• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقات الألوكة المستمرة / مسابقة كاتب الألوكة الأولى / المشاركات التي رشحت للفوز في مسابقة كاتب الألوكة الأولى
علامة باركود

كشف الغمة باتباع علماء الأمة

فايز بن حسين الصلاح

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/5/2009 ميلادي - 2/6/1430 هجري

الزيارات: 16111

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كشف الغمة باتباع علماء الأمة
(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)

 

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسلام على أفضل المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
إنَّ الناظر في أحوال المسلمين - وفي ضَوء السنن الشرعيَّة والكونيَّة - يجزم بأنَّ الغُمَّة لا يُمكن أن تنكشفَ عن هذه الأُمَّة، إلاَّ بالعودة إلى الكتاب والسُّنة على فهم سلف الأمة.

ولا يكون ذلك إلاَّ بالارتباط بالعُلماء الرَّاسخين، الذي هو ارتباط بالسلسلة الذهبية المتصلة، التي أخذها العدل عن مثله إلى منتهاها، من غير شذوذ في منهج، أو علة في تأصيل.

فالعالم ينقل عن مثله، عن التَّابعين بإحسان، عن صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ربِّ العالمين أحكم الحاكمين.

ولقد عبَّرَ - عن هذه السلسلة الذهبية - الإمامُ الأوزاعي - رحمه الله - عندما قال: "كُنَّا والتَّابعون مُتوافرين، نقول: إنَّ الله فوق عرشه، ونُؤمن بما وردت به السُّنة من صفاته"[1].

فالأوزاعيُّ أخذ من التَّابعين، وهؤلاء أخذوا من الصحابة - رضي الله عنهم - وهؤلاء عن الذي لا ينطق عن الهوى - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وعندما نقول: إنَّه لا بُدَّ من الارتباطِ بالعُلماء، لا نعني بذلك التعصُّب لهم، كحال المتعصبة من أتباعِ المذاهب الفقهيَّة، ولا كحال المريدين من المتصوِّفة الطرقية، وإنَّما نعني بهذا الارتباط: الاقتداء بهم اقتداء البصير الناقد، لا اقتداء المجادل المعاند، واتِّباع أقوالهم التي أخذوها من الكتاب والسنة، وعدم تجاوزها إلاَّ بدليلٍ يترجح عند طالب العلم، وإذا بان الخطأ منهم، فإننا نرده مع احترامهم وإجلالهم والدُّعاء لهم بالمغفرة.

وذلك لأن الله قد جعل العلماء أدلاءَ على الحقِّ، وسطاء إليه؛ ولكنَّ الضَّلالَ الوقوفُ عندهم من غير دليل واعتبار ذلك هو الشرع.

قال الشاطبي - رحمه الله -: "إنَّ تحكيمَ الرِّجال من غير التفاتٍ إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعًا ضلال"[2].

كذلك تجاوزهم وعدم اعتبارهم وسائط إلى الحقِّ انحرافٌ وضلال؛ قال الشاطبي - رحمه الله -: "إذا ثبت أنَّ الحق هو المعتبر دون الرِّجال، فالحق أيضًا لا يعرف دون وسائطهم؛ بل بهم يتوصل إليه، وهم الأدلاَّء على طريقه"[3].

فلذلك كان الناسُ مع العلماء طرفين ووسطًا: طرفًا فيه إفراطٌ وغلوٌّ، وهم المقلدون المتعصبون، وطرفًا فيه تفريطٌ وجفاءٌ، وهم الأدعياءُ الأصاغر، الذين لا يلتفتون إلى أقوال العلماء، ولا يرفعون لها رأسًا، ويقولون: هم رجالٌ ونحن رجال، والوسط هو العدل وهو منهج الاتِّباع لمنهجهم العام، مع الاعتبار لأقوالهم التفصيليَّة بأدلَّتها من الكتاب والسنة، من غير تعصبٍٍ لها إذا خالفت الكتابَ والسنة، وفي هذا حفظٌ لحق الشريعة وحق العلماء.

قال شيخُ الإسلام - رحمه الله - مؤصلاً لهذا المعنى: "نعوذ بالله - سبحانه - مما يفضي إلى الوقيعة في أعراض الأئمة، أو انتقاص أحد منهم، أو عدم المعرفة بمقاديرهم وفضلهم، أو مُحادتهم، وترك مَحبتهم وموالاتهم، ونرجو من الله - سبحانه - أنْ نكونَ ممن يُحبهم ويواليهم ويعرف من حقوقهم وفَضلهم ما لا يعرفه أكثر الأتْباع، وأن يكون نصيبنا من ذلك أوفر نصيب، وأعظم حظٍّ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لكن دين الإسلام إنَّما يتم بأمرين:
أحدهما: معرفة فضل الأئمَّة وحقوقهم ومقاديرهم، وترك كل ما يجر إلى ثَلْمهم.

والثاني: النَّصيحة لله - سبحانه - ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم، وإبانة ما أنزل الله - سبحانه - من البينات والهدى.

ولا مُنافاةَ أنَّ الله - سبحانه - بيَّن القسمين لمن شرح الله صَدْره، وإنَّما يضيقُ عن ذلك أحد رجلين: رجل جاهل بمقاديرهم ومعاذيرهم، أو رجل جاهل بالشَّريعة وأصول الأحكام"[4].

العلماء هم النجوم وهم أولو الأمر:
قال ابن القيم - رحمه الله -: "فقهاء الإسلام، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خُصُّوا باستنباط الأحكام، وعُنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، فهم في الأرض بمنزلة النُّجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظَّلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب؛ قال الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [النساء: 59]؛ قال عبدالله بن عباس في إحدى الروايتين عنه، وجابر بن عبدالله، والحسن البصري، وأبو العالية، وعطاء بن أبي رباح، والضحَّاك، ومجاهد، في إحدى الروايتين عنه: أولو الأمر: هم العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

وقال أبو هريرة، وابنُ عباس في الرواية الأخرى، وزيد بن أسلم، والسدي ومقاتل: هم الأمراء، وهو الرواية الثانية عن أحمد.

والتحقيق أنَّ الأمراء، إنَّما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء"[5].

وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "وقد كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخلفاؤه الراشدون يَسُوسُون الناسَ في دينهم ودُنياهم، ثم بعد ذلك تفرقت الأمور، فصار أمراء الحرب يسوسون الناس في أمر الدُّنيا والدين الظاهر، وشيوخ العلم والدين يسوسون الناس فيما يرجع إليهم فيه من العلم والدين، وهؤلاء أولو أمرٍ تجب طاعتهم فيما يأمرون به من طاعة الله"[6].

من هم العلماء؟
العلماء الربانيون الملتزمون بنُصوص الكتاب والسنة على فقه سلف الأُمَّة هم ورثة الأنبياء، وهم الطَّائفة المنصورة الظاهرة على الحق، وهم أهل الحديث والأثر، لا أهل الكلام والفكر والنظر.

قال الإمام أحمد - رحمه الله - في حديث الطائفة المنصورة: "إنْ لم يكونوا أصحاب الحديث، فلا أدري من هم"[7].

قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في شأنهم: "فهم أكمل الناس عقلاً، وأعدلهم قياسًا، وأصوبهم رأيًا، وأسدَّهم كلامًا، وأَصحَّهم نظرًا، وأهداهم استدلالاً، وأقومهم جدلاً، وأتمهم فراسة، وأصدقهم إلهامًا، وما نبل الإمام أحمد والشافعي وغيرهما عند الأمة إلا باتباع الحديث والسنة"[8].

فلذلك كان العلماءُ من أهل الحديث والأثر هم النَّاطقون بالحكمة؛ قال أبو عثمان الجبري: "من أَمَّرَ السنة على نفسه قولاً وفعلاً، نطق بالحكمة، ومن أَمَّرَ الهوى على نفسه قولاً وفعلاً، نطق بالبدعة؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54]"[9].

ومن هنا لو كان هناك عالم واحد من أهل الحديث والأثر على وجه الأرض، لكان الواجبُ على أهل الأرض أن يتبعوه؛ لأنَّه هو الجماعة الحق التي أوصى الرسول   - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالتزامها.

قال إسحاق بن راهويه - رحمه الله -: "إنَّ الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة، فإذا رأيتم الاختلاف، فعليكم بالسواد الأعظم، فقال رجل: يا أبا يعقوب، من السواد الأعظم؟ فقال: محمدُ بن أَسلم وأصحابه ومن تبعه، ثم قال: سأل رجلٌ ابنَ المبارك، فقال: يا أبا عبدالرحمن، من السواد الأعظم؟ قال: أبو حمزة السكري، ثم قال إسحاق: في ذلك الزمان يعني أبا حمزة، وفي زماننا محمد بن أسلم ومن تبعه، ثم قال إسحاق: لو سألت الجُهَّال: من السواد الأعظم؟ قالوا: جماعة الناس، ولا يعلمون أنَّ الجماعة عالم متمسك بأثر النبي - صلى الله عليه وسلم - وطريقه، فمن كان معه وتبعه فهو الجماعة، ومَن خالفه فيه ترك الجماعة، ثم قال إسحاق: لم أسمع عالمًا منذ خمسين سنة أعلم من محمد بن أسلم[10].

قال الشاطبي - رحمه الله -: "فانظر في حكايته تتبين غلط مَن ظنَّ أنَّ الجماعة هي جماعة الناس، وإن لم يكن فيهم عالم، وهو وهم العوام لا فَهْم العُلماء، فليثبت الموفق في هذه المزلة قدمه؛ لئلا يضل عن سواء السبيل، ولا توفيق إلا بالله"[11].

وعلق ابنُ القيم - رحمه الله - على كلام إسحاق بن راهويه قائلاً: "وصدق والله، فإنَّ العصرَ إذا كان فيه عارفٌ بالسنة داعٍ إليها، فهو الحجة وهو الإجماع، وهو السواد الأعظم، وهو سبيلُ المؤمنين التي مَن فارقها واتَّبع سواها، ولاَّه الله ما تولَّى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا"[12].

وقال في موضعٍ آخر: "إنَّ الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق، وإن كان وحْدَه، وإن خالفه أهل الأرض... وقد شذَّ الناس كلهم زمن أحمد بن حنبل إلاَّ نفرًا يسيرًا، فكانوا هم الجماعة، وكانت القضاة حينئذ والمفتون، والخليفة وأتباعه هم الشاذُّون، وكان الإمام أحمد وحدَه هو الجماعة"[13].

وهذا الكلام يصدقه أثر ابن مسعود - رضي الله عنه - إذ يقول: "الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك"[14].

متى يكون العالم عالمًا؟
العلم ليس بالادِّعاء، وإنَّما هو شهادة من أهل الاختصاص، فكما أنَّ الطبيب لا يكون طبيبًا إلا إذا شهد له الأطباءُ بذلك، كذلك العالم لا يكون عالمًا إلا إذا شهد له أهل الشأن بذلك.

قال الشاطبي - رحمه الله -: "والعالم إذا لم يشهدْ له العلماء، فهو في الحكم باقٍ على الأصل من عدم العلم، حتَّى يشهدَ فيه غيره، ويعلم هو من نفسه ما شهد له به، وإلا فهو على يقين من عدم العلم"[15].

قال مالك - رحمه الله -: "ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك"[16].

فانظر - رحمك الله - إلى كلام الإمام مالك، ثُمَّ انظر إلى الذين تجرؤوا على الفتوى، من غير أنْ يشهدَ لهم أحد من أهل العلم بذلك، ثم هو يخوض في النوازل التي لا يقدر على الكلام فيها إلاَّ خواص أهل العلم.

العلماء الراسخون هم وحدهم الذين يشخصون أمراضَ الأُمَّة، ويصفون لها الدواء:
قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وأهل الذِّكر هم العلماء الراسخون في كتاب الله وسنة رسوله   - صلَّى الله عليه وسلَّم.

وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [النساء: 83].

قال الشيخ عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - في تفسيره: "هذا تأديبٌ مِنَ الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق، وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة، وما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة، عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر؛ بل يردُّونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهل الرأي والعلم والنُّصح والعقل والرَّزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها، فإن رأوا في إذاعته مصلحة أو فيه مصلحة، ولكن مضرته تزيد على مصلحته - لم يذيعوه.

ولهذا قال: ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾؛ أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السَّديدة وعلومهم الرَّشيدة، وفي هذا دليل لقاعدة أدبية، وهي إذا حصل بحثٌ في أمرٍ من الأمور، ينبغي أن يتولَّى مَن هو أهل لذلك، ويُجعَلُ من أهله، ولا يتقدَّم بين أيديهم، فإنَّه أقربُ إلى الصواب، وأحرى للسلامة من الخطأ، وفيه النهي عن العجلة والتسرُّع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمُّل قبل الكلام، والنَّظر فيه هل هو مصلحة، فيقدم عليه الإنسان أم لا، فيحجم عنه؟"[17].

وقال ابنُ القيم - رحمه الله -: "العالم بكتاب الله، وسنة رسوله، وأقوال الصَّحابة، فهو المجتهد في النوازل، فهذا النوع الذي يسوغ لهم الإفتاء، ويسوغ استفتاؤهم، ويتأدَّى بهم فرض الاجتهاد"[18].

"والنوازل: هي الوقائع والمسائل المستجدة، والحادثة المشهورة بلسان العصر باسم النظريَّات والظواهر"[19].

وقال شيخ الإسلام في معرض كلامه عن الجهاد: "وفي الجملة، فالبحث في هذه الدقائق من وظيفة خواص أهل العلم"[20].

وقد ضيَّع كثير من المسلمين هذه الشُّروط، مما كان له أثر سلبي في واقعهم المشاهد؛ قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا يزال الناس صالحين مُتماسكين، ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا"[21].

وما أكثر الأصاغر الرويبضات، الذين يتكلمون في أمرِ العامَّة، فيفتون بغير علم، فيَضلون ويُضلون[22].

قال مالك - رحمه الله -: "بكى ربيعة[23] يومًا بكاءً شديدًا، فقيل له: أمصيبة نزلت بك؟ فقال: لا، ولكن استفتي مَن لا علمَ عنده، وظهر في الإسلام أمر عظيم"[24].

فليتَّقِ الله مَن يُسارع في الكلام في قضايا خطيرة مُتعلقة بالأمن والخوف، لو وردت على عمر - رضي الله عنه - لَجَمَعَ لها أهلَ بدر[25].

الطعن في العلماء:
إن القدح في العلماء سبيلٌ من سُبُل أهل الزيغ والضَّلال، والطعن فيهم ليس طعنًا في ذواتهم، وإنَّما هو طعن في الدين والدَّعوة التي يحملونها، والملة التي ينتسبون إليها[26].

"ولعظم الجناية على العُلماء صار من المعقود في أصول الاعتقاد، ومَن ذكرهم بسوء، فهو على غير سبيل"[27].

قال في "الطحاوية": "وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء، فهو على غير السبيل"[28].

قال الحافظ ابن عساكر الدمشقي - رحمه الله -: "واعلم يا أخي، وفَّقنا الله وإيَّاك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حقَّ تقاته: أنَّ لحوم العلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتك أستار مُنتقصهم مَعلومة؛ لأنَّ الوقيعةَ فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناوُل لأعراضهم بالزُّور والافتراء مرتع وخيم، والاختلافُ على مَنِ اختاره الله منهم، لنشر العلم خلق ذميم"[29].

وقال عبدالله بن المبارك - رحمه الله -: "حق على العاقل ألاَّ يستخفَّ بثلاثة: العلماء، والسلاطين، والإخوان؛ فإنَّه من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالسلطان ذهبت دُنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مُرُوءته"[30].

ولقد انتشر - للأسف - الطعن في العُلماء الكبار المعاصرين، في أوساطِ كثير من الشباب الثَّائر المتحمس، وذلك باتِّهامهم بالجهالة في فقه الواقع أحيانًا، والعمالة والمداهنة أحيانًا أخرى؛ بل وصَلَ ببعض الهالكين إلى رميهم بالكُفر والزندقة، والعياذ بالله.

ومُراد هؤلاء بهذا الطعن: إسقاط العلماء؛ حتى لا يُلزموا باتباع فتاواهم في القضايا الخطيرة، التي تتعلق بالأمة.

قال البقاعي - رحمه الله -: "إنَّ ردَّ علمِ العلماء وعدم الاقتداء بهم هو تبديلٌ لنعمة الله - عز وجل"[31].

وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: "فيجبُ على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله موالاةُ المؤمنين، كما نطق به القرآن، خصوصًا العلماءَ الذين هم ورثة الأنبياء، الذين جعلهم الله بمنزلة النُّجوم يُهتدى بهم في ظلمات البر والبحر، وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم؛ إذ كل أمة قبل مبعث محمد، فعلماؤها شرارها إلاَّ المسلمين، فإن علماءهم خيارهم، فإنهم خلفاء الرسول في أمته، والمحيون لما مات من سنته، بهم قام الكتاب، وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب، وبه نطقوا"[32].

فيجب علينا - معشر المسلمين، وخاصة طلبةَ العلم منا - أن نسير في فلك العلماء الراسخين، من غير تعصُّب لهم ولا جفاء لأقوالهم، والدِّفاع عنهم ورد هجوم الطاعنين فيهم؛ لأن هذا من تعظيم شعائر الله؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 


[1] أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"، 2/304، وانظر: "العلو"، للذهبي، 2/940.
[2] "الاعتصام"، للشاطبي، 2/872.
[3] "الاعتصام"، 2/880.
[4] "الفتاوى الكبرى"، 3/177 - 178.
[5] "إعلام الموقعين"، 2/14.
[6] "الفتاوى، 11/551.
[7] رواه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث"، رقم: 48.
[8] "الفتاوى"، 4/8.
[9] "الاعتصام"، 1/128.
[10] أخرجه أبو نعيم في "الحلية"، 9/238.
[11] "الاعتصام"، 2/778.
[12] "إغاثة اللهفان"، 1/70، دار المعرفة، بيروت.
[13] إعلام الموقعين3/397.
[14] تهذيب الكمال للمزي22/264265.
[15] "الاعتصام"،2/778.
[16] رواه أبو نعيم في "الحلية" (6/316)، والخطيب في "الفقية والمتفقه"رقم 1037 وهو صحيح.
[17] "تيسير الكريم الرحمن"، 2/112-114.
[18] "إعلام الموقعين"، 4/212.
[19] "فقه النوازل"، بكر أبو زيد، 1/8.
[20] "منهاج السنة"، 4/504.
[21] رواه عبدالرزاق في "المصنف"، 11/249، 257.
[22] قال الشافعي في "مختصر المزني"، ص: 315: "ولا يشاور إذا نزل به المشكل، إلاَّ عالمًا بالكتاب، والسنة، والآثار، وأقاويل الناس، والقياس، ولسان العرب".
[23] هو ربيعة بن أبي عبدالرحمن فروخ التيمي مولاهم، أبو عثمان المدني، المعروف بربيعة الرأي؛ قال يعقوب بن شيبة: ثقة ثبت، أحد مفتي المدينة، وقال عبدالعزيز بن أبي سلمة: يا أهل العراق تقولون: ربيعة الرأي، والله ما رأيت أحدًا أحفظ لسنةٍ منه، وقال ابن سعد: توفي سنة 136 بالمدينة، وقال ابن حبان في "الثقات": توفي سنة 133. انظر: "تهذيب التهذيب"، 3/223.
[24] "الفقيه والمتفقه"، للبغدادي، رقم: 1039.
[25] وهذه الكلمة لأبي الحصين الأسدي الكوفي، عثمان بن عاصم، الذي توفي سنة 128هـ، قال : "إنَّ أحدهم ليفتي في المسألة، ولو وردت على عمر بن الخطاب، لَجَمع لها أهل بدر"؛ "تهذيب الكمال"، 19/406.
[26] "قواعد في التعامُل مع العلماء"، ص: 101.
[27] "تصنيف الناس"، لبكر أبو زيد، ص: 6.
[28] "شرح العقيدة الطحاوية"، 2/740.
[29] "تبيين كذب المفتري"، ص: 28.
[30] "سير أعلام النبلاء"، 17/251.
[31] "مصاعد النظر"، للبقاعي، 1/108.
[32] "مجموع الفتاوى"، 20/232.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل العلم والعلماء
  • من يحمي "حقوق العلماء"؟
  • احتفاء الإسلام بالعلم والعلماء
  • ألسنة تهاجم العلماء .. إصلاح أم إسقاط!
  • العلماء ورثة الأنبياء
  • الدعوة إلى فقه الواقع بين التنظير والتطبيق
  • أمة لا يموت اجتهادها
  • واجب الأمة تجاه علمائها
  • أثر الحوافز الدينية في ابتكارات علماء الأمة
  • اتفاق علماء الأمة على حجية السنة

مختارات من الشبكة

  • كشف الالتباس عن " كشف الالتباس "(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور الأئمة في جمع الأمة وكشف الغمة ودفع الملمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة سراج الأئمة في تخريج أحاديث كشف الغمة للشعراني (النسخة 5)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة كشف الغمة في اعتقاد أهل السنة(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أسرار كشفها كتاب " النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة "(مقالة - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • كشف الأستار عن الذين حرم الله أجسادهم على النار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كشف القناع عن بلاد الأحلام(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كشف المنافقين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • كشف الإبهام والإعواص في خبر إسلام عمرو بن العاص(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كشف شبه أهل الكتاب عن الإسلام (13 شبهة) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- النهاج الحق
حازم - اليمن 20-05-2011 04:21 PM

إن القدح في العلماء سبيلٌ من سُبُل أهل الزيغ والضَّلال، والطعن فيهم ليس طعنًا في ذواتهم، وإنَّما هو طعن في الدين والدَّعوة التي يحملونها، والملة التي ينتسبون إليها
كلام جميل ولكن من يقتدي من يفهم فهم الصحابة والتابعين وتابع التابعين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب