• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

حدود الله بين القائم عليها والواقع فيها

خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/11/2010 ميلادي - 13/12/1431 هجري

الزيارات: 28847

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سفن كثيرة، سفينة الحياة، وسفينة النجاة، سفينة الحاجِّين لبيت الله، وسفينة الدُّعاة، سفينة القائمين على حدود الله، التي تحدَّث عنها رسول الله: ((مثَلُ القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثَل قوم استَهَموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استَقَوا من الماء مرُّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقًا، ولم نُؤذِ مَن فوقنا، فإن ترَكُوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجَوا، ونجَوْا جميعًا))؛ رواه البخاري.

 

الذين في أعلى السفينة:

سُلِبت حقوقهم فما تحرَّكوا، ضُرِبت أصولهم فما دافعوا، جُرحت أجسادهم فما تألَّموا! أو تألَّموا وما تأوَّهوا، أو تأوَّهوا وما سُمِعوا، إنهم في سُبَات عميق، لا يشاهدون نارًا وإن أُضرمت أمامهم، ولا يشتمُّون دخانًا وإن تصاعد من حولهم، ولا يشعرون بحريق وإن أوْدَى بحياتهم، غابوا أو غُيِّبوا، ناموا أو نوِّموا، تاهوا أو توِّهوا، إنهم في غفلة ساهون، وفي غيِّهم سادرون، لا يشعرون بأحد، ولا يَشعر بهم أحد، فهل على حقوقهم يحافظون؟! لا يتحمَّلون النظرات أو الكلمات أو حتى المرور بالقربات، لكنَّهم يتلَقَّون كل يوم سرقات وضربات وخروقات، فتَرَكوا يد السارق تَسرِق، وتركوا يد الضارب تضرب، وترَكوا آلة الخارق تخرق، ولو ظَلُّوا كذلك لذهبوا، وتلاشوا، وغرقوا وهلكوا جميعًا.

 

الذين هم في أسفل السفينة:

مُستغِلُّون وانتهازيُّون، مصالحهم تُحفَظ أوَّلاً! وخزائنهم تُملأ أوَّلاً! يأكلون مِلْء بطونهم، وينامون ملْءَ جفونهم، ويضحكون ملْء أفواههم، ومِن حولهم البطون تَعْوِي، والأجساد تتعرَّى، والقلوب تحترق، لا يُعطون الناس حُقوقهم بل يأكلونها، لا يرفعون عن كواهل الفقراء، إنما يستغلُّونها، لا يحافظون على السفينة إنما يَخْرِقونها، كل يوم يخرقون خرقًا، فتدافعت من هذه الخروق أمراض فتَّاكة، وقِيَم هدَّامة، وأسعار مُلتَهبة، وبضاعة مغشوشة، بل مسمومة قاتلة.

 

شبَّه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - حالة المُحافِظ على حدود الله، القائم عليها، ومنها الأمْر بالمعروف والنَّهْي عن المنكر، والذي يقع في الذنوب، أو لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، بقَوْمٍ اقتسَمُوا سفينة، سكَنوها بطريق القرعة، فأصاب بعضُهم أعلاها وبعضهم أسفلَها، فكان الأسفلون إذا أرادوا ماءً مَرُّوا على مَن فوقهم، فيتأذَّى سُكَّان العلو من الخروج.

 

وأحسَّ سُكَّان الأسفل بأذَاهم ورغبوا في تفاديه، ففكَّروا تفكيرًا عقيمًا سقيمًا، تفكيرًا مدمِّرًا مخرِّبًا؛ فَكَّروا لو أنهم خرقوا السفينة من الأسفل لاستطاعوا أن يحصلوا على الماء دون إلحاق الأذى بإخوانهم سكَّان العلو، وما خطَر ببالهم أن ذلك الخَرْق مهما صَغُر كفيل بإغراق السفينة وإهلاك الجميع.

 

وبدَؤُوا في إخراج مشروعهم إلى عالم الوجود، فأخذ أحَدُهم بفأسه، وشرع يَنقر، وسمعه الأعْلَون فنَزَلوا، فقالوا: ما لك؟ قال: تأذَّيتُم بنا في المرور عليكم، ولا بُدَّ لنا من ماء، فإن ترَكُوه يخرق هلَكوا جميعًا، وإن منعوه نجَوْا، ونجوا جميعًا.

 

وهكذا من يقيم حدود الله - عزَّ وجلَّ - تحصل له ولغيره النجاة، وأما من يُهملها أو يقع فيها فله الهلاك؛ للعاصي بمعصيته، وللساكت بسكوته، وللرَّاضي عن هذا الوضع المؤلِم برِضاه.

 

ركاب السفينة:

• القائم على حدود الله: هو المتَمَسِّك بما أمر به الله - عزَّ وجلَّ - أو الحريص على تنفيذ حدود الله، والملتَزِم بتطبيق شريعة الله، العالِم بما أمَر الله - عزَّ وجلَّ - وبما نهَى الله عنه، الذي يُنكِر ما حرم الله، والذي يأمر بالمعروف ويَنهى عن المنكر.

 

• أما الواقع فيها: فهو مَن يقع في أيِّ شيء من هذه المحرَّمات أو المنْكَرات.

 

• والسلبي: هو الذي لا دور له حينما يجد القائم على حدود الله يَنهى، والواقع في حدود الله يَقع، ثم يقول لذلك الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر: دَعْه؛ فإنَّما هذه حرِّية شخصية، أو إنما يخرق مكانه، كما قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

كن كالماء الجاري وأنت تشارك في حفظ سفينة الأمة:

وسفينة الأُمَّة لا زالت تُبْحِر ما توقَّفَت، فعلى العالِم الفاهم أن يُنقِذ الغافل الجاهل، وعلى الصاحي اليقْظان أن ينقِذَ الهائم النَّائم، وعلى الذَّاتي الإيجابي أن يُنقذ الساكن السلبي، وعلى الجميع أن يُدرِكوا أنَّ الماء الجاري طاهر في نفسه مطهِّر لغيره، أما الماء الراكد فسرْعان ما يعتريه التَّلَف والرائحة الكريهة، فيتحوَّل فاسدًا في نفسه مفْسِدًا لغيره.

 

القائمون على حدود الله كالماء الجاري، ينقذون السفينة بمن فيها، هم أوَّلاً، وغيرهم من الواقعين والسلبيِّين ثانيًا؛ ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الأنفال: 25].

 

ولهذا كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول كما في حديث أبي سعيد الخدري عند التِّرمذي: ((ألاَ لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقولَ بحقٍّ إذا عَلِمه)) فبكى أبو سعيد، فقال: قد والله رَأَينا أشياء فهِبْنا.

 

بل يقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذا الحديث في رواية أحمد والطبراني في "الأوسط": ((ألا لا يمنعن أحدَكم رهبةُ النَّاس أن يقول بحق إذا رآه أو شَهِده؛ فإنَّه لا يُقَرِّب من أجَل، ولا يباعد من رِزْق أن يقول بحق، أو يذكِّر بعظيم)).

 

هذا فيما إذا لم يخشَ الإنسان على نفسه، إذا تعرَّض لِسَطوة ظالم لا يستطيع دَفْعها، أو يخشى حصول ضرَر أكبر!

 

وكان عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - يقول: "إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - لا يعذِّب العامَّة بذنْب الخاصَّة، ولكن إذا فُعل المنكر جهارًا، استحَقُّوا العقوبة كلُّهم".

 

ومنَ النُّصح ومن النَّجاة نُصْرة الأخ لأخيه، كما قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أنسٍ - رضي الله عنه - قالَ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قالوا: يا رسول الله، ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: ((تأخذ فوق يديه)).

 

عندما نغيِّر إلى الأفضل، فنَأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، ونواجِه الفساد، عندها نمنع الظَّالم من الظُّلم، وحين نأخذ على يده ننصره بذلك على نفسه.

 

سلبيُّون لا يَعلمون أنهم سلبيون:

أمَّا السلبيون الذين يَرَون أنهم متى صَلَّوا وصاموا وذكَروا الله كثيرًا، فقد أدَّوْا ما عليهم ولا شأن لهم بإصلاح الفساد المتغلْغِل مِن حولهم، أو تقويم العِوَج الحاصل أمامهم، أو الأمر والنهي أو المشاركة في عمليَّة التغْيير لمجتمعهم نحو الأفضل، فهؤلاء قد جَهِلوا فَهْم حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - للأسف، ذهَبَت المروءة وحضرت الميُوعة، تضارَبَت القِيَم، فأصبح عند هؤلاء العرْي تحضُّرًا، والخلاعة فنًّا، ، والإتاوة أجْرًا، والالتزام بالدِّين إرهابًا، والبحث عن الحقِّ تَهَوُّرًا، خانهم التوفيق، فلم يعرفوا أنَّ الحركة أفْضل من السكون، والإيجابية أحلى من السلبية، والنهوض أفضل من القعود، والانتشار أحسن من الانحسار والانكسار، والنُّصح والإرشاد أنبل من التخاذل والإفساد؛ عن أبي هريرة قال: مرَّ رجلٌ من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بشعب فيه عُيَينة مِن ماء عذْبة، فأعجبَتْه؛ لطِيبها، فقال: لو اعتزلْتُ الناس فأقمت في هذا الشِّعب، ولن أفعل حتَّى أستأذن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فذكَر ذلك لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((لا تفعل؛ فإنَّ مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عامًا، ألاَ تحبُّون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ اغْزُوا في سبيل الله، مَن قاتل في سبيل الله فَوَاق ناقة وجبَتْ له الجنة))؛ قال أبو عيسى: هذا حديث حسَن.

 

متى يُتَودَّع منَ الأمة:

أخرج أحمد والحاكم وصحَّحه هو والذَّهبي عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - سمعت رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَقُولُ: ((إذا رأيتَ أمَّتي تهَاب الظَّالم أن تقول له: إنَّك ظالم، فقد تُوُدِّع منهم))؛ أيْ: استُرِيح منها، وخُذلت الأمة، وتلاشت وذهبت منها القوامة في الأرض عندما هابت الظالم...!

 

هذه قصَّة رآها بعض الصحابة في الحبشة، وحكوها لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقد أخرج البيهقي عن بُرَيْدَة - رضي الله عنه - قَالَ: قال لما قَدِم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة لَقِيه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((حدِّثْني بأعجَب شيء رأيتَه بأرض الحبَشة))، قال: مرَّت امرأة على رأسها مكْتل فيه طعام، فمرَّ بها رجل على فرس، فأصابها، فرمَى بها، فجعَلَت تنظر إليه، وهي تُعِيده في مكْتَلها وهي تقول: ويل لكَ من يوم يضَعُ الملِكُ كرسيَّه، فيأخذ للمظْلوم من الظَّالم، فضحك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى بدَتْ نواجِذُه، فقال: ((كيف يقدِّس الله أُمَّة لا يُؤْخَذ لضعيفها من شديدها حقه، وهو غير متعتع))؟!

 

ما أكثر الحقوق المنهوبة! وما أكثر الناس المنهوبة! فُرِضت عليهم قيود؛ حتَّى لا يطالِبُوا بحقوقهم، فضلاً عن أن يتتعْتَعوا!

 

وفي حديث أَبِي سَعِيدٍ الخدري - رضي الله عنه - عند ابن ماجه: ((إنَّه لا قُدِّستْ أمَّة لا يأخذ الضعيفُ فيها حقَّه غير متعتع))، ومعنى "غير متعتع"؛ أي: من غير أن يصيب هذا الضعيفَ أذًى يُضْعِفه أو يزعجه؛ لأنَّ التعتعة هي الترَدُّد.

 

فإذا كانت الأمةُ كما يقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يُؤخَذ فيها الحقُّ للضعيف من القوي، وإذا كانت لا يؤخَذ الحق فيها للمظلوم من الظالم، من غير أن يتعرَّض المظلوم للأذى، فهي أمَّة لا قوامة لها على وجه الأرض، ولا مكان لها على خريطة العالَم المتحضِّر.

 

أقوام فقدوا الأهلية؛ لِمَا جنَتْ أيديهم في جنب الله:

وقد حكَى الله - تبارك وتعالى - عن قوم صالح أنَّه أخذَهم جميعًا بسبب فساد تِسْعة منهم، وسكُوت الباقين، فقال: ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [النمل: 48]، كم فينا من مفسد ونحن ننظر! وكم فينا مِن ناهبين ونحن لا نبالي! إذا كان الله - تبارك وتعالى - يعلِّمنا أنه أخَذ الأُمَّة بسبب تسعة من الرهط؛ لأنَّهم يفسدون في الأرض ولا يُصلحون، فإنه ينذِرُنا إذا كَثُر الفساد فينا، ولم نقم بواجب الإصلاح، ولم نَسْع إلى التغيير، ولم نتحرَّك إلى الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو سبب خيريَّة الأُمَّة وأفضليتها: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110] ، وإلاَّ انتُزِعت الخيرية، وتلاشت الأفضلية، وغاصت الأمَّة في وحْلها وفسقها وعقابها.

 

((إنَّ الناس إذا رأَوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشَكَ أن يعُمَّهم الله بعقاب))؛ رواه أبو داود والترمذي، انظر إلى عقاب بني إسرائيل، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ أوَّل ما دخَل النَّقص في بني إسرائيل أنه كان الرجل يَلْقى الرجل فيقول: "يا هذا، اتَّق الله ودَعْ ما تصنع؛ فإنه لا يحِلُّ لك"، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك من أن يكون أَكِيلَه وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرَب الله قلوب بعضهم ببعض))، ثم قال: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78 - 79] إلى قوله ﴿ فَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 81] ، ثم قال: ((كلاَّ والله لتأمُرُنَّ بالمعروف، ولتنْهَوُنَّ عن المنكر، ولتأخذُنَّ على يد الظالم، ولتَأْطرُنَّه على الحقِّ أطْرًا، ولتقصرُنَّه على الحقِّ قصْرًا، أو لَيضرِبَنَّ الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنَنَّكم كما لعنَهم))؛ رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسَن.

 

بحَّارة مهرة في القيادة:

الإسلام أنجب بحَّارة مهَرَة، حمَوا السفينة من الغرق، وأرسوها لنا في شاطِئ الأمن والأمان؛ لنستقِلَّها، فماذا نحن فاعلون؟! فقط على سبيل المثال لا الحصر:

• أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - لمَّا وَلِي الخلافة: قام أبو بكر فحَمِد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله، ثم قال: "أما بعد، أيُّها الناس، فإنِّي قد وُلِّيت عليكم ولست بخيركم، فإنْ أحسنتُ فأعينوني، وإن أسَأْت فقوِّموني، الصِّدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوِي عندي حتى أُرجع عليه حقَّه - إن شاء الله - والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه - إن شاء الله - لا يدَعُ قومٌ الجهادَ في سبيل الله إلاَّ خذلهم الله بالذُّلِّ، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمَّهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطَعْتُ الله ورسوله، فإذا عصيتُ الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله"؛ "البداية والنهاية" (6/301).

 

• الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول : لو عثَرَت بغْلة في العراق لسَأَلني الله - تعالى - عنها: "لِمَ لم تمهِّد لها الطريق يا عُمَر؟"، وهو الذي ترجم القولة المشهورة "حكمْتَ فعدَلْت، فأَمِنت فنِمْت فسَلِمت، يا عُمر"، اعتزَّ بالإسلام: "كنا أذلاَّء فأعزَّنا الله بالإسلام، ولو ابتغينا العِزَّة في غير الإسلام أذلَّنا الله"، مهَّد طريق السفينة بالعدل، فأبحرت في أمْن وأمان؛ ولهذا: كنَّا أعظم أهل الأرض وقْتَها.

 

• عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - دخلَتْ عليه زوجته فاطمة وهو يبكي، فسألته عن سرِّ بكائه، فقال: "إني تقَلَّدْتُ (توليت) من أمر أمَّة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - أسوَدَها وأحمرَها، فتفكَّرْتُ في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري والمجهود، والمظلوم المقْهور، والغريب والأَسِير، والشيخ الكبير، وذوي العيال الكثيرة، والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمتُ أن ربِّي سائلي عنهم يوم القيامة، فخشيتُ ألاَّ تَثبتَ لي حُجَّة، فبكيتُ".

 

لكن كيف للسفينة أن تُبْحِر في أمان الآن، والجوع يَعْبث ببطون البشر، فضاعت معه المبادئ والأعراف والقِيَم، وضاع معه أحيانًا الشَّرف والعِزَّة والكرامة، إنَّ الجوع فتنة تقود الناس إلى إراقة ماء وجوههم، وبيع ذِمَمهم، وانتِهاك أعراضهم، وهو بريدٌ إلى النِّفاق والكفر والضلال وشهادة الزور، والعياذ بالله، ولذلك الأمان من الخوف مقْترن بِسَدِّ الجوع لبلوغ حياة كريمة آمنة؛ ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 4].

 

لكن في المقابل يعيش أناس آخرون من بني جلدتهم في قمَّة الرفاهية والبذخ، وليس هناك مقارنة بين الفئتين أو بين الهوَّة المتباعِدة بينهما.

 

• السلطان عبدالحميد الثاني: "لن يَستطيعوا أخذ فلسطين إلاَّ عند تشريح جُثَّتي، وساعتَها يأخذونها بلا ثمن، أما وأنا على قيْد الحياة فلا"، مَن هذا الذي يريد الحفاظ على الأرض مِن الاعتداء؟ ولمن كان يقول هذا الكلام المؤثِّر؟ كان يقول تلك المقولة لـ"تيودور هرتزل" زعيم اليهود الذي أراد شراء أرض فلسطين بالمال، ولكنَّ السلطان عبدالحميد الثاني لقَّنه درسًا في العزة والكرامة، ولا زال أحفاده المجاهدون على أرض الرِّباط في فلسطين على العهد والوعد، لا يستسلمون ولا يتردَّدون، ولا يستقيلون، لا يبيعون ولا يفرِّطون.

 

إذًا مَن يقود السفينة الآن ويحميها من السقوط والغرَق؟!

المرابطون خلف الثغور، كل الثغور، في الغِنَى والفقر، في القوَّة والضعف، في الصِّحة والمرض، في اليسْر والعسر، في السرَّاء والضرَّاء، في القيادة والجنديَّة، يواجهون الصدود، ويفتحون السدود، يحفظون العهود، ويقيمون الحدود، يعملون المزيد، من أجل يوم الخلود حيث يُؤذَن لهم: ﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 34 - 35].

 

أين؟! هناك ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54 - 55].

 

فهل أنت من هؤلاء أخي القارئ الحبيب؟! إن لم تكن منهم فاجتهد أن تكون معهم، ((احرِص على ما ينفعك، واستَعِن بالله ولا تَعجز))؛ (حسَن) الألباني، والله معك، يُعِينك ويحفظك ويرعاك، ويسدِّد خطاك.

 

اللهم سدِّد خُطَانا إليك، شرِّفنا بالعمل لدِينك، ووفِّقنا إلى الجهاد في سبيلك، وامنحنا التقوى، واهْدِنا السبيل، وارزقنا الإلهام والرشاد، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، ولا تجعل الدنيا أكبر همِّنا ولا مبلغ عِلْمنا، وصلِّ اللهم على سيِّدنا محمد، وعلى آله وصحْبه وسلِّم، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المسؤولية الجماعية في الإسلام
  • حدود مع وقف التنفيذ
  • حديث: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها
  • حدود الله تعالى وحرماته

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث النعمان بن بشير: مثل القائم في حدود الله والواقع فيها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • من حدود الإسلام: حد السرقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حدود الإسلام: حد الخمر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حدود الإسلام: حد الردة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حدود العلاقة بين الأخ وأخته(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • ما حدود العلاقة بين الزوجين أمام الأبناء؟(استشارة - الاستشارات)
  • حدود الإسلام تقيم التوازن بين الفرد والمجتمع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثورة البيولوجية بين حدود الشرع وجنوح العلم(مقالة - موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة)
  • ما حدود العلاقة بين الطالبة والمعلم؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)

 


تعليقات الزوار
1- يا ليت قومي يعلمون
أبو أنس عبدالوهاب - مصر 26-11-2010 09:15 PM

آه لو يفهم الناس هذه الكلمات آه لو علم الناس هذه الكلمات وعملوا بها لكان الكون كله في سعادة يا ليت قومي يعلمون أنهم بسلبيتهم يهدمون وبتثبيطهم الهمم يهدمون فيقول الاب لابنه( يا بني خلينا في حالنا احن مش قدهم) فلقد لعن الله أصحاب السبت لجرمهم وسلبية كثير منهم وكانو لا يتناهون عن المنكر فيري الرجل أخاه علي المعصية ولا يمنعه هذا أن يكون أكيله وشريبه وجليسه فقال الله عز وجل فيهم{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} (47) سورة النساء
{واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ(163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) }
{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (78) سورة المائدة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب