ملخص بحث: الإعلام الجديد ( ثورة الاتصال الرقمي )

ملخص بحث

الإعلام الجديد (ثورة الاتصال الرقمي)

تهدف الدراسة إلى التعرف على واقع الإعلام الجديد بمختلف أنواعه، والتعرف على محاولات تحديد المفاهيم المرتبطة بالإعلام الجديد كالإعلام البديل والإعلام الرقمي والإعلام الشبكي، وإعلام المواطن، كما تهدف للتعرف على المداخل النظرية الملائمة لدراسة ظاهرة الإعلام الجديد، ودراسة المحاولات البحثية التي تناولت ذلك دراسة نقدية، وهدفت الدراسة أيضًا إلى التعرف على حدود العلاقة بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي، واستشراف سيناريوهات مستقبل العلاقة بينهما، مع التركيز على دراسة أحد مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر) دراسة متعمقة؛ واقعه، وآفاقه، مخاطره وإيجابياته وسلبياته.

وتعود أهمية دراسة ظاهرة الإعلام الجديد لعدد من الاعتبارات، أهمها:

أولاً: الأهمية التي يكتسبها الإعلام الجديد ذاته؛ إذ تنامت أهميته وتأثيراته في الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي في العصر الراهن، لدرجة أن البعض أطلق على الفترة الزمنية التي نحياها توصيفًا مرتبطًا بالإعلام الجديد، أو أحد المصطلحات المرتبطة به، أو الوسيط الذي يحمله للجماهير (شبكة الإنترنت)، حيث يشيع استخدام مقولات، مثل: عصر الإنترنت، زمن الفيس بوك، عصر تويتر، أو زمن شبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها من المسميات.

ثانيًا: حداثة ظاهرة الإعلام الجديد الذي تدور حوله الدراسات الإعلامية، ودائمًا ما تصاحب الدراسات حول الموضوعات الحديثة تباينًا نسبيًّا يعود لاختلاف المداخل والأطر التي يتم تناول الظاهرة من خلالها.

ثالثًا: حاجة الباحثين إلى المراجعة النقدية لما تم إنجازه ما بين الفينة والأخرى، بغية تصحيح مسار الدراسات في مجال الدراسة، أو الإشارة إلى بعض جوانب الخلل في هذه الدراسات، وهو ما يحاول هذا الكتاب تقديم بعض الإسهامات في هذا السياق.

وقد جاء الكتاب في ستة فصول وخاتمة.

تناول الفصل الأول محاولات تحديد مفهوم الإعلام الجديد، ومناقشة إشكالية المصطلح بين الباحثين في مجال الإعلام والاتصال، وكذلك محاولة تحديد بعض المفاهيم المرتبطة بالإعلام الجديد؛ كالإعلام الشبكي وإعلام المجتمع والإعلام الشعبي.

وتناول الفصل الثاني استعراضًا وتصنيفًا لعدد من الدراسات التي تناولت ظاهرة الإعلام الجديد، وذلك وفقًا للمجال الذي تناولته، والإشكالية التي حاولت دراستها.

وخصص الفصل الثالث للمداخل النظرية التي يمكن توظيفها لفهم ظاهرة الإعلام الجديد، وتبيان المدرستين اللتين وظفت إما نظريات قديمة وطوعتها لبيئة ومتغيرات الإعلام الجديد، وتلك التي اعتمدت على مداخل نظرية حديثة ذات ارتباط وثيق بالإعلام الجديد كالتفاعلية.

بينما تحدث الفصل الرابع عن ملامح المشهد الإعلامي في مرحلة ما قبل الإعلام الجديد، ومعالم البيئة الاتصالية التي ظهر فيها الإعلام الجديد، وعن خصائص الإعلام الجديد، وتأثيراته، ودراسة الاتجاهات المختلفة لحدود العلاقة بينه وبين الإعلام التقليدي، كما تناول السيناريوهات الثلاثة التي تنبأت بها الدراسة استشرافًا لمستقبل العلاقة بين الإعلام الجديد والتقليدي الجماهيري.

وتناول الفصل الخامس بالتفصيل أنماط الإعلام الجديد، وتناول بالتعريف والتوصيف المقصود بمواقع التواصل الاجتماعي، والتعريف بأشهرها، مثل: الفيس بوك وتويتر وإنستجرام ولينكد إن، ويوتيوب والمدونات، وتطبيقات الهواتف الذكية مثل الواتس أب، ورصد دور تلك المواقع في التغيير في المجتمع، وخاصة التغيير السياسي في الفترة التي أعقبت ما سمي بـ (الربيع العربي).

وخصص الفصل السادس لدراسة أحد نماذج مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد، وهو تويتر، تعريفًا به، وآلية عمله والتغريد على موقعه، وأعداد مستخدميه ودلالات ذلك، ثم أسهب الفصل في التعرف على مزايا الموقع والفرص المتاحة لاستثمار التغريد به لصالح المجتمع ونموه، ودعم قيمه السائدة، وبالمقابل التعرف على أبرز السلبيات التي تكتنفه، والمخاطر التي ينطوي عليها، ومن ثم قدم الفصل دليلاً لمستخدمي تويتر وكل مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لتجنب أكبر قدر ممكن من هذه السلبيات.

ثم خاتمة احتوت على أبرز نتائج الدراسة.

وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج الهامة، منها:

أولاً: واجهت الدراسات إشكالية هامة، وهي صعوبة الاتفاق على تحديد مصطلح (الإعلام الجديد) وتحريره علميًّا بما يجعله واضح المعالم من خلال الصياغات اللغوية القادرة على إيجاد صيغة موحدة لمدلول المسمى، بل إن بعض الباحثين تحفَّظ على مصطلحات تستخدم في مجال الإعلام الجديد، كالإعلام البديل أو الإعلام الشعبي، وإعلام المجتمع، وإعلام المواطن، وإعلام المصدر المفتوح، وهو ما علله الباحث بالحالة الديناميكية للإعلام الجديد، التي تختلف تبعًا لتطور تطبيقاته وآلياته المتلاحقة، حيث تبنى التعريفات - في إحدى صورها - على تقديم السمات العامة أو الخصائص للمعرف، وهو هنا الإعلام الجديد.

ثانيًا: هناك خلط بين الإعلام الجديد كمفهوم ارتبط ظهوره ببعض تطبيقات الإنترنت، وبين الواقع الجديد للإعلام وبيئته التي تتشكل ملامحها في عدد من السمات، في حين تحفظ البعض على تسمية (الإعلام الجديد) باعتبار أن الجدة نسبية، وبعض الباحثين أشار إلى أن الإعلام الجديد بدأ حينما اخترع صمويل موريس التلغراف!

ثالثًا: يرصد الباحث قضية تأخر التنظير الأكاديمي عن الممارسة المهنية في مجال دراسات الإعلام الجديد بشكل كبير، وخاصة في البيئة الاتصالية العربية، ففي حين قطع استخدام مواقع الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي شوطًا كبيرًا إلا أن الدراسات في هذا المجال لا تواكب التطورات المتلاحقة، ولا ترصد التغيرات الهائلة في بنية الإعلام الجديد.

رابعًا: تواجه الباحثين إشكالية كبرى تتعلق بمدى ملاءمة النظريات والمداخل النظرية والنماذج العلمية التى تم استخدامها لدراسة عناصر العملية الإعلامية المبنية على وسائل الإعلام التقليدية، حيث قامت بعض الدراسات باستخدام بعض هذه النماذج والنظريات لتفسير السلوك الاتصالي في بيئة الإعلام الجديد بعد تطويعها للحالة البحثية، إلا أن واقع الأمر يشير إلى أن كثيرًا من مسلَّمات النماذج والنظريات الاتصالية القديمة تتعرض لتآكل شديد بالتزامن مع طغيان نموذج الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي، وتآكل النموذج الخطي القديم للإعلام الذي يسير في اتجاه واحد.

خامسًا: إن غالبية الاجتهادات النظرية التي قدمت لتفسير وفهم الحالة الإعلامية الجديدة أتت من المفكرين غير العرب؛ حيث إن الإسهام العربي في مجال التنظير يعد محدودًا في مجال الإعلام بشكل عام، وفي مجالات الإعلام الحديثة على وجه الخصوص.

سادسًا: إن الأطروحات النظرية التي قدمت لفهم طبيعة الإعلام الجديد لم يكن مصدرها أساتذة الإعلام والاتصال بالأساس بقدر ما صدرت عن خبراء وأساتذة ومهتمين بالشق التكنولوجي المتعلق بتقنية المعلومات، وهندسة الشبكات وتطويرها.

سابعًا: التأكيد على أن المؤسسات الإعلامية العملاقة الآن ليست هي مؤسسات الإعلام التقليدية، ولكن تحولاً كبيرًا قد حدث في عمل شركات الاتصالات الكبرى إلى ميدان الإعلام الرقمي، وتحولت هذه الشركات مع شركات الاتصالات كالهواتف إلى مستقطب كبير للاستثمارات الفلكية في مجال الإعلام.

ثامنًا: فرقت الدراسة بين أنواع الإعلام الجديد بحسب الوسيلة المستخدمة على النحو التالي:

1- المواقع والتطبيقات التي تعتمد على التواصل مع الأصدقاء وتبادل ومشاركة النصوص والتعليقات والرسوم، وهي ما يعرف بمواقع التواصل الاجتماعي، مثل الفيس بوك وتويتر وإنستجرام، ولينكد إن، وجوجل بلس، وغيرها من التطبيقات التي يتميز كل منها عن الآخر ببعض المميزات.

2- المواقع التي تقوم على إرفاق الفيديوهات والملفات المصورة، مثل اليوتيوب.

3- تطبيقات التواصل اللاسلكي مثل الواتس أب، والبلاكبيري، وغيرها من التطبيقات التي تتزايد يومًا بعد يوم.

تاسعًا: أن الإعلام الجديد غيَّر كثيرًا من المفاهيم، وأدى إلى تآكل الحدود بين كل من المرسِل والمستقبِل في العملية الإعلامية، كما أدى إلى إنهاء احتكار السلطة للمشهد الإعلامي.

عاشرًا: بينت الدراسة أنه للإعلام الجديد تأثيرات متعددة في المجال السياسي والثقافي، وأصبحت سلطة الإعلام ربما تفوق في بعض الأحيان سائر السلطات، كما يستخدم الإ‘لام الجديد في الحروب بين الدول كسلاح فعال.

حادي عشر: أن التفاعلية والجمع بين التزامنية واللاتزامنية، واستخدام الوسائط المتعددة، وسهولة التحديث والحفظ والتخزين، والعالمية أو الكونية، وزيادة سقف الحرية، وانخفاض تكلفة استخدامه من أهم الخصائص التي يتسم بها الإعلام الجديد.

ثاني عشر: أن هناك إشكالية في تحديد ملامح العلاقة بين الإعلام الجديد والتقليدي، ففي حين يرى البعض أنها علاقة تكاملية يرى آخرون أن الجديد سيحل بديلاً - إن عاجلاً أو آجلاً - عن الإعلام التقليدي.

ثالث عشر: أوضحت الدراسة أن مواقع التواصل الاجتماعي هي نوع من الإعلام الجديد، واكتسبت أهمية كبرى في الفترة السابقة؛ نظرًا لضخامة عدد مستخدميها، وأهمها فيس بوك، تويتر، إنستغرام، جوجل بلس، لينكد إن، وغيرها.

رابع عشر: أثبتت الدراسة أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت أدورًا هامة ومؤثرة في أحداث ما يعرف بـ (الربيع العربي) وما تلتها من أحداث عصفت بمجتمعاتنا العربية.

خامس عشر: أن موقع تويتر هو تطوير لفكرة التدوين الحر، ولكن بعدد حروف أقل وكلمات وعبارات أكثر تركيزًا وقِصرًا، وهو ما يتناسب مع إيقاع العصر.

سادس عشر: توصلت الدراسة إلى أنه بدأت تويتر في تقديم الخدمة في 2006 م، ولكنها لم تدعم اللغة العربية إلا في عام 2012م.

سابع عشر: من أهم مميزات تويتر ووظائفه الإعلامية الوظيفة الإخبارية، حيث يعمل على مواكبة الأحداث أولاً بأول وسهولة الحصول على الأخبار بطريقة آنية، ولحظة وقوعها، وأحيانًا تكون بعض التدوينات والحسابات الخاصة بالساسة وصناع القرار مصدرًا مهمًّا من مصادر المؤسسات الإعلامية للحصول على الأخبار.

ثامن عشر: بينت الدراسة أن هناك فرصًا كبيرة لاسثمار تويتر في نشر حملات التوعية القيمية، كما يمكن توظيفه بشكل علمي مدروس ومخطط في مجال الدعوة الإسلامية.

تاسع عشر: حذرت الدراسة من عدد من سلبيات تويتر، وعلى رأسها نشر الأخبار الكاذبة والشائعات، وانتشار الحسابات الوهمية لأغراض لا أخلاقية متعددة، وانتهاك الخصوصيات للأفراد، واستخدام بياناتها في مجال التجسس.

عشرون: بينت الدراسة أن تويتر يمثل مجالاً خصبًا لإطلاق الشائعات، باختلاف أنواعها، وأن هناك محاولات جادة لمحاصرة هذه الشائعات، مع التأكيد على ضرورة القيام بعمل حملات إيجابية لخدمة قضايا المجتمع.