ملخص بحث: الاتجاهات الفكرية والسلوكية لدى الشباب والمراهقين (بحث أول)

ملخص بحث:

الاتجاهات الفكرية والسلوكية لدى الشباب والمراهقين

(بحث أول)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، والمبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فمن منطلق حرصي - كشاب مسلم عربي - على شباب ديني الحنيف، ووطني العربي الغالي، أتقدم بهذه الصفحات لتكون بمثابة رسالة من شاب بسيط إلى إخوانه الشباب، وإلى كل مَن يهمه أمر الشباب، تلك الفئة العمرية الهامة التي لا يعبأ بأمرها إلا القليل، رغم أنها كانت - ولا تزال - المؤشر الحقيقي لقوة أي مجتمع، ولأني من تلك الفئة (الشباب)، سيكون الحديث بواقعية دون تزيف ولا مجاملة، ولا محاباة لا أحد على حساب الآخر، وندعو الله - تعالى - أن تكون دراسة جادَّة، نوجز فيها أمر الشباب بوضوح، ونذكر ما لهم وما عليهم بواقعية، مستدلاًّ فيها بكلام رب الأرض والسماء - سبحانه جل في علاه - ثم بحديث خير خلق الله محمد - صلى الله عليه وسلم- ثم برأي كبار العلماء، من خلال الحديث عن "الاتجاهات الفكرية والسلوكية لدى الشباب"، وقد قسمت تلك الدراسة إلى ثلاثة أبواب، تحتوي على عشرة فصول، بدأت فيها بتعريف تلك المرحلة الهامة، وهي مرحلة الشباب التي تلي مرحلة الطفولة، القوة بين ضعفين، ضعف الطفولة وضعفالشيخوخة هي مرحلة الشباب، مرحلة الحيوية والانطلاقة، ثم تناولت صور الاتجاهات الفكرية والسلوكية لدى معظم الشباب، بتحليل واقعي واضح، ثم تطرقنا بعد ذلك إلى إيضاح أهم عوامل الانحراف الفكري والسلوكي لدى الشباب، نذكر منها: الفراغ، والبطالة، والتفكك الأسري، والرفقة السيئة، والبيئة المحيطةبالشباب.

ثم تناولت أهم المشكلات الفكرية والسلوكية التي يعاني منها شبابنا الآن، وحقيقة أن هناك العديد من المشكلات إلا أن هناك ثلاثة مشكلات رئيسة - من وجهة نظري - تمثل المنبع الأساسي الذي تنبثق منه معظم اتجاهات الشباب الفكرية والسلوكية، ألا وهي الغفلة والبعد عن منهج الله؛ لأنها منبع رئيسي لكل المشكلات، وحديثنا عن الغفلة يعني عدم الإدراك الحقيقي لجوهر الأمور، والظن الخاطئ، والاعتقاد الوهمي بأنك على صواب، وتسلك المسار الصحيح، في حين أنك مخطئ، وتحتال على الحقيقة التي من أجلها خلقت، ألا وهي عبادة رب الأرض والسماء - سبحانه جل في علاه.

ثم تناولت قضية الالتزام في ظل العلمانية، تلك المعادلة الصعبة التي تقف أمام الكثير من شبابنا، منخدعين بما يذكره أعداء الدين من مشكلات في الدين، متهمين الدين الحنيف بأنه دين جمود، وقيود، وجهل، وكبت للحريات، وتضييع للحقوق، وهذا كذب على الدين، وعدم فهم لغاية الإسلام العظيمة.

ثم تناولتُ المشكلات الاقتصادية والاجتماعية بشيء من التحليل والتوضيح، إلا أني لا أنفى بذلك بقية المشكلات والمحددات الأخرى للاتجاهات الفكرية والسلوكية لدى الشباب، فربما تكون هناك مشكلة أخرى غير ما سبق ذكره لدى شاب أو مجموعة من الشباب، لعبت دورًا رئيسيًّا في توجيهِ فكره، وتطويع سلوكه، بمسار ما.

ثم ذكرت النتيجة الحتمية والمنطقية لكل تأثير لتلك العوامل والمشكلات على الشباب المجتمع، إلا أن فلسفة الشريعة الإسلامية تعتبر الإنسان مكلفًا بالواجبات قبل أن يكون مطالِبًا سائلاً، ولذا كان الحديث عن الواجبات محور الباب الثالث، فذكرت أولاً واجبات الشباب في الإسلام من تحمل المسؤولية الجادة في سبيل هذا الدين العظيم، وهذا أمر عظيم لا يأتي إلا من حسن فهم وإدراك للدين، وما ينبغي عليه من دور من أجل تلك الغاية السامية، وعندئذٍ يكون قادرًا على إدراك مكر أعداء دينه، وكيفية التعامل معهم، على النحو الذى لا يضيع به حقه ولا دينه، وكذلك لا يظلمهم، وخاصة من كان معاهَدًا ومشاركًا له في الوطن؛ مقتدِين بذلك كله بخير خلق الله محمد - صلى الله عليه وسلم - ذلك النموذج الفريد، صاحب السيرة العطرة الجامعة الشاملة المتوازنة، الذي يجد فيه كلُّ شابٍّ طالب أسوة مكانًا للائتساء بها، والاقتداء بهداها، وكيف لا، وهو كان - وما زال، وسيظل - القدوة والنموذج التطبيقي الأعلى للتكامل وللتوازن بين المثال والواقع، بين القلب والعقل، بين الإيمان والعلم، بين الروح والمادة، بين الفردية والجماعية، بين حق الرب وحظ النفس؟! غير أن القرآن الكريم قد عرض لنا نماذج أخرى لشباب ينبغي أن يكون طموحنا وطموح شبابنا إلى أن نتمثَّل بهذه النماذج، ونتخذ منها أسوة وقدوة، بدلاً من أن نتأسى بالغربيين أو بالممثلين، أو بهؤلاء المائعين، يتمثل بهذا النموذج القرآني من شباب آمنوا بربهم وزادهم هدى؛ كأصحاب الكهف، وسيدنا إبراهيم وإسماعيل ويوسف، وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا كنا قد كرنا ما عليهم، فلا يفوتنا أن نذكر ما لهم من حقوق، فقد ذكرنا دور المجتمع في دعم وتنمية القدرات الشبابية، وهذا الدور لا يكون فرديًّا أبدًا؛ أي: لا يقع على عاتق فرد بعينه، أو مؤسسة بذاتها، أو جهة بعينها، وإنما هو تكاتف وتضافر كل الجهود من أجل غاية نبيلة، وفي النهاية وددتُ أن أُرسِل كلمة ورسالة سامية من أعماق قلبي، عبارة عن كلمة أُطَمئِن بها إخواني الشباب، وأقول لهم: عليكم بالصبر، والعمل، والرجوع إلى الله دائمًا وأبدًا، واعلموا أن ليس الغنى والنفوذ معيار المفاضلة بينكم عند ربكم، وإنما التقوى هي أساس المفاضلة؛ لذا ينبغي علينا أن نتَّقِيَه - سبحانه - ونراقبه ونستعين به، فيستجيب لنا ويصلح حالنا، ولن يتركنا أبدًا.

ورسالة أرسلها إلى المجتمع كله:

اتهموا بأمر الشباب، واسمعوا لهم، لا تتركوهم لشياطين الإنس والجن يعبثون بعقولهم، ويخربون نفوسهم، ويهدرون طاقتهم، وإلا فأول مَن يندم ويخسر أنتم ومجتمعكم على ما فرطتم فيه في حق الشباب، وسيكون الندم في الدنيا قبل الآخرة؛ لأن الشباب كان - ولا يزال - مؤشر القوة في أي مجتمع.

وأدعو الله أن يكون هذا العمل المتواضع شاهدًا لنا لا علينا، وأن تصل الرسالة إلى كل مَن يهمه الأمر، والله على ما أقول شهيد