• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق / ملخصات أبحاث مسابقة تعزيز القيم والمبادئ والأخلاق / المحسوبية والوساطة
علامة باركود

ملخص بحث: مكافحة الفساد الإداري والاجتماعي من منظور إسلامي

خاص شبكة الألوكة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/5/2013 ميلادي - 13/7/1434 هجري

الزيارات: 51972

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص بحث

مكافحة الفساد الإداري والاجتماعي من منظور إسلامي


خلاصة ما قاله أئمة المفسرين Tafsir summary of Imams الفساد في دلالة القرآن والسنة، هو الخروج عن حد الاعتدال بالكفر والمعاصي، وإهلاك الحرث والنسل، وقتل النفس بغير حق والسعي إلى قطع الطريق، والنهب والبغي والتخريب والفساد بكل صوره والعودة إلى حياة الجاهلية بكل مظاهرها؛ كما يشير قوله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41].

 

إلى الضرر البالغ الذي يحل بالإنسان من جراء عمله الفاسد؛ ﴿ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا ﴾ [الروم: 41]؛ لعلهم يرجعون وينتبهون، وأشارت الآية الكريمة إلى فساد البحر دون النهر؟ لأن الفساد في البحر يشمل المياه العذبة (الأنهار والبحيرات)، وغير العذبة (البحار والمحيطات)؛ قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ﴾[الفرقان: 53].

 

واقتصرت الآية الكريمة على ذكر الفساد الناتج عن الإنسان في البر والبحر، ولم تذكر الفساد في الجو؟

هذا من أسرار بلاغة القرآن؛ حيث إنه يأتي بأمور تتناسب مع فَهْم المعاصرين آنذاك، دون أن يتعارض مع المستقبل الذي سيتم فيه الفساد جوًّا بسبب الإنسان؛ بل لو أخبروا بفساد الجو في ذلك الوقت، لكذبوا به؛ لبعده عن الواقع الذي يعيشونه في ذلك التاريخ، ونجد في ذلك أروع نماذج الدقة والمصداقية في التعبير، كما أن فساد الجو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بفساد الإنسان برًّا وبحرًا، وكل ما أصاب الجو من ملوثات وتغيرات مناخية تؤثر تأثيرًا مباشرًا بالضرر أو السقوط بفعل الجاذبية الأرضية مرة أخرى على البر والبحر، ووجه الإعجاز العلمي في الآية الكريمة؟

 

أشارت الآية الكريمة إلى أن العامل الأساسي لفساد البيئة في البر والبحر والجو هو الإنسان، وذلك ما أقرته جميع المؤتمرات والندوات والمنظمات العالمية؛ وذلك كما حدثنا القرآن عنه قبل أكثر من ألف وأربع مائة سنة))؛ انتهى.

 

ولا بد من السعي في إيجاد جملة من المعايير التي تحيط بجميع صور الفساد وأشكاله؛ لتكون الخطوة الأولى لمكافحته والقضاء عليه، فالظواهر الإنسانية - والفساد واحد منها - على قدر من التشعب والتعقيد يصعب معه الحكم عليها من زاوية واحدة، أو معطيات نظرية لا تقترب من أرض الواقع:

والفساد الإداري في التشريع الإسلامي:

هو ((الإخلال بالسلطات الممنوحة بموجب ولاية شرعية عامة، بتجاوز حدودها المشروعة قصدًا أو استعمالها بما يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية من تلك الولاية واقعًا أو مآلاً، والفساد الاجتماعي Social corruption هو تفكُّك اجتماعي أو فوضى اجتماعية social disorganization، وهو ضعف يطرأ على العلاقات الاجتماعية في المجتمع أو مكونات النسق الاجتماعي، وتدهور الضوابط الاجتماعية، ويذهب توماس وزنانيكي إلى أن التفكك الاجتماعي يشير إلى نقص تأثير قواعد السلوك الاجتماعي على الأفراد أعضاء الجماعة، ويشير المصطلح أيضًا إلى انحراف القيم والمعايير المقررة في المجتمع، والتفكك الاجتماعي لا يكون كاملاً، ولكنه نسبي، ومنه تفكك الأسرة، وفِقدان الرابطة الاجتماعية، وخُلو القلوب من الوازع، وانتشار الجريمة، وانهيار القيم والأخلاق في المجتمع، واضطراب النفوس، وكثرة القلق والحقد على الآخرين، وغلبة الأنانية وغير هذا من النوازع التي تسعى إلى تخريب المجتمعات، ومن مظاهر الفساد المحسوبية، والوساطة والمحاباة، فأنكر الإسلام كل هذا، فالناس جميعًا في تشريعات الإسلام سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أحمر أو أسود، إلا بالتقوى والعمل الصالح.

 

البشرية كلها سواء في عرف الإسلام أصلهم واحد، خلقوا جميعًا من أصل واحد، هو أبونا آدم - عليه السلام - وحوَّاء أُمُّنا، فلا تفاضل بين بني البشر إلا بالتقوى والعمل الصالح؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

فالمحسوبية والمحاباة ليس لها مكان في الإسلام لا من قريب ولا من بعيد، وخير شاهد على ذلك على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمح لنصارى نجران أن يصلوا في مسجده، ونزلت آيات تتلى إلى قيام الساعة في إنصاف رجل من اليهود من تهمة سرقة وإدانة رجل من أهل المدينة؛ فأي عدل بعد هذا؟!

 

وتوصلت في بحثي إلى أن الإسلام لا يفرق في المعاملة بين المسلمين وغيرهم، ونهج السلف الصالح نفس منوال ونهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقد كان السلف الصالح من هذه الأمة الشهيدة على الناس أشد الناس حرصًا على تطبيق هدف الشريعة الإسلامية الأساسي، وهو إقامة العدل المطلق بين الناس جميعًا، وتحقيق الإخاء بينهم، وغاية الشريعة تحقيق المصلحة الدنيوية والأخروية، وليس غايتها تحقيق المصلحة الدنيوية بغض النظر عن المصلحة الأخروية، وليس غايتها تحقيق المصلحة الأخروية بغض النظر عن المصلحة الدنيوية، كما هو الشأن في بعض الديانات والنحـل التي غلت في الجانب الروحـي.

 

إن الوسطية في الإسلام تعني العدل والتوازن والحكمة، ووضع الشيء في موضعه، ووقفت على أثر المحسوبية في المجتمع، فوجدت أن لها أثرًا كبيرًا في فساد المجتمع، فهي أساس كل فساد هي جريمة اجتماعية تجب محاربتها؛ وذلك أن من أهم مقاصد التشريع العدل وإزالة الفساد من جذوره، ولكن هذا لا يمكن أن يكون أبدًا إلا بتطبيق شرع الله، وإقامة حدوده على الكبير والصغير، والقضاء على كل مسببات الفساد؛ مثل: البحث عن الريع، وتقاعس الحكومات عن التدخل من أجل مراقبة سير العمل في مؤسسات وسلطات الدولة، وعدم تمكين ذوي الخبرة، ووجود الطبقية في المجتمع والاختلاط، ونسيان الموت وحب الشهوات، والأثرة والجشع، والرياء والتهارش والحقد، وغير ذلك من ذميم الخصال، التي ملأت الدنيا من قديم، وإن تغيرت الأزياء التي تظهر بها على مر العصور.

 

وإن الإنسان ليرى في القرية التافهة وفي القبيلة الساذجة من التنافس على المال والظهور، ما يراه في أرقى البيئات، وكثير من الناس تفوتهم أنصبة رائعة من العلم والفضل، ولكن لا تفوتهم أنصبة كبيرة جدًّا من الاحتيال والتطلع والدس، وقد تستغرب إذ ترى الشخص لا يحسن فَهْم مسألة قريبة من أنفِه، ومع ذلك فهو يفهم جيدًا ألا يكون فلان أفضل منه!

 

من عهد نوح والحياة تجمع أمثلة شتى لهذا الغباء وهذا العناد، فعندما دعي قوم نوح إلى الإيمان بالله وحده، كانت إجابتهم لنوح لا تهتم بموضوع الدعوة قدر اهتمامها بشخص الداعي، وما سيحرزه من فضل بهذه الرسالة، ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً ﴾ [المؤمنون: 24].

 

ما أكثر منافذ الهوى إلى الأعمال والأحكام! وما أعقد مخلفات الهوى في الأخلاق والأفكار، والسير والسياسات، وتوصَّلت في بحثي أنه من جراء المحسوبيات والمجاملات: قصْر التعليم عن أهدافه، فالمعروف أن مراتب التعليم المختلفة هي مراحل جهاد متصل لتهذيب العقل وتقوية ملكاته، وتصويب نظرته إلى الكون والحياة والأحياء، فكل تعليم يقصر بأصحابه عن هذا الشأن لا يُؤبَه له، مهما وُسِم بالشهادات والإجازات! وأحق منه بالحفاوة وأسبق منه إلى الغاية المنشودة، أن ينال المرء حظًّا وافرًا من حسن الفِطنة وأصالة الفكرة، وسداد الوسيلة والهدف، وقد أشار القرآن الكريم إلى نصيب "إبراهيم" من هذه الخصال عندما قال: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 51، 52].

 

ويقول الشيخ محمد بن جميل زينو: "إن مهمة المربي عظيمة جدًّا، وعمله من أشرف الأعمال إذا أتقنه، وأخلص لله تعالى فيه، وربَّى الطلاب التربية الإسلامية الصحيحة والمربي والمربية يشمل المدرس والمدرسة، والمعلم والمعلمة، ويشمل الأب والأم وكل مَن يرعى الأولاد، وهكذا يُجمع العلماء على ضرورة تربية الأولاد تربية صحيحة، قوامها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن من يقوم بهذه المهمة، إنما يقوم بعمل عظيم، هو امتداد لمهمة الأنبياء والمرسلين الذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر وتعليمهم، والطفل كما يقولون صحيفة بيضاء نقية في أيدي أبوَيه، ومَن يربيه، فإذا نقشوا فيه صالحًا نشأ صالحًا، وإن نقشوا فيه شيئًا فاسدًا، نشأ على السوء والفساد.

 

فإذا أدرك الآباء والمربون هذه الأمانة وحملوها بصدق وإخلاص، فلتُبشر الأمة بالنصر القريب؛ عملاً بقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

 

وكذا فقد لحق الفساد مجال الشرطة؛ إذ يمدون أيديهم على نواصي الطرق لسائقي السيارات، قد باعوا الغالي بالرخيص؛ فعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله))؛ رواه الترمذي، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولغدْوَةٌ في سبيل الله أو رَوحةٌ خير من الدنيا وما فيها)).

 

ووصل الفساد بشأن ما يختص بصحة الإنسان ومنه تدخين الأطباء في غُرف العمليات وإعطاء الدواء لمن لا يستحقه - محسوبيةً ومجاملة - وتعاطي أدوية المخدرات، وحل الفساد في كل شيء، لدرجة أن أصحاب الكفاءات والأمانة لا يُطيقون المُكث في المجتمع؛ فالكل يريد الهجرة، الكل ضاق به الحال، وقد وصلنا من الهَوان والضَّعف إلى أنه إن تبرع نصراني فاسق كافر من الغرب بتوقيعه لأحدنا، اعتبرها كنز لا يفنى، والله مهزلة ما بعدها مهزلة، ومأساة ما بعدها مأساة أن يتسابق الناس لكافر نصراني أو يهودي من أجل أن يوقِّع له على ورقة معه، ويعتبر هذا أهم من مخطوطات وكنوز المسلمين جميعًا، والحسرة كل الحسرة أن يطول الفساد بعض الأئمة ولا يفهمون ما يرددون ولا يتعظون بما يقولون، فهُم كالشمعة تضيء لغيرها، وتحترق هي، فهُم كالجسر الذي يعبر من عليه الناس؛ قال الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله -: ما العلم الذي ترقى به النفس؟ أهو حفظ الدروس واستيعاب القواعد والقوانين؟.

 

إن هناك ببغاوات كثيرة تردد ما تسمع دون وعي، ولقد نرى أطفالاً صغارًا يلقون - بإتقان وتمثيل- خُطبًا دقيقة لأشهر الساسة والقادة، فلا الأطفال - بما استحفظوا من كلام الأئمة - أصبحوا رجالاً، ولا الببغاوات تحولت بشرًا، وقد تجد من يحفظ، ويفقه، ويجادل ويغلب، ولكن العلم في نفسه كعروق الذهب في الصخور المهملة، لا يبعث على خير ولا يزجر عن شر، وقد شبه القرآن أحبار اليهود الذين يحملون التوراة ولا يتأدبون بها بالحمير؛ ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ [الجمعة: 5].

 

وهذه الطبائع التي تحمل العلم لا تصلح به إنما تسيء إليه؛ ولذلك يحسن الضَّن به عليها، وفي الأثر: "واضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب، وقال تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأعراف: 169]، وقال تعالى:﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 175 - 177].

 

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].

 

فهذه الآيات تخاطب أئمة الضلال وأئمة المفسدين فهم دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، وهم عالة على الإسلام، وانتشر في المجتمع خلخلة القيم الأخلاقية والإحباط، وانتشار اللامبالاة والسلبية بين أفراد المجتمع، والتطرف في الآراء وانتشار الجريمة كرد فعل لانهيار القيم وعدم تكافؤ الفرص، وعدم المهنية، وفِقدان قيمة العمل والتقبل النفسي لفكرة التفريط في معايير أداء الواجب الوظيفي والرقابي، وتراجع الاهتمام بالحق العام.

 

والشعور بالظلم لدى الغالبية؛ مما يؤدي إلى الاحتقان الاجتماعي، وانتشار الحقد بين شرائح المجتمع، وانتشار الفقر، وزيادة حجم المجموعات المهمشة والمتضررة، وبشكل خاص النساء والأطفال، فعلى كبار المسؤولين أن ينتبهوا أنهم قدوة في الجِدِّ أو الكسل لصغارهم، فإذا قام كبار الموظفين بواجباتهم على التمام والكمال، اقتدى بهم في ذلك الموظفون التابعون لهم، وكل رئيس في العمل سيُسأل عن نفسه ومرؤوسيه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّكم راع ومسؤول عن رعيَّته، فالأمير الذي على الناس، فهو راع عليهم وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيِّده وهو مسؤول عنه، ألاَ فكلُّكم راع وكلُّكم مسؤول عن رعيته)).

 

وإذا حافظ المسؤولون الكبار على الأعمال في جميع أوقاتها، صاروا قدوةً حسنة لِمَن دونهم، ويجب أن يتوفر في كل قائد على سبيل المثال لا الحصر المؤهلات التالية:

1- على كل زعيم أن يملك قابلية إعطاء القرارات الصحيحة؛ إذ يعد إعطاء القرار بمثابة الأسس للأعمال التي يجب إنجازها، ولكن كما يمكن إعطاء قرار غير صائب، كذلك من المحتمل أن يكون القرار خاطئًا من ناحية التوقيت كذلك، فالقرارات المتأخرة أو المتقدمة عن أوقاتها الصحيحة تعد قرارات خاطئة؛ لذا فإن القرار الصائب الذي يتخذه أي زعيم يتميز عن أي قرار آخر اعتيادي بأنه قرار صائب متخذ في وقته المناسب تمامًا، هناك أوقات مهمة يجب فيها اتخاذ قرار سريع، والزعيم يتميز عن الآخرين في مثل هذه الأوقات بقابليته على اتخاذ القرار السريع الذكي والصائب، هذا مع أن القرارات المتخذة على عجَلٍ تكون في الغالب قرارات خاطئة؛ لأن العجلة تكون عادة ضد الصواب، ويصعُب أن يوجدا معًا، والزعيم هو رجل مثل هذه الأوقات الصعبة؛ حيث يستطيع الجمع بين هذين الضدين.

 

2- على كل زعيم أن يملِك شجاعة فطرية؛ فمن لم يكن شجاعًا لا يمكن أن يكون زعيمًا، فعلى الزعيم أن يكون شجاعًا، رابطَ الجأش، قويَّ القلب؛ فقد يأتي يوم يبقى فيه وحيدًا وشجاعته الفطرية تنقذه آنذاك من التذلل، في مثل هذه الأوقات التي يضطر فيها الزعيم والقائد إلى تحمل تبعات دعوته وحْده، عليه أن يتصرف وكأن الآلاف خلفه؛ وذلك لكي يستطيع الوصول إلى هدفه.

 

أجَل، على القائد والزعيم ألا يخاف من الموت أبدًا، فالذي يخاف من كل شيء ويخشى كل خطوة، وكلَّ أمر، لا يمكن أن يكون قائدًا ينظم ويدير جماعته.

 

3- القائد رجل الإرادة التي لا تلين، فليس من الممكن له الرجوع عن قراره ولا تبديل إيمانه وعقيدته، ولا إعطاء أي تنازل عنها، فالأمل صديقه الذي لا يفارقه، أما اليأس فعدوه الكبير الذي لا يقربه حتى في الأحلام، فالعراقيل الموجودة أمامه مهما كانت كبيرة، لا تثنيه عن عزمه ولا تُضعف من إرادته، فهو يملك قوة معنوية ورُوحية يغلب بها اليأس، وإلا فكيف يكون باستطاعته جذب الجماهير خلفه؟

أجَل، إن القائد شخص ذو إرادة فولاذية لا تلين.

 

4- القائد شخص يدرك مسؤولياته إدراكًا جيدًا، وشعور المسؤولية جزء لا يتجزأ من كِيانه، فلو تفرق عنه جميع من حوله واحدًا إثر واحد، فهو يبقى مستعدًّا لتحمُّل التبعات الثقيلة لدعوته حتى النهاية، وإن أصبح وحيدًا.

 

أجَل، هذا هو مقدار شعوره بالمسؤولية، وليس هناك أمر أو عائق يستطيع إضعاف هذا الشعور الذي يتحول عنده إلى قناعة فكرية ثابتة.

 

5- على الزعيم أن يكون بعيد النظرة يتجاوز زمنه، ويكتشف مسار الحوادث المستقبلية بحدسه وبفكره الثاقب، ويراها مثلما رأى الأحداث الماضية، ويعطي أحكامه وقراراته على هذا الأساس، ولكن إن كانت الأيام تثبت على الدوام عكس ما أمَّله وما توقَّعه، وتنقض حدسه، فليس في إمكانه إقناع من برأسه سكة من عقل.

 

6- على الزعيم أن يرى المستقبل؛ لكي تكون قراراته نهائية، وإلا اضطر إلى تبديل قراراته على الدوام حسب تقلب الأيام، وهذا سيولد الخلاف الفكري والشقاق بين جماعته، وهذا يؤدي إلى انهدام الجماعة؛ فالقرارات المتغيرة على الدوام ستؤدي إلى تفتيت الجماعة إلى أفراد، كل منهم يحمل فكرًا خاصًّا به.

 

إذًا، فعلى القائد أن يكون ذا بصيرة نافذة وفراسة حادة.

 

7- على القائد أن يكون إنسانًا مستقرًّا من الناحية النفسية، لا يتأثر ولا يغير وضعه تحت تأثير أي حادثة، فلا يغره أروع النجاحات، ولا يغيره أكبر الانتصارات، وعندما يواجهه الفشل يقوم بحماسية نفسه.

 

♦ القائد هو الشخص الذي بَعُد عن وضاعة النفس، واستمر في طُرز حياته البسطية المتقشفة، يعيش حياته بتناغم موسيقي هادئ، بل إن القائد الجيد هو ينهي حياته بمستوى أعلى من البداية التي بدأها، وهذا لا يتم إلا إذا كان القائد يملك نفسًا متواضعة تمام التواضع؛ لكيلا ينسى أيامه الأولى ولا أصدقائه السابقين.

 

♦ القائد لا بد وأن يكون يَقِظًا ومُنتبهًا لمن معه؛ من التفقد والتعرف عليهم وعلى أحوالهم، والإحساس بهم، والشعور بمن يغيب أو يحضُر منهم، وخاصة أولئك الذين يلونه مباشرة، وعلى القائد أن يعمل بمبدأ الفصل بين الشخص والمشكلة أو الخطأ، وهذا مبدأ من المبادئ العظيمة في الإدارة والتربية والتعامل مع الناس عمومًا؛ قال تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [الشعراء: 215، 216]، ولم يقل: إني بريء منكم.

 

يجب أن يتَّصف الموظف بالعفَّة والسلامة من أخذ الرشوة والهدية، ويجب عليه أيضًا أن يكون عفيفاً عزيزَ النفس، غنيَّ القلب، بعيدًا عن أكل أموال الناس بالباطل، مِمَّا يُقدَّم له من رشوة ولو سُمِّي هدية؛ لأنَّه إذا أخذ أموال الناس بغير حقٍّ أكلها بالباطل، وأكل الأموال بالباطل من أسباب عدم قبول الدعاء؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أيُّها الناس! إنَّ الله طيبٌ لا يقبل إلاَّ طيبًا، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172].

 

ثم ذكَرَ الرجلَ يُطيل السفر، أشعث أغبر، يَمدُّ يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِي بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك؟!)).

 

والرِّشْوَةُ:

حصول الشخص على منفعة تكون مالية في الغالب لتمرير أو تنفيذ أعمال لخلاف التشريع، أولأصول المهنة، وقد تأخذ مفاهيم وتفسيرات عدة؛ فمنهم: مَن يسميها هدية، ومنهم من يسميها مساعدة، ومنهم من يسميها إكرامية، والكل يعني أنها رشوة مهما اختلفت التسميات، فالرِّشْوَةُ مرض فتَّاك يفسد الأخلاق، ويسري في الأمة حتى يوردها موارد التلف، ما خالطت الرشوة عملاً إلا أفسدته، ولا نظامًا إلا قلبته، ولا قلبًا إلا أظلمته، ما فشَت الرِّشْوَةُ في أمةٍ إلا وحلَّ فيها الغش محل النصح، والخيانة محل الأمانة، والخوف جاء بدل الأمن، والظلم بدل العدل.

 

الرِّشْوَةُ مُهدرة للحقوق، معطِّلة للمصالح، مُجرأَة للظلمة والمفسدين، ما فشت في مجتمع إلا وآذنت بهلاكه، تساعد على الإثم والعدوان، تقدم السفيه الخامل، وتبعد المُجد العامل، تجعل الحق باطلاً والباطل حقًّا، كم ضيَّعت الرِّشْوَةُ من حقوق، وكم أهدرت من كرامة، وكم رفعت من لئيم وأهانت من كريم!

 

الرِّشْوَةُ نقص في الديانة، وضياع للأمانة، وعلامة على الخيانة، انتشرت الرِّشْوَةُ بين اليهود، فكانت أُمَّتهم تعيش بالمحاباة والرشا في الأحكام، ففسدت بينها أمور المعاملات، وكذلك استبدلت الطمع بالعفة.

 

كان اليهود ورؤساؤهم أكَّالين للسُّحت من رِّشْوَة وغيرها من الدناءات، كما هو دأب الأمم في عهود فسادها وأزمان انحطاطها، وما كان عليه أسلافهم في الماضي فهم عليه اليوم، ما تسقط شركة من شركات يهود إلا وفضائح الرِّشْوَة تلاحقها، بل ما يزول حاكم من حكامهم إلا وأول تهمة توجه إليه هي أخذه الرِّشْوَة، ومحاباته غيره، بل وضعوا لأنفسهم قوانين من غير دليل من التوراة والإنجيل، فمن خالفها عندهم، سموه خارجيًّا تارة وكافرًا أخرى، والخروج عن قوانينهم ذنوب، وينقسم إلى ما لا يغفرونه، وإلى ما يغفرونه، فإذا غفروا ذنبًا واحدًا منهم، أدخلوه الكنيسة وقبِلوا قُربانه، وإذا لم يغفروا له أبعدوه عن كنائسهم، وطرَدوه وهوَّلوا عليه، ولم يقبلوا برهانه، ولا بد للذنب المغفور من كفارة، وتلك الكفارة بحسب ما يظهر لأقْيستهم، ويرونه موافقًا لغرضهم، فتارة يوجبون عليه خدمة الكنيسة، وتارة لا يدخلها، بل يقف عندها متذللاً، وربما يبقى على ذلك أعوامًا عديدة، وتارة يوجبون عليه مالاً؛ إما لملكهم، وإما لهم ولكنائسهم، ومَن اطَّلع على كتب فِقههم، رأى فيها غرائب وعجائبَ، وقد انتهى بعضهم إلى أن جزم بأنه لعِظَم منصبه عند الله تعالى بالقسيسية، لا يحرم عليه شيء من الفواحش، وانتشر في المجتمع من جراء المجاملات وعدم تقوى الله المكاس، وتطهير الأموال، وتبييض الأموال، واختلاس الأموال العامة من قِبَل الموظفين في الحكومة، وموائد الحرمان، وشراء أصوات الناخبين وغيرها، وقلما تجد نفرًا يسعى ابتغاء وجه الله في قضاء حوائج الناس، وإصلاح ذات البين، والتزويج وقضاء الدين، وغيرها، بل على العكس، تجد الفتن والتهريج، وليس هذا على العموم؛ فمن الناس من يكون مفتاح خير للناس، ومنهم من يكون مفتاح شر والعياذ بالله:

فمن يفعل الخيرَ لا يُعدم جوازيه
لا يذهبُ العرفُ بين الله والناسِ

 

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ مَا بَذَلُوهَا فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إلَى غَيْرِهِمْ)).

 

وعرضت نموذجًا واقعيًّا في العصر الحديث من نماذج الشفاعة الحسنة التي أمرنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا النموذج الطيب سماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله.

 

ومن أساليب علاج الفساد الإداري والاجتماعي: بيان ذم الشفاعة السيئة؛ وذلك من خلال بيان تعريفها وأنواعها لتلاشيها؛ فقد يقع البعض منَّا فيها وهو لا يدري، فمن حيث يريد الصلح يفسد، وهذا لا يغنيه؛ فالأعمال الفاسدة لا تصلحها النوايا الصالحة؛ فعن أبي إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمَان يقول: كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني؛ الحديث.

 

ووضَّحت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الشفاعة السيئة علي ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنها السعي بالنميمة، قاله ابن السائب ومقاتل.

 

والثاني: أنها الدعاء على المؤمنين والمؤمنات، وكانت اليهود تفعله، ذكره الماوردي.

 

والثالث: أن المعنى: من يشفع وتر أهل الكفر، فيقاتل المؤمنين؛ قاله ابن جرير، وأبو سليمان الدمشقي، وهي إعَانَة المرء ُ عَلَى مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم - كَالشَّفَاعَةِ الَّتِي فِيهَا ظُلْمُ الْإِنْسَانِ، أَوْ مَنْعُ الْإِحْسَانِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ.

 

وقال الشيخ إسماعيل بن عبدالغني الدهلوي: لقد تعود الملوك والأمراء، ورجال الدنيا - أنواعًا من الشفاعة، يلجؤون إليها عند الضرورة لمصالحهم الشخصية، أو مصلحة من مصالح البلاد والرعية؛ منها: (شفاعة الوجاهة) وذلك أن رجلاً تحققت عليه السرقة، فشفع له أمير، أو وزير إلى الملك، فأطلقه الملك وصفح عنه، ومنها شفاعة المحبة؛ مثل أن يقوم أحد من أبناء الملك، أو زوجاته، أو من أُولع بحبه - بشفاعة لهذا السارق، فيضطر الملك إلى العفو عنه، بدافع من حب هذا الشافع وغرامه - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة في الحدود - صلى الله عليه وسلم -قلت من أسباب النكبات التي تمر بها بلدان المسلمين تعطيل الحدود الشرعية بسبب شفاعات السوء، وجاهات الضرار التي تحاد شرع الله، فإذا تعطل الحد الشرعي، حلت عقوبة قدرية كونية تشمل المجتمع كليه؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((حد يقام في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحًا)).

 

♦ يزني الزاني فيشفع فيه من يشفع، فلا يقام عليه الحد.

♦ ويشرب الخمر مَن يشربها، فيشفع فيه من يشفع.

♦ ويسرق من يسرق، فيشفع فيه من يشفع، فلا يقام عليه الحد.

♦ ويسب الدين والشرع ويستهزأ به ولا يقام الحد.

♦ ويرتد من ارتد عن دينه، فلا يقام حد الردة.

 

وكل ذلك بسبب شفاعات السوء، التي تحارب حكم الله وحدوده.

 

♦ والشَّفَاعَةُ لِتَقْلِيدِ الْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ بِكِسْرَةِ الْهَمْزَةِ وَالتَّوْلِيَةُ لِلْأَوْقَافِ وَالْوَصَايَا (مُطْلَقًا) أَهْلاً أَوْ لا؛ (لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ طَلَبِهَا و عَنْ الشَّفَاعَةِ فِيهَا ومنْ حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَلَى رِوَايَةِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ ابْتَغَى الْقَضَاءَ وَسَأَلَ فِيهِ شُفَعَاءَ، وُكِّلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ جُبِرَ عَلَيْهِ، يَنْزِلُ عَلَيْهِ مَلَكٌ يُسَدِّدُهُ الشَّفَاعَةُ لِلْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ، (لِمَنْ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا)؛ إمَّا بِسُوءِ الِاعْتِقَادِ - كَأَهْلِ الْهَوَى - أَوْ لِعَدَمِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الطَّهَارَةِ بِأَلاَّ يُبَالِيَ بِالنَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ لِلصَّلَاةِ فِي الْبَدَنِ أَوْ الثَّوْب، أَوْ الْمَكَانِ، أَوْ لِعَدَمِ وُصُولِ مَاءِ الطَّهَارَةِ لِلْأَعْضَاءِ الْوَاجِبِ تَطْهِيرُهَا أَوْ لِعَدَمِ قِرَاءَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ، فَإِذَا فُقِدَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ، تَحَقَّقَتْ الْأَهْلِيَّة؛ُ كَمَا ذَكَرَ الْمُحَشِّي، وَكَذَا الشَّفَاعَةُ لِمَنْ لَا يُرَاعِي تَعْدِيلَ الْأَرْكَانِ.

 

(أَوْ وُجِدَ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهَا مِنْهُ)؛ كَالشَّفَاعَةِ لِمَنْ كَانَتْ إمَامَتُهُ مَكْرُوهَةً؛ مِثْلِ: الْفَاسِقِ وَالْأَعْرَابِيّ،ِ وَوَلَدِ الزِّنَا، وَالْعَبْدِ وَالْأَعْمَى.

 

ووصلت في بحثي - وهو الراجح والله أعلم - إلى جواز أخذ الهدية على الشفاعة في حق الشافع والمشفوع له، ويتأكد الجواز إذا كان بينهما علاقة مودة أو مهاداة قبل تلك الشفاعة؛ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صُنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه، والشفاعة داخلة في مسمى المعروف.

 

إن القول بالجواز موافق لما تتسم به الشريعة من الدعوة إلى مجازاة الإحسان بالإحسان، وإثابة فاعل الخير؛ قال تعالى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من استعاذكم بالله، فأعيذوه، ومن سألكم بالله، فأعطوه، ومن دعاكم، فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفًا، فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)).

 

ومن التوصيات:

أولاً: تطبيق شرع الله، وإقامة حدوده على الكبير والصغير والغني والفقير، ولن ينصلح حال هذه الأمة إلا بما انصلح به الأولون بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم.

 

ثانيًا: نزع الانتماء العرقي، وقد تعجبون إذا قلت لكم: إن التمييز بين السعودي والمصري والعراقي والأردني وغيرهم، بدع ما عرفها سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر، وباقي الخلفاء، وما أتى بها الإسلام لا من قريب ولا من بعيد، ودليل ذلك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم: ((تقاتلكم اليهود، فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله))، ولم يقل الحجر: هذا يا سعودي، أو يا مصري.

 

وأستودعكم الله.

 

فلا بد من التكافل الاجتماعي بمفهومه الإسلامي، لا بمفهومه الغربي بين جميع أفراد الأمة الإسلامية؛ فالتكافل الاجتماعي من أساسيات القضاء على الفقر والتسول، والضيق والانتحار، وانتشار ظاهرة الطلاق والعنوسة، والغياب عن العمل، والمشاكل بين الجيران، فلا نجد جارًا يحب جاره والعياذ بالله إلا مَن رحِم ربي؛ فالجار اليوم يبحث عما يؤلم جاره ويفعله ويؤلمه، لماذا؟ لأننا نسينا الله، فأنسانا أنفسنا.

 

كل منا يريد أن يسعد نفسه فقط، أنا ومن بعدي الطوفان، وكأن الناس في شك - والعياذ بالله.

 

فإن كنا نريد نصرًا فعلاً، فإنني أدعو إلى الوحدة بين جميع أفراد الأمة الإسلامية، وهذا لا يقع إلا على عاتق أهل العلم أولاً، والتكافل في الإسلام يمثل فكرة متقدمة، تتجاوز مجرد التعاون بين الناس، أو تقديم أوجه المساعدة وقت الضَّعف والحاجة، ومبناه ليس الحاجة الاجتماعية التي تفرض نفسها في وقت معين أو مكان بعينه، وإنما يستمد التكافل الاجتماعي في الإسلام مبناه من مبدأ مقرر في الشريعة، وهو مبدأ الولاية المتبادلة بين المؤمنين في المجتمع؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].

 

فهذه الولاية المتبادلة، لها مسؤولياتها وتبعاتها في الجوانب المادية والمعنوية من حياة الإنسان، والولاية لها معان متعددة؛ فهي تتضمن معاني الهيمنة والقدرة والتساند والتعاضد، فالإنسان في التصور الإسلامي لا يعيش مستقلاًّ بنفسه، منعزلاً عن غيره، وإنما يتبادل مع أفراد المجتمع الآخرين الولاية، بما تعنيه من الإشراف والتساند والتكافل في جميع أمور الحياة، ولا بد من التحرر الوِجداني، ولا بد على كل مسلم أن يحرر نفسه من عبادة أحد غير الله، ومن الخضوع لأحد غير الله، فما من أحد عليه غير الله سلطان؛ فالخير والشر والنفع والضر، إنما هو راجع إلى الله تعالى وحده لا يشاركه في ذلك أحد؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يونس: 107]، وقال تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إن روحَ القدسِ نفثَ في رُوعي أنه لن تموتَ نفسٌ حتى تستكملَ رزقَها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاءُ الرزق أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينالُ إلا بطاعته وقال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ [فاطر: 43].

 

ومن أراد أن يطلع على المزيد، فليرجع إلى البحث؛ فهذا موضوع يصعب تلخيصه، وما ذكرته في التلخيص مقتطفات من بستان العلم والقرآن وسنة - صلى الله عليه وسلم - وأسأل الله السلامة والتوفيق والسلام عليكم ورحمة الله.

 

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88].


بارَك الله فينا وفيكم، وحيَّانا الله وحيَّاكم، ودُمنا ودُمتم على دين الإسلام والصحة والسلامة من كل إثمٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مكافحة الفساد في السنة وهدي الخلفاء الراشدين
  • الفساد الإداري

مختارات من الشبكة

  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث ثاني عشر)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث حادي عشر)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث عاشر)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث تاسع)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث ثامن)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث سابع)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث سادس)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث خامس)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث رابع)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث ثالث)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)

 


تعليقات الزوار
1- مهم
shaimaa - saudi 05-05-2014 01:36 PM

أين بيانات الباحث؟؟؟

سكرتير التحرير:

نعتذر فلا توجد إمكانية لذكر بيانات الباحث فهذا ملخص لبحث مشارك في مسابقة الألوكة الكبرى..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب