• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة كاتب الألوكة الثانية / المشاركات المرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية / قسم المقالات / علوم الشريعة الإسلامية
علامة باركود

العناية بالنظام الأخلاقي في مصنفات العقيدة السلفية

غنيم غنيم عبدالعظيم

نوع الدراسة: PHD
البلد: مصر
الجامعة: جامعة القاهرة
الكلية: كلية دار العلوم
التخصص: قسم الفلسفة الإسلامية

تاريخ الإضافة: 4/1/2012 ميلادي - 9/2/1433 هجري

الزيارات: 13073

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص الرسالة

العناية بالنظام الأخلاقي في مصنفات العقيدة السلفية

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثاني)

 

تمهيد

لقد جاء الإسلامُ يحث على مكارم الأخلاق، وينهى عن رديئها، فالأخلاق هي الترجمة العملية لما يحويه هذا الدين من قيمٍ سامية، وعقيدة نقية.

 

وقد أمر الدِّينُ الإسلامي بالأخلاق في كلِّ مقام، فكما أمر بمراعاة الجانب الأخلاقي في دعوتِهم إلى دين الحق في قوله - تعالى -: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل : 125]، فقد أمر النبي بالأخلاقِ في مقام قتال الأعداء في قوله: ((اغزوا باسم الله وفي سبيل الله، وقاتلوا من كَفَر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثِّلوا ولا تقتلوا وليدًا))[1].

 

وقد بيَّن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذا المنهجَ لأصحابه، موضحًا لهم مدى التلازم بين الدين وبين الجانب الأخلاقي بقوله: ((إنما بُعثت لأتممَ صالح الأخلاق))[2]، فحصر دعوةَ الإسلام في الجانبِ الأخلاقي، وهذا يؤكِّدُ أنَّ الإسلام لا ينحصر في جوانب نظرية ومعرفية فحسب، بل إنَّ ثمرة هذا الإيمان هو الجانب الأخلاقي؛ لأنه مناط التفاعلِ المجتمعي والتواصل في الحياة.

 

ومن هذا المنطلقِ العقدي، جاءت مؤلفاتُ العقيدة السلفية موضحة لهذا الجانب الذي غفل عنه كثيرٌ من أبناء الأمة، وصار الحديث عن عقيدة السلف في هذا الزمان مقتصرًا على المسائل العلمية دون العملية والأخلاقية، وهذا انحراف عن طريقةِ الأوَّلين في العلمِ والعمل، ومن لم يسلك سبيلَهم فقد استحقَّ الوعيد الذي قال الله - عزَّ وجلَّ - فيه: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء : 115].

 

وللأسف: فإنَّ كثيرًا ممن انتسب للسَّلفِ في هذا الزمان - إلا من رحم الله - يؤصِّلون لطلبتهم العلم دون العمل، فإذا ما خالطتهم رأيتَ أنَّ التقرير للعقيدة إنما اقتصر على الجانبِ النظري دون العملي، لذا وجب التنبيه على منهج السَّلفِ في أحد أنواع المصنفات التي كتبوها؛ ألا وهي المصنفات العقدية، وبيان ملامح الجانب الأخلاقي فيها ومدى تلازمها مع العقيدة الصحيحة.

 

وقد جاءت ملامحُ هذا النظام الأخلاقي في كتبِ العقيدة السلفية في النِّقاط التالية:

أولاً: إدخال الجانب الأخلاقي في مسمى الإيمان:

لقد أبرز سلفُنا الصالح قيمةَ العمل في غالب مصنفاتهم العقدية، وبينوا أنَّ العمل ركن من أركان الإيمان، فلا إيمان إلا بعمل؛ يقول الإمام أحمد (ت 241هـ): "والإيمان قولٌ وعمل يزيد وَينْقص، كما جاء في الخبر: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحْسنهم خلقًا))"[3].

 

ويقول الإمام المزَني (ت264هـ) في تقريرِه للتلازم بين العقيدة والعمل، منكرًا على من يفرِّقُ بين الإيمان والعمل، فهما قرينان لا ينفكان: "الإيمان قول وعمل مع اعتقاده بالجنان، قول باللِّسانِ وعمل بالجوارح والأركان وهما سيان ونظامان وقرينان لا نفرق بينهما، لا إيمان إلاَّ بعمل ولا عمل إلاَّ بإيمان"[4].

 

والإشكالية هنا: أننا حينما نطلقُ لفظ العمل وبيان منزلته من الإيمان، أول ما ينصرف إليه الذهن أنَّ العملَ هو الواجبات والمنهيات الشرعية.

 

إلا أنَّ هذا الفهم بعيد، ويذهب بنا بعيدًا عن المعنى المنشود من العمل، فالعمل اسمٌ جامع يشمل عملَ القلب والجوارح؛ من الواجباتِ والمنهيات والمستحبات والمكروهات، في جانب العبادات والمعاملات فعلاً وتركًا.

 

وغالب العبادات تقومُ في أساسِها على جانبٍ أخلاقي، أما جانب المعاملات فجلها مبنية على الأخلاق، لذلك قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بيان منزلة الخلق الحسن: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئةَ الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن))[5]، وهذا ما وضحه السلفُ في مصنفاتهم فأضافوا الجانب الأخلاقي لها.

 

وهذا ما نريد الإشارةَ إليه، فالجانب الأخلاقي عند المسلمين يتلازم مع العقيدة، وهو الجانبُ الخفي الأكثر تأثيرًا في الدعوة لعوام المسلمين، وبالتالي فلغير المسلمين أولى، خاصة في وقتِ الضَّعف وعدم التمكُّنِ من الدعوةِ الصريحة للأقليات في بلاد الإسلام، فضلاً عن الدعوةِ في البلاد غير المسلمة، وأكبر شاهد على هذا انتشار الإسلام في شرقِ آسيا بواسطة تجار المسلمين؛ إذ كانت أخلاقُهم دافعًا للبحثِ وراء أصولهم العقدية التي ينطلقون منها، ومن ثَمَّ اعتناق مذهبهم.

 

ثانيًا: بيان أن التفاضل في الإيمان يكون بحسب العمل والأخلاق:

حينما قرَّر السَّلفُ أنَّ العمل ركن من أركانِ الإيمان، رأوا أن الكتاب والسنة يقرِّرانِ زيادة الإيمان ونقصانه تبعًا للعمل والأخلاق، فبينوا ذلك في كتبِهم تأصيلاً لمذهبهم، وردوا على المنحرفين في ذلك كالقدريةِ القائلين بالجبر، والمرجئة الذين قالوا: لا يضرُّ مع الإيمان ذنب، فلقي مذهبهم القَبول لدى الفسَّاق.

 

وهنا وقف أئمةُ أهل السنة للرد على هذه الدعاوي، وبيان التفاضل في الإيمان، وأنه مبني على العمل وكمال الأخلاق؛ يقول الإمام أحمد (ت 241هـ): "والإيمان قول وعمل يزيد وينقص كما جاء في الخبر: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا))"[6].

 

ويقول الإمام المزني (ت264هـ): "والمؤمنون في الإيمان يتفاضلون، وبصالح الأعمال هم متزايدون"[7].

 

ويقول الإمام أبو بكر الإسماعيلي (ت 371هـ): "ويقولون: إنَّ الإيمان قول وعمل ومعرفة، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، من كثرت طاعتُه أزيد إيمانًا ممن هو دونه في الطَّاعة"[8].

 

ثالثًا: البيان ببعض الصفات الأخلاقية:

لم يكتفِ السَّلفُ بالتنظير لمنزلة الجانب الأخلاقي من الدين فحسب، بل جاؤوا ببعض هذه الأخلاقيات التي يجبُ التحلِّي بها، وأخرى يجب الاحتراز منها؛ وبيان ذلك من جانبين:

الجانب الأول: بيانهم للأخلاق الحميدة الواجب التحلي بها:

أبان علماءُ أهل السنة في مصنفاتهم بعضَ الصفات الأخلاقية الحميدة التي يجب التحلي بها؛ من ذلك ما ذكره الإمامُ الطحاوي (ت 321هـ) قائلاً: "ونحبُّ أهلَ العدل والأمانة، ونبغض أهلَ الجور والخيانة"[9].

 

وتكلَّموا أيضًا في النصيحة للمسلمين، وبيان حكم من يكتم النصح لأهل الإسلام، فالنصح من شأنه انتشار إشاعة المحبة وانتشار الخير ودحر الشر، لذا كان شأنه عظيمًا في الإسلام؛ يقول الإمام البربهاري (ت 329هـ): "ولا يحلُّ أن تكتمَ النصيحة للمسلمين، بارهم وفاجرهم في أمرِ الدين، فمن كتم فقد غشَّ المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غشَّ الدين، ومن غش الدين فقد خان اللهَ ورسولَه والمؤمنين"[10].

 

وتأكيدًا على الأخلاقِ التي من شأنها إشاعة المحبة بين المسلمين، فقد تكلَّم علماءُ أهل السنة على مسألة إفشاء السلام في مصنفاتِهم، لما لها من أثرٍ في إشاعة الود والألفة بين المسلمين، وتأكيدًا لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألا أدلُّكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم؛ أفشوا السَّلامَ بينكم))، ومن هنا قال الإمامُ البربهاري (ت 329هـ) تأصيلاً لهذا الخلق وبيانًا لمنزلته من الدين: "التسليم على عباد الله أجمعين"[11].

 

الجانب الثاني: بيانهم للأخلاق الذميمة الواجب تركها:

لم يكتف السَّلفُ بذكر الأخلاق الحميدة فحسب، بل ذكروا طرفًا من الأخلاقياتِ الذميمة التي يجب الاحتراز منها؛ من ذلك ما ذكره الإمامُ المزني (ت264هـ) بقوله: "اجتناب المحارم والاحتراز من النميمة والكذب والغيبة والبغي بغير الحق، وأن يُقال على الله ما لا يعلم - كلُّ هذا كبائر مُحرَّمات، والتحري في المكاسبِ والمطاعم والمحارم والمشارب والملابس واجتناب الشهوات فإنها داعيةٌ لركوب المحرمات، فمن رعى حول الحمى فإنه يوشكُ أن يواقعَ الحمى"[12].

 

ويقول الإمام أبو بكر الإسماعيلي (ت 371هـ): "ويرون مجانبة البدعة والآثام، والفخر، والتكبر، والعجب، والخيانة، والدغل، والسعاية، ويرون كف الأذى وترك الغيبة إلا لمن أظهرَ بدعةً وهو يدعو إليها، فالقول فيه ليس بغيبةٍ عندهم"[13].

 

والظاهر أنَّ العنايةَ بالجانب الأخلاقي نابعة من أمرين:

أولاً: الرد على المرجئة الذين قالوا: لا يضرُّ مع الإيمان ذنب، فانتشر هذا المذهبُ بين الفساق، كما أنَّ الجانب الأخلاقي هو لب دعوة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لذلك قال: ((إنما بُعثتُ لأتمم صالح الأخلاق))[14].

 

ثانيًا: الرد على الجبرية؛ وذلك لأنَّ مُؤدَّى كلامهم ألا يلاموا على الانحراف، فلا يُلام الكاذبُ والزاني والسارق، ولا يلام كافر ولا فاسق ولا مبتدع ولا منتهك للمحارم؛ إذ هم مجبورون على أفعالِهم، وهذا القولُ لا ريب أنه بابُ شرٍّ في الدنيا والآخرة، فيه تفسد الدنيا، وبه سوء المآل في الآخرة.

 

رابعًا: بيان مصادر الإلزام الخلقي وحكم أهل الكبائر:

كما أبان السَّلفُ في مصنفاتهم منزلةَ الأخلاق من الإيمان، فقد أبانوا مصادرًا للإلزامِ الخلقي، والمراد بالإلزام الخلقي: الباعث على القِيام بالأخلاق، وكان من المصادر التي ذكروها:

الأول: الحث على كمالِ الإيمان، ومن ثم الدرجات العُلى في الآخرة؛ وقد بيناه في موضعٍ سابق.

 

الثاني: بيان عاقبة الظالم لنفسِه؛ فقد بيَّن الإمامُ أحمد (ت 241 هـ) حكمَ مرتكب الذنوب بقوله: "ومن لقي اللهَ بذنب يجب له النار تائبًا غير مصرٍّ عليه، فإنَّ الله يتوب عليه ويقبل التوبةَ عن عباده ويعفو عن السيئات، ومن لقيه وقد أقيم عليه حدُّ ذلك الذنب في الدنيا فهو كفارتُه، كما جاء في الخبرِ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومن لقيه مصرًّا غير تائب من الذنوب التي استوجب بها العقوبة، فأمرُه إلى الله؛ إن شاء عذَّبَه وإن شاء غفر له"[15]، وتابعه في ذلك الإمامُ المزني (ت264هـ) بقوله: "والمؤمنون في الإيمانِ يتفاضلون، وبصالح الأعمال هم متزايدون، ولا يخرجون بالذنوبِ من الإيمان، ولا يُكفَّرون بركوبِ كبيرة ولا عصيان، ولا نوجِبُ لمحسنهم الجنان بعد من أوجب له النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا نشهد على مسيئهم بالنار"[16].

 

وقد وافقهم الإمام الطحاوي في أقوالِهم، فبيَّن حكمَ أهل الكبائر، وأنَّ من كانت ذنوبُه دون الشرك والكفر فهو تحت المشيئةِ بالعفو أو إيقاع العذاب، وأنهم لا يُخلَّدون في النار؛ لأنَّ الله - جل وعلا - قد قال: ﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء : 48، 116][17].

 

الثالث: تقرير مبدأ الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد قالوا بوجوبِ الأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر وبينوا حدودَه؛ يقول الإمام البربهاري (ت 329هـ): "والأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، إلا من خفت سيفه أو عصاه"[18]، ويقول في كيفيته: "والأمر بالمعروفِ والنهي عن المنكر باليدِ واللِّسان والقلب، بلا سيف"[19]، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وسائلِ الإلزام الخلقي في الإسلام؛ إذ به يرتدعُ من تسوِّلُ له نفسُه بالخروجِ عن الإطار الخلقي الذي وضعه الإسلام.

 

خامسًا: الرد على المنحرفين في جانب العمل والأخلاق كالمرجئة والجبرية:

ويأتي ذلك تبعًا لتأصيل السَّلفِ للجانب الأخلاقي ومنزلته من العقيدة، فقد ردَّ السَّلفُ على المرجئة ورمَوْهم بالبدعة؛ لأنهم أخرجوا العملَ من الإيمان، وقالوا بالنجاة المطلقة في الآخرةِ مهما قصر المرءُ في العمل، فبينوا أنَّ عقيدة السلف تخالف قول المرجئة؛ يقول الإمامُ البربهاري (ت 329هـ): "ولا نقولُ: لا يضرُّ مع الإيمانِ ذنبٌ لِمَن عملَه"[20]، ويقول: "ومن قال: الإيمانُ قول وعمل، يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاءِ كلِّه، أولِه وآخره"[21].

 

ويأتي ذلك التأصيلُ ردًّا على المرجئة التي قالت: الإيمانُ لا يزيد ولا ينقص؛ لأنَّ المؤمنَ عندهم تجب له الجنة دون أيِّ عذاب، فقول المرجئة يؤديإلى التكذيبِ بأدلة الوعيد الواردة في حقِّ العصاة من هذه الأمة، وأن طوائف منهم يدخلون النَّارَ ثم يخرجون منها بالشفاعةِ أو بغيرها.

 

ويوافق قول المرجئة قول الجبرية في المآل، وهو قول المشركين الأوائل الذين احتجوا بالجبرِ فردَّ الله عليهم، قال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف : 28]؛ فالله - جل وعلا - لا يأمرُ بالفحشاء، ولا يجبر عبادَه عليها، فهم مختارون غير مجبورين، وإلا كان لازم هذا القول وصف الله - عزَّ وجلَّ - بالظلم؛ لأنه يجبرُ العباد على السوء ثم يعاقبهم في الآخرة، وهذا ما نزَّه السَّلفُ فيه ربَّهم، وأثبتوا المشيئةَ للعبد، وأنه مختار لأفعالِه، فردوا على الجبرية وبينوا انحرافهم.

 

سادسًا: التحذير من المنحرفين في الجانب الأخلاقي:

ولما ظهر الإرجاء، وأُضيف إليه الانحراف لدى بعض الصوفية، ومال الفسَّاقُ إلى أمثال هذه المذاهب، حذَّرَ السَّلفُ أهل الإسلام من هذه المذاهب المنحرفة، وأمروا بهجرهم؛ يقول الإمام البربهاري (ت 329هـ): "اعلم أنه ما عُبِد الله بمثلِ الخوف من الله، وطريق الخوف والحزن والشفقات والحياء من الله - تبارك وتعالى، واحذر أن تجلسَ مع من يدعو إلى الشَّوقِ والمحبة، ومن يخلو مع النساءِ وطريق المذهب، فإنَّ هؤلاء كلهم على ضلالة"[22].

 

كما يقول في عدمِ طاعة أهل البدعة والانحراف: "من السنةِ ألا تطيع أحدًا على معصية الله، ولا أولي الخيرِ ولا الخلق أجمعين، لا طاعةَ لبشرٍ في معصية الله، ولا تحب عليه أحدا، واكره ذلك كله لله - تبارك وتعالى[23].

 

كما نقل أقوال السلف في مجالسةِ أهل الأهواء والاستماع إليهم بقوله: "وقال سفيان الثوري: من أصغى بأذنه إلى صاحبِ بدعة، خرج من عصمة الله، ووكل إليها - يعني إلى البدع - قال داود بن أبي هند: أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى بن عمران: لا تجالس أهلَ البدع، فإنْ جالستَهم، فحاك في صدرِك شيء مما يقولون، أكببتك في نار جهنم"[24]، ونُقل عن الفضيل عدةُ أقوال منها: "من جالس صاحبَ بدعة لم يعط الحكمة"، ومنها: "لا تجلس مع صاحب بدعة، فإني أخافُ أن تنزل عليك اللعنة"، ومنها: "من أحبَّ صاحب بدعة، أحبط الله عملَه، وأخرج نور الإسلام من قلبه"، ومنها: "من جلسَ مع صاحبِ بدعة، ورثه العمى"[25].

 

ويقول ابن أبي زمنين (ت 399هـ): "قال محمدٌ: ولم يزل أهل السنة يعيبون أهلَ الأهواء المضلة، وينهون عن مجالستِهم، ويخوفون فتنتهم ويخبرون بخلاقِهم، ولا يرون ذلك غيبةً لهم ولا طعنًا عليهم"[26].

 

خاتمة وأهم النتائج

مما سبق يتبين لنا ما يلي:

1- أنَّ الأخلاق هي الدين، وهي لبُّ رسالة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وجوهر الإيمان، فغالب العباداتِ والمعاملات ذات هدف أخلاقي في أصولِها وتوابعها.

 

2- أنَّ السلف لم يعنوا في مصنفاتِهم بالجانب العلمي فحسب، بل عنُوا بالجانبِ العلمي المتصل بالأخلاق.

 

3- أنَّ واقع المسلمين اليوم تغليب الجانب العلمي أكثر من الجانبِ العملي المتصل بالأخلاق، وهو مخالفٌ لمنهجِ السلف.

 

4- الحاجة للمنهجِ الأخلاقي تطبيقًا؛ لأنَّ ثمارَه أكبر من المنهج الدعوي في الدعوةِ خاصة في ظلِّ الظروف الراهنة للأمة الإسلامية؛ حيث تعاني الأمةُ من قصورٍ في جانب الدعوة للإسلام تصريحًا.

 

قائمة المصادر

1- شرح السنة؛ إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل، أبو إبراهيم المزني، تحقيق/ جمال عزون، مكتبة الغرباء الأثرية - السعودية، الطبعة الأولى، 1415هـ - 1995م.

 

2- العقيدة الطحاوية، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبدالملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطَّحاوي، شرح وتعليق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الثانية 1414هـ.

 

3- شرح السنة؛ أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري.

 

4- اعتقاد أئمة الحديث، أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس بن مرداس الإسماعيلي الجرجاني؛ تحقيق محمد بن عبدالرحمن الخميس، دار العاصمة - الرياض، الطبعة الأولى، 1412هـ.

 

5- أصول السنة؛ أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن عيسى بن محمد المري، الإلبيري المعروف بابن أبي زَمَنِين المالكي؛ تحقيق عبدالله بن محمد عبدالرحيم بن حسين البخاري، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة النبوية - المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1415هـ.

 

6- أصول السنة؛ أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، دار المنار - الخرج - السعودية، الطبعة الأولى، 1411هـ.



[1] - صحيح الجامع (1078).

[2] - صحيح الجامع (2349).

[3] - أصول السنة لأحمد بن حنبل (34).

[4] - شرح السنة للمزني (77 - 78).

[5] -صحيح الجامع (97).

[6] - أصول السنة لأحمد بن حنبل (34).

[7] - شرح السنة للمزني (78).

[8] - اعتقاد أئمة الحديث (63 - 64).

[9] - متن الطحاوية بتعليق الألباني (70).

[10] - شرح السنة للبربهاري (85).

[11] - شرح السنة للبربهاري (109).

[12] - شرح السنة للمزني (91).

[13] - اعتقاد أئمة الحديث (78).

[14] - صحيح الجامع (2349).

[15] - أصول السنة لأحمد بن حنبل (51 - 52).

[16] - شرح السنة للمزني (78).

[17] - انظر متن الطحاوية بتعليق الألباني (65 - 66).

[18] - شرح السنة للبربهاري (108).

[19] - شرح السنة للبربهاري (110).

[20] - متن الطحاوية بتعليق الألباني (60).

[21] - شرح السنة للبربهاري (129).

[22] - شرح السنة للبربهاري (106).

[23] - شرح السنة للبربهاري (132).

[24] - شرح السنة للبربهاري (135).

[25] - انظر شرح السنة للبربهاري (136).

[26] - أصول السنة لابن أبي زمنين (293).





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • بذل العناية وتحقيق النتيجة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العناية والاهتمام بالنظام في الغزوات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قواعد العناية بالصحة في نظام الطعام في الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • لماذا العناية بالتوحيد مهمة جدا(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • من أقوال السلف في العناية بالقلب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العناية بتحفيظ الصغار القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العناية بالوقت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العناية بالمواهب(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مقدمة في أعمال القلوب وضرورة العناية بها (PDF)(كتاب - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • مخطوطة العناية بمعرفة أحاديث الهداية (النسخة 3)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب