• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الجهل الرقمي كفجوة بين الأجيال: حين لا يفهم ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التعلق المرضي ليس حبا، فكيف لنا أن نفرق بين الحب، ...
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    عين على الحياة
    د. خالد النجار
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإسلام يحافظ على الكيان الأُسري
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الثالثة عشرة: التسامح
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تربية الأبناء في عصر "الشاشة" كيف نربي طفلا لا ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تطوعي نجاحي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أبناء / مراهقون
علامة باركود

رسائل الغرباء

الشيخ حسين شعبان وهدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/11/2010 ميلادي - 3/12/1431 هجري

الزيارات: 13653

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إليكَ يَا أخِي

يا دُرَّةً في جبين السائرين.

ويا أملَ الهِدايةِ فِي دُنْيا الحائرين.

ويا عائدًا إلى الله بعدما يفنى زمانك.

ويأتي الفراق، فعشت الغربة مرتين.

هذه كرائم الأماني تزف إليك.

فتقَبَّلها بقَبول يُنبئ أنك حقًّا من المسلمين.

 

♦ ♦ ♦ ♦

 

أَوْلادُنَا في الْغُرْبَة:

ترسو على شواطئ الغربة سفائنُ الحياة على قَدرٍ مَوعودٍ؛ بَحثًا عن الأرزاق التي تفي بمطالب الأبدان.

 

وتَنعم الأرواح حِينًا، وتشقى أحيانًا بنعيم ولهيب الأشواق إلى الأوطان.

 

وتَمضي الرِّحالُ بالغرباء على قافلة السلامة أو العطب، أو العطاء أو الحرمان.

 

يربح المهاجرون خُلوفَ الأموال، ويَتفيَّؤون ظلالَ المباهج الزَّائلة، لكن رُبَّما تكون خسارتهم في رحلتهم - التي كانت - لا تُقَدَّر بفَقْدِ الأموال كُلِّها إن ضاع منهم دينُهم، أو تاه أولادهم، أو تغربت منهم بناتهم.

 

لأَنَّ الإسلامَ العظيم علَّمنا أنَّ الذرية نعمةٌ مباركةٌ من الله - تعالى - لا يَجوز إهمالُها، ولا التفريط فيها، بل تستحِقُّ تواصُل الشكر لواهب النِّعم؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [النحل: 72]، ووصف القرآن الكريم البنين بأنَّهم زينة الدُّنيا وبهجتها حين قال: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46].

 

ومن طبيعة الإنسان أنَّه يسعد كثيرًا بأولاده وبناته حينما يراهم يُكملُون مشواره، ويسيرون على دربه، ويَحملون اسمه، فيكونون امتدادًا طبيعيًّا له بعد وفاته.

 

لذا فاهتمامُ الوالدين بأولادهما لا حدودَ له، وقد أجاد حطان بن المُعَلَّى حين قال:

وَإِنَّمَا أَوْلاَدُنَا بَيْنَنَا
أَكْبَادُنَا تَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ
لَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ عَلَى بَعْضِهِمْ
لاَمْتَنَعَتْ عَيْنِي عَنِ الْغَمْضِ

 

هذه منزلةُ الأولاد بالفطرة، وهم في مَنظور الإسلام - كذلك - رزقٌ وهبةٌ من الله الوهَّاب؛ قال الله - تعالى -: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ [الشورى: 49].

 

مسؤوليةٌ عُظْمَى:

وقد أوجب الإسلامُ على الآباء والأُمَّهات ضرورةَ الاهتمام الدائم بالأولاد، وحُسْن تربيتهم على العموم، وتَزداد الأهميةُ القُصوى بالتربية والتَّأديب، والحفاظ عليهم في بلاد الغربة؛ كي ينشؤوا على هُدى الإسلام وأحكامه، بدلاً من أنْ تُغيرهم الأيام شيئًا فشيئًا، حتى يتحولوا عن الإسلام ذاتِه في الجيل الثاني، إن لم يكن في الجيل الأول بعد الاغتراب.

 

والأمانة ثقيلة، وأرض الواقع حافلةٌ بالأمثلة الواقعيَّة التي يراها أهلُ الغربة في مُجتمعاتهم التي يعيشون فيها من ضياع الأولاد والبنات، وانجرافهم مع هذه المجتمعات في تقليدٍ أعمى بلا تعقُّلٍ؛ وذلك لأَنَّ الوالديْن قد قطعا الروابط التي تربط الأولادَ بجذورهم، فلم يَعُدْ لَهم ارتباطٌ بدينهم، ولا لغتهم الأصيلة، ولا بوطنهم الأم، فانحدرتِ القيمُ، وضاعت الأخلاق.

 

القدوةُ السَّيئَةُ:

وأصبحت الصورة العامة للناشئ المسلم في بلاد الاغتراب - إلاَّ من رحم الله - أنَّه فاقد القدوة الحسنة في المنزل، فيرى أباه وأمه وإخوته الكبار على جملةٍ من المخالفات الشرعية قولاً وعملاً، فيتأثر بهذه المخالفات ويُقلِّدها، ويَظنُّها حقًّا، وما عداها باطلاً، ثم يُفاجَأ الوالدان بأنَّ شخصيةَ هذا الناشئ قد تبلورت على خلافِ ما كانا يرجوان له من خيرٍ، رَغْمَ أنَّهما السبب في ذلك، إنَّ حالَ هذا الوالد وهذه الأم، كما قال القائل:

مَشَى الطَّاوُسُ يَوْمًا بِاعْوِجَاجٍ
فَقَلَّدَ شَكْلَ مِشْيَتِهِ بَنُوهُ
فَقَالَ: عَلاَمَ تَخْتَالُونَ؟ قَالُوا
بَدَأْتَ بِهِ وَنَحْنُ مُقَلِّدُوهُ
فَخَالِفْ سَيْرَكَ الْمُعْوَجَّ وَاعْدِلْ
فَإِنَّا إِنْ عَدَلْتَ مُعَدِّلُوهُ
أَمَا تَدْرِي أَبَانَا كُلُّ فَرْعٍ
يُجَارِي بِالْخُطَا مَنْ أَدَّبُوهُ
وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الْفِتْيَانِ مِنَّا
عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ

 

نعم، يظهر أثرُ القدوة في نفس الولد والبنت في زمن الصِّغر، ويظهر ذلك بانطباعه على نقش الذَّاكرة، ويظل مَعينًا دائمًا لا ينضب في نفس الناشئ حتى يكبر.

 

ولا شكَّ أنه من صور الإجحاف والظُّلم للنَّبْت الصغير تركُه في العراء بلا تعهُّد ولا رعاية؛ حيث ينشغل الوالد والوالدة تَمامًا عن الفتاة والصبي، فلا مُشاركة وجدانية، ولا عَلاقة حميمة، ولا متابعةَ للأخلاق والسلوك، ولا تقويمَ، ولا تهذيب، إنَّما يعملون كل جهدهم في حصول الأولاد على أكبر قدرٍ من الرَّفاهية في المسكن والمأكل والملبس وشتى المطالب المادية، وهذا شيء مَطلوبٌ وحيوي، ولكنَّه لا يَكفي وحْدَه في بناء ناشئة الإسلام في بلاد الغربة على الخصوص.

 

ومع انشغالِ الوالدين تبدو بوارق الخطر؛ إذ تتدخل عوامِلُ خارجية هدَّامة تعمل عمل السُّمِّ في نفسية الناشئ، كالإعلام المرئي والمقروء المجرد عن أيِّ حياءٍ، والاختلاط الإباحي في كُلِّ مكان، وأثر الصديقات والأصدقاء، وتبرز من جراء ذلك ثَمَراتٌ كأنَّها رُؤوس الشياطين، لعلَّ أهمها ضياع معنى الشرف والطهارة، وإهدار مَنظومة القيم والمثل الإسلامية، وانحراف المزاج الشخصي بالركون - أحيانًا - إلى الشذوذ والمخدِّرات، وبقية الثمرات المُرَّة، وكلها من سخائم المجتمع الغربي، وكل ذلك من وراء إهمال الوالديْن للأولاد، ونَحن نُؤكد باسم الإسلام على هذه المسؤولية، فعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سَمِعْت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((كُلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعيةٌ ومسؤولةٌ عن رعيتها، والخادم في مالِ سيده راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته، فكلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته))؛ (البخاري: 2751 بسند صحيح).

 

أرأيت - يا أخي- كيف أنك مسؤولٌ أمام الله - تعالى - عن أولادك؟ فأنت لهم كالراعي الذي يحدو لهم مواطنَ الخير، ويدخلهم فيها، ويُحذرهم من مواطن التَّهْلُكة والضرر؛ عملاً بقَولِ الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، فليس كل المهم أن ينجوَ المؤمن من العذاب وَحْدَه، بل عليه أيضًا أن يَحرص على الفرار من النار بكلِّ أهله، والأولاد أهم أهله وقرابته.

 

مَتى تبْدَأُ التَّرْبِيَةُ؟

هُناك بعضُ الآباء والأُمَّهات يُهملون أولادَهم حتى ينفرطَ عقدهم، ويفلت زمامهم إلى سنٍّ بعيدة عن زَمَنِ التعلُّم والتأدُّب، بعدما تتميع منهم الشخصية، ويتشبعون بمعاني الاستهزاء وعدم الانضباط، وذلك من جراء فهم خاطئٍ لمعنى الحنان والرحمة بالصغار.

 

وفي الأثر: "لاعب ولدك سبعًا، وأدِّبه سبعًا، وصاحبه سبعًا، ثم اترك حبله على غاربه"، ففي هذا الأثر الحكيم بيانٌ لثلاث مَراحل من عمر الولد، ولكلِّ مَرْحلة ما يُناسبها من التعامُل:

أ - المرحلة الأولى:

وتبدأ بعد الولادة إلى سنِّ السابعة، وفيها ينزل الوالدان - بطبيعة الحال - إلى مستوى خيال الطِّفل وتصوُّراته، ويلعبان معه؛ إيناسًا له، ودَفعًا للأزمات النفسية الناجمة عن سوء التعامل معه، أو اتخاذ العنف والخشونة منهجًا وسبيلاً.

 

ب - المرحلة الثانية:

ومع سنِّ السابعة يَحين أوانُ التأديب التربويِّ المتاح بكل وسيلةٍ مُمكنةٍ ومَقبولةٍ شرعًا، إمَّا بالوعظ، أو التعليم، أو الثَّواب، أو العقاب، وسائر طرائق التأديب والتقويم؛ لأَنَّ الناشئ في هذه المرحلة يقبل كلَّ ما يعرض عليه، ثم يسير على هداه، والتأديب في تلك السن أمرٌ نِهائيٌّ راسخٌ في نفسِيَّة الولد أو الفتاة، لا يتغير ولا يتأتي له النسيان مهما مَرَّت الأيام والليالي؛ بل السنوات.

 

نلمح ذلك من حديث النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع))؛ (أبو داود 495).

 

فبناءً على هذا الأساس التربوي النبوي الحكيم، تبدأُ المرحلة الثانية - كما سلف - في طَوْرها الطبيعي الفطري الذي يُمكن أن يلم الناشئة من خلاله مهارات الأدب والفهم والاستعداد للتقويم بعد ذلك.

 

فإذا أُهمل الناشئ لأكثر من ذلك دون رعاية أو تأديب، فإن أثرَ التربية يكون معدومًا؛ قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 58 - 59]، ونجد في هذا النصِّ القرآني الحكيم أنَّ التأديب يَجب أن يبدأ مُبكرًا من قبل أن يبلغ الأطفال الحلم، وذلك من خلال إلقاء الأمر عليهم بوجوبِ الاستئذان في أوقاتٍ مَحدودةٍ، وهذا التأديب الأولي يُعَدُّ تدريبًا واستعدادًا للمرحلة التي تلي مرحلةَ الطفولة؛ حيث المسؤولية الكاملة.

 

وفي مرحلة الطفولة يَقْبَل الصبي والفتاة ما يعرض لهما من الآداب والتوجيهات؛ يقول عمر بن أبي سلمة - رضي الله عنه -: كنت غلامًا في حجر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكانت يدي تَطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا غلام، سمِّ الله، وكلْ بيمينك، وكلْ مما يليك))، فما زالت تلك طُعمتي بعدُ؛ (البخاري: 576 بسند صحيح).

 

لهذا نرجو الاستفادةَ من النصوص السابقة في توطينِ الأدب في نفس الصبي والفتاة وهما في سن الصبا، قبل أن يشتَدَّ العود، ويصبح تغيير الحال من المحال، والتعليم في الصِّغر - كما قيل - كالنَّقش على الحجر.

 

ج - المرحلة الثالثة:

وبعد سنِّ البلوغ أو نحو الرابعة عشرة من عمر الغلام أو الفتاة، تبدأ مرحلةُ المصاحبة، ولعل المقصودَ بها أحدُ أمرين أو كلاهما معًا:

الأول: المصاحبة بمعنى التلازُم، وعدم الإغفال أو الترك؛ لأَنَّ الصبي أو الفتاة قد دخلا في سن المراهقة الخطيرة، فلا بُدَّ له من عينٍ تَحرسه، وموجِّهٍ يوجهه دائمًا إلى الصَّواب، ويحذره من المخاطر.

 

الثاني: بمعنى الصداقة والألفة، والصَّراحة وعدم التكتم للمشاكل والهروب منها في مُحاولة لحلها متى ما وُجدت.

 

وكلا الأمرين من قيام الصَّداقة بين الوالدين والولد، أو التلازم وعدم الإغفال، كلا الأمرين مطلوبٌ بإلحاح.

 

الشابُّ تخطَّى مرحلة التربية:

قد لا يدرك الكثيرون أنَّه لا يوجد شيء اسمه تربية الشباب؛ لأَنَّ الشاب قد وصل إلى ما يقارب مرحلة النضوج الجسدي، وظن أنَّه بلغ الكمال في كل شيء.

 

وقد يُحاول الوالدان سلوكَ طرائق التهذيب للأبناء بعد ولوج مرحلةِ الشباب، ومن المتوقع أنْ تَبوء هذه المحاولات بالفشل الذَّريع؛ لأنَّ أوانَ التربية قد فات.

 

يقول أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -:

حَرِّضْ بَنِيكَ عَلَى الْآدَابِ فِي الصِّغَرِ
كَيْمَا تَقَرَّ بِهِمْ عَيْنَاكَ فِي الْكِبَرِ
وَإِنَّمَا مَثَلُ الْآدَابِ تَجْمَعُهَا
فِي عُنْفُوَانِ الصِّبَا كَالنَّقْشِ فِي الْحَجَرِ

 

فالشاب لا يُربَّى ولا يُؤدَّب، ولكن يُوجَّه برفق وحكمة.

 

منهجُ التَّرْبيَةِ في بِلادِ الغُرْبَةِ:

لا يَختلف المنهج الإسلامي في تربية النشء من مكانٍ إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، ولكن تتغير الوسائل والأساليب التربوية تبعًا لاختلاف البيئات الثَّقافية والاجتماعية، فتربيةُ الأطفال منهجها واحد، بَيْدَ أنَّه في أرضِ الاغتراب يتمُّ التركيز على نقاطٍ مُهمة لها أثرُها الإصلاحي سلبًا وإيجابًا بعد ذلك طول الحياة، وأهم ما نركز عليه هو الآتي:

أولاً: ربط البراعم الدائم بالمسجد:

على الوالد المسلم في بلاد الغربة أنْ يَربط أولاده بالمسجد، ويعمق هذا المعنى دائمًا في نفوسهم، ويحرص على أن يكون قُدوة لهم في ذلك.

 

وعلى الوالد أيضًا أن يُلقي في رُوع الصبي والفتاة أنَّ المسجدَ أطهرُ وأهم مكان في هذه الأرض، وأنَّه بمقدار ما يرتبط ببيوت الله تفيضُ على حياته معاني البركة والسكينة والإيمان، إضافةً إلى أنَّ المسجدَ بالنسبة لكلِّ مُسلم، وفي أي مكان يُعَدُّ جامعةً واسعةَ الأطراف للحياة كلها، يتلقى فيها المسلمون علومَ الخير والهدى والرَّشاد في الدُّنيا والآخرة.

 

إنَّ الوَضْعَ الديني المخدر في نفوس أهلِ الأديان المغايرة للإسلام في بلاد الغُربة، دائمًا يلقي بظلالِه وأثرِه على الصِّغار، ومن وَراء ذلك فقد يظنُّ ناشئ الإسلام في هذه البلاد أنَّ تقديس المساجد ومعرفة آدابها أمرٌ غير ذي بالٍ، وذلك ناتج من إهمال الرعاة لهذا الصغير، أقصد الوالدين أو ولي أمر هذا الصغير؛ إذ يكون التقصيرُ عن تعريفه بالمساجد واجتذابه إليها منذ الصغر، فينشأ من أول وهلة مُرتبطًا ببيوت الله.

 

ثانيًا: متابعة السؤال عن الفرائض الدينية:

من أهم مسؤوليات راعي البيت ورَبِّ الأسرة أنْ يسألَ رعِيَّته عن أداء واجباتهم، كما أن عليه أنْ يتعرف على مطالبهم، تمامًا كما يفعلُ المسؤول مع مَرؤوسيه في أيِّ عمل، فيحاسبهم على التقصير، ويُكافئهم عند الإجادة.

 

وباختصارٍ، فإنَّ المطلوبَ من هذا الذي ولاَّه الله - عزَّ وجلَّ - راعيًا على أسرته أنْ يقودَهم إلى تطبيق شرع الله - تعالى - على نفسه وعلى رعيته، فيسأل ولده: هل أديت الصلاة؟ هل أتْمَمت صيامَ اليوم من رمضان؟ سؤال عن الصلاة، وآخر عن الصيام، وثالث عن صلة الرحم وهكذا...

 

على كلِّ والدٍ في أرض الاغتراب من المسلمين أن يُعيدَ حساباته فيما يتعلق بتربية الأولاد تُجاه الفرائض الدينية التي أمرنا بها الإسلام، وأن يُديم السؤال على أولاده بلا مَلَلٍ ولا ضجرٍ، وأن يكونَ سؤاله بلا تعنُّتٍ ولا إرهاقٍ، وعليه كذلك ألا يُبدي أي تساهُل وعدم التضايُق من أولاده عند التقصير، وعليه أن يسلك من الطريق أوسطها بالحكمة والتي هي أحسن.

 

أمَّا إذا أغفل الوالدان هذه المتابعة، فإنَّ الولد سينشأ خاملاً من مواهب الخير، مُتفاعلاً مع كوامن الشَّرِّ التي تتراقص حولَه على كل سبيل.

 

ويزداد الخطر، وتعظم البلوى حينما يكون الوالدان أو أحدهما قدوةً سيئة لأولاده في الصَّدِّ عن سبيل الله، وإذ بالولد أو الفتاة يُشاهد الوالدين أو أحدهما خاويَ الوفاض من التديُّن، ومنقطعَ الصلة بالله - عزَّ وجلَّ - فلا صلاةَ ولا زكاةَ ولا صيام ولا تقوى، بل يَجد منه جراءة وإصرارًا على المعاصي، وبمرور الأَيَّام سيُقيم الولد قدوته السيئة المتمثلة في أبيه وأُمِّه، كما قال القائل:

إِذَا كَانَ رَبُّ الْبَيْتِ بِالدُّفِّ ضَارِبًا
فَشِيمَةُ أَهْلِ الْبَيْتِ كُلِّهِمُ الرَّقْصُ

 

ويوم القيامة سيعذَّب الوالد في النار أمامَ عَيْنَيْ وَلَدِه؛ لكونه لَم يقُم بوَعْظه وسُؤاله عن أداء فرائضِ الله، وسيُعذَّب الولد أمام عيني والده؛ لكونه لم يُطِعْ والده في أداءِ هذه الفرائض الدينية؛ قال الله - تعالى -: ﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ... ﴾ يرى الوالد ولده، ويرى الولد والده وهو يعذَّب في النار، ﴿ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ﴾ [المعارج: 11]، وهذا يبين مسؤوليةَ الوالد عن الولد، فالوالد راعٍ والأم كذلك، ومن صفات القائد أنْ يُديم سؤالَ رعيته عن أداء واجبهم.

 

ثالثًا: أولادكم ولغة القرآن:

اللغة وسيلة البيان، ولغة العرب هي لغة الإسلام، وعلى هذا يَجب أن تكون اللغة الأولى لكل المسلمين أينما كانوا؛ وذلك لاحتياجهم الدَّائم المتواصل لأداءِ شعائر العبادة؛ كالصَّلاة، والحج، وتلاوة القرآن، وذكر الله، وغير ذلك من صور التعبُّد باللغة العربية.

 

مُشكلةٌ كبرى، وعقبةٌ كؤودٌ في طريق الدُّعاة إلى الإسلام في بلاد الاغتراب، تتمثل في كون المغتربين لا يتحدثون - أكثرهم - ولا يفهمون اللغةَ العربية، إلاَّ عددٌ قليل منهم، ولنفرضْ أنَّ عددَ المسلمين في أيِّ مَسجدٍ يُؤدون صلاةَ الجمعة فيه والخطيب يتحدث العربيةَ يُقدَّر بمائتين من المسلمين، فإنَّ نصفَ هذا العدد فقط هو الذي يفهم لغةَ التخاطُب، والباقون جالسون لالتماس البركات دونما فهم أو تعلُّم، وقد نتجت مُشكلة التغريب عن لُغةِ العرب في بلاد المهجر من جرَّاءِ الاحتكاك المباشر مع اللغة الأجنبيَّة، وإجادة التحدُّث بها على حساب اللغة العربية - وهذا واقع لا يسعنا إنكاره - فعندما يذهب المسلم إلى السوق أو البنك أو المستشفى أو أي مكان، فإنَّه من الطبيعي أنْ يتحدثَ بلغة البلد الذي يعيش فيه، ولا يُمكن أن يتحدث العربية؛ لأنَّه لن يفهمه أحد، من هُنَا ضرب النسيانُ ستائرَه على لغةِ العرب في بلادِ الغربة، واستسهل الوالدان اللغةَ الأجنبية ليس خارج البيت فقط، وإنَّما داخلَ بيوتهم التي يفترض أنها بيوت للعرب، ويتعلم الصغار - طوعًا أو كرهًا - لغةً أجنبيةً عن ثقافتهم الدينية وعن جذورهم التي ينتمون إليها، وحدثت المشكلة.

 

ومن خلال هذه الوصايا العَجْلى أبثُّ إليكم - إخوتي المسلمين في بلاد الاغتراب - هَمِّي وإشفاقي على مُستقبل أولادنا في هذه البلاد؛ لهذا أرجو أحرَّ الرجاء من الوالد والوالدة اللَّذين تربَّيَا على أرضٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ أن يَحرصا على التحدُّث الدائم بين أسوار البيت باللغة العربية، أمَّا إذا كانت الزوجة أجنبيةً هي الأخرى، فقد زادت المشكلة تعقيدًا.

 

إنَّ الطفل مقلدٌ بفطرته، ويقوم الوالدان بدور المؤثِّر الأول على وجدانه ولسانه، فإذا اهتمَّ الوالدان باللغة العربية، وأداما الحديث بها، فإنَّ الولد سينشأ على لغة العرب بيُسر وسهولة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما من مولود إلاَّ يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟))؛ (البخاري: 1359 بسند صحيح).

 

فكما يتحدث الوالدان سيتحدث الولد، هذه حقيقة لا تردُّ.

 

وعلى الوالدين أيضًا أن يدركا أنَّ المستقبل الإيماني لأولادهما في خَطرٍ ما دامت اللغة العربية في أدراج النسيان.

 

جانبٌ مهمٌّ لا ينبغي إِغْفَالُه:

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وجدت الدُّول الغربية فرصًا لإلصاق المزيد من تُهم الإرهاب لكلِّ مُسلم على وجه الأرض، ونتج عن ذلك تعسيرُ إجراءات السفر والهجرة إلى كل البُلدان الأوربية والأمريكتين، بل إنَّ كثيرًا من هذه الدول تقوم بإغلاق بابِ القَبول للوافدين والمهاجرين الجُدُد من العرب والمسلمين، وربَّما وُجِدَ أنَّ بعضَ الدول تقبل أعدادًا نادرة بشروط دقيقة، فما معنى ذلك؟ وما علاقته باللغة العربية في أرض الاغتراب؟ معنى ذلك هو تضاؤُل الوجود للسان العربي الذي سيتناقص تدريجيًّا يومًا بعد يومٍ؛ لكون الناشئة الجدد من أبناء المسلمين المغتربين لا يُجيدون اللغة العربية، فهم في غربةٍ من كل جانب، وعلى كل سبيل.

 

إنَّ علينا أن ندرك أنَّ الذين يفهمون خطيب الجمعة من المغتربين هم الذين نشؤوا وعاشوا قسطًا من الزَّمن على أرضٍ عربيةٍ، أمَّا من ولدوا في أرض الغربة من المسلمين، فمستقبلهم الديني يكتنفه الضبابُ إن لَم تتداركه رحمة الله تعالى.

 

إذًا السؤالُ الذي يفرض نفسَه بلا تردُّد: مَن سيحمي اللغةَ العربية بعد ثلاثين أو خمسين عامًا أو أكثر، عندما يفنى هذا الجيلُ الذي هاجر من بلاد العرب؟


إنَّ أقل فروض التعقُّل أنْ نتخيل أن الأجيال القادمة في المستقبل القريب من المسلمين في بلاد الاغتراب، سيلوكون لغاتِ الأعاجم، ويشربون عليها الماء، ومن ثَمَّ تذوب لغةُ العرب عند من كانوا بالأمس من أهل العرب، ولا عزاء لأجمل اللغات!

 

وعندما تتلاشى اللغة العربية بين يدي المسلمين في غربتهم، فإن في هذا ضياعًا للدِّين ذاتِه - عياذًا بالله من ذلك.

 

هذه أعمقُ معاني المشكلة ﴿ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].

 

رابعًا: من صديقُ ولدك؟

قالوا في منثور الحكم: قلْ لي مَن صاحبك، أقلْ لك مَن أنت، والصاحب ساحب، وله أكبرُ الأثر في نفس صديقه، خيرًا كان أو شرًّا، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل))؛ (رواه البغوي في شرح السنة 6/470، والحديث حسن غريب)، وسنركز في هذه النقطة على شيء مُهِم، وهو ضرورة النَّظر والتدقيق في أصدقاءِ أولادنا وبناتنا في بلاد الغربة، والسؤال عنهم، ومعرفة أخلاقهم وميولهم، فإنْ كانوا من أهلِ الخير فنِعْمَ الصحبة، وإن كانوا من أهل السوء والشر، فيجبُ على الوالد النُّصح، ومُحاولة التفريق بين أولاده وبين أصدقاء السوء بكل وسيلة مُمكنة؛ لأَنَّ الطبع يسرق من الطبع، وصدق من قال:

مَنْ جَالَسَ الْجُرْبَ يَوْمًا فِي أَمَاكِنِهَا
لَوْ كَانَ ذَا صِحَّةٍ لاَ يَأْمَنُ الْجَرَبَا

 

على هذا سار العقلاء في كل زمانٍ ومكانٍ، وما أحوجَ أبناءَ الإسلام في بلاد الغربة إلى صداقة المسلم للمسلم، وخصوصًا الأنقياء والصالحين منهم، والمتمسكين بشرعِ الله - تعالى - وسنة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وليس معنى هذا أنْ نَتَّخِذَ غيرَ المسلمين أعداءً، بل نتعاملُ معهم بالخير والبر والمشاركة الإيجابية في كل مُناسبةٍ، دون اتِّخاذهم أصدقاء، وذلك لاختلاف معنى الصداقة وحقوقها عند المسلمين وعند غيرهم.

 

ومن الواجب على راعي الأسرة أن يَحول دونَ قيام الصَّداقات بين أولاده الذُّكور وإحدى الفتيات، لا من المسلمات، ولا من غيرهن، ولا صداقة بين إحدى بناته وأحد الشباب، مسلمًا كان أو غير مسلم.

 

إنَّ هذه العلاقة لا يُقِرُّها الشرع الإسلامي الطاهر، الذي يسد أبوابَ الفتن، وهذه العلاقات الرخيصة جرَّت على أهلها المخازي والضياع من كلِّ جانب، وهذا أمرٌ معروف.

 

فيجب عليك - أخي المسلم - إعادةُ النظر في أصدقاء أولادك وبناتك، ولا تقبل إلاَّ ما يقره الإسلام، وإيَّاك والتقليدَ.

 

خامسًا: لا تغمض عينيك عن ولدك:

من أهمِّ المطالب في تربيةِ أبناء المسلمين في المهجر أنْ تكونَ عيون الآباء والأمهات دائمًا مَفتوحةً على أبنائهم وبناتهم، إلى أن يصيروا في سنِّ النضوج وتَحمُّل المسؤولية؛ ذلك لأنَّ أبناء المسلمين المغتربين على شفا جُرُفٍ من التردي في أُتون المجتمع المستعر بالمهالك المتكاثرة، والمغريات الجاذبة في كلِّ مكان، وبكل وسيلةٍ، وفي أي وقتٍ؛ مما يجعل مهمة التربية والتقويم لأبناء المسلمين مهمةً شاقةً وصعبةً بكل معاني المشقة والصعوبة؛ وذلك لكثرةِ الفتن، وانشغال الآباء والأمهات بالعمل، مع افتراضِ عدم التَّلاقي الدائم - ولو في المنزل - بين الآباء والأبناء، فلكل منهما شأنٌ يشغله ويُغنيه.

 

وقد علَّمنا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ألاَّ تغفل عيوننا عن أولادنا وبناتنا في الحديث الوارد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أكرموا أولادَكم، وأحسنوا أدبهم))؛ (رواه المنذري في الترغيب والترهيب 3/115 بإسناد حسن أو صحيح أو ما يقاربهما).

 

وذلك أمرٌ يستدعي الانشغالَ بالولد أو الفتاة، وخصوصًا في المجتمعات غير الإسلامية، التي تَعِجُّ بألوانٍ وصورٍ من الانحرافات النفسية والاجتماعية تبعًا لأنَّها لا تتميز بالمروءات، ولا تحفظ منظومة القيم ومعايير الأخلاق، وإنَّما تكون اللَّذة والشهوة العاجلة هي سيدةَ الموقف، والفكرة عن الدين والأخلاق فكرةٌ شوهاء مُخدرة لا تضبط سلوكًا، ولا تُحيي في الإنسان معاني السُّمُو، وقد عاصرنا بعضَ السلوكيات الشائنة المميزة للمجتمعات الغربية المدعية للتقدم والتحضر، بَيْدَ أنَّ الواقع له منطقٌ يتنافر مع هذا الادِّعاء، فهؤلاء غلمانٌ وفتياتٌ يذهبون للمدارس لتلقي العلم واحتواء المعاني الصَّالحة الكريمة، وإذا بالمسؤولين التربويِّين يوزعون على الفتيان والفتيات ما يُسَمَّى "العازل الطبي"، الذي يَحول دون انتقال الأمراض المعدية عندما يلتقي هذا الفتى مع فتاته هذه... صورة لا تحتاج إلى تعليق سوى أنَّها فلسفةُ مجتمعٍ تجرَّع كل ألوان العربدة حتى الثُّمَالة، ولهذا فليس غريبًا أن تجد طفلةً في الثانية عشرة من عمرها تحمل ولدَها بين يديها، شهادةً ناطقةً على سوء التربية في هذه المجتمعات، إضافةً إلى أن الأطفال قد عرفوا طريقَ المخدرات والشذوذ، ومارسوا كل ما يعنُّ لشهواتهم على أرضِ الواقع بلا تردُّد، وهذا كله يحركه الإعلام الدَّاعر في مجتمع لا يعرف الفضيلة من أي طريق.

 

فيا أخي المسلم، أهذا مجتمعٌ تترك فيه ولدَك أو ابنتك ليكون فريسةَ التقليد حسب ما ينطق واقعه، أم أنَّ الأحرى بك دائمًا أن تلزم أولادك بالمراقبة والنُّصح، وحسن التعهد والتربية، تلك التي انحصرت في الوالدين والمسجد فقط؟

 

وعلى العموم، فما ذكرته ليس كل شيء في تربية أبناء الإسلام وبناته، إنَّما ركزت على نقاط لها أهميتها القصوى فيما يتعلق بالحفاظ على أولادِ وبنات المسلمين في الغربة.

 

والله يحفظهم بعينه التي لا تنام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أعمق معاني الغربة
  • غرباء
  • غرباء في وطننا
  • رسائل من المغرب القديم (1)
  • غرباء

مختارات من الشبكة

  • نماذج من رسائل النبي للملوك (5) رسائل أخرى(مقالة - ملفات خاصة)
  • رسائل إلى المواهب الصاعدة: رسالة إلى حنان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مخطوطة مجموع فيه ثلاث رسائل أولها رسالة في الرسم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أربع رسائل في الاجتهاد والتجديد للإمام السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رسالة إلى أختي المسلمة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كلمة (رسالة أو الرسالة) - تأملات(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شروح رسائل الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب للشيخ عبد العزيز الراجحي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رسائل في الرد على النصارى لمحمد عارف المنير - ت 1342هـ (دراسة وتحقيق)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • رسائل وتوصيات بمناسبة العام الدراسي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مجموع حديثي فيه رسائل الحافظ أبي العلاء إدريس بن محمد الحسيني العراقي الفاسي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/12/1446هـ - الساعة: 18:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب