• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / التربية والتعليم
علامة باركود

خصائص التعليم النظامي العتيق بالمغرب ومميزاته

خصائص التعليم النظامي العتيق بالمغرب ومميزاته
عبدالحفيظ اربيحو

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/5/2018 ميلادي - 5/9/1439 هجري

الزيارات: 31498

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة: التعليم النظامي العتيق بالمغرب بين الواقع والمأمول (1)

خصائص التعليم النظامي العتيق بالمغرب ومميزاته

 

المقدمة:

تجدر الإشارة في بداية هذا المقال إلى أنني سأتحدَّث عن نوع خاص من أنواع التعليم، وذاك في سلسلة طويلة من المقالات - إن شاء الله تعالى - وهو التعليم النظامي العتيق، مبرزًا ما له وما عليه، مشترطًا على نفسي قولَ الحقيقة، دون محاباة أو مجاملة، أو ميلٍ أو تدليس، وإن كنتُ مِن رَحِمَ هذا التعليم قد وُلِدتُ، وفي حضنه كبرتُ وترعرعتُ، ومن مقرراته نَهَلتُ وارتشَفتُ.

 

ولا يُعَدُّ ما سأبوح به في هذه السلسة من المقالات عقوقًا لهذا النظام التعليمي، ولا نُكرانًا لجَميله وفضله، ولا نفيًا لانتسابي إليه، بل أنا أحد الأبناء الشرعيين البررة للمدرسة العتيقة النظامية، وفردًا من أفرادها، يسرني ما يسرها، ويُحزنني ما يحزنها.

 

ولْتَتَأكَّد عزيزي القارئ أنني لم أُثبت نسبي لهذا النظام التعليمي في هذه المقدمة، لأعطي به مصداقيةً سابقة لأوانها لِما سيأتي في هذا المقال والمقالات اللاحقة، وإنما لتَعلَم أن حديثي على المدرسة العتيقة النظامية، هو حديث الشاهد على العصر، العارفِ بخبايا الزوايا فقط؛ لأنه "من الضروري أن الذي يتولى أمر نقد التعليم، يجب أن يكون ممن أنشأه ذلك التعليم نفسه"[1].

 

سطور تعريفية بالتعليم النظامي العتيق:

إنني أعني بقيد (النظامي) في عنوان هذه السطور التعريفية - التعليمَ الذي تُشرف عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية؛ لأن هذا النوع من التعليم قبل أن تتولَّى السلطة المغربية الإشراف عليه، كان تعليمًا عشوائيًّا، وأعني بالعشوائية هنا أن مناهجه ومقرراته كانتغير موحدة، ومدة التعلم فيه غير معلومة، وطموحاته وآفاقه محدودة، بل مجهولة، لكن لَمَّا تَمَّ إخضاع هذا النوع من التعليم إلى سلطة الدولة، عمِلت على تنظيمه وهيكلته، وتوحيد مناهجه وبرامجه، وتحديد مدة التعلم فيه،من خلال إصدار مجموعة من القوانين والظهائر الشريفة، أبرزها الظهير رقم: 1.02.09 الذي ينص على أجرأة القانون رقم: 13.01 المتعلق بتطوير وتأهيل التعليم العتيق، بالإضافة إلى الظهير رقم: 1.03.191 الصادر في شأن الهيكلة الجديدة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الذي بموجبه تم إحداث مديرية التعليم العتيق.


فهذا النوع من التعليم العتيق هو الذي سأتحدث عنه في هذا المقال - والمقالات القادمة - مبرزًا ما له وما عليه، ولنبدأ في هذا المقال أولًا بتَعداد محاسن هذا النظام التعليمي، وذكر خصائصه.


خصائص التعليم النظامي العتيق بالمغرب:

يتميز نظام التعليم العتيق عن غيره من الأنظمة التعليمية بخصائص كثيرة؛ نذكر منها:

♦ خصائصه على مستوى المقررات الدراسية:

تتميز المقررات الدراسية بالتعليم النظامي العتيق بمجموعة من الخصائص، هي:

• الأصالة:

لم تعتمد المدرسة العتيقة النظامية في المقررات الشرعية كتبًا مدرسية عصرية، مُؤلَّفة ومعدة لغرض التدريس، كما هو الشأن في المدرسة العمومية بالنسبة للمواد الشرعية، ففي التعليم العمومي وكذا التعليم الأصيل، يتم تأليف وإعداد كتب مدرسية، تعتبر المرجعَ الأساسَ للطلبة والتلاميذ، وسندًا للأستاذ والمدرس، خلاف المدرسة العتيقة النظامية التي تعتمد في جميع مقرراتها الشرعية كُتبًا تراثية مالكية أصيلة، يتم توزيع محتوى الكتاب المقرر التراثي على مستويات وأطوار هذا النظام التعليمي، وذلك من أجل خَتْمه وإتمامه[2]؛ حفاظًا على خصوصية التعليم الديني العريق، وترسيخًا للمذهب المالكي بالمغرب.


وتجدر الإشارة هنا إلى أن اختيار المدرسة العتيقة لهذا النوع من المقررات، ليس عبثًا ولا اعتباطًا، بل هو اختيار مبني على مجموعة من المعايير التربوية، والضوابط العلمية، كما صرحت بذلك (الوثيقة الإطار) حيث نصت على أنه: "...يتم اختيار هذه الكتب في كل مادة من المواد الدراسية، بناءً على جملة من المعايير العلمية والتربوية، منها:

1- أن تكون ملائمة للمستوى الدراسي للمتعلمين.

2- أن يتم توزيع محتوى الكتاب المقرر الطويل على سنوات دراسية من أجل ختمه.

3- مراعاة الطريقة المعهودة في التدرج من الوجيز إلى الوسيط، إلى البسيط؛ أي: المفصل..."[3].


• الشمول:

وأعني به تغطيتها لجميع الأبواب التي هي صُلب ذلك الفن وعُمدته، ولا شكَّ أن لهذه الخاصية عوائدَ حميدةً على مُحصلات طلبة التعليم العتيق؛ حيث تتشكَّل لديهم - بعد التدرج في أسلاكه وأطواره - رؤيةٌ كاملة نحو جميع أبواب العلوم الشرعية، وإن لم يُحِيطوا بهذه الأبواب فِقهًا وفَهْمًا، بخلاف مقررات التعليم العمومي[4]، والتعليم الأصيل[5]، فإن العلوم الشرعية لم تأخذ منها حظَّها كاملًا، إلا في مادتي التربية الإسلامية واللغة العربية، ثم إن هاتين المادتين لم تُغطِّيَا جميعَ أبواب العلوم الشرعية، فمادة التربية الإسلامية مثلًا، لم تتطرق إلى الأحكام الشرعية، إلا في مدخل واحد من مجموع خمسة مداخل، وهو مدخل "الاستجابة"[6].


مما يعني أن المتعلم يتخرج من جميع أسلاك التعليم العمومي، وهو لم يسمع بمعظم أبواب العلوم الشرعية بعد.


ومما يؤسَف له أيضًا أن مقررات المواد الشرعية بالتعليم الأصيل - الذي يفترض في طلبته بعد التخرج أن يكونوا على قدرٍ كبير من المعرفة بأبواب العلوم الشرعية - بدوره بخَس العلوم الشرعية حقَّها، حيث إن مقرراته لم تَضُمَّ منها إلا أبوابًا محتشمة، وفصولًا مختصرة، وكذلك الأمر في التعليم العالي الجامعي، فمقرراته الشرعية عبارات عن أوراق وملخصات لا تتجاوز مَدْخلَ العلم ومبادئَه الأولية، يُعِدُّها الأستاذ لطلبته تحت عنوان: مدخل إلى علم الفقه، ومدخل إلى علم العربية، ومدخل إلى مقاصد الشريعة، ومدخل إلى علم التفسير، ومدخل، ومدخل، فيدخل الطالب إلى العلوم الشرعية من هذه المداخل، ثم يخرج منها لا يلوي على شيء!


• قوة التأصيل وحسن استثمار الدليل:

ومن خصائص مقرراته أيضًا ما ذكره الدكتور محمد أبياط في سياق حديثه عن مميزات التعليم العتيق، قال حفِظه الله: "...ومن مميزاته العلمية، قوة مصادره، وسَعة شموليَّتها..."[7]، ولنا أن نتساءل عن مظاهر هذه القوة المدَّعَاة، هل هذه المقررات تكتسب قوتها العلمية؛ من حيث إنها أصيلة تراثية؟ أو أن قوتها تكمُن في شيء آخر؟

والجواب: أن القوة العلمية في مقررات التعليم العتيق تتجلى في:

التأصيل العلمي للمسائل الشرعية، وحسن استثمار الأدلة: وقوة توظيف أدوات الفهم والاستنباط - من تحليل، وتفسير، وتعليل - فيكتسب الطالب والمتعلم من هذه المقررات المعرفةَ ومنهج الوصول إليها معًا.


التداخل العلمي الوظيفي: إن الناظر في المقررات التراثية للتعليم العتيق، سيدرك بأدنى تأمُّلٍ أن المقرر الواحد منها يضم في أحشائه وبين صفحاته أكثرَ من علم؛ بحيث يعسر الحسم في تخصص مؤلِّفه، فلا تكاد تجد - في الغالب الأعم - مقررًا تراثيًّا بهذا النظام التعليمي، خاليًا من توظيف القواعد اللغوية، والأصولية، والفقهية... فإن لم يوجد ذلك في أصل المتن، وُجِد فيما عليه من الشروح، مما قد لا يوجد في الكتب المدرسية الأخرى، فيكون اشتغال المتعلم والطالب به اشتغالًا وتَمرُّنًا على مجموعة من العلوم، بالإضافة إلى أن احتكاك الطالب بالمقرر التراثي، سيَجعله يستأنس بعبارات المتقدمين ومصطلحاتهم، وإذا تقرَّر هذا عُلِمَ سرُّ نصيحة الإمام الشاطبي رحمه الله للطلبة والمتعلمين، بتحري كتب المتقدمين: "من أهل العلم المراد؛ لأنهم أقعدُ به من غيرهم من المتأخرين"[8].


يقول الدكتور هيثم بن فهد الرومي في هذا المعنى: "للكتب التي تؤلف في ابتداء أي فن جلالةٌ ورهبة، ولها سطوة وتأثيرٌ كبير في نفوس مَن يكتُب في الفن بعدها، ولا ريب أن الكتَّاب الأوائل في تاريخ الفقه، لهم سبقهم وفضْلهم الذي يستوجب الثناء الجميل"[9].

قلت: إذا كان لكُتب المتقدمين هذا التأثير في نفسية ومنهج من يأتي بعدهم من الكتَّاب، فكيف بالطلبة والمتعلمين الذين يتخذون منها منهلًا لتعلُّماتهم ومعارفهم؟!


ووفاءً مني لِمَا اشترطتُه على نفسي في مطلع هذا المقال، من قول الحقيقة دون محاباةٍ أو مجاملةٍ، أو ميل أو تدليسٍ، أقول: ليس كل المقررات التراثية التي تعتمدها المدرسة العتيقة النظامية، تشتمل على هذه الخصائص، وتَحظى بهذه المزايا السالفة الذكر، بل فيها ما لا يَصلُح أن يكون كتاب تدريس بالمرة، وحكمي هذا ينسحب على مقرر واحد فقط، هو مقرر مادة الفقه بالطور الثانوي، المتمثل في مختصر الشيخ خليل - رحمه الله تعالى[10].


♦ خصائصه على مستوى الطلبة والمتعلمين:

تتميز المدرسة العتيقة على مستوى طلابها وتلامذتها بمجموعة من الخصائص، نذكر منها:

• الحفظ والاستظهار:

من خصائص المدرسة العتيقة النظامية، أنها لا تفتح أبوابها لجميع فئات الطلبة والمتعلمين، سواء في طورها الابتدائي، أو الإعدادي، أو النهائي، بل لا يُقبل في رحابها، ولا يستفيد من مقرراتها الشرعية، إلا طلبةٌ ذوو خصائص معينة، ولا يُضَم إلى فصولها الدراسية إلا من تتوفر فيهم شروطٌ محددة، تبتدئ هذه الشروط بضرورة حفظ القرآن أولًا[11]، وبعض المتون العلمية ثانيًا[12]، كما تنص على ذلك النصوص القانونية المنظمة لشأن الدراسة بالمدارس العتيقة.


وهذا يعني أن جميع الطلبة المستفيدين من المقررات الشرعية بالمدرسة العتيقة، يحفظون القرآن الكريم، وبعضَ المتون العلمية، وهذه أعظمُ ميزة تنفرِد بها المدرسة العتيقة عن غيرها.


قد يبدو للبعض أن في اشتراط حفظ القرآن الكريم تحجيرًا وإقصاءً للفئات الأخرى التي لا تحفظه!!بينما الأمر ليس كذلك، فشرط حفظ القرآن الكريم لا يَعدو أن يكون حرصًا من هذا النظام التعليمي على تحقيق الأهداف الكبرى التي يسعى إليها، ثم إن المدرسة العتيقة النظامية ليست بدعًا في هذا الأمر؛ لأنه إذا كانت بعض الجامعات المحدودة الاستقطاب والمؤسسات والمعاهد الرسمية بالدولة، تُقصي فئاتٍ عريضةً من الطلبة، من خلال حُزمةٍ من الشروط التي تشترطها من أجل انتقاء طلابها، سعيًا منها إلى تحقيق أهدافها - فإن للمدرسة العتيقة الحقَّ في أن تشترط ما تشاء، لتُحقِّقَ أهدافها أيضًا، ثم إذا كانت بعض الشُّعَب في الجامعات لا يستفيد منها إلا من تتوفر فيهم شروطٌ بعينها، فإن شرط حفظ القرآن الكريم بالمدرسة العتيقة، بتلك الشروط في الجامعات والمؤسسات والمعاهد سواء بسواء.


ومن جملة الأهداف التي تسعى المدرسة العتيقة إليها من خلال اشتراطها لحفظ القرآن الكريم، هي الحفاظ على صبغة موروث التعليم الديني بالمغرب، فقضية (حفظ القرآن الكريم، وبعض المتون العلمية)، ما هي إلا امتداد لخصوصية المدرسة العتيقة عبر التاريخ؛ حيث كان الحفظ فيها، "مدخلًا أساسًا للتفقه في العلوم الشرعية، وسبيلًا وحيدًا إلى الاستفادة من البرامج الشرعية، فلم يكن بوسع الطالب أن يَحضُرَ مجلس الدرس، إلا إذا حفِظ المتن الذي يتناوله الشيخ بالشرح والتعليق"[13]، فقد كان الأستاذ الأوزاعي رحمه الله إذا رأى في مجلسه حَدَثًا، قال مستفهمًا: "يا غلام، قرأتَ القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: اقرأ: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]،وإن قال: لا، قال: اذهب فتعلَّم القرآن قبل أن تطلب العلم [14]، وشَرْطُ المدرسة العتيقة النظامية ضرورةَ حفظ القرآن الكريم، وبعض المتون العلمية - شرطٌ حكيم جدًّا، لِمَا له من تغذية راجعة على محصلات الطلبة والمتعلمين؛ إذ الحفظ سيساعدهم على[15]:

• استذكار رؤوس العلوم واستحضار أهمها عند المباحثة والمطارحة والمناظرة والحوار:

فالحفظ "يُكَوِّن مخزونًا ثقافيًّا للطالب، يُعينه على سرعة الاستحضار للنصوص، والشواهد، والأفكار، هذا من جهة، ثم هو يُعينه - من جهة أخرى - على التمرس بلغة التراث العربي الإسلامي، بما هي مفتاح المفاتيح للفهم"[16].


• استنهاض عزائم الطلبة، وشحذ هِمَمِ المتعلمين للطلب، وتلقي العلوم، فالطالب إذا أحس من نفسه أنه يحفظ رصيدًا معرفيًّا، سيندفع نحو التعلم والطلب بكل حبٍّ وشغف.


• الفصل وعدم الاختلاط:

ومن خصائص المدرسة العتيقة النظامية اعتماد مبدأ الفصل وعدم الاختلاط على مستوى طلابها، فعدمُ اختلاط الذكور بالإناث في قاعات وحجرات الدراسة، ميزةٌ عظيمة يتميز بها هذا النظام التعليمي عن غيره، فلا تضم حجرةُ الدرس بالمدرسة العتيقة إلا جنسًا واحدًا، ولا يَخفى على كل ذي بصرٍ وبصيرة من المربين وخبراء التربية والتعليم، ما للاختلاط من آثار سلبية على المتعلمين والمتعلمات، سواء على مستوى التحصيل والمردودية، أو على مستوى الأخلاق والقيم، وسأكتفي في هذا السياق بإيراد أقوال بعض الخبراء والمفكرين التربويين، مِن عالَم دعاة التحرر، مصنِّفًا كلامَهم وشهاداتهم على مستويين اثنين:

المستوى الأول: آثار الاختلاط السلبية على أخلاق المتعلمين وقيمهم:

جاء في مقدمة كتاب (الغرب يتراجع عن التعليم المختلط)؛ لمؤلفه الخبير، والمفكر التربوي البريطاني بفرلي شو (Beverley shaw) - أن هناك دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين حول التعليم المختلط؛ حيث أسفرتْ نتائجها عن انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل، وعمرهن لم يتجاوز ستة عشر سنة... كما بينت الدراسة أن هناك ازديادًا في تناول حبوب منع الحمل، في محاولة للحد من الظاهرة دون علاجها علاجًا جذريًّا...كما أسفرت الدراسة أيضًا عن ارتفاع معدل الجرائم الجنسية والاعتداء على الفتيات اللائي يدرسن في مدارس مختلطة..."[17].


المستوى الثاني: آثار الاختلاط السلبية على تحصيل المتعلمين ومردودهم المعرفي:

وجاء في الكتاب نفسه أيضًا أنه قد "تبيَّن من خلال مجموعة من الدراسات والأبحاث الميدانية التي أُجريت في كل من مدارس ألمانيا الغربية، وبريطانيا - انخفاض مستوى ذكاء الطلاب في المدارس المختلطة، واستمرار تدهور هذا المستوى... أما الدراسة التي أجراها معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي (بون)، فذكرت أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة، لا يتمتعون بقدرات إبداعية، ولا بمهارات علمية، فهم محدودو المواهب والقدرات، وعلى العكس من ذلك تلاميذ مدارس الجنس الواحد..."[18].


وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الكتاب يُمثل صرخة مدوية في وجه التيار الهدام، الذي كان يرمي إلى دفن الفضيلة، وقتل القيم والأخلاق أنذاك؛ مما جعل وزير التعليم البريطاني كينيث بكر (Kenneth Baker) وقتئذٍ يُعلن أن بلاده بصدد إعادة النظر في التعليم المختلط بعد أن ثبت فشله[19].


ولعل تلك القوة العلمية التي نلحظها في خريجي التعليم العتيق، يرجع بعضٌ منها إلى هذا السبب، فإذا ما أردنا أن نجري مقارنة بين طلبة التعليم العتيق النظامي، ذي الجنس الواحد، وبين غيرهم من طلبة التعليم العمومي والتعليم الأصيل المختلطين، من أجل الخلوص إلى أيهما أضبطُ للعلوم الشرعية وأَفْقَه فيها؟ سنُلفي قطعًا أن هناك فرقًا كبيرًا، وبونًا شاسعًا بين هؤلاء وهؤلاء، وعندي على ما أقوله شاهد ودليل، أما الشاهد فإن طلبة التعليم العتيق يَحتلُّون الرُّتبَ الأولى في كليات الشريعة، وكليات أصول الدين، والكليات الأخرى في شُعبة الدراسات الإسلامية، ويكتسحون فيها لوائح الناجحين في الدكتوراة والماسترات، بل المباريات المهنية المختلِفات.


وأما الدليل، فَيُمْكن سَوْقُه على شكل سؤال: كيف نُسوِّي بين من قضى زهرة شبابه في أحضان العلوم الشرعية، سواء المقصودة لذاتها أو الوسيلة منها، وتدرَّج في مقرراتها من الوجيز إلى الوسيط، ومن المتون إلى الشروحات، ومن البدايات إلى النهايات، وبين من قرأ شذراتٍ - من العلوم الشرعية - متفرقاتٍ هنا وهناك؟ قَطْعًا لا يستويان.


وفي الختام يَجمل بي أن أذكِّر أعزائي القراء بأن يترَّقبوا صدور العدد الثاني من هذه السلسلة العلمية بعنوان: التعليم العتيق النظامي بالمغرب: الأهداف والآفاق.


والحمد لله بدءًا وختامًا



[1] أليس الصبح بقريب؛ ابن عاشور، ص 101، دار السلام للطباعة والنشر، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى- 1427هـ / 2006م.

[2] (الوثيقة الإطار: المحددة للاختيارات والتوجهات العلمية والتربوية العامة والمدققة لمواصفات المتعلم في نهاية كل طور دراسي بالتعليم العتيق)، الصادرة عن مديرية التعليم العتيق سنة 2015، ص35.

[3] الوثيقة الإطار، ص 35.

[4] وأعني بالمقررات الشرعية في التعليم العمومي (مقرر مادة التربية الإسلامية، ومقرر اللغة العربية).

[5] وأعني بالمقررات الشرعية في التعليم الأصيل (مقرر مادة الفقه، ومقرر مادة أصول الفقه، ومقرر مادة التفسير، ومقرر مادة الحديث ومقرر اللغة العربية).

[6] (منهاج التربية الإسلامية بسلكي التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي العمومي والخصوصي)، الصادر شهر يونيو 2016م.

[7] (التعليم العتيق سفينة النجاة)؛ د/ محمد أبياط، ص 66، مطبعة آنفو برانت الليدو - فاس.

[8] (الموافقات)؛ أبو إسحاق الشاطبي؛ تحقيق: مشهور بن حسين آل سلمان، ج1، ص148، دار ابن عفان، الطبعة الأولى، 1417هـ، 1997م.

[9] (فقه تاريخ الفقه، قراءة في كتب علم تاريخ الفقه والتشريع والمداخل الفقهية)؛ د. فهد بن هيثم الرومي، ص97، مركز نماء، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 2017م.

[10] سنخصص مقالًا كاملًا، للحديث عن هذا الكتاب، نبرز فيه سلبياته على محصلات المتعلمين بالطور الثانوي.

[11] ينظر المادة (25 و37 و49 و65) من القانون رقم: 2022.10 الصادر في 5 ذي القعدة 1431هـ، 14 أكتوبر 2010م، في شان نظام الدراسات والامتحانات بمؤسسات التعليم العتيق، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5902 بتاريخ 17 محرم 1432هـ، 23 ديسمبر 2010م.

[12] ( الوثيقة الإطار)، ص 8.

[13] (منهاج تدريس الفقه: دراسة تاريخية تربوية)؛ مصطفى صادقي، ص137، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى1433هـ، 2012م، بتصرف.

[14] (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)؛ الخطيب البغدادي، ج1، ص 108؛ تحقيق: د/ محمد الطحان، مكتبة المعارف الرياض، 1403هـ، 1983م، (بدون بيان عدد الطبعة).

[15] ينظر مقالنا (بشبكة الألوكة) حول أهمية حفظ القرآن بالنسبة لطالب العلم، تحت عنوان: "حفظ القرآن الكريم دعامة التفقه في الدين".

[16] (مفهوم العالمية من الكتاب إلى الربانية)؛ د/ فريد الأنصاري، ص 48، دار السلام، القاهرة، الطبعة الأولى1430هـ، 2009م.

[17] يُنظر مقدمة كتاب:الغرب يتراجع عن التعليم المختلط؛ لمؤلفه، بفرلي شو؛ ترجمة: الدكتور وجيه حمد عبدالرحمن، مطابع الرشيد، المدينة المنورة، بدون بيان سنة الطبع، ص8.

[18] الغرب يتراجع عن التعليم المختلط، ص8.

[19] ينظر: (الغرب يتراجع عن التعليم المختلط)، ص7.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مشاريع إصلاح التعليم الجوهرية بالمغرب: رؤية تقويمية ناظمة
  • التعليم العتيق بالمغرب: عراقة التاريخ وتحديات الحاضر
  • التقييم التربوي في بيداغوجيا الكفايات بالمغرب: دراسة وصفية
  • المنظومة التعليمية بالمغرب.. أين يكمن الخلل؟
  • حول أزمة التعليم بالمغرب: وجهة نظر ممارس تربوي
  • كرونولوجيا الإصلاح التربوي بالمغرب بين الفاعلية والأجرأة والتعقيد
  • خطبة في التعليم
  • مميزات كتاب (الجامع في العلل والفوائد) للشيخ ماهر ياسين الفحل
  • التعليم العربي والبحث عن زرقاء اليمامة

مختارات من الشبكة

  • خصائص النظم في " خصائص العربية " لأبي الفتح عثمان بن جني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • طريقة الكتب في عرض الخصائص النبوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (2) وحدة الموضوع وتكامله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (1) علم أصول الفقه يجمع بين العقل والنقل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • السبيل إلى معرفة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • صدر حديثا كتب السنة وعلومها (88)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خصيصة من خصائص العلم العقدي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الربانية خصيصة من خصائص السيرة النبوية(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الخصائص الكبرى (المعجزات والخصائص)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب