إدمان العادة السرية

إدمان العادة السرية

العادة السرية أو الاستمناء هي ممارسة جنسية ذاتية تتم عن طريق التحفيز الجنسي للأعضاء التناسلية، للوصول إلى النشوة الجنسية أو الإشباع الجنسي، ويمكن ممارستها من قِبل الذكور والإناث باستخدام طرق متنوعة؛ كالأيدي أو عن طريق الخيال الجنسي، ولسهولة الوصول إلى المحتوى الإباحي عبر الإنترنت، تزايدت حالات الإدمان على هذا السلوك؛ مما أثر على حياة الفرد في علاقاته وفي صحته النفسية.

ويُعرف إدمان العادة السرية بأنه: حالة يصبح فيها الفرد مدفوعًا بشكل قهري لممارسة العادة السرية، على الرغم من إدراكه لعواقبها السلبية على المستوى النفسي والجسدي والاجتماعي، والاستمناء في الإسلام محل خلاف بين العلماء، والراجح لدى الجمهور هو التحريم، إلا إذا اضطر المراهق بشدة لتجنب الوقوع في فاحشة الزنا، هنا يرى بعض العلماء جوازه كضرورة مُلحة، وسواء نظرنا في اختلاف الفقهاء أو لم ننظر، فالواجب على المسلم أن يتقيَ الله في نفسه، وأن يبتعد عن الشبهات، وأن يعتني بما يصلحه وينفعه، وليس بما تطلبه نفسه وتهواه.

نقل ابن العربي المالكي عن بعض العلماء قولهم: "لو قام الدليل على جوازها، لكان ذو المروءة يُعرض عنها لدناءتها"؛ [انتهى من كتاب أحكام القرآن]، ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأما الرادع الحسي: فليسأل الأطباء، حتى يتبين له أنها من أضر ما يكون على البدن، وإن كان الإنسان يجد فيها راحة، لكنها راحة يسيرة يعقبها ضرر كبير، ولقد قال لي بعض الناس: إنه ابتُلي بهذا، فابتُلي بالوساوس الشيطانية والعياذ بالله، والمضايق النفسية، وهذا ليس ببعيد؛ لأن الله تعالى حكيم، جعل هذه النطفة لها محل معين: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223]، وعلى الإنسان أن يتصبَّر، ويتصبر، ويتصبر، ولقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام دواءً ناجحًا وهو الصوم؛ فقال: ((يا معشر الشباب، منِ استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفَرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاء))"؛ [انتهى من "اللقاء الشهري"].

يقول أحد الشباب: أعاني من العادة السرية، وكثيرًا ما أقلعت عنها ثم أعود إليها، حاولت التوبة عدة مرات، ثم عُدت إلى نفس الخطأ، وكلما عدت إليها، امتلكني الحزن والشعور بالذنب، فهل من وسيلة لترك المعصية، وعدم العودة إليها؟ وهل يقبل الله التوبة؟ وتقول فتاة: زوجي ينام بغرفة لوحده ويمارس العادة السرية، مع أن زواجنا لم يستمر إلا ستة أشهر، ونفسيتي بدأت تتعب، فلمن أشكو؟ فهو لا يهمه هذا الموضوع رغم نقاشنا المتكرر فيه، فكَّرت أن أشكوه لأمه أو والده، وتقول أمٌّ: رأيت ولدي يمارس العادة السرية، ماذا أفعل؟ وأخرى تقول: ابني يمارس العادة السرية، كيف أتصرف معه؟ وأخرى: رأيت في سروال ابني آثار العادة السرية أكثر من مرة، فكيف أمنعه منها؟

أيها الآباء، قد يسبب إدمان العادة السرية مجموعة من المشاكل النفسية والجسدية، مثل: الشعور بالقلق، والتوتر المستمر، وانعدام الثقة بالنفس، والخجل، والعزلة، وقلة التركيز، وألم في الظهر والحوض، واضطرابات في النوم، وتهيج الجلد التناسلي، ومنها أنه قد يجد صعوبة في إقامة علاقات سليمة، واضطرابات في الحياة الشخصية والعملية.

إن المراهق عندما يمر بمرحلة البلوغ، يصبح أكثر فضولًا بشأن جسده؛ ولذا يلجأ المراهق إلى ممارسة العادة السرية لعدة أسباب؛ منها: محاولة الاكتشاف الجسدي والجنسي لديه، والاضطرابات الهرمونية التي تجعل المراهق يبحث عن جسده، ومنها الحصول على الإثارة والتخلص من التوتر الجنسي، والبحث عن المتعة والاسترخاء والنشوة، ومنها مشاهدة الصور والمشاهد الجنسية المثيرة، والشعور بالملل والوحدة والفراغ.

وعلى الرغم من أن التحدث مع الابن المراهق حول إدمان العادة السرية من أكثر الأشياء التي تسبِّب الإحراج، فإنه حتمي؛ لأنه يُعد خطوة هامة للتغلب على إدمانها، فالمراهق يحتاج إلى خطة شاملة تجمع بين الدعم الشرعي والدعم النفسي والسلوكي المعرفي؛ ومنها:

• طلب العون من الله أن يُعينه على ترك هذه العادة السيئة، وأن يجنِّبه الوقوع في الذنوب والمعاصي.

• تجنب المثيرات لاستخدام العادة السرية من الأشخاص والأماكن، ومن مشاهدة الصور والمشاهد التي تثير الرغبة الجنسية.

• الإرادة القوية والعزم على ترك هذه العادة السيئة.

• طلب المساعدة المتخصصة من طبيب أو اختصاصي نفسي لتقييم الحالة، ووضع الخطة العلاجية المناسبة.

• استبدال العادة السرية بأنشطة صحية ومفيدة؛ مثل: ممارسة الرياضة والهوايات المفضَّلة، وتطوير الذات والمساهمة بالأعمال التطوعية.

• حذف المقاطع الإباحية من الأجهزة الإلكترونية، وحذف البرامج والتطبيقات التي توفر مثل هذه المقاطع.

• قضاء وقت أطول مع الأصدقاء والأسرة، مع تجنب العزلة والبقاء منفردًا لفترات طويلة.