• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية
علامة باركود

الشباب وأمل الإصلاح

الشباب وأمل الإصلاح
الشيخ حسين شعبان وهدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/11/2017 ميلادي - 18/2/1439 هجري

الزيارات: 12687

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشباب وأمل الإصلاح

 

الحمد لله الهادي إلى كل خيْرٍ، والمعين على كل مكرمةٍ وبرّ، لا رب سواه فنرجوه ولا إله غيره فندعوه، بيده ملكوت السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير.

 

يا أخا الإسلام:

أيا ابن آدمَ لا يَغْرُرْكَ عافيةٌ
عليكَ صافيةٌ فالعمرُ معدودُ
ما أنتَ إِلا كزرعٍ عندَ خُضْرَتِهِ
بِكُلِّ شئٍ من الآفَاتِ مَقْصُودُ
فإنْ سَلِمْتَ من الآفاتِ أجمَعِهَا
فأنتَ عندَ كَمَالِ الأَمْرِ مَحْصُودُ

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، جعل للإصلاح في حياة الخلق معلماً ودليلاً، وحث المؤمنين عليه وجوباً ووعداً مسؤولاً.


وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خير من قام وصام وجاهد وعبد ربه حتى أتاه اليقين.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.


أَمَّا بَعْـدُ:

فإن العمر ليالٍ مطويَّة وأيامٌ منتهية، لا تكاد تبدأ حتى ينتهي قطارها ويقترب بعيدها، ونحن في هذه الدنيا بين مراحل مقطوعةٍ بنا على جناحِ العجلةِ حتى يُلقِى كل فردٍ من بني آدم رحالَه إلى قبره: ﴿ يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]، ومن مرحلةٍ إلى مرحلة يدور الإنسان في حلقات متصلةٍ لا يعلم متى ينتهي به مسيره، ولا شك أن أخطر هذه المراحل وأهمها هي مرحلة الشباب، تلك الأيامُ الفتيَّة والليالي التي لا يقفها - في أغلب الأحيان - مرضٌ ولا هِرَمٌ ولا ضعفٌ، لأنها قوةٌ فاصلةٌ بين ضعفين، قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم:54]، ولهذا كان السؤال عنها بما تحتويه خاصاً وهامّاً وحفيّاً بأخذ الحيْطة منه على سبيل الخصوص، قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيم أفناه؟ وعنشبابهفيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه) (الألباني في صحيح الترغيب 3593 عن معاذ بن جبلٍ رضي الله تعالى عنه والحديث صحيح لغيره). وعلى ذلك فهناك سؤال عن العمر كله فيم أفناه الإنسان وكيف كان يعيش؟ وسؤال خاصٌّ عن فترة الشباب وهي من العمر المسئول عنه فيما سبق، ولكن لأهمية هذه الفترة وأثرها كان السؤال عنها خاصاً، لأن الشباب عطاءٌ ونشاطٌ وحركةٌ، ففي هذه المرحلة العُمْرِيةِ يبلغُ الإنسان كمالَ تألقه واستمتاعه بالقوة الممنوحة له من الله تعالى على مدار عمره كله، وفي هذه المرحلة أيضاً يستطيعُ أن يحققَ جُلَّ أحلامه، فالكون له ذلولٌ مِطْوَاعٌ بعد أن هبت له رياح القوة في فترة العمر الذهبية، فالشَّابُّ إن تأمَّلَ مَا وُهبَ له كأنه مُنِحَ جناح طيرٍ وافتراس وحشٍ وعَدْوَ فارسٍ، إذ أنه في جُلَّ حاله طاقةٌ مشبوبةٌ وعطاءٌ مُتَدَفِّقٌ.


وقد كان الأنبياء الكرام وهم يغيرون أقوامهم ويحدونهم إلى مراتب الخير والكمال على قدر الطاقة البشرية في ريعان الشباب، فهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام يوصف في كتاب الله تعالى بالفتوة قال الله تعالى: ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء:60]، وقال الله تعالى عن أهل الكهف: ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف من الآية 13]، وعن صحبة الأنبياء قال الله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ﴾ [الكهف:60].


ولولا أن الشباب مستطابٌ لما جاور الله تعالى في جنته أهلها من خلقه بعدما أنشأهم خلقاً آخر وأعادهم إلى ريعان الشباب كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (يدخُلُ أهلُ الجنةِ الجنةَ جُردًا مُردًا بِيضًا مُكَحَّلينَ، أبناءَ ثلاثٍ وثلاثينَ، وهم على خَلقِ آدَمَ طولُه ستونَ ذراعًا في عرضِ سبعةِ أذرُعٍ) (العجلوني في كشف الخفا ومزيل الإلباس 2 /154 بإسنادٍ حسنٍ عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه).


لهذا؛ كان الشباب في حقيقته [باكورة الحياة، وأطيب العيش أوائله كما أن أطيب الثمار بواكيرها، وما بكت العرب على شئٍ ما بكت على الشباب] ( الإبشيهي / المستطرف في كل فنٍ مستظرف ص443/ ط1 2014م / دار ابن الجوزي – القاهرة).

 

تَمَيُّزُ الأنْبِيَاءِ في شَبَابِهِمْ بِالإِصْلاَحِ:

ومن تأمل أنبياء الله تعالى وجدهم بعثوا على أوج الشباب في سن الأربعين، فما بعث الله تعالى نبياً إلا على رأس هذا السنِّ إلا عيسى بن مريم عليه السلام، وكان شبابهم ملؤه الكفاح والعمل والنشاط وكانوا لا يـأنفون من أي عمل ما دام في دائرة الحلال لدرجة أنهم قد رعوا الأغنام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مابعثالله نبيا إلا رعى الغنم. فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة) ( صحيح البخاري 2262 بسندٍ صحيح ).


وقد تميز شبابهم بسمو الأخلاق الذي يخبر عن بلوغ النفس قمة هداها وكمال إيمانها، فها هو موسى عليه السلام وقد زان شبابه القوة والأمانة التي دفعت ابنة شعيب إلى التعبير عن ذلك كما قال الله تعالى: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص:26]، ففي ذكره إصلاحٌ للفرد والمجتمع من مغبة الخيانة، وكذلك زَيَّنَ النبي الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب شبابَه بالعفةِ حين ضاق الحال وانحصر المجال وخرجت امرأة العزيز من دوائر التلميح إلى التصريح بالمقال، قال الله تعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف:23]، وفي هذا إصلاحٌ للنفوس من الإرتكاس في حمأة الشهوات، وأما النبي الصابر إسماعيل عليه السلام فقد كان آيةً في الفداء والطاعة والبر للوالد والصبر كذلك على أمر الله تعالى، فها هو يقاد إلى الموت بيقينٍ من غير شكٍّ، ويسلم أمره لله تعالى بعد هذا الحوار الذي يصور غاية العجب في تخطي القلب كل معاني الصبر بين الوالد والولد، قال الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات:102]، فهو من هذه الزاوية يصلح الله به حال الشباب حيال الآباء وتجلدهم بالصبر وحسن اليقين بتسليم الأمر لله رب العالمين، وأما شباب النبي الحصور يحيي عليه السلام فقد كان آيةً في المحبة والحنان، قال الله تعالى: ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً * وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيّاً ﴾ [مريم:13]، وأما خطيب الأنبياء سيدنا شعيبٌ عليه السلام فكانت رسالته مع التوحيد نقل المجتمع من الجشع والطمع والتطفيف في المكيل وإخسار الميزان إلى الإيفاء بحقوق الناس، وكان نبي الله لوطٌ عليه السلام عنوان التطهر الخلقي كما وصفه قومه: ﴿ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [لأعراف: من الآية 82]، وكانت رسالته هي الإصلاح في ميدان الخلق.


وقام نبي الله داود ومن بعده نبي الله سليمان عليهما السلام بإقامة الملك الذهبي الأول لبني إسرائيل بعد زمانٍ من التمزق والإستذلال، قال الله تعالى: ﴿ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ﴾ [البقرة: من الآية251].


وهكذا.. كلما استعرضنا سيرةَ نبيٍّ كريمٍ أو رسولٍ أمينٍ في شبابه وجدناه نموذجاً وقدوةً عمليةً للإصلاح النفسي والإجتماعي لسائر المجتمع فضلاً عن أن يكون قدوةً للشباب الذين يحتاجون كل لحظةٍ إلى من ينير لهم دروب الإيمان بالقدوة والعمل.

 

قدواتٌ شبابيةٌ للإصْلاحِ مِنْ عُمُومِ التَّارِيخِ:

ومن ثوابت التاريخ الحقة نقفُ على حقيقةٍ هامَّةٍ وهي أن الذين عنوا بتحمل الأمانات الجسام في نقل حركة المجتمع التصحيحية وإنارة الطريق للسائرين كانوا شباباً، فهاهم أهل الكهف زينة شباب أزمانهم وقد هالهم ما ألْفَوْه من قومهم من ظلمات الشرك والبعد عن هداية الإيمان، وهذا وصف الله تعالى لهم: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً ﴾ [الكهف:13]، ولا غرو بعد ذلك أن نعرف أنهم عابوا على قومهم عبادة غير الله تعالى حين قالوا: ﴿ هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً ﴾ [الكهف:15]، فقرروا أن يكونوا إيجابيين بالبعد والمفاصلة مع قومهم في شأن الإيمان ولهذا تواصوا فيما بينهم على هجر الكفر وأهله: ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً ﴾ [الكهف:16]، إنهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي حيال ما تقاسيه النفوس من أوضار الكفر وظلماته، بل كانوا على قدر المسئولية في إصلاح أنفسهم والفرار الإيجابي من عوائق دعوتهم والقفز على الأشواك المبثوثة في طريقها، فأهل الكهف مثالٌ جليٌّ للشباب القائمين بأمر الله في سبل الإيمان، ولذا: لمن يضن عليهم القرآن في سرده التاريخي بالثناء عليهم وجعلهم من أئمة الهدى والإصلاح.


وهناك نوعٌ آخر من الإصلاح الذي قام به شبابٌ مُختارٌ من قِبَلِ الله تعالى في قديم الزمان بعد ذهاب دولة بني إسرائيل في المد التاريخي بعد سيدنا موسى عليه السلام وقبل زمان سيدنا داود عليه السلام، لما طلب القوم من نبيهم "أشموئيل" أن يختار لهم ملكاً يجمعهم وينظم صفوفهم وقد مستهم الأيام بالآلام، قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: من الآية 246] واختار الله لهم هذا القائد ليقوم بهذه المهمة الصعبة وأخبرهم نبيهم بهذا: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة:247]، وقام طالوت بمهام القيادة الصعبة وكان شابا بعد أن ظهرت علامات ملكه وآيات تميزه، وقاد القوم باسم الله إلى النصر بعد مجموعة من الإختبارات اللازمة للتدرج في صعود المجد، وهكذا تكون السنن، فمن طاقة الشباب يتولد الإصلاح بعد نجوم أمارات الصلاح والله غالب على أمره.

 

شباب الصحابة الكرام والإصلاح:

لئن شئنا أن نقول بأن الصحب الكريم ما كانوا إلا مصلحين فما تعدينا الحقيقة في درجها الموفور صدقاً ووصفاً، لقد كان الإسلام هو صلاح الدنيا والآخرة وكانوا هم من أدواته، وهم الذين جاؤوا إلى الدنيا على حين غِرَّةٍ من الزمن وقد دوَّتْ أصواتُ الظلم والغفلة عن الحق وطمس معالمه، وكان وصفهم كما قال عنهم ربهم سبحانه: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾ [الفتح:29]، ولا ريب؛ كان للكبار آراؤهم وخبراتهم التي دونوها طيلة سنيِّ أعمارهم بينما كان الشباب أجنحةً تطير ودماً ينتفض في العروق وسيقاناً مسرعةً إلى تحقيق الآمال على خير مثال.


وكان شباب الصحابة الكرام في غاية التوقد والهمة للعمل لهذا الدين بكل ما أوتو من قوة حتى قبل أن يندرجوا في طور الشباب، فها هو سمرة رضي الله عنه يتحرق وهو صغير للانضمام إلى الجيش ليجاهد في سبيل الله فعن جعفر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يعرضُ غلمانَ الأنصارِ في كلِّ عام فمن بلغ منهم بعثَه فعرضَهم ذاتَ عامٍ فمرَّ به غلامٌ فبعثه في البعثِ وعُرِض عليه سمرةُ من بعدِه فردَّه فقال سمرةُ يا رسولَ اللهِ أجزتَ غلامًا وردَدتني ولو صارعَني لصرعتُه قال فدونَك فصارِعْه فصارعتُه فصرَعتُه فأجازني في البعثِ) (الهيثمي في مجمع الزوائد 5 /321 وقال: مرسلٌ ورجاله ثقات).


وأسامة بن زيد رضي الله تعالى يقود الجيش كله وفيه أصحاب السوابق من كبار الصحابة، وقد كان والده من قبله في مؤتة ومعه ابن رواحة وجعفر رضي الله عنهم رضي الله تعالى عنهم أجمعين وكانوا شباباً.


وسعد بن معاذٍ رضي الله تعالى يهتز لموته عرش الرحمن وقد قضى نحبه وهو ابن سبعٍ وثلاثين عاماً، وقد ضرب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين المثل الأوفى في العبادة وهم شباب، وفي الصبر على لأواء العذاب ومنهم بلال وخباب وعمار وغيرهم، ومهم ثلةٌ مجيدةٌ من بنات الإسلام في الفداء والصبر والتعبد والعطاء والعلم كأم المؤمنين عائشة ونسيبة بنت كعب وزنيرة الرومية وسمية بنت خياط وغيرهن كثيرات رضي الله عنهم أجمعين.

 

وفي الختام:

لا يفارق أفهام العقلاء بجلاءٍ أن الشباب هم أدوات التغيير والإصلاح الحقيقي في المجتمع لأنهم أجنحة التحليق الدائم إلى تحقيق الآمال وإنجاز أشق الأعمال على هدى وبصيرة متى ما وجد من يحدو له من القدوات والآباء والأمهات.


ولهذا.. فنحن جدُّ مفتقرين إلى أن نعيد صياغتهم وتربية بقية النشئ على كرائم الأخلاق وجلائل الأعمال التي تبيض الهامَ وتورث المجد الفعلي بعيداً عن اهتمامات الشباب هذه الأيام التي تبارتْ في الغثائية والتضييع في دروب اللعب والفن الهابط والدوار الاجتماعي المقيت الناجم من لوثات المخدرات او التمطي والتثاؤب والخلود إلى الراحة والدعة والفراغ من أي عملٍ هامٍ أو رؤية فيها صلاح الدنيا والدين.


مع الاهتمام والتركيز على استلالِ العشوائية في تكوين أفكار الشباب واستبدالها بمنهجٍ قويمٍ وفكرٍ رشيدٍ، ذلك إن أردنا أن نتحركَ في الطريق الصحيح، بعدما قام البعض باختطاف شبابنا إلى الميوعة الرخيصة حتى غدا الكثير منهم قواميس في أسماء المطربين وأهل الهوى وكذلك أُغرقوا في حبائل الهوس بحفظ أسرار ومراحل حياة اللاعبين واللاهين، ومن ناحية أخرى فقد أُشرب الشباب على الطرف الآخر فكراً موجهاً في عالم التدين بعدما باعوا عقولهم ومشاعرهم وأوقاتهم لمن يوجهونهم باسم الإسلام، والجميع مفتقدٌ للمنهج القويم والرؤية المتكاملة لعظمة هذا الدين، وتأتينا النتائج لهذا الحراك الموَّارِ في كل يومٍ كرؤوس الشياطين فما انتصرت بالنوع الأول دنيا ولا انتصر دينٌ على أيدي من تحدثوا للعالم باسمه، فعادوا بالحرج على أوطانهم ودينهم.


شبابنا هم عدتنا في السلم والحرب ومن المفترض أن يقدموا للعالم صورةً مضيئةً عن حضارة هذا الدين في جميع الجوانب والمناحي وأن يحسنوا التعبير عن أنفسهم والتوقيع في دفتر الحياة في مكانٍ تشرق الأرض فيه بنور ربها ليقدموا لأوطانهم طعمة الجائع وكسوة العاري وهداية الحائر وأمن الخائف وغنية المحتاج.


ليس مفروضاً في باب المستحيلات أن يُنْتِجَ الشباب عندنا ما نلبس وما نتحلى به وأن ينشؤا لنا العديد من المصانع والمزارع والمشافي وسائر مرافق الحياة، بل إنهم هم المعنيون بذلك لا غيرهم.

وليس مفروضاً على شبابنا أن يعيشوا هذه الغثائية القائمة فما أوجب عليهم ذلك إلا أعداؤهم وأعداء أوطانهم.


نسأل الله تعالى أن يهدي شباب الأمة إلى ما يحبه ويرضاه إنهولي ذلك والقادر عليه.

والحمد لله في المبدأ والمنتهى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشباب أمل الأمة وسر نهضتها
  • مرحلة الشباب في الإسلام
  • الشباب هو فترة عمرك الذهبية
  • الشباب ونيران الشهوات
  • الشباب واستغلال الطاقات
  • نماذج من علو همة الشباب
  • الشباب والزواج
  • عن الشباب
  • الشباب أساس نهضة الأمم والشعوب
  • بارقة أمل

مختارات من الشبكة

  • الشباب أمل الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مرحلة الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ماذا يصنع سن الشباب؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشباب زينة الحاضر وأمل المستقبل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد تحديات العصر؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لقاءات دورية لحماية الشباب من المخاطر وتكريم حفظة القرآن بشبه جزيرة القرم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حوار مع الناقد الشاب محمد حماني، بعنوان: "تنمية النقد البناء لدى الشباب وأثره في تحصيلهم المعرفي"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شباب بدر وشبابنا (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • شبابنا وشبابهم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي في البرازيل - ساوباولو - لجنة شباب الأمريكتين(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب