• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة كاتب الألوكة الثانية / المشاركات المرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية / قسم القصة القصيرة
علامة باركود

طيبة طيباء (قصة قصيرة)

طيبة طيباء
الهاشمي الحسين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2011 ميلادي - 29/12/1432 هجري

الزيارات: 8711

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

طيبة طيباء

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

قال الراوي:

تحصَّنت قرية "قويبسن" منذ زمن بعيدٍ في شِعاب خفيَّة من أودية جبل دمّر، فرَّ أهلها من غُزاة سهل الجفارة، واحْتَموا بظهر الجبل، كان صدر الجبل بهم رحيمًا، وكانت شِعابه أكثر شَفَقَة من مفاجآت الطريق القاتلة، ومن قسوة الغُزاة القادمين من وراء البحار، وهناك اختطُّوا قريتهم جُملة من المغاور، حفروها بما أوتوا من أيد عاملة، فكأنَّما نبَشوها بأظافرهم أو ابْتَكَروها من اعتصارات الألَم وإرهاصات الأمل، كان يَحدوهم الأمل في المَنعة، ويُشجِّعهم اختفاء الشِّعاب وصعوبة الأوْدِية على مزيد التَّعمير، فتناثَرت المنازل المحفورة والمنقورة في سَفْحين متقابلين للجبل، وكان من أمهر الحفَّارين بين سكَّان تلك القرية الشيخ "عبدالغفار اللواتي"، الذي كوَّن جيشًا من العُمَّال البارعين في التعامل مع التراب والصخور، وما هي إلا سنوات حتى انتشَرت المنازل الحفريَّة، جُملة من المغاور مصطفَّة متلاصقة في مجمعين واسِعَين ضمن كُنَن الجبل، وسُدَّت كلُّ الشِّعاب - طوابي ومصارفَ - ثم غمَرتها شُجيرات التين والزيتون، والنخيل واللوز، حتى صار وادي "قويبسن" واديًا ذا زرعٍ وضَرْعٍ، وكان عبدالغفار لا يَنفكُّ ينظِّم - صُحبةَ أعيان الميعاد - أحوال القرية، ويُتابع كلَّ معمار جديد فيها، وتوافَد على أهل القرية النازحون من بلاد بعيدة، واشتَبَكت صِلاتهم بالقرى المجاورة؛ حتى صاروا مقصدَ المُرَحَّلين عن كلِّ قرى السواحل.

 

نما الزَّرع وزاد الضَّرع والشيخ عبدالغفار الحفَّار يَنبش الأرض، ويرسم في كلِّ يوم رُكنًا من بيت جديدٍ، أو سقفًا من مغارة معزَّزة، ولَم يكن يَمنعه عن مواصلة العمل نهايات الأسبوع غير حَرص أقرانه على تناوُب حراسة القرية من مراقب كانت قد شُيِّدت في قمم الجبال المحيطة، وكان لا بدَّ لعبدالغفار أن يبيتَ ليلتين ساهرًا على أمن الناس، صادًّا لغارات لصوص مُحترفين، وتعلَّم عبدالغفار اللواتي الرِّماية؛ حتى صار من أمهر الصيَّادين في قريته، فَوَلع بها، وصاد الغِزلان والوعول مِرارًا عديدة.

 

ثم قلَّ اهتمامه بحفر المنازل وهو في بداية كهولته، لقد صارَ النَّاس يومها أميلَ إلى بناء الغُرَف وتشييد القصور: "ها هي القلعة تعلو بالقمَّة الغربية تاجًا، وها هي المنازل التي حفَرتها يا عبدالغفَّار تُكسى بجدران أماميَّة من الحجارة والجبس، بل تُخفى محفوراتك بغُرف بديعة مسطَّحة ومُقبَّبة، نَسِيك الناس، أو تَرَكوك ولَم يَبقَ لك مِن شُغل قارٍّ بينهم".

 

وكانتْ تأتي عليه أيَّام يَنسى فيها قريته، فيُهمِل دوره في الحراسة، ولا يسأل أحدٌ عنه، عَزَف الناس عن طلب مِهنته واحْتَقروه، واضطرَّ أنْ يُصبح صاحب جبَّاسة يعدُّ الجبس للبنَّائين، ويَنظر إليهم بعين الغَيْظ والحسد: "هؤلاء القادمون من قرًى بعيدة، هم الذين قطَعوا رِزقك، جاؤوك بما لَم تكن تَستطيعه، أخَذوا كلَّ أموال القرية وهم في كلِّ يوم يأتون بغريبة، قصور وقلاع، وحتى المَراقب صارَت تُبنى بالحجارة والجبس، وعليك أن تُعدَّ الجبس؛ حتى تَلتحس النار أهدابَ عينيك، و"شَنَب" وجْهك، وشَعْر لِحيتك، ما الذي بَقِي لك من رجولة تُقابِل بها الفتيان في قريتك؟".

 

ظلَّ عبدالغفَّار صامدًا في مِهنته الجديدة، وقد يَجود الوقت بين الحين والآخر بمغارة تُحفر أو بماجل يُنقر، أو بطابية تُرَمَّم، أو بجِسْرٍ يُتَعهَّد، كان ذلك العمل على مشقَّته يملأ بعض وقته صُحبة فريقه العائلي الضيِّق.

 

لقد هجَرَه كلُّ العمَّال السابقين وأغْرَتهم مداخيل البناء، ولَم يَمكث معه سوى بعض أفراد عائلته، فكوَّن منهم فريقًا عاملاً نشيطًا، لكن هَيْهَات، مداخيل مِهَن التراب ضئيلة، وقلَّما تُسْتوفَى نقدًا، لقد كان يستخلص متاعبه من محاصيل الزراعة: شعيرًا وزيتًا، وتمرًا وتينًا، ومن بعض المواشي أحيانًا، أمَّا النقود والذهب، فكانت تذهب جميعها إلى البنَّائين الْمَهرَة وبعض الباعة الجوَّالين الذين يَصِلون إلى القرية بعد مَشقَّة، حاملين مع بضائع المدن والأسواق أخبار الخصوبة والخيرات العميمة في إفريقيَّة البعيدة، وكان المدخول النقدي الوحيد الذي يحصل عليه هو ما يَجمعه من بيع مادَّة الجبس في جبَّاسته لبنَّائي القرية.

 

تناثَرَت الغُرف وتعدَّدت القصور بالقرية، ورُكِّبَت ساقية الماء في العين، وحُفِرت بئران جديدتان وبُنيَتَا، لَم يُدْعَ عبدالغفار لا للحفر، ولا للبناء، ولكنَّه مطالب بدَفْع قِسط عائلي كبير من تكاليف ذلك العمل لمُستخرجي الماء، غاظَه أن يتَّخذ أهل القرية هذا القرار من ورائه، وهو الذي حفر البئر الأولى وسَقَى من مائها القرية عشرين سنة؛ لذلك قرَّر ألاَّ يَرِدَ ماء البئرين الجديدتين، وظلَّ يرتاد بئرَه الأولى.

 

لقد صارَت جزءًا من كيِانه لا يُفارقه، فلا ينفكُّ يمتاح ماءَها، ويتعهَّدها بالتنظيف والإصلاح؛ لوقوعها في عُمق الوادي، هناك على أطراف هذه البئر، عَرَفت حفيدته طيباء طفولتها، كانت البنت الأولى لابنه الوحيد عثمان، سمَّاها بنفسه تيمُّنًا بطيب زمنٍ قد يَقْدُم وهو في عُمق أزمته، لقد وُلِدت يوم حلَّ البنَّاؤون بالقرية، لَم تكن طالعَ شؤمٍ كما تقول جَدَّتُها، كانت في عين جدِّها عبدالغفار كل بسمة في الحياة، يأوي إلى براءة طفولتها، فيَنسى متاعب العمل ومكايد البنَّائين، وتنكُّر شباب أهل القرية جميعًا لفَضْله عليهم، كان يأوي إليها وهي بنت السنوات الأربع يُحَدِّثها بكلِّ همومه، ويُلاعبها فيَحملها معه إلى أمكنة عمله، ويصنع لها من الطوب والرمل والحجارة ألعابًا مُريحة تَعشقها؛ حتى تمضي اليوم في تخيُّر لُعَبها ومُعَابثته.

 

وعند البئر القديمة كانت تجلس إليه كل مساء، وقد انضمَّ إليه بعض شيوخ القرية ممن لا يَزال يعترف بفَضْل عبدالغفار، ويَنتشر الحديث بينهم وطيباء حفيدته تلاعبهم، تغنِّي لهم وتركض بين أجذاع النخيل الوارفة، فيُلاحقها جدُّها باسمًا كالمترنِّح: "هذا البئر وتلك النخيلات، ماذا يمكن أن تُصبح لو تخلَّيت عنها يومًا يا عبدالغفار؟".

 

• عبدالغفار، أنت أصغر من عُمرك خمسين سنة، تلاعب هذه الحفيدة كأنَّك في سنِّها.

 

• بل هي كلُّ المُتعة يا مروان، لقد أنْسَتني كلَّ همومي، أريد الحياة نشيطة بريئة في قريتنا.

 

• لقد انتهَت تلك الأيام البسيطة لَمَّا كنَّا نتغدَّى على بِساط واحدٍ، وننام بفناءٍ موحَّد، ونَحرس جميعًا معًا قريتنا.

 

• وما الذي حلَّ يا شيخ مسعود؟

 

• سُنَّة الحياة يا مروان، هي سنة الحياة؛ ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ﴾ [مريم: 59].

 

لنَنزوِ جانبًا ونرَ ما هم فاعلون، شبابنا اليوم غير راضين بأسلوب حياتنا القديمة.

 

• أنا صاحبكم عبدالغفار الحفَّار، قد قال لي أمس بعض شبابنا: ابقوا كالجِرذان تسكنون مغاوركم في قِمم جبالكم، نحن سنبني مدينتنا في أطراف الوادي.

 

• يا لَهم من مجانين، لن يَرحمهم العدوُّ الغازي ولا الوادي الهادر، ولا رطوبة الواحة.

 

• يريدون الراحة ويَظنُّون البناء أجدى من الحفر وأمْنَع، سيرون في قادم الأيَّام يا شيخ مروان، وتُقْدِم طيباء مسرعة، تُطلق صَيْحاتها أسرعَ من ساقَيْها: جدِّي، جَدِّي، لقد برَز لي من بين النخيلات ثعبان مُوحِش.

 

ويظلُّ الجدُّ عبدالغفار ساهرًا ليلته، يُراقب المَعْطِن بسلاحه الناري، وَحْده ظلَّ منتظرًا؛ حتى ظَفِر بالثعبان، وبطلقة واحدة قَطَعت سكون الليل في الوادي، أنهى حياة الثعبان وعاد فعلَّقه في أعلى نخلة من نخلات الواحة.

 

ثم دارَت الأيَّام دَوْرتها، باع أهل القرية الكثير من مواشيهم ومحاصيلهم الزراعيَّة من طوابيهم وجسورهم؛ حتى يدفعوا أُجرة البنَّائين، وزادَت كُلفة التعمير ثقلاً على أهل القرية، لكن مشروع القرية الجديدة لا بدَّ أن يتمَّ، وانقَطَع العم عبدالغفار عن الحفر، ولَم يَبْق له من موردٍ غير الجبَّاسة العائليَّة، اضطرَّ ابنه الوحيد عثمان إلى الهجرة نحو إفريقيَّة تاركًا له مسؤوليَّة عائلة من ثمانية أفراد، وحلَّت محلَّه طيباء في مساعدة جَدِّها، كانت تعدُّ الحَطَب وتُراقِب مراحل حَرْق الجبس بانتباهٍ، وتَحرص ألاَّ يَصِلَ جدُّها إلاَّ وقد جهَّز الجبس، فصار مُعدًّا للبيع، وكم كان يسعد عندما يَبتاع من بعض أهل القرية محاصيلهم بنقوده القليلة من الجباسة، كان يُخَزِّن كلَّ المحاصيل في مغاور سُفليَّة من منزله الحفري، حفَرها بنفسه وأقام بها مطامير ومواجل وأَقْبِيَة عديدة، لكنَّه اضطرَّ لطِلائها، فاكْتَرَى بنَّائين لمدَّة كانت كافية لإفقاره، لو طالتْ أكثرَ من شهر.

 

واقترَح عليه أهل الحلال أن يُنشئ له جيَّارة، فقد صار طلبُ الجير في القرى المجاورة مكثَّفًا، وشجَّعته طيباء؛ رغبة منها في استعادة البسمة إلى شيخ عائلة لَم يُساعده وليده الوحيد على أعباء الحياة، وكانت الجيَّارة البسيطة كبيرة حارقة، شقَّ عليه وهو شيخ الستين أن يتركَ الصبيَّة طيباء وَحْدها تُراقب الجيَّارة والجبَّاسة تباعًا، فقرَّر مصاحبتها، وكان برد الشتاء يُصيب أطرافه بلذعٍ يُجَمِّد الدَّمَ في العروق، لا بأْسَ أن يقتربَ من جيَّارته ويتدفَّأ، ولَيْته لَم يَخْطُ نحوها خُطوة واحدة، لقد اصطكَّت فرائصه، فانكبَّ على وجهه ويداه داخلها، ولولا قُرب طيباء منه، لاكتوى بنارها الهامدة كلُّ جسمه، غمَرت تربة الجير الحارقة كلَّ رأسه، ولَم يُشْفَ من آثارها إلاَّ وقد فقَد البصر وتغيَّرت ملامح وجهه.

 

"كذا أنت يا عبدالغفار، ترتدُّ أعمى ولا مُعين لك، هَجَرك الولد، وتعلَّق بك العيال، وكلُّ أهل طيبة قد تَناسَوك، أعمى شيخًا عاجزًا في رُكن رَكين".

 

إلاَّ طيباء فقد ازدادَت وَلَعًا بجدِّها، فكانت تَصحبه كلَّ مساء في جولة حتى البئر الأولى، وهناك يجلس مُستذكرًا شبابَه ويهمُّ بمطاردتها، كما كانت صبية لولا أن تُمسك عصاه وهي تَمزح: "أُراهن على هذه العصا إن غلَبتك، أفتكّها منك جدّي".

 

ويَنفجر ضاحكًا في وجهها، حتى إذا اخْتَفَت بحَّ الحَلْق منه غصَّة من الألَم وجرعات من الأسى.

 

منَعته طيباء من العمل، وتكفَّلت صحبة أخواتها وإخوتها الصغار بالجيَّارة والجبَّاسة، وصارت أكثر نشاطًا من ذي قبل، تُحاسبه كلَّ مساء على مدخول نقدي يتلمَّس صُرَّته، فتَلتمع أسارير مسرَّته، ولا ينسى أن يوصي بعَوْلة العِيال تُخَزَّن من كلِّ مدخول مُهمٍّ.

 

وفي الليل كانت طيباء لا تُفارقه حتى ينام، توقِد الموقد أمامه، وتُسامره بأحاديث الناس من حوله.

 

لِمْ يكن يَغيب عنه أيُّ خبرٍ حادث؛ حتى غدت طيباء محلَّ ثقته ومَخزن أسراره.

 

قال لها ذات يوم: "كيف حال البئر الأولى؟".

 

ردَّت في صوت من الزَّهو: فاضَت حين غاضَت الآبار الجديدة، وشَحَّت عين الماء.

 

فأطْلَق صيحة مُفزعة، وقال: هل حَلَّ الجفاف بقريتنا، هذه بداية العلامات، وما أسرع ما تغيَّرت الأحوال سبع سنين عِجاف، قطرات المطر فيها نزرةٌ، وعيون الماء قد نَشَفت وزادَت الآبار عوزًا، فانسدَّت قُرب انتهاء مخزون المواجل، وقلَّت المحاصيل؛ حتى فَرَغت المطامير وهَزُلت الأغنام، وانتشرَت بينها الأوبئة.

 

• لقد مات ثلاثة من أفراد عائلة الهميلي بمرض خبيثٍ، لَم نعرف سرَّه يا جدِّي.

 

• باعدي يا طيباء أن تَبيعيهم جبسًا أو جيرًا؛ إنَّه الطاعون، لا تَقربوا بيوتهم؛ حتى لا تَهلكوا.

 

وانتشَر الخبر أسرع من الطاعون في الأجساد، جرَف الجوع والقحط والمرض مئات الأرواح إلى اللُّحود، وبدَأت العائلات تنتظر مصيرها المُفزع، حلَّ البلاء بـ"قويبسن" ولا مَفرَّ من الجلاء عنها، صارت قرية موبوءة، وصار أهلها أعجز من أن يعملوا أو يُنتجوا شيئًا، شُجَيرات التين تتهاوى يابسة "خائخة"، وأشجار الزيتون تَنتفض عن صُفرة الاضمحلال مُسَوَّسة صامتة.

 

• أمَّا النخل فيموت كلَّ يوم واقفًا كأنَّما يَحترق بالنَّار يا جدِّي.

 

هكذا كانت طيباء تردِّد على مسمع جدِّها وهو صامت لا يُحرِّك ساكنًا، حتى قالت له يومًا بصوت مُرتعش: "جدِّي، لقد أصاب الدَّاء جدَّتي الخضراء، أدركها فهي تعاني سكرات الموت".

 

وكان موت الجدَّة كافيًا ليُعيد الولد عثمان إلى القرية عودة خاطفة، ولا مفرَّ لأهل "قويبسن"، بل لمن تبقَّى منهم قادرًا على المشي أن يُصاحبه سالكًا طريق الجلوة إلى إفريقيَّة، وكيف الحال بالكبار العُجَّز؟ قرَّ قرار ميعاد القرية أن يُغلقوا فُوَّهات المنازل على شيوخهم وعجائزهم مع بعض الزَّاد الشحيح؛ حتى تكون مضاجعهم مقابرهم القادمة.

 

• لا بدَّ أن نُطيِّنَ على كلِّ شيخ وعجوز، غدًا يرحل كلُّ أهل القرية يا جدِّي، وسيُبقونك وحيدًا في هذا البيت الحفري المطمور.

 

• تنهَّد من أعماق نفسه وقال: طيباء، أنتِ الملاذ.

 

أسرَعت خارج الحجرة، وانْهَمَرت باكية، ثم صاحَت في وجه عائلتها المستعدَّة للرحيل: لن أرحلَ معكم، سأظلُّ مع جدِّي، طيِّنوا علينا أو دَعُونا، فلن أُبْقِيَه وحْده.

 

• لكنَّ الزَّاد المتبقِّي لن يَكفيكما لأسبوع واحد.

 

• ورائحة الطاعون لن تجدَ مَن تَعلق به سواكِ.

 

• ليَكن فالموت في الموطن أشرف من التَّيه في طُرقات البراري.

 

وانطَلَق رَكْب العائلات شتاتًا موزَّعين في الطُّرقات، يفنى الضعيف منهم فيُدْفن، ويبقى المتقاوي منهم، فيستمر في تيهه وتشرُّده، مُنتظرًا حُلم إفريقيَّة والعيش الكريم، لكن هَيْهَات.

 

كان ذاك المساء من أثقل الأيام على طيباء وجدِّها، خرَجا معًا نحو البئر القديمة: "هنا كان يجلس مروان وهنا وهناك كان يطلُّ مسعود، وفي هذا الوادي قتَلت الثعبان، لقد فتَك الطاعون بالجميع إلاَّ أنتَ وطيباء، هل قدركما أن تَنتهيا جِيَفًا للضياع؟".

 

• تأمَّلي طيباء، هل من نور قادحٍ في هذه المنازل الجديدة؟

 

• أبدًا جدِّي، تَفوح منها رائحة الموت، فتَك الطاعون بها جميعًا فخَرِبت، ولَم يكن الليل أقلَّ قسوة من الأماسي، وحشة خالصة في ظلمة قاتمة وشِعاب هامدة، رياح الشهيلي تهبُّ لافِحة، فتسفُّ التراب وتتجاوب أصداء الفراغ في جَنبات الجبل صفيرَ خيبة ووحشة في تلك القِفار القاهرة، حتى إذا شَعَرت طيباء بقلق وحْدتها، دفَعت باب البيت الحفري، وأحْكَمت إغلاقه، ودَعَت جدها إلى نوم مُسترسل، لَم يَكن يقطعه شيء غير كوابيس الوحدة والوحشة.

 

ومرَّت أيَّام الأسبوع الأوَّل أعوامًا، لَم يكن الشيخ عبدالغفار يَدَع حفيدته وَحْدها لحظة، كان يَصحبها في جمع الحَطَب وفي تنظيف البيت، وكان يُلازمها فتَحنو عليه، وتَزيد تطمينًا لقلبه كلَّما هزَّته الذكرى، وهو يقف على قبر صديق من أصدقائه؛ حتى لتكاد تبكي محلَّه لولا خشيتها من انهياره بين يديها، لقد قرَّرت البقاء من أجْله والموت في سبيله، وما يَضيرها أن تَفنى في الدفاع عنه.

 

كلُّ أُمنيتها أن يتوفَّاهما الأجل معًا، ولو بفَتْكة طاعون جارفة، وها هو الزَّاد يوشك على النفاد، ولا شكَّ أنَّ الموت قادم ببُطء من هذه الزاوية بالذات، لَم تَشأ أن تُعْلِمَ جدَّها بذلك وتظاهَرت في كلِّ طعام أنَّها تُشاركه، وإنَّما كانت ترحم شيبتَه، فتؤثِره على نفسها ثلاث وجبات مُتتالية.

 

• هذه الليلة لَم يَبْقَ ما نطبخ يا جدِّي غير عصيدة مَن تفل الزيتون.

 

• هي يا حفيدتي طيباء، أفضل مأمنٍ لنا من غوائل الجوع والمِحن، لا بدَّ أن نبقى، فما قيمة حياتنا إن لَم نقاوم الجفاف والجوعَ والطاعون؟ نحن آخر قبسٍ في "قويبسن"؛ فلا بدَّ أن نبقى.

 

ومِن فَرْط تَعِبها وهُزالها، نَسِيت ليلتها طيباء أن تُغلق الباب، ونامَت عند قدمَي جدِّها مُنهكة، كانت في عُمق أحلامها ترى نفسها راكبة جملاً، تشقُّ بيداء فسيحة وحولها نِسوة مُزَغْردات، وطلقات بارود تتجاوَب، وخيل راقصة عادية، أهي العروس؟ وكان الجمل يحثُّ الخطى والطَّبل يُقرَع بأصوات أشدَّ، الأصوات تَقترب من الجبل، والجمل يضطرب بالهَوْدج، ويَندفع مجفلاً، وما أسرع أن اسْتَيْقَظَت مَرعوبة؛ لتستمعَ إلى دَبْدَبة وراءها في عُمق مغارة تخزين التفل، حدَّقت البصر مليًّا، كانت هناك كُوَّة صغيرة فرَأَت على نور القمر وحشًا غريبًا عجيبًا لَم تَأْلفه، زَحَفت نحو جدِّها مُرتعشة، وبكلِّ ارتعاشة الهَمْس قالت:

 

• جدِّي، جدِّي، أَفِق، وَحْش غريب دخَل حُجرتنا.

 

استيقَظ الشيخ عبدالغفار مذعورًا: أثعبان آخر يا طيباء؟

 

• لا، بل وحش كبيرٌ له شجرٌ على رأسه، انْظُره يأكل التفل بشراهة.

 

• بل قرِّبي مني البندقيَّة، ذاك أفضل.

 

وكانت مساعدة طيباء لجدِّها على التصويب كافية ليُردي الوعل قتيلاً، وأسرع نحوه ذبحًا وسَلخًا، وقامت طيباء فأَوْقَدَت النار، وكانت رائحة الشِّواء بدورها قادرة على جَلْب ضيوف من الهَوَام إلى كانون متَّقدٍ مُشَعشع، تتراقَص جَمَراته.

 

حَمِد الشيخ عبدالغفار اللهَ على النَّعيم المساق إليهما، وشَبِعت طيباء بعد ثلاثة أيَّام من الطَّوَى.

 

وناما نومة طويلة اسْتَهَلَكت يومًا وليلة، ولَمَّا أحسَّ الشيخ عبدالغفار بالجوع ثانية، قام من نومه يتحسَّس موقع الكانون، تلمَّس الرماد واقترَب من قلب النار، فوجدها هامدةً، لكن رائحة الشِّواء ما تزال مُسترسلة، مدَّ يده إلى بقايا لحم، وتلمَّسها رطبة شهيَّة، فأسرَع بالْتِهامها قطعًا ثلاثًا مُتتالية، وكم كانت دَهشته عندما وجَد نفسه يتَّقد نشاطًا وأحسَّ بجَفْنيه المنطبقين منذ زمن يرتفعان عن حَدقة عينَيْه، هو ذا يبصر ضوء نَجمة الصُّبح يَخترق الفضاء، وهو ذا يتَّبع أشعَّة القمر الآفلة، وما أسرع ما انطلَق صوته بالحمد والشكر لإنعام الله عليه، وكان لسانه يرتجُّ بالكلام: طيباء، لقد أكلتُ ثعبانًا، قامت من نومها مذعورة: ثعبان آخر يا جدِّي؟

 

• بل هذا الشفاء لي، ألَيْسَت تلك نجمة الصُّبح؟

 

ومِن فَرْط دَهْشتها أطْلَقت زَغردة وأجْهَشت بالبكاء، ثم خرَّت ساجدة تحمد الله.

 

ثم وهي تتلمَّس وجه جدِّها، وتتأمَّل عينيه وتقبِّلهما: جدِّي أعاد إليك البصر، كم أنت كريم يا رب على الضُّعفاء من عبادك.

 

• بل الفضل لك يا طيباء، هذه مِنحة جزاءً على كلِّ مِحنة أُصِبْت بها من أجلي، لن أُثْقِل عليك بعد اليوم حاجاتي.

 

• غريب يا جدِّي، ما يحدث لنا ألاَ يَستحقُّ أن تدوِّنَه الكتبُ؟

 

• بل هي الحكمة الربَّانيَّة، اذْكُريها بهذين الغُصنين؛ حتى يَحفظها الناس شكرًا لآلاء رحيم كريم.

 

• هات جدِّي، سأُرِيهما لكلِّ قادم في طريقي بعدك.

 

وانطلَق لسان الشيخ عبدالغفار الحفَّار منشدًا من حِكمته:

إذا غلقت الباب طيبه
رَبِّي كريم رحيم ما غلق بابه
وجانا من غيب الكونين قسم
ما قريناش في الزمان حسابه




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • طيبة (قصيدة للأطفال)
  • طيبة ( قصيدة )

مختارات من الشبكة

  • خطبة: طيبة الطيبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمات في طيبة الطيبة(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي)
  • تفسير: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السيدة الطيبة (قصة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصص فيها عبرة وعظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص لخصائص القصة الشعرية إلى عصر الدول المتتابعة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)

 


تعليقات الزوار
3- قصة رائعة
خالد أبو الخير - مصر 26-11-2011 10:16 PM

قصة رائعة جدا

2- أحلام المسافر أو بعض ظلال تغريبة بني هلال
الهاشمي الحسين - تونس 26-11-2011 09:57 PM

إلى صديقنا إبراهيم عبد العزيز السّمريّ
كان الفضل عميما من شبكة الالوكة وجازاهم اللّه عليه أجرا محمودا،فقد مدّت بسبب هذا الموقع بيننا اسباب التّواصل وأوتاد التّواشج فكانت الثّمار تبادل تجارب في موقع رقميّ نرجو له التّوفيق في مسعاد والحرص أكثر على تطوير فنون الكتابة والأمثال،في عصر الصّورة والاشكال.
أمّا بعد
فقد سررت بتعليقك المباشر وأسعدني أن تكون مبادرا بقراءة ما حاولت كتابته انطلاقا من توظيف المحكيّ الشّعبيّ بالجنوب التّونسيّ في بناء قصصيّ يأخذ بعين الاعتبار التّطوّر النّفسيّ والتّطوّر الحدثيّ معا في الحبكة القصصيّة.وهي محاولة لا تخلو من صعوبات ولكنّ المغامرة معها جائزة فالكثير من حكاياتنا الشّعبيّة تختزن نوى دراميّة إذا ما أحكمنا التّعامل معها في تحويلها من الشّفويّ إلى المكتوب قد تصبح إعمالا إبداعيّة راقيّة تحقّق التّاصّل وتضمن الخصوصيّة وتستوعب جماليات الحداثة.
أرجو أن تجد المحاولة صدى لديكم لتطويرها فلعلمي إنّ الحكي الشّفويّ بمصر العزيزة ثريّ أو هو خزّان بكر لم يستوعب كثيرا في الكتابات القصصيّة القصيرة باستثناء انعطافة نجيب محفوظ الأخيرة في مجموعاته القصصيّة الخاتمة لمسيرته.فلا بأس أن يكون مجال تجريب ثريّ يطوّر تأصيل الكتابة وينحو بها منحى جامعا بين الإمتاع الجمالي والتّثقيف التّربويّ.
لاحرمنا اللّه من تواصلكم مباشرة ونحن في انتظار ردّ منكم على الحساب الالكترونيّ مباشرة
شكرا لشبكة الألوكة ودامت داعمة للكتابة الأدبيّة الملتزمة وراعية للتّواصل بين أقلام هذه الأمّة.

1- الرباط الخلدوني
إبراهيم عبد العزيز السمري - مصر 26-11-2011 04:08 PM

أخي الغالي الحبيب أديب تونس الخضراء الأستاذ الفاضل / الهاشمي حسين.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .
كم أنا سعيد بهذه القصة الرائعة رغم علمي أنها ليست أفضل أعمالك، بل هناك الأفضل والأقيم ولا يزال في جعبتكم الكثير.
لقد وجدت تشابهاً كبيراً بين بطل القصة الشيخ عبد الغفار وبين كاتب القصة الذي يتقن فناً بديعاً ثم لا يجد من يقدره ويعرف له حقه، ورغم نصائح الكثيرين له بأن يواكب الموجة السارية ولا يسبح ضد التيار إلا أنه ظل على مبدأه يرتوي من ينبوعه العذب الفريد، ويقف شامخاً يتحدى كل العواصف العاتية، وها قد جاء اليوم الذي انقشعت عنه الغمامة، وانبلج ضوء صبحه البسام، ورأى الناس شموخه، وعرفوا له قدره بعد أن تداعت وتهاوت كل الأبنية الحديثة، وظل هو ببنيانه الشامخ الفريد يعزف أعذب الألحان ويحلق في سماوات الأدب الرفيع.
تمنياتي لك بالفوز في هذه المسابقة يا صاحب القلم البديع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب