المحطة الحادية عشرة: المبادرة

المحطة الحادية عشرة: المبادرة

تُعد المبادرة سمة لدى الأفراد الإيجابين، فهي سمة وعادة وخُلق مُهم، فقد يكون المبادر غير ذكي، وقد يكون غير موهوب، ولكنه صاحب إرادة ومثابرة واجتهاد، وتركيز على الفرص المتاحة، يتبع فلسفة التطبيق والتنفيذ وليس التنظير، ومن هنا نحتاج إلى الخروج من دائرة الأمان والراحة إلى دائرة النمو والتطور الإيجابي، ونقصد بدائرة الأمان أن يتحرك الفرد وَفق ما اعتاد عليه من روتين يومي ونشاطات معينة، وعلاقات معينة، فالتمسك بهذه الدائرة تجعلنا نخشى البحث عن فرص جديدة وتعلُّم خبرات جديدة.

وهنا مبدأ هام للتوضيح الإنسان يتمسك بهذه الدائرة؛ لأن العقل قائم على آلية تجنُّب الألم، رغم أن القليل من التوتر والألم والانزعاج في تعلُّم شيء جديد، أو الحصول على فرصة جديدة، أو تحقيق هدف جديد، يشكِّل النمو والتطور الإيجابي، لذلك المبادر يجتهد ويبحث عن فرص جديدة لا يَميل إلى الراحة والأمان التي اعتاد عليها، قد تكون غير سعيد في عملك، ولكنك تخشى المبادرة بسبب آراء الآخرين، قد تكون غير سعيد في علاقاتك، ولكنك تخشى التعرف على أشخاص جديدة، قد يكون لديك أهداف تريد تحقيقها، ولكنك تخشى تغيير بيئتك وعاداتك التي اعتادت عليها، فالتدريبُ على المبادرة يساعدنا على تجاوز كل ذلك، يقول "علي بن أبي طالب": للكرم فضيلة وهي المبادرة إلى فعل المعروف وإسداء الصنائع.

للتبسيط تعرَّف على قصة حقيقية، وهي قصة "نيلز بور" أغبى طالب في الفيزياء حدثت هذه القصة في جامعة بالدنمارك في امتحان الفيزياء، وضمن أسئلة هذا الامتحان سؤال كالتالي: كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر؟ مع العلم أن الباروميتر هو جهاز لقياس الضغط الجوي، فالإجابة الصحيحة لهذا السؤال بديهية، وهي قياس الضغط الجوي على مستوى الأرض، وقياس الضغط الجوي على مستوى ناطحة السحاب، ثم الفرق بينهم، ولكن إجابة هذا الطالب كانت مستفزة لأستاذ الفيزياء، لدرجة أنه أعطاه صفر دون إكمال باقي الأجوبة، ثم أوصى الأستاذ برسوبه لعدم قدرته المطلقة على النجاح، يا ترى ما إجابة الطالب؟ وهي أن يربط الباروميتر بخيط طويل، ثم يُدلي من أعلى ناطحة سحاب حتى يلمس الأرض، ثم نقيس طول الخيط، وعلى هذه الإجابة ذهب الطالب يتظلم لإدارة الجامعة، مؤكدًا أن إجابته صحيحة مائة بالمائة.

وحسب قوانين الجامعة عُين خبير لإعادة التصحيح، ثم تحديد لجنة للطالب لاختباره شفويًّا، وفي وقت الامتحان طرح الخبير نفس السؤال على الطالب، كيف نحدِّد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر؟ قال الطالب: لدي إجابات كثيرة، ثم رد الخبير أجِب بما لديك، فأجاب الطالب وقال: يُمكن إلقاء الباروميتر من أعلى الناطحة، ثم نقيس الوقت الذي استغرقه حتى يصل إلى الأرض، أما إذا كانت الشمس مشرقة، فيمكن قياس طول ظل الباروميتر، وطول ظل ناطحة السحاب، ثم نتعرف على طول الناطحة من قانون التناسب بين الطولين والظلين، أما إذا أردت تعقيد الأمور، فنحسب الضغط الجوي على الأرض، ثم نحسبه على مستوى الناطحة، ثم الفرق بينهم باستخدام الباروميتر، قال له الخبير: احتفظ بهذه الإجابة أيها الطالب، وأضمَن لك النجاح.

عزيزي القارئ اسم هذا الطالب هو "نيلزبور"، الرجل الوحيد الدنماركي الذي حصل على جائزة نوبل في الفيزياء، فبالأمل استمر نيلزبور حتى صار فيزيائيًّا عالميًّا، من خلال المبادرة بتفكير خارج الصندوق، وتحدي الصعوبات والمعوقات، علينا بالمبادرة فمعظم التحديات؛ إما أن تعيينا، وإما أن تحيينا.

• ما التوصيات العملية التي تساعدنا على اكتساب سمة وعادة وخلقَ المبادرة؟

يشير "نابليون هيل" إلى ثلاثة عشر خطوة عملية وفعالة لاكتساب المبادرة:

أولًا: لديه غرضٌ محدد في الحياة يعرف ماذا يريد، يمتلك خطة واضحة لما يريد، يسعى في التطبيق والتنفيذ ليحقق ما يريد، ينطلق من نطاق قوته وشغفه وميوله.

ثانيًا: لديه إرادة قوية على الاستمرارية والمواصلة في التنفيذ، بغض النظر عن كمِّ العقبات والتحديات التي تواجهه، فهو لا ييئَس أو يستسلم، يصنع الفرص كلما أُغلق الباب أمامه، يبحث عن طريق آخر، فهو قادرٌ على تحويل فكرته إلى واقع ملموس.

ثالثًا: لديه عادة التحالف العقلي مع الأشخاص الذين يساعدونه للوصول إلى هدفه الرئيسي، يبحث عن اﻷشخاص المفيدين، ويحدث معهم مشاركة؛ لكي يصل إلى ما يريد.

رابعًا: يستجيب للأحداث بطريقة إيجابية، لا يتبع عادة ردَّات الفعل السلبية اتجاه المواقف والأحداث، سلوكه العقلي يكون إيجابيًّا في معظم اﻷوقات، وعندما يتواصل مع الآخرين أيضًا.

خامسًا: يقوم باتخاذ القرارات الصائبة عندما يكون لديه الحقائق الصحيحة التي يبني عليها قراراته، فهو لديه المرونة في تغيير هذه القرارات إذا تطلب اﻷمر ذلك.

سادسًا: يتقبل المسؤولية الكاملة لكل شيء يتولاه ولا يتخلى عن المسؤولية، عندما تسير اﻷمور بشكل خاطئ، يستمر ويغير خططه وعاداته وأساليبه.

سابعًا: لديه عادة التركيز بشكل كامل على شيء واحد فقط، إذا أراد أن ينجز شيئًا يركز على هذا الشيء بكل طاقاته وقدراته وإمكانياته.

ثامنًا: يعلم ما الحوافز التي تُلهم جميع الطاقات البشرية، ولا يطلب من أي شخص أن يفعل شيء من أجله، بدون إعطاء ذلك الشخص حافزًا مناسبًا لِما فعل.

تاسعًا: لديه حس قوي لمراقبة الأشياء ذات التفاصيل الصغيرة المفيدة القادرة على تحويل الأعمال الصغيرة إلى أعمال عظيمة.

عاشرًا: لا يعبِّر عن آرائه في المواقف والموضوعات، إلا إذا أعد للموضوع جيدًا؛ كي يبدي رأيه فيه.

الحاديةعشر: عندما تطرح عليه سؤالًا معينًا يعطيك إجابة مباشرة.

الثانية عشر: لا يؤجل أي عمل إلى الغد، فهو يعلم أن التأجيل من أهم أسباب الفشل.

الثالثة عشر: يتبع عادة الاستماع والإنصات أكثر مما يتحدث، وحين يكون لديه شيء يفيد به الآخرين دون تردُّد أو منفعة.