• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / مقالات ودراسات تربوية
علامة باركود

ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم}

ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم}
د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/8/2024 ميلادي - 6/2/1446 هجري

الزيارات: 1279

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى:

﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22]

 

تمهيد:

إن من أعظم النِّعَمِ التي يمُنُّ الله تعالى بها على عباده نعمةَ الهداية والاستقامة على صراطه المستقيم؛ فهي مَجْلَبة لكل خير في الدنيا والآخرة؛ وصدق الله العظيم: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123]؛ قال ابن باز رحمه الله: "والمعنى: أن من اتبع الهدى، واستقام على الحق الذي بعث الله به نبيه محمدًا عليه الصلاة والسلام، فإنه لا يضل في الدنيا، بل يكون مهتديًا مستقيمًا، ولا يشقى في الآخرة، بل له الجنة والكرامة".

 

ومن رحمة الله تعالى بعباده أنْ هيَّأَ لهم الأسباب الموصِّلة إلى الصراط المستقيم، ومن أعظم هذه الأسباب تأثيرًا بعد الفطرة السوية قراءة وتدبر سورة الفاتحة في الصلوات الخمس، وما تضمَّنَتْهُ من دعاء جامع مبارك، يُردِّده العبد في اليوم والليلة سبع عشرة مرة في صلاة الفريضة، غير سنن الرواتب والنوافل؛ قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]؛ قال القرطبي رحمه الله: "﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6] دعاء ورغبة من المربوب إلى الرب، والمعنى: دُلَّنا على الصراط المستقيم وأرشدنا إليه، وأرِنا طريقَ هدايتك الموصلة إلى أنسك وقربك".

 

وقال السعدي رحمه الله: "﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]؛ أي: دُلَّنا وأرشدنا، ووفِّقنا للصراط المستقيم، وهو الطريق الواضح الموصِّل إلى الله، وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به، فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط، فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط، تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علمًا وعملًا، فهذا الدعاء من أجمع الأدعية، وأنفعها للعبد، ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته، لضرورته إلى ذلك".

 

أقوال العلماء في تفسير الآية موضوع المقال:

قال ابن كثير رحمه الله: "وهذا مَثَلٌ ضربه الله للمؤمن والكافر؛ فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مُكبًّا على وجهه؛ أي: يمشي منحنيًا لا مستويًا على وجهه؛ أي: لا يدري أين يسلك، ولا كيف يذهب؟ بل تائه حائر ضالٌّ، أهذا أهدى ﴿ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا ﴾ [الملك: 22]؛ أي: منتصب القامة، ﴿ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22]؛ أي: على طريق واضح بيِّن، وهو في نفسه مستقيم، وطريقه مستقيمة، هذا مثلهم في الدنيا، وكذلك يكونون في الآخرة، فالمؤمن يُحشَر يمشي سويًّا على صراط مستقيم، مُفضًى به إلى الجنة الفَيحاء، وأما الكافر فإنه يُحشَر يمشي على وجهه إلى نار جهنم".

 

وقال المراغي رحمه الله: "أفمن يمشي وهو يتعثر في كل ساعة، ويخِرُّ على وجهه في كل خطوة، لتوعُّرِ طريقه، واختلاف أجزائها انخفاضًا وارتفاعًا، أهدى سبيلًا وأرشد إلى المقصد الذي يَؤُمُّه، أم من يمشي سالمًا من التخبُّط والعِثار على الطريق السويِّ الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف؟ فهذا الْمُكِبُّ على وجهه هو: المشرك الذي يمشى على وجهه في النار يوم القيامة، والذي يمشي سويًّا هو الموحِّد الذي يُحشَر على قدميه إلى الجنة".

 

وقال السعدي رحمه الله: "أي الرجلين أهدى؟ من كان تائهًا في الضلال، غارقًا في الكفر قد انتكس قلبه، فصار الحق عنده باطلًا والباطل حقًّا، ومن كان عالمًا بالحق، مُؤثِرًا له، عاملًا به، يمشي على الصراط المستقيم في أقواله وأعماله وجميع أحواله؟ فبمجرد النظر إلى حال هذين الرجلين، يُعلَم الفرق بينهما، والمهتدي من الضالِّ منهما، والأحوال أكبر شاهد من الأقوال".

 

الملامح التربوية المستنبطة من الآية موضوع المقال:

أولًا: إن صِمامَ الأمان وسفينة النجاة في حياة الإنسان في الدنيا والآخرة - لزومُ الصراط المستقيم الناشئ عن الإيمان بالله تعالى؛ فالإيمان هو مصدر الخير والضياء والنور، فكلما قوِيَ إيمان العبد ويقينه بالله تعالى، اشتدَّ الضياء والنور لديه، وكان أشد التزامًا بالصراط المستقيم، فتجاوَزَ ظلمات الحياة وعقباتها النكدة، والعكس صحيح؛ وصدق القائل:

ترجو النجاة ولم تسلُكْ مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليَبَسِ

ثانيًا: يؤكد الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أن الإيمان يكسب الإنسان حياةً بدلًا من الموت الذي كان فيه، ونورًا بدلًا من الظلمات التي كان فيها، والآيات الدالة على ذلك كثيرة؛ منها قوله تعالى: ﴿ وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ﴾ [فاطر: 19 - 22]، وقال تعالى: ﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [هود: 24]، وهذا النور العظيم يكشف الحقائق كشفًا عظيمًا؛ كما قال تعالى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ... ﴾ [النور: 35].

 

ثالثًا: إن الإسلام نور وهداية، فالرسول صلى الله عليه وسلم نور؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45، 46]؛ قال الطبري رحمه الله: "﴿ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴾ [الأحزاب: 46] يقول: وضياءً لخلقه يستضيء بالنور الذي أتيتهم به من عند الله عباده ﴿ مُنِيرًا ﴾ يقول: ضياء يُنير لمن استضاء بضوئه، وعمِل بما أمره، وإنما يعني بذلك: أنه يهدي به من اتبعه من أمته"، والقرآن الكريم نور؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 174]؛ قال السعدي رحمه الله: "هذا القرآن العظيم، الذي قد اشتمل على علوم الأولين والآخرين والأخبار الصادقة النافعة، والأمر بكل عدل وإحسان وخير، والنهي عن كل ظلم وشر، فالناس في ظلمة إن لم يستضيئوا بأنواره، وفي شقاء عظيم إن لم يقتبسوا من خيره".

 

رابعًا: من مهمات التربية الإسلامية عنايتُها بتثبيت العقيدة الصحيحة، وتقوية الإيمان، ولا سبيل لذلك إلا بالعلم الشرعي المؤصَّل من العلماء الثِّقات، ثم عناية الإنسان بصلاح نفسه بالتزام تقوى الله تعالى في السر والعلن، والإكثار من الدعاء وذكر الله تعالى في يومه وليله؛ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقدوتنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم كان يُكثِر من دعاء: ((يا مُقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك))؛ [الألباني، صحيح الترمذي، 3522]؛ قال ابن باز رحمه الله: "والمؤمن يسأل ربه يقول: اللهم ثبِّت قلبي على دينك، اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرِّف القلوب، صرِّف قلبي على طاعتك، يسأل ربه الثَّبات".

 

خامسًا: إن ضرب المثل أسلوب مشتهر من أساليب التربية الإسلامية، مستوحى من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهناك مصنفات عدة تناولت موضوع الأمثال في القرآن والسنة، ولا شك أن المثل مهم في توصيل المعلومة وتقريبها للمتلقي أيًّا كان عمره، وينبغي أن يكون المثل مختارًا بعناية فائقة ليكون أكثر وقعًا على النفس، وأبلغ في التأثير؛ وكما قيل: "بالمثال يتضح المقال"، وقد أشار القرآن الكريم في آيات عدة إلى أسلوب المثل؛ ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الزمر: 27]؛ قال السعدي رحمه الله: "يخبر تعالى أنه ضرب في القرآن من جميع الأمثال؛ أمثال أهل الخير، وأمثال أهل الشر، وأمثال التوحيد والشرك، وكل مثل يقرِّب حقائق الأشياء، والحكمة في ذلك ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الزمر: 27] عندما نوضِّح لهم الحق فيعلمون ويعملون"، فينبغي على كافة المؤسسات التربوية الرسمية وغير الرسمية العنايةُ بأسلوبِ ضَرْب المثل أيما عناية، تشمل: إيجاد مناهج متخصصة للأمثال، يقوم عليها متخصصون يمتلكون مهارات معينة، وقدرات مميزة في ضرب المثل، وعقد دورات وورش عمل لمناقشة كل جديد يسهم في تطوير هذا الفن، ولا شكَّ أن لذلك ثمارًا يانعة تُؤتي أكلها بعون الله، ويعود نفعها على الارتقاء بمستوى الطلاب خاصة، ومخرجات التعليم عامة.

 

سادسًا: تشير الآية الكريمة موضوع المقال إلى أهمية الالتزام بصراط الله المستقيم، والتمسك بشرعه القويم؛ فمن التزمه ﴿ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "أي: على طريق واضح بيِّنٍ، وهو في نفسه مستقيم، وطريقه مستقيمة"، وقال المراغي رحمه الله: "يمشي سالمًا من التخبط والعِثار على الطريق السويِّ الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف"، وينبغي الحذر من الانحراف عن صراط الله المستقيم والتمسك بشرعه القويم، ومن انحرف عنه ﴿ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ ﴾ [الملك: 22]؛ قال ابن كثير رحمه الله: "أي: يمشي مُنحنيًا لا مستويًا على وجهه، أي: لا يدري أين يسلك، ولا كيف يذهب؟ بل تائه حائر ضالٌّ"، وقال المراغي رحمه الله: "يمشى وهو يتعثر في كل ساعة، ويخر على وجهه في كل خطوة، لتوعُّر طريقه، واختلاف أجزائها انخفاضًا وارتفاعًا"؛ لذلك ينبغي أن يستقر في عقل ووجدان المسلم أنه كلما ارتقى في سُلَّم الالتزام بصراط الله المستقيم وشرعه القويم، كان أبعد عن الانحراف والتخبُّط والضياع، وعاش في سلامة وعافية في أمر دينه ودنياه، والعكس صحيح.

 

سابعًا: يجب على المسلم أن يلتزم الحذر في شؤونه كلها؛ فالحذر توجيه رباني؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]؛ قال عبدالحق حميش: "الحذر خصلة حميدة وصفة مجيدة، لا يستغني عنها أحدٌ في أي حال من الأحوال، وأخْذُ الحذر من باب الأخذ بالأسباب المأمور بها شرعًا بجانب التوكل على الله"؛ [مقال: الحذر والحيطة في حياة المسلم، موقع الخبر، 2019 م]، وأهم ما يحذر منه الإنسان التخبُّط في متاهات السُّبُل، وهي كثيرة، وقد نبَّه القرآن الكريم إلى ذلك أجمل تنبيه؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]؛ قال ابن باز رحمه الله: "والمعنى: الزموا الطريق الواضح الذي سار عليه نبيكم عليه الصلاة والسلام، وسار عليه أصحابه، وبيَّنه كتاب الله، وبيَّنته السُّنَّة، فالزموه وسيروا عليه؛ وهو توحيد الله وطاعته، واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، ودَعُوا ما خالف ذلك؛ هذا هو الصراط المستقيم".

 

ثامنًا: من أعظم الصوارف المشغلة للناس اليوم أجهزة ومِنصَّات وتطبيقات الاتصال الحديثة المتنوعة، أو ما تسمى وسائل التواصل الاجتماعي، وما تبثُّه في حيز كبير منها من شُبُهات وشهوات تَمَسُّ الجوانب الفكرية والأخلاقية والسلوكية، وأعظمها خطرًا ما يتعلق بالجانب العقدي، ولا شكَّ أن لذلك تأثيرًا بالغًا في عقل ووجدان المسلمين، وبخاصة الناشئة والشباب، ذكورًا وإناثًا، مما يؤدي بهم إلى الانحراف عن الصراط المستقيم، وليس بخافٍ اليوم ما نشاهده في بعض المجتمعات الإسلامية من ظهور انحرافات خطيرة لدى بعض الشباب، قد يصل بعضها إلى الإلحاد والخروج من الإسلام بالكلية، نسأل الله السلامة والعافية، فالواجب على كافة المؤسسات التربوية الرسمية وغير الرسمية العناية التامة بإعداد برامج احترافية، ومحاضن تربوية للمحافظة على ناشئة المسلمين وشبابهم من الأفكار الوافدة، التي في جُلِّها بعيدة عن مبادئ الإسلام وقِيَمِه السامية، وقد يكون فيها استهداف لشباب المسلمين خاصة؛ لإقصائهم عن دينهم، وعن هُوِيَّتِهم الإسلامية، فاللهم احفظنا والمسلمين من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

 

تاسعًا: من ألدِّ أعداء الإنسان الشيطانُ، وجاء التحذير منه واضحًا في آيات عدة من القرآن الكريم، بل وصفه بالعدو المبين؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208]؛ قال السعدي رحمه الله: "والعدو المبين لا يأمر إلا بالسوء والفحشاء، وما به الضرر عليكم"، وفي حقيقة الأمر أن من المهمات الأساس للشيطان إغواءَ بني آدم، وقد أظهر عداوته جليًّا بما حكاه القرآن الكريم عنه: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16]؛ قال الطبري رحمه الله: "فإنه يقول: لأجلسَنَّ لبني آدم ﴿ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الأعراف: 16]؛ يعني: طريقك القويم، وذلك دين الله الحق، وهو الإسلام وشرائعه، وإنما معنى الكلام: لأصدَّنَّ بني آدم عن عبادتك وطاعتك، ولأغوينهم كما أغويتني، ولأُضلَّنَّهم كما أضللتني".

 

عاشرًا: هناك تلازم واضح وعلاقة قوية بين الانحراف عن الصراط المستقيم، وبين تزيين الشيطان لسُبُل الغواية، والموفَّق مَنِ استعان بالله تعالى، وتبصَّر في أمور دينه؛ ليعرف الخير فيسلك مَسْلَكَه، ويعرف الشر فيتجنب مسالكه، فالحلال بَيِّنٌ والحرام بَيِّنٌ، ولأهمية هذا الموضوع أنصح بالرجوع إلى مقال: "ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76] على صفحة الكاتب - موقع الألوكة".

 

الحادي عشر: إن الاستقامة على الصراط الله المستقيم وشرعه القويم فطرة الله التي فطر الناس عليها؛ قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30]؛ قال السعدي رحمه الله: "إن جميع أحكام الشرع الظاهرة والباطنة قد وضع الله في قلوب الخلق كلهم الميلَ إليها، فوضع في قلوبهم محبة الحق وإيثار الحق، وهذا حقيقة الفطرة، ومن خرج عن هذا الأصل، فلعارضٍ عَرَضَ لفطرته أفسدها".

 

الثاني عشر: يجب على المؤسسات التربوية - والأسرة تحديدًا - المحافظة في تنشئة أولادهم على الفطرة، والعناية بها على وَفْقِ منهج التربية الإسلامية الصحيح، وإبعادهم عن كل ما يُؤثِّر فيها، ويؤدي إلى إفسادها وانحرافها عن الصراط المستقيم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانِهِ، أو ينصِّرانِهِ، أو يمجِّسانه))؛ [صحيح البخاري: (1385)، صحيح مسلم: (2658)]؛ قال صالح الفوزان حفظه الله: "إن كل مولود يُولَد وهو قابل لدين الإسلام لأن فطرته تتقبل هذا؛ قال جل وعلا: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]، ولكن الفطرة قد تتغير بسبب التربية السيئة، فإذا كان أبوه يُربِّيه على اليهودية صار يهوديًّا، وإذا كان نصرانيًّا صار نصرانيًّا، وإن كان مجوسيًّا صار مجوسيًّا: ((فأبواه يهودنه أو ينصرانه أو يمجسانه))، الذي يحرِّف الفطرة السليمة هو التربية السيئة، والتربية الخبيثة، فيجب على الوالدين أن يحرصا على المحافظة على فطرة أولادهم الدينية، وأن يأمروهم بطاعة الله، وينهَوهم عن معصية الله، ويربوهم تربيةً إسلامية توافق فطرتهم".

 

الثالث عشر: يحتاج الإنسان إلى محاسبة نفسه بصفة دائمة ومراجعتها؛ للتأكد من مدى سلامة سيره على الصراط المستقيم، وبخاصة في الأمور المهمة التي تحتاج إلى تأنٍّ وحكمة، وتأتي في مقدمتها شرائع الدين وأحكامه، ومن توجيهات الشريعة السمحة في محاسبة النفس قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]؛ قال السعدي رحمه الله: "هذه الآية الكريمة أصلٌ في محاسبة العبد نفسَه، وأنه ينبغي له أن يتفقَّدها، فإن رأى زَلَلًا تداركه بالإقلاع عنه، والتوبة النصوح، والإعراض عن الأسباب الموصِّلة إليه، وإن رأى نفسه مقصرًا في أمر من أوامر الله، بذل جهده، واستعان بربِّه في تكميله وتتميمه، وإتقانه"؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((الكَيْسُ من دان نفسه، وعمِل لِما بعد الموت، والعاجز من أتْبَعَ نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأمانيَّ))؛ [الترمذي، حديث رقم: (2459)، ابن ماجه، حديث رقم: (4260)]؛ قال ابن عثيمين رحمه الله: "(من دان نفسه)؛ يعني: من حاسبها ونظر ماذا فعل من المأمورات؟ وماذا ترك من المنهيات؟ هل قام بما أُمِرَ به؟ هل ترك ما نُهِيَ عنه؟ إذا رأى من نفسه تفريطًا في الواجب، استدركه إذا أمكن استدراكه، وقام به أو ببدنه إذا رأى من نفسه انتهاكًا لمحرَّم، أقلع عنه، وندم وتاب واستغفر".

 

هذا ما يسَّر الله إيراده، والله أسأل بمنِّه وكرمه أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ملامح تربوية من وهج التربية الإسلامية للارتقاء بالنفس الإنسانية (2)
  • ملامح تربوية من قول الله تعالى: { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب }
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {كلا إن الإنسان ليطغى}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو كل شيء قدير}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: { من كان يريد العزة فلله العزة جميعا... }
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون﴾

مختارات من الشبكة

  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها...﴾(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {ومن يهن الله فماله من مكرم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورًا﴾(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره...} (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا} (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب