• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / أزواج وزوجات
علامة باركود

القوامة تكليف وتشريف

القوامة تكليف وتشريف
د. عطية بن عبدالله الباحوث

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/1/2022 ميلادي - 21/6/1443 هجري

الزيارات: 16391

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القوامة تكليف وتشريف

 

الحديث عن هذا الموضوع رغم وضوحه الشرعي إلا أنه دائمًا يُفهم على غير مراد الشرع وذلك لكثرة المناهضين له والمدعين عليه افتراء وكذبًا، وأيضًا بسبب الجهل العلمي وسوء التطبيق العملي من المسلمين.

 

ولكي نضع هذا الموضوع على منصة الإنصاف والعدل يجب أن يؤطر في إطاره الشرعي الصحيح إيضاحًا فقط، وإلا فالشرع قد جعله في اطاره دينًا يفهمه كل مؤمن ومنصف. وحتى لا يتشعب الموضوع نجعله في عناوين سهلة التناول:

 

أولًا: تعريف القوامة:

الْقِوَامَةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْقِيَامُ عَلَى الأْمْرِ أَوِ الْمَال، أَوْ وِلاَيَةُ الأْمْرِ. وَالْقَيِّمُ: هُوَ الَّذِي يَقُومُ عَلَى شُئُونِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَيَلِيه، وَيَرْعَاهُ، وَيُصْلِحُ مِنْ شَأْنِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 34].

 

ولاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ[1].

 

من هنا نجد أن القوامة تكليف شرعي، والتكليف الشرعي يخاطب العاقل البالغ الذي يفهم الخطاب، والكلام هنا على قضية الولاية المستلزمة لولي له مقومات الولاية يمسك بزمامها ويكون تحته رعية يتولى عليهم على ركن متين غليظ وهو الأمانة في الأخذ بالأصلح، ولا تقوم حياة الناس إلا بهذا.

 

قال الشوكاني: (فَمَعَ عَدَمِ التَّأْمِيرِ يَسْتَبِدُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِرَأْيِهِ وَيَفْعَلُ مَا يُطَابِقُ هَوَاهُ فَيَهْلِكُونَ، وَمَعَ التَّأْمِيرِ يَقِلُّ الِاخْتِلَافُ وَتَجْتَمِعُ الْكَلِمَةُ) [2]، وهذا كلام نفيس سديد حتى وصل الأمر أن قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا كنتم ثلاثةً فأمِّروا أحدَكم)[3].

 

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إذا كنتم ثلاثةً في سفرٍ فأمِّروا أحدَكم، ذاكَ أميرٌ أمَّره رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم)[4]، كل هذا من أجل توحيد القيادة الذي يؤدي قطعًا للقضاء أو التقليل من الخلاف، وفي الخلاف ولا شك مساس بالهدف وقضاء على المقاصد والمصالح، وهذا ما لا يريده الأسوياء.

 

ثانيًا: ركنا القوامة:

ذكر الله ركني القوامة بكل صراحة ووضوح علمي؛ فقال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾[5]، وسوف اترككم مع أقوال أهل التفسير سردًا؛ ماذا قالوا عن ركني القوامة:

 

قال ابن كثير:

 

(يَقُولُ تَعَالَى: ﴿ الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ﴾؛ أَيِ: الرَّجُلُ قَيِّمٌ عَلَى الْمَرْأَةِ، أَيْ هُوَ رَئِيسُهَا وَكَبِيرُهَا وَالْحَاكِمُ عَلَيْهَا وَمُؤَدِّبُهَا إِذَا اعْوَجَّتْ، ﴿ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ﴾؛ أَيْ: لِأَنَّ الرِّجَالَ أَفْضَلُ مِنَ النِّسَاءِ، وَالرَّجُلُ خَيْرٌ مِنَ الْمَرْأَةِ، وَلِهَذَا كَانَتِ النُّبُوَّةُ مُخْتَصَّة بِالرِّجَالِ، وَكَذَلِكَ الْمُلْكُ الْأَعْظَمُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً »؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ، وَكَذَا مَنْصِبُ الْقَضَاءِ وَغَيْر ذَلِكَ.

 

﴿ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ ﴾؛ أَيْ: مِنَ الْمُهُورِ وَالنَّفَقَاتِ وَالْكُلَفِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَهُنَّ فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالرَّجُلُ أَفْضَلُ مِنَ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهِ، وَلَهُ الْفَضْلُ عَلَيْهَا وَالْإِفْضَالُ، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ قَيِّمًا عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 228]، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿ الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ﴾ يَعْنِي أمراء، عليها أن تُطِيعَه فِيمَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ طَاعَتِهِ، وَطَاعَتُهُ أن تكون محسنةً لأهله حَافِظَةً لِمَالِهِ)[6].

 

وقال البيضاوي في تفسيره:

(﴿ الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ﴾: يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية، وعلل ذلك بأمرين وهبي وكسبي؛ فقال: ﴿ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ﴾: بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ومزيد القوة في الأعمال والطاعات؛ ولذلك خصوا بالنبوة والإِمامة والولاية وإقامة الشعائر، والشهادة في مجامع القضايا، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها، والتعصيب وزيادة السهم في الميراث والاستبداد بالفراق. ﴿ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ ﴾: في نكاحهنَّ كالمهر والنفقة)[7].

 

وقال ابن العربي في تفسير الآية:

( قوله: ﴿ قَوَّامُونَ ﴾ يقال: قوّم وقيم وهو فعال وفيعل من قام، والمعنى: هو أمين عليها، يتولى أمرها ويصلحها في حالها، قاله ابن عباس، وعليها له الطاعة... وعليه – أي الزوج – أن يبذل المهر والنفقة ويحسن العشرة، ويحميها ويأمرها بطاعة الله تعالى، ويرغب إليها شعائر الإسلام، من صلاة وصيام، وعليها الحفاظ لماله، والإحسان إلى أهله وقبول قوله في الطاعات)[8].

 

وقال الزحيلي:

(الرّجل قيّم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجّت، وهو القائم عليها بالحماية والرعاية، فعليه الجهاد دونها، وله من الميراث ضعف نصيبها، لأنه هو المكلّف بالنّفقة عليها. وسبب القوامة أمران:

الأول- وجود مقوّمات جسدية خلقية: وهو أنه كامل الخلقة، قوي الإدراك، قوي العقل، معتدل العاطفة، سليم البنية، فكان الرجل مفضلا على المرأة في العقل والرأي والعزم والقوة، لذا خصّ الرّجال بالرّسالة والنّبوة والإمامة الكبرى والقضاء وإقامة الشعائر كالأذان والإقامة والخطبة والجمعة والجهاد، وجعل الطلاق بيدهم، وأباح لهم تعدد الزوجات، وخصهم بالشهادة في الجنايات والحدود، وزيادة النصيب في الميراث، والتعصيب.

 

الثاني: وجوب الإنفاق على الزوجة والقريبة، وإلزامه بالمهر على أنه رمز لتكريم المرأة.

وفيما عدا ذلك يتساوى الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وهذا من محاسن الإسلام، قال الله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228]؛ أي: في إدارة البيت والإشراف على شؤون الأسرة، والإرشاد والمراقبة، وذلك كله غرم يتناسب مع قدرات الرّجل على تحمل المسؤوليات وأعباء الحياة. وأما المرأة فلها ذمة مالية مستقلة وحرية تامة في أموالها)[9].

 

من خلال ما سبق نجد أن الرجل أعطي القوامة تكليفًا من الله كما كلفه بالجهاد دون المرأة فالمعترض على ذات القوامة معترض على حكم الله وتكليفه، ولكي يقوم الرجل بها على الكمال:

أ‌- وهبه الله مميزات جسدية تتمثل في قوة البنية وتحمل المشاق، وقوة عقلية قابلة للنمو بحكم مشاركته في ميادين الحياة بصورة دائمة وقوية، كما أنه يملك عاطفة نوعية، قادر على كبتها في الأزمات، وبثها بمقدار عند الحاجات، ولديه قوة لمواجهة الصدمات النفسية مهما بلغ عنفها، ولديه قدرة على التضحية من أجل عقيدته أو مبادئه ولو كان في ذلك سفك دمه، أيضًا قليل الانسحاب في ميادين الشرف والعزة، عنده استعداد لمجابهة الرجال، لديه خبرة بالمكايد يصعب معها انجرافه مع مسالكها، لديه غيرة تشكل خط دفاع حماية لمن تحت يده، لديه تنازلات ضخمة مقابل حصول المصلحة، ينظر إلى المستقبل نظرة قوية وثاقبة، يحترم العقود خاصة عقد النكاح فهو حريص على البقاء أكثر من حرصه على الطلاق، عنده قدرة على الحزم ولكن بعقل، لديه شكر للعطاء، لا ينكر الجميل، ويستحي من المنن، لديه تضحية طولية المدى خاصة من أجل أسرته، عنده صبر طويل الأجل، لديه سعة صدر لمختلف المواقف، ويتألم في صمت، ويتكلم عندما يجد أن للكلام جدوى، يراعي أكثر من جانب في ذات الوقت ليحقق توازن العلاقات، وغير هذا تجده في الرجل، ولكن ليس كل رجل، فالرجل الذي لديه عبودية مع الله تجد فيه ما قلت بل وأكثر مما قلت، وهنا ربما يرد السؤال: أليس المرأة تملك مثل هذا؟ نقول: قد تملك بعض الجوانب لكن لا يمكن أن تستوي مع الرجل، فهي مثله في بعضها وأقل منه في بعضها وأفضل منه في جوانب، ولكن عندما تكون القضية متعلقة بالقيادة كمسؤولية انفرادية فالرجال أهل لها بما وهبة الله، وقد جاء عن المغيرة أنه قال: "النساء أربع، والرجال أربعة: رجل مذكر وامرأة مؤنثة، فهو قوام عليها، ورجل مؤنث وامرأة مذكرة فهي قوامة عليه. ورجل مذكر وامرأة مذكرة فهما كالوعلين ينتطحان. ورجل مؤنث وامرأة مؤنثة، فهما لا يأتيان بخير، ولا يفلحان"[10].

 

 

ب‌- كلفه الله بالنفقة والعطاء وأي شيء أشق على النفس أن تكد لتعطي غيرك وربما حرمت نفسك الكثير من كسبك وأنت في أمس الحاجة إليه، وأي نعمة وتكريم للمرأة أن تجد من يسعى عليها ويكفيها وقاحة الشارع ونكد العمل وقبح المنافسة بل يعطيها في بداية النكاح المهر وجوبًا عليه ولا يجوز له أن يماطلها فيه. فأي كرامة أعظم من هذا.

 

تقول الروائية الإنجليزية الشهيرة أجاثا كريستي: "إن المرأة مغفلة، لأن مركزها في المجتمع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم لأننا بذلنا الجهد الكبير للحصول على حق العمل والمساواة مع الرجل، ومن المحزن أننا أثبتنا - نحن النساء - أننا الجنس اللطيف الضعيف ثم نعود لنتساوى اليوم في الجهد والعرق اللذين كانا من نصيب الرجل وحده" ا.ه

 

أتظن المرأة عندما تعمل وتكد وتعافس الناس بلا حاجة وهي مكفية بغيرها أنها حققت حلمًا، سوف تجمع المال وسوف يذهب في جيوب الذكور ولا أقول الرجال، وتبقى طوال حياتها بين نار الطلاق ومحاكمات الأوغاد، أو الصبر على أمر لا يطيقه طبيعة النساء، فالمال والنفقة تكليف شرعي ثقيل على الرجل يجعله أهلًا للقوامة فانتزاعها منه بدعوى الإنفاق لا يصح عقلًا ولا شرعًا.

 

ثالثًا: مهمات قوامة الرجل:

لو أردنا أن نعطي المهمات الرئيسة للرجل بما يوضح أهليته للقوامة نذكرها في نقاط:

أ‌- الصداق شرط من شروط صحة العقد فهو واجب بالكتاب والسنة والإجماع قال تعالى: ﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا ﴾[11]، وفي حديث عبدالرحمن بن عوف: سأل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ، وتزوَّجَ امرأةً مِن الأنصارِ: كم أَصْدَقْتَها؟ قال: وزنَ نواةٍ مِن ذهبٍ... )) [12]، وحديث عائشة ((سَأَلْتُ عَائِشَةَ زَوْج النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كَمْ كانَ صَدَاقُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ قالَتْ: كانَ صَدَاقُهُ لأَزْوَاجِهِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا، قالَتْ: أَتَدْرِي ما النَّشُّ؟ قالَ: قُلتُ: لَا، قالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ، فَتِلْكَ خَمْسُمِئَةِ دِرْهَمٍ، فَهذا صَدَاقُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لأَزْوَاجِهِ))[13] وقال ابن حزم: (وَاتَّفَقُوا أَنه إن وَقع فِي هَذَا النِّكَاح وَطْء فَلَا بُد من صدَاق) [14]، وقال ابن رشد عن الصداق: (أَمَّا حُكْمُهُ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوَاطُؤُ عَلَى تَرْكِهِ) [15].

 

فهذا تكليف للرجل بإعطاء هذا المبلغ المالي أو العين أو المنفعة للمرأة تكريمًا لها مقابل بذل نفسها لتكون ثمينة عند زوجها غالية عند ترباتها حرة شريفة.

 

ب – النفقة:

النفقة على الزوجة من آكد النفقات؛ قال تعالى: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا)[16]، وأما في السنة فورد عدة أحاديث منها: (فاتَّقوا اللهَ في النساءِ، فإنَّكم أخذتموهنَّ بأمانةِ اللهِ، واستحللتُم فروجَهُنَّ بكلمةِ اللهِ، وإنَّ لكم عليهنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحدًا تكرهونَه، فإن فعلْنَ ذلك فاضربوهنَّ ضربًا غيرَ مبرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رزقُهُنَّ وكسوتُهُنَّ بالمعروفِ)[17]، وحديث: (أنَّ هِنْدًا قالَتْ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فأحْتَاجُ أنْ آخُذَ مِن مَالِهِ، قالَ: خُذِي ما يَكْفِيكِ ووَلَدَكِ بالمَعروفِ)[18].

 

(وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ، فَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَاتِ الزَّوْجَات عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، إذَا كَانُوا بَالِغِينَ، إلَّا النَّاشِزَ مِنْهُنَّ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرُهُ) [19].

 

فهذا فرض على الزوج أن ينفق على زوجته بل إذا لم يفعل أجبر على النفقة، ولو انفقت على نفسها وهو ممتنع لغيابه عنها ونحوه فلها أن ترجع إليه بما أنفقت لأنه دين في ذمته، ثم لو كان من أفقر الناس والزوجة من أغنى الناس لزمه الانفاق بحسب حاله ولا يقال تنفق المرأة على الزوج.

 

ج - العشرة بالمعروف:

قال القرطبي في قوله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾:

(وَذَلِكَ تَوْفِيَةُ حَقِّهَا مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَأَلَّا يَعْبَسَ فِي وَجْهِهَا بِغَيْرِ ذَنْبٍ، وَأَنْ يَكُونَ مُنْطَلِقًا فِي الْقَوْلِ لَا فَظًّا وَلَا غَلِيظًا وَلَا مُظْهِرًا مَيْلًا إِلَى غَيْرِهَا... فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِحُسْنِ صُحْبَةِ النِّسَاءِ إِذَا عَقَدُوا عَلَيْهِنَّ لِتَكُونَ أَدَمَةُ مَا بَيْنَهُمْ وَصُحْبَتُهُمْ عَلَى الْكَمَالِ، فَإِنَّهُ أَهْدَأُ لِلنَّفْسِ وَأَهْنَأُ لِلْعَيْشِ. وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أن يتصنع لها كما تتصنع له. وقال يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَنْظَلِيُّ: أَتَيْتُ مُحَمَّدَ ابن الْحَنَفِيَّةِ فَخَرَجَ إِلَيَّ فِي مِلْحَفَةٍ حَمْرَاءَ وَلِحْيَتُهُ تَقْطُرُ مِنَ الْغَالِيَةِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْمِلْحَفَةَ أَلْقَتْهَا عَلَيَّ امْرَأَتِي وَدَهَنَتْنِي بالطيب، وإنهن يشتهين مناما نَشْتَهِيهِ مِنْهُنَّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِامْرَأَتِي كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ [الْمَرْأَةُ لِي)[20].

 

هذا هو الخط العام للعشرة أن يسعى الزوج إلى كل ما يحبب المرأة إليه سواء في الأقوال أو الأفعال فإن النساء يعجبنهن ذلك فيكن حافزًا للعطاء والبذل.

 

رابعًا: مكملات القوامة:

العلاقة في القوامة علاقة مشتركة ولذا لها شقان لا ينفكان زوج عليه حقوق وله واجبات، وزوجة لها حقوق وعليها واجبات فإذا اكتملت هذه الأوجه ظهر الوجه الحسن للقوامة، وهنا أبين ما يمكن أن تقدمه الزوجة لجعل القوامة العملية في أحسن أحوالها:

 

أ - طاعة المرأة:

الطاعة ركن القوامة ولا نعني بالطاعة المطلقة بل كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا طَاعَةَ في مَعْصِيَةٍ، إنَّما الطَّاعَةُ في المَعروفِ) [21].

 

وهذه الطاعة من فضل الله ورحمته مع وجوبها على الزوجة جعل لها أعظم الأجر؛ ففي الحديث: (قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: المرأةُ إذا صَلَّتْ خَمسَها، وصامتْ شَهرَها، وأَحصنتْ فَرجَها، وأطاعت بَعلَها؛ فَلْتَدْخُلِ مِنْ أَيِّ أبوابِ الجنةِ شاءتْ) [22]، فلا يمكن أن تستقيم الحياة الزوجية مع النشوز والعصيان والتمرد على الأوامر، بل الحياة كلها لا يمكن إلا من آمر ومنفذ لهذه الأوامر وإن كان الأمر أحيانًا لا يروق لكثير من الأطراف، فمتى اجتهد الزوج في قضية ورأى الأصلح في أمر وجب على الزوجة طاعته، فإذا لم يجتهد ويبحث عن الأصلح فيمكن المناقشة من الزوجة والمداولة والاستشارة ولكن لا بد من أخذ القرار والمكلف بأخذه الزوج فإن أصاب فله الأجر وإن أخطأ غير متعمد فله أجر وإن تعمد الخطأ فعليه الوزر وللزوجة بطاعتها الأجر، ولكن لا يعني إلغاء مشاركة الزوجة فانظر إلى هدي خير المرسلين ففي الحديبية (لما كتب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ القضيَّةَ بينه وبين مُشركي قريشٍ، وذلك بالحديبيةِ عامَ الحُديبيةِ، قال لأصحابِه: قومُوا فانحروا واحلِقوا، قال: فواللهِ ما قام منهم رجلٌ، حتى قال ذلك ثلاثَ مراتٍ، فلما لم يقمْ منهم أحدٌ، قام فدخل على أمِّ سلمةَ، فذكر ذلك لها، فقالت أمُّ سلمةَ: يا نبيَّ اللهِ! اخرُجْ ثم لا تُكلِّمْ أحدًا منهم بكلمةٍ، حتى تنحرَ بُدْنَكَ وتدعوَ حلَّاقَكَ فتحلقَ! فقام فخرج فلم يكلِّمْ منهم أحدًا، حتى فعل ذلك، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضُهم يحلِقُ بعضًا، حتى كاد بعضُهم يقتلُ بعضًا غمًّا) [23]، فالنساء ربما كان لها من الرأي ما لم يصل إليه أفذاذ الرجال، ولذا من المستحسن ألا يستبد الرجل برأي بل المشورة سيرة خير الأنام، وأحب ما تكون المشورة ممن يكون لك محبًا.

 

ب ـ ملازمة البيت:

البيت يحتاج لأمرين: تنظيم داخلي ومورد خارجي فالمورد الخارجي بالبناء والنفقة جعل على الزوج، وتبقى المهمة الأعظم التنظيم الداخلي وهذه وبكل جداره لا يمكن أن يقوم بها إلا المرأة وذلك لما تملك من ذوق التنظيم والعاطفة والرحمة، فالذي يأتي من الخارج وقد اعترك مع الناس في الحياة من الزوج والأبناء لا يريد إلا الأجواء الفواحة بالطيب والطيبات ولذا البيت خير من يقدم هذا بوجود المرأة العاقلة الناصحة المحبة والزوجة الصالحة والأم الفاضلة فيكتمل الموردان ليكون هناك انسجام وتناغم في الأسرة ليقوم كلٌّ بما أنيط به من المهام، وهل كانت الأجيال المنتجة المعطية المثمرة في هذه الأمة إلا من نتاج النساء الفاضلات اللواتي جعلن من البيت مدرسة العلم والعطاء والاحترام.

 

ولذا جاء الخطاب الشرعي يتوافق مع هذه الفطرة، فقال تعالى: ﴿ يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾[24].

 

قال ابن كثير: (هَذِهِ آدَابٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِسَاءُ الأمة تبع لهن في ذلك... ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾؛ أي: الزمن فَلَا تَخْرُجْنَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ).

 

نساء النبي من الطهر والعفاف بحيث لا تقارن امرأة بهن، ومع ذلك أمرهن الله بالبقاء في البيت، بل ونسب البيت لهن مع أنه بيت الزوج زيادة في تأكيد هذا البقاء الذي يعد أعظم مهمة تقدمها المرأة في حياتها فهذا البقاء ليس حبسًا لحريتها بل هو مهمة تتفضل بها على الأمة بإنتاج أبناء الأمة صالحين مخلصين لدينهم نافعين لأمتهم محافظين على بلدهم، فخروج المرأة من بيتها لغير ما حاجة هي بداية ضياع الأسرة وطمع الناس فيها ففي الحديث: (المرأةُ عورةٌ فإذا خرجتِ استشرفَها الشَّيطانُ) [25].

 

قال ابن العربي: (اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ أي: ارْتَفَعَ يَتَطَلَّعُ إليها، ويَحْمِلُ كُلَّ مَنْ كان من رجاله وأشكاله وأهل طاعته على نَيْلِ ذلك؛ فلذلك جُعِلَتْ عَوْرَةً مستورة) [26].

 

وقيل: قَوْلُهُ (الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبِحَارِ: جَعَلَ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا عَوْرَةً لِأَنَّهَا إِذَا ظَهَرَتْ يُسْتَحَى مِنْها كَمَا يُسْتَحَى مِنَ الْعَوْرَةِ إِذَا ظَهَرَتْ وَالْعَوْرَةُ السَّوْأَةُ وَكُلُّ مَا يُسْتَحَى مِنْهُ إِذَا ظَهَرَ، وقِيلَ: إِنَّهَا ذَاتُ عَوْرَةٍ (فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ)؛ أَيْ: زَيَّنَهَا فِي نَظَرِ الرِّجَالِ. وَقِيلَ: أَيْ نَظَرَ إِلَيْهَا لِيُغْوِيَهَا وَيُغْوِيَ بِهَا، والْأَصْلُ فِي الِاسْتِشْرَافِ رَفْعُ الْبَصَرِ لِلنَّظَرِ إِلَى الشَّيْءِ وَبَسْطُ الْكَفِّ فَوْقَ الْحَاجِبِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَرْأَةَ يُسْتَقْبَحُ بُرُوزُهَا وَظُهُورُهَا فَإِذَا خَرَجَتْ أَمْعَنَ النَّظَرَ إِلَيْهَا لِيُغْوِيَهَا بِغَيْرِهَا وَيُغْوِيَ غَيْرَهَا بِهَا لِيُوقِعَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الْفِتْنَةِ أَوْ يُرِيدُ بِالشَّيْطَانِ شَيْطَانُ الْإِنْسِ مِنْ أَهْلِ الْفِسْقِ سَمَّاهُ بِهِ عَلَى التَّشْبِيهِ) [27].

 

وهذا أمر واقعي فالمرأة بطبيعتها جذابة بجمالها ولا يمكن في يوم من الأيام أن تخرج ولا تمسها عين ناظر أو يد لامس هذه فطرة الميل إلى النساء، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من خروجها لغير ما حاجة بل شدد في ذلك في حديث أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي؛ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد عَلِمْتُ أنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلاةَ مَعي، وصَلاتُكِ في بَيتِكِ خيرٌ لَكِ من صَلاتِكِ في حُجْرَتِكِ، وصَلاتُكِ في حُجْرَتِكِ خيرٌ من صَلاتِكِ في دَارِك، وصَلاتُكِ في دَارِكِ خيرٌ لَكِ من صَلاتِكِ في مسجدِ قَوْمِكِ، وصَلاتُكِ في مسجدِ قَوْمِكِ خيرٌ لَكِ من صَلاتِكِ في مسجدِي قال: فأمَرَتْ، فبُنِيَ لها مسجدٌ في أقصى شيءٍ من بيتِها وأظْلَمِه، وكانت تُصلي فيه، حتى لقِيَتِ اللهَ عزَّ وجلَّ)[28]، فهذه عبادة وفضل صلاة في مسجد النبي بألف صلاة ومع ذلك ستر المرأة أولى، وتعجب لمن تخرج مع غير ذي محرم وتخلو مع سواقها في سيارتها أو قد تسافر بلا محرم من أجل أن تتنفل في المسجد أو تأخذ عمرة، فهذا من عدم فقه الأولويات فدرأ المفاسد أولى من جلب المصالح، وإن المرأة التي تخرج متبرجة متجملة متعطرة لينظر إليها الناس قد احتملت أوزارهم؛ لأنها سبب في وزرهم.

 

والمرأة لا يمكن أن تقوم بما فرض الله عليها من الرعاية إلا إذا لزمت بيتها؛ فعن عبدالله بن عمر قال: قال رسل الله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ)[29].

 

هذه مهمة مشتركة بين الزوجين وهي رعاية البيت، وحظ المرأة من الرعاية أعظم لما أعطاها الله من قوة في الصبر على تصرفات الأبناء وبما أودع الله فيها من الحنان والعطف، فرعايتها رعاية عاطفية في المقام الأول ولا شك أن في خروجها بلا حاجة يفقدها شيء من الحنان والعطف بحكم قسوة الخارج.

 

بل أكد الشرع أن صيانة البيت وتقنين الزيارات والزائرين تشارك فيها الزوجة لإكساب الجو العام في البيت التنظيم المحصل للراحة والهدوء، قال صلى الله عليه وسلم: (ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا. ولنسائكم عليكم حقًّا. فأما حقُّكم على نسائكم فلا يوطئنَ فرُشَكم من تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون. ألا وحقُّهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) [30].

 

فالمرأة العاقلة لا تدخل في بيتها أي أمر يؤدي إلى إزعاج أو إرباك الأسرة بأي وجه من الوجوه، ولا يعني في نهاية المطاف ألا تخرج المرأة بل تخرج مع زوجها وأولادها لتقضي معهم أجمل الرحلات والسفرات ويكون لهم برامج للخروج من أجواء البيت لفترة تعيد لهم الرغبة في الرجوع له.

 

د ـ الخدمة:

هذه المسألة فيها خلاف والراجح أن يقال: خدمة المرأة زوجها في الغسل والطبخ والخبز برضاها جائز بالإجماع، ويجبُ إذا كان العرفَ السائد فهو متعلق بالأحوال والأعراف، وهذه الخدمة التي تقوم بها المرأة وما تنفقه لها فيه الأجر والثواب ففي حديث أم المؤمنين عائشة قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِن بَيْتِ زَوْجِها غيرَ مُفْسِدَةٍ، كانَ لها أجْرُها، وله مِثْلُهُ، بما اكْتَسَبَ، ولَها بما أنْفَقَتْ، ولِلْخازِنِ مِثْلُ ذلكَ، مِن غيرِ أنْ يَنْتَقِصَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا)[31].

 

فالخدمة والتدبير للمنزل مهمة النساء لقدرتها على ذلك، فإذا عجزت عن الخدمة لمرض أو احتاجت لمساعدة وجب على الزوج التخفيف عليها، ولا بأس للزوج أن يساعد امرأته فهذه عائشة تقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ في أهْلِهِ؟ قَالَتْ: كانَ في مِهْنَةِ أهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَامَ إلى الصَّلَاةِ)[32].

 

وكن الصحابيات على هذا فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وما له في الأرْضِ مِن مالٍ ولا مَمْلُوكٍ، ولا شيءٍ غيرَ ناضِحٍ وغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أعْلِفُ فَرَسَهُ وأَسْتَقِي الماءَ، وأَخْرِزُ غَرْبَهُ وأَعْجِنُ، ولَمْ أكُنْ أُحْسِنُ أخْبِزُ، وكانَ يَخْبِزُ جاراتٌ لي مِنَ الأنْصارِ، وكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وكُنْتُ أنْقُلُ النَّوَى مِن أرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتي أقْطَعَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى رَأْسِي، وهي مِنِّي علَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا والنَّوَى علَى رَأْسِي، فَلَقِيتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومعهُ نَفَرٌ مِنَ الأنْصارِ، فَدَعانِي ثُمَّ قالَ: إخْ إخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسِيرَ مع الرِّجالِ، وذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وغَيْرَتَهُ وكانَ أغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلتُ: لَقِيَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعلَى رَأْسِي النَّوَى، ومعهُ نَفَرٌ مِن أصْحابِهِ، فأناخَ لأرْكَبَ، فاسْتَحْيَيْتُ منه وعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فقالَ: واللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كانَ أشَدَّ عَلَيَّ مِن رُكُوبِكِ معهُ، قالَتْ: حتَّى أرْسَلَ إلَيَّ أبو بَكْرٍ بَعْدَ ذلكَ بخادِمٍ تَكْفِينِي سِياسَةَ الفَرَسِ، فَكَأنَّما أعْتَقَنِي) [33].

 

وإن الخلل كل الخلل أن يتقلد كل من الزوجين منصب الآخر يقول الدكتور "أوجست فوريل" تحت عنوان "سيادة المرأة": (لا يمكن للمرأة أن تعرف السعادة إلا إذا شعرت باحترام زوجها، وإلا إذا عاملته بشيء من التمجيد والإكرام، ويجب أن ترى فيه مثلها الأعلى إما في القوة البدنية، أو الشجاعة، أو التضحية وإنكار الذات، أو في التفوق الذهني.. وإلا فإنه سرعان ما يسقط تحت حكمها وسيطرتها... ولا يمكن أن تؤدي سيادة المرأة إلى السعادة المنزلية؛ لأن في ذلك مخالفة للحالة الطبيعية التي تقضي بأن يسود الرجل المرأة بعقله وذكائه وإرادته، لتسوده هي بقلبها وعاطفتها")[34].

 

نهاية المطاف: هذا توجيه للزوج وتنبيه للزوجة أن يقال: (ليست القوامة كتمًا لأنفاس النساء، ليست القوامة منعًا للمرأة من التعبير عمّا في نفسها، ليست القوامة احتقارًا للمرأة وازدراءً لها وإهدارًا لكرامتها وانتقاصًا من قدرها، بل هي حفظ ورعاية وصيانة وحماية وتكريم وكفاية وإنفاق، استوصوا بالنساء خيرًا، ليست القوامة سبًا أو ضربًا أو تقبيحًا، الرجل لا يضرب الوجه ويقول قبح الله وجهكِ، وإذا هجر لا يهجر إلا في البيت، كما جاء في الحديث وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ. القوامة ليست هي التحكم الجائر بإصدار الأوامر، مجرد إصدار الأوامر، ولا القهر والاستبداد، ولا الظلم ولا الاستعباد؛ لأنه قال: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]. ليست القوامة مسحًا لشخصية المرأة بالكلية، وإنما هي معاونة ومؤازرة ورعاية، هو يوجهها نحو الهدف، داخل هذه المؤسسة الخطيرة من مؤسسات المجتمع وهي الأسرة) [35].

 

أخيرًا؛ اجعلوا هذه العبارة نصب أعينكم وتأكدوا أنها لن تتغير أبدًا طالما هناك رجل وأنثى على سطح الأرض: (القوامة تكليف للزوج وشرف للمرأة).



[1] الموسوعة الكويتية (42/ 26).

[2] نيل الأوطار (8/ 294).

[3] صححه العراقي في تخريج الإحياء، وحسنه العجلوني في كشف الخفاء.

[4] قال الشوكاني في نيل الأوطار: إسناده صحيح. [وله شواهد]

[5] سورة النساء، الآية: (34).

[6] تفسير ابن كثير (2/ 256).

[7] تفسير البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) (2/ 72).

[8] أحكام القرآن لابن العربي (1/ 530).

[9] التفسير المنير الزحيلي (5/ 54).

[10] الأغاني (4/ 277).

[11] سورة النساء، آية: 4.

[12] البخاري (5148).

[13] مسلم (1426).

[14] مراتب الإجماع (69).

[15] بداية المجتهد ونهاية المقتصد (3/ 45).

[16] الطلاق آية (7).

[17] أخرجه مسلم (1218) باختلاف يسير.

[18] أخرجه البخاري (2211)، ومسلم (1714).

[19] المغني لابن قدامة (8/ 195).

[20] تفسير القرطبي.

[21] أخرجه البخاري (7257)، ومسلم (1840)

[22] أخرجه البزار (7480) واللفظ له، وابن عدي في (الكامل في الضعفاء) (3/ 133)، وصححه السيوطي في الجامع الصغير، والألباني في صحيح الجامع.

[23] أخرجه البخاري كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل بدر. وهو متواتر.

[24] الأحزاب آية: (32 - 33)

[25] أخرجه الترمذي (1173) واللفظ له، والبزار (2061)، وابن خزيمة (1685) مطولًا. وصححه ابن العربي في عارضة الأحوذي، والسيوطي في الجامع الصغير، والألباني في الإرواء.

[26] عارضة الأحوذي (1/ 96).

[27] تحفة الأحوذي (4/ 283).

[28] أخرجه أحمد (27090)، وابن خزيمة (1689)، وابن حبان (2217)، قال ابن حجر في الفتح: إسناده حسن وله شاهد. وقال الهيثمي في مجمع لزوائد: رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سويد الأنصاري ووثقه ابن حبان. وحسنه الألباني في صحيح ابن خزيمة، وقال الأرناؤوط في تخريج صحيح ابن حبان: حديث قوي.

[29] أخرجه البخاري (5200)، ومسلم (1829).

[30] أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وصححه ابن الملقن في شرح البخاري، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة.

[31] أخرجه البخاري (1437)، ومسلم (1024).

[32] أخرجه البخاري (676).

[33] أخرجه البخاري (5224)، ومسلم (2182).

[34] الزواج عاطفة وغريزة ــ نور الدين العتر (136).

[35] https:/ / almunajjid.com/ speeches/ lessons/ 27





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القوامة الشرعية للرجل
  • رديف القوامة
  • المرأة والقوامة
  • اختصاص الرجال بالقوامة الزوجية
  • القوامة الزوجية
  • شروط القوامة الزوجية وآثارها
  • شبهات حول القوامة الزوجية
  • قيومية الله عز وجل.. وقوامة الإنسان
  • القوامة لها لوازم لا تتحقق إلا بها

مختارات من الشبكة

  • من الأمور التي تخالف فيها المرأة الرجل ( القوامة )(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • قوامة الرجل على المرأة تكليف وتشريف(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القوامة في الإسلام: حقيقتها وآثارها (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الآثار التربوية المترتبة على اختلال ميزان القوامة في الأسرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • Beda Pria dan Wanita dalam Kepemimpinan Keluarga (الفرق بين الرجل والمرأة في القوامة الزوجية) (PDF)(كتاب - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • القوامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استيفاء القوامة في تفسير آيات الاحتضار من سورة القيامة(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • زوجتي لا تعرف معنى القوامة(استشارة - الاستشارات)
  • قوامة الرجل على المرأة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المرأة والرجل والتكاليف الشرعية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب