قراءة في كتاب هندسة المنهج

قراءة في كتاب "هندسة المنهج"

إعداد: نجلاء السبيعي - ماجستير مناهج وطرق تدريس

متطلب مقرر حلقة بحث، بإشراف أ.د. أحمد الحسين

معلومات الكتاب:

اسم الكتاب: هندسة المنهج واستشراف مستقبل الابتكار التكنولوجي في العصر الرقمي.

اسم المؤلف: د. غادة الشامي.

الناشر: مكتبة الرشد (1441ه/ 2020م).

نشأ هذا الكتاب عن رسالة علمية قدمتها الكاتبة لنيل درجة الدكتوراة في قسم المناهج وطرق التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقام بمتابعة هذا العمل عدد من أساتذة الجامعات لتنقيحه وتجويده، وقدمت الكاتبة فيه محاور أساسية تختص بهندسة المنهج والابتكار التكنولوجي والاقتصاد الرقمي؛ ومن هنا أخذ هذا الكتاب أهميته، فموضوعات الابتكار التكنولوجي والاقتصاد المعرفي تعد من التوجهات العالمية الحديثة التي تلقي بظلالها على التعليم والمناهج، وقد وُفِّقت الكاتبة في ربط هذه الموضوعات بالمناهج والمدرسة والمعلم، وكانت تقدم تصورًا واضحًا لأدوار كلٍّ منهم في هذه التوجهات.

وقد تميز هذا الكتاب عن غيره بفصله الأخير، الذي هو عبارة عن دراسة ميدانية قدمت الكاتبة من خلاله نموذجًا مقترحًا لهندسة منهج في الابتكار التكنولوجي للمرحلة الثانوية.

جاء الكتاب في 302 صفحة، تضمنت خمسة فصول، وكانت فصول الكتاب على النحو الآتي:

الفصل الأول:

كان هذا الباب بمثابة المدخل إلى موضوعات الكتاب، حرصت فيه الكاتبة على تحرير المصطلحات وثيقة الصلة بموضوع الكتاب؛ وهي: هندسة المنهج، الابتكار التكنولوجي، الاقتصاد الرقمي.

ولضبط المفاهيم بشكل أدقَّ، قامت الكاتبة بتوضيح الفروق بين هذه المصطلحات ومصطلحات أخرى شبيهة بها؛ مثل: الفرق بين الإبداع والابتكار، وهذا الأمر مهم جدًّا للباحثين؛ فقد يخلط الباحث بين مفاهيم متشابهة متعلقة ببحثه، ولكن تحرير المصطلحات والبحث في الفروق قبل البدء بالبحث قد يساعد الباحث في الخروج من هذه الإشكالات.

الفصل الثاني:

وقد عنونت الكاتبة هذا الفصل بـ"هندسة المنهج بين النظرية والتطبيق"، وبدأت بالتأطير النظري لهندسة المنهج من خلال البدء بعرض نظرية المنهج ونواحيها التربوية والتنظيمية، ثم انتقلت إلى الحديث عن هندسة المنهج وعملياته، وتناولت الأبعاد المختلفة لهندسة المنهج من خلال تناول وظائفها وأنظمتها وتصميمها ومراحلها.

وقد يلفت انتباه القارئ حديث الكاتبة عن نشأة مصطلح "هندسة المنهج"، وأنه جاء كرد فعل على الجمود في صناعة المناهج الدراسية، وهذه الصناعة اتُّهمت من قِبَلِ المنظِّرين والخبراء بالانفصال عن التغيرات المحلية والقومية والعالمية؛ لذا فإن هندسة المنهج تخضع لعلم الإدارة وعلم المحتوى، ومن ثَمَّ فإن هندسة المنهج تتصل اتصالًا كبيرًا بالفكر الإداري.

الفصل الثالث:

جاء هذا الفصل ليتناول موضوع الابتكار التكنولوجي في التعليم، وقد نال هذا الفصل الجزء الأكبر من الكتاب لأهمية الموضوع الذي تناوله.

وقد أكدت الكاتبة في أكثر من موضع بأن امتلاك التكنولوجيا في حد ذاته لا يعني شيئًا، بل المهم هو أن تظهر نتائج توظيف هذه التكنولوجيا في عملية التنمية والتقدم في مختلف مجالات الحياة.

وقد أشارت الكاتبة إلى موضوع بحثي مهم، وهو تقويم مناهج الحاسب وتطويرها؛ حيث ورد في الخطة العاجلة التي أعدها الفريق الاستشاري لشركة تطوير للخدمات التعليمية أن هناك شحًّا في البحوث التربوية الهادفة لتقويم مناهج الحاسب وتطويرها، وهذا قد يكون دافعًا ومنطلقًا لأفكار بحثية يقوم بها متخصصو الحاسب الآلي.

كما قد يستوقف القارئ اختلاف وجهات نظر العلماء حول الابتكار وماهيته التي عرضتها الكاتبة، وهذه الاتجاهات غير منفصلة عن بعضها، بل هي أوجه متعددة لظاهرة الابتكار كما ذكرت الكاتبة.

وتناول هذا الفصل ثلاث حالات دراسة لتوضيح كيف تحول اقتصاد عدد من الدول النامية بفعل الابتكار بعد مشيئة الله.

ومن المواضيع التي تستوقف القارئ في هذا الفصل موضوع "سمات الشخصية المبتكرة"، وهذا الموضوع قد يفيد المربين ومَن هم في الميدان لاكتشاف مواهب أبنائهم الطلاب وفقًا لهذه السمات، وقد أشارت الكاتبة إلى دور كلٍّ من الأسرة والمدرسة والأصدقاء في تعزيز الشخصية الابتكارية لدى الطفل.

ويستوقف القارئ تحليل المجموعات التي تقوم به الويبو، وهو تحليل يتناول البراءات والمنشورات العلمية على نطاق عالمي، وقد استأثرت الولايات المتحدة الأمريكية بأكبر عدد من المجموعات، وهذا يقودنا إلى طرح تساؤل: ما العوامل التي جعلتها تحظى بهذا المركز المتقدم؟ هل هو التعليم أو هي الأنظمة والقوانين التي تدعم الابتكار أو هي الثقافة السائدة؟ أعتقد أن دراسة الأسباب قد تكون موضوعًا بحثيًّا جيدًا، وخاصة أننا أمام موضوع مهم جدًّا وتتأثر به اقتصادات الدول، وهو الابتكار.

وفي هذا الفصل عرضت الكاتبة لأدوات تحفز الابتكار وتكسر الجمود، ويمكن تطبيقها في بيئات العمل أو في المدارس، كما عرضت القدرات التي يجب أن تراعيَها المناهج التعليمية لتنمية الابتكار، وقد يساعد هذا الفصل الباحثين في اختيار أفكار بحثية لتقويم المناهج، أو تقويم الممارسات في ضوء معايير الابتكار، التي يمكن إعدادها بعد قراءة هذا الكتاب وغيره من الكتب التي تتناول تنمية الابتكار لدى الطلاب.

كما يفيد موضوع "معوقات الابتكار" الذي تناوله الكتاب في هذا الفصل المؤسساتِ التعليمية وغيرها؛ وذلك لقياس مدى توفر هذه المعوقات ومحاولة الحد منها.

وفي موضوع الابتكار التكنولوجي وأنشطته التقنية، عرضت الكاتبة لعدد من التوجهات الحديثة في دمج التقنية بالتعليم، وهذه التوجهات هي أيضًا أرض خصبة للأفكار البحثية.

الفصل الرابع:

وكان هذا الفصل بعنوان: "الاقتصاد الرقمي وتحديات المستقبل"، واستعرضت الكاتبة فيه استشراف المستقبل وأساليب الدراسات المستقبلية، ثم تناولت بالتفصيل أسلوبين يستخدمان في هندسة المناهج هما: أسلوب السيناريو، وأسلوب دلفاي، موضحة المفهوم والأهداف والخطوات، ثم بدأت بالحديث عن الاقتصاد الرقمي وعلاقته باستشراف المستقبل.

الفصل الخامس:

وهذا الفصل هو الفصل الأخير، وفيه عرضت الكاتبة نتائج دراسة ميدانية لهندسة منهج الابتكار التكنولوجي في المرحلة الثانوية، وكانت هذه النتائج متوافقة مع ما تمَّ تناوله في الكتاب، وقدمت في هذا الفصل نموذجًا لهندسة منهج مقترح في الابتكار التكنولوجي للمرحلة الثانوية.