• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق / ملخصات أبحاث مسابقة تعزيز القيم والمبادئ والأخلاق / المحسوبية والوساطة
علامة باركود

ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث ثالث)

خاص شبكة الألوكة


تاريخ الإضافة: 23/5/2013 ميلادي - 13/7/1434 هجري

الزيارات: 49518

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص بحث

المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي

(بحث ثالث)

 

المجتمع السوي المتكامل هو ركيزة كل بلد يسعى للتطور بحضارته وثقافة شعوبه، وبقِيَمه السمحة السليمة التي تستمد قوَّتها من الدين الإسلامي، فتعرضها بشكل منظم ودقيق، وتعطي لكل صاحب حق حقه وَفقًا لما يستحق لا أكثر ولا أقل من ذلك شبرًا، ومتى تم زحزحة هذا النظام، انقلبت الموازين سلبًا، ومتى تم تقديم المنفعة الخاصة على الصالح العام، تكون لدينا ذاك المجتمع الأناني بتفكيره، الظالم بأفعاله، والمشتت بقِيَمه ومبادئه.

 

من هذا المنطلق يمكن القول: إن أي سلوك أخلاقي يسلكه الإنسان في تعاملاته الإدارية أو الاجتماعية، لهو صادر من اعتبارات معنوية نابعة من العقل البشري، وكذا اعتبارات مادية نابعة من الغريزة، وبذلك فإن مطالب الحياة الاجتماعية هي التي تحدد نوعية السلوك المُتبع، وتبرر قيمته، وإن ما يضمن ذلك لهو تنفيذ سياسات الدولة وتقديم خدمات عدة لأفرادها من أجل تحقيق التنمية، باعتبار أن أمْن الدولة اقتصاديًّا يحقق أمنها اجتماعيًّا، والعكس فهما متغيران يتأثران بعضهما البعض؛ كون العلاقة التسلسلية التي تربط بينهما؛ إذ لا بد من الأخذ بهما بعين الاعتبار، وعدم التقليل من شأنهما معًا، فاختلال أحدهما قد يؤدي إلى انتشار أنواع شتى من التسيب والفوضى والفساد، وتفعيل آليات الجريمة، وليس هذا وفقط، وإنما فِقدان الثقة بالنفس، وبالأفراد من حوله.

 

وباعتبار الواسطة والمحسوبية نوعًا من الجرائم، وذلك لم يُسببانه في وقتنا الحالي في شتى الإدارات من عوائق تحد الطاقات البشرية، وتُضعف الفكر وأصول التعاون والتفاهم البشري، وتكون لنا مجتمعًا واهمًا بقلب غير نابض، مُعوز، مُعاق؛ مما يجعل بعض الإمكانات والطاقات الفذَّة تفقد طموحها، وتحد من آمالها؛ لمحدودية قدراتها، وضياع حقها سُدًى؛ مما ينشئ لدينا مجتمعًا كسولاً غير مقاومٍ إذا ما أحس بغياب الشفافية المطلقة.

 

وفي ظل ذلك يمكن تعريف المحسوبية على أنها تعني محاباة الأقارب أو الأصدقاء، لا بسبب كفاءتهم، وإنما بدافع القرابة، وتظهر جليًّا في المجتمعات الفقيرة؛ من ثقافة احترام القانون، وأداء الواجبات؛ حتى أصبح من الصعب التخلي عنها في كل مطلب في الحياة، والمشكلة الحقيقية في ذلك هي قلة الإدراك لحجم هذه الآفة الخطيرة، وعدم الاستيعاب التام لما تُسببه وتتركه من آثار جسيمة، باعتبارها مضيفةً إلى الواسطة نوعًا من العمى الوِجداني الذي لا يرى الصورة الحقيقية لوضع العدل في مكانه؛ لانتشار شتَّى أنواع الإغراق في الذاتية بمنأًى عن الموضوعية الحقة.

 

ومنه اكتسبت المحسوبية سُمعتها السيئة، إضافة إلى سوء استخدامها، فصارت الشر الذي لا يمكن الاستغناء عنه؛ إذ تشربت الشعوب هذه السلوكيات، وانسلخت عن مبدأ الاعتماد على النفس، ومن أجل تجاوز المرحلة الانتقالية نحو إرساء الديمقراطية، لا بد من معرفة وفَهم أهم الأسباب وراء هذا الفعل المنافي لكمال الأخلاق، وتتلخص في عوامل تخص ثقافة المجتمع، فكيفيات تنظيم أسلوب الحياة، وتنظيم طريقة العيش هي التي تميز مجتمعًا عن غيره، وتعطيه وجهه الصحيح وشخصيته الأصيلة، إذا ما طبعها الطابع الاجتماعي والمشاركة، وهذا ما لا يعكس في مجتمعنا التي تعد محاباة الأقارب والأصدقاء واجبًا، حتى وإن كان فيه مناقضة للمصلحة العامة، وتقديس جلِّ مفاهيم المادية التي أوجدها الإنسان، فآمَن بها واندثرت تحتها القيم الإنسانية العظيمة؛ لنصل إلى أهم عامل مُسهم في ذلك، ألا وهو التربية والتعليم وَفق المنهج الإسلامي لاستخلاص مجتمع مدني واعٍ، ولا يتأتَّى ذلك إلا بالوعي الاجتماعي، وإدراك المبادئ السوية؛ ليكون الحصاد ذاك المجتمع الإنساني المنشود، ونضيف إليه بعض العوامل التي تخص الفرد، وتعود إلى الشخص ذاته من صفات؛ كالأنانية والاتِّكالية، وحب الذات، فينشأ عن ذلك مدُّ الرقاب للصفع، وموت الإحساس، وجهل ذاتية النفس، وتعطيل المواهب والاستعداد، وعلى قاعدة الاعتماد على النفس يجب أن يؤسس منهاج التعليم، بل يجب أن يشربها الأطفال مع اللبن؛ حتى يشبوا على الهِمة والعزة والشهامة، غير واهين ولا وكِلين، وبالابتعاد عن الأنانية التي تعلم أن الحياة هي لمن يحب ذاته، ويُقدمها ويُفضلها على أي شيء آخر، فالأناني هو حسبهم الشاطر الذي يعرف كيف يعيش، وكيف يقتنص الفرص لحسابه الشخصي، وكيف يربح أكثر، ولو بمنافسة غير شريفة، وكيف يسوق نفسه متعاميًا عن تقييم الآخرين وتقديرهم، والوقاية منها تكون بالتربية وحساب النفس والعمل الجماعي.

 

وإن تشبع المجتمع من مختلف الآفات التي تجر إحداها الأخرى؛ من محسوبية ومحاباة، وواسطة منبذوة ممارسة في المجتمع الإداري؛ مما يترك آثارًا نفسية عميقة لا تَندمل جراحها في نفوس الموظفين؛ مما يشتِّت فكرهم وذهنهم، ويحد من مردودية إنتاجهم؛ كون أن منهم مَن أحس بالظلم الواقع عليه جراء تقديم مَن هو أقل منهم علمًا وخبرة، وأداء وكفاءة، لا لسبب إلا لتعيينات مبنية على صلات القرابة أو النسب أو المحسوبية.

 

بيد أن هذه الأسباب جلية واضحة، إلا أن من الآثار ما خفي لم يُفطَن له؛ مثل:

إن الواسطة تقدم شماعة نفسية مقنعة لمن يُخفقون في حياتهم وأعمالهم، ويعزون ذلك إلى افتقارهم للواسطة، مجانبين الصواب في ذلك، باعتبار أن المحسوبية سببٌ في كل نجاح، وغيابها سببٌ في كل إخفاق أو فشل.

 

وإنه لأنكى من الواسطة ذاتها لتلك الأفكار والاتجاهات التي تبعث على السلوك، وتضفي عليه الشرعية، بل وتجعل من الخروج عن مقتضياته خطأً اجتماعيًّا، كان يستوجب مكافأته، ويظهر ذلك في خطرها الاجتماعي المتمثل في تأثير القيم الاجتماعية السائدة بالشكل السلبي؛ كالولاء العشائري أو الطائفي، وأصبحت بالقطع تترعرع على حساب سيادة القانون، وعلى حساب العمل المؤسسي، وعليه فإن الظاهرة أخطر ما تكون عندما يصبح اللجوء إلى الواسطة عرفًا اجتماعيًّا، بل قيمة اجتماعية تدفع بالبعض أحيانًا إلى تصنيف الواسطة إلى واسطة سيئة وأخرى خيِّرة، بل وأخطر من ذلك عندما تلبس الواسطة لباس الدين تحت عنوان قضاء الحاجات، أو تحت عنوان الشفاعة، لكن لولا سكوت الناس على الظلم، لما وجد ظالم! ولولا العبيد لما وجد الأسياد! ولولا رضا الناس بالقهر لما وجد جلاَّد!

 

وعليه؛ فإن الشخصنة والمحسوبية يُعمقان مفهوم عبثية القانون في أي مجتمع بشري كان، ويعطلان عملية تكافؤ الفرص، ويعمقان الظلم الاجتماعي، فضلاً عن غياب قيم العمل، وكلما كانت المجتمعات أقرب إلى التخلف وأبعد عن التقدم، تحكَّم فيها العُرف أكثر من القانون.

 

محاباة الأقارب تهمة شائعة في الوسط الحكومي والسياسي عمومًا، وهي صورة من صور الفساد التي يكون باب التأثير فيها معتمدًا على علاقة خاصة دون دفع أموال لأي طرف، وأقرب صورها أن يتسلَّم قريب ما لشخص ذي نفوذ منصبًا دون مؤهلات مناسبة، وهنالك الكثير من العوائل سيطرت على السياسة في بلدانها، واستغلت مناصب الدولة لإغناء أفرادها وأقاربها؛ مما أنتج مجموعة من الآثار على المدى القريب والبعيد، وعلى حدٍّ سواء؛ حيث إن المعاناة من انتشار الظاهرة راجع لسَعة العلاقات الاجتماعية والأسرية والعشائرية، هذه الآفة التي يشكو الجميع منها، يساهم الأغلب في وجودها من حيث يعلم أو لا يعلم، والأسوأ من ذلك أن البعض يعتبرها ممارسة طبيعية تحت مبرر عنوانه (صلة الرحم)، أو من باب (المجاملة)، فأصل القضية يكمُن في طبيعة القيم وأنماط التفكير، والأعراف والولاءات والانتماءات؛ مما ينتج عنه عنه تأثير العلاقات الاجتماعية السالبة، وتَرَدٍّ للاقتصاد، وضَعف للمدخول، وانتشار البطالة والفقر، وكذا البيروقراطية والترهل الوظيفي، ونشوب التشاحن والبغضاء، وشتَّى أنواع الجريمة.

 

كلٌّ من الواسطة والمحسوبية تعبر عن واقع مؤلم، والرضا به يعتبر قناعة من نوع حقير؛ كونه أكثر أنواع الفساد شيوعًا بالأوساط الإدارية، وهما الأشهر، ويمكن أن تلغي حقًّا، أو تحق باطلاً، وآفة اللجوء إليها - لتحقيق الرغبات، وبلوغ الآمال، وتسيير الأمور اليومية مهما كبُرت أو صغُرت - يزيد الطين بلة، ومن أخطر نتائج الواسطة والمحسوبية أنهما يؤديان إلى إيقاع الظلم على كثير من الضعفاء الذين لا سند لهم ولا واسطة، ومصادرة حقوقهم، وعلى المدى البعيد يفقد هؤلاء الثقة في النظام السياسي، ما يُضعف الشعور بالمواطنة والانتماء القائم على العلاقة التعاقدية بين الفرد والمجتمع، وتراجع روح الابتكار، وانخفاض مستوى الهيبة على مستوى الإدارات، وكذا انتشار شتى أنواع الإهمال ما ينتج عنه من هجرةٍ للعقول، وغياب للاستثمار، وحصول الشرخ في النسيج الوطني.

 

كما تنطوي المحسوبية تحت لواء الفساد؛ فالمحاباة والتمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو الصداقة أو القرابة - يمكن تفسيره لدى القائم به على أنه خدمة لقطاع أو مجموعة معينة، غير أن خطورة هذا الشكل تكمُن إضافةً إلى الإجحاف الاقتصادي بحق مجموعات أخرى من السكان، إلى تحويل المجتمع إلى مجموعات من ذوي المصالح التي تتصارع فيما بينها للحصول على أكبر نصيب من الغنيمة، ويشكل الفساد الإداري أكثر صور الممارسات اللاأخلاقية التي تعاني منها المجتمعات عامة، وتنتشر بصورة أكبر في دول العالم الثالث؛ حيث أدركت الكثير من الدول المتقدمة خطورة التباطؤ في القضاء على تلك الممارسات، فتحركت الجهود لمحاربتها باعتبارها وباءً يفتك بالمجتمعات، ويفتت جهودها، ويَهدر طاقات أبنائها، غير أن في الدول النامية ما زالت القوانين والأنظمة البيروقراطية وغياب الشفافية، تحكم قبضتها في أماكن العمل، وتقف حاجزًا دون قدرة الفرد على المساهمة في تحقيق الخدمة المثلى لمجتمعه من خلال عمله، والاستفادة في نفس الوقت من مقدرات بلاده.

 

وتقف المحسوبية حائلاً دون تحقيق التنمية الإدارية في المجتمع، فالتنمية الإدارية السليمة تقوم على معطيات من قاعدة سيادة القانون التي تعمل المحسوبية على تدميرها، ويُكرِّس استعمال الواسطة ظاهرة الاستقواء بأصحاب النفوذ بدلاً من الاستقواء بالقانون؛ أي: إن قانون القوة يحل محل قوة القانون، وإذا عمَّت المحسوبية أصبح يشغل المواقع في الوظائف العامة ليس أكفأ الأشخاص ولا  أنسبهم، بل الأقل كفاءة، ولا يخفى ما يمكن أن يترتب على ذلك من تكوُّن بؤرٍ غير صحية في مواقع العمل؛ لشعور الموظفين بالظلم والتمييز والعنصرية، ولن يكون من السهل على المرء عندما يتعثر ويخطو الخطوة الأولى نحو بؤرة الفساد الاجتماعي، التي هي أشبه بهاوية شديدة الانحدار أن يتراجع، وأن يوقف انحداره السريع نحو عُمق تلك الهاوية، لكن التجارب الإنسانية على مر العصور، قد أثبتت أن معالجة هذه المشكلة الاجتماعية تحتاج إلى تضافر جهود الفرد مع مَن حوله ومن باقي أفراد المجتمع؛ لأن الفرد لا يعيش منعزلاً، وأن صلاح النفوس لا يمكن أن يتم إلا بدافع الإيمان الذي هو السبيل إلى تغلب المرء على نزواته وعلى دوافعه نحو الفساد، وبأنه طوق النجاة والوسيلة التي تساعده على السير في طريق الصلاح والهداية، والتي تقوده أيضًا إلى السكينة وإلى راحة الضمير.

 

وعليه؛ فإن الحديث عن الفساد الاجتماعي تقود دراسته لاستقراء أساليب الانحراف وحياد بني البشر عن الطريق القويم للفطرة الإنسانية والتجرد من المثل الأخلاقية التي أفرزها الوجود الإنساني على وجه البسيطة؛ حيث إن هذا النوع من أنواع الفساد يشوه البنى الاجتماعية والنسيج الاجتماعي، من خلال صعود الأقلية على حساب الأكثرية، وسوء توزيع الدخول بشكل غير متكافئ؛ الأمر الذي يؤدي إلى حدوث تحولات سريعة ومفاجئة في التركيبة الاجتماعية، ويُكرِّس التفاوت الاجتماعي، وتراجُع العدالة الاجتماعية نتيجة لتركيز الثروات والسلطات، وتدني المستوى المعيشي لأغلبية أفراد المجتمع، ويدفع البعض منهم لارتكاب الجرائم، وبالتالي تعطيل قوة فاعلة في المجتمع.

 

ولم تكن الشفاعة إبداعًا واحتكارًا على الأديان الإبراهيمية، بل تمتد جذورها إلى معتقدات الإنسان الأولى كتعبير عن عجز بشري في مواجهة الحياة بكل قسوتها وشرودها وجنوحها، بالاتكاء على وجود وسيط بين الإنسان والإله؛ ليخفِّف من محنته الذاتية، أو يمنحه أمانيَّ مُرتجاة، وبفعل قُوَى الصراع كان الوسيط هو الملك وزعيم القبيلة والكهنة، ثم لمدَّعي النبوة كوسيلة تدعم من موقفهم وسطوتهم، وتجعل لهم حضور الشفاعة هي أمل وأُمنية الضعفاء في أن يجدوا طوق نجاة في عالم قاسٍ غير مَعنيٍّ بهم، ولا بضَعفهم وجهلهم، والشفاعة هي مسلك يطرحه التراث الديني كوسيلة سرابية تُحقق النجاة والأماني، وتتم ممارستها باتخاذ وسيط له حظوة خاصة لينقل طلبات ومنافع، ولكن مفهوم الشفاعة لن يترك الإنسان دون أن يُفقده البوصلة التي تُعينه على فَهم الحياة فهمًا موضوعيًّا؛ ولهذا حددها الاسلام بظوابط شرعية سليمة؛ كون الشفاعة الحسنة بوجهها الصحيح من أعظم أبواب النفع للمسلمين، ولأنها من أجلِّ النعم أن يكون لك منزلة، وأن يكون الشخص ذا جاهٍ في هذه الدنيا؛ ليشفع فيما بين الناس، وليحكم الناس في خصوماتهم ونزاعاتهم، وأن تكون كلمته كلمة حق، يدلي بها في الموضع المناسب.


وقد ولانا - سبحانه عز وجل - أمانته في الأرض، وحملنا إياها إلى يوم القيامة، وأن من حمايته للأمانة أن حرم على عباده كل ما يكون سببًا لضياعها أو نقصها؛ فحرم الله الرشوة التي تعرف بأنها بذل المال للتوصل به إلى باطل؛ إما بإعطاء الباذل ما ليس من حقه، أو بإعفائه من حق واجب عليه.


إن الرشوة والمحسوبية وليدتا منظومة استبدادية، لم يكتو بنارها إلا الفقراءُ ومتوسطو الحال على حد سواء، وأنها باب المحاباة، أو مقابل رشوة يزيدُ مقدارها أو ينقص، بحسب قيمة الخدمة المبتغاة أو المسداة، وبحسب طبيعة الموانع التي تحولُ دون تحقيقها، وقد أضحتا عُملة رائجة، وسلوكًا شائعًا، وقاعدة بها يتقرَّر مصيرُ آلاف الأشخاص، وبها تُقضى آلافُ الرغبات والحاجات، وأضحى أمرُها لدى المواطنين طبيعيًّا لا يدعو إلى الدهشة، ولا يُثير الاستغراب، بل يراها كثيرون بمثابة القانون أو القدر الذي لا مفرَّ منه؛ فالوساطة لمن يملكها، والرشوة لفاقد الأولى.

 

وعن الفرق بين الهدية والرشوة، فإن الرشوة تكون وراءها مصلحة مباشرة، وغالبًا ما تكون مخالفة، وغالبًا أيضًا ما تكون لأشخاص لا نعرفهم، ولكن أهم صفة فيهم أنهم أصحاب سلطة ما، والهدية تكون غالبًا لأشخاص بيننا وبينهم علاقة ما، ولا يكون وراءها مصلحة مباشرة، وللأسف بعض المرتشين يبحثون عن معنى للرشوة على أنها هدية.

 

والهدية في سِمتها تعبير صادق عن الحب والتقدير للمُهدى إليه؛ بحيث لو لم يأخذ هذه الهدية لم يقصر في عمله، فهو يؤدي واجبه على الوجه الأكمل، ولا ينتظر من أحد مقابلاً، وليس قصده التوصل بعطيته إلى إبطال حقٍّ أو إسقاط واجب، وهي مستحبة طبعًا إذا كانت على هذه الصفة الشرعية.

 

ومن أجل القضاء أو لنقل التقليل من ظاهرتي الواسطة والمحسوبية، فلا بد من التوعية المستمرة بخطورتها، وتدريب العمال وغيرهم على فضائل الأخلاق، وزيادة فعالية العملية الرقابية.

 

كما يجب العلم بأن ثقافة الواسطة ضاربة الجذور في المجتمع العربي، وقد ساعد على ترسيخها اعتبار أنها يمكن أن تكون حميدة، وأنها ليست دائمًا سيئة، وأن هذه المقولة تجد ما  يؤيدها في تراثنا الإسلامي وتراثنا الاجتماعي، كما أنه لا بد أن نعترف ابتداءً بأن مكافحة الواسطة مسألة لا تحتاج فقط إلى أساليب أو وسائل فاعلة، ولكنها تحتاج أيضًا إلى مرور مدة زمنية ليست بالقصيرة وقد تستغرق أكثر من جيل، وإن تضافرت جهود مؤسسات المجتمع المختلفة؛ ابتداءً من الأسرة التي تزرع في نفوس نشئِها مبدأ العدل وتكافؤ الفرص، وأن مَن أراد شيئًا فليحصل عليه بكفاءته، أما بالنسبة للمدرسة، فلا بد أن يتحقق مبدأ العدل بين الطلاب، وأن يكافأ من يجتهد، وكذلك بالنسبة للعمل، توظيف الشخص المناسب في المكان المناسب، والتشديد على ضرورة أن تكون الرقابة والشفافية في أعلى مستوياتها في كل مؤسسة عامة أو خاصة؛ حيث إن ذلك سوف يخلق ثقافة مغايرة ومناهضة لثقافة الواسطة لتجتثها وتُغرس مكانها.

 

ثم إن الناتج الإيجابي للمجتمعات المسلمة التي تنشد الرقي والسمو بطاقاتها وثرواتها، مرهون بمدى تحقيقها لمبدأ العدل والمساواة والأولوية، والتفوق وعدم إهدار الفرص عن ذوي الكفاءات، ناهيك عن الاحتكار والجثوم على ثغرات النهوض ببسطاء الأهلية على حساب ذوي الكفاءات والمواهب الظاهرة.

 

إنها دعوة للجميع - جهات دينية وسياسية واجتماعية، ومنظمات مجتمع مدني وحقوقية، وعشائرية وإعلامية - لقيادة حملة توعية واسعة؛ لإنهاء هذه الثقافة السيئة الصيت التي تحرج المسؤول، وتغبن الأكفاء، وتدمر بناء الدولة، فالمؤسسات الرسمية من هيئات نزاهة ورقابة ومثيلاتها، قد تستطيع أن تدين وتحاسب وتلاحق مَن يرتكب الجرم الإداري، ولكنها تبقى بحاجة لمن يساعدها بتجفيف منابع التفكير الخاطئ، وهي أفضل طرق القضاء على الفساد والمحسوبية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث ثاني عشر)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث حادي عشر)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث عاشر)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث تاسع)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث ثامن)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث سابع)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث سادس)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث خامس)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: المحسوبية والوساطة وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث رابع)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)
  • ملخص بحث: الوساطة والمحسوبية وأثرهما في الفساد الإداري والاجتماعي (بحث أول)(مقالة - الإصدارات والمسابقات)

 


تعليقات الزوار
1- المحسوبية تدمر تقدم المجتمع
هاشم كوجر - اقليم كوردستان العراق 15-08-2013 06:03 PM

بحث مهم مرتبط بحياة ومعيشة المجتمع .... لأن هذا الأسلوب هو من أبشع أساليب الفسادي الإداري والاجتماعي لأنها لم تخدم المجتمع ولا تخدم الدولة .... إذا كان العمل الذي يختار على أساس المحسوبية لمصلحة المجتمع أو على أساس الكفاءة فهذا لخدمة البلد ولخدمة المجتمع ... أما العمل على أساس المحسوبية والمنسوبية على أساس التعارف والقرابة فهذا يؤدي إلى هلاك الدولة والمجتمع لأنها تسيطر على القوانيين والبرامج الدولة ويؤدي إلى عرقلة التنمية البشرية ... وهذا النوع من الفساد يدمر حياة البلدان من ناحية تقدم التنمية البشرية والاقتصادية وتراوح الدولة في مكانها ولم تستطع أن تتقدم في أي مجال من مجالات التطور الصناعي والزراعي والتجاري لأن المسؤليين سوف يختارون المشاريع حسب رغبات ذويهم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/12/1446هـ - الساعة: 8:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب