• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة كاتب الألوكة الثانية / المشاركات المرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية / قسم الدراسات والأبحاث / الدراسات الشرعية
علامة باركود

المسلمون والمسيحيون: نقاط الفصل والوصل

المسلمون والمسيحيون: نقاط الفصل والوصل
الكور السالم ولد المختار الحاج

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/5/2012 ميلادي - 11/6/1433 هجري

الزيارات: 15245

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسلمون والمسيحيون نقاط الفصل والوصل

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)


توطئة

ظلت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين مثار أخذ ورد وشد وجذب، كما تراوحت بين الحرب الضروس والسجال العلمي والمناظرات الجدلية، والإلزام الحجاجي،واستمرت متأرجحة بين هذا وذاك طيلة الحقب الفارطة من تاريخ الإسلام رغم ما نعم به النصارى في ظل الدولة الإسلامية من عدل وإنصاف جعلهم يحنون إلى حقبهم في ظل الحكم الإسلامي بحب وشوق "لقد عاش المسلمون والمسيحيون أخوة في البلاد المقدسة السنوات الطوال بدعة وسلام باستثناء الفترة التي حكم فيها متعصب أحمق مجنون أي الحاكم بأمر الله،وهو ثالث الخلفاء الفاطميين" [1]، ونجد لذلك مسوغات عديدة من بنية النص الشرعي إذ نجد نصوصاً شرعية صحيحة وصريحة في الدلالة والمقصد والسياق تؤصل للتعايش مع المخالف وتوفير حقوقه كاملة غير منقوصة، ومن هذه النصوص:

قوله تعالى:

﴿ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256].

 

﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29]، ويرتقي الحوار مع أهل الكتاب إلى دعوة مخلصة تنطلق من الثوابت المشتركة،والقواعد العامة من خلال الدعوة إلى كلمة سواء قال تعالى:

﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 64]، ونفس الخطاب العقلاني الموضوعي يتكرر في آية "وَلَا تُجَادِلُوا "يتصدره الأمر بالجدال بالتي هي أحسن قال تعالى:

﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ العنكبوت46 وانسجاماً مع أدب الحوار يتجنب القرآن إصدار حكم ليؤسس لأرقى أدبيات الحوار التي عرفها المجتمع البشري فيخاطب المشركين بقوله ﴿ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾[سبأ: 24].

 

وفي هذه الورقة أناقش موضوع المسلمين والمسيحيين ونقاط الفصل والوصل بينهما، وطبيعة العنوان تحدد محاور البحث،وتأسيسا على ذلك سوف يكون تصميم الورقة كما يلي:

• مدخل عام يحدد إطار وبنية البحث.

 

• المسلمون وأهم مميزاتهم العقدية.

• النصارى وأهم مميزاتهم العقدية.

• النقاط المشتركة "المشتركات العقدية والخلقية".

• أهم العوائق أمام بناء السلم وتحقيق التعايش.

• خاتمة تحدد الاستنتاجات والخلاصات المهمة للورقة.

 

أولاً: مدخل عام يحدد إطار ومنهج البحث:

إن التعارف هدف إنساني نبيل تمليه طبيعة الكائن البشري وتفرضه ضرورات الحياة وبما أن الإنسان كائن مدني بطبعه على حد تعبير عبد الرحمن بن خلدون الذي يقرر في مقدمته الأولى "أن الاجتماع الإنساني ضروري ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم: " الإنسان مدني بالطبع "، أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية في اصطلاحهم وهو معنى العمران [2] فتعارف أفراده تمليه ضرورة العمران وقد جعل الله الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا قال تعالى ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13] فجعل من التعارف مقصداً شرعياً وهو مقصد تمليه الضرورة ويحتمه الواقع فبالتعارف تختفي الخشية وتزول الريبة،وبه يتم التعاون والتعايش لصالح المجتمع الإنساني،ولكن التعارف البناء والتعاون المثمر لا بد له إرادة صادقة وسعي جاد كما لا بد له من أرضية جامعة تحدد المنطلق والمنهج والهدف،ولضيق مجال البحث نتناول في عجالة أهم عوائق التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين باعتبارهم الأمتين الكبريين على ظهر البسيطة، ونتناول القيم المشتركة والأرضية الجامعة،وعوائق الحوار والتعايش الكبرى، التي تشكل عائقاً وسداً منيعاً أمام كل تعاون مفيد ومن أهم هذه العوائق ما يسميه عبد الرحمن بن حبنكة[3] أجنحة المكر الثلاث وهي: التبشير والمبشرون والتنصير والمنصرون، والاستشراق والمستشرقون، وفي مقابل هذه العوائق هناك مشتركات عقدية وخلقية عديدة، والانطلاق من هذه المشتركات لإنجاز تعاون بناء سيعود حتماً على البشرية بمنافع كثيرة،وعلى رأسها حقن دماء الطرفين اللذين خاضا حروباً ضروس بعد ثماني حملات صليبية كبرى على العالم الإسلامي كانت الحرب فيها سجالاً،وتكبد طرفاها خسائر فادحة و أضراراً كبيرة،وقد اندلعت عقب دعوة البابا أوربان الثاني raban 2 في 27 نوفمبر 1095إلى شن حملة تحت راية الصليب ضد المسمين في فلسطين.[4] وهي حرب دينية غذتها المؤسسة الدينية المسيحية و أشعلت أوارها لتلتهم الكثير من أبناء الأمتين وتنتهي بطرد الصليبيين من الأرض العربية الإسلامية على يد صلاح الدين الأيوبي.

 

ولا يعني الانطلاق من المشتركات توحيد الرؤية والمعتقد،لأن ذلك من المستحيل، فالاختلاف سنة كونية، ﴿ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ [الأحزاب: 62] وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ.... ﴾.[119 سورة هود]. ونقدم إضاءة حول دلالة اللام في هذه الآية فقيل إنها بمعنى "على" كقولك للرجل: أكرمتك على برك بي، وأكرمتك لبرك بي[5]: ويقول الطبري "ولا يزال الناس مختلفين بالباطل من أديانهم ومللهم،(إلا من رحم ربك)، فهداه للحقّ ولعلمه، وعلى علمه النافذ فيهم قبل أن يخلقهم أنه يكون فيهم المؤمن والكافر، والشقي والسعيد خلقهم"[6] بينما يرى الزمخشري انسجاماً مع مرجعيته الفكرية ومنهجه الإعتزالي أن " هذا الكلام يتضمن نفي الاضطرار، وأنه لم يضطرهم إلى الاتفاق على دين الحق، ولكنه مكنهم من الاختيار الذي هو أساس التكليف، فاختار بعضهم الحق وبعضهم الباطل"[7] ثم يضيف " ولذلك من التمكن والاختيار الذي كان عنه الاختلاف خلقهم، ليثيب مختار الحق بحسن اختياره، ويعاقب مختار الباطل بسوء اختياره"[8] ويقول البيضاوي " إن كان الضمير ل " الناس" فالإِشارة إلى الاختلاف، واللام للعاقبة أو إليه وإلى الرحمة، وإن كان لمن فإلى الرحمة."[9] وبعد هذا التقديم المقتضب نصل للمحور الثاني من البحث وهو:

ثانياً: المسلمون وأهم مميزاتهم:

يعتبر المسلمون أنفسهم امتداداً طبيعياً للحنيفية ملة أبيهم إبراهيم، وأنهم امة توحيد خالص، وأن رسالتهم النبوية خاتمة الرسالات،ويعتبرون أنهم بالإضافة إلى مهمة الاستخلاف التي جعلها الله للإنسان خصهم الله بمرتبة الشهود،فهم شهداء الله في الأرض يشهدون على أنفسهم بعضهم على بعض كما ورد في الحديث « أنتم شهداء الله في الأرض »[10]وهم الأمة الوسط الذين يشهدون على الناس قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ﴾ البقرة143 والوسط في بعدها اللغوي المعجمي تحمل دلالات التميز والخيرية وتمام العدالة،ويستشهد الرازي على أن الوسط تعني العدل بدليل " الآية والخبر والشعر والنقل والمعنى، أما الآية فقوله تعالى: ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾ [ القلم: 28 ] أي أعدلهم، وأما الخبر فما روى القفال عن الثوري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أمة وسطاً قال عدلاً "[11] وقال عليه الصلاة والسلام: "خير الأمور أوسطها "أي أعدلها، وقيل: كان النبي صلى الله عليه وسلم أوسط قريش نسباً،وقال عليه الصلاة والسلام: " عليكم بالنمط الأوسط [12]" وأما الشعر فقول زهير:

هم وسط يرضى الأنام بحكمهم ♦♦♦ إذا نزلت إحدى الليالي العظائم

 

وأما النقل فقال الجوهري في «الصحاح»: ﴿ وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا ﴾ أي عدلاً وهو الذي قاله الأخفش والخليل وقطرب.

 

وأما المعنى فمن وجوه أحدها:

أن الوسط حقيقة في البعد عن الطرفين ولا شك أن طرفي الإفراط والتفريط رديئان فالمتوسط في الأخلاق يكون بعيداً عن الطرفين فكان معتدلاً فاضلاً.

 

وثانيها: إنما سمي العدل وسطاً لأنه لا يميل إلى أحد الخصمين، والعدل هو المعتدل الذي لا يميل إلى أحد الطرفين.

 

وثالثها: لا شك أن المراد بقوله: ﴿ وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا ﴾ طريقة المدح لهم لأنه لا يجوز أن يذكر الله تعالى وصفاً ويجعله كالعلة في أن جعلهم شهوداً له ثم يعطف على ذلك شهادة الرسول إلا وذلك مدح فثبت أن المراد بقوله: ( وسطاً ) ما يتعلق بالمدح في باب الدين، ولا يجوز أن يمدح الله الشهود حال حكمه عليهم بكونهم شهوداً إلا بكونهم عدولاً، فوجب أن يكون المراد بالوسط العدالة.

 

ورابعها: أن أعدل بقاع الشيء وسطه، لأن حكمه مع سائر أطرافه على سواء وعلى اعتدال، والأطراف يتسارع إليها الخلل والفساد والأواسط محمية محوطة فلما صح ذلك في الوسط صار كأنه عبارة عن المعتدل الذي لا يميل إلى جهة دون جهة."[13] وقال جل جلاله ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 78] وهذا الشهود الذي خص الله به هذه الأمة كان من وظيفة الرسل فقد كان عيسى بن مريم شهيداً على قومه قال تعالى:﴿ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [المائدة: 117]، ومن مميزات هذه الأمة أنها:

• أنها أمة توحيد و امتداد للحنيفية ملة ابراهيم الذين سمانا المسلمين، ﴿ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ﴾ [الحج: 78] وتؤمن بإله واحد. ﴿ وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163].

 

• أنها أمة وسط لا تقبل الإفراط ولا تقبل التفريط.

• أنها تعرف للأخر حقه ومنزلته ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

 

• أن دعوتها بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ النحل125.

 

ويؤمن المسلمون أن الله جلت قدرته خصهم بخصائص دون سائر الأمم منها:

1- أنها خير أمة أخرجت للناس وقد بين القرءان مقومات هذه الخيرية في آية﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110].

 

2- أن الله تعالى أحل لهم الغنائم ولم تحل لأحد من قبلهم.

 

3- أن الله تعالى جعل الأرض لهم مسجداً وطهوراً.

 

4- أن الله تعالى وضع عنهم الآصار والأغلال التي كانت على من قبلهم من الأمم،وكان من هذه الآصار والأغلال التي ابتليت بها أمم سالفة:

‌أ- كان إذا أصابت النجاسة ثوب أحدهم أمر أن يقرضه بالمقراض.

 

‌ب- أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يساكنوها في بيت ولم يؤاكلوها.

 

‌ج- كان في بني إسرائيل القصاص في القتلى، ولم يكن فيهم الدية.

 

‌د- كانت بنو إسرائيل إذا أذنب أحدُهم أصبح قد كتب كفارة ذلك على بابه.

 

ﻫ- كان من قبلنا صومهم الإمساك عن الكلام مع الطعام والشراب.

 

5- أعطيت يوم الجمعة سيد الأيام.

 

6- التجاوز عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.

 

7- محفوظة من الهلاك والاستئصال عن عامر بن سعد عن أبيه أنه أقبل مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" في طائفة من أصحابه من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلاً ثم انصرف إلينا فقال سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها[14] وفي بعض روايات الحديث وسألته أن لا يلبسهم ويذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها »[15].

 

8- عُصِمت من أن تجتمع على ضلالة.

 

ثانياً: ما خصت به هذه الأمة على غيرها في الآخرة:

1. يأتون يوم القيامة غراً محجلين

2. شهداء على الأمم

3. أول من تجتاز الصراط وتدخل الجنة

4. أعمالها قليلة وأجورها كثيرة وهم أكثر أهل الجنة

5. خصها الله بليلة القدر خير من ألف شهر.

 

ثالثا: النصارى "المسيحيون"وأهم مميزاتهم العقدية

المسحية كما يقول الأمير الحسن بن طلال تقوم على الاعتقاد "بأن المسيح يسوع الناصري يمثل في شخصه تجلي الله الكامل للبشرية وهو الذي ولد من مريم العذراء بين 7ق م و7 م متجسداً من الروح القدس ومات على الصليب "29 أو 30 م" في أورشليم أي القدس لخلاص البشرية وقام من القبر في اليوم الثالث وصعد إلى السماء واعداً بأن يبقى مع العالم (كل الأيام إلى انقضاء الدهر)"[16] ويعتبر الكثير من الدارسين أن التوحيد لدى الفرق المسيحية ليس توحيداً بل هو شرك خالص لأنهم يومنون بثلاثة أقانيم وخلاصة عقيدة التثليث "عند أربابها هي أن الإله مكون من ثلاثة اقانيم هي الأب والابن والروح القدس،وأن هذه الثلاثة تكون في مجموعها شيئاً واحداً هو الله الذي يدين له الكل،فهو موجود بذاته،ناطق بكلمته (أي ابنه) حي بروحه وكل عنصر من هذه العناصر التي تكون منها الإله يعطيه وصفا معينا، أو مظهراً خاصاً،فإذا تجلى بصفته ذاتاً سمي الأب وإذا نطق فهو الابن،وإذا ظهر كحياة فهو الروح القدس، فهل هو إله واحد مقسم إلى ثلاثة آلهة أم هو ثلاثة آلهة مستقلة؟ أم هو إله من جهة وثلاثة من جهة أخرى ويجيب الأستاذ عوض سمعان على هذا التساؤل فيقول الله واحد وثالوث،فهو واحد من جهة وثالوث من جهة أخرى فكما أن الإنسان واحد في مظهره،وفي الوقت نفسه هو جوهرياً مكون من ثلاثة عناصر هي الجسد والنفس والروح،كذلك الله فهو واحد من جهة وجامع أو شامل من جهة أخرى دون أي تعارض أو تناقض في ذاته،فالله واحد من جهة الجوهر أو الباطن وهو جامع من جهة التعيين أو الظاهرية وجوهر الله يسمى <اللاهوت > أي الله في جوهره،وهذا الجوهر نفسه بالنظر إلى تعينه وظهوره هو < الله > فالله هو اللاهوت معيناً واللاهوت هو الله جوهراً أي أن الله هو اللاهوت ظاهراً،واللاهوت هو الله مستتراً،والله واللاهوت واحد لأن جوهر الله هو عين تعينه،وتعينه هو عين جوهره "[17] ولا يخفى ما في هذا الكلام من لف ودوران ومحاولاة مضنية لتقريب مسألة التثليث إلي العقل،وهي محاولة لن تصمد أمام القواعد المنطقية والدليل البرهاني وهناك حقيقة تاريخية وهي أن عقيدة التثليث باعتبارها مرتكزاً عقدياً لم يتم ترسيمها إلا بعد مجمع نيقية،ويجهد علماء اللاهوت أنفسهم في سبيل في تقريب هذه المسألة إلى قلوب وعقول الناس فهذا يوحنا بن أبي زكرياء بن سباع في كتابه الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة يتناول مفهوم التوحيد عند المسيحيين حيث يقول (إن الباري تعالى ذكره ذات واحد لا إله إلا هو لا نظير لله في الإلهية ولا مثيل،في الأزلية ولا ضد يقاومه ولا نداً ينازعه،و أنه غير جسم وغير مركب وغير مؤلف وغير مبعض وغير مستحيل لا يشغل حيزاً، ولا يحويه مكان ولا يحصره زمان قديماً بلا ايتداء باق بلا انتهاء خفي في ذاته ظاهر في أفعاله، خلق الدنيا لما شاء كما شاء،ويفنيها إذا شاء كيف شاء،وأن هذه الإله الذي هذه أوصافه ذات واحد، ثلاثة أقانيم أب وبن وروح قدس)[18]ويحدد العلاقة بين عناصر الثالوث "الأقانيم" بقوله ف (أقنوم الأب قائما بذاته ناطقاً با الابن حياً بروح قدسه والابن قديماً بالأب ناطقا بخاصته حياً بروح قدسه،والروح القدس قائماً بالأب ناطقاً بالابن حياً بخاصته، تابعاً في التوحيد الذاتي والتثليث الصفاتي قول سيدنا يسوع المسيح في مقدس إنجيله "امضوا وتلمذوا كل الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس "28:19، بعد قوله للسائل له إن الله واحداً،هو وأن تحبه من كل القلب والنية،فهذه شهادة إنجيلية بتوحيد الذات وتثليث الصفات )[19] وحينما نقرأ كلام يوحنا بن أبي زكرياء لا يمكن أن ننظر إليه بمعزل عن الحاضن الثقافي الذي أنتجه وهو الثقافة العربية الإسلامية،وملامحها تتجلى في مجمل المصطلحات،ومناهج البرهنة والاستدلال، وعن تطور مفهوم الألوهية في الديانة المسيحية يقول عالم اللاهوت والأستاذ في جامعة بيرمنجهام الدكتور جون هك john hick "لقد اتضح لمؤلفي هذا الكتاب كما اتضح للعدد كبير من من مسيحيي اليوم أن المسيحية على امتداد تاريخها كانت حركة نامية متغيرة باستمرار،ونتيجة لذلك نمى لاهوتها في اتجاهات كثيرة غير محددة وكما قال أليوت تكيف المسيحية نفسها باستمرار لوضع يمكن معه الاعتقاد بها"[20]وخلاصة القول أنّ فرق النصارى مجمعون على عقيدة التثليث رغم ما شابها من مؤثرات وثنية تأتت من طبيعة الاحتكاك بين المسيحيين الأوائل والمجتمعات الوثنية التي كانت مسيطرة آنذاك، ويتجلى ذلك من خلال التقارب بل والتطابق أحياناً في بعض المعتقدات والطقوس.

 

رابعاً: النقاط المشتركة "المشتركات العقدية والخلقية":

الديانة المسيحية في أصلها وفي نشأتها ديانة سماوية توحيدية،لكنها بفعل التطورات والتراكم التاريخي تحولت من التوحيد الخالص إلى شرك خالص،ورغم كثرة الطوائف المسيحية وعمق الخلاف بينها فإن للإسلام نظرة خاصة اتجاه أهل الكتاب باعتبارهم أصحاب دين سماوي،فقد أباح الإسلام للمسلمين أكل طعامهم وتزوج نسائهم قال تعالى ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [المائدة: 5]، وخص النصارى بأنهم أقرب مودة للذين آمنوا،وحينما نتأمل المشتركات العقدية والخلقية التي تمثل جسر تواصل وأداة توافق وانسجام بين المسلمين والمسيحيين نجدها متعددة يجد كل منها بعده المرجعي وسنده التأصيلي في النصوص المقدسة للمسلمين والمسيحيين على حد سواء، فهناك مشتركات عقدية بين الديانات السماوية وهي كما بينها العلامة محمد بن علي الشوكاني في كتابه إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات "وأما مقاصد القرآن الكريم التي يكررها ويورد الأدلة الحسية والعقلية عليها ويشير إليها في جميع سوره وفي غالب قصصه وأمثاله فهي ثلاثة مقاصد يعرف ذلك من له كمال فهم وحسن تدبر وجودة تصور وفضل تفكر:

المقصد الأول إثبات التوحيد.

المقصد الثاني إثبات المعاد.


المقصد الثالث إثبات النبوات:[21] ويتفق المسلمون والمسيحيون في مبدأ الألوهية، أما التوحيد فعند النصارى لا يعتبر توحيداً،ويتفق الجميع على مبدأ المعاد رغم الاختلافات في طبيعته،وفي من يحاسب يوم الدينونة، كما يتفقون انطلاقاً من النصوص المقدسة على مبدأ النبوة،وإذا كانت النبوة لدى المسلمين تعني كمال الأفضلية والاصطفاء فإنها لدي غيرهم من أهل الكتاب لا تحمل كل تلك القدسية والمكانة.

 

ورغم أننا لا نستطيع الفصل بين القيم الخلقية والعقدية والتشريعية لأنها بمثابة كل متكامل والمقصد الشرعية من كل ذلك هو سعادة الإنسان في حياته الدنيوية والأخروية، ومع وجود المشتركات العقدية هناك مشتركات خلقية كثيرة منها قيم كبرى تندرج تحتها قيم كثيرة ومن ضمن هذه المشتركات:

أولا: كرامة الإنسان وقد أكد عليها القرآن قال تعالى ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ [الإسرا: ء70]ويكرم الله هذا الإنسان حينما يخلقه على صورته في أحسن تقويم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الْآنَ[22]، وفي الكتاب المقدس سفر التكوين أن الله خلق الإنسان على صورته "التكوين 1: 26 و قال الله نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الارض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الارض"ولا يخفي ما في النص من تشبيه وتجسيم للذات العلية،وهذا ما يعتبر مرفوضاً في المنهج العقدي الإسلامي الذي يقرر أن الله ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾ [الشورى:  11].

 

ثانيا: التسامح يحتل التسامح والعفو مكانة كبيرة في المنظومة الخلقية الإسلامية فنجد في القرآن آيات كريمة تمجد خلق التسامح والعفو وتحث عليه منها:

﴿ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 237].

﴿ إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ﴾ [النساء: 149]

﴿ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14]

﴿ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40].


ونفس المعنى يقرره الكتاب المقدس في آيات وفقرات كثيرة منها:

فإن كنتم تغفرون للناس زلاتهم،يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم. وإن كنتم لا تغفرون للناس زلاتهم،لا يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم. " (متى 15-6:14).


احتملوا بعضكم بعضاً وليسامح بعضكم بعضاً،إذا كانت لأحد شكوى من الآخر.


فكما سامحكم الرب، سامحوا أنتم أيضاً" (كولوسي 3:13).


وليكن بعضكم لبعض ملاطفـاً رحيمـاً،غافراً كما غفرالله لكم في المسيح. (أفسس 4:32).


وإذا قمتم للصلاة، وكان لكم شيْ على أحد فاغفروا له،حتى يغفر لكم أبوكم الذي في السماوات زلاتكم " (مرقس 11:25).


فدنا بطرس وقال ليسوع: يا سيد، كم مرةً يخطأ إليَّ أخي وأغفر له؟ أسـبـعَ مـــراتٍ؟فـأجابه يسـوع: لا سـبـعَ مـراتٍ، بـل سـبـعـيـن مـرةً سـبـعَ مـراتٍ. " (متى 18:21).


ثالثا: العدل:

أمر الله تبارك وتعالى بالعدل وحث عليه وجسد الرسول صلى الله عليه وسلم قيمة العدل في سلوكه العملي وقد سجلت مدونات التاريخ الإسلامي صفحات ذهبية من روائع العدل والإنصاف في تاريخ الإسلام وقد أمر الله بالعدل في نصوص كثيرة منها:

﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً ﴾ [النساء: 58].

﴿ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9].

ويقول شيخ الإسلام بن تيمية إن "الْعَدْلُ وَاجِبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالظُّلْمُ لَا يُبَاحُ شَيْءٌ مِنْهُ بِحَالِ حَتَّى إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَعْدِلُوا عَلَى الْكُفَّارِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾. وَالْمُؤْمِنُونَ كَانُوا يُعَادُونَ الْكَفَّارَ بِأَمْرِ اللَّهِ فَقَالَ تَعَالَى [ مُبَيِّنًا ]: لَا يَحْمِلُكُمْ بُغْضُكُمْ لِلْكُفَّارِ عَلَى أَنْ لَا تَعْدِلُوا عَلَيْهِمْ بَلْ اعْدِلُوا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى. المائدة8"ونفس المعنى تقرره نصوص الكتاب المقدس فقد جاء في سفر التثنية:

"16: 20 العدل العدل تتبع لكي تحيا وتمتلك الارض التي يعطيك الرب إلهك".

 

وورد في سفر حزقيال:

18: 8 ولم يعط بالربا ولم ياخذ مرابحة وكف يده عن الجور وأجرى العدل والحق بين الانسان والإنسان.


ومن رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي:

" 4: 1 أيها السادة قدموا للعبيد العدل و المساواة عالمين أن لكم أنتم أيضا سيدا في السماوات".

 

رابعا: البذل والعطاء ومكافحة الفقر وإغاثة الملهوف:

حث الرسول صلى الله عليه وسلم على إغاثة الملهوف باعتبارها عمل خير وإحسان وإغاثة الملهوف والتصدق على المحتاج من أهم العبادات المالية،وقد أمر الله بالإنفاق في أكثر من آية قال تعالى:

﴿ وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254].

 

﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 262].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [البقرة: 267].

 

﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ وَكَانَ اللّهُ بِهِم عَلِيماً ﴾ [النساء: 39].

﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً ﴾ [الفرقان: 67]

﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7].

 

﴿ وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10].

 

﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16].

 

ونفس المعاني والمضامين يدعو إليها الكتاب المقدس في نصوص كثيرة منها ما ورد في سفر استير الإصحاح الثالث الفقرة 33 الماء يطفئ النار الملتهبة والصدقة تكفر الخطايا،ويحتل الإحسان مكانة متميزة في الفكر المسيحي، وهناك موقف مميز عند القديس يوحنا الذهبي الفم إذ يناشد ويطلب بإلحاح من أبناء رعيته أن يسارعوا في الإحسان وتقديم الصدقات وأن يكونوا كرماء في سبيل الفقراء والمساكين، اذ يقول:"... الكلام في الإحسان مفيد في كل وقت ونحن كلنا بحاجة إلى رحمة الله خالقنا لا سيما في هذه الايام التي زاد فيها البرد. في زمن الصيف يجد الفقراء تعزية الطبيعة ودفأها. العراة يكتفون، بدلا عن اللباس، باشعة الشمس. يستطيعون النوم ملتحفين الارض. يشربون الماء من النبع ويقتانون العشب والثمار....أما في الشتاء فهم محاربون من كل جهة: الجوع يأكل أحشاءهم من الداخل والبرد يميت اجسادهم من الخارج يحتاجون إلى مزيد من الطعام، من اللباس، من سقف ولحف وأحذية وأشياء أخرى. لا يجدون عملاً يعملونه في الوقت الصعب. لذا علينا في مثل هذه الحالة أن نمد يد العون والإحسان إليهم. لنذكر ما فعله بولس الرسول من أجلهم.

 

يذكر الرسول بولس الفقراء في كل رسالة كتبها مع ضرورة الإحسان إليهم. تكلم مثلا عن القيامة ثم انتقل إلى موضوع إعانة فقراء أورشليم قال:" وأما من جهة الجمع إلى القديسين فكما أوصيت كنائس غلاطية هكذا افعلوا أنتم أيضا. في كل أول أسبوع ( أي نهار الأحد ) ليضع كل واحد منكم ما عنده.. ومتى حضرت فالذين تستحسنوهم أرسلهم برسائل ليحملوا إحسانكم إلى أورشليم " 1كورنثوس 16: 1-3 )[23].

 

خامساً: أهم العوائق أمام بناء السلم وتحقيق التعايش:

يواجه المجتمع البشري الكثير من المعوقات التي تواجه التعايش والتعاون بين مكوناته وأفراده ومن أكبر العوائق التي تحول دون التفاهم والتعاون بين المجتمع البشري:

• نزعات الهيمنة والتسلط وإلغاء الآخر ديناً وحضارة وثقافة ومنهج حياة [24]،ويحتدم صراع الهيمنة في الوقت الراهن بين الشمال المتغلب بقطبيه الأوربي والأمريكي،والجنوب المغلوب والمستعمر بشتى أنواع الاستعمار "الظاهر والمقنع"،وهذه النزعة الإقصائية تمثل عقبة كؤوداً فالتمايز الديني والثقافي والحضاري حقيقة واقعية وتجاهلها يعتبر أمرا بالغ الخطورة ومنطق العولمة حينما يسعي إلى الإعلاء من شأن ثقافة طرف وفرض هيمنة قيمه ومثله على بقية الأطراف فلن ينعم المجتمع البشري بالوئام،فلا بد من التخلي عن نزعة الإلغاء واستغلال التنوع والاختلاف بشكل خلاق يثري المجتمع ويقوي أواصر المحبة والإخاء.

• [25] وهذا النص الذي أصدره المجمع الفاتيكاني سنة 1965 ويرمي فيه إلى التأسيس لنظرة لاهوتية جديدة تدخل في مشمولات الخلاص أصحاب الملل والنحل الأخري من مسلمين ويهود وحتى وثنيين،ولكن كثيراً مما يصدر من مواثيق ووثائق مرجعية كثيراً ما تبقى حبيسة رفوف المكتبات المتخصصة،وقلما تجد طريقها للتنفيذ،وما لم تكن هذه التوجهات أداة مرجعية وموجها للسلوك فمعنى ذلك أنها ستظل حبراً على ورق، وقبل أن يتم تناسي الماضي لا بد من رفع الظلم الحاضر فجهود المستشرقين المغرضة،والمنصرين المتعصبين تصيب الجسم الإسلامي في الصميم، خصوصا وأنّ المنصرين يستغلون عوز وفقر المسمين ليصدوهم عن دينهم تحت إكراه الحاجة والفقر وهذه النقطة هي التي جعلت المفكر محمد عمارة يؤلف كتابا بعنوان الإسلام والآخر من يعترف بمن؟.

 

• انعدام الرؤية المستقبلية الشمولية لمسألة الحوار،فما جرى من جولات ودورات حوارية كانت في الغالب تؤطرها وتحدد مسارها توجهات سياسية ترمي لتحقيق أهداف مرحلية قصيرة المدى، أو حواراً مدعوماً من قوى استعمارية تطبع تعاملها مع الآخر روح القسرية والاستعلاء، وهنا يجد المسلمون أنفسهم مستهدفين في عقيدتهم وثقافتهم وجميع مكونات شخصيتهم الثقافية والدينية من خلال الإستعمار وأدواته المصاحبة وعلى رأسها الإستشراق والمستشرقون الذين يستهدفون في الغالب البنية العقدية والثقافية والتنصير الذي يستهدف المقومات الخلقية والدينية، والاستعمار والمستعمرون يرعون الجبهتين "المنصرين والمستشرقين" ويوفرون لهما الدعم والحماية، وأمام هذا الواقع يجد المسلمون أن الحوار في ظل هذه الحرب الثلاثية الأبعاد مضيعة للوقت،ولا معنى له.

 

• ومن عوائق التواصل والتعاون بين المسلمين والمسيحيين أن عقلية الحروب الصليبية وما خلفته من حقد وضغينة ما زال ماثلاً في المخيلة الدينية الغربية وحسبنا هنا أن نستحضر تصريح الرئيس جورج بوش الإبن بعد أحداث 11 سبتمبر حين صرح بأن هذه حرب صليبية،وما غرب عن خلده في غمرة ذلك الانفعال الأهوج أن الحروب الصليبية كان في الغالب المهاجم فيها هو الطرف المسيحي وليس الطرف المسلم، ورغم تصريحاته المحتشمة التي حاول فيها تصويب خطئه فإنّ ما عبر عنه في تلك اللحظة يعتبر أصدق تعبير عن تلك النظرة الحاقدة والمتربصة اتجاه المسلمين،وما أقدم عليه بأفعاله من قتل وتدمير وإبادة لشعوب إسلامية آمنة وترويعها بأفظع ما توصل إليه العقل الأمريكي من وسائل الترويع والتقتيل والتدمير لهو أصدق بيان على ذلك الحقد والضغينة،ولم يكن الزعيم الأمريكي بدعاً في ذهب إليه ففي سنة 1920 استحضر الجنرال الفرنسي غورو قائد الحملة الفرنسية لاحتلال سوريا عقلية الحرب الصليبية بقوله أمام قبر البطل المجاهد صلاح الدين الأيوبي في دمشق "ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين" قاصداً أن الصليبيين الذين هزمهم صلاح الدين في حطين في القرن الثاني عشر قد عادوا مرة أخرى في القرن العشرين بعد أكثر من سبعمائة مضت على تصفية وجود الصليبيين في المشرق العربي الإسلامي[26].

 

• ومن هذه العوائق عدم التصدي لدعوات صدام الحضارات،الذي يعد عائقاً دون ترسيخ قيم التعايش وثقافة السلم،والمطلوب الضروري في الوقت الراهن هو تثمين الدعوات الجادة لحوار الحضارات،خصوصاً وأن البشرية قد اكتوت بالتصرفات الطائشة لدعاة صدام الحضارات (المحافظين الجدد) وقد أدرك العالم أجمع أن المحافظين الجدد سببوا للبشرية الكثير من المآسي والمعاناة،وهذا يتطلب كذلك تغيير الصورة النمطية للمسلم في المخيلة والذهن الغربي،ووقف الحرب الإعلامية التي يخوضها الغرب ضد الإسلام، والتصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا، واحترام المقدسات،والقيم والخصوصيات الدينية سبيلاً لتعايش سلمي يعلي من شأن ثقافة السلم ويقوي أواصر المحبة والإخاء،ولا بد من وضع ضوابط قانونية ناظمة تفصل بين الحرية الفردية والحق الجمعي،وبين حرية الأفراد واحترام المقدسات.

 

خاتمة تحدد الاستنتاجات والخلاصات المهمة للورقة:

بالمختصر المفيد نستطيع أن نجزم أن إمكانات التعاون قائمة وفرصه متاحة إن توفرت الإرادات وصفت النيات ففي المشتركات الخلقية فضاء فسيح يسع كل أفراد الجنس البشري على اختلاف ألوانه وأجناسه،ففي هذه المشتركات تجد الحافز القوي والدافع لجلب الخير ودرء الضر انسجاماً مع نوازع الخير في هذا العصر الذي أصبحت فيه أسلحة الدمار الشامل تمثل شبحاً يهدد الوجود البشري في وجوده وكيانه،وأمام هذا الخطر المحدق بدل أن تنطلق دعوات راشدة لتجنيب البشرية ويلات الحروب انطلقت الأصوات مرتفعة بنظرية صدام الحضارات التي تنبأ بها صموئيل هنتغتون حيث يقول "السياسة الكونية يعاد تشكيلها الآن على امتداد الخطوط الثقافية مدفوعة بالتحديث، الشعوب ذات الثقافات المتشابهة تتقارب، والشعوب والدول ذات الثقافات المختلفة تتباعد.الإنحيازات التي تعتمد على الإيديولوجية والعلاقات مع القوى الكبرى تفسح الطريق لتلك التي تعتمد على الثقافة والحضارة، الحدود السياسية يعاد رسمها لكي تتوافق مع الحدود الثقافية: العرقية والدينية والحضارية.المجتمعات الثقافية تحل محل تكتلات الحرب الباردة، وخطوط التقسيم بين الحضارات تصبح هي خطوط الصراع الرئيسية في السياسة العالمية"[27]وبما أن دعوة صدام الحضارات أثبتت فشلها في تحقيق التعايش بين الشعوب فقد آن الأوان لتبني دعوة حوار الثقافات، ولو تم التنسيق والتكامل بين الجهود المشتة للمسلمين في مجال التحاور مع الآخر لكان ذلك أجدى، فمؤتمر الدوحة السنوي الذي يضم نخباً من أتباع الديانات، وغيره من نشاطات وفعالية تنظم هنا أو هناك لو كان بينها تنسيق لكانت النتيجة أكبر والمردودية أفضل، ورغم جزمنا أن اليهود والنصارى لن يرضوا عن المسلمين بدليل ﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ﴾ [البقرة: 120] إلا أن ما ننشده هو وضع قواعد وتأسيس أسس تحقق للتعارف المفضي للتعايش سبيلاً لإسعاد البشرية وتجنيبها ويلات سلوكها المنحرف ونوازعها الشريرة،وفي شرعنا لذلك مستند وأصل متين.

 

وأختم بالصلاة على النبي الحبيب وآله وأصحابه وأزواجه وذريته وبقول الله جل جلاله ْسُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.

 

والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل



[1] شمس العرب تشرق على العرب زيكريد هونكة صفحة 37/38 ترجمة فاروق بيضون وكمال دسوقي دار الجيل - دار الأفاق.

[2] مقدمة ابن خلدون - (1 / 5).

[3] أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها التبشير - الاستشراق - الاستعمار دراسة وتحميل وتوجيه تاليف عبد الرحمن بن حبنكة الميداني.

[4] ماهية الحروب الصليبية تأليف قاسم عبد قاسم صفحة 7، سلسلة عالم المعرفة التي يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب - الكويت رقم 149.

[5] تفسير الطبري - (15 / 538).

[6] تفسير الطبري - (15 / 538).

[7] الكشاف - (3 / 136).

[8] الكشاف - (3 / 136).

[9] تفسير البيضاوي - (3 / 126).

[10] الحديث أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ثناء الناس علي الميت،و أخرجه مسلم في كتاب الجنائز في بَاب فِيمَنْ يُثْنَى عَلَيْهِ خَيْرٌ أَوْ شَرٌّ مِنْ الْمَوْتَى.

[11] الحديث أخرجه البخاري ونصه: عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ هَلْ بَلَّغْتَ فَيَقُولُ نَعَمْ يَا رَبِّ. فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ هَلْ بَلَّغَكُمْ فَيَقُولُونَ مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ مَنْ شُهُودُكَ فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ. فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ ». ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ قَالَ عَدْلاً. ورد هذا الحديث في كتاب الاعتصام بالكتاب باب قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾.

[12]اخرجه أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي (159 ـ 235 هـ)في مصنفه في كتاب الزهد،كلام علي بن أبي طالب والأثر من كلام علي ونصه: خَيْرُ النَّاسِ هَذَا النَّمَطُ الأَوْسَطُ يَلْحَقُ بِهِمَ التَّالِي، وَيَرْجِعُ إلَيْهِمَ الْعَالِي.وليس حديثا كما ذكر الرازي رحمه الله.

[13] تفسير الفخر الرازي، المشتهر بالتفسير الكبير و مفاتيح الغيب أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ) (2 / 389).

[14] متفق عليه رواه البخاري في

[15] مسند عبد الله بن خباب، عن أبيه خباب في مسند البزار.

[16] المسيحية في العالم العربي الأمير الحسن بن طلال صفحة 13.

[17] العقائد المسيحية بين القرءان والعقل الدكتور هاشم جودة صفحة 141/142سنة 1400هـالموافق 1980م مطبعة الأمانة مصر.

[18] الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة يوحنا بن أبي زكرياء بن سباع صفحتي 5 و 6 ترجمة مؤلفات المركز الفرنسيسكاني للدراسات الشرقية المسيحية القاهرة مطبعة القاهرة الجديدة 1966.

[19] الجوهرة النفيسة صفحة 6.

[20] دراسات معاصرة في العهد الجديد والعقائد النصرانية،تأليف الدكتور محمد علي البار صفحة 43 طبعة دار القلم دمشق.

[21] إرشاد الثقات إلى إتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات محمد بن علي الشوكاني صفحتي 3 و 4 الناشر دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى، 1984.

[22] صحيح البخاري كِتَاب الِاسْتِئْذَانِ بَاب بَدْءِ السَّلَامِ.

[23] شبكة القديس سيرافيم ساروف الأورثوذكسية.

ttp://www.serafemsarof.com/vb/showthread.php?t=4208

[24] تناول الدكتور محمد عمارة جوانب من هذا الموضوع في كتابه صراع القيم بين الغرب والإسلام

[25] الموسوعة العربية المسيحيةhttp://198.62.75.1/www1/ofm/1god/concili/vaticano-II/nostra-aetate/1-5.htm

[26] موجز تاريخ الحروب الصليبية تأليف مصطفى وهبة صفحة 5 مكتبة الإيمان المنصورة مصر الطبعة الأولى 1418هـ الموافق 1997

[27] صدام الحضارات صموئيل هنتغتون صفحة 202ترجمة طلعت الشايب طبعة ثانية 1999





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المسلمون والمسيحيون في الشرق
  • والمسلمون أيضا أتباع المسيح عيسى عليه السلام
  • دين المسيح كان التوحيد

مختارات من الشبكة

  • ميانمار: زيادة نقاط التفتيش للتضييق على مسلمي الروهنجيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ميانمار: نقاط تفتيش مكثفة بهدف ابتزاز مسلمي الروهنجيا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إشراقة أمل (17)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نقطة ضوء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القول الفصل في نظم باب الفصل والوصل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مذكرات رحالة عن المصريين وعاداتهم وتقاليدهم في الربع الأخير من القرن 18 (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نقاط مهمة في سبيل مرافقة طالب الترجمة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نقاط إيجابية يمكن الأخذ بها في النظام التعليمي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مهمات في الإملاء: دروس ميسرة في نقاط مختصرة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نقاط مهمة في أحكام الخلع(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب