• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / تربية / تهذيب النفس
علامة باركود

من استعجل الرزق بالحرام منع الحلال

من استعجل الرزق بالحرام منع الحلال
أ.د. محمود عبدالعزيز يوسف حجاب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/9/2016 ميلادي - 25/12/1437 هجري

الزيارات: 145156

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من استعجل الرزق بالحرام منع الحلال


الرزق ما انتفعت به، والكسب: ما لديك من مال، وما لديك من مال لم تنتفع به إطلاقاً لكنه أعطاك هيمنة وسيطرة، وكل قرش اكتسبته تحاسب عليه، مع أنك لم تنتفع به كما في الأثر يقول الميت وهو محمول على الأعناق (يا أهلي يا أبنائي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال من حله وحرامه، فأنفقته في حله وفي غير حله، فالهناء لكم في الدنيا، والحساب عليّ يوم القيامة).

 

وفرق العلماء بين الرزق والكسب، الشيء الذي تأكله، والثياب التي تلبسها، والبيت الذي تسكنه، هذا هو الرزق الذي انتفعت به، أما الرصيد: الحجم المالي هذا كسب لم تنتفع به، الذي تنفع به مباشرة هو الرزق، والذي لا تنتفع به وهو من كسبك هو الكسب.

أما الكسب تحاسب عليه من أين اكتسبته؟ وماذا فعلت فيه؟ مع أنك لم تنتفع به، يعني الذي معه المليارات ماذا يأكل؟ يأكل وجبة محددة، ويرتدي ثياباً واحدة، وينام على سرير واحد، وطاقته في الاستمتاع بالحياة لها سقف، مهما كنت غنياً كم تأكل؟ وجبة محدودة، كم ثوب ترتدي؟ ثوب واحد، على كم تنام بليلة واحدة؟ على سرير واحد.

 

الرزق بيد الله وحده

أكَّد الله سبحانه أنه لا رازق سواه، كما أنه لا خالق غيرُه، خَلَق ورزَق دون عناءٍ ولا كلفة ولا مَشقة، فلو سأله الخَلْقُ جميعًا فأعطاهم، لم ينقص ذلك من ملكه شيئًا؛ ومن آيات ربِّنا سبحانه التي تُقرِّر هذه القاعدة قولُه جل ذكره: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58].

 

♦ فالإيمان رزق، وحبُّ النبي رزق، وحب الصحابة رزق، والعلم رزق، والخُلقُ رزق، والزوجة الصالحة رزق، والحب في الله رزق، والمال رزق، وما أنت فيه الآن رزق، وصيامك للنهار رزق، وقيامك الليلَ رزق، إلى غير ذلك، والرزاق بكل هذه الأرزاق هو الله؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6]. وقال ربُّنا: ﴿ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴾ [ص: 54].

 

فما على الإنسان إلا أن يسعى في الطلب، ويُحسن التوكُّل على الله، والله تعالى يُفيض عليه من رزقه.

♦ جاء رجل إلى يونس بن عبيد رحمه الله: فشكى إليه ضيقاً من حاله ومعاشه واغتمامه بذلك.

فقال: أيسرك أن تفقد بصرك بمائة ألف؟ قال: لا. قال: فبسمعك؟ قال: لا. قال: فبلسانك؟ قال: لا. قال: فبعقلك؟ قال: لا. وذكره نعم الله عليه، ثم قال يونس: أرى أن عندك مئات الآلاف وأنت تشكو الحاجة؟!.

 

سئل الحسن البصري عن سر زهده في الدنيا: فقال أربعة أشياء:

علمت أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأن قلبي.

وعلمت أن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به.

وعلمت أن الله مطلع علي فاستحييت أن يراني على معصية.

وعلمت أن الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء ربي.

 

♦ رأى إبراهيم بن أدهم رجلا مهموماً: فقال له: أيها الرجل إني أسألك عن ثلاث تجيبني قال الرجل: نعم. فقال له إبراهيم: هل يجري في هذا الكون شيء لا يريده الله؟ قال: لا

قال إبراهيم: أينقص من رزقك شيء قدره الله لك؟ قال: لا

قال إبراهيم: أينقص من أجلك لحظة كتبها الله في الحياة؟ قال: لا

فقال له إبراهيم: فعلام الهم إذن؟

 

♦ الله عز وجل أعطى المال لمن لا يحب وأعطاه لمن يحب

أعطى الله تعالى المال لقارون وهو لا يحبه، وأمره: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ﴾ [القصص: 77]

 

وأعطى الله المال لعثمان بن عفان وهو يحبه، أنفق على جيش العسرة، وقال النبي الكريم: (ما ضرّ عثمان ما عمل بعد هذا اليوم) أخرجه الحاكم عن عبد الرحمن بن سمرة رضي عنه، وأعطى الملك لفرعون وهو لا يحبه، وأعطاه لسليمان وهو يحبه، الملك ليس مقياساً، والمال ليس مقياساً.

 

♦ حتى الطعام الحرام الذي يتناوله الإنسان هو رزق من الله، يعني أضرب هذا المثل: بستان فيه شجر تفاح، الشجرة السابعة، الفرع الثالث، الغصن الرابع، التفاحة الخامسة، هذه لفلان، هذه له، فلان قد يشتريها بماله، وقد يأكلها ضيافة، وقد يأكلها هدية وقد يسرقها، وقد يتسولها، التسول، والسرقة، والهدية، والضيافة، والشراء اختياره، أما هي له.

 

فالبطولة أن تأكل رزقك الذي كتبه الله لك من طريق مشروع، هنا جاء حديث أبو أمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نفث روح القدس في روعي أن نفساً لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فأجملوا في الطلب) أخرجه الطبراني قال الله تعالى: ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 21].

 

مفاتيح الرزق في القرآن والسنة

هناك أسباب يأخذ بها العبد لزيادة رزقه، أشار إليها القرآن الكريم والسنة النبوية، منها:

1- من أسباب سَعة الرزق المحافظة على الصلاة قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [سورة طه: 132].

 

2- الاستغفار والتوبة: قال تعالى ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾ [نوح: 12].

 

3- التبكير في طلب الرزق: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها) ووقت البكور هو وقت ما بعد الفجر.

 

4- تقوى الله تعالى: قال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2] وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

5- اجتناب المعاصي: قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41]، وفي الحديث (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

 

6- التوكل على الله تعالى: قال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ﴾ [الطلاق: 3].

 

7- التفرغ للعبادة: في الحديث القدسي: (يا ابن ادم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى وأسدُّ فقرك وأملأ قلبك غنى وأملأ يديك رزقاً) وهذا اللفظ في مستدرك الحاكم (يا ابن ادم تفرغ لعبادتي أملا قلبك غنى وأسدُّ فقرك وأملأ قلبك غنى وأملأ يديك رزقاً، يا ابن ادم لا تباعد منى فأملأ قلبك فقرا وأملأ يديك شغلا).

 

8- المتابعة بين الحج والعمرة: فإنها سبب للرزق لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة)

 

9- كثرة الإنفاق في سبيل الله: قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39] وفي الحديث: "أنفق ينفق عليك".

 

10- الإنفاق على من تفرغ لطلب العلم الشرعي: النفقة على طلبة العلم سبب للرزق، ففي الحديث أنه كان ثمة أخوان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحدهما يأتي النبي والآخر يحترف، فشكى المحترف أخاه إلى النبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لعلك تُرزق به).

 

ونفصل هنا: بأن ليس المعنى أن يتفرغ الجميع لطلب العلم، لا وإنما كل ميسر لما خلق له.. فطالب العلم لا نأمره بالعمل وخوض ميدان الحياة وما فيه من أوحال لأن طبيعته التي جبل عليها لا تناسب ذلك، فغالبا ما تجد من هذه صفته يحب الجلوس في البيت والعزلة والقراءة ولا يحب الاختلاط بالناس، فيكون في خروجه إلى العمل والحياة تبديد لقدراته التي لا يناسبها هذا المجال.

 

وقد تجد آخر لا يناسبه جو الطلب، بل يحب الخلطة والخروج وخوض غمار الحياة والحركة والتجريب ولا يصبر على الجلوس في المنزل أو تصفح كتاب، فهذا خلق ليكون في مجال آخر كالدعوة، فيدفعه حبه للحركة والخلطة وكراهيته للسكون والعزلة إلى التحرك بين الناس وملاطفتهم وبسط الحديث معهم ومجادلتهم..فيكون ناجحا في دعوته على عكس الأول.

 

إذا فالمقصود أن كلٌ ميسر لما خلق له، وأن الأحكام عامة على الجميع ولكلٍ فرصته في التخصص فيما يناسب مؤهلاته وقدراته التي جبل عليها لذا قال النبي للرجل لعلك ترزق به، فلم يقلل من عمل أحدهما ولم يلم أحدهما لمعرفته بطبائع النفوس.

 

11- صلة الرحم سببٌ لسعة الرزق: وفي الحديث (من سره أن يبسط له في رزقه وينسَأ له في أثره فليصل رحمه) (رواه البخاري).

 

12- إكرام الضعفاء والإحسان إليهم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وهل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم ) (رواه البخاري).

 

13- الهجرة في سبيل الله: يترك مكان الضيق إلى غيره ما فيه سعة في الرزق ولكن بضوابط الهجرة، وليس كما يحدث الآن بأن يهاجر أحدهم بالسنوات تاركا زوجته وأولاده بحجة تأمين المستقبل. مما يفتح أبواب الابتلاءات والفتن والفواحش على الزوجات. قال الله تعالى: ﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ [النساء: 100].

 

14- الزواج: حديث: "التمسوا الرزق بالنكاح". قال صاحب كشف الخفاء: رواه الثعلبي في تفسيره والديلمي بسند فيه لين عن ابن عباس. وهذا الحديث وإن كان ضعيفاً فمعناه صحيح ودليل هذا قول الله تعالى: ﴿ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32]، وأخرج النسائي والترمذي وحسنه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف.

 

التفاوت في الأرزاق بين الناس

قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [النحل: 71]؛ حيث أخبر الله عز وجل في هذه الآية أن الرزق مُتفاوِت بين البشر، قد قسمه الله عز وجل.

 

وقال الطبريُّ في هذه الآية: "وأما إذا ما امتحَنه ربه بالفقر ﴿ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ﴾ يقول: فضيَّق عليه رِزقه وقترَه، فلم يُكثر ماله، ولم يوسِّع عليه ﴿ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ يقول: فيقول ذلك الإنسان: "ربي أهانني"، يقول: أذلَّني بالفقر، ولم يَشكُر اللهَ على ما وهَب له مِن سلامة جوارِحه، ورزَقه مِن العافية في جسمه".

 

بعض الأمثلة على تفاوت الرزق

مثلاً الأستاذ في الجامعة نصابه ثلاث ساعات، ومعلم ابتدائي بقرية كاد يسحق من الفقر والقهر والجهد والاثنين تابعون إلى التعليم ؛ هذا أستاذ جامعة وهذا معلم ابتدائي ؛ مثلاً في الطب هذا أكبر جراح في العالم دخله اليومي بمئات الألوف؛ وهذا ممرض يومي في مستشفى معاشه لا يكفيه يومين؛ كلاهما يعمل في حقل الطب؛ بائع متجول يلاحق من قبل الشرطة وأكبر مستورد كل صفقة بخمس ستة ملايين أرباحها؛ كلاهما يعمل في حقل التجارة ؛ جندي في خندق أيام الشتاء ورئيس الأركان مسافة كبيرة جداً؛ انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض، امرأة جميلة جداً وامرأة دميمة جداً هذه يأتيها آلاف الخطاب وهذه لا يطرق بابها أحد.

يوجد تفاوت في الجمال والمال وتفاوت في الذكاء، تفاوت في العمر، تفاوت في الغنى، طفل يولد ابن ملك الدنيا كلها له وطفل لا يأكل قطعة لحم ولا بسنة يعمل عمل شاق.

 

الرزق ليس له علاقة في الذكاء

يوجد تفاوت في الرزق وتفاوت بالجمال، تفاوت في المال، شخص شعلة ذكاء وشخص من الغباء بشكل لا يحتمل؛ يا ربي ما هذا التفاوت؛ أعطيت في الدنيا بتفاوت كبير هذا عين الحكمة لأن الابتلاء يقتضي التفاوت فأنت ممتحن بالغنى إذا كنت غنياً وممتحن بالفقر إذا كنت فقيراً ؛ ممتحن بالقوة؛ يوجد شخص يقدر أن يفعل ما يشاء دون أن يحاسب وفي شخص يخاف من ظله؛ بالقوة يوجد تفاوت وفي إنسان يستطيع أن يتعشى بخمسين ألف؛ ويوجد أسرة تأكل طول الشهر بألفين؛ خمس أفراد ثلاث وجبات ثلاثون يوم بألفين يوجد تفاوت والدليل: ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ﴾ [سورة الإسراء: 21].

يجب أن تعتقد اعتقادا جازماً أن هذا الذي أوتيته هو عين الحكمة وعين العدل وعين الرحمة ولو كان خلاف ذلك لكان الله ملوماً هذه واحدة إلا أن الفكرة المتممة وسوف توزع هذه الحظوظ في الآخرة توزيع جزاء؛ وزعت في الدنيا توزيع ابتلاء وسوف توزع في الآخرة توزيع جزاء.

 

الرزق مكفول فلِمَ الهم

قال تعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ [الذاريات: 22 - 23].

وعتَب على هؤلاء الذين يقتلون أولادهم بغير حقٍّ، لا لشيء إلا الخوف أن يأكلوا من طعامهم، فيُقللوا عليهم أرزاقهم، فقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 31].

 

• جلَس إبراهيم بن أدهم رحمه الله يومًا ووضَع بين يديه بعضًا من قِطَع اللحم المشوي، فجاءت قطة، فخطِفتْ قطعةً من اللحم وهرَبت، فقام وراءها وأخذ يُراقبها، فوجد القطة قد وضَعت قطعة اللحم في مكان مهجور أمام جُحرٍ في باطن الأرض وانصرَفت، فازداد عجبُه، وظلَّ يراقب الموقف باهتمام، وفجأة خرَج ثعبان أعمى فُقِئت عيناه، يخرج من الجُحر في باطن الأرض، ويجر قطعة اللحم إلى داخل الجحر مرة أخرى، فرفع الرجل رأسه إلى السماء وقال: سبحانك يا مَن سخَّرت الأعداء يَرزق بعضهم بعضًا.

وهذا أصل مهم من أصول الإيمان: أن يعلم الجميع أن رزقَ الله تعالى الذي قدَّره لا يَفُوتُ العبدَ، بل لا بد من تحصيله، وقد قال في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الروح الأمين قد ألقى في رُوعي أنه لن تموت نفسٌ حتى تستوفي رزقَها).

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يقول ابن آدم: مالي مالي وهل لك يا بن آدمَ من مالك، إلا ما أكلتَ فأفْنيتَ، أو لبِستَ فأبليتَ، أو أعطيتَ فأمضيتَ) رواه مسلم.

 

كثرة الرزق لا تدل على محبة الله

الله سبحانه يرزق الجميع، ولكنه قد يزيد أهلَ الضلال والجهل في الرزق، ويوسِّع عليهم في الدنيا، وقد يَقتُر على أهل الإيمان، فلا يظن أن العطاء والزيادة دليلُ المحبَّة والاصطفاء!

وقد قال ربنا:  ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55 - 56].

وقد حكى لنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حال النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخَل عليه في غرفته وهو على حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أَدَمٍ، حَشوُها ليف، وإن عند رجليه قَرَظًا مصبوبًا، وعند رأسه أَهَبٌ معلَّقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه، فبكيت، فقال: (ما يُبكيك؟)، فقلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله؟! فقال: (أمَا ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟).

 

والله يعطي الدنيا مَن يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب؛ قال تعالى:  ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ [الفجر: 15 - 16].

يقول: ما كلُّ مَن وسَّعتُ عليه أكرَمتُه، ولا كل من قَدَرتُ عليه، أكون قد أهنتُه، بل هذا ابتلاءٌ؛ ليشكر العبد على السرَّاء، ويصبر على الضرَّاء، فمَن رُزِق الشكر والصبر، كان كل قضاء يَقضيه الله خيرًا له.

 

الله هو المتصرِّف في أرزاق العباد

وهذا أصلُ مهمٌّ من أصول الإيمان بقضية الرزق، فالله سبحانه متصرِّف في أرزاق العباد، يجعل من يشاء غنيًّا، كثيرَ الرزق، ويَقدِر على آخرين، وله في ذلك حِكمٌ بالغة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 30].

 

قال ابن كثير: أي خبير بصير بمَن يستحق الغنى ومن يستحق الفقر، فمن العباد من لا يَصلُحُ حالُه إلا بالغنى، فإن أصابه الفقرُ، فسَد حالُه، ومنهم بضدِّ ذلك.

وقال في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 27].

 

ولو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق، لحمَلهم ذلك على البغي والطُّغيان من بعضهم على بعض؛ أشرًا وبطرًا، ثم قال: ﴿ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27]، وهذا كقوله: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 21].

وقال تعالى في حكاية عن مريمَ وزكريا عليهما السلام: ﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 37].

 

من استعجل الرزق بالحرام مُنِع الحلال

رُوِي عن علي رضي الله عنه أنه دخل مسجد الكوفة، فأعطى غلامًا دابَّته حتى يصلي، فلما فرَغ من صلاته، أخرج دينارًا ليُعطيه الغلام، فوجده قد أخذ خِطام الدابَّة وانصرَف، فأرسل رجلاً؛ ليشتري له خِطامًا بدينار، فاشترى له الخِطام، ثم أتى، فلمَّا رآه علي رضي الله عنه قال: سبحان الله! إنه خِطام دابَّتي، فقال الرجل: اشتريتُه من غلام بدينار، فقال علي رضي الله عنه: سبحان الله، أردتُ أن أُعطيه إياه حلالاً، فأبى إلا أن يأخذه حرامًا.

 

الرزق يُبارَك فيه بالطاعة ويمحق بالمعصية

تذهب بركت الرزق وإن كان كثيرًا ظاهرًا؛ لأن ما عند الله تعالى لا يُنال إلا بطاعته؛ قال سبحانه: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

 

وفي الحديث: (إن الرجل لَيُحرمُ الرزق بالذنب يُصيبه)، وكما أن تقوى الله مَجلبة للرزق، فترْك التقوى مَجلبة للفقر، فما استُجْلِب رزق بمثْل ترْك المعاصي، وفي هذا يقول ربُّنا جل ذكره: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

 

قال الله عز وجل: ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ﴾  [المائدة: 114].

 

وتكّفل لنا بالرزق وأمرنا أن نسعى للدار الآخرة، فقال: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ﴾ [سورة النجم: 39] قال تعالى: ﴿ وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً ﴾ [سورة الجن 16] قال الله تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾[الفجر: 15، 16].

 

قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل ودعوا ما حرم) (صححه الألباني). في لفظ آخر عن أبى أمامة في مسند الشهاب من حديثِ أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن روح القدس نفث في روعي أنَّ نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإنَّ الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته).

 

أقوال مأثورة في فضل القناعة

• قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "القناعة مال لا نفاد له"

• وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الرزق رزقان: فرزق تطلبه، ورزق يطلبك، فإن لم تأته أتاك"

• وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما لابنه: "يا بني: إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإنها مال لا ينفد؛ وإياك والطمع فإنه فقر حاضر؛ وعليك باليأس، فإنك لم تيأس من شيء قطُّ إلا أغناك الله عنه"

• وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: الفقه الأكبر القناعة، وكفُّ اللسان" .

• وقال الراغب: "الفقر أربعة: فقر الحسنات في الآخرة، وفقر القناعة في الدنيا، وفقر المقتني، وفقرها جميعًا، والغني بحسبه، فمن حصل له في الدنيا فقد القناعة والمقتني فهو الفقير المطلق على سبيل الذم، ولا يقال له غني بوجه"

• وقال أكثم بن صيفي لابنه: "يا بني، من لم ييأس على ما فاته ودَّع بدنه، ومن قنع بما هو فيه قرَّت عينه".

• وقال بكر بن عبد الله المزني: "يكفيك من الدنيا ما قنعت به، ولو كفَّ تمرٍ، وشربة ماءٍ، وظلَّ خباءٍ، وكلما انفتح عليك من الدنيا شيءٌ ازدادت نفسك به تعبًا".

• وقال نعيم بن حماد: "سمعت ابن المبارك يقول: مروءة القناعة أفضل من مروءة الإعطاء".

• وقال أبو حاتم: "مِن أكثر مواهب الله لعباده وأعظمها القناعة، وليس شيء أروح للبدن من الرضا بالقضاء، والثقة بالقسم، ولو لم يكن في القناعة خصلة تُحمد إلا الراحة، وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفضل، لكان الواجب على العاقل ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال".

• وقال أيضًا: "القناعة تكون بالقلب؛ فمن غني قلبه غنيت يداه، ومن افتقر قلبه لم ينفعه غِناه، ومن قنع لم يتسخط وعاش آمنًا مطمئنًا، ومن لم يقنع لم يكن له في الفوائت نهاية لرغبته، والجَدُّ والحرمان كأنهما يصطرعان بين العباد".

• وقال أبو سليمان الداراني: "إن قومًا طلبوا الغنى فحسبوا أنَّه في جمع المال، ألا وإنما الغنى في القناعة، وطلبوا الراحة في الكثرة؛ وإنما الراحة في القلة، وطلبوا الكرامة من الخلق، ألا وهي في التقوى، وطلبوا النعمة في اللباس الرقيق واللين وفي طعامٍ طيبٍ، والنعمة في الإسلام الستر والعافية".

• وقال أبو محرز: "شكوت إلى عجوز ضيق المكسب عليَّ وأنا شاب، فقالت لي: يا بني استعن بعِزِّ القناعة عن ذلِّ المطالب، فكثيرًا والله ما رأيت القليل عاد كثيراً. قال أبو محرز: ما زِلتُ بعد أعرف بركة كلامها في قناعتي".

• وعن الحسن، قال: "لا تزال كريمًا على الناس ما لم تتطلع إلى ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك استخفُّوا بك، وكرِهوا حديثك وأبغضوك".

• وكان محمد بن واسع يبل الخبز اليابس بالماء ويأكل ويقول: "من قنع بهذا لم يحتج إلى أحد".

 

قال علي بن أبي طالب

دع الحرص على الدنيا
وفى العيش لا تطمع
ولا تجمع من المال
فلا تدرى لمن تجمع
ولا تدري أفي أرضك
أم في غيرها تصرع
فإن الرزق مقسوم
وسوء الظن لا ينفع
فقير كل من يطمع
غنى كل من يقنع

 

فضل القناعة

النفس تجزع أن تكون فقيرة
والفقر خير من غنى يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف
فإن أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيها

 

الشكوى إلى الله:

قال الأحنف بن قيس: شكوت إلى عمي وجعا في بطني فنهرني ثم قال: يا ابن أخي لا تشك إلى أحد ما نزل بك فإنما الناس رجلان: صديق تسوؤه وعدو تسره..

يا ابن أخي لا تشكو إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله لنفسه..

ولكن اشك إلى من ابتلاك به فهو قادر على أن يفرج عليك..

يا ابن أخي إحدى عيني هاتين ما أبصرت بهما سهلا ولا جبلا منذ أربعين سنة وما أطلعت ذلك امرأتي ولا أحدا من أهلي.

 

قال أحد الصالحين:

عجبت لمن بُلي بالضر، كيف يذهل عنه أن يقول: ﴿ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 83] والله تعالى يقول بعدها: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ ﴾ [الأنبياء: 84].

وعجبت لمن بلي بالغم، كيف يذهل عنه أن يقول: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]

والله تعالى يقول بعدها: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]

وعجبت لمن خاف شيئاً، كيف يذهل عنه أن يقول: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]

والله تعالى يقول بعدها: ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ﴾ [آل عمران: 174]

وعجبت لمن كوبد في أمر، كيف يذهل عنه أن يقول: ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [غافر: 44]

والله تعالى يقول بعدها: ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ﴾ [غافر: 45]

وعجبت لمن أنعم الله عليه بنعمة خاف زوالها، كيف يذهل عنه أن يقول: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [الكهف: 39].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحث على العمل وطلب الرزق
  • خطبة عن الرزق الحلال
  • أبواب الرزق
  • فابتغوا عند الله الرزق
  • أكل الحلال الطيب
  • الحلال والحرام والمشتبهات
  • أقسام الحرام

مختارات من الشبكة

  • معنى قاعدة: من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • التعريف بالبلد الحرام(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • كيف أتخـلص من القـلق والتسرُّع والعصبية؟(استشارة - الاستشارات)
  • أطول مائدة إفطار في تركيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فرنسا: منع اللحوم الحلال من المدارس(مقالة - المسلمون في العالم)
  • بريطانيا: منع تاجر من منفذ البيع لتجارته بالطعام الحلال(مقالة - المسلمون في العالم)
  • السويد: منع اللحوم الحلال(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الإحرام : تعريفه وحكمه(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث: ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب