• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة
    بكر البعداني
  •  
    تفسير: (وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أسباب الحقد والطرق المؤدية له
    شعيب ناصري
  •  
    خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    وثلاث حثيات من حثيات ربي
    إبراهيم الدميجي
  •  
    ذكر الله يرطب اللسان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: الذكاء الاصطناعي
    د. فهد القرشي
  •  
    الجمع بين حديث "من مس ذكره فليتوضأ"، وحديث "إنما ...
    عبد السلام عبده المعبأ
  •  
    ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خطبة المولد
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    النهي عن التشاؤم (خطبة)
    أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    التقوى خير زاد
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    روايات عمرو بن شعيب عن جده: دراسة وتحقيق (PDF)
    د. غمدان بن أحمد شريح آل الشيخ
  •  
    الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

العافية (خطبة)

العافية (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/11/2021 ميلادي - 6/4/1443 هجري

الزيارات: 56579

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العافية


الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

 

أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا هِيَ نِعْمَةُ الْعَافِيَةِ، وَمَا مِنْ دُعَاءٍ أَشْمَلَ مِنَ الدُّعَاءِ بِطَلَبِ الْعَافِيَةِ مِنَ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فَالْعَافِيَةُ هِيَ دِفَاعُ اللهِ عَنِ الْعَبْدِ جَمِيعِ الْأَسْقَامِ وَالبَلَايَا، وَجَمِيعِ مَا يَكْرَهُهُ وَيُشِينُهُ، وَالْعَافِيَةُ فِي الْآخِرَةِ دِفَاعُ اللهِ عَنْهُ جَمِيعِ أَهْوَالِ الْآخِرَةِ، وَأَفْزَاعِهَا، فَالْعَافِيَةُ تَشْمَلُ أُمُورَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

 

الْعَافِيَةُ نِعْمَةٌ مِنْ نِعَمِ اللهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى عِبَادِهِ، وَالدُّعَاءُ بِالْعَافِيَةِ دُعَاءٌ جَامِعٌ، كَافٍ شَافٍ وَافٍ، وَالْعَافِيَةُ مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ عَلَى عِبَادِ اللهِ.

 

لَا تَأْسَ مِنْ دُنْيَا عَلَى فَائِتٍ
وَعِنْدَكَ الْإِسْلَامُ وَالْعَافِيَة
إِنْ فَاتَ شَيْءٌ كُنْتَ تَسْعَى لَهُ
فَفِيهِمَا مَنْ فَائِتٍ كَافِيَة

 

قَالَ شَيْخٌ مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ الْعِلْمِ: رُؤُوسُ النِّعَمِ ثَلَاثَةٌ؛ نِعْمَةُ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا تَتِمُّ نِعْمَةٌ إِلَّا بِهَا، وَنِعْمَةُ الْعَافِيَةِ الَّتِي لَا تَطِيبُ الْحَيَاةُ إِلَّا بِهَا، وَنِعْمَةُ الْغِنَاءِ الَّتِي لَا يَتِمُّ الْعَيْشُ إِلَّا بِهَا.

 

إِذَا عُوفِيَ الْمَرْءُ فِي جِسْمِهِ
وَمَلَّكَهُ اللهُ قَلْبًا قَنُوعًا
أَلْقَى الْمَطَامِعَ مِنْ نَفْسِهِ
فَذَاكَ الْغَنيُّ وَلَوْ مَاتَ جُوعًُا

 

وَلَمَّا سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْه، وَرَحِمَنَا جَمِيعًا، فَقِيلَ لَهُ: أَيُّ رَجُلٍ كَانَ الشَّافِعِيُّ، فَإِنَّنَا نَسْمَعُكَ تُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ لَهُ، فَقَالَ: كَانَ الشَّافِعِيُّ كَالشَّمْسِ لِلدُّنْيَا، وَكَالْعَافِيَةِ لِلنَّاسِ، فَانْظُرْ هَلْ لِهَذَيْنِ مِنْ خَلَفٍ، أَوْ عَنْهُمَا مِنْ عِوَضٍ؟

قَدْ ذُقْتُ أَنْوَاعَ الطُّعُومِ *** فَلَمْ أَجِدْ فِيهِنَّ طَعْمًا مِثْلَ طَعْمِ الْعَافِيَةِ

 

وَقِيلَ لِرَجُلٍ دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ: إنَّهُ طَعَامٌ طَيِّبٌ، قَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُطَيِّبْهُ، وَلَا الْخَبَّازُ، وَلَكِنْ طَيَّبَتْهُ الْعَافِيَةُ، وَالدُّعَاءُ بِالْعَافِيَةِ لَا يُسَاوِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَدْعِيَةِ، وَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ شَيْءٌ مِنَ الْكَلَامِ، قَالَ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شيئًا أَسْأَلُ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: "سَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ"، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ جِئْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَسْأَلُ اللهَ، فَقالَ لِي: "يا عَبَّاسُ، يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "يَا عَمِّ، أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ"؛ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ لَا يَقِلُّ عَنِ الْحَسَنِ.

 

فَانْظُرْ مِقْدَارَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعَمِّهِ مِنْ دُونِ الْكَلِمِ، وَالرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُعْطِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَكاَنَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُنْزِلُ عَمَّهُ الْعَبَّاسَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَرَى لَهُّ حَقَّ الْوَالِدِ. وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"، ثُمَّ أَتَاهُ الْغَدَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، فَقَدْ أَفْلَحْتَ"؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، فَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الدُّعَاءَ بِالْعَافِيَةِ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ، لَا سِيِّمَا بَعْدَ تَكْرِيرِهِ لِلسَّائِلِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، قَاَل -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ دَعْوَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللهِ أَنْ يَدْعُوهُ بِهَا عَبْدٌ مِنْ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْمُعَافَاةَ، أَوْ قَالَ: الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"؛ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، غَيْرَ عَليٍّ ابْنِ زِيَادٍ، فَهُوَ ثِقَةٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ، أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: لَوْ عَرَفْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا سَأَلْتُ اللهَ فِيهَا إِلَّا الْعَافِيَةَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَقَالَتْ أَيْضًا: لَوْ عَلِمْتُ أَيَّ لَيْلَةٍ لَيلَةُ الْقَدْرِ كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِي فِيهَا: أَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ؛ رَوَاهُ ابْنُ شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ.

 

وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ كمًا يَقُولُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ: سَمِعْنَاهُ مَا لَا يُحْصَى يَقُولُ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا مِنْهَا إِلَى خَيْرٍ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا الْمُبْتَلَى الَّذِي اشْتَدَّ بِهِ الْبَلَاءُ، بِأَحْوَجَ إِلَى الدُّعَاءِ مِنَ الْمَعَافَى الَّذِي لَا يَأْمَنُ الْبَلَاَءَ، قَالَ عَبْدُالْأَعْلَى التَّيْمِيُّ، رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ: أَكْثِرُوا سُؤَالَ الْعَافِيَةِ؛ فَإِنَّ الْمُبْتَلَى وَإِنِ اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِالدُّعَاءِ مِنَ الْمُعَافَى الَّذِي لَا يَأْمَنُ الْبَلَاءَ، وَمَا الْمُبْتَلُونَ الْيوْمَ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْعَافِيَةِ بِالْأَمْسِ، وَمَا الْمُبْتَلُونَ بَعْدَ الْيَوْمِ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْعَافِيَةِ الْيَوْمَ.

 

لَوْ أَنَّنِي أَعْطَيْتُ سُؤَالِي لَمَا
سَأَلْتُ إِلَّا الْعَفْوَ وَالْعَافِيَة
فَكَمْ فَتًى قَدْ بَاتَ فِي نِعْمَةٍ
فَسَلْ مِنْهَا اللَّيْلَةَ الثَّانِيَة

 

وَقَالَ منصور الفقيهُ رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ:

رَأَيْتُ الْبَلَاءَ كَقَطْرِ السَّمَاءِ
وَمَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ نَامِيَة
فَلَا تَسْأَلَنَّ إِذَا مَا سَأَلْتَ
إِلَهَكَ شَيْئًا سِوَى الْعَافِيَة

 

قَالَ أَبَا بَكرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَمْ تُؤتَوا شَيْئًا بَعْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ مِثْلَ الْعَافِيَةِ، فَسلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ"؛ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.

 

وَعَنْ أَوْسَطَ بْنِ عَامِرٍ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ بَعدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ يَخْطُبُ النَّاسَ، وَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ أوَّلَ، فَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: "يَا أيُّهَا النَّاسُ، سَلُوا اللهَ الْمُعَافَاةَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِثْلَ الْيَقِينِ بَعْدَ الْمُعَافَاةِ، وَلَا أَشَدَّ مِنَ الرِّيبَةِ بَعْدَ الكُفْرِ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَهُمَا فِي النَّارِ، أَرَادَ بِهِ مُرْتَكِبَهُمَا لَا نَفْسَهُمَا"؛ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ.

 

وقال أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَال رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الْعَافِيَةِ، فَاسْأَلُوا اللهَ الْعَافِيَةَ".

 

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ سبْطهُ دُعَاء القُنُوْتِ: "اللُّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فَيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ؛ فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ".

 

سَأَلَ قَتَادَةُ أَنَسًا: أَيُّ دَعْوَةٍ كانَ يَدْعُو بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَرَ؟ قَالَ: كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا، يَقُولُ: "اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".

 

وَفِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللهِ -جَلُّ ثَنَاؤُه-: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، قَالَ النَّوَوِيُّ: "حَسَنَةُ الدُّنْيَا الصِّحْةُ وَالْعَافِيَةُ، وَحَسَنَةُ الْآخِرَةِ التَّوْفِيقُ لِلْخَيْرِ، وَالْمَغْفِرَةُ".

 

قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَسْأَلُ اللهَ مُعَافَاتِهِ، وَمَغْفِرَتَهُ"؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ".

 

وَكَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ عِنْدَ النَّوْمِ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِي، وَأَنْتَ تَوفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا، وَإِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا، وَإِنْ أمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ"؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَدَّ عَلِيَّ رُوحِي، وَعَافَانِي فِي جَسَدِي، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِه"؛ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.

 

وَكَانَ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:"اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ"؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ: "قُلْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي، وَجَمَعَ أَصَاِبعَهُ الأربعَ إِلَّا الْإِبْهَامَ، فَإِنَّ هَؤُلاءِ يَجْمَعْنَ لَكَ دِينَكَ وَدُنْيَاكَ"؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وِلأَنَّ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ فِي حَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى الْعَافِيَةِ؛ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ"؛ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

 

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.


أمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ الله؛ وَمِنْ عِظَمِ سُؤَالِ اللهِ الْعَافِيَة أَنَّهَا مِنَ الأَذْكَارِ الَّتِي تُقَالُ فِيْ الصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ. ففِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَعُ هَؤُلاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ، وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَتِي - عَوْرَاتِي- وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدِيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي"، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي الْخَسْفَ.

 

وَعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِيه: يَا أَبَتِ، إنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ: اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللَّهُمَّ عَافِنِي فِي بَصَرِي، لَا إِلَهَ إلَّا أَنْتَ؛ تُعِيدُهَا ثَلَاثًا حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يَدْعُو بِهِنَّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ. قَالَ عبَّاسٌ فِيهِ: وتَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ والفَقْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذابِ اْلقَبْرِ، لَا إِلهَ إلَّا أَنْتَ، تُعيدُها ثَلاثًا حِينَ تُصْبِحُ، وثَلَاثًا حِينَ تُمْسِي، فتَدْعُو بِهِنَّ، فأُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ"؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ المُفْرَدِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نعمة العافية (خطبة)
  • نعمة العافية (خطبة)
  • نعمة الصحة والعافية (خطبة)
  • سؤال الله العافية (خطبة)
  • العافية (خطبة)
  • نعمة العافية (خطبة)
  • سلوا الله العفو والعافية (خطبة)
  • أيتها الأمة الباقية لا تسألوا الله البلاء بل اسألوه العافية (خطبة)
  • سبل العافية

مختارات من الشبكة

  • سحر مرور الأيام(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بين الثناء على البخاري ورد أحاديثه: تناقض منهجي في رؤية الكاتب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما تركتهن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فضائل الصلاة وثمارها من صحيح السنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: أشبعوا شبابكم من الاحترام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الذكاء الاصطناعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ألا إن سلعة الله غالية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المولد(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • خطبة: فضل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن التشاؤم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد
  • مدينة نازران تستضيف المسابقة الدولية الثانية للقرآن الكريم في إنغوشيا
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/2/1447هـ - الساعة: 9:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب