ملخص بحث: الاتجاهات الفكرية والسلوكية لدى الشباب والمراهقين (بحث ثاني)

ملخص البحث

لاتجاهات الفكرية والسلوكية لدى الشباب والمراهقين

(بحث ثاني)

هو عرضٌ لأهم التوجُّهات الفكريَّة المعاصرة لدى الشباب والمراهقين، ودراسة أثرها السلبيِّ على المراهقين في الأسرة المسلمة، التي أسست على المنهج الذي رسمه الإسلام، وحَرَصت على تجسيده واقعًا حيًّا في كل صغيرة وكبيرة من شؤون حياتها، وتعتبر من أقوى جبهات المقاومة للغزو الفكري؛ حيث إنها بمثابة الحصن الحصين الذي يصدُّ هجمات المعتدِين.

لكن وللأسف الشديد بدأ التصدُّع والوهن يدبُّ في أوصال الأسرة المسلمة، بعدما بعدت عن أحكام الإسلام، بفعل الهجوم المركَّز الذي شنه غُزَاة الفكر عليها، وأصبح قيامُها بدورها في المقاومة مرهونًا بعودتها إلى صورتها المُثْلَى التي رسمها الإسلام، وضرورة تطبيق المنهج الإسلامي في تكوين الأسرة.

فكما هو معروف أن (الوقاية خير من العلاج)، وتكوين الأسرة من البداية على أسس إسلامية يعطيها مناعة ضد ما يراد بها من تغيير ملامحها الإسلامية، وذلك لمعرفة مقدار التمزق والضياع الذي آلت إليه، تحرزًا من نفس المصير، أو الوصول إلى نفس النتيجة في حالة استمرار عقدة التقليد الأعمى لكل ما يصدره الغرب إلينا.

وأن يستشعر الآباء المسؤولية تجاه الأبناء، تلبيةً لمقتضى الفطرة الأبوية، وامتثالاً لأوامر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ورغبة في الثواب، ورهبة من العقاب.

واستشعار الآباء بمسؤوليتهم عن الأبناء، تترتب عليه عدة أمور غاية في الأهمية في عملية المقاومة للغزو الفكري للأسرة المسلمة، من هذه الأمور:

أ- أن يؤدِّي كل واحد من الزوجين دوره وواجبه؛ فالرجل يؤدي دوره وواجبه، والمرأة تؤدي دورها وواجبها، ويتعاون الطرفان، ولا ينتقص أي منهما حق الآخر، ولاستبقاء نظام الأسرة ووقايته من الفوضى والشتات، لا بد أن يُجعَل لأحدٍ من أفراد الأسرة الحكم والأمر على سائرهم، في ضمن حدود القانون، حتى لا تظل الأسرة كقطيع من الغنم بلا راعٍ، وذلك الفرد الآمر لا يمكن أن يكون من غير صنف الرجال؛ لأن عضو الأسرة الذي تكون حالته العقلية والنفسية عرضة للتغير، مرة بعد أخرى، في أيام المحيض، وفي زمان الحمل، لا يصلح أبدًا لاستعمال سلطة الحكم والأمر، لتكون حمايةً لهم من الزلل والوقوع في شِباك الغزو الفكري.

ب- الخادمات والمربِّيات الأجنبيات غير المسلمات: كما هو كائن من وجودهن في كثير من أقطار الخليج وغيرها، فتعمل الأسرة جاهدة على عدم إتاحة الفرصة لأن يتلقَّى الطفل أي فكر أو توجيه منهن، وأَوْلى من هذا عدم اجتلابهن أو إحضارهن من الأصل، واستبدال مربيات مسلمات بهن.

ج- وسائل الإعلام المختلفة - مقروءة ومسموعة ومرئية - والتي سخرها الغزو الفكري لتنفيذ أغراضِه تُجاه الأسرة المسلمة، وليس المراد حرمان الأبناء كلية من هذه الوسائل، والتي تحتوي على المفيد النافع، كما تحتوي على الخبيث الضار، وإن كان المفيد فيها يتضاءل أمام الضار.

ولكن المراد أن تتبع الأسرة المسلمة سياسةَ الانتقاء الواعي، بمعنى أن تنتقي المفيد في كل المجالات الدينية، والتعليمية، والسياسية، والاقتصادية، والرياضية وتقديم البدائل الإسلامية عن روافد الغزو الفكري، وحيث إنه من الصعب حماية الأبناء من كل هذه الروافد إلا بتقديم بدائل إسلامية ذات كفاءة عالية في طبع الحياة الأسرية بالطابع الإسلامي، وملء وقت الفراغ بالنافع المفيد مثل الألعاب الرياضية التي لا تحتوي على مخالفات للإسلام، وسماع الأشرطة الإسلامية، والزيارات العائلية المنضبطة التي توثِّق الروابط الاجتماعية، والرحلات الهادفة إلى الأماكن الإسلامية لمعرفة تاريخ الإسلام، والاطلاع في إحدى المكتبات، ويُفضَّل أن توضع نواة لمكتبة إسلامية في البيت تضم كتبًا ميسَّرة في كافة المجالات، وأشرطة مسجلة والرقابة والتوجيه، من منطلق الاستشعار بالمسؤولية ينطلق الوالد بكليته في مراقبة الولد وملاحظته، وفي توجيهه وملاحقته، وفي تعويده وتأديبه؛ لأنه إذا غفل عنه فترة، أو تساهل في ملاحظته مرة، فإن الولد سيتدرَّج في الفساد خطوة خطوة، وفي حال الغفلة الدائمة، والتساهل المتكرر يُصبِح الولد من زمرة الأولاد الشاذِّين، ومن عداد الشباب المنحرفين، ومن جنود غزاة الفكر المخلصين فانحراف الأبناء، وتأثير الغزو الفكري فيهم نتيجة طبيعية لانعدام الرقابة والتوجيه من الآباء.

فالرقابة والتوجيه من مسؤوليات الآباء، وينبغي أن تكون الرقابة شاملة لكل صغيرة وكبيرة؛ مثل: حشمة الملبس، وعفة اللسان، والتغيب خارج البيت، ومعرفة الأصدقاء، وملاحظة التغيرات التي تطرأ على الأبناء، خاصة في سن المراهقة، ومتابعة الأحوال التعليمية، والسلطة الأبوية تقتضي ضبط الأمور، فلا يوجد شيء في الإسلام يسمَّى "الحرية الفوضوية"، تلك الحرية التي أساء الناس استخدامها، ففعل كلُّ إنسان ما يحلو له، حتى ولو كان على حساب الآخرين، وفتح دائرة الحوار بين الآباء والأبناء؛ وذلك لمعرفة مشاكلهم أولاً بأول، والعمل على حلِّها، وبالتالي يحدث التقارب بين الآباء والأبناء، وتتلاشى الفجوة التي تنتج عن إهمال الآباء للأبناء، وانشغالهم عنهم، وتيسير أمر الزواج، ودور الأسرة يتلخص في تيسير المهور وعدم المغالاة فيها، عند توافر الدين والخلق للشاب، وكذلك تقديم المساعدة للأبناء، إذا توفرت القدرة المالية.

ودور الحكومات يتلخص في العمل على إنشاء "مؤسسة للزواج" في كل بلد، يكون هدفها مساعدة الأسر على التكوين، وليس ذلك بالأمر العسير؛ إذ إن التقاليد الاجتماعية والأعراف يصنعها أفراد قلائل، يتمتعون في نظر الناس بالمكانة العالية، فلو أن أفرادًا من هذه الطبقات عملوا بهذه السنة لقلدهم فيها الناس.

والله الموفِّق