• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    المحطة الرابعة عشرة: الطموح
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الجهل الرقمي كفجوة بين الأجيال: حين لا يفهم ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التعلق المرضي ليس حبا، فكيف لنا أن نفرق بين الحب، ...
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    عين على الحياة
    د. خالد النجار
  •  
    التجارب
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الإسلام يحافظ على الكيان الأُسري
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    حقوق المسنين (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الثالثة عشرة: التسامح
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تربية الأبناء في عصر "الشاشة" كيف نربي طفلا لا ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تطوعي نجاحي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

من وسائل تربية النفس

من وسائل تربية النفس
الشيخ صلاح نجيب الدق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/5/2019 ميلادي - 10/9/1440 هجري

الزيارات: 14032

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من وسائل تربية النفس

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

فمن الواجب على المسلم أن يعرفَ عيوب نَفْسِهِ أولًا، ثُمَّ يبذُلُ كُلَّ جهده في تربيتها وتزكيتها، وتزكية النفس تكون بالإيمان بالله تعالى والمحافظة على الأعمال الصالحة.

 

إنَّ تربية المسلم لنفسه على كتاب الله تعالى وسُنَّةِ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تجعله ينال رضا الله تعالى عليه في الدنيا والآخرة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

 

وسائل تربية النفس:

اللهُ تعالى بَيَّنَ في كتابه العزيز أنَّ فَلاحَ المسلم وسعادته مُرْتَبِطة بتزكية نَفْسِهِ وتطهيرها مِن جميع صور الأخلاق السيئة، والقيام بما افترضه اللهُ سبحانه عليه مِن أمور العبادات، متبعًا في ذلك سُنَّةَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ قال سبحانهُ: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ [الأعلى: 14، 15].

 

• قَالَ الإمَامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾؛ أَيْ: طهَّر نَفْسَهُ مِنَ الْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ، وَتَابَعَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

 

وَقَوْلُهُ: ﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾؛ أَيْ: أَقَامَ الصَّلَاةَ فِي أَوْقَاتِهَا؛ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ وَطَاعَةً لِأَمْرِ اللَّهِ وَامْتِثَالًا لِشَرْعِ اللَّهِ؛ (تفسير ابن كثير. جـ 8. صـ 381).

 

نستطيعُ أن نُوجِزَ وسائل تربية النفس وتزكيتها في الأمور التالية:

أولًا: تلاوة القرآن وذكر الله:

تلاوة القرآن الكريم بتدبر، والإكثار من ذِكْر الله تعالى مِن أفضل الوسائل لتربية نفس المسلم.

(1) قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].

 

• قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): الْمُؤْمِنُ هُوَ الَّذِي إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَ قَلْبُهُ وَانْقَادَ لَأَمْرِهِ، وَخَضَعَ لَذِكْرِهِ خَوْفًا مِنْهُ وَفَرَقًا مِنْ عِقَابِهِ، وَإِذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِ آيَاتُ كِتَابِهِ صَدَّقَ بِهَا وَأَيْقَنَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَازْدَادَ بِتَصْدِيقِهِ بِذَلِكَ إِلَى تَصْدِيقِهِ بِمَا كَانَ قَدْ بَلَغَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا وَذَلِكَ هُوَ زِيَادَةُ مَا تُلِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ إِيمَانًا، (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) يَقُولُ: وَبِاللَّهِ يُوقِنُونَ فِي أَنَّ قَضَاءَهُ فِيهِمْ مَاضٍ فَلَا يَرْجُونَ غَيْرَهُ وَلَا يَرْهَبُونَ سِوَاهُ؛ ( تفسير الطبري. جـ11. صـ 27 ).

 

(2) قال جل شأنه: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9].

 

• قال الإمامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): يَمْدَحُ تَعَالَى كِتَابَهُ الْعَزِيزَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الْقُرْآنُ، بِأَنَّهُ يَهْدِي لِأَقْوَمِ الطُّرُقِ، وَأَوْضَحِ السُّبُلِ، (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ) بِهِ (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ) عَلَى مُقْتَضَاهُ (أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)؛ أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ5. صـ 48 ).

 

(3) قال سبحانه: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].

 

• قال الإمامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، إِنَّهُ ﴿ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾؛ أَيْ: يُذْهِبُ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنْ أَمْرَاضٍ، مِنْ شَكٍّ وَنِفَاقٍ، وَشِرْكٍ وَزَيْغٍ وَمَيْلٍ، فَالْقُرْآنُ يَشْفِي مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَهُوَ أَيْضًا رَحْمَةٌ يَحْصُلُ فِيهَا الْإِيمَانُ وَالْحِكْمَةُ وَطَلَبُ الْخَيْرِ وَالرَّغْبَةُ فِيهِ، وَلَيْسَ هَذَا إِلَّا لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ شِفَاءً فِي حَقِّهِ وَرَحْمَةً، وَأَمَّا الْكَافِرُ الظَّالِمُ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، فَلَا يَزِيدُهُ سَمَاعُهُ الْقُرْآنَ إِلَّا بُعْدًا وَتَكْذِيبًا وَكُفْرًا، وَالْآفَةُ مِنَ الْكَافِرِ لَا مِنَ الْقُرْآنِ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ5. صـ 112 ).

 

(4) قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 43].

 

• قَوْلُهُ: ﴿ اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾؛ قال الإمامُ ابن جرير الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، اذْكُرُوا اللَّهَ بِقُلُوبِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ وَجَوَارِحِكُمْ ذِكْرًا كَثِيرًا، فَلَا تُخْلُوَ أَبْدَانَكُمْ مِنْ ذَكَرِهِ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِ طَاقَتِكُمْ ذَلِكَ؛ ( تفسير الطبري. جـ19. صـ 123).

 

قَوْلُهُ: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ ﴾؛ قال الإمامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): الصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ ثَنَاؤُهُ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، فَبِمَعْنَى الدُّعَاءِ لِلنَّاسِ وَالِاسْتِغْفَارِ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ6. صـ 436 ).

 

(5) قَال اللهُ تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

 

قَوْلُهُ: ﴿ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ﴾؛ أيْ: تَسْكُنُ قُلُوبُهُمْ وَتَسْتَأْنِسُ بِذِكْرِ اللَّهِ؛ ( تفسير الطبري. جـ13. صـ 518 ).

 

• روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأ خَيْرٍ مِنْهُمْ؛ ( البخاري. حديث 7405 / مسلم. حديث 2675 ).

 

قال الإمام الْقُرْطُبِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): قَوْلُهُ: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي)، قِيلَ مَعْنَاهُ: ظَنُّ الْإِجَابَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَظَنُّ الْقَبُولِ عِنْدَ التَّوْبَةِ، وَظَنُّ الْمَغْفِرَةِ عِنْدَ الِاسْتِغْفَارِ، وَظَنُّ قَبُولِ الْأَعْمَالِ عِنْدَ فِعْلِهَا عَلَى شُرُوطِهَا تَمَسُّكًا بِصَادِقِ وَعْدِهِ وَجَزِيلِ فَضْلِهِ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ13صـ 397).

 

• روى أحمد عَنِ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ، وَأَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، (فَذكر منها قول يَحْيَى): وَأَمَرَكُمْ بِذِكْرِ اللهِ كَثِيرًا، وَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ الْعَدُوُّ سِرَاعًا فِي أَثَرِهِ، فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا، فَتَحَصَّنَ فِيهِ، وَإِنَّ الْعَبْدَ أَحْصَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِذَا كَانَ فِي ذِكْرِ اللهِ؛ (حديث صحيح)، (مسند أحمد. جـ28. صـ 404. حديث: 17170 ).

 

ثانيًا:الاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم:

الاقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في جميع أقواله وأفعاله، خير وسيلة لتربية المسلم لنفسه؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لا يأمرنا إلا بكل خير، ولا ينهانا إلا عَن كلِّ شَر.

 

(1) قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

قال الإمامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي التَّأَسِّي بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ؛ (تفسير ابن كثير. جـ6. صـ 391).

 

(2) قال جَلَّ شأنه: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56].

 

• قال الإمامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): أَمَرَ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَهِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَهِيَ: الْإِحْسَانُ إِلَى الْمَخْلُوقِينَ ضُعَفَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ، وَأَنْ يَكُونُوا فِي ذَلِكَ مُطِيعِينَ لِلرَّسُولِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ؛ أَيْ: سَالِكِينَ وَرَاءَهُ فِيمَا بِهِ أَمْرَهُمْ، وَتَارِكِينَ مَا عَنْهُ زَجَرَهُمْ، لَعَلَّ اللَّهَ يَرْحَمُهُمْ بِذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ سَيَرْحَمُهُمْ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ6ـ صـ: 81).

 

(3) قال سُبحانه: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

 

• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): فَلْيَحْذَرْ وليخْشَ مَنْ خَالَفَ شَرِيعَةَ الرَّسُولِ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا ﴿ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾؛ أَيْ: فِي قُلُوبِهِمْ، مِنْ كُفْرٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ بِدْعَةٍ، ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾؛ أَيْ: فِي الدُّنْيَا، بِقَتْلٍ، أَوْ حَد، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ10ـ صـ:281).

 

(4) قال جل شأنه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

 

• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): هَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا حَكَمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِشَيْءٍ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُخَالَفَتُهُ وَلَا اخْتِيَارَ لِأَحَدٍ هَاهُنَا، وَلَا رَأْيَ وَلَا قَوْلَ؛ (تفسير ابن كثيرـ جـ13ـ صـ485).

 

(5) قال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7].

 

• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): مَهْمَا أَمَرَكُمْ بِهِ فَافْعَلُوهُ، وَمَهْمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَأْمُرُ بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يَنْهَى عَنْ شَرٍّ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ11ـ صـ170).

 

(6) قَالَ سبحانهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24].

 

• قال الشيخ أحمد مصطفى المراغي (رَحِمَهُ اللهُ): الرسولُ صلى الله عليه وسلم دعاكم بأمر ربكم لما فيه حياتكم الروحية: مَنْ عِلْمٍ بسننه في خَلْقِهِ، ومِنْ حِكْمَةٍ وفضيلةٍ ترفعُ نفْسَ الإنسان، وترقى بها إلى مراتب الكمال؛ حتى تحظى بالقرب مِنْ ربها وتنال رضوانه في الدار الآخرة، فأجيبوا دعوته بقوة وعزم؛ ( تفسير المراغي. جـ9. صـ 187 ).

 

ثالثًا: الدعاء:

معنى الدعاء:

الدُّعَاءُ: هُوَ إِظْهَارُ غَايَةِ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارُ إِلَى اللَّهِ، وَالِاسْتِكَانَةُ لَهُ؛ (فتح الباري. لابن حجر العسقلاني. جـ11. صـ98).

 

يعتبرُ الدعاء مِن وسائل تزكية النفس، فيجبُ على المُسْلِمِ أن يَلْجَأَ دائمًا إلى الله تعالى بالدعاء؛ لكي يساعده على حُسْنِ تربية نَفْسَهِ وتزكيتها.

 

الدعاء وصية رب العالمين للمؤمنين:

(1) قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

• قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): وَإِذَا سَأَلَكَ يَا مُحَمَّدُ عِبَادِي عَنِّي أَيْنَ أَنَا؟ فَإِنِّي قَرِيبٌ مِنْهُمْ أَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ، وَأُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِيَ مِنْهُمْ؛ ( تفسير الطبري. جـ3. صـ 222 ).

 

(2) قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].

 

• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): يُنَبِّهُ تَعَالَى أَنَّهُ هُوَ المدعُو عِنْدَ الشَّدَائِدِ، المرجُو عِنْدَ النَّوَازِلِ، كَمَا قَالَ: ﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 67]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].

 

قوله تعالى: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾؛ أَيْ: مَنْ هُوَ الَّذِي لَا يَلْجَأُ الْمُضْطَرُّ إِلَّا إِلَيْهِ، وَالَّذِي لَا يَكْشِفُ ضُرَّ الْمَضْرُورِينَ سِوَاهُ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ6. صـ 203 ).

 

(3) قال جَلَّ شأنه: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): هَذَا مِنْ فَضْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَكَرَمِهِ أَنَّهُ نَدَبَ عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ، وَتَكَفَّلَ لَهُمْ بِالْإِجَابَةِ؛ (تفسير ابن كثير. جـ7. صـ 153).

 

(4) قال سبحانه: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 55، 56].

• قال الإمامُ ابنُ جرير الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): ادْعُوا أَيُّهَا النَّاسُ رَبَّكُمْ وَحْدَهُ، فَأَخْلِصُوا لَهُ الدُّعَاءَ دُونَ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ.

 

قَوْلُهُ: ﴿ تَضَرُّعًا ﴾؛ أيْ: تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً لِطَاعَتِهِ، ﴿ وَخُفْيَةً ﴾؛ أيْ: بِخُشُوعِ قُلُوبِكُمْ وَصِحَّةِ الْيَقِينِ مِنْكُمْ بِوَحْدَانِيَّتِهِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، لَا جِهَارًا مُرَاءَاةً، وَقُلُوبُكُمْ غَيْرُ مُوقِنَةٍ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، فِعْلَ أَهْلِ النِّفَاقِ وَالْخِدَاعِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ؛ (تفسير الطبري. جـ10. صـ 247).

حثَّنا نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم على الإكثار مِن الدعاء.

 

(1) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؛ ( البخاري حديث 1145 / مسلم حديث 758 ).

 

فائدة مهمة:

اللهُ تعَالى يَنْزِلُ نُزُلًا يليقُ بجلاله وكبريائه وعَظَمَتِهِ، وبدون تأويلٍ أو تعطيل أو تشبيه أو تكييف، مِصْدَاقًا لقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، وكذلك جميع صفات الله تعالى؛ ( شرح العقيدة الواسطية. محمد خليل الهراس. صـ19).

 

الفرق بين السؤال والدعاء:

السؤال يختص بطلب الشيء المحبوب، والدعاء يَعُمُّ طَلَب المحبوب ودَفْع المكروه؛ ( منار القاري. حمزة محمد قاسم. جـ2. صـ 335 ).

 

(2) روى أبو داود عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا؛ (حديث صحيح)، (صحيح أبي داود. للألباني. حديث 1320).

 

• قَوْلُهُ: (حَيِيٌّ)؛ أَيْ: مُبَالِغٌ فِي الْحَيَاءِ، الذي يليقُ بجلاله وعَظَمَتِهِ سبحانه، بدون تشبيه أو تعطيل.

• قَوْلُهُ: (كَرِيمٌ): وَهُوَ الَّذِي يُعْطِي مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ.

• قَوْلُهُ: (صِفْرًا)؛ أَيْ: فَارِغَتَيْنِ خَالِيَتَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ، (مرقاة المفاتيح. علي الهروي. جـ4. صـ 1533 ).

 

(3) روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ)؛ (حديث صحيح)، (صحيح الترمذي. للألباني. حديث 2766 ).

 

• قَوْلُهُ: (وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ)؛ أيْ: وَأَنْتُمْ مُعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُكُمْ لِسَعَةِ كَرَمِهِ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ وَإِحَاطَةِ عِلْمِهِ، لِتَحَقُّقِ صِدْقِ الرَّجَاءِ وَخُلُوصِ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّاعِيَ مَا لَمْ يَكُنْ رَجَاؤُهُ وَاثِقًا لَمْ يَكُنْ دُعَاؤُهُ صَادِقًا؛ ( تحفة الأحوذي. للمباركفوري. جـ9. صـ319 ).

 

وكانَ نبينا صلى الله عليه وسلم يتضرع إلى الله تعالى بالدعاء في طلب التزكية لنفسه.

 

(1) روى مسلمٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: اللهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا؛ ( مسلم. حديث: 2722 ).

 

• قَوْلُهُ: (زَكِّهَا) يَعْنِي: طَهِّرْهَا بِتَأْدِيبِكَ إِيَّاهَا كَمَا يُؤَدِّبُ الْمَوْلَى عَبِيدَهُ.

 

• قَوْلُهُ: (وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ)؛ أَيْ: لَا يَسْكُنُ وَلَا يَطْمَئِنُّ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

• قَوْلُهُ: (وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ) بِمَا آتَاهَا اللَّهُ، وَلَا تَقْنَعُ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ وَلَا تَفْتُرُ عَنْ جَمْعِ الْمَالِ لِمَا فِيهَا مِنْ شِدَّةِ الْحِرْصِ؛ (مرقاة المفاتيح. علي الهروي. جـ4. صـ 1706).

 

(2) روى مسلمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ؛ ( مسلم. حديث 771 ).

 

• قَوْلُهُ: (وَاهْدِنِي)؛ أَيْ: دُلَّنِي وَوَفِّقْنِي وَثَبِّتْنِي وَأَوْصِلْنِي.

• قَوْلُهُ: (لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ): فِي عِبَادَتِكَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَخْلَاقِ

• قَوْلُهُ: (لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ): فَإِنَّكَ أَنْتَ الْهَادِي وَعَجْزُ الْخَلْقِ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ.

• قَوْلُهُ: (وَاصْرِفْ عَنِّي)؛ أَيْ: أَبْعِدْنِي وَامْنَعْنِي وَاحْفَظْنِي.

• قَوْلُهُ: (سَيِّئَهَا): أَيْ: سَيِّئَ الْأَخْلَاقِ.

• قَوْلُهُ: (لَبَّيْكَ)؛ أَيْ: أُقِيمُ عَلَى طَاعَتِكَ إِقَامَةً بَعْدَ إِقَامَةٍ.

• قَوْلُهُ: (وَسَعْدَيْكَ)؛ أَيْ: أَسْعَدُ يَا رَبي بِإِقَامَتِي عَلَى طَاعَتِكَ وَإِجَابَتِي لِدَعْوَتِكَ سَعَادَةً بَعْدَ سَعَادَةٍ؛ ( مرقاة المفاتيح. علي الهروي. جـ2. صـ 673 ).

 

رابعًا: التوبة الصادقة:

التَّوْبَةُ: هِيَ تَرْكُ المعصية، والنَّدَمُ عَلى فِعْلِها، وَالعَزْمُ عَلَى عَدَمِ العَوْدَةِ إليها، والإقبالُ على طاعة الله تَعَالى بإخلاص؛ ( المفردات. للراغب الأصبهاني. صـ:76 ) ( التعريفات. عبد القادر الجرجاني. صـ:71 ).

 

التوبة وصية رب العالمين:

أمَرَنا اللهُ تَعَالى بالتوبة في كثيرٍ مِنْ آيات القرآن العظيم، وسوف نَذْكُرُ بعضًا منها:

(1) قال اللهُ تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

 

• قَالَ الإمَامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَعْوَةٌ لِجَمِيعِ الْعُصَاةِ، مِنَ الْكَفَرَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ تَابَ مِنْهَا وَرَجَعَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَهْمَا كَانَتْ وَإِنْ كَثُرَتْ وَكَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ 12. صـ 139:138).

 

• روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً، فَنَزَلَ: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ [الفرقان: 68]، وَنَزَلَتْ: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 53]؛ ( البخاري. حديث 4810 / مسلم. حديث:122 ).

 

(2) قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 119].

 

• قَالَ الإمَامُ ابن جرير الطبري (رَحِمَهُ اللهُ): يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَصَوْا اللَّهَ فَجَهِلُوا بِرُكُوبِهِمْ مَا رَكِبُوا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَسَفُهُوا بِذَلِكَ، ثُمَّ رَاجَعُوا طَاعَةَ اللَّهِ، وَالنَّدَمَ عَلَيْهَا، وَالِاسْتِغْفَارَ، وَالتَّوْبَةَ مِنْهَا مِنْ بَعْدَ مَا سَلَفَ مِنْهُمْ مَا سَلَفَ مِنْ رُكُوبِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَصْلَحَ، فَعَمِلَ

 

بِمَا يُحِبُّ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ، (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا) يَقُولُ: إِنَّ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ مِنْ بَعْدِ تَوْبَتِهِمْ لَهُ (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)؛ ( تفسير الطبري. جـ 14. صـ 392 ).

 

(3) قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غافر: 1 - 3].

 

• قَوْلُهُ: (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ)؛ أَيْ: يَغْفِرُ مَا سَلَفَ مِنَ الذَّنْبِ، وَيَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِمَنْ تَابَ إِلَيْهِ وخَضَع لَدَيْهِ.

 

• قَوْلُهُ: (شَدِيدُ الْعِقَابِ)؛ أَيْ: لِمَنْ تَمَرَّدَ وَطَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَعَتَا عَنْ أَوَامِرِ اللَّهِ، وَبَغَى، وَقَدِ اجْتَمَعَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الرَّجَاءُ وَالْخَوْفُ.

 

• قَوْلُهُ: (الطَّوْلِ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَعْنِي: السَّعَةَ وَالْغِنَى.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ رَحِمَهُ اللهُ: (الطَّوْلِ) يَعْنِي: الْخَيْرَ الْكَثِيرَ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ 7. صـ 127).

 

(4) قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25].

 

• قَالَ الإمَامُ ابن كثير (رَحِمَهُ اللهُ): يَقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى عِبَادِهِ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِمْ إِلَيْهِ إِذَا تَابُوا وَرَجَعُوا إِلَيْهِ: أَنَّهُ مِنْ كَرَمِهِ وَحِلْمِهِ أَنَّهُ يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَيَسْتُرُ وَيَغْفِرُ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].

 

• قَوْلُهُ: ﴿ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ﴾؛ أَيْ: يَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ فِي الْمَاضِي.

 

• قَوْلُهُ: ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾؛ أَيْ: هُوَ عَالِمٌ بِجَمِيعِ مَا فَعَلْتُمْ وَصَنَعْتُمْ وَقُلْتُمْ، وَمَعَ هَذَا يَتُوبُ عَلَى مَنْ تَابَ إِلَيْهِ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ 7. صـ 205 ).

 

• روى الترمذيُّ عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا بْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا بْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا بْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا، لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً؛ (حديث صحيح)، (صحيح الترمذي للألباني حديث: 2805).

 

• قَوْلُهُ: (مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي)؛ أَيْ: مَا دُمْتَ تَدْعُونِي وَتَرْجُونِي.

 

• قَوْلُهُ: (وَلَا أُبَالِي)؛ أَيْ: لا أهْتَمُ بِكَثْرَة ذنوبك؛ إِذْ لَا معقب لحكمي وَلَا مَانع لعطائي.

قَالَ الطِّيبِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): أَيْ: لَا يُسْئَلُ اللهُ تَعَالى عَمَّا يَفْعَلُ.

 

• قَوْلُهُ: (عَنَانَ السَّمَاءِ)؛ أَيْ: سَحَابَهَا.

 

• قَوْلُهُ: (بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا)؛ أَيْ: بِمِثْلِ الْأَرْضِ خَطَايَا؛ ( مرقاة المفاتيح. علي الهروي. جـ4. صـ 1620 ).

 

شروط التوبة الصادقة:

قَال الإمَامُ النووي (رَحِمَهُ اللهُ): قَالَ العُلماءُ: التَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب، فإنْ كَانتِ المَعْصِيَةُ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ اللهِ تَعَالَى لاَ تَتَعلَّقُ بحقّ آدَمِيٍّ، فَلَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط:

أحدها: أَنْ يُقلِعَ عَنِ المَعصِيَةِ.

والثانِي: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلِهَا.

والثالث: أَنْ يَعْزِمَ أَلا يعُودَ إِلَيْهَا أَبَدًا.

 

فَإِنْ فُقِدَ أَحَدُ الثَّلاثَةِ لَمْ تَصِحَّ تَوبَتُهُ، وإنْ كَانَتِ المَعْصِيةُ تَتَعَلقُ بآدَمِيٍّ فَشُرُوطُهَا أرْبَعَةٌ: هذِهِ الثَّلاثَةُ، وأنْ يَبْرَأ مِنْ حَقِّ صَاحِبِها، فَإِنْ كَانَتْ مالًا أَوْ نَحْوَهُ رَدَّهُ إِلَيْه، وإنْ كَانَت حَدَّ قَذْفٍ ونَحْوَهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ عَفْوَهُ، وإنْ كَانْت غِيبَةً استَحَلَّهُ مِنْهَا، ويجِبُ أنْ يَتُوبَ مِنْ جميعِ الذُّنُوبِ، فَإِنْ تَابَ مِنْ بَعْضِها صَحَّتْ تَوْبَتُهُ عِنْدَ أهْلِ الحَقِّ مِنْ ذلِكَ الذَّنْبِ، وبَقِيَ عَلَيهِ البَاقي؛ (رياض الصالحين. للنووي. صـ 25:24).

 

خامسًا: مصاحبة الصالحين:

مصاحبةُ الصالحين لها تأثيرٌ كبيرٌ على تربية النفس الإنسانية، فالمسلمُ الصالحُ له أثرٌ طيبٌ على صاحبه، والصَّدِيقُ السوء له أثرٌ سيئٌ على صاحبه، وهذا لا يمكن إنكاره، مِن أجْلِ ذلك حثنا نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم على اختيار الصَّدِيقِ الصالح.

 

(1) روى الشيخانِ عن أَبِي مُوسَى الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ (يُعْطِيكَ مَجَّانًا)، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً؛ ( البخاري. حديث 5534 / مسلم. حديث 2628 ).

 

• قالَ الإمامُ النووي (رَحِمَهُ اللهُ): مَثَّلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْجَلِيسَ الصَّالِحَ بِحَامِلِ الْمِسْكِ وَالْجَلِيسَ السُّوءِ بِنَافِخِ الْكِيرِ، وَفِي هذا الحدِيثِ فَضِيلَةُ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْخَيْرِ وَالْمُرُوءَةِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالنَّهْيُ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الشَّرِّ وَأَهْلِ الْبِدَعِ وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ أَوْ يَكْثُرُ فُجْرُهُ وَبَطَالَتُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَنْوَاعِ الْمَذْمُومَةِ؛ (مسلم بشرح النووي. جـ8. صـ427).

 

(2) روى أحمدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِه، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِل؛ (حديث صحيح)، (مسند أحمد. جـ14ـ صـ142ـ حديث 8417 ).

قَوْلُهُ: (الْمَرْءُ) يَعْنِي الْإِنْسَانَ.

قَوْلُهُ: (دِينِ)؛ أيْ: عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ.

 

قَوْلُهُ: (فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) معناه: فلينظرْ أحدكم بعين بصيرته إلى أمور مَن يريد صداقته وأحواله، فمن رآه ورضي دينه صادقه، ومَن سَخِطَ دينه فليتنبه؛ (دليل الفالحين. لمحمد بن علان جـ3صـ230).

 

(3) روى الترمذيُّ عن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ؛ (حديث حسن)، (صحيح الترمذي للألباني حديث1952).

 

• قَالَ الإمامُ الْخَطَّابِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ): حَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ صُحْبَةِ مَنْ لَيْسَ بِتَقِيٍّ وَزَجَرَ عَنْ مُخَالَطَتِهِ وَمُؤَاكَلَتِهِ؛ لأنَّ الْمُطَاعَمَةَ تُوقِعُ الْأُلْفَةَ وَالْمَوَدَّةَ فِي الْقُلُوبِ؛ (تحفة الأحوذي. للمباركفوري جـ7صـ64).

 

سادسًا: معرفة قصص الصالحين:

القصص الهادفة لها تأثيرٌ كبيرٌ في تربية النفس الإنسانية؛ لأن النفس تميل إلى الأسلوب القصصي ولذلك ذكر اللهُ تعالى في القرآن الكريم كثيرًا من قصص السابقين، مِن أجل تربية النفس.

 

(1) قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].

 

• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): لَقَدْ كَانَ فِي خَبَرِ الْمُرْسَلِينَ مَعَ قَوْمِهِمْ، وَكَيْفَ أَنْجَيْنَا الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلَكْنَا الْكَافِرِينَ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ وَهِيَ الْعُقُولُ؛ ( تفسير ابن كثير. جـ4. صـ 427 ).

 

(2) قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 176].

 

معنى الآية: اذكرْ يا محمَّد لقومك المخالفين لك والمكذبين لرسالتك، قصصَ المكذبين السابقين عن عناد واستكبار؛ رجاءَ أَن يتدبروا أَمرهم ويعتبروا بما في القصص مِنْ عِبَرٍ ومواعظ؛ (التفسير الوسيط للقرآن. مجمع البحوث الإسلامية. جـ3. صـ 1550 ).

 

قصص السابقين التي ذَكَرَهَا اللهُ تَعَالى في كتابه العزيز، وكذلك القصص التي ذَكَرَها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في السُّنَّة الصحيحة، تثبِّت قلب المسلم وتساعده على تربية نفسه. (3) قال اللهُ عز وجل: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [هود: 120].

 

• قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللهُ): يَقُولُ تَعَالَى: وَكُلُّ أَخْبَارٍ نَقُصُّهَا عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَكَ مَعَ أُمَمِهِمْ، وَكَيْفَ جَرَى لَهُمْ مِنَ الْمَحَاجَّاتِ وَالْخُصُومَاتِ، وَمَا احْتَمَلَهُ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالْأَذَى، وَكَيْفَ نَصَرَ اللَّهُ حِزْبَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَذَلَ أَعْدَاءَهُ الْكَافِرِينَ، كُلُّ هَذَا مِمَّا نُثْبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ يَا مُحَمَّدُ؛ أَيْ: قَلْبَكَ؛ لِيَكُونَ لَكَ بِمَنْ مَضَى مِنْ إِخْوَانِكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ أسْوةً؛ ( تفسير ابن كثير. جـ4. صـ363 ).

 

سابعًا: حضور مجالس العلم:

حضور مجالس العلم النافع التي تساعد المسلم على تصحيح عقيدته ومعرفة أمور الشريعة الإسلامية من الوسائل المهمة التي تساعد المسلم في تربية نفسه؛ لأنها مجالس مباركة تحفها الملائكة، ويباهي الله تعالى بالحاضرين فيها الملائكة.

 

(1) روي مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمْ (تُظِلهم) الْمَلَائِكَةُ بأجنحتها، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ؛ ( مسلم. حديث 2700).

 

قَوْلُهُ: (إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ)؛ أَيْ: أَحَاطَتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ.

 

قَوْلُهُ: (وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ)؛ أَيْ: غَطَّتْهُمُ الرَّحْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ الْخَاصَّةُ بِالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ.

 

قَوْلُهُ: (وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ)؛ أَيْ: الطُّمَأْنِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

 

قَوْلُهُ: (وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ)؛ أَيْ: مُبَاهَاةً وَافْتِخَارًا بِهِمْ بِالثَّنَاءِ الْجَمِيلِ عَلَيْهِمْ، وَبِوَعْدِ الْجَزَاءِ الْجَزِيلِ لَهُمْ (فِيمَنْ عِنْدَهُ)؛ أَيْ: مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ؛ (مرقاة المفاتيح. علي الهروي. جـ4ـ صـ 1540).

 

(2) روى البخاريُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، قَالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؛ ( البخاري. حديث 6408).

 

مجالس العلماء لتعليم الأدب:

(1) قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ (رَحِمَهُ اللهُ) (في وَصْفِ حَالِ التابعين): كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْهَدْيَ كَمَا يَتَعَلَّمُونَ الْعِلْمَ؛ (الجامع لأخلاق الراوي. للخطيب البغدادي. جـ1. صـ79).

 

(2) قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ (رَحِمَهُ اللهُ) لِفَتًى مِنْ قُرَيْشٍ: يَا بْنَ أَخِي، تَعَلَّمَ الْأَدَبُ قَبْلَ أَنْ تَتَعَلَّمَ الْعِلْمَ؛ (حلية الأولياء. لأبي نعيم الأصبهاني. جـ6. صـ330).

 

(3) قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ (رَحِمَهُ اللهُ): كَانَ ابْنَ سِيْرِيْنَ قَدْ مَرِضَ وَتَخَلَّفَ عَنِ الحَجِّ، فَكَانَ يَأْمُرُ مَنْ يَحُجَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى هَدْيِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ وَلَبُوْسِهِ وَنَاحِيَتِهِ، فَيُبَلِّغُوْنَهُ ذَلِكَ، فَيَقْتَدِي بِالقَاسِمِ؛ (سير أعلام النبلاء. للذهبي. جـ5. صـ 57).

 

(4) قَالَ ابْنُ وَهْبٍ (رَحِمَهُ اللهُ): مَا نَقَلْنَا مِنْ أَدَبِ مَالِكٍ، أَكْثَرُ مِمَّا تَعْلَّمْنَا مِنْ عِلْمِهِ؛ (سير أعلام النبلاء. للذهبي. جـ8. صـ 113).

 

(5) قال إسماعيل بنُ عُلَيَّة (رَحِمَهُ اللهُ): كَانَ يَجتَمِعُ فِي مَجْلِسِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَل (رَحِمَهُ اللهُ) نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفٍ أَوْ يَزِيدُوْنَ، نَحْوَ خَمْسِ مائَةٍ. يَكْتُبُوْنَ، وَالبَاقُوْنَ يَتَعلَّمُوْنَ مِنْهُ حُسْنَ الأَدَبِ وَالسَّمْتِ (حسن الْهَيْئَة)؛ ( سير أعلام النبلاء. للذهبي. جـ 11ـ صـ:316 ).

 

(6) قَالَ القاسم بن سلام (رَحِمَهُ اللهُ): كَانَ أَصْحَاب عبدالله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يرحلون إِلَيْهِ، فَيَنْظُرُونَ إِلَى سَمته وهَدْيِه (السكينَة وَالْوَقار) فيتشبهون بِهِ؛ (غريب الحديث. للقاسم بن سلام. جـ1. صـ 384).

 

(7) قال عباس العنبري (رَحِمَهُ اللهُ): كانوا يكتبون قيام عَلي بن المديني (شيخ البخاري) وقعوده ولباسه، وكل شيء يقول ويفعل، أو نحو هذا؛ (تاريخ بغداد. للخطيب البغدادي. جـ13. صـ421).

 

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ - أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأنْ ينفعَ بِهِ طُلاَّبَ العِلْمِ الكِرَامِ.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهمية التربية النفسية للطفل (الأطفال والتربية النفسية)
  • معالم في تربية النفس في ظلال رمضان
  • التربية النفسية للطفل
  • لا غنى لي عن بركتك
  • خطبة: تربية النفس على تعظيم النصوص والأحكام الشرعية (1)

مختارات من الشبكة

  • وسائل تزكية النفس (بطاقة)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وسائل حفظ النفس من الهلاك (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل المكتوب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقاطع الصوتية التعليمية وسيلة من وسائل تعليم الكتابة والهجاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صور الصرف عبر وسائل الاتصال التي تنقل اللفظ(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من وسائل الإعلام المقروءة ( الكتاب )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وسائل تربية الشباب (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • من وسائل التربية النبوية(مقالة - ملفات خاصة)
  • دور وسائل الإعلام في التربية الأبوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من الأضرار بإذن الله(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/12/1446هـ - الساعة: 15:27
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب