ملخص بحث: تعليم المرأة في ضوء الإسلام

ملخص بحث

تعليم المرأة في ضوء الإسلام

دراسة تأصيلية ورؤية مستقبلية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه، وسار على نهجه إلى يوم الدين، وبعد:

فإن الإسلام منهج شامل للحياة؛ حيث تناولت تعاليم الإسلام حياة الإنسان في جميع أحواله، فوضعت له أسمى المبادئ وأشرف القيم، وأقوم القواعد التي تحقق سعادة الفرد والجماعة، وقد كان ظهور الإسلام مولدًا جديدًا للمرأة، وبعثًا لحياة جديدة، رأت فيها العزة والكرامة بعد القهر والإهانة التي عاشت في ظلمها فترة من الزمن، وقد اهتم الإسلام بتعليم المرأة، وتربيتها، فهي المدرسة الحقيقية التي تتربى فيها أجيال الإسلام، والمرأة ركن أساس من أركان المجتمع المسلم في حاضره ومستقبله، وهي أداة رئيسة لإعادة إنتاج القيم والمبادئ الأساسية للمجتمع وللأمة بأسرها.

بَيْدَ أن تعليم المرأة في الواقع المعاصر أخذ مسارات تختلف عنها في الإسلام، شكلاً ومضمونًا، وواجه عديدًا من التحديات التي أسهمت في تخلُّف المرأة عن بناء نفسها والإسهام في نهضة الأمة الإسلامية.

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة التي جاءت بعنوان: "تعليم المرأة في ضوء الإسلام .. دراسة تأصيلية ورؤية مستقبلية" - إلى العودة إلى ينابيع الإسلام العظيم وحضارته؛ لننهل من معينه الصافي، ونستقي منه قيم الوحي التي أسهمت في عزة الأمة الإسلامية ونهضتها، وحاولت من خلال هذه الدراسة تحقيق جملة من الأهداف منها ما يأتي:

1- التعريف بمفهوم القيم وأنواعها وأهميتها.

2- بيان مقاصد تعليم المرأة.

3- بيان الجذور الشرعية لتعليم المرأة، من خلال ذكر النصوص الشرعية الدالة على أهمية تعليم المرأة.

4- بيان عناية السلف الصالح بتعليم المرأة.

5- عرض فتاوى العلماء في حكم تعليم المرأة.

6- عرض نماذج من الصور المشرقة لنبوغ المرأة المعرفي.

7- مناقشة أهم التحديات التي تواجه تعليم المرأة في الواقع المعيش.

8- وضع تصوُّر ملامح رؤية مستقبلية لتذليل العقبات التي تواجه تعليم المرأة في الواقع المعيش.

منهج الدراسة:

لقد اعتمدت في هذه الدراسة على كلٍّ من:

1- المنهج الاستنباطي: يتمثل في استخراج المبادئ والقيم الخاصة بتعليم المرأة من النصوص الشرعية، ومن ثَمَّ توظيفها في خدمة أهداف الدراسة، والوقوف على التحديات التي تواجه تعليم المرأة في الواقع المعيش، ووضع رؤية مستقبلية للتصدى لهذه التحديات.

2- المنهج التاريخي: يتمثل في تتبُّع الأخبار والوقائع والشواهد التاريخية الخاصة بمسألة تعليم المرأة المسلمة عبر التاريخ الإسلامي، مع إبراز بعض الشخصيات النسائية اللواتي أسهمن في نهضة الأمة الإسلامية، وبناء الحضارة الإسلامية.

الدراسات السابقة:

تنوعت الدراسات السابقة التي تناولت تعليم المرأة، ويمكن تقسيم هذه الدراسات إلى ثلاثة اتجاهات:

الاتجاه الأول: دراسات علمية شمِلت الحديث عن حق المرأة في التعليم، وتاريخ تعليمها في التراث الإسلامي، ومن هذه الدراسات: دراسة منى على السالوس بعنوان: "الحقوق التعليمية للمرأة في الإسلام من واقع القرآن والسنة"، ودراسة دريد عبدالقادر نوري بعنوان: "تربية وتعليم المرأة في المجتمع الإسلامي"، ودراسة الدكتور البشير الترابي بعنوان: "تعليم المرأة في الإسلام في ضوء نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية".

الاتجاه الثاني: دراسات تناولت واقع تعليم الإناث في البلاد العربية؛ سواء بصفة عامة، أو واقع تعليم الإناث في قطر معين، ومن هذه الدراسات: دراسة الدكتورة أميرة طه بخش بعنوان: "التصور الإسلامي لتعليم الفتاة السعودية فنيًّا ومهنيًّا في ضوء متغيرات العصر"، ودراسة الدكتورة لمى عبدالعزيز مصطفى بعنوان: "تعليم الإناث في العراق (1895-1918)"، ودراسة رفيقة حمود بعنوان: "نصيب الإناث في نظام التعليم في لبنان"، ودراسة عبدالملك بن عبدالله بن دهيش بعنوان: "تعليم البنات بالمملكة العربية السعودية".

الاتجاه الثالث:

دراسات ميدانية تناولت موقف المجتمع من تعليم المرأة وأثره على نيلها حقها في التعليم، ومن هذه الدراسات: دراسة سهام بنت محمد صالح كعكي بعنوان: "التحديات التي تواجه التعليم العالي للفتاة في المملكة العربية السعودية"، ودراسة محمد زهير مشارقة بعنوان: "موقف الأهل من تعليم البنات وأثره في تطبيق إلزامية التعليم في سورية".

ولا شك أن الدراسات السابقة لها أهميتها الكبرى في التعرف على واقع تعليم المرأة في البلاد العربية، وموقف المجتمع من تعليمها ومشاركتها في التنمية، مع الإشارة إلى تعليم المرأة في التراث الإسلامي، بَيْدَ أنها لم تتناول تعليم المرأة من منظور قيمي واقعي، وبشكل متكامل، وشامل يجمع بين التراث والمعاصرة، بالرجوع للجذور الشرعية لتعليم المرأة، ودراسة أخطر التحديات التي تواجه تعليم المرأة، مع وضع تصور لرؤية مستقبلية للتصدي لهذه التحديات، ولذلك تبرز أهمية هذه الدراسة التي جاء بعنوان: "تعليم المرأة في ضوء الإسلام .. دراسة تأصيلية ورؤية مستقبلية".

خطة الدراسة

جاءت الدراسة في مقدمة وأربعة فصول، وخاتمة، وهي كالآتي:

المقدمة: تضمنت أهداف الدراسة، والمنهج المتبع في معالجة موضوعاتها، وأهم الدراسات السابقة، ثم خطة الدراسة.

الفصل الأول: تعليم المرأة من منظور قيمي:

المبحث الأول: القيم .. مفهومها وأنواعها وأهميتها:

المطلب الأول: مفهوم القيم.

المطلب الثاني: أنواع القيم.

المطلب الثالث: أهمية القيم.

المبحث الثاني: تعليم المرأة ودوره في بناء الأمة:

المطلب الأول: مكانة المرأة في الإسلام.

المطلب الثاني: مقاصد تعليم المرأة.

الفصل الثاني: تعليم المرأة في ظلال الإسلام:

المبحث الأول: النصوص الشرعية الدالة على أهمية تعليم المرأة:

المطلب الأول: النصوص الشرعية الدالة على أهمية العلم والتعلم.

المطلب الثاني: النصوص الشرعية الدالة على أهمية تعليم المرأة.

المبحث الثاني: النصوص الدالة على عناية السلف الصالح بتعليم المرأة:

المبحث الثالث: حكم تعليم المرأة:

المطلب الأول: العلوم التي تتعلمها المرأة.

المطلب الثاني: أقوال العلماء في حكم تعليم المرأة.

المطلب الثالث: أماكن تعليم المرأة.

الفصل الثالث: صور مشرقة من نبوغ المرأة المعرفي في ظلال الإسلام:

المبحث الأول: نبوغ المرأة المعرفي في العلوم الشرعية (النقلية).

المبحث الثاني: نبوغ المرأة المعرفي في العلوم الدنيوية (العقلية).

المطلب الأول: نبوغ المرأة في الطب.

المطلب الأول: نبوغ المرأة في الأدب.

الفصل الرابع: تعليم المرأة .. المعوقات والعلاج:

المبحث الأول: الاختلاط في مواجهة تعليم المرأة ونبوغها:

المطلب الأول: مفهوم الاختلاط.

المطلب الثاني: الأدلة على تحريم الاختلاط.

المطلب الثالث: مخاطر الاختلاط على تعليم المرأة.

المطلب الأول: رؤية مستقبلية لمواجهة الاختلاط في التعليم.

المبحث الثاني: العولمة وأثرها في تعليم المرأة:

المطلب الأول: مفهوم العولمة.

المطلب الثاني: أبعاد العولمة وعلاقتها بالعالمية.

المطلب الثالث: مخاطر العولمة على تعليم المرأة.

المطلب الرابع: رؤية مستقبلية لمواجهة سلبيات العولمة.

المبحث الثالث: الانحراف الفكري في مواجهة تعليم المرأة:

المطلب الأول: مفهوم الانحراف الفكري.

المطلب الثاني: أسباب الانحراف الفكري نحو تعليم المرأة.

المطلب الثالث:رؤية مستقبلية للتصدي للانحراف الفكري.

المبحث الرابع: المناهج التعليمية وعلاقتها بنبوغ المرأة.

المطلب الأول: مفهوم المناهج التعليمية ودعائم التعليم.

المطلب الثاني: الغزو الفكري ومخاطر مناهج التعليم.

المطلب الثالث: رؤية مستقبلية لتطوير المناهج التعليمية.

والخاتمة: شمِلت أهم نتائج الدراسة التي تم التوصل إليها، وبعض التوصيات المقترحة، وأما الفهارس، فشملت فهرسًا للمصادر والمراجع، وفهرسًا للموضوعات.

وجديرٌ بالذكر أن هذه الدراسة كُتبت خصيصًا للمشاركة في مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق، ولا شكَّ أن هذا النوع من المسابقات العلمية يسهم في إثراء الساحة الإسلامية بالبحوث العلمية المؤصَّلة، ويذكي روح التنافس العلمي، ويُسهم في دعم منظومة القِيَم في المجتمع وتعزيزها.

الخاتمة

أولًا: نتائج الدراسة:

بعد هذه الرحلة التي طافت بنا حول موضوع: "تعليم المرأة في ضوء الإسلام .. دراسة تأصيلية ورؤية مستقبلية"، تم التوصل في نهايتها إلى جملة من النتائج من أهمها:

1- إن تعليم المرأة يُعَدُّ من أعظم القيم المعرفية التي تسهم في بناء الأمة الإسلامية، وتسهم في إعداد المرأة لأداء دورها في التنمية والنهضة.

2- تعدَّدت تعاريف العلماء والباحثين للقيم، فقد تنوعت، فمنهم من عرفها باعتبارها مبادئ ومعتقدات، ومنهم من عرفها باعتبارها أحكامًا معيارية، ومنهم من عرفها باعتبارها اتجاهات، وكذلك فإن بعض التعريفات ركَّزت على مفهوم القيم بشكل عام، ومنها ما ركز على القيم من المنطور الإسلامي.

3- تُعَدُّ القيم جزءًا مهمًّا في الإطار المرجعي للسلوك في الحياة العامة، وفي مجالاتها المختلفة دينيًّا وعلميًّا واجتماعيًّا، واقتصاديًّا وسياسيًّا، وهي تؤدي دورًا مهمًّا في حياة الفرد؛ لذا نجد أن القيم ودراستها ضرورة كبيرة، وأهمية عظيمة على المستويين الفردي والجماعي.

4- تعددت مقاصد تعليم المرأة، فشملت مقاصد إنسانية، ومقاصد شرعية، ومقاصد اجتماعية، ومقاصد تنموية، فالتعليم يُعَدُّ من أعظم الوسائل لتحقيق إنسانية المرأة، وتمكينها من أداء التكاليف الشرعية، وإعدادها لأداء دورها الاجتماعي والتنموي في خدمة الأمة الإسلامية.

5- وردت عديد من النصوص الدالة على أهمية تعليم المرأة من القرآن الكريم والسنة النبوية؛ مما يشير إلى الجذور الشرعية لأهمية تعليم المرأة، كما أن السلف الصالح سار على منهاج النبوة بالاهتمام بتعليم المرأة، فهي مصنع الرجال، ومربية الأجيال، ومشاركة في نهضة الأمة الإسلامية.

6- أثبتت الشواهد التاريخية تفوق عديد من النساء الفضليات في الميدان العلمي، فقد حققت المرأة المسلمة مكانة علمية عالية على مر عصور التاريخ الإسلامي ومراحله؛ إذ إن الرسالة المحمدية حثَّتها على طلب العلم، فظهرت نساء عالمات في مختلف مجالات المعرفة وفروعها من نظرية وعملية؛ إذ جلست المرأة كمحدثة وفقيهة كما كانت أديبة وشاعرة وطبيبة مداوية.

7- إن تعليم المرأة يواجه تحديات خطيرة تعوق نبوغ المرأة، وتؤثر على أدء دورها في تنمية الأمة الإسلامية، والمشاركة في النهضة، ومن أهم هذه التحديات: الاختلاط وآثاره السلبية على تعليم المرأة ونبوغها، والعولمة ومخاطرها، والانحراف الفكري في مواجهة تعليم المرأة، والمناهج التعليمة وعلاقتها بنبوغ المرأة.

8- يُعَدُّ الاختلاط من أخطر التحديات التي تواجه تعليم المرأة ونبوغها، فقد كان الاختلاط من الأسلحة التي استخدمها الاستعمار في إفساد المرأة المسلمة.

9- تُعَدُّ العولمة من التحديات التي تواجه تعليم المرأة، فمخاطر العولمة على تعليم المرأة كثيرة.

10- يُعَدُّ الانحراف الفكري من التحديات التي تواجه تعليم المرأة ونبوغها؛ حيث يمثل الفكر وسلامته واستقامته حجر الزاوية في سلوك الأفراد وسلامة المجتمع تُجاه قيم المجتمع، وكان من أسباب هذا الانحراف الفكري الانخداع بالأحاديث الموضوعة المتعلقة بالمرأة، ووجود التصورات الخاطئة لدور المرأة في المجتمع الإسلامي.

11- يُعَدُّ التعليم من أعمدة نهضة الأُمم وتقدمها، وهو من وسائل الحفاظ على الثقافات الموروثة وتنميتها، ويمكن من خلال المناهج التعليمية بث المفاهيم والقيم المؤكدة لدور المرأة، وأهمية مشاركتها في البناء، وضرورة هذه المشاركة، وخطورة تهميشها واستبعادها.

12- يحوي تراث الأمة الإسلامية منهجًا تربويًّا متكاملاً لإعداد الفتاة المسلمة إعدادًا يخدم بناء شخصيتها، ويخدم بناء المجتمع على أسس علمية صحيحة، فقد كان لهذا المنهج التربوي دوره الكبير، وإسهامه الواضح في إخراج أجيال من النساء المسلمات على جانب عظيم من المعرفة العلمية، مع قدر كبير من الالتزام الأخلاقي في سلوكهن.

ثانيًا: التوصيات المقترحة:

1- ضرورة التوسع في تعليم أفراد المجتمع الإسلامي، بحيث لا يحجب التعليم بمستوياته المختلفة عن أحد من المسلمين، ولا سيما عن الإناث، اللاتي غالبًا ما يقعن تحت الظلم الاجتماعي في المجتمعات التي لا تطبق الشرع الحنيف، ولا تراعي طبائع الإناث وحاجاتهن.

2- ضرورة بناء ثقافة الفتيات العلمية على نهج السلف الصالح، وَفق أهداف وغايات التربية الإسلامية؛ وذلك للحفاظ على هويتهن الإسلامية؛ ليكنَّ ذخيرة الأمة في بناء أجيالها الجديدة على مقتضى هدي الكتاب والسنة.

3- السعي في إبراز الفُضليات من نساء السلف الصالح عبر القرون الإسلامية المتعاقبة، ممن كان لهن السبق العلمي في مجالات المعرفة، ودراسة سيرهن، ووضع إنجازاتهن العلمية موضع الاهتمام والبحث عند الفتيات من طالبات التعليم العام والعالي.

4- الوقوف على معالم نظام تعليم الفتاة في نظام الإسلام التربوي، ومحاولة محاكاته في أنظمة التعليم الحديثة؛ ليقوم البناء التربوي على أسس راسخة من تراث الأمة الحضاري والعلمي.

وفي الختام نسأل الله تعالى أن نكون قد وُفِّقنا في دراسة هذا الموضوع، فما كان فيه من صواب فمن فضل الله، وما كان من خطأ فمني ومن الشيطان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومَن والاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.