ملخص بحث: إعلام الأطفال واقعه وسبل النهوض به "الفضائيات" (بحث ثاني)

ملخص بحث

إعلام الأطفال واقعه وسبل النهوض به "الفضائيات"

(بحث ثاني)

يعد الإعلام الآن من أهم المؤثرات في حياتنا؛ إذ إنه أصبح واقعًا ملموسًا، فرض نفسه على الواقع الحيوي الذي نعيشه الآن، وتمثل الفضائيات أهم مؤثرات الإعلام لِمَا لها من دور كبير في حياتنا؛ ولأنها وسيلة جذب لكل أفراد الأسرة، ومن أكثر الفئات العمرية التي تأثرت بهذه الفضائيات الأطفال؛ لأن الأطفال هم أكثر الفئات تأثرًا بوسائل الإعلام المرئية، لأنها تجذب أنظارهم وأسماعهم، ويعيش الطفل معها بكافة حواسه وجوارحه.

ولذلك كان بحث إعلام الأطفال واقعه وسبل النهوض به، واخترت من هذه الوسائل الفضائيات، وقد قمتُ بتعريف الإعلام، وذكرت تأثيره الحضاري على المجتمع، وعرفت الطفل، وذكرت أهم المؤثرات التي يتعرَّض له في فترة تربيته.

والفصل الثاني تناولت فيه معني الفضائيات، وبداية نشأة إعلام المسموع والمرئي ودوروهما في التربية، ثم قمت بدراسة ميدانية على قناتي سمسم، MBC3 من حيث نسبة المشاهدة، ودراسة تبيِّن أثر الفضائيات على المهارات الاجتماعية، ثم دراسة تبين أثر الفضائيات على التعليم.

وقد خلصت هذه الدراسات إلى نتائج خاصة بكل دراسة منها:

أهمية دراسة استخدام الأطفال لقنواتهم الفضائية المتخصصة، مع التركيز على قناتي سمسم و MBC3، في إطار مدخل الاستخدامات والإشباعاتUses of Gratifications باستخدام منهج المسح، وبالتطبيق على عينة من 100 مفردة من طلاب المدارس الحكومية ومدارس اللغات (من الذكور والإناث) بمحافظة المنيا، وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج من أهمها:

بالرغم من تعدد قنوات الأطفال الفضائية، إلا أن هناك تباينًا في نسبة تعرض الأطفال لتلك القنوات، حيث كشفت نتائج الدراسة تفوق قناتي سمسم و MBC3 عن باقي القنوات من حيث نسبة التعرض الأمر الذى يمكن إرجاعه إلى وجود إشباعات معينة، تحققها لهم مشاهدة هاتين القناتين، وقد ارتبطت تلك الإشباعات بدوافع المشاهدة، والتي أوضحتها نتائج الدراسة، وتأتي في مقدمتها التسلية والترفيه، وزيادة المعلومات العامة، وتعلم سلوكيات جيدة، ولذا أكَّدت نسبة كبيرة من أفراد عينة الدراسة على استفادتها من برامج هاتين القناتين، وخصوصًا برامج قناة سمسم، ولكن بالرغم من ذلك، فهناك بعض جوانب القصور في برامج الأطفال، سواء المقدَّمة من هاتين القناتين، أو المقدمة من قنوات الأطفال بوجه عام، وتتمثل في التركيز على البرامج الأجنبية، إلى جانب عدم وضوح الترجمة في بعض الأحيان، وتكرار العديد من الفقرات؛ مما يشير لقلة الإنتاج المُعَد للأطفال.

رغم أن قناة MBC3 تأتي في مقدمة القنوات المفضلة لدى 60.9% من إجمالي أفراد العينة، إلا أنه يوجد تباين واضح في نسبة تفضيلها بين طلاب المدارس الحكومية وطلاب مدارس اللغات؛ حيث تأتي في الترتيب الأول لدى 71.7% من إجمالي عينة مدارس اللغات، بينما جاءت في نفس الترتيب بنسبة 55.5% لدى طلاب المدارس الحكومية، ويمكن تفسير ذلك - كما تمت الإشارة إليه من قبل - بأن معظم برامج تلك القناة تعتمد على معلومات ومسابقات، وهو ما يتناسب مع المستوى الفكري لطلاب مدارس اللغات بصورة أكبر من نظرائهم في المدارس الحكومية، لذا فقد أكد 80% من إجمالي عينة الأطفال بمدارس اللغات على أنهم يستفيدون كثيرًا من برامج تلك القناة - في مقابل 43.7% لدى عينة المدارس الحكومية.

يوجد تباين في مدى مشاهدة الأطفال لقنواتهم الفضائية، ويرتبط هذا التباين بنوع التعليم، في حين لا يرتبط بنوع المبحوث؛ حيث تزيد المشاهدة الدائمة بين طلاب مدارس اللغات، وهو ما يمكن إرجاعه إلى المستوى الاقتصادي لهؤلاء الفئة، والذي يسمح لهم بامتلاك جهاز البث الفضائي؛ مما يتيح لهم فرصة مشاهدة تلك القنوات في أي وقت.

وقد ارتبطت شدة الدوافع للمشاهدة بمدى المشاهدة؛ حيث تبين أن هناك علاقة ارتباطية موجبة بين مدى مشاهدة الأطفال لبرامجهم وبين شدة الدوافع، سواء النفعية أو الطقوسية.

تتأثر شدة الدوافع للمشاهدة بنوع التعليم؛ حيث كشفت النتائج أن دوافع طلاب مدارس اللغات للمشاهدة أشد منها لدى طلاب المدارس الحكومية، وهو ما يمكن تفسيره بأن طلاب مدارس اللغات أكثر وعيًا وإدراكًا وقدرة على تحديد حاجاتهم، ومن ثَمَّ محاولة إشباعها من خلال المشاهدة الدائمة لبرامجهم المفضلة على قنواتهم المتخصصة، ولم يتبين من خلال النتائج وجود علاقة بين نوع المبحوثين، وشدة دوافعهم للمشاهدة.

ومن هنا يرى الباحث ضرورة الزيادة من القنوات التعليمية الهادفة، والتي تعد قناة سمسم مثلاً لها، وأن يعاد النظر إلى القناة من ناحية التربوية الخالصة، وأن يبدأ التعامل مع الأطفال من منظور آخر، وهو بث القيم الإسلامية، والثقافة الدينية منذ الصغر؛ لأن ذلك يساعد على التحفيز على مشاهدة هذه القنوات، ويؤدي إلى التنافس في الإبداع فيها، وأن توظف جميع الإمكانات الإسلامية والطاقات الإبداعية المسلمة، للوصول إلى هدف واحد هو تنشئة الأطفال على السيرة النبوية، لا على سير أخرى، وأن تربى عقولهم على حب تعاليم الإسلامية لا على حب شيء آخر.

هذه الأهداف ينبغي أن تضعَها المؤسسات الإسلامية المنوطة بهذا الشأن في أولويات نشاطها؛ لأنه لو حدث ذلك سيخرج علينا جيلٌ جديد ناشئ على حب تعاليم دينه، مُلِم بثقافته الإسلامية دون عناء أو تعب، وليس ذلك على الله بعزيز، مع إخلاص النية أولاً، وتوجيه الطاقات لخدمة الدين الإسلامي.

التوصيات:

بناءً على النتائج التفصيلية للدراسة، يمكن الإشارة إلى المجموعة التالية من التوصيات:

تشجيع الاستثمارات العربية في مجال إنتاج البرامج والأفلام والرسوم المتحركة التي تحمل قيمًا ومبادئ وعادات وتقاليد تتناسب مع المجتمع العربي، وتغرس في نفوس الأطفال القيم الإيجابية وتعلمهم السلوكيات الجيدة.

التوسع في إنشاء قنوات فضائية عربية خاصة بالأطفال، بإشراف من جهات تضم المختصين والتربويين.

وضع شروط ومعايير ورقابة على الأفلام والبرامج المستوردة للأطفال.

تفعيل دور المدرسة والأسرة في الرقابة على ما يشاهده الأطفال، ومتابعة الأبوين لما يتم مشاهدته، وتوجيه الأطفال أثناء المشاهدة، ومراقبة سلوك الطفل بعد المشاهدة، وتعديل أية انحرافات به، لاسيما وأن كثيرًا من الأطفال يَسعَون لتقليد سلوك الأبطال الذين يشاهدونهم.

ومن هنا فقد خلص البحث إلى مجموعة من نتائج عامة بجانب النتائج التي ذكرت في ثنايا البحث؛ منها:

أولاً: أهمية الإعلام ودوره الخطير على تربية الأطفال.

ثانيًا: النظرة إلى الإعلام نظرة موضوعية، والأخذ في الاعتبار بالأبحاث التي قامت في هذا المجال.

ثالثًا: توجيه العقول المسلمة إلى الابتكار والتفوق في مجال إعلام الطفل؛ لينشأَ الطفل المسلم وقد وجد ما يشبع رغباته في هذا المجال.

رابعًا: النظر إلى الإعلام المسلم على الساحة بنظرة من الحيادية، والعمل على تطويره بما يتناسب مع عقول النشء؛ ليستطيع الوقوف أمام الإعلام الآخر الموجه لتدمير قيمنا الإسلامية.

خامسًا: عمل دورات وتدريبات مكثفة؛ لتبصرة الآباء والمربين بأهمية الإعلام، وتأثيره على الأطفال.

سادسًا: تبصرة الآباء بضرورة متابعة ما يسمعه الأطفال وما يشاهدونه، والتأكيد على أهمية الدور الذي يلعبه الأطفال في سلوك المسلم.

وأخيرًا، فاللهَ أسأل أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به المسلمين في كل مكان، وأن ينشِّئ أبناءنا على حب الدين والمحافظة عليه، إنه نعم السميع وبالإجابة جدير.

والله من وراء القصد