• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقات الألوكة المستمرة / مسابقة كاتب الألوكة الأولى / المشاركات التي رشحت للفوز في مسابقة كاتب الألوكة الأولى
علامة باركود

إبحار في قلب المؤمن

فاطمة عبدالمقصود

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/4/2009 ميلادي - 3/5/1430 هجري

الزيارات: 48948

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إبحار في قلب المؤمن
(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)


الحمدُ لله والصَّلاة والسلام على مَنْ كان خُلُقُه قرآنًا، وقوله تِبْيانًا، وهديه دليلًا ونورًا وهداية، وعلى آله وصحبه وسلم.

أمَّا بعد:

فإنَّ مِمِّا ابتُلي به النَّاس في عصرنا: ضياعَ كثيرٍ من الخُلق الإسلامي الرَّفيع؛ لِخُلُوِّ القلب من المعاني الإيمانيَّة التي تَمُدُّ الإنسانَ وتُثريه بالطيِّب من القول، والزاكي من الأفعال، فكان طبيعيًّا أن تزيد مصائبُنا ونشعر بالغيمة السَّوداء فوق رؤوسنا؛ لسوء أفعالنا وانتكاس الفِطَر السويَّة؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، والله سبحانه يضع لنا قاعدة مُهمَّة في استنقاذ البشريَّة وإحيائها من جديد، ألاَ هي: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

فإذا أردنا عُلُوَّ الرُّوح وانطلاقها، وإذا أردنا قلبًا مُتَلألِئًا بالأنوار الرَّبانية، فلْنبحر في قلب المؤمن؛ لنستخرج مادة بقائه، وزادَ روحه على الطريق، ذلك المؤمن الذي باع نفسه لله واشترى الجنَّة، ذلك المؤمن الذي جعل حياته وَقْفًا لله تعالى المؤمن الذي يتلمَّس مواضعَ خطوات النبي الكريم صلَّى الله عليه وسلم ليطابق موضع القدم القدم، في قلب ذلك المؤمن يشرق الإيمان، وتفيضُ الحِكْمة، ويَفوحُ عطر اليقين.

إنَّها اللآلئ الإيمانيَّة التي لا يخلو منها قلب مُؤمن هِمَّتُه جنَّة ورضوان، وأوَّل تلك اللآلئ التي يزخر بها بحر الإيمان الرَّائق لؤلؤة الإخلاص، وتسطع من بعدها لؤلؤة الصَّبر، ومع استمرار توهُّج الصبر تظهر في ألق لؤلؤة الثَّبات، وقبل أن ينتهي إبحارنا تغشى أبصارنا في نورانيَّة مُشرقة لؤلؤة الرضا.

سنفتح تلك الأصداف؛ لنحيا مع إشراقة تلك اللآلئ؛ عَلَّ قلوبنا جميعًا تصير قلبَ ذلك المؤمن الزَّاخر باللآلئ المنيرة.

لؤلؤة الإخلاص:
حين يعرف المؤمن مقام الله عزَّ وجلَّ ويدرك فضله ونعمه وآلاءه، حين يُحب مولاه ويذوب شوقًا إليه، تكون معاني الإخلاص قد تمكَّنت منه، أليس الإخلاصُ سرًّا بين العبد وربه؟ فما عساه أن يكون ذلك السر؟ إنَّه القلبُ الذي أحب فتعلق، فلم يعُدْ يبصر بعَيْنَيْ ذلك القلب غير المنعم المتفضل، غير الودود الرحيم، إنَّ كُلَّ أعين النَّاس لا تعنيه في شيء؛ فهو متطلع إلى نظر العَلِيِّ الكبير، من يعطي بغير حساب ويمنح كيف يشاء.

والإخلاص ثمرة من ثمرات شجرة اليقين، فهو يرى يوم الجزاء ماثلًا أمام عينيه، يرى نهايته القريبة ولا يغيبُ عن ذهنه جنَّة ولا نار، فيقوده يقينه إلى إيثار النَّعيم الخالد على زائل زائف.

ولم يكن سير الصَّالحين إلى الله سبحانه وتعالى بغير ذلك الإخلاص، فهو شرطُ قَبول الأعمال ودليل على صحَّتها، فكيف يَرْضَوْن بمقامرة رخيصة تضيع فيها الأعمار سُدًى، وهناك من يَمنح الجزاء الوافي، ليس على العمل التعبدي فحسب؛ بل على كل لحظة تمر بالمرء في حياته كلها، والعمر بأكمله قد يكون خالصًا لوجه الله إذا كانت نية صالحة تسبق كل عمل معتاد؛ كنوم وطعام وشراب... إلخ.

ألا ما أعظمَ فضلَ الله! وما أيسر رحمته! ولكن النفس المثقلة بالمُتَعِ والشَّهوات لا تنتبه لذلك الفضل، فتسعى إلى طلب حظوظها وموافقة أهوائها، وكُلُّنا تلك النفس إن لم نهذب طبائعها ونروضها على العطاء وترك الأخذ.

ولأن النَّفس جُبِلَت على طلب حظِّها من المدح والثَّناء وطلب الرفعة؛ كان أشقُّ شيءٍ عليها هو الإخلاصَ، وكان ما يُميِّزها أيضًا إذا استقامت وارتفعت، كان أشقَّ شيءٍ عليها؛ لأنَّه ترك لذلك جميعًا، إنَّه ملاحقة ومطاردة لكل بادرة من شأنها أن تُلوِّث صفاء التوجه القلبى إلى الله تعالى من هنا كان الإخلاص أعلى المراتب وأولاها في مقام السير إلى الله؛ ولذا كان الحديث الشريف: ((إنَّما الأعمال بالنيات، وإنَّما لكل امرئ ما نوى...))[1] - هو ميزانَ صلاح الأعمال في الدنيا، ونجاة العبد في الآخرة، فالنيَّة وحدها هي التي تحدد صلاح العمل وقبوله، فقد نرى العمل واحدًا، والوجهة واحدة.

ولكن المقاصدَ هي التي تفرِّق، وكُلَّما كان العمل عظيمًا وجليلًا، كان الإخلاص آكد وأوجب؛ لذلك كان أوَّلُ من تُسعَّر بهم النَّار: عالمًا، وشهيدًا، وقارئًا، فالذي يتعلَّم العلم - مثلًا - ليكون رسولَ رسولِ الله قد يرفعه الإخلاصُ إلى مرتبة العُلماء العاملين، الذين هم ورثة الأنبياء، أو يحبط الرِّياءُ عملَه، فيصير هباءً منثورًا، ويكون من حطب جهنم يوم القيامة، أعاذنا الله منها.

أمَّا داعية الخير والحق، فإنَّ قلبه لا يتَّسع لاثنين: إمَّا إخلاص وصدق تَوَجُّه، وإمَّا حظوظ النفس وطلب رفعتها، وصاحب القلب المخلص هو الحريص على ألا يُعرف، وأن يكون عمله في صمت وخفاء؛ كي لا يحبطه رياء أو حب ظهور، وقدوته في ذلك الصَّحب الكرام، ومن بعدهم سلف الأمة الصَّالح، فقد رأى عمرُ بن الخطاب معاذَ بن جبل يبكي عند قبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال: ما يُبكيك؟ قال: سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ اليسير من الرِّياء شرك، وإن الله يُحِبُّ الأتقياء الأخفياء، الذين إن غابوا لم يُفتقدوا، وإن حضروا لم يُعرفوا، قلوبُهم مصابيحُ الهُدى، ينجون من كلِّ غبراء مظلمة))[2].

أما من اشتبه عليه الأمر، فتأتي الفتن التي تصهر المعادن، والابتلاءات التي تميز الخبيث من الطيب، فمن اختلطت عليه النوايا ولم يستطع استنقاذ نفسه، فإنَّ سقوطه سيكون عند أول منعطف يتميز فيه الرِّجال، ومن صمد لها وتطهر بها، فهو الذي جاهد نفسه حتَّى خلصت له.

وعند اختبارات الصمود هذه تأتي لؤلؤتُنا الثانية وهى الصبر.

لؤلؤة الصبر:
والصبر لم يخلق إلا للنُّفوسِ الكبيرة، التي تستطيع أن تستعلي على كُلِّ ابتلاء وهَمٍّ، فتصبر وتحتسب عند الله كل ما تلاقيه من عناء وكبد، إنَّها هي الدُّنيا، الاختبار الكبير، وكيف يكون الاختبار دون فتن وابتلاءات ومحن تحتاج إلى صبر؟ فلو تأملنا كُلَّ لحظة لنا في الحياة، لوجدناها تحتاج إلى هذا المعنى الإيماني الراقي.

فعباداتنا صبر لا يصمد له إلاَّ الخاشعون، وتركنا لكل ما نهى الله عنه صبر لا يصمد له إلا أصحاب الهمم، والابتلاءات بكل أنواعها صبر على ما نكره لا يصمد له إلاَّ أصحاب العزائم؛ ولذا أكَّد الله حبه للمؤمنين الصابرين؛ ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]، ثم بشَّرهم بعظيم أجره؛ ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155]، ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، فمن عظم ثواب الصَّابرين خفاء أجره؛ ليظل الصَّابرون متطلعين إلى الجزاء الأوفى من ربهم، لا ينظرون إلى دنيا، ولا يأبهون لعَرَض.

والصبر لازمٌ من لوازم المؤمن، الذي نذر نفسه جنديًّا في قافلة الدَّعوة المباركة، فهو لا بُدَّ متعرض للإيذاء والابتلاء وغير ذلك من أشواك الطَّريق، فإذا صبر وتَحمَّل ومضى بثبات وعزم فهو على الطريق، وستمنحه تلك الملمَّات عزمات جديدة، يمضي بها شامخَ الرَّأس، مرفوعَ الجبين، فصبره دليلُ صِدْق وإخلاص، بل هو مدرسته التي يتخرَّج فيها بطلًا مستهينًا بالأخطار، وبكل ما ينال من تألُّق روحه وإشراقها.

وصبر المؤمن ضياء؛ لأنَّه يمنعه أن يمضيَ مع الجاهلين في سوء أدبهم، فيحلم عليهم ويتصبر، ويمنعه أيضًا من جَزَعٍ يُفقده الصَّواب والاتِّزان؛ بل يَحفظ روحه ساكنةً هادئة موقنة بأنَّ ما تلقاه هو الخير، ما دامَ المُبْتَلِي هو المتفضلُ وصاحبُ النعم والمنن الكثيرة، وحقيقة الصَّبر في عقله: ألاَّ يكون هناك تَشَكٍّ وتذمُّر، أو جَزَعٍ مُتَّصل يعلم به القاصي والدَّاني.

فإذا استعلى المؤمن وصَبَرَ، كان عليه وهو يمضي على ذات الطَّريق أن يتجمَّل بلؤلؤتنا الثالثة، بالثبات.

لؤلؤة الثبات:

لأنَّ القلبَ أسرعُ تقلُّبًّا من القِدْر في غليانها، فإنَّ الثباتَ يكون هَدِيَّةَ الله للمؤمنين المخلصين، فالثَّبات يحتاج إلى قُوَّةٍ في العقيدة لا تتأثر بما تُلاقي من فِتَن، فلا تغييرَ ولا تبديلَ؛ بل وقوفٌ في وجه الباطل إلى آخر لحظة، ثبات كثبات سَحَرَة فرعون أو أصحاب الأُخدود، لا تراجعَ إلى اللحظات الأخيرة.

وليس الثَّبات في المحن فحسب، بل إنَّ عَظَمَةَ القلوب المؤمنة أنَّها في وقت الرَّخاء أو الشِّدَّة لا تستجيب لنزعات النَّفس وأهوائها المظلمة؛ بل تثبت على المنهج، وإن بَدَّلَ النَّاس كلهم أو غَيَّروا، فتصير بذلك علامات يقتدي بها السائرون على الطَّريق، ففي كلتا الحالين ثباتٌ، ظلمات المحن التي يتقلَّب فيها لا يرى بارقة أَمَلٍ أو نصر؛ غَيْرَ يقينٍ غرسه في أعماق نفسه، أو مُغريات تزوغ لها الأبصار، وتتهافت أمامها القلوب الخاوية.

إنَّه الصِّدْقُ مع الله؛ ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23]، صِدْقُ نِيَّة خَلُصَ بها القلبُ، وصِدْقٌ تتحرك به الجوارح.

ويظهر ثباتُ القلب المؤمن حين يمضي الأحباب وتتفرَّق الجموع، ويبقى هو وحيدًا غير آبهٍ لغربة أو كربة، فوعدُ الله أمام عينيه يقين، وتحقيقه قريب، حسبه أن يظلَّ سائرًا ثابتًا رافضًا لكُلِّ ما ينال من عزمات قلبه المتوضأ.

فالمؤمن في ثباته واحتماله للمكاره ينظُرُ إلى غاية قريبة في نفسه وقلبه، وما دامت في قلبه فإنه سيحرص على أنْ يقيمَ على الأرض دعائمَ راسخةً ثابتة للحقِّ، لا تزعزها الرِّياح الهوجاء، ولا ينال من عَلْيَائِها الجهلاء والحاقدون.

وللثَّبات فضلٌ علينا جميعًا، فلولا رجالٌ حملوا هذا الحقَّ وهذه الدَّعوة المباركة، فحفظوها وثبتوا عليها شرعًا ومنهاجًا - ما كانت الأجيال المتتابعة من بعدهم تنعم بصَحْوة إسلاميَّة رشيدة.

وعندما يتزيَّن قلبُ المؤمن بالإخلاص، وتتجمَّل جوارحه بالصبر، ويتلألأُ بين الآخرين بثبات لا يتزعزع، كان ختام النُّور الساطع لؤلؤة الرضا.

لؤلؤة الرضا:
فالمؤمن الذي صبر واحتسب وثبت عند الشدائد قد رَضِيَ قضاءَ الله وقَدَرَه، فرَضِيَ قبل القضاء بنية صادقة في قلبه، ورضي بعد القضاء في أدب وحب، رَضِيَ لأنَّ صاحبَ الملك أراد وإرادته هى الخير، وهي كل ما يصلح لنا؛ بل إنَّه قبل ذلك قد رضي بالله ربًّا ومدبِّرًا للكَوْن، فرضاؤه وتسليمه هو بعضُ إيمانه وثمرة من ثمرات توكُّله وركونه إليه.

يمضي المؤمن الحق بهذا الرضا رابطَ الجأش، ثابتَ الْجَنَانِ، قويًّا في الحقِّ لا يأبه للمنغِّصَات التي لا بُدَّ أن تلاقيه تمحيصًا واختبارًا.

والرضا باب كبير من أبواب السَّعادة لا يدخل منه إلاَّ أصحابُ الاصطفاء، فقد يصبرُ العبد ويحلم ويثبت؛ ولكنَّه لا يكون راضيًا، ويظلُّ يحمل في صدره أنات وزفرات وحمم تقذف بعد حين.

إن شأن المستعلي في إيمانه، الراضي عن الله في حكمه شأنُ يعقوب عليه السلام: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86]، ولسانُ حالِه: رضيتُ فلا شكوى ولا ضجر، قلبٌ لا يعرفُ الجفاء ولا البذاء، يرى الله هو المنعم والمتفضل، فيؤوب إليه بقلب يقول: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].

فإذا رضي بالله، ورضي عن الله، امتلأ قلبُه وعقله وكِيانه بالرِّضا، فكان رضيًّا، يشعُّ نورًا على من حوله، ويسقيهم من بحر إيمانه الزَّاخر لآلِئَ الرِّضا واليقين.

وما زالَ قلبُ المؤمن الحق مَعِينًا لا ينضُب من معاني الإيمان، التي تبقيه على الطريق ثابتًا صلبًا، مُتوجِّهًا إلى غاية عظيمة هي جِنَانُ الله وفِرْدَوْسُهُ الأعلى.

 


 

[1] رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

[2] الراوي: معاذ بن جبل، المحدِّث: المنذري، المصدر: "الترغيب والترهيب"، خلاصة الدَّرَجة: "إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • واجب السبت
  • خواطر عن الحجاب
  • إنها زوجتي!!
  • انحسار
  • الرائد لا يكذب أهله
  • فقه منازعة الفقر بالإبداع
  • الغزو الإيديولوجي، والتطبيع الثقافي
  • حكمتي إليكِ
  • ثورة الشك
  • الوقف: شِرْعة ومفخرة
  • الكبائر وحكم مرتكبها
  • ديمقراطية أبناء الصحراء
  • عام تحت الحصار
  • ضيف على الرصيف، ولا من مُضيف! (قصة قصيرة)
  • هكذا أدبتني شريعة الحياة
  • أنجح الزوجات أفضلهن تدبيرًا لمملكتها
  • الصداقة.. ما لها وما عليها
  • جزيرة الحب
  • لا أعرف
  • الحوار الحضاري
  • حكاية قدوة (أنا والفجر)
  • أدب الحوار
  • ابدئي في التغيير الآن
  • نحو عرب مسلمين جدد
  • لغة "الضاد" على مائدة "شامبليون"
  • الإرجاف
  • الآثار المترتبة على تخلي المرأة عن موقعها
  • العبادة وأثرها في إصلاح الفرد والمجتمع
  • إدارة المشكلات والخلافات وآليات الحل
  • قصة شعب
  • تحرير البناء الفكري للشخصية من سلطان الطباع
  • أفرأيتم الماء الذي تشربون؟!
  • ترتيب أولوياتك أعظم أسباب نجاحك
  • تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار (قصة)
  • نظرة حول الحكايات الساخرة
  • نخلة في بلاد بعيدة (قصيدة)
  • فنجان قهوة (قصة)
  • دعوتي وبريدي
  • الوظيفة الكونية والحضارية للعقل في الإسلام
  • الأسرة في التصور الإنساني
  • كنز الكتب (قصة)
  • عرض كتاب: (الفساد والاقتصاد العالمي)
  • خواطر نفس
  • بين الاستثناء والوصف والبدلية
  • اتجاهات الأدب الفرنكوفوني في المغرب العربي
  • يوم عرسي (قصة قصيرة)
  • حرب الحجاب.. والقابضات على الجمر
  • التعليم وتحديات عصر جديد
  • أيهما نورث أولادنا
  • رهين الضنى والسهاد (قصة)
  • النية روح العبادة
  • ثورة الجمل (قصة)
  • العقيدة أساس الإيمان ولبه
  • المعلوم من الدين بالضرورة
  • ركن الجوار: الفن التعبيري في خدمة التنمية
  • منظمة تعيد البشرية إلى عصور الرق والعبودية!
  • الكلاب اللاعقة
  • الإرجاف
  • المجلة الزيتونية، مجلة أقدم الجامعات الإسلامية
  • الطريق إلى حسن التبعل وسعادة الزوجين
  • ليل الحقيقة (قصيدة)
  • الأديب
  • ملاك بكف الموت (قصيدة)
  • إخضاع العلوم الإنسانية للشريعة الإسلامية فريضة شرعية
  • فتيلنا المنتهك حرمته
  • حوار النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصغار
  • منظومة "تحفة الخطباء"
  • فضل المعلِّم (قصيدة)
  • طفل وحجر (قصيدة)
  • ضحولة مفرطة لآمال مغرقة
  • إلى بابا الفاتيكان "بندكت 16" (قصيدة)
  • حوار مع قلبي
  • رسالة القلب في الحياة
  • في المؤمن الصادق

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث أبي هريرة: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فهم واقع الحياة في قصة صاحب الجنتين: تفكير المؤمن وتفكير غير المؤمن في قصة صاحب الجنتين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفكير المؤمن وتفكير غير المؤمن: التفكير الكلي والتفكير الجزئي(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • حديث: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المؤمن للمؤمن كالبنيان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من هدايات السنة النبوية (17) المؤمن للمؤمن كالبنيان(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • حديث: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • كيف تخرج روح المؤمن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدأ الإبحار في عرض المحيط وبدأ الربان يشعر بالأمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإلحاد وحقيقة الإيمان في قلب المؤمن(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)

 


تعليقات الزوار
2- جميل هذا الموضوع جدا
نديم الليل - -- 29-12-2014 08:24 PM

لا أريد أن أطيل عليكم ولكن الثمرات والثمار من إخلاص وثبات وصبر ..ما أجملها وألذها من ثمار
ذات لون وطعم ورائحة فةاحه .......يا رب تمتعنا بأسماعنا وابصارنا وقواتنا أبدا ما أبقيتنا يا رب العالمين ...

1- أحسنتِ .. أحسن الله إليك
رجاء محمد الجاهوش - الكويت 29-04-2009 05:43 AM

-

أختي العزيزة فاطمة
مقال طيّب، ولغة راقية، ورحلة ماتعة نافعة في قلب من أنقى القلوب ـ قلب المؤمن.

[وللثَّبات فضلٌ علينا جميعًا، فلولا رجالٌ حملوا هذا الحقَّ وهذه الدَّعوة المباركة، فحفظوها وثبتوا عليها شرعًا ومنهاجًا - ما كانت الأجيال المتتابعة من بعدهم تنعم بصَحْوة إسلاميَّة رشيدة.]

وقفتُ هنا مُتأمّلة...
جميل جدًّا هذا المعنى وهذا الوفاء؛ فلولا رجال ثبتوا وصدقوا ما عاهدوا الله عليه لضاعت الأمانة، وتاهت الأجيال!

اللهم إنّا نسألك الصّدق والإخلاص في القول والنِّـيَّة والعمل، والثَّـبات على دينك، والرضا بقضائك وقدرك.. رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبيًّا ورسولا.

جزاكِ الله خيرًا، وبارك فيكِ وفي مدادكِ
دمتِ في سداد

-

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب