نقود على بند التقويم القرائي واللغوي (ج4)

نقود على بند التقويم القرائي واللغوي (ج4)

(1)

بدأت هذه السلسلة العامَ الماضي، وصدر منها ثلاثة أجزاء في ثلاثة مقالات:

احتوى أولها المُعَنْوَن بـ(في النقد التعليمي.. هَنَات بند التقويم في أحد الكتب الخارجية الشارحة كتاب الوزارة) على سبع ملحوظات.

وحوى ثانيها المُعَنْوَن بـ(نقود على بند التقويم اللغوي في الاختبارات وأحد الكتب الخارجية الشارحة) أربع ملحوظات.

وشمل ثالثها المعنون بـ(نقود على التقويم اللغوي والقرائي في الكتب الخارجية إلى الصف الثاني الثانوي) تسع ملحوظات.

وهأنذا أبدأ المقال الرابع في 29/ 1/ 2017م، الذي سيحتوي على سبع ملحوظات؛ هي كما سيأتي.

(2)

أ- عدم التفريق بين اسم الحرف وصوته:

وأبدأ الجزء الرابع بهذه الهنَة التي وردت في الكتاب السيار للصف الأول الابتدائي، الفصل الدراسي الآخر، ص13، والتي أُعَنْوِنها بـ(عدم التفريق بين اسم الحرف وصوته).

كيف؟

يقول السؤال ص13: [انطق، وحدد الأصوات المشتركة:

أ- (باسم - بسمة - نسور).

ب- (أبي - أمي - عصير).

ج- (أخي - أختي - بخيل).

د- (ابتسم - سعيد - مسرور)].

طلب السؤال أصواتًا، وكرر الطلب حين أمر "انطق"، وحين طلب "وحدد الأصوات المشتركة"، وليس هناك إلا حروفٌ مشتركة.

كيف؟

أ- المشترك هو حرف السين، وله ثلاثة أصوات في الكلمات بالترتيب الآتي: (سِ) مكسورًا، و(سْ) ساكنًا، و(سُ) مضمومًا.

ب- المشترك هنا هو صوت الياء، وهذا هو المثال الذي يندرج تحت أمر السؤال ومطلوبه.

ج- المشترك هو حرف الخاء، وله ثلاثة أصوات في الكلمات بالترتيب الآتي: (خِ) مكسورًا كسرًا قصيرًا، و(خْ) ساكنًا، و(خِي) مكسورًا كسرًا طويلًا هو الياء.

د- المشترك هو حرف السين، وله ثلاثة أصوات في الكلمات بالترتيب الآتي: (سَ) مفتوحًا، و(سَ) مفتوحًا، و(سْ) ساكنًا.

ويجب التعديل؛ إما تعديل السؤال إلى: حدِّد الحروف المشتركة بذكر أسمائها، وإما تعديل العناصر؛ لتحتوي أصواتًا تتوافق وأمرَ السؤال ومطلوبه.

ب- طلب وضع علامة الخطأ في سؤال لا يحوي جملًا خاطئة في موضوع "أسرة سعيدة":

طلب س7 الذي ورد ص20 في ذلك الكتاب السيار للصف الأول في الفصل الدراسي الآخر في تدريبات الموضوع الأول "أسرة سعيدة":

[ضع علامة صح أمام الصواب، وعلامة خطأ أمام الخطأ].

• فجعلك ذلك تنتظر جملًا صحيحة وأُخَر خطأ، لكنك إن قرأت الجمل ستُفاجأ بأنها كلها صحيحة؛ مما يجعلك تسأل: ولمَ طلب وضع علامة الخطأ؟

ما الجمل؟

إنها:

[أ- بسمة أخت باسم.

ب- والدة بسمة معلمة.

ج- والد بسمة ضابط.

د- بسمة سعيدة].

وإن استعرضت جمل الموضوع، اتَّضح لك صحة كل الجمل.

ما جمل الموضوع؟

إنها: (أنا باسم، أختي بسمة، أبي ضابط، أمي معلمة، أحب أبي وأمي، أسرتي سعيدة).

ويجعلك ذلك تسأل: أيريد الممتحن هنا حيرة تلميذ الصف الأول؟ أم يريد الحفظ الحرفي، فيكون تغيير اللفظ خطأ، وإن كان المعنى صحيحًا؟

ولن تجد جوابًا!

ج- ذكر المضاد العام والواجب ذكر المضاد الخاص:

في ذلك الكتاب السَّيَّار للصف الخامس الابتدائي في موضوع "ملك حفني ناصف" ص 136 في جدول الكلمة ومضادها - ذكر الكتاب أن مضاد كلمة "ارتياح" الواردة في عبارة (أبدى أمير وأميرة ارتياحهما للمشاهد الخلابة...)، هو "تعب"، وهذا المضاد قد يصلح في سياق آخر؛ مثل: "ارتاح المجاهدون بعد النصر ارتياحًا".

لماذا؟

لأن الارتياح هنا معناه الراحة التي تأتي عقب بذل جهد ومشقة.

أما في هذا السياق، فلا يصلح.

لماذا؟

لأن الارتياح هنا ليس معناه الراحة المعقبة التعب، بل معناه الميل والإعجاب والرغبة التي تورث النفس صفاءً واستقرارًا، فيكون المضاد الخاص الدقيق في هذا السياق هو: الانصراف، أو الفتور، أو الانزعاج، أو القلق.

د- بيِّن المضاد الصحيح والمضاد الأصح:

في ذلك الكتاب السَّيَّار للصف الخامس الابتدائي في النص القرآني "طريق السلام" ص 109 في جدول الكلمة ومضادها - ذكر الكتاب أن مضاد كلمة "مبين" الواردة في الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208] هو "مختفٍ"، وهذا المضاد قد يصلح، لكن الأكثر صلاحية في هذا السياق هو "مُلغز أو مُلْبِس، أو مشتبه".

لماذا؟

لأن الظهور هنا معناه وضوح الفهم، فيكون اللبس والإلغاز والإلباس هو المضاد الأكثر دقة، لا الاختفاء.

لماذا؟

لأن الإلغاز والإلباس والاشتباه درجاتٌ في الاختفاء؛ فالاختفاء بالنسبة إليهما عامٌّ أو جنس، وهي أنواع له، أو درجات خاصة منه.

هـ- قفز تعني وثب لا نط:

في ذلك الكتاب السَّيَّار يقتصر معنى الفعل "قفز" على "نط"، بَدْءًا من الصف الثاني الابتدائي في موضوع (لا تكذب) في جملة (قفز الأطفال إلى البحر يعومون)، واستمرارًا في السنوات التالية، كلما ورد هذا الفعل، ولقد استقرأت مادة "ن ط ط" فوجدتها خالية من هذا المعنى الذي هو الوثب والقفز في معاجم: العباب الزاخر للصاغاني، والقاموس المحيط للفيروزابادي، والمحيط في اللغة لابن إدريس الطالقاني، وتهذيب اللغة للأزهري، ولسان العرب لابن منظور.

وقد حصر ابن فارس المادة في مقاييسه في معنيَيْها اللذينِ أشارت إليهما المعاجم السابقة، والمعجم الوسيط الذي أصدره مجمع اللغة المصري، وهما الطول والمد، فقال:

"(نط) النون والطاء: يقولون: النَّطانِط من الرِّجال: الطِّوال، الواحد نَطْنَاط، ونطنطت الشَّيء: مددته)".

ولو استقرأت مادة "ق ف ز" ومادة "و ث ب"، لوجدت إحداهما تعرف الأخرى في المعاجم كلها، ولن تجد "قفز" بمعنى "نط"، ولا "وثب" بمعنى "نط"؛ لذا يجب تصحيح معنى هذه الكلمة؛ لتصير: (قفز: وثب)، وتختفي كلمة (نط) من أذهان التلاميذ بمعناها المُولَّد - بضم الميم وتشديد اللام المفتوحة - أي: الذي لم تقله العرب.

و- مضادان صحيحان في سؤال لا ينص:

ما زلنا مع ذلك الكتاب السيار، وهَنَة هذه المرة أتت في ص 184 س 22 للصف السادس الابتدائي عقب نص (في رحاب الإنسانية).

يقول السؤال: [اختر الإجابة الصحيحة مما بين القوسين فيما يلي:

3- مضاد "تلبس":................ (ترتدي - تخلع- تضع)].

ماذا يوجد في هذا السؤال؟

يوجد فيه مضادان صحيحان هما: (تخلع، وتضع)، وهو قد طلب اختيار الإجابة الصحيحة، وليس كل إجابة صحيحة.

يقول الله تعالى: ﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 60].

ويقول المعجم الوسيط في مادة (و ض ع) ص 1039: (... وضعت المرأة خمارها: خلعته، فهي واضع).

ي- مقابل "الغرور" الحقُّ أو الكمال، لا التواضع:

ماذا يقول ذلك الكتاب السيار ص 270 للصف السادس الابتدائي في جدول "الكلمة ومضادها" عن مضاد "الغرور" في نص الشاعر أبي القاسم الشابي "أيام الطفولة":

ونظلُّ ننثرُ للفضا ءِ الرحبِ والنهرِ الكبيرْ ما في فؤادَينا من ال أحلامِ أو حلو الغرورْ)؟

يقول: (الغرور مضادها التواضع).

فهل هذا صحيح لغة؟

لا.

لمَ؟

لأن الغرور ليس معناه الكبر أو التكبر، بل معناه النقص وما يستتبعه من غفلة وجهل وخديعة!

يقول ابن فارس في (مقاييس اللغة):

(الغين والراء: أصولٌ ثلاثةٌ صحيحة: الأول المِثال، والثاني النقصان، والثالث العِتْق والبياضُ والكرَم).

ويقول الفيروزابادي في (القاموس المحيط):

(الغَرور "بفتح الغين": الدنيا، وما غرك، وما يغرغر به من الأدوية أو يخص بالشيطان. وبالضم: الأباطيل".

ويقول الجوهري في (الصحاح):

(والغُرور بالضم: ما اغتر به من متاع الدنيا).

ويقول ابن سيده في (المحكم والمحيط الأعظم):

(غَرَّه يغُرُّه غَرًّا وغُرُورًا وغِرَّة، الأخيرة عن اللحياني، فهو مَغرور، وغَرير: خَدعه وأطمعه بالباطل).

ويقول المعجم الوسيط:

(غر الرجل غرارة وغرة: جهل الأمور وغفل عنها، فهو غر... - وفلانًا غرًّا وغرورًا: خدعه وأطمعه بالباطل، يقال: غرَّه الشيطان ونحوه، وغرَّته الدنيا؛ فهو غرور، وهو مغرور وغرير، ويقال: ما غرك بكذا: ما جرأك عليه، وفي التنزيل العزيز: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [الانفطار: 6]، و- فلانًا: أصاب غرته، ونال منه ما أراد).

إذًا المضاد هو الكمال أو الحق أو الخبرة التي تمنع الغفلة والجهل والانخداع.