استقطاب المتطوعين والمتبرعين عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي

استقطاب المتطوعين والمتبرعين

عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي

لا يَخْفى عن الجميع أن أغلبَ جمعيات ومؤسسات العمل الخيري تَسْعى - بدرجات متفاوتة - للاستفادة من التقنيات والتكنولوجيا الحديثة؛ لزيادة مواردها.

فإذا كنتَ تحاول الوصول للدعمِ الذي تحتاجه منظمتُك، مع احتمالية زيادة التبرعات التي ترغب في تحصيلها، والمتطوعين الذين ترغب في استقطابهم، إضافة إلى رغبتك في تبادل قصص وأسباب النجاح، والتواصل مع المنظمات التي تماثل منظمتك - فإن مواقع التواصل الاجتماعي يمكنها اليوم أن تحقق لك ذلك وأكثر؛ إذ يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة - كـ(فيس بوك، وتويتر، وإنستجرام، وسناب شات، وغيرها)، من خلال المحتوى الذي يتم تقديمه من قِبَل مستخدِميها - أن تلعب دورًا هامًّا في تحقيق العديد من الأهداف معًا، وعلى رأسها تطوير عَلاقة الكِيانات الخيرية بالمتبرعين والمتطوعين؛ إذ إن الارتقاء بهذه العَلاقة هي مِفتاح من مفاتيح تحقيق كافَّة الأهداف.

لقد كشَفت التجارب أن الإعلان والاتصال الجماهيري، وتطوير عَلاقة الكِيانات الخيرية بالمتبرعين والمتطوعين، عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي - من العوامل الأساسية في نجاح ووصول كافة المنظمات للأهداف التي تَبْتَغيها، وفي الحقيقة لقد كنتُ شاهدًا خلال السنوات الماضية على تحوُّل بعض الأفكار البسيطة التي كان يُطلِقها ناشطٌ هنا أو هناك على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، إلى كيانات خيرية متكاملة تعمل على أرض الواقع إثرَ تدشينها؛ ككيانات أو صفحات إلكترونية يتفاعل معها قطاعٌ عريضٌ من المهتمين بالقضايا الاجتماعية الإنسانية؛ ليتحولوا إلى متبرعين ومتطوعين يعملون لصالحها، ولقد استطعتُ أن أحدد لك مسار التكوين - أدوات وطرق استقطاب تلك الموارد والطاقات.

ما الذي تحتاجه المنظمة الخيرية لتنطلق؟

الأدوات اللازمة:

لكي يكون لمنظمتِك كِيانُها الذي يُعبِّر عنها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، يجب عليك أولًا أن تمتلكَ الأدوات التي تساعدك في تدشين هذا الكيان؛ ومنها:

• جهاز كمبيوتر بسيط أو جوَّال حديث، تستطيع منه الولوج إلى شبكة الإنترنت.

• اتصال دائم بشبكة الإنترنت أو عند الحاجة.

• امتلاك أقل المهارات للنشر والتواصل، والرد على الأسئلة والاستفسارات والتفاعلات عبر مواقع وتطبيقات التواصل المختلفة.

القضايا والأفكار:

إذا كانت منظمتُك لديها العديد من القضايا والأفكار، وتحتاج لتسويقِها لتستقطب المتبرِّعين والمتطوعين، فأنتَ بحاجة لتنظيمها والعمل على تقسيمها، فلا تُسوِّق الأهداف أو القضايا كلَّها مرة واحدة؛ مثال ذلك: إذا كانت لديك عدَّة مشكلات للعديد من المستفيدين، وتحتاج هذه المشكلة مبالغ كبيرة من التبرعات، فيجب عليك أن تُصنِّف المشكلات بحسبب درجة الصعوبة، فتبدأ بتسويق المشكلات (الفردية أو الجماعية) الأكثر إلحاحًا، وتدعو المتفاعلين للتدخل والمساعدة في حلها.

إذا كنت تملك الأفكار ولا تعمل من خلال منظمة رسمية:

إذا كنت شخصًا طبيعيًّا، ولديك الأفكار اللازمة، وترغب في الانطلاق، فمن المفترض أن تكون شخصًا مشهورًا، أو صاحب نشاط كبير ومعروف، ويشترط أن يكون مستوى ثقة الجمهور في شخصِك مرتفعة لأعلى حدودها ومستوياتها، أو يجب على الأقل أن تكون الفكرة التي تمتلكها فكرةً غير تقليدية، أو أن تكون قادرًا على عرضها بطريقة باهِرة وجذَّابة، وأن تستطيع الوفاء بما وعدتَ به في المراحل الزمنية القريبة بُعيد الانطلاق.

تحديد المنصة التي عليك أن تنطلق من خلالها:

هناك العشرات من منصات ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي الحقيقة فإن المفاضلة لاختيار أحدها عمليةٌ يجب أن تكون مدروسة؛ إذ إن كلًّا منهم له ميزاته وله جمهوره الكبير جدًّا.

ومن المفترض أن كل المشاركين في هذه المواقع يجب أن يكونوا هدفًا للاستقطاب من كافة الجهات الخيرية، فإذا كنت تحتاج لمنصة عليها أعداد كبيرة جدًّا، وفئات إنسانية متنوعة، فأنت بحاجة لأن تُدشِّن حساب منظمتك على (فيس بوك وتويتر)؛ إذ يتخطَّى عدد المشتركين بالموقع الواحد مليار شخص، فإذا كنت تستطيع أن تُسوِّق خططك وأهدافك بجُمَل قصيرة جدًّا ومكثفة، وتفي بالغرض، فأنت بحاجة لتدشين حساب على تويتر.

إن كنت تنوي الاستفاضة والشرح، فأنت بحاجة لتدشين حساب منظمتك على فيس بوك.

(يجب أن يتم الانضمام لهذه المواقع عن طريق ممثِّل رسمي من المؤسسة؛ لتحصل صفحة منظمتك على العلامة الزرقاء الخاصة بالتوثيق إن أمكن).

إذا كان الجمهور الذي تسعى لاستقطابه مهتمًّا بالصورة الفوتوغرافية، يمكنك أن تدشن حساب منظمتك على موقع إنستجرام؛ فإنه الأنسب.

وإذا كان الجمهور مهتمًّا بالصورة المتحركة، فعليك بتدشين حسابات أو صفحات منظمتك على مواقع (يوتيوب أو سناب شات)، ومع العلم أن المواقع الأخرى يمكن أن تنشر عليها الصور وتبث عليها الأفلام وَفْق ضوابط كل موقع.

ملحوظة:

تُشير التجارب السابقة أن موقعَي (فيس بوك وتويتر) هما الموقعان الأكثر تأثيرًا ولَفتًا للأنظار في منطقة الشرق الأوسط، وأنهما أنسب المواقع لتدشين صفحات وحسابات كافة الكيانات والمهتمين بالعمل الخيري.

بناء الجمهور:

عملية بناء الجمهور لصفحة أو حساب منظمتك على مواقع التواصل الاجتماعي هي الخطوة الأهم؛ فالجمهور الذي يتفاعل مع الصفحة هو الأرض الخصبة التي ستنمو فيها القضايا، وستترعرع عليها الأفكار، وثمرتها هي الفائدة التي سيقدمها هذا الجمهور في صورة تبرعات أو التطوع، أو على الأقل مشاركة المؤسسة في أحلامها وقضاياها، وإعادة نشر ما تبثه، وكلما كان ذلك الجمهور عريضًا والمتفاعلون كثرًا، كانت أهداف المنظمة التي تبث عبر المنشورات والصور أقربَ للتحقق.

وعملية بناء جمهور عريضٍ لها طريقان: أحدهما بسيط ومحكم، ولكنه مدفوع الأجر، والآخر تقليدي ومجاني، ويحتاج جهدًا كبيرًا، ونجاحًا ميدانيًّا يمكن تسويقه على الصفحة أو الحساب الخاص بالمنظمة بطريقة متقنة.

الطريقة الأولى: تتمثَّل في الإعلانات الترويجية مدفوعة الأجر، وذلك بترويج الصفحة وَفْق ميزانية مالية لجمهور يمكن تحديد مواصفاته؛ كجمهور من فئة عمرية معينة، أو في مكان معين، وهكذا، ويمكن أن تكون الإعلانات الترويجية لمنشور أو صورة معينة تحمل قضية أو رسالة معينة للجمهور، ومن الأفضل ألا تحمل صورًا تنتهك خصوصيات الفقراء أو الأطفال القُصر، دون استئذانهم أو استئذان أوليائهم أولًا، فهذه الطريقة من السهل أن تجلب للصفحات المروجة آلاف المتابعين خلال وقت وجيز، والأعداد تتزايد كلما كانت المنظمة نفسها تتمتع بالمصداقية على أرض الواقع، مع تكرار عملية الترويج.

الطريقة الثانية: وهي الطريقة العادية غير مدفوعة الأجر، ولكي تكون الصفحة قادرة على جذب الجمهور، فيجب أن تكون حيوية، وألا يتوقف القائم عليها عن النشر، وأن يكون النشر متنوِّعًا ما بين صور، ونصوص، وصور متحركة، وأفلام مصورة، تخدم الأهداف المطلوبَ تحقيقُها، وعلى القائم على الصفحة أو الحساب أن يتحرى الأوقات التي يكون فيها الأصدقاء متفاعلين، وأن يكون المحتوى باهرًا، والمعلومات التي تقدَّم ثرية ومفيدة، وأن يحرص مدير الصفحة أو الحساب على تذكير الأصدقاء والمتفاعلين بإعادة نشر ما تقدِّمه الصفحة، ودعوة أصدقائهم ومحبِّيهم لمتابعتها.

• من الأمور التي تساعد في زيادة أعداد المتابعين وتوسيع القاعدة الجماهيرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي: أن يطلب مدير الصفحة والحساب من الجمهور الفعلي دعوة أصدقائهم وأقاربهم ومتابعيهم لمتابعة حساب المنظمة عبر مواقع التواصل المختلفة.

• يمكن لمدير الصفحة - بالتنسيق مع الإدارة - إقامة مسابقة، على أن يكون من شروطها متابعةُ حسابات المنظمة عبر مواقع التواصل المختلفة.

محتوى الرسالة التي تصل للجمهور:

المحتوى الذي عليك أن تقوم بنشره على صفحة أو حساب منظمتك بمواقع التواصل الاجتماعي - هو الشيء الأهم والأكثر تأثيرًا، وهو القادر على استنفار طاقات الجماهير المتفاعلة، ويُحرِّضهم على تقديم الدعم المطلوب والمنوَّه عنه في صورة تبرعات وجهود تطوُّعية، فاحرِص على أن يكون المحتوى مناسبًا لصناعة التأثير اللازم على الجمهور، باعتباره الداعم لما تصبو إليه المنظمةُ من جهود وعطايا يمكن بها تحقيق كافة مشروعات المنظمة الحالية، والمستقبلية أيضًا، بل ويجب عليك أن تسوِّق أهداف منظمتك، وتستفيض في عرض الخطط.

• يجب أن تتعامل مع الجمهور بالجدية المطلوبة، فتردَّ على التعليقات والرسائل، وتجيب عن الأسئلة، وترد على الاتصالات إن أمكن.

• يجب أن تَعرِض إنجازات مؤسستك، ونتائج الأعمال التي تحقَّقت بين حين وآخر.

• يجب أن تعلن باستمرار عن خطط المنظمة واحتياجاتها خلال الفترات القصيرة القادمة.

• يجب أن يتم استغلال مواسم الطاعات والأعياد.

• من المهم أن تسأل الجمهور عن أفضل الطرق والوسائل التي تناسبهم لتقديم تبرعاتهم لصالح المؤسسة، واحرِصْ على سؤالهم عن أفضل مجالات التطوع، وعدد ساعات العمل المتوقع أن يقدموها (يوميًّا، أسبوعيًّا، شهريًّا، سنويًّا).

• من المهم أن تكون وسائل تلقي التبرعات متنوعةً ومناسبة لكل الفئات، وأن يتم التنويه والإعلان عنها باستمرار، والرد على الاستفسارات المتعلقة بهذا الخصوص، ومن المهم أيضًا توضيحُ البرامج التطوعية المطلوب تنفيذها ومدَّتها، وكيفية الانتساب إليها، وتحديد الأدوار مقدمًا؛ ليختار كلُّ متطوع الدورَ الذي يتناسب مع قدراته وإمكانياته.

• اعلَمْ أنك تتنافس مع منظمات وشخصيات مستقلَّة نشيطة جدًّا، ولها تأثيرها وجمهورها الذي يتعاطف مع أهدافها وقضاياها وبرامجها الإنسانية والخيرية، فاحرِصْ على الاستفادة من أفضل الممارسات التي يقومون بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واحرص أيضًا على إقامة حوار معهم من أجل زيادة التعاون الذي يحقق الاستفادة القصوى عند الوصول للتبرعات المطلوبة لمنظمتك والمتطوعين الذين تحتاجهم مشروعاتك.

• احرِصْ دائمًا على أن تكون المادة التي تُقدِّمها واقعية ومثيرة للاهتمام ومتجدِّدة، واحرص على قياس درجات تفاعل الجمهور معها، كلما كان ذلك ممكنًا، واحرص على اتباع أساليب متنوِّعة لتقديم نفس المادة دون ملل، إن لم يتحقق الهدف المنشود.

نجاح صفحة المنظمة أو حسابها يستدعي الحذر ما لم يكن مصدقًا عليه:

إذا لم يكن حساب أو صفحة منظمتك يتمتع بالموثوقية والتصديق من الموقع أو التطبيق الذي تعمل من خلاله، وعلامة ذلك أن يكون قد حصل على العلامة الزرقاء، ومع ذلك قد حققت نجاحات كبيرة لمنظمتك من خلال دعواتك الدائمة لجمع التبرعات، واستثمار الطاقات التطوعية - فيجب الانتباه لئلا تظهر صفحات تحمل اسم منظمتك يديرها القراصنة ليتستقطبوا جمهورك من أجل الاستيلاء على أموالهم أو تجنيدهم في أعمال تطوعية غير مشروعة.

والله من وراء القصد