• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقات الألوكة المستمرة / مسابقة كاتب الألوكة الأولى / المشاركات التي رشحت للفوز في مسابقة كاتب الألوكة الأولى
علامة باركود

ذيل من كتاب (كناشة النوادر)

محمد إبراهيم العبادي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/7/2009 ميلادي - 19/7/1430 هجري

الزيارات: 14827

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ذيل من كتاب (كُنَّاشة النوادر)
للعلاَّمة المحقِّق الأستاذ عبد السلام هارون
(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)



الحمد لله وحدَه، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده، وبعد.

فإنَّ كتاب (كُنَّاشة النوادر) للعلاَّمة المحقِّق الأستاذ عبدالسلام هارون - رحمه الله تعالى - من الكتب التي عِشتُ معها لحظاتِ السعادة، ونهلت من معينه، وأفدتُ منه غاية الإفادة، فالكتاب يعدُّ بحقٍّ حديقة خلاَّبة، جمع فيها صاحبُها باقةً من الزُّهور العطرة، وأهداها إلى كلِّ مثقَّف عربيٍّ لا يريد أن يكون خِلوًا من الثقافة العربيَّة الإسلاميَّة، ففي هذا الكتاب إشاراتٌ لطيفة، وإيماءات طريفة إلى كنوز يفخر بها كلُّ منتمٍ إلى هذه الحضارة الإسلاميَّة العظيمة، إضافة إلى الإعجاب الذي يأخذُ بك حين تجد هذا الثراءَ العلميَّ الواسع الذي وهبه الله - تعالى - للأستاذ عبدالسلام هارون - رحمه الله تعالى - فأيَّامه لم تكن كأيَّامنا في التقدُّم التقني الذي يساعد الباحث على اقتناء المعلومات من مظانِّها بضغطة زر؛ بل لم يكن أمامَ الباحث طريقٌ إلاَّ طريق السَّهر والتعب والكد، ومع هذا فاق الأستاذ عبدالسلام جُلَّ أبناء هذه الأيَّام، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وفي الحقيقة يُعدُّ هذا الكتاب حلقةً في عقد ثمين أَثَري يرجع تاريخه إلى عصر النور الحقيقي، هذا العصر الذي عَلَت فيه أحكامُ الشريعة الغرَّاء، فامتلأتِ الأرض عدلاً ونورًا وازدهارًا في جميع الميادين؛ ومنها ميدانُ الثقافة والعِلم، ويُذكِّرنا الكتاب بثُلَّة رائعة من كُتب الأدب التي وضعها أساطينُ اللُّغة والأدب من أسلافنا في هذا المضمار.

فالأدب عِلمٌ لا موضوعَ له ينظر في إثبات عوارضه أو نفيها[1]؛ بل قد نظر أسلافُنا إلى الأدب على أنَّه الأخذ من كلِّ عِلم بطَرَف[2]، وعلى هذا النحو الموسوعيِّ أتت مؤلَّفاتهم، فالمطالِع لكتاب "البيان والتبيين" للجاحظ، أو "أدب الكاتب" لابن قتيبة، أو "الكامل" للمبرد، أو "النوادر" للقالي...إلخ من كتب الأدب المختلفة - يبهره هذا الكمُّ الهائل من الفوائد التي تنتمي إلى فنونٍ شتَّى، ولعله لا يربطها رِباطٌ واضح، إلاَّ أنَّ ما يربطها جميعًا هو انتماؤها إلى هذه الحضارة العظيمة التي كانت حضارةً موسوعيَّة، فمِن ثَمَّ جاءت مصنَّفاتُها موسوعية، ومن الطَبَعي أن تُصبغ المصنَّفاتُ بصبغة البيئة التي وُلِدت فيها.

ولقد جال في خاطري بعد قراءتي لهذا الكتاب أن أُذيِّل عليه، أو بعبارة أخرى: أن أجمعَ بعضَ النوادر التي يحفل بها تراثُنا المجيد، فعقدتُ العزم بعد توكُّلي على ربِّي - جلَّ في عُلاه - وقمت بجمع كلِّ ما لاح لي من هذه النوادر في كشكول خاص؛ حتى اجتمعتْ لي طائفة لا بأس بها، ولستُ بمنافسٍ هؤلاء الكبار، بل ولا بمقارب لهم، هيهات هيهات! وأين الثرى من الثريا؟! وأين التراب من التبر؟! فهؤلاء فوارس الميدان، ومَن لهم في السباحة يداني؟!

لكنِّي ركبت ناقتي، وسرتُ متتبعًا آثارهم، يطربني ويهزني قول الحادي:

أَسِيرُ خَلْفَ رِكَابِ النُّجْبِ ذَا عَرَجٍ        مُؤَمِّلاً كَشْفَ مَا  لاَقَيْتُ  مِنْ  عِوَجِ
فَإِنْ ظَفِرْتُ بِهِمْ مِنْ بَعْدِ  مَا  لَحِقُوا        فَكَمْ لِرَبِّ الْوَرَى فِي ذَاكَ مِنْ فَرَجِ
وَإِنْ  بَقِيتُ  بِظَهْرِ  الْأَرْضِ  مُنْقَطِعًا        فَمَا عَلَى أَعْرَجَ فِي ذَاكَ مِنْ  حَرَجِ
 

فجمعتُ في هذا المقال دُررًا من الفرائد القرآنيَّة، ولآلئَ من الجواهر الحديثيَّة، ذاكرًا لقصَّة فيها عِبرة، مسترشدًا بأقوال أهل العِلم والخِبرة، فاهمًا الأدب على هذا النحوِ الموسوعيِّ الذي فهمه مَن سلف؛ ليطَّلع القارئ الكريم على صفحةٍ مشرقة من صفحات تُراثنا التليد، مؤمِّلاً ألا ينتهيَ بنا المطاف حتى يقول: هل مِن مزيد؟ والله وحدَه الهادي إلى العمل الصالح، والقول السَّديد.
 
1 - تصويبات في فهم بعض الآيات:
 ليسمح لي المربِّي الفاضل، والشيخ العالِم الدكتور صلاح الخالدي - حفظه الله تعالى - أن أستعير منه هذا العنوان الذي عنون به كتابًا رائعًا له كعادة كُتبه النافعة، وأن أدلوَ في هذا الباب بدلو، وأفضل الصَّدقة جهد المقلِّ.

ولقد ذكر الدكتور الخالدي في هذا الكتاب بعضًا من آيات أخطأ الناسُ في تأويلها، كما أنَّ الدكتور محمودًا الطناحيَّ - رحمه الله تعالى - قد ذكر طائفةً من هذه الآيات التي يخطئُ الناس في تأويلها وتفسيرها في مقالٍ له بعنوان: "القرآن الكريم وتفسير العوام"[3]، فليراجعْ مَن شاء هذه الكتاباتِ النافعةَ، وسوف أذكر - إن شاء الله تعالى - بعضًا من هذه الآيات ممَّا لم يذكرْها الأستاذان الفاضلان، وممَّا ينبغي الإشارة إليه أنَّني لن أذكر الآياتِ التي بها اختلاف سائغٌ بين أهل العِلم - رحمهم الله تعالى - فلن أذكرَ الآياتِ الكريماتِ التي لها معنًى شائع عند الناس، وله وجهٌ معتبر عند المفسِّرين - رحمهم الله تعالى - ولمزيد من البحث يُرجَى الوقوف على كلام المفسِّرين في تفسير الآيات التالية لا سيِّما في هذه التفاسير: (الطبري - القرطبي - زاد المسير لابن الجوزي - البحر المحيط لأبي حيان )، وهذا يغنينا عن وضْع الحواشي والإحالات طلبًا للاختصار.

• {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189].
يستشهد بعضُ الوعَّاظ بهذه الآية على أنَّ الرجل إذا أراد أن يخطب فتاة، فإنَّ عليه أن يسلك الطريقَ الصحيح في ذلك، بأن يتقدَّم إلى أبيها، أو كما يُعبِّرون "يدخل من الباب مش من الشباك"، والمعنى الذي ذكروه طيِّب وصحيح؛ لكن المشكلة أنَّه لا عَلاقةَ له بالآية الكريمة؛ لأنَّ الآية نزلتْ في الأنصار، حيث كانوا يعتقدون أنَّ المحرِم لا يجوز أن يَحول بينَه وبين السَّماء سقف؛ لذلك كان أحدُهم إذا دخل بيتَه وهو مُحرم، لا يدخله من الباب؛ من أجل السَّقف، بل يرْقى على ظهْر البيت، ويأمر أحدًا فيه بأن يُحضر له حاجتَه.

• {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].
 يظنُّ كثيرٌ من الناس أنَّ معنى الآية أنَّ الشيطان يقوم بتخويف أوليائه من الكافرين والمنافقين، ويُلقي في قلوبهم الرُّعب ، والحق أنَّ المعنى الصحيح للآية أنَّ الشيطان يخوِّف المؤمنين من أوليائه، فعلى هذا يكون تقدير الآية: "إنما ذلكم الشيطان يخوفكم أولياءه"، فـ "أولياءه" هنا مفعولٌ به ثان.

• {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89].
يظنُّ بعض الناس أنَّ المراد بالفتح هنا الصُّلح؛ لذلك يَستشهدون بهذه الآية في جلسات المصالحات التي تُعقد بين المتخاصمَين، والصَّواب في تفسير هذه الآية أنَّ الفتح هنا بمعنى الفصل والقضاء، ومن هنا قيل للقاضي الفتَّاح، فالآية إذًا يستشهد بها في جلسات الحُكم والقضاء بين المتخاصمين، وليس الصُّلح فتأمَّل.

• {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].
سمعتُ أحدَ الدُّعاة المشاهير الذين يطلُّون على الناس في الفضائيات، وهو يفسِّر هذه الآية تفسيرًا ما أنزل الله به من سُلطان؛ حيث يرى أنَّ الآية تنهى المؤمنين عن التنازُع، وإلاَّ "حتطلع ريحتهم وتفوح"، وإنَّا لله وإنا إليه راجعون!

أمَّا التفسير الصحيح للآية فاختُلف فيه على أربعة أقوال هي - كما يقول ابن الجوزي، رحمه الله تعالى في "زاد المسير" -:
أحدها: تذهب شدَّتُكم، قاله أبو صالح عن ابن عبَّاس، وقال السُّدي: حِدَّتُكم وجدُّكم، وقال الزجَّاج: صولتُكم وقوَّتُكم.

والثاني: يذهب نصرُكم، قاله مجاهد، وقتادة.

والثالث: تتقطَّع دولتُكم، قاله أبو عبيدة، وقال ابن قتيبة: يقال: هبَّت له ريحُ النصر إذا كانت له الدولة، ويقال: له الرِّيح اليوم؛ أي: الدولة.

والرابع: أنَّها رِيح حقيقية، ولم يكن نصرٌ قط إلاَّ بريح يبعثها الله، فتضرب وجوهَ العدوِّ؛ ومنه قوله - عليه السلام -: ((نُصِرتُ بالصَّبا، وأُهْلِكتْ عادٌ بالدَّبور))، وهذا قول ابن زيد، ومقاتل.

• {فَسِيحُوا فِي الأرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2].
يستدلُّ بها بعض الكتَّاب والإعلاميِّين على أنَّ القرآن دعا إلى السياحة، ولعلَّ أحدهم يطلق القول فيشمل قولُه - بقصد أو بغيره - المجونَ والخلاعة التي عُرفت باسم السياحة في هذا العصر الذي سُمِّي فيه الحرام بغير اسمه!

ونحن لا ننكر أنَّ الإسلام دعا إلى السَّير في الأرض، والاتِّعاظ من أحوال الأُمم الغابرة، وكيف أنَّ الله - تعالى - أهلك طواغيتَ الأرض....إلخ

لكن الآية الكريمة لا عَلاقةَ لها بموضوعنا؛ فالآية الكريمة نزلتْ في صِنف من المشركين عاهدهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أربعة أشهر، فأمر الله - تعالى - نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -  أن يقول لهم: سيحوا في الأرض؛ أي: سيروا فيها آمنين لا يتعرَّضُ لكم أحد بسوء؛ حتى تنقضي مُدَّتُكم.

• {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].
ذاع القولُ وانتشر عند كثيرٍ من الخُطباء والمشايخ التأكيد على أنَّ لفظة "كلمة" في قوله تعالى: "وكلمة الله هي العليا" مرفوعةٌ بالابتداء، و لا يصحُّ نصبُها عطفًا على "كلمة الذين كفروا".

لكن ما ذكروه غيرُ صحيح، فقد قرأ الأعمش ويعقوب {وَكَلِمَةُ اللَّهِ} بالنَّصب حملاً على {جَعَلَ}، والباقون بالرَّفع على الاستئناف.

لذلك على المتصدِّي لمثل هذه الأمور أن يراجعَ وجوه القراءات قبلَ أن يُطلِق لسانَه.

• {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 100].
يحدُث عند كثير من الناس لَبسٌ في معنى هذه الآية الكريمة:
والمعنى الصحيح للآية الكريمة: إمَّا أن يكون الضميرُ في الباء عائدًا على الربِّ - جلَّ في علاه - فيكون المعنى: أنَّ سلطان الشيطان على الذين يتولَّونه، والذين يشركون بالله - تعالى.

وإمَّا أن تكون الباء سببيَّة، فيكون المعنى إنَّما سلطان الشيطان على الذين يتولَّونه، والذين هم بسببه مشركون.

• {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 18].
يظنُّ كثير من الناس أنَّ المقصود بالهشِّ في الآية الكريمة هو تسيير الغنم، كما يقول الراعي لغنمه: "هش هش"، وهذا غير صحيح البتة.

والمعنى الصحيح للهش هو ضرْب الشجر اليابس؛ ليَسقطَ ورقُه، ومِن ثَمَّ ترعى غنمه وتأكل.

• {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ * رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ} [الشعراء: 168 - 169].
يظنُّ بعضُ العوام أنَّ معنى (القالين) "القائلين"؛ لذلك تجد بعضَ جهلة القرَّاء يصلون الآيتين؛ حتى يصلوا فِعلَ القول بمقوله، ولم يعلم هؤلاء أنَّ (القالين) مِن قَلَى الشيء؛ أي: أبغضَه وكرهه.

2 - جهد المقل:
بوَّب الإمام النَّسائيُّ - رحمه الله تعالى - في كتاب الزَّكاة في سننه بابًا سمَّاه بهذا الاسم، وممَّا جاء فيه من الأحاديث الشريفة:
عن عبدالله بن حبشي الخثعمي - رضي الله عنه-: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - سُئل: أيُّ الأعمال أفضلُ؟ قال: ((إيمانٌ لا شكَّ فيه، وجِهاد لا غُلول فيه، وحَجَّة مبرورة))، قيل: فأيُّ الصلاة أفضل؟ قال: ((طولُ القُنوت))، قيل: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المُقلِّ))، قيل: فأيُّ الهجرة أفضل؟ قال: ((مَن هَجَر ما حرَّم الله - عزَّ وجلَّ))، قيل: فأيُّ الجِهاد أفضل؟ قال: ((مَن جاهد المشركين بمالِه ونفسه))، قيل: فأيُّ القتل أشرف؟ قال: ((مَن أُهريق دمُه، وعُقِر جوادُه)).

وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((سَبق دِرهمٌ مائةَ ألْف درهم))، قالوا: وكيف؟ قال: ((كان لرَجل دِرهمانِ تَصدَّق بأحدهما، وانطلقَ رجلٌ إلى عُرْض ماله، فأخذَ منه مائةَ ألْف درهم فتصدَّق بها)).

قال العلاَّمة المناوي - رحمه الله تعالى -:
"(جهد): روي بضم الجيم وفتحها، فبالضم: الوُسع والطاقة، وهو الأنسب هنا، وبالفتح: المشقَّة والمبالغة والغاية، (المُقل) بضمٍ فكسر؛ أي: مجهود وقليل المال؛ يعني: قدرته واستطاعته، وإنَّما كان ذلك أفضلَ لدلالته على الثِّقة بالله والزُّهد، فصدقته أفضل الصدقة"[4] انتهى كلامه.

ومن الطريف أنَّ كِرام العرب في الجاهلية قد توصَّلوا إلى هذا الهَديِ النبوي الكريم، وأقرُّوا بالفضل للمقلِّ، حتى وإن أنفق المليءُ أضعافًا مضاعفةً مما أنفقه المقل؛ ففي المستجاد من فعلات الأجواد للتنوخي: 
أنَّ رجلاً سأل حاتمًا الطائيَّ فقال: يا حاتمُ، هل غلبك أحدٌ في الكرم؟ قال: نعم، غلامٌ يتيم من طيِّئ نزلتُ بفنائه، وكان له عشرةُ أرؤس من الغنم، فعمد إلى رأس منها فذبحه، وأصلح من لحمه، وقدَّم إلي، وكان فيما قدم إليَّ الدماغ، فتناولت منه فاستطبتُه، فقلت: طيِّب والله، فخرج من بين يدي، وجعل يذبح رأسًا رأسًا، ويقدِّم إليَّ الدماغ وأنا لا أعلم، فلمَّا خرجت لأرحل نظرتُ حولَ بيته دمًا عظيمًا، وإذا هو قد ذَبح الغنم بأسره، فقلت له: لم فعلت ذلك؟ فقال: يا سبحان الله! تستطيب شيئًا أَملِكه، فأبخل عليك به؟! إنَّ ذلك لَسُبَّة على العرب قبيحة، قيل يا حاتم: فما الذي عوضتَه؟ قال: ثلاثمائة ناقة حمراء، وخمسمائة رأس مِن الغنم، فقيل: أنت إذًا أكرم منه، فقال: بل هو أكرم؛ لأنَّه جاد بكلِّ ما يملكه، وإنَّما جدتُ بقليل من كثير.[5]

وقد حدَثتْ منذ أيام قليلة بمدينتنا الإسكندرية بمصر حملاتٌ لجمع الأموال لصالح إخواننا في غزَّة العزَّة، وقد أقبل الناس يَجودون بما منحهم الله -تعالى - من مال ومتاع، حتى فوجئ الجميع برجلٍ عجوز، أماراتُ الفقر عليه جليَّة واضحة، وبيده كيس فول! وقال أمامَ الجميع: "يا جماعة كيس الفول ده هو حيلتي ينفع تخدوه؟!".

فرزق الله - تعالى - القائمين على الحملة الفِطنة والذَّكاء، فقبلوه منه وشكروا له هذا الصنيع، ثم فاجَؤوا الجميع بأن عَرضوا هذا الكِيس للمزاد العلنيِّ!

وبِيع الكيس هذا بما يَزيد على الألْفين جنيهًا!!

هنالك قلت: صدق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أفضلُ الصدقة جُهد المقلِّ)).

3 - الرفق بالحيوان:
الرِّفق بالحيوان خُلق إسلامي عربي، حثَّ عليه القرآن الكريم الذي جاء النهي فيه عن الظُّلم والطغيان، وحثتْ عليه السُّنَّة النبويَّة المطهرة التي حوتْ بين دفتيها كنوزًا منقطعة النظير في هذا الباب، وفي كلِّ باب.

والقصص في هذا الشأن كثيرة، إلاَّ أنَّه استوقفتني منها قصَّة أثَّرت فيَّ كثيرًا، فقد يُتصور أن تَطعم وتُطعم معك حيوانًا، أمَّا أن تجوع لكي يَطعم حيوانٌ، فهذا أمرٌ يكاد يكون معدومًا؛ لكن جاء في "المستجاد من فعلات الأجواد":
أنَّ عبدالله بن جعفر خَرَج إلى ضيعة له، فنزل على نخيل قومٍ، وفيها غلامٌ أسود يقوم عليها، فأُتي بقُوتِه ثلاثة أقراص، ودخل كلبٌ فدنا من الغلام، فرمى إليه بقرص فأكَله، ورمى إليه بالثاني فأكَله، ثم الثالث فأكله، وعبدالله ينظر إليه، فقال: يا غلام، كم قُوتُك كلَّ يوم؟ قال: ما رأيت، قال: فلم آثرتَ هذا الكلب؟ قال: ما هي بأرض كلاب، وإخاله جاء مِن مسافة بعيدة جائعًا، فكرهتُ ردَّه، قال: فما أنت صانعٌ اليوم؟ قال: أطوي يومي هذا، فقال عبدالله بن جعفر: أُلام على السَّخاء، إنَّ هذا لأسخى مني! فاشترى الحائط، والغلامَ، وما فيه من آلات، وأعتق الغلامَ ووهب ذلك كلَّه له.[6]

4 - تربية القادة لا تربية العبيد:
كثيرٌ من الناس إذا وكلت إليهم تربيةَ شخص ما تجد هدفَه الذي يرنو إليه، وحُلمه الذي يداعبُ لُبَّه هو أن يكون هذا المربَّى ظلاًّ للمربِّي، فما من رأي يراه إلاَّ ويصبح لزامًا على مريده أن يصيرَ إليه، حتى وإن لاحت لصاحبنا وجهةٌ أخرى أراد أن يشدَّ رِحاله إليها.

وتجد كثيرًا من الأساتذة والمشايخ يعزُّ على قلوبهم أن يَرَوْا تلامذتهم الذين كان لهم فضلٌ بعد الله - تعالى - عليهم في تعليمهم وتربيتهم؛ يعزُّ عليهم أن يروا واحدًا منهم خالفهم في مسألة أو أكثر، حتى وإن كان خلافُهم خلافًا علميًّا مهذَّبًا، ما حاد عن طريق الخُلق قِيدَ أُنملة.

ويُسرُّ المرء عندما يرى الشيخ قابلاً لمخالفة تلميذه لرأيٍ ذهب إليه، وكبح جماح نفسه، وألجمها بلجام المنهج العلميِّ الصحيح الذي يسمح للتلميذ أن يُخالِف أستاذَه، طالما كان الخلاف قائمًا على عِلم، وحُسن قصد، وبهاء خلق.

لكنَّ العجيب حقًّا عندما تجد أستاذًا يغضب على تلميذه، لا لأنَّه خالفه، بل لأنَّه لم يخالفه قطُّ؛ فقد ذكر ابن خلكان - رحمه الله تعالى - في وفياته: أنَّ بعض الفقهاء حَكى له أنَّه سأل الشيخ كمال الدِّين عن الأثير ومنزلته في العلوم، فقال: ما أعلم، فقال: وكيف هذا يا مولانا، وهو في خِدمتك منذ سنين عديدة، ويشتغل عليك؟ فقال: لأنِّي مهما قلتُ له، تلقَّاه بالقَبول، وقال: نعم يا مولانا، فما جاذبني في مبحثٍ قطُّ حتى أعلمَ حقيقة فضله.[7]

وممَّا يُذكر في هذا الصَّدد أنَّ على الآباء أن يسمحوا لأبنائهم بقدرٍ من المخالفة المهذَّبة؛ حتى تنشأ عندَ الطفل الشخصيةُ الواثقة، بدلاً من تنشئتِهم على التبعيَّة والاضطراب والاهتزاز.

ولقد تنبَّه فقهاؤنا -رحمهم الله تعالى - إلى ذلك:
فها هو إمام المالكيَّة الكبير، وفقيه المغرب سحنون بن سعيد التنُّوخي القيروانيُّ - رحمه الله تعالى - كان يسمح لابنه بأن يناظرَه:
فقد ذَكَر الذهبيُّ - رحمه الله تعالى - في السِّير في ترجمة ابن سحنون أنَّه كان يناظر أباه، فكانت النتيجة لذلك - بعد فضل الله تعالى - أن صار ابنه - كما يقول الذهبيُّ - محدِّثًا بصيرًا بالآثار، واسعَ العِلم، متحريًا متقنًا، علاَّمة كبيرَ القدر.[8]

5 - جهاز (عفش) العروس بين الأمس واليوم:
يَكاد يكون هناك اتِّفاقٌ بين الأمس واليوم في بعض الأساسيات التي يحتاجها كلُّ بيت، حتى وإن اختلف المظهرُ وتباينت القيمة، إلاَّ أنَّ الجوهر واحدٌ، فهناك المناضد والأسِرَّة والمقاعد...إلخ، ولسنا عن هذا نتحدَّث، لكن حديثي: هل فكَّر والدُ عروس في أيَّامنا هذه أن يكون من ضِمن جهاز ابنته "فتح الباري" مثلاً؟ أو المغني لابن قُدامة؟ أو المدونة لسحنون؟ أو غير ذلك من دواوين الإسلام التي تحوي صفحاتها قدرًا هائلاً من عُلوم الشريعة الغرَّاء.

أجزم أنَّنا مقصِّرون كثيرًا في هذا الأمر، فلا غضاضةَ أن يخلوَ بيتُنا من كتب السُّنة والفِقه والتفسير، لكن يكاد يُغشى علينا من الموت إن خَلاَ البيتُ من (البوفيه)، أو (النيج)، أو (السفرة الكبيرة الفاخرة)!

أمَّا عن سلفنا الصالح - رضوان الله عليهم - فالأمرُ مختلِفٌ اختلافًا كبيرًا:
فقدْ ذكر الذهبي - رحمه الله تعالى - في سِيَره أنَّ البِكْر كان في جهازها نسخةٌ بـ "مختصر المُزني".[9]

ومختصر المُزني مختصرٌ وضعه الإمام إسماعيل المزني - رحمه الله تعالى - تلميذُ الإمام الشافعيِّ - رضي الله عنه - اختصر فيه فِقهَ الإمام الشافعي.

فما ذكره الذهبي سواء قيل على سبيل الكناية أم الحقيقة، إلاَّ أنَّه يكشف لنا عن واقع مُغاير لواقعنا اليوم، الذي خَلَت فيه كثيرٌ من بيوتنا من كُتب العِلم الشريف، وإلى الله المشْتَكى!

6 - 9.99 جنيهًا:
كثيرٌ من المطاعم والمتاجر إذا أرادتْ أن تُعلن عن سِلعها كتبوا الأسعارَ بهذه الطريقة:
9.99، 19.99...إلخ
رغم أنَّه في الحقيقة يكون السِّعر: 10، 20.
لكن لأنَّ القارئ أو السامع إذا قيل له: 9.99 سيقع في نفسه أنَّ هذا المبلغ أقلُّ من 10.
وذلك لأنَّ النفوس دائمًا تتعلَّق برأس العدد أكثرَ من تعلُّقها بالكسور.

ولقد جاء في القرآن الكريم استعمالُ مثلِ هذا الأسلوب، وذلك في قوله - عزَّ وجلَّ -: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14].

فالآيات نزلت في تسلية النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بذِكْر مَن سبقه من المرسَلين الذين طالتْ مدَّة دعوتهم لأقوامهم، فكان ذكر الألْف أبلغ في التسلية من ذكر التِّسعمائة.

جاء في "البحر المحيط" في تفسير هذه الآية الكريمة:
"لأنَّ ذِكْر رأس العدد الذي لا رأسَ أكبر منه، أوقعُ وأوصل إلى الغَرض من استطالة السامع مدَّة صبره".

وجاء في "جوهر الكنز" لابن الأثير الحلبي:
ومثال استثناء العدد قوله - تعالى -: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [العنكبوت: 14]، وإنَّما قال ذلك لقصد المبالغة، فإنَّه لو قال: تسعمائة وخمسين عامًا، ولم يقلْ: ألف سَنَة، لكان ذلك أقلَّ رُتبة في اللَّفظ، فإنَّ ذكر رأس العدد الذي هو الألْف أوقعُ في النفس وأوصل للغرض، ثم استثنى بعد ذلك بقوله: {خَمْسِينَ عَامًا}، وفائدة ذلك أنَّه لَمَّا ابتُلي نوحٌ - عليه السلام - من أمَّته بالمخالفة والأذى له، وممَّا كابَدَه من طول المصابرة عليهم في هذه المُدَّة الطويلة، فنزلت لفظة الألْف تسلية لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتثبيتًا له.[10]

7 - إن كان الحق تهمة فأهلاً بها:
الصِّراع بين الحقِّ والباطل سُنَّةٌ من سُنن الله - تعالى - في كونه، والتي لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، وهذا الصِّراع له صورٌ وأشكال متعدِّدة؛ منها: الصراع بالترغيب والإغراء من أهل الباطل لأهل الحق، ومنها: الصِّراع بالترهيب والتعذيب، ومنها: الصِّراع برمْيِ التُّهم والألْقاب لكي يَغيظوا بها أهلَ الحق.
لكنَّ أهلَ الحقِّ الذين ملأ الإيمانُ قلوبَهم ما كانت لِتَصرِفَهم عن دعوتهم مثلُ هذه الألقاب والتُّهم الملفَّقة؛ بل إنَّ كثيرًا منهم كان يرحِّب بهذه التُّهم إن كان مضمونها حقًّا يُدان لله به.

فالإمامُ الشافعي عندما رُميَ ظلمًا وعدوانًا بأنَّه رافضي؛ وذلك لأنَّه يحبُّ أهل البيت - عليهم رضوان الله - لم يأنفْ من هذا الاتِّهام؛ لأنَّه في الحقيقة اتِّهامٌ مُشرِّف؛ فحبُّ أهل البيت شرف يَفخر به كلُّ مسلم سُنِّي، وهيهات هيهات بين حُبِّنا لأهل البيت، وبين عبادة الرَّوافض - عليهم لعنة الله - لأهل البيت، وأهلُ البيت منهم براء!

المهمُّ ماذا كان جواب الإمام الشافعي؟
قال بصوت تملؤه العزَّة بالله ورسوله والمؤمنين:

إِنْ كَانْ رَفْضًا حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ        فَلْيَشْهَدِ  الثَّقَلاَنِ  أَنِّي  رَافِضِي[11]
 

وبعدَ الإمام الشافعي بقُرونٍ قام ثُلَّة من عُلماء أهل السُّنَّة - رحمهم الله تعالى - بنشْرِ عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة بين الورى، ومحاربةِ الشِّركيات والابتداع في الدِّين، وكان شيخُهم وكبيرهم هو الشيخَ المجاهدَ محمَّد بن عبدالوهاب - رحمه الله تعالى - فسمَّاهم خصومُهم (الوهابيَّة) وظنُّوا أنَّ هذه تهمة تعيب صاحبها، وهيهات هيهات! بل إنَّ المتَّهم بها هو الداعِي إلى العقيدة والحقِّ، فأنَّى للقبٍ مثل هذا أن يصير عيبًا؟!

لذلك صَدَح الشيخ ملاَّ عمران - رحمه الله - مدافعًا عن هؤلاء الثُّلَّة قائلاً:

إِنْ  كَانَ  تَابِعُ   أَحْمَدٍ   مُتَوَهِّبًا        فَأَنَا    الْمُقِرُّ    بَأَنَّنِي     وَهَّابِي
أَنْفِي الشَّرِيكَ عَنِ الْإِلَهِ فَلَيْسَ لِي        رَبٌّ  سِوَى   الْمُتَفَرِّدِ   الْوَهَّابِ
لاَ  قُبَّةٌ  تُرْجَى   وَلاَ   وَثَنٌ   وَلاَ        قَبْرٌ   لَهُ   سَبَبٌ   مِنَ   الْأَسْبَابِ
كَلاَّ وَلاَ  حَجَرٌ  وَلاَ  شَجَرٌ  وَلاَ        عَيْنٌ  وَلاَ  نَصَبٌ  مِنَ  الْأَنْصَابِ
أَيْضًا   وَلَسْتُ   مُعَلِّقًا    لِتَمِيمَةٍ        أَوْ  حَلْقَةٍ  أَوْ   وَدْعَةٍ   أَوْ   نَابِ
لِرَجَاءِ   نَفْعٍ   أَوْ    لِدَفْعِ    بَلِيَّةٍ        اللَّهُ   يَنْفَعُنِي   وَيَدْفَعُ   مَا    بِي[12]
 

وبعدَ أن خرجتِ الصحوة الإسلاميَّة المباركة في مصرَ المحروسة، اتهمها العلمانيون وأذنابهم بأنها دعوة رجعيَّة متخلِّفة، وما ذاك إلاَّ لأنَّهم دَعوْا إلى العودة إلى ما كان عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابُه - رضي الله عنهم - فردَّ عليه الدكتور القرضاوي بشموخ وإباء قائلاً:
 

قَالُوا   كِذَابًا   دَعْوَةٌ    رَجْعِيَّةٌ        مَعْزُولَةٌ  عَنْ   قَرْنِهَا   الْعِشْرِينِ
النَّاسُ  تَدْعُو  لِلْأَمَامِ  فَمَا   لَهُمْ        يَدْعونَنَا   لِنَعُودَ    قَبْلَ    قُرُونِ
رَجْعِيَّةٌ     أَنَّا     نَغَارُ     لِدِينِنَا        وَنَقُومُ  بِالْمَفْرُوضِ   وَالْمَسْنُونِ
رَجْعِيَّةٌ   أَنَّا    نَصُونُ    حَرِيمَنَا        بِئْسَ الْحَرِيمُ حَرِيمُ غَيْرُ  مَصُونِ
رَجْعِيَّةٌ    أَنَّا    نَذَرْنَا     أَنْفُسًا        لِلَّهِ   تَحْيَا   لاَ    لِعَيْشٍ    دُونِ
رَجْعِيَّةٌ   أَنَّ   الرَّسُولَ   زَعِيمُنَا        لَسْنَا  الذُّيُولَ  لِمَارْكِسٍ  وَلِنِينِ
رَجْعِيَّةٌ   أَنَّ   الْجِهَادَ    سَبِيلُنَا        نِعْمَ  الْجِهَادُ   ذَرِيعَةُ   التَّمْكِينِ
رَجْعِيَّةٌ أَنْ يَحْكَمَ  الْإِسْلاَمُ  فِي        شَعْبٍ يَرَى الْإِسْلاَمَ أَعْظَمَ دِينِ
أَوَ لَيْسَ شَرْعُ اللَّهِ شَرْعُ مُحَمَّدٍ        أَوْلَى  بِنَا  مِنْ   شَرْعِ   نَابِلْيُونِ
يَا  رَبِّ  إِنْ  تَكُ  هَذِهِ  رَحْعِيَّةٌ        فَاحْشُرْنِ  رَجْعِيًّا   بِيَوْمِ   الدِّينِ[13]
 

وهَكَذا أيُّها الأحباب، انتهتْ هذه الرِّحلة السريعة التي أطلعتْنا على قليل من الكُنوز التي تزخر بها حضارتُنا الإسلاميَّة المباركة، التي حُقَّ لكلِّ مسلم أن يطاول بيافوخِه عَنانَ السماء فخًرا واعتزازًا أنَّه ينتمي إليها، والغَبنُ كلُّ الغَبن في واحدٍ كرَّمه الله بالانتساب إليها، فأدار وجهَه وولَّى وجهه قِبلَ المشرق تارةً، وقِبل المغرب تارة أخرى، فلعمري هذا هو الضَّلال البعيد.

وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

 

ــــــــــــــــــــــ
[1]  مقدمة ابن خلدون (ص: 646)، ط دار العقيدة بالإسكندرية.
[2]  المصدر السابق (ص: 647).
[3]  انظر مقالات محمود الطناحي (ص: 632).
[4]  فيض القدير (2/ 47).
[5]  المستجاد من فعلات الأجواد (ص: 58)، نسخة إلكترونية من موقع الوراق.
[6]  المستجاد (ص: 3)، نسخة إلكترونية من موقع الوراق.
[7]  وفيات الأعيان (5/313)، ط دار صادر، بيروت.
[8]  سير أعلام النبلاء (13/60).
[9]  سير أعلام النبلاء (12/493).
[10]  جوهر الكنز (ص: 152 – 153)، ط منشأة المعارف بالإسكندرية.
[11]  سير أعلام النبلاء (10/58).
[12]  منهاج الفرقة الناجية للشيخ محمد جميل زينو (ص 142).
[13]  ديوان نفحات ولفحات للدكتور يوسف القرضاوي (ص: 64). 

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • "ذيل لب اللباب في تحرير الأنساب" لابن العجمي
  • هل علمت ما (سفينة الفرج فيما هب ودب ودرج)؟!

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة مجموع فيه: (كتاب الكاشف، وتحفة التحصيل، ومشتبه الأسماء، وذيل الكاشف، وكتاب المدلسين)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • كناشة الحواشي "حواشي كتاب وحي القلم" (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الذيل على ذيل العبر للحافظ العراقي وعبد الغني المرشدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة الذيل على كتاب الضعفاء والمتروكين (المغني)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتاب ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (ت 795هـ / 1393م)(مقالة - موقع د. أنور محمود زناتي)
  • أخبار التراث والمخطوطات (29)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • صدور كتاب (إيفاء الكيل بشرح متن الذيل في فن الضبط) للشيخ عبدالرازق بن علي إبراهيم موسى(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • ابن الأعرابي: دراسة وتحقيق كتاب النوادر وجميع مروياته (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
4- قصة عبد الله بن جعفر مع الغلام السخي
رؤوف بن الجودي - الجزائر 24-02-2014 01:15 AM

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
ذكر أبو هلال العسكري في الكتاب الذي حققة علامة العربية محمود شاكر "فضل العطاء على العسر" ص 22: .. وأعجب من هذا أن عمر بن عبد الله بن معمر مر بزنجي يأكل عند حائط وبين يديه كلب، إذا أكل لقمة طرح له لقمة. فقال له: أهذا الكلب كلبك؟ قال:لا، قال: فلم تطعمه مثل ما تأكل؟ قال: إني أستحي من كل ذي عينين أن أستبد بمأكول دونه.... وفي هذه الرواية زيادة فائدة فاعكف عليها ..

3- تعليق على المقال
أبوخالد - 14 19-12-2010 01:18 AM

مقال جيد لكن في قول الكاتب
• {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189].
يستشهد بعضُ الوعَّاظ بهذه الآية على أنَّ الرجل إذا أراد أن يخطب فتاة، فإنَّ عليه أن يسلك الطريقَ الصحيح في ذلك، بأن يتقدَّم إلى أبيها، أو كما يُعبِّرون "يدخل من الباب مش من الشباك"، والمعنى الذي ذكروه طيِّب وصحيح؛ لكن المشكلة أنَّه لا عَلاقةَ له بالآية الكريمة؛ لأنَّ الآية نزلتْ في الأنصار، حيث كانوا يعتقدون أنَّ المحرِم لا يجوز أن يَحول بينَه وبين السَّماء سقف؛ لذلك كان أحدُهم إذا دخل بيتَه وهو مُحرم، لا يدخله من الباب؛ من أجل السَّقف، بل يرْقى على ظهْر البيت، ويأمر أحدًا فيه بأن يُحضر له حاجتَه.
كاتب
الآية وإن كانت نزلت في حادثة مخصوصة لا يمنع أن نستشهد بها في مناسبة تشبهها والمقرر عند العلماء أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب والله أعلم

2- تعميم غير لائق
ابو البراء - الكويت 15-07-2009 06:24 AM

مقال ماتع ومكنوز بأطايب الافكار والاقوال لكن لي عليه ملاحظتان :
1- وهو في غاية الاهمية اسلوب التعميم الذي ينبغي التنزه عنه لمن يتوخى الدقة في كتابته ( كثير من الخطباء والمشايخ ) ( كثير من الناس ) الا اذا كان يحسب على الدعاة واهل العلم كل من رقي منبرا ، او أمسك ( ميكروفون ) أو تصدر المجالس والفضائيات فهذا امر غير سديد ، خاصة وان بعض الاخطاء لم اسمع بها بله انتشارها ( اقول لم اسمع ) .
2- العبر بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وهذا ينطبق على الآية الكريمة ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها....)
هذا رأيي والله اعلم

1- هام جدًّا
أبو أنس - مصر 12-07-2009 05:34 PM

ما شاء الله، مقال أكثر من رائع، غير أن لي ملاحظة على ما نقله الكاتب من (تصويبات في فهم بعض الآيات)؛ إذ يقول:

"يظنُّ كثيرٌ من الناس أنَّ معنى الآية أنَّ الشيطان يقوم بتخويف أوليائه من الكافرين والمنافقين، ويُلقي في قلوبهم الرُّعب".

فظني أن هذا المعنى مذكور مشهور؛ ذكره ابن جزي الزمحشري، وابن عطية، وغيرهم، ونسبه القرطبي للحسن والسدي، وقال ابن الجوزي: "
والثاني: أن معناه يخوف أولياءه المنافقين ليقعدوا عن قتال المشركين؛ قاله الحسن والسدي وذكره الزجاج" زاد المسير - (ج 1 / ص 507)!]

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب