا معجزة الإسلام في الحكم الرَّشيد وقيادة الدولة التي شَمِلَت العالم القديم في قاراته الثلاث خامس الخلفاء الراشدين الخليفة عمر بن عبدالعزيز.

 

ورأينا قادةً عسكريِّين أفذاذًا أمثال خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن العاص، وعقبة بن نافع، وقُتَيبة بن مسلم، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، الأمر الذي جعل القائد الانكليزي "مونتجمري" الذي حقق النصر للحلفاء في الحرب العالميَّة الثانية يصرِّح - إجابةً على سؤال الصحفيين - عن سرِّ نجاحه وعبقريَّتِه الحربية أنه تعلَّم فنون الحرب من خالد بن الوليد.

 

ورأينا قادة ورُوَّادًا في العلوم والفقه والشريعة؛ كالإمام علي بن أبي طالب، وأبي الأسود الدؤلي، والخليل بن أحمد، وسيبويه، والأئمة الأربعة، وتلامذتهم في الفقه: أبي حنيفة، ومالك بن أنس، والشافعيِّ، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وابن حجر العسقلاني، والفخرِ الرازي، والقرطبي، والجاحظ، وابن قتيبة، وحماد بن إسماعيل الجوهري، وابن الهيثم، وجابر بن حيَّان، وابن رُشْد، وغيرهم عشرات، بل مئات أفرزَتْهم حضارة التوحيد، التي ارتكزت انطلاقتها وتمدُّدها على قوة الحق، وقوته الماضية:

 

إِنَّما الْحَقُّ قُوَّةٌ مِنْ قُوَى الدَّيْ
يَانِ، أَمْضَى مِنْ كُلِّ أَبْيَضَ هِنْدِي

كما عبَّر شاعر النيل في داليَّته الشهيرة "مصر تتحدث عن نفسها".

 

• إنَّها الأخلاق ومنظومة القيم التي تمثَّلَت في أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتجلَّت في أتباعه صدقًا وأمانة وعدالة وتواضُعًا وزهدًا في الدُّنيا، وتعفُّفًا عن المَحارم والمال العامِّ والخاص، وتسامُحًا مع المخالفين من الشُّعوب الأخرى والجماعات الإنسانيَّة المختلفة، والانتصار للشعوب المقهورة والمستعبَدة، ومساعدتها على التخلُّص من مستعبديها من الحُكَّام الطُّغاة والمستبدين، وإقامة العدل بين شعوبها، وتمكينها من الحياة الحُرَّة الكريمة، مع تأكيد حرية الاعتقاد؛ ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29].

 

وهذا ما بهر أحمد شوقي أمير الشِّعر والشُّعراء في العصر الحديث، ودفعه لإفراد القصائد الطِّوال التي صارت روائع خالدة في مديح الرَّسول الكريم، والثناء عليه؛ مثل قصيدته البائية التي مطلعها:

 

سَلُوا قَلْبِي غَدَاةَ سَلاَ وَتَابَا
لَعَلَّ عَلَى الْجَمَالِ لَهُ عِتَابَا

 

ومثل قصيدته الميميَّة "نهج البردة" التي مطلعها:

 

رِيمٌ عَلَى القَاعِ بَيْنَ البَانِ وَالعَلَمِ
أَحَلَّ سَفْكَ دَمِي فِي الأَشْهُرِ الْحُرُمِ

 

ومثل قصيدته الهمزية التي مطلعها:

 

وُلِدَ الْهُدَى فَالكَائِنَاتُ ضِيَاءُ
وَفَمُ الزَّمَانِ تَبَسُّمٌ وَثَنَاءُ

 

والتي يخاطب فيها الرسول، ويعدِّد مكارم أخلاقه، فيقول:

 

بِكَ بَشَّرَ اللهُ السَّمَاءَ فَزُيِّنَتْ
وَتَضَوَّعَتْ مِسْكًا بِكَ الغَبْرَاءُ
أَثْنَى الْمَسِيحُ عَلَيْهِ خَلْفَ سَمَائِهِ
وَتَهَلَّلَتْ وَاهْتَزَّتِ العَذْرَاءُ
بِسِوَى الأَمَانَةِ فِي الصِّبَا وَالصِّدْقِ لَمْ
يَعْرِفْهُ أَهْلُ الصِّدْقِ وَالأُمَنَاءُ
يَا مَنْ لَهُ الأَخْلاَقُ مَا تَهْوَى العُلاَ
مِنْهَا وَمَا يَتَعَشَّقُ الكُبَرَاءُ
زَانَتْكَ فِي الْخُلُقِ العَظِيمِ شَمَائِلٌ
يُغْرَى بِهِنَّ وَيُولَعُ الكُرَمَاءُ
فَإِذَا سَخَوْتَ بَلَغْتَ بِالْجُودِ الْمَدَى
وَفَعَلْتَ مَا لاَ تَفْعَلُ الأَنْوَاءُ
وَإِذَا عَفَوْتَ فَقَادِرًا وَمقدرا
لاَ يَسْتَهِينُ بِعَفْوِك َالْجُهَلاءُ
وَإِذَا رَحِمْتَ فَأَنْتَ أُمٌّ أَوْ أَبٌ
هَذَانِ فِي الدُّنْيَا هُمَا الرُّحَمَاءُ
وَإِذَا غَضِبْتَ فَإِنَّمَا هِيَ غَضْبَةٌ
فِي الْحَقِّ لاَ ضِغْنٌ وَلاَ بَغْضَاءُ
وَإِذَا رَضِيتَ فَذَاكَ فِي مَرْضَاتِهِ
وَرِضَا الكَثِيرِ تَحَلُّمٌ وَرِيَاءُ
وَإِذَا قَضَيْتَ فَلاَ ارْتِيَابَ، كَأَنَّمَا
جَاءَ الْخُصُومَ مِنَ السَّمَاءِ قَضَاءُ
وَإِذَا أَخَذْتَ العَهْدَ أَوْ أَعْطَيْتَهُ
فَجَمِيعُ عَهْدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفَاءُ

 

• وتبقى المنظومة الأخلاقيَّة المستمَدَّة من شرائع الرسالات السماويَّة، وهَدْي الرسل والأنبياء، هي التي تكفل الحياة السعيدة للجنس البشريِّ في دنياه وأخراه، وأيَّة منظومة أخلاقية تستند إلى الفكر البشري والتفكير الفلسفي تبقى ناقصة لا تفي بحاجات الحياة الإنسانيَّة الكاملة، ولا تحقِّق للإنسان التوازن الفطريَّ بين حاجات الجسم وأشواق الرُّوح، وبين الاستخدام الأمثل للعقل البشريِّ واليقين الكامل بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسلِه واليوم الآخر.

 

• وكم من فلسفاتٍ وأفكار بشريَّة جَنَتْ على الفطرة الإنسانيَّة، وأشْقَت البشرية، وأنزلت أفدح الخسائر في الجنس البشري؛ لأنَّها انطلقَتْ من المادَّة، وكَرَّستْ قيم التفكير المادِّي التي تسعى لإشباع غرائز الإنسان المادِّية، كما رأينا في الفلسفات الماديَّة - كالماركسية والوجوديَّة - المُلْحِدة، والشَّطط في العقائد السياسيَّة؛ مثل التوجُّهات الفاشية في إيطاليا، والنازيَّة في ألمانيا، والصِّهيونية في فلسطين السليبة، والفصل العنصري في جنوب إفريقيا سابقًا.

 

• بَلَغَ[1] شاعِرَنا الفيلسوف الدكتور "محمد إقبال" أنَّ أحد أصدقائه القرشيِّين مَفْتونٌ بالفلسفة، وقد أثرَتْ فيه تأثيرًا كبيرًا حتى زلزلَتْ عقائده زلزالاً شديدًا، فكتب إليه يقول في إحدى قصائده فيما معناه بالعربية: "أنا رجل - كما تعرف - أرجع في أصلي إلى (سومنات) المعبد الوثني المعروف في الهند، وكان آبائي من عُبَّاد اللاَّت ومَنَاةَ، وأن أسرتي عريقة في البرهميَّة (نسبة إلى طبقة البراهمة عند الهنود)، وأنتَ تجري في عروقك دماء الهاشميِّين، وتنتمي إلى سيِّد الأولين والآخرين، وقد امتزجت الفلسفة بلحمي ودمي، وجرَتْ مني مجرى الرُّوح، ورغم ذلك كله فإني أقول: إن الحكمة الفلسفيَّة ليست إلا حجابًا للحقيقة، وإنها لا تزيد صاحبها إلا بُعْدًا عن صميم الحياة، وإن بحوثها وتدقيقاتها تقضي على روح العمل، هذا "هيجل" الذي تبالغ في تقديره إن صدَفته خالية من اللؤلؤ، وإن نظامه ليس إلا وَهْمًا من الأوهام، لقد انطفأت شعلة القلب في حياتك أيها السيِّد، وفقدت شخصيتك، فأصبحت أسيرًا لـ"برجسون".

 

إنَّ البشرية تريد أن تعلم كيف تُتْقِنُ حياتها؟ وكيف تُخلِّد شخصيتها؟ إنَّ بني آدم يطلبون الثبات، ويطلبون دستورًا للحياة، ولكن الفلسفة لا تُساعدهم على ذلك، إن المؤمن إذا نادى الآفاق بأذانه، أشرق العالَم، واستيقظ الكون، إنَّ الدين هو الذي يُنظِّم الحياة، وإنه لا يُكتسب إلا من إبراهيم ومحمد - عليهما الصلاة السلام - ومن الغريب أنَّ من اقتنص أشعة الشمس لم يعرف كيف ينير لَيْلَهُ؟ وأن مَنْ بحث عن مسالك النُّجوم لم يستطع أن يسافر في بيداء أفكاره!



[1] انظر "مع إقبال - شاعر الوحدة الإسلامية" ص /32 - 33، للكاتب (مكتبة: النور بروكسي مصر الجديدة بمصر) الطبعة الأولى (1405 هـ - 1986 م).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مفهوم وعلم الأخلاق
  • الأخلاق .. بين الجاهلية والألفية الثالثة
  • لبرلة الأخلاق
  • إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
  • المعلقات الخمس (حوار نفسي)
  • عوامل نجاح الأمم.. في الدنيا والآخرة

مختارات من الشبكة

  • بقاء الأمم في إصلاح الأخلاق وتطبيق العقوبات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بالعلم تنهض الأمم وتواجه العقبات(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأخلاق ودورها في البناء الحضاري للأمم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أزمة القدوات والإعلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدرس الحادي عشر: أسباب هلاك الأمم(مقالة - ملفات خاصة)
  • قراءات اقتصادية (51) المعرفة وثروة الأمم قصة اكتشاف اقتصادي(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • خطبة: فضل أمة الإسلام على سائر الأمم عامة، وعلى بني إسرائيل خاصة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • داء الأمم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نبي الله داود عليه السلام أنموذجا لبناء قوة الأمم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام رفع الإصر والأغلال التي كانت على من قبلنا من الأمم(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
10- شكر وتقدير
عبداللطيف الجوهري - مصر 17-04-2017 12:16 AM

لأخي الأديب الباحث الأستاذ عبدالحفيظ العمري سلام الله عليكم وأشكر لكم اهتمامكم وحرصكم على استبيان الحقيقة والوصول إليها، وكما ذكرت في توضيح سابق ، أن الشطر الأول تناص للشاعرين شوقي وحافظ أما بقية البيت بالنص الشهير الوارد في صدر الدراسة فهو لحافظ، بدليل أنكم لم تعثروا على البيت كاملا فيما هو منسي ومجهول لأمير الشعراء ، عاطر شكري ومودتي وتقديري لشخصكم الكريم ، وللأعزاء في موقعنا الألوكة: الجامع والجامعة.

9- البيت الشعري: وَإِنَّما الأُمَمُ الأَخلاقُ ما بَقِيَت...فَإنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخلاقُهُمْ ؛ ذَهَبُوا
عبدالحفيظ العمري 15-04-2017 04:22 PM

صحيح أن البيت الشعري ليس موجودا في الشوقيات ولا المسرحيات

لكنه لشوقي!

كيف ذلك؟

البيت موجود في (الشوقيات المجهولة) آثار شوقي التي لم يسبق كشفها او نشرها

جمعها محمد صبري السربوني وطبعتها دار المسيرة اللبنانية عام 1978م

وصدر البيت الشعري ضمنه أحمد شوقي في قصيدة له في الشوقيات بعنوان (استقبال)

مطلعها:

يا راكبَ الريحِ راكِبَ الريحِ حَيِّ النيلَ وَالهَرَما... وَعَظِّمِ السَفحَ مِن سيناءَ وَالحَرَما

وفيها يقول:

وَإِنَّما الأُمَمُ الأَخلاقُ ما بَقِيَت... فَإِن تَوَلَّت مَضَوا في إِثرِها قُدُما

8- شكري وتقديري
عبداللطيف الجوهري - مصر 02-03-2014 10:35 PM

شكري وتقديري للعزيزة الأديبة سلمى الفارسي لقراءتها الواعية ونبوغها الباكر وذائقتها العالية ومعذرة لتأخري في الرد عليها لبضعة أشهر ؛ لأني لم أنتبه للتعليق إلا مساء اليوم.

7- شكرا
salma el farissi - maroc 01-10-2013 11:59 PM

شكرا لك ياسيدي على هدا المقال الرائع الذي أثار اهتمامي كثيرا وأنا لا أزال في السنة الثانية إعدادي وقد استفدت منه كثيرا لأني أهتم بالشعر ومضامينه التي أشغل تفكيري بقرائتها وأنا ممتنة على هذا العمل الذي ستلقى من خلاله نجاحا كبيرا وشكرا جزيلا لك

6- أفدني أفادك الله
عبداللطيف الجوهري - مصر 17-03-2013 04:16 AM

الأخ الأستاذ على يتون من مصر الجميلة الطيبة ، شكرا لمتابعتك وبخصوص البيت " وإنما الأمم الأخلاق ..." سبق وأن رددت على تعقيب أحد القراء المتابعين فإن ساعدتنا بذكر موضع البيت في شعر شوقي ومطلع القصيدة التي تضمنه وفي أي جزء أو في أي باب من الشوقيات كنت لكم من الشاكرين ، وتقبل تحياتي .

5- ليس لشاعر النيل (حافظ ابراهيم)
على ويتون - مصر 16-03-2013 04:26 AM

البيت ليس لشاعر النيل (حافظ ابراهيم) وإنما لأمير الشعاراء أحمد بك شوقي

4- شكرا حفيد صلاح الدين
عبداللطيف الجوهري - مصر 15-04-2012 08:27 AM

شكرا معطرا بأريج المودة والإيمان لأخي حفيد الناصر صلاح الدين الأستاذ شيركو كمال، وأثمن لك مرورك وقراءتك وتقديرك، ونسألكم الدعاء .

3- القائل حافظ إبراهيم
عبداللطيف الجوهري 15-04-2012 08:15 AM

الشائع أخي الكريم الأستاذ عبدالله أنه لشوقي والبيت يشتمل على شطرمشترك وهو " فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا "ولقد بحثت في هذا طويلا ورجعت إلى أجزاء "الشوقيات" فلم أجد البيت في شعر شوقي، فإن كان لديك جديد دلني عليه ولك أعطر تحياتي.

2- القائل أحمد شوقي , ليس حافظ ابراهيم
عبدالله 09-04-2012 11:16 AM

وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا

القائل احمد شوقي , ليس حافظ ابراهيم

1- شكرا
شيركو كمال - العراق / كردستان 08-04-2012 09:34 PM

جزاك الله ألف خير أخى العزيز عبدالطيف على هذه المحاضرة الجيدة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب