• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة كاتب الألوكة الثانية / المشاركات المرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية / قسم المقالات / علوم الشريعة الإسلامية
علامة باركود

المباحث المنطقية في علم أصول الفقه

المباحث المنطقية في علم أصول الفقه
خالد ولد أحمدو

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2012 ميلادي - 24/5/1433 هجري

الزيارات: 78204

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المباحث المنطقية في علم أصول الفقه

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي الكريم.

مقدمة:

يعتبر القرن الخامس الهجري حداً فاصلاً بين مرحلتين في تاريخ أصول الفقه فلقد شكلت سني هذا القرن مرحلة مخاض أسفرت عن تطورات هامة في التفكير الاصولي قادت الى ظهوره بثوب جديد. فبعد أن كان الأصوليون يناصبون التراث اليوناني العداء - مستخدمين كل الوسائل من أجل إبعاده عن أيدي المسلمين باعتباره يغذي الجدال العقيم الذي ذمه الإسلام وأرشد إلى الابتعاد عنه وهو بالإضافة الى ذلك لا نفع يرجى منه فلا حاجة للذكي إلى تعلمه والغبي لن يستطيع الانتفاع منه. وهو منطق يوناني يباين النسق الحضاري الإسلامي العربي – أصبح المفكرون المسلمون يحضون على الاستفادة في الرقي بالعلوم الاسلامية وانضاجها فالمنطق «يشمل كل العلوم النظرية العقلية منها والفقهية فالنظر في الفقهيات لا يباين النظر في العقليات في ترتيبه وشروطه بل في مآخذ المقدمات فقط[1]».

 

ويتحدث مفكر معاصر عن انسياب التراث اليوناني إلى داخل النطاق الفكري الإسلامي بقوله: «لقد شق هذا التراث اليوناني الفلسفي طريقه في العالم الاسلامي في مواجهة معارضة حادة وصرخات مدوية وتزاحم في مواكبها الفقهاء والأدباء والمتكلمون والنحويون[2]».

 

وهكذا أنجب هذا القرن مفكرين كبارا اتفقوا رغم تباين أطرهم الفكرية على الدعوة إلى الاستفادة من المنطق، نذكر منهم الامام أبومحمد بن حزم الظاهري الأندلسي (توفي سنة 456هـ) والإمام عبد الملك بن يوسف الجويني امام الحرمين (توفي سنة 478هـ) والإمام أبوحامد الغزالي حجة الاسلام (توفي سنة 505هـ).

 

مبحث تمهيدي: تعريف المنطق

المنطق مفعل من النطق بمعنى التلفظ والكلام وقد شاع استعمال هذه الكلمة كعلم على علم الجدل والحجاج لدى اليونان استناداً إلى أن أصل الكلمة في لسانهم يدل أيضا على العقل والفكر والبرهان[3].

 

ولما ترجم المنطق إلى اللغة العربية استخدم العرب اللفظة أيضاً ولتبرير استخدامها رجعوا إلى أصل الكلمة وفرقوا بين نوعين من المنطق ".... نطق ظاهري ونطق باطني فالأول هو الكلام الملفوظ والثاني هو الكلام المعقول[4]" يقول الجرجاني "النطق يطلق على الظاهري وهو التكلم وعلى الباطني وهو إدراك المعقولات[5]".

 

هذا عن الأصل اللغوي للكلمة وتطور استخدامه لكن عندما نصل إلى تحديد موضوعات هذا العلم من خلال تعريف اصطلاحي جامع نجد كثيراً من الجدل حول هذا التعريف حتى أن جون ديوي يرى أنه لا وجود لتعريف للمنطق وإنما هي آراء فلسفية[6] ورغم ذلك فقد حاول كثيرون تعريفه وتنازعت هذه التعاريف وجهتا نظر بين من يجعل المنطق فناً وبين من يجنح به إلى مستوى العلم.

 

ساد الرأي الأول لدى أرسطو وشراح كتبه فلم يدخل "المعلم الأول" المنطق في أقسام العلوم النظرية فالمنطق عنده آلة العلوم وعلى هذا الأساس يعرفه توما الإكويني بقوله "الفن الذي يقود بانتظام وسهولة وبدون خطأ في عمليات العقل الاستدلالية" ويقول الغزالي عن المنطق بأنه "النظر في طرق الأدلة والمقاييس وشروط مقدمات البرهان وكيفية تركيبها[7]".

 

وأما من يرون أن المنطق علم أو صناعة نظرية فهو عندهم "علم يعبر عن مجموعة من النظريات والقواعد التي توجد في الذهن بغض النظر عن التطبيق عليها". ومن هذا المنطلق يعرفه كانط بقوله:

"علم القوانين الضرورية للذهن وللعقل بوجه عام[8]" وهذا رأي المدرسة الرواقية وانتهت إليه كثير من الدراسات الحديثة في المنطق.

 

وقد ساد الرأي الأول لدى المناطقة المسلمين يجمعون عليه تقريباً ويأخذون به تأثراً بالمعلم الأول فهو " آلة قانونية تعصهم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير[9] ".

 

المبحث الأول: الحد الأرسطاليسي في الأصول:

المطلب الأول: الحد في فلسفة المشائين

الحد في اللغة طرف كل شيء ومنتهاه أما في الاصطلاح فالحد أحد أقسام التعريف أو هو التعريف الكامل وهو عند أرسطو القول المختصر الكاشف عن ماهية الشيء المراد تعريفه وينقسم عنده إلى قسمين:

• تعريف كاشف عن ماهية الشيء (حد تام).

 

• تعريف لا يحدد الماهية ولكن يعين علاقة لفظية بين المحدود والحد (حد ناقص).

 

والتعريف عند أرسطو هو بداية العلم لأن غايته البحث عن الماهية فكل هدف العلم كما تصور أرسطو هو محاولة التعمق في الطبائع الجوهرية للأنواع المختلفة من الاشياء وتحديد ماهيات هذه الأشياء والغوص في حقيقتها الدفينة[10].

 

«والطرق التي سلكها الفلاسفة في التعاليم وطلبهم معرفة حقائق الأشياء أربعة أنواع وهي التقسيم والتحليل والحدود والبرهان فأما طريق الحد فالغرض منها معرفة حقيقة الأنواع[11]».

 

والتعريف عند المعلم الأول قسمان فقط كما تقدم لكن المناطقة بعده أضافوا أقساماً جديدة واصطلاحات فقسموه إلى أربعة اقسام:

1- حد تام: وهو قول شارح يميز المعرف عمّا عداه بجميع ذاتياته «ويعتبر من أصعب أنواع التعريف لأنه يتطلب ملاحظة دقيقة ومقارنة بين أفراد المعرف وتحليلاً لصفاتها المختلفة[12]». وهو عند الغزالي وابن سينا «قول دال على ماهية الشيء[13]».

 

2- حد ناقص: وهو قول شارح يميز المعرف عمّا عداه لكن دون استيفاء جميع الذاتيات.

 

3- الرسم التام: وهو القول المؤلف من أعراض الشيء وخواصه.

 

4- الرسم الناقص: يكون الرسم ناقصاً إذا نقصت بعض خواص الشيء المراد تعريفه. وهي تقسيمات أضافها شراح الارغانون الأوائل بمن فيهم الشراح المسلمون.

 

والحد التام يتركب من الجنس والفصل القريبين أو هما مادته كما يقول الغزالي: والجنس في اصطلاح المناطقة هو «المقول على كثيرين مختلفين بالأنواع[14]».

 

فالجسم مثلاً جنس يصدق على أشياء كثيرة تختلف في الخصائص والأنواع فتدخل تحته كل الجمادات والحيوانات والجنس منه قريب وبعيد ففي تعريف الانسان مثلاً يعتبر الجسم جنسا بعيداً أما الجنس القريب فهو الحيوان.

 

والفصل هو مجموع ذاتيات الشيء مثل ناطق وحساس.

 

وهناك مطبات يجب على الحاد تفاديها حتى لا يقع في الخطأ منها التباس الجنس بالمادة او عدم التفريق بين الفصول الذاتية وغير الذاتية[15].

 

وللحد صورة يجب أن يخرج عليها فيجد إيراد الجنس الأقرب وإيراد الفصول الذاتية جميعها وإن حصل التمييز ببعضها وإلا كان الحد ناقصاً، وكذا فإن الحد له حد يقع به لا يحتمل الإيجاز ولا التطويل[16].

 

واستناد الحد إلى البحث عن ماهية الشيء وكنهه يثبت صلته الوثيقة عند أرسطو بالميتافيزيقا[17].

 

المطلب الثاني: الحدود في الأصول

كان الإمام أبو محمد بن حزم أول من دعا وألحَّ إلى تحديد مصطلحات أصول الفقه وتحديد مدلولات الألفاظ بصورة دقيقة سبيلا إلى تأطير أصول الفقه في إطار صارم يبعدنا أكثر من الافتراء على الله وأكد أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا باعتماد الحدود المنطقية التي تحدد طبيعة الأشياء وتميزها عن ما سواها[18]، معتمداً تقسيم المناطقة التعريف إلى حد ورسم فالحد يدل على طبيعة الشيء والرسم يميزه عن ما سواه مؤكداً أن «المعنيين متغايران وجب ضرورة أن يعبر عن كل واحد منهما بعبارة غير عبارتنا عن الآخر ولو عبرنا عنهما بعبارة واحدة لكنا قد أوقعنا من يقبل منا في الإشكال ولكنا ظالمين لهم جداً غير ناصحين لهم[19]».

 

وهكذا أراد ابن حزم أن يدفع الأصوليين إلى الاستفادة من هذا الباب ليدققوا تحديد معنى الكلمات الذي بدونه لا يتم شيء من تفهم الشريعة، ويستخدم ابن حزم هذا الأمر كوقود لمعركته ضد القياس الفقهي اذ يرى أن أصحابه «بسبب جهلهم لهذا الباب يلحقون الأشباه بالأشباه معتمدين على ظاهر الأشياء بينما المنطق السليم يقتضي الإلحاق حسب الجنس والنوع[20]».

 

بعد ابن حزم جاء أبوالمعالي الجويني فحمل عبء الدعوة إلى الاستفادة من التراث اليوناني في تقنين الألفاظ وتحديد ماهياتها بل وطبق ذلك في كتابه البرهان فعند مطالعتنا لهذا الكتاب نرصد هذا التوجه من خلال الأسطر الأولى فيؤكد في مقدمة الكتاب أن دراسة أي علم تتطلب إلماما «بحقيقته وحده إن أمكنت عبارة سديدة على صناعة الحد وإن عسر فعليه أن يحاول الدرك بمسلك التقاسيم والغرض من ذلك أن يكون الإقدام عليه مع حظ من العلم الجملي بالعلم الذي يحاول الخوض فيه[21]». ويبوب باباً جديداً على المنهج الأصولي تحت عنوان "مدارك العقول" تحدث فيه بداية عن حد العقل حيث استعرض تعاريف عدد ممن سبقوه مبيّناً قصورها عن إدراك حقيقة العقل، ثم انتقل إلى تعريف العلم مستعرضا التعاريف السابقة موجّهاً إليها سهام نقده ناقلاً عن القاضي أبي بكر الباقلاني قوله: « العلم معرفة المعلوم على ما هو به فان قيل المعرفة هي العلم قال مجيباً الحد هو المحدود بعينه ولو كان غيره لم يكن حده وإنما على الحاد أن يأتي بعبارة يظن السائل عالما بها[22]».

 

ويعلق الجويني على كلام أستاذه بقوله: «ولست أرى ما قاله القاضي سديدا فإن الغرض من الحد الإشعار بالحقيقة التي بها قيام المسؤول عن حده (...) وهذا لا يرشد إليه تغير العبارات[23]».

 

وعند الانتقال إلى المباحث الأصولية التقليدية نجد نفس المنهج فتحت عنوان "ماهية البيان" يذكر الجويني تعريفاً لمن سماه أحد الأصوليين هو «البيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي والوضوح[24]».

 

حيث اعتبر أن الحد لم يصل إلى المقصود لاشتماله على ألفاظ غير واضحة مثل الحيز والتجلي «وذوو البصائر لا يودعون الحدود إلا في عبارات هي قوالب لها تبلغ الغرض من غير قصور ولا ازدياد يفهمها المبتدئون ويحسنها المنتهون[25]».

 

وكان جهد الغزالي الجهد الأبرز في هذا المجال والذي يتجلى بوضوح في كتابه "المستصفى" الذي خصص الجزء الهام من مقدمته المنطقية للحديث عن الحد وطرق الوصول إليه ف«أكثر ما ترى في الكتب من الحدود رسمية إذ الحقيقية عسرة جداً[26]».

 

هذه الجهود وإن اختلفت من حيث الخلفية الفكرية والأطر الزمانية والمكانية إلا أن شيئا ما يجمعها ألا وهو الانفتاح على التراث الهيليني بغية الاستفادة منه في تطوير علم اصول الفقه، وهو ما مهد لانسياب مباحث الحدود المنطقية إلى المدونات الأصولية واعتناء الأصوليين بها اعتناءً كبيرا جعلهم يفردون لها مقدمات خاصة في كتبهم الأصولية باعتبارها شرطاً لفهم أصول الفقه فهماً سليماً.

 

المبحث الثاني: القياس المنطقي واستخدامه في الأصول:

المطلب الأول: تعريف القياس

القياس هو العملية الأهم في المنطق فهو عماد المفكر للبرهنة على المسائل التي يبحث فيها يمده بنتائج موثوق بصحتها، وهكذا شغل حيزاً هاماً من ارغانون المعلم الأول وكتب تلامذته وشراحه ولا نبالغ إذا قلنا أن المنطق الأرسطي كله يخدم نظرية القياس فمباحث الألفاظ تعنى بتكوينه من حيث المادة اللفظية وأنواع الحجج الأخرى من استقراء والتمثيل إنما تشكل برهاناً يستدل به لصحة المقدمة الأولى في القياس.

 

والقياس في اللغة التقدير على مثال سابق ف«قاسه بغيره وقاسمه عليه يقيسه قيسا وقياسا قدره على مثاله[27]».

 

ويسمى القياس ب(syllogisme) كما يعبر عنه أرسطو أحياناً.

 

أما في الاصطلاح فقد عرفه المناطقة القدماء بأنه «قول مؤلف من قضايا إذا سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر[28]».

 

قول يشمل الكلام الملفوظ وكذا التصورات الذهنية، مؤلف يعني أن القياس لكي يكون منتجاً لا بد فيه من تركيب القضايا - أي الجمل في اصطلاح النحاة – والتركيب هنا يعني دمج مقدمتين تشمل كل منهما قضيتين تسمى أولاهما مقدمة أولى والثانية مقدمة ثانية، إذا سلمت أي سلم مضمون المقدمتين لزم عنها لذاتها أي أن القضايا في القياس يلزم من تسليمها – دون حاجة لعلاقة خارجية – قول آخر هو النتيجة المطلوبة في القياس.

 

ويصوب د/ عبد الرحمن بدوي هذا التعريف كما يلي: «القياس قول مؤلف من قضايا متى سلمت لزم عنه لذاته قول آخر».

 

فالأولى كما يقول أن نقول متى سلمت لأن تسليم المقدمات يترتب عليه حصول النتيجة، أما الضمير في "عنه" وفي "ذاته" فقد فضل أن يكون عائداً على القول لا على القضايا لأن القول بتأليفه وشكله هو الذي يعطي النتيجة[29].

 

وقد اعترض بعض المناطقة المحدثين على هذا التعريف لكونه غير مانع فهو يمكن أن يشمل كل حجة أو برهان[30].

 

وقد اقترح هؤلاء بدلاً من هذا التعريف عدداً من التعاريف منها: «العملية الفكرية التي ننتقل بها من قضيتين مسلم بهما إلى قضية ثالثة صدقها يصدر بالضرورة عن صدق القضيتين المسلم بهما[31].

 

المطلب الثاني: الأصوليون والقياس المنطقي

لقد قاد ابن حزم إنكاره لقياس الفقهاء إلى الدعوة إلى الأخذ بالقياس المنطقي وتطبيقه في مجال أصول الفقه بديلاً عن القياس الشرعي الذي هو في الحقيقة استقراء سمي بالقياس تمويها وتلبيساً كما يقول ابن حزم فالاستقراء لا يستخدم إلا في الطبيعيات فسعوا بهذه التسمية إلى «توسيع مجاله المنحصر في الطبيعيات ليشمل حتى الشرعيات متناسين أن هذه الأخيرة نزلت كاملة[32]».

 

استند ابن حزم في هذا الحكم إلى أن الأساس في القياس هو العلة والعلة كما يقول لا وجود لها إلا في الطبيعيات.

 

وهكذا قام ابن حزم بجهد كبير من أجل إدخال القياس المنطقي الذي اختار أن يسميه باسمه اليوناني (syllogisme) التي عربها بالجامعة سبيلا إلى عدم وقوع أي التباس عند استخدام كلمة قياس «فإدخال القياس المنطقي إلى الشريعة سيكون كفيلاً بالحفاظ على كمالها لأنه قياس لا تأتي فيه النتائج بشيء جديد لم يكن منطوياً في المقدمات[33]».

 

فاستعمال القياس المنطقي أو الجامعة يتسق مع كمال الشريعة واستيعابها لكل الأحكام الذي عبر عنه القرآن «اليوم أكملت لكم دينكم».

 

فالدين اكتمل بانتقاله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ونحن باستعمالنا للقياس المنطقي لا نأتي بحكم جديد خارج عن هذه المنظومة، فالحكم الذي نصل إليه إنما هو متضمن في المقدمات فالقياس أو الجامعة يوفر «حيزاً يمارس فيه العقل نفسه انطلاقاً من عمليتي الفهم والتمييز المنصبتين على النص واللتين تنتهيان بتوليد أو استنتاج أو تفريع ضروري طريقه الاستنباط والانتقال التدريجي من المقدمات إلى النتائج واللزوم المنطقي لا الحمل الظني[34]».

 

بعد الإمام ابن حزم جاء الغزالي فقام باشتقاق أسماء معروفة لدى النظار المسلمين بدلاً عن الاصطلاحات اليونانية ولكنه خلافا لابن حزم لم يرفض القياس الشرعي بل اعتبره مندرجاً تحت القياس المنطقي.

 

فقد سمى الغزالي القياس بالبرهان وعرفه بأنه عبارة عن أقاويل مخصوصة ألفت تأليفاً مخصوصاً يلزم منه رأي هو مطلوب الناظر بالنظر[35].

 

وقسمه إلى ثلاثة أنماط:

1- النمط الأول: (لم يسمه) وأورد فيه ثلاثة أشكال من القياس الحملي «فإن كانت المقدمات ظنية سمي قياسا فقهيا وإن كانت مسلمة سميناه قياساً جدلياً وإن كانت قطعية سميناه برهاناً[36]». ومثل له في الفقه ب: كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام إذا النبيذ حرام.

 

وعلق عليه بقوله: «وعادة الفقهاء في مثل هذا النظم أنهم يقولون النبيذ مسكر فكان حراماً قياساً على الخمر وهذا لا تنقطع به المطالبة ما لم يرد إلى النظم الذي ذكرناه وتسمية هذا قياساً تجوز فإن حاصله راجع إلى ازدواج خصوص تحت عموم[37]».

 

2- النمط الثاني: نمط التلازم: وهو القياس الشرطي عند المناطقة.

 

3- النمط الثالث: نمط التعاند: ويسميه المناطقة القياس الشرطي المنفصل.

 

وأكد الغزالي أن كل الأدلة راجعة إلى ما ذكر «فما تنطق به الألسنة في معرض الدليل راجع إلى ما ذكرنا فإن لم يرجع إليها لم يكن دليلاً وحيث يذكر لا على هذا النظم فسببه إما قصور علم الناظر او إهماله إحدى المقدمتين لوضوحها وذلك غالب في الفقهيات احترازاً من التطويل[38]».

 

وهكذا أخذ الأصوليون بالمنطق اليوناني إلى جانب الأدلة الشرعية ضمن مباحث الاستدلال.

 

المبحث الثالث: مباحث الألفاظ بين المناطقة والأصوليين

المطلب الأول: تقسيم المناطقة إلى الألفاظ

لقد شغلت مباحث الألفاظ حيزاً هاماً من قسم التصورات في المنطق حيث اعتنى المناطقة بتقسيم الألفاظ وتصنيفها وإليك أهم ما ذكروا في هذا المجال:

أولا: تقسيم اللفظ في نفسه

ينقسم إلى:

1- كلي: وهو لفظ معناه الواحد في الذهن يصلح لاشتراك كثيرين فيه سواء أمكن حمله على ذلك الكثير أم لا وينقسم أيضاً إلى:

أ- كلي جمعي: وهو ما يدل على مجموع الأفراد الداخلين تحته ككل.

 

ب- كلي استغراقي: وهو ما يدل على كل من الأفراد على حدة.

 

2- جزئي: وهي لفظ معناه الواحد لا يصلح لاشتراك كثيرين فيه البتة وينقسم إلى:

ا- مفرد: وهو ما لا يراد بالجزء منه دلالة على شيء أصلاً وينقسم إلى اسم وكلمة وأداة.

 

ب- مركب: وهو ما يدل جزؤه على جزء معناه وينقسم إلى مركب تام وهو الذي يدل كل جزء منه على معنى والمجموع يدل دلالة تامة، ومركب ناقص وهو الذي يدل دلالة تامة دون أن يكون لكل جزء منه معنى.

 

ثانيا: تقسيم اللفظ من حيث دلالته على المعنى

ينقسم إلى:

1- دلالة المطابقة: دلالة اللفظ على المعنى بشكل متطابق.

 

2- دلالة تضمن: وهي دلالة اللفظ على جزء معناه.

 

3- دلالة التزام: وهي دلالة اللفظ على معنى يستلزمه.

 

ثالثا: تقسيم اللفظ بحسب المعنى الذي يدل عليه

ينقسم إلى:

1- التباين: وهو دلالة الألفاظ على معان مختلفة.

 

2- التواطئ: وهو دلالة اللفظ على أشياء مختلفة بالعدد متفقة بالمعنى.

 

3- الترادف: وهو دلالة الألفاظ بصيغ مختلفة على معنى واحد.

 

4- الاشتراك: وهو دلالة اللفظ الواحد على معان مختلفة بالحد.

 

وينقسم أيضا إلى:

1- معين: وهو اللفظ الذي لا يمكن أن يكون مفهومه إلا واحدا بعينه.

 

2- المطلق: وهو اللفظ الذي لا يمنع نفس مفهومه من وقوع الشركة فيه[39].

 

وينبغي أن أذكر هنا أن بعض المناطقة لا يرون فائدة في هذه المباحث للمنطق فهي مباحث نحوية فابو البركات البغدادي لم يبحثها في كتابه "المعتبر" معتبراً أن لا علاقة لها بالمنطق[40].

 

ولكن آخرين يعتبرون «أن المنطقي في حاجة إلى العناية بالتصورات من حيث التعبير عنها في اللغة[41]».

وعلى كل حال فالمبحث مبحث لغوي يرجع بالأساس إلى تحليل لغة معنية.

 

المطلب الثاني: الأصوليون والتصورات اللفظية في المنطق:

لقد اعتمد الأصوليون في دراستهم للألفاظ على اللغة العربية وكان مرجعهم في هذا المجال هم اللغويون الذين يتقنون اللغة العربية ولم يكونوا يتشوفون بالتالي من يحدد لهم مدلولات الألفاظ لديهم.

 

لهذا كان تأثير المنطق في هذا المجال ضئيلاً جداً إن لم يكن منعدماً بل إن المناطقة المسلمين استفادوا من مسالك الدلالة لدى الأصوليين في سعيهم لتعريب المنطق.

 

يرجع هذا إلى أنهم يعتبرون أن أرسطو في مباحث الألفاظ كان ينطلق من اللغة اليونانية في دراسته ويؤكد هذا كاتب معاصر حيث يقول: «ولقد أقام أرسطو المنطق على أساس من تحليله لخصائص اللغة اليونانية ووصل إلى كثير من تصنيفاته المنطقية (...) عن طريق دراسته لتك اللغة ونحوها[42]».

 

وحتى لدى الأوربيين فإنهم احتاجوا إلى أن ينظروا لنحو عام حتى يستفيدوا من هذه المباحث اليونانية في لغاتهم اللاتينية والجرمانية، كما لدى المدرسة المنطقية بور روايال [43].

 

وهكذا عزف الأصوليون عن استخدام هذه المباحث واعتبر ابن تيمية أن «من سلك طريقهم كان من المضيقين في طريق العلم ألسنة وعقولا فمعانيهم من جنس ألفاظهم تجد فيها من الركاكة والعي ما لا يرضاه عاقل[44]».

 

ومع ذلك يذكر د/ النشار أن بعض متأخري الأصوليين تأثروا بعض التأثر بهذه المباحث في حديثهم عن الخاص والعام[45].

 

المبحث الرابع: مدى إمكانية تجريد الأصول من المنطق

شكلت علوم الأوائل بما فيها من براهين وحدود مثار جدل كبير في الفكر الإسلامي لا فيما يتعلق بحكم الاشتغال به وحسب، بل إن السؤال الأهم كان "هل يفيد إدخال المنطق إلى علوم المسلمين".

 

بالتأكيد كانت الإجابات مختلفة غاية الاختلاف أطرها طرفان نقيضان أحدهما يعتقد أن «المنطقيات أكثرها على منهج الصواب والخطأ نادر فيها وإنما يخالفون أهل الحق بالاصطلاحات والإيرادات دون المعاني والمقاصد إذ غرضها تهذيب طرق الاستدلالات وذلك يشترك فيه النظار[46]».

 

ويؤكد هؤلاء أن المنطق اليوناني لا يرتبط بفلسفة اليونان ولا لغتهم بل هو علم كوني ينبغي على الجميع أن ينفتح عليه «وأن معالجة مسألة ما من مسائل الفقه والأصول تتطلب معرفة بطرق الاستنباط وتلك الطرق هي بالضرورة ما قال به أرسطو[47]».

 

أما ثاني الأطراف فيرى أن المنطق وإن كان فيه بعض الأشياء الصحيحة ففيه أيضا بعض الخلط والأشياء المغلوطة وفي طرق النظر التي ابتدعها النظار المسلمون غنى عن الأخذ به.

 

فالمنطق «فيه كثير من الطرق التي لا يحتاج إليها أكثر الناس وإنما يحتاج إليها من لم يعرف غيرها أو أعرض عن غيرها[48]».

 

واعتبر هؤلاء أن المنطق جزء من الفلسفة التي تحوي كثيرا من السخافات التي لا يرضى عاقل لنفسه بالاعتماد عليها «وإنما المنطق التبس فيه الأمر على طائفة لم تتصور حقائقه ولوازمه ولم يعرفوا ما قال سائر العقلاء في تناقضهم فيه [49]».

 

هذا عن المنطق بصفة عامة وسأتناول بعض الجزئيات مستقرئاً آراء المفكرين المسلمين فيها.

 

المطلب الأول: الحدود الأصولية والحدود المنطقية:

لم يول الأصوليون الأوائل كبير عناية للحدود والتعريفات بالمعنى المنطقي وإنما يكتفون بإبداء الفوارق التي تميز المحدود عن غيره وليس تصوير حقيقته « فالمحققون من النظار يعلمون أن الحد فائدته التمييز بين المحدود وغيره كالاسم وليس فائدته تصوير المحدود وتعريف حقيقته» [50] والحد بهذا المعنى كان سائداً في كتب الأصوليين القدماء فالمهم في الحد عندهم هو تفكيك اللفظ وتوضيحه بعبارة أقرب إلى الذهن فالباقلاني يعتبر مثلاً أن مهمة الحاد « أن يأتي بعبارة يظن السائل عالماً بها إن جهل ما سأل عنه »[51] وأبو الحسين البصري يعتبر الحد شرح اسم اللفظ على وجه يخصه ويحصره [52] ويتفق في هذا جميع النظار من المتكلمين والفقهاء مبتعدين عن الحد اليوناني الذي يعتبره المناطقة أنفسهم صعباً لأن دوره عندهم اقتناص الحقيقة من خلال الإفصاح عن الماهية وحصر الذاتيات ويقارن القاضي عبد الوهاب البغدادي بين الحد الأصولي والحد المنطقي من حيث الصعوبة والسهولة فيقول: « الإنصاف أنه إذا كان الغرض المقصود منه تفصيل مدلول الإسم كان سهلاً وإن كان الغرض منه معرفة الماهيات الموجودة كان ذلك في غاية الصعوبة»[53] .

 

وهكذا ظل المسلمون مبتعدين عن استخدام هذه الحدود باعتبارها ليست إلا عامل تعقيد وجميع العقلاء ليسوا في حاجة إليها فيمكنهم التوصل إلى المعارف دون تكلف استخدامها ف «الأنبياء لا ريب في استغنائهم عنها وكذلك أتباع الأنبياء من العلماء والعامة فإن القرون الثلاثة من هذه الأمة الذين أكثر بني آدم علوماً ومعارف لم يكن تكلف هذه الحدود من عادتهم (...) وإنما حدثت بعدهم ومن حين حدثت حدث من الاختلاف والجهل ما لا يعلمه إلا الله »[54] .

 

أما عن تعقد الحد المنطقي فإن المناطقة لا يعتبرون الحد كاملاً ما لم يفصح عن ماهية الشيء ويعدد ذاتياته مقدماً الأخص منها وإن خالف هذا الترتيب كان حده ناقصاً وكذلك إذا نقص بعض الذاتية وأتى بالبعض الآخر كان ذلك أيضاً مخلاً بحده ولذلك بعتبرون الإتيان به على الوجه الأكمل صعباً جداً ولم يقبل بعض المناطقة من غير الأصوليين هذه الفكرة فأبو البركات البغدادي مثلاً يقول« الحدود في غاية السهولة لأن الحدود هي حدود الأسماء والأسماء أسماء الأمور المعقولة وكل أمر معقول فلا بد وأن يعقل »[55] ويعتبر ابن تيمية أن سبب استصعابهم للحد مبني على وهم تصور الحقيقة.

 

أما عن طريقة الوصول إلى الحد الأصولي فيحدد الإمام بن تيمية لذلك ثلاثة مسالك هي:

1- ما ورد تحديده في القرآن أو في السنة.

 

2- ما يعرف حده بالرجوع إلى اللغة.

 

3- ما يرجع تحديده لعادات الناس وعرفهم.

 

ويعلق قائلا « فما كان من النوع الأول فقد بينه الله ورسوله وما كان من النوع الثاني والثالث فالمخاطبون بالكتاب والسنة قد عرفوا المراد به لمسماه المحدود في اللغة أو المطلق في عرف الناس»[56].

 

ومما سبق يتبين أن الحد المنطقي لم يشكل إثراءاً لهذا العلم بقدر ما شكل تعقيداً لا طائل كبيراً من ورائه وهكذا أصبح الأصوليون يتبارون في حد كل لفظ من الألفاظ حداً أرسطاليسياً وينتقدون من قبلهم لأن تعرفه لم يكن جامعاً أو لم يكن مانعاً والحد الأرسطاليسي أيضاً قضى على جانب أصيل من أصول الفقه استمده من اللغة العربية دون تأثير خارجي يستوى في ذلك صورة الحد أو الوصول إليه.

 

المطلب الثاني: القياس الأصولي والقياس المنطقي:

لقد وجه بعض الأصوليين المتمنطقين كثيراً من النقد للقياس الأصولي فابن حزم كان عنيفاً جداً في نقده مؤكداً أنه لا يمكن أن يوصل إلى شيء لفقده للمقومات التي بها يكون القياس منتجاً فخاض صراعاً عنيفاً ضده سواء في كتابه "التقريب" أو في كتاب "الإحكام" مخصصاً لذلك حيزاً كبيراً وبأسلوب لاذع.

 

أما الإمام الغزالي فاعتبر أن القياس الأصولي ناقص من حيث حذف إحدى مقدماته وهذا وإن كان يشكل ثلمة في البرهنة به إلا أن لا يجعله عقيما بل يمكن أن يستخدم في الظنيات، لكن الأكمل عنده هو استخدام القياس المنطقي حتى يكون نظرنا سديداً سليماً من المطبات « فكل نظر لا يزن بهذا الميزان فاعلم أنه فاسد العيار غير مأمون الغوائل والأغوار»[57].

 

لكن الأصوليين دافعوا عن القياس باعتبارهم أن هؤلاء قدموا لنا القياس الأرسطاليسي وهو لا يختلف عن القياس الفقهي إلا بفوارق لفظية لا تغير شيئاً في جوهر البرهان « ولما كان الاستدلال تارة على مقدمة وتارة على مقدمتين كان طريقة نظار المسلمين أن يذكروا من الأدلة على المقدمات ما يحتاجون ولا يلتزمون في كل استدلال أن يذكروا مقدمتين»[58] موضحين أن القياس يكون ظنياً إذا كانت مقدماته ظنية سواء في ذلك القياس المنطقي والقياس الأصولي وأنه لا عبرة بالإطار الخارجي في سبيل اليقين « فالظن حاصل من المادة لا من صورة القياس فلو صور المادة _الظنية) بقياسهم لم يفد إلا الظن لكن هؤلاء ظنوا أن الضعف من جهة الصورة فجعلوا صورة قياسهم يقينياً وصورة قياس الفقهاء ظنياً»[59] .

 

ولم يكتفوا بالدفاع عن قياس الفقهاء بل وجهوا النقد أيضاً إلى القياس المنطقي مؤكدين عدم الاحتياج إليه « ولهذا لا يوجد في كلام البلغاء أهل البيان الذين يقيمون البراهين والحجج اليقينية بأبين العبارات »[60] مؤكدين أنه إذا حصلت مادة البرهان فلا عليك أن تعبر عنها بأي لفظ شئت « لا سيما في العبارات التي هي خير من عبارتهم وأبين في العقل وأوجز في اللفظ »[61].

 

ومع ذلك يمكن أن نعتبر القياس المنطقي أو قياس الشمول برهان يمكن أن نعتمد عليه عند توفر المقدمات سبيلا إلى الحصول على نتائج فقهية أو عقلية وهو ما لا خلاف فيه ولا يتنافى مع استخدام قياس الفقهاء بل يمكن أن نعتبر الأخير شاملاً لقياس المناطقة فالإمام الشافعي يرى أن القياس والاجتهاد اسمان لمعنى واحد[62].

 

وهذا ما يجعل كل الطرق الاجتهادية مندرجة تحته.

 

الخاتمة:

فتحصل مما سبق أن علوم الأوائل التي ترجمت إلى اللغة العربية وألف فيها العلماء المسلمون تآليف كثيرة سعياً إلى تعريبها وجعلها أحد أجزاء الثقافة الإسلامية شكلت مثار جدل كبير بين النظار المسلمين بين داع إلى الاستفادة منها في الجوانب التي تعد مساحة مشتركة بين الإنسانية جمعاء باعتبارها قدراً مشتركاً بين العقلاء لا يمكن أن يكون محل خلاف، ومن يعتبر هذا التراث لا حاجة إليه في تآليف المسلمين لا سيما أن المسلمين قد أكملوا تدوين علومهم دون أي تأثير خارجي فلماذا نأخذ منهم؟!، بالإضافة إلى ذلك هذه العلوم كل لا يتجزأ وفيه من الكفريات والإلحاديات ما لا سبيل إلى تنقيتها منه.

 

لم يحسم النقاش واستمر لكل رأي من يناصره لكن الفريق الأول استطاع أن يؤثر في تاريخ علم أصول الفقه بتطبيقه عملية إدخال أجزاء من المنطق إليه بعد إخضاعه لعملية تعريب ممنهجة أدخلته عناصر من البيئة الإسلامية فلم يعد منطقاً يونانياً خالصاً حين إخضاع علم أصول الفقه لقوانينه. غير أن كثيراً من العلماء استمروا في مواجهة هذا العلم الوافد الذي لا حاجة للمسلمين إليه، بل هو مضر لهم.

والله أعلم وأحكم



[1] معيار العلم الإمام الغزالي: ص: 60

[2] عبد الرحمن بدوي: ندوة الفكر العربي والثقافة اليونانية، ص: 23

[3] عبد الرحمن البدوي: المنطق الصوري والرياضي ص 3

[4] محمد السريا قوسى التعريف بالمنطق الصوري ص: 5

[5] نقلا عن عبد الرحمن بدوي: مصدر سابق. ص: 4

[6] جون ديون: المنطق: نظرية البحث ص:52-58

[7] الإمام الغزالي: المنفذ من الضلال ص:22

[8] د/ علي عبد المعطي محمد ود. محمد قاسم: المنطق الصوري أسسه ومباحثه ص:81

[9] الإمام الجرجاني: التعريفات. ص: 186

[10] انظر المنطق الصوري اسسه ومباحثه: د/ علي عبد المعطي ود/ محمد محمد قاسم، ص: 155

[11] رسائل اخوان الصفا: ج: 1، ص: 429 و432

[12] المنطق الصوري أسسه ومباحثه د/ علي عبد المعطي ود/ محمد محمد قاسم: ص: 156

[13] اصطلاحات الفلاسفة، د/ عمار طالبي، ص: 88 ومعيار العلم الإمام الغزالي ص: 267

[14] اصطلاحات الفلاسفة: د/ عمار الطالبي، ص: 86، والمعجم الفلسفي د/ جميل صليبا، ص: 417

[15] انظر معيار العلم للإمام الغزالي، ص: 272

[16] نفس المصدر السابق ص: 269

[17] انظر مناهج البحث عند مفكري الإسلام. د/ علي النشار ص: 43-44

[18] قال الذهبي: «وكان قد مهر في المنطق وأجزاء الفلسفة فأثرت فيه تأثيرا ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق ويقدمه على العلوم» سير أعلام النبلاء ج: 18، ص: 186

[19] الإحكام لابن حزم، ج: 1، ص: 36

[20] الفكر العري والثقافة اليونانية: (ندوة) عبد المجيد التركي، ص: 284

[21] البرهان: الجويني، ج: 1، ص: 83

[22] نفس المصدر السابق: ج: 1، ص: 119

[23] نفس المصدر: ج: 1، ص: 120-121

[24] نفس المصدر السابق: ج: 1، ص: 159

[25] نفس المصدر السابق: ج: 1، ص: 159

[26] المستصفى: الإمام الغزالي. ج: 1، ص: 21

[27] القاموس المحيط: ص: 512 مادة ق.ي.س

[28] معيار العلم الغزالي: ص: 131 والمنطق الصوري والرياضي لعبد الرحمن البدوي، ص: 158

[29] انظر المنطق الصوري الرياضي: عبد الرحمن بدوي، ص: 160-161

[30] انظر المنطق الصوري أسسه ومباحثه: د/ عبد المعطي ود/ قاسم، ص: 247، والتعريف بالمنطق الصوري السرياقوسي، ص: 198

[31] لتعريف بالمنطق الصوري السرياقوسي: ص: 199

[32] ابن حزم والفكر الفلسفي بالمغرب والأندلس سالم يفوت، ص: 227

[33] نفس المصدر السابق الصفحة ذاتها

[34] أبو حامد الغزالي (ندوة) سالم يفوت، ص: 71

[35] المستصفى الإمام الغزالي: ج: 1، ص: 29

[36] نفس المصدر السابق: ج: 1، ص: 38

[37] نفس المصدر: ج: 1، ص: 38

[38] نفس المصدر السابق: ج: 1، ص: 49

[39] انظر المستصفى للإمام الغزالي: ج: 1، ص: 30-33 ومعيار العلم له أيضا: ص: 73-81، والمنطق الصوري والرياضي لبعد الرحمن بدوي: ص: 51-56

[40] انظر مناهج البحث عند مفكري الإسلام: د/ النشار، ص: 30

[41] المنطق الصوري والرياضي: د/ بدوي ص: 51

[42] التعريف بالمنطق الصوري: السرياقوسي: ص: 19

[43] نفس المصدر السابق: ص: 20

[44]الفتاوى لابن تيمية: ج: 9، ص: 186

[45] مناهج البحث عند مفكري الإسلام: د/ على النشار. ص: 32

[46] مناهج البحث عند مفكري الإسلام: د/ النشار. ص: 134

[47] ابن حزم والفكر الفلسفي بالمغرب والأندلس. سالم يفوت ص: 206

[48] فتاوى ابن تيمية: ج: 9، ص: 213

[49] نفس المصدر: ج: 9/ ص: 187

[50] مناهج البحث عند مفكري الإسلام، الدكتور علي النشار، ص 76.

[51] البرهان للجويني، ج1، ص 119.

[52] مناهج البحث عند مفكري الإسلام، الدكتور علي النشار، ص 76.

[53] البحر المحيط للزركشي، ج 1، ص 94.

[54] الفتاوى ابن تيمية، ج9، ص 46.

[55] مناهج البحث عند مفكري الإسلام، ص 78.

[56] الفتاوى، ابن تيمية، ج 19، ص 235.

[57] معيار العلم، الإمام الغزالي، ص 60.

[58] الفتاوى، ابن تيمية، ج9، ص 184.

[59] نفس المصدر السابق، ص 205.

[60] نفس المصدر السابق، ص 186.

[61] نفس المصدر السابق، ص 194.

[62] الرسالة الإمام الشافعي، ص 477.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقدمة كتاب البداية في أصول الفقه

مختارات من الشبكة

  • شرح الاسم الموصول(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أقسام العلم في النحو(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح إن وأخواتها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المباحث الدعوية في الأحاديث القدسية - دراسة تأصيلية تحليلية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • المباحث العقدية المتعلقة بمكة المكرمة لمحمد عمر الكاميروني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المباحث اللغوية في كتاب المطلع على أبواب المقنع لشمس الدين الحنبلي (ت709هـ)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • المباحث النحوية في عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي لابن العربي المالكي (543 هـ)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • المباحث القضائية في مؤلفات الشيخ عبد الله بن فودي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المباحث العقدية في حديث افتراق الأمم(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • المباحث العقدية في الغزوات النبوية جمعا ودراسة(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- هكذا فلتكن الكتابة
حمزة معدان - المغرب 26-01-2017 04:10 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبعد: فعندما تجد مثل هذه المواقعح الجادة الهادفة لا زالت موجودة تطمئن إلى أن الأمة لا زالت بخير خاصة عندما تقرأ مثل هذه المواضيع العلمية الرصينة. دمتم للعلم ودام العلم بكم

1- القبول
يسمينة - الجزائر 29-10-2012 12:01 PM

الموضوع في القمة، شكرا لكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب