ظاهرة قتل الأزواج والزوجات: أسبابها، والوقاية منها

ظاهرة قتل الأزواج والزوجات

أسبابها والوقاية منها

تعددت في الآونة الأخيرة الحالات الفردية من الجرائم الأسرية؛ كقتل الأزواج والزوجات، وقتل الأب لأبنائه أو قتل أحدهم، وقتل الأم لأبنائها أو قتل أحدهم، أو قتل أحد الأبناء لأبويه، أو قتل أحدهم، أو قتل أحد الأقارب لأحد أقاربه مع اختلاف درجة القرابة، الأمر الذي يثير علامات الدهشة والاستغراب من أفراد المجتمع، كيف يحدث هذا؟! ولماذا يحدث؟! ولما كانت حالات جرائم قتل الأزواج والزوجات هي الأكثر انتشارًا، وإن كانت لم تبلغ حد الظاهرة، لكنها حالات غريبة على بيوتنا القائمة على المودَّة والرحمة على الرغم من مستوى الثقافة والتعليم العالي لكثير ممن يقومون بالقتل رجالًا ونساءً؛ لذا كان هذا المقال لمحاولة مناقشتها للتعرف على أسبابها، ومحاولة اقتراح بعض المقترحات للوقاية منها، وفيما يلي بيان ذلك:

أسباب قتل الأزواج والزوجات:

من أبرز أسباب قتل الأزواج والزوجات ما يلي:

• ضعف البنية الأخلاقية للأبناء منذ الصغر: ممَّا أدى إلى ضعف منظومة القيم والمبادئ والأخلاق الفاضلة، وحسن معاملة الآخرين في ظلِّ انشغال الأب والأم بالعمل وتلبية احتياجات الأسرة من مأكل ومشرب.

• اختيار الزوجة أو الزوج على أسس غير سليمة، والاهتمام بالشكليات في ذلك، وهذا الخطأ في الاختيار من الجانبين (الزوج والزوجة) تترتب عليه تعاسة لصاحبه طوال حياته مع شريكه، وقد تنتهي الحياة الزوجية بالقتل في بعض الحالات.

• اللجوء إلى العنف بدلًا من الحوار: فالعالم الافتراضي أصبح الآن هو العالم الواقعي لدى الكثير من الناس، حيث نجد القاتل يلجأ إلى العنف والضرب بدلًا من الحوار بين الزوجين.

• حالة الصمت بين الزوجين الممزوجة بالمَلَل لكثرة المشاغل، والضغوط والأعباء، وعدم تفهُّم لغة الحوار، وعدم اختيار الوقت المناسب له.

• تسلية الزوج مع أصدقائه، وإهماله التام للزوجة والأولاد.

• بعض ما تنشره بعض حسابات مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث نجد متابعة الأزواج لما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي من موضوعات مثل: كيف تقتل الزوجة زوجها دون مساءلة؟! وكثرة البرامج التي تهاجم الأزواج، وتشجع الطلاق، واستراد الحق بالقوة في ظل كثرة المواقف الحياتية الصعبة والخلافات الأسرية.

• صعوبة الحالة الاقتصادية بسبب كورونا لدى كثير من الأسر، بالإضافة إلى بخل وتقتير بعض الأزواج على زوجته وأولاده بالإضافة إلى ازدياد الاحتياجات اليومية وارتفاع أسعارها وانخفاض الدخول للأزواج بدأت العداوة تزداد والمشاجرات اليومية تزداد.

• الغيرة الشديدة المفرطة، وبسبب تعاطي المُخدِّرات أو وجود مرض نفسي عند بعض الأزواج بالإضافة إلى انعدام التوازن النفسي.

•انتشار عادات وتقاليد خاطئة لدى بعض الدول حيث نجد عادات تقوم على فكرة قَهْر المرأة من بداية الزواج، ففي بعض الدول: يأتي الزوج المحارب ثم يقوم بضرب عروسه في أثناء الاحتفال؛ لكي يجعلها تُسلم له منذ البداية، وتخضع له، وتنفذ كل مطالبه، ولكي تعترف أنه السيد المطاع في البيت.

• انتشار الأقوال (التي ما أنزل الله بها من سلطان) التي تنسب إلى بعض الدول على أنها أمثال، وكلها تحث على بغض الزوجة وتسفيهها وتحقيرها والتقليل من شأنها! مثل (يخرب البيت ثلاثة: زوجة شابة، وخبر جديد، وخشب أخضر)؛ "مثل بلجيكي"، ومثل: (من تزوَّج امرأة لها ثلاث بنات تزوَّج أربعة لصوص)؛ "مثل إنجليزي"، ومثل: (من له بيت هادئ ليست له زوجة)؛ "مثل لاتيني"، ومثل: (الزوجة كالسجادة كلما ضربتها بالعصا تخلصت من الغبار العالق بها ونظفت)؛ "مثل صيني"، وغيرها كثير.

المقترحات للوقاية من حالات قتل الأزواج والزوجات:

تعتبر الحياة الزوجية كلًّا متكاملًا في مختلف جوانبها الوجدانية والنفسية والاجتماعية، وإن التوازن بين هذه الجوانب ضروري لتحقيق التماسك والاستقرار الأسري، ويقي من المشكلات الأسرية والوقاية منها؛ لأن الحياة الزوجية ليست سهلة كما قد يعتقد البعض، فالاحتكاك اليومي بين الزوجين داخل الأسرة يؤدي إلى حدوث الكثير من المشاحنات والخلافات التي يمكن التغلب عليها بشيء من التعقُّل والذكاء والفهم والصبر، وفيما يلي بعض المقترحات التي يمكن من خلالها الوقاية من قتل الأزواج والزوجات:

• ضرورة تعاون الإعلام والمؤسسات العلمية والمساجد، وتعريف وتبصير أفراد الأسرة بالقانون والعقوبات، وضرورة التعرف على الأسباب المؤدية إلى حدوث الجرائم للقضاء عليها.

• تربية الأبناء على القيم والأخلاق والالتزام بالمبادئ منذ الصغر، وتعويدهم حسن معاملة الآخرين، وضرورة مراجعة العلاقة بين الأزواج في ضوء قيم الاحترام المتبادل.

• ضرورة التمهُّل وعدم التسرُّع والاستعجال، في اختيار الزوج أو الزوجة، وأخذ الوقت الكافي، وتحديد الزوجة المناسبة والزوج المناسب بأسلوب علمي وموضوعي وواقعية وصراحة، بعيدًا عن الشكليات.

•ضرورة نشر البرامج التوعوية، وتعزيز فكرة الإرشاد الأسري؛ مثل: إعطاء المقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا دورات تدريبية حول أبجديات الحوار الفعَّال أو أسس التواصُل البناء بين أفراد الأسرة، والعمل على تدريس مادة الثقافة الأسرية بالمدارس الثانوية والجامعات بجميع الكليات والفِرَق.

• اشتراط الحصول على شهادة (الكفاءة للزواج) لكل من يُقدِم على الزواج من خلال الاشتراك في دورات تدريبية على متطلبات الحياة الزوجية وورش عمل تطبيقية، مع ضرورة دراسة الاتزان النفسي لكل من يُقبِل على الزواج.

• القضاء على المَلَل داخل الأسرة، من خلال تجديد أسلوب الحياة اليومي، وطريقة العيش؛ كالقيام برحلات الراحة، والاستجمام مع أفراد الأسرة، مع التوازن في تسلية الزوج مع أصدقائه، وعدم إهمال الزوجة والأولاد.

• حث الزوجين على تحقيـق المطالـب الأسـرية والتوافــق الأســري، فهو يعمل على تحقيق الــسعادة الأســرية والاســتقرار وحل المشكلات الأسرية، والحرص على سرية وخصوصية العلاقات الزوجية.

• ضرورة أن يحترم الزوجان كل منهما الآخر، وأن يتعاملا بالصراحة التامة، والمناقشة الهادئة الموضوعية، مع ضرورة تجاوز الأخطاء البسيطة بين الزوجين، والبُعْد عن الجِدال الاستفزازي والعناد والتحدي، وترشيد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم التفاعل مع البرامج التي تشجع العنف والانتقام، والتفاعل مع أفراد الأسرة والتعامل معهم برحمة وشفقة بعيدًا عن العنف.

• ضرورة عمل رقابة على برامج الإعلام الجديد، وحذف البرامج التي تُشجِّع العنف في الأسرة وتُشجِّع الانفصال بين الزوجين، ونبذ العنف في التعامل، والاتسام بالصبر، والصدق والصراحة في كل الأحوال.

• الإكثار من البرامج التوعوية لأفراد الأسرة بكيفية التصرف وقت الضائقة المالية، خاصة وقت الأزمات الطارئة، وضرورة توعية الأزواج بالتوازن في النفقات.

• التصدي للعادات والتقاليد الاجتماعية والأمثال والأقوال والتصورات الخاطئة لدى بعض الدول بالرغم من أننا في عصر الثورة الصناعية الرابعة، والعمل على أن يدرك الزوجان تمام الإدراك من بداية الزواج أن الزواج مسؤولية وأعباء وتسامح وتنازل، ورباط قوي، وميثاق غليظ، وصلات متينة ووشائج متينة تحملها على التراحم والتآلف، وتعصمهما من البغي والعدوان، كما أن الزواج يحافظ على الهدوء التام والاستقرار النفسي.

وختامًا: يُعد الطلاق خيرًا للزوجين عند تعثُّر حل المشكلات الزوجية وخيرًا من القتل.

المراجع:

• أحمد سالم بادويلان، الباحثون عن الحب، ط2، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 1427هـ.

• حسن أحمد همام، قصة أعظم زواج، ط1، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 1427هـ.

• زينب حقي، ونادية أبو سكينة: العلاقات الأسرية بين النظرية والتطبيق، المملكة العربية السعودية، دار خوارزم العلمية للنشر والتوزيع، 2009م.

• القسم العلمي دار الحضارة: كيف تختار شريك حياتك، ط2، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 1426هـ.

• القسم العلمي دار الحضارة: أفكار للمرأة، ط2، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 1426هـ.

• القسم العلمي دار الحضارة: روائع الأمثال، ط2، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 1428هـ.

• فيصل محمد عراقي: الزواج "سنة وأحكام ومعالم"، مكة المكرمة، دار الثقافة، 1415هـ.

• محمد رجب السامرائي، صور من غرائب وعجائب الحياة الاجتماعية، ط1، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع،1431هـ.

• نهاد سيد إدريس: الخلافات شبح يهدد الحياة الزوجية، ط1، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 1429هـ.

• نهاد سيد إدريس: سفينة الحياة الزوجية إلى شاطئ السعادة الأبدية، ط1، الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 1429هـ.

التحقيقات المنشورة عن جرائم قتل الأزواج في الصحف التالية:

• صحيفة أخبار اليوم، الأربعاء، 28 يولية 2021.

• صحيفة الأهرام، 25 -7-2021م.

• صحيفة اليوم السابع، الجمعة، 02 أكتوبر 2020م.