ملخص بحث: المسؤولية الاجتماعية في الإعلام الإسلامي

ملخص بحث:

المسؤولية الاجتماعية في الإعلام الإسلامي

أولاً- أهمية البحث:

ترتبط أهمية هذا البحث بضخامة الموضوع وخطورته، بعد أن أصبحت لوسائل الإعلام آثار ونتائج سياسية واقتصادية وفكرية، تؤثر في المجتمع بشكل آني ودائم في نفس الوقت، واتخذت وسائل الإعلام لنفسها تأدية دور الموجه القائد ليس لضعاف الرأي أو قليلي المعرفة من الناس فحسب، بل لقادة الرأي وطليعة المجتمع من صناع القرار ومروجي الأفكار، وقد تداخلت في خضم هذا العمل الإعلامي الشاسع مسؤوليات الأطراف في العملية الإعلامية عن الرسالة الإعلامية، وتبادلت بينها التهم بعد أن حاولت نظريات الإعلام ومواثيق الشرف الإعلامية وأخلاقياتها تنظيم مهنة الإعلام، وبعد أن دخل الإعلام مع الحكومات والشركات الكبرى وسواهما في صراع معلن لإثبات الذات وتأكيد الهوية، فلا يمكن النظر إلى مثل هذا الصراع إلا من زاوية الأهمية الفائقة.

فلا بد من إزاحة الستار عن رأي الشريعة الإسلامية في موضوع الإعلام من زاوية قيامه بواجبه ومسؤوليته نحو مجتمعه فيما يعرف بمسؤولية الإعلام الاجتماعية، ولكون الشريعة الإسلامية هي منهج الله تعالى، التي نزلت للاتباع والتطبيق، تستدعي وضع أحكامها وتصوراتها على أي عمل ومنها العمل الإعلامي، فالإنسان مسؤول فعلاً عن أفكاره وعقيدته وعمله كما أراد الباري - عز وجل -: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].

ومن هنا: إذا اتحدت الأهميتان معًا، وقفنا على موضوع حيوي جدير بالبحث والدراسة.

ثانيًا- مشكلة البحث:

الإحساس بالمشكلة وتحديدها يعد نقطة البداية في كتابة أي بحث علمي، فتستند عليها خطوات وإجراءات البحث الأخرى، والتشخيص السليم لمشكلة البحث القائم على الحقائق والمعلومات المتوفرة يسهم في تحديد أبعادها بشكل دقيق، ومن ثم تحليلها وتفسيرها وصولاً إلى معرفة نتائجها.

والعمل الإعلامي تتنازعه مؤثرات كثيرة: شرعية ترتبط بما هو جائز أو غير جائز، وإعلامية تختص بفلسفة الإعلام ذاته، ومِهْنية تتعلق بمسيرة يومية ذات شعب مختلفة يشعر بها الإعلاميون أكثر من غيرهم، وقانونية تتعلق بمخالفة لنظام أو عدم مخالفة، وأخلاقية لا تبتعد كثيرًا عن سعي الإنسان لأن يكون صالحًا ومستقيمًا وصاحب رسالة في حياته، قائمًا بمسؤولية ما كلف به أو حظي بقناعة لديه، وكلها لها علاقة بجوانب مسؤولية الإعلامي في عمله، ومن نواحٍ مختلفة تحدد له طبيعة عمله وما ينبغي القيام به، ثم تقييم مستوى الجودة في العمل الإعلامي أو مقدار التقصير لكيلا يكون العمل سدى أو قبض ريح لا يستقر على أرض الواقع برهة حتى يطيش في الهواء، ولا بد لهذه المسؤولية من حدود وتطبيقات وصور تستدعي البحث وإماطة اللثام عنها وعن كل ما تعلق بها كموقع المسؤولية في الشريعة الإسلامية، وصفات المسؤول، وأسس المسؤولية الاجتماعية في الشريعة والإعلام الإسلامي.

وبعد هذا الملخص عن طبيعة المشكلة التي يعالجها البحث، يمكن أن نختصرها في هذه الأسئلة:

1- ما معنى المسؤولية في الإعلام وفي الشريعة الإسلامية، ومن هو المكلف بها؟

2- هل هناك مواصفات خاصة في الإعلام الإسلامي تحدد طبيعة المسؤولية الاجتماعية للإعلام؟

3- ما المسؤولية الإعلامية التي ينبغي العمل بمفهومها؟

4- هل ثمة أسس تستند إليها المسؤولية الاجتماعية للإعلام في الشريعة الإسلامية؟

5- كيف يتم التعامل مع صور مسؤولية الإعلام الاجتماعية في علاقتها بالمجتمع والدولة والأفراد؟

ثالثًا- أهداف البحث:

يسعى الباحث بإذن الله ومن خلال الأساليب والأدوات البحثية المتاحة له إلى تحقيق جملة من الأهداف العلمية في موضوع بحثه ومنها ما يأتي:

أ- إيضاح معنى المسؤولية لغة واصطلاحًا، وبيان معنى المسؤولية الإعلامية.

ب- إثبات مشروعية المسؤولية من الكتاب والسنَّة في المجال الشرعي، ومن مفهوم الإعلام الإسلامي وضوابطه الشرعية.

ج- شرح وجهات نظر الفقهاء المسلمين في وجود أسس المسؤولية الاجتماعية التي يمكن للإعلام العمل بها.

د- القيام بشرح تفصيلي لصور وتطبيقات المسؤولية الاجتماعية للإعلام في ميادين المجتمع والدولة والأفراد.

رابعًا- منهج البحث:

من أجل أن يصل الباحث إلى تحقيق أهداف بحثه وفق المعايير والمناهج العلمية المتبعة، كان المنهج الوصفي أفضل ما يمكن العمل به للوصول إلى النتائج المتوقعة؛ إذ يوفر هذا المنهج أقصى حد ممكن من البعد عن التحيز في طرح الآراء، كما يوفر الثقة في أدوات البحث وصولاً إلى نتائجه.

وقد تطلبت مسيرة البحث الرجوع إلى أمهات المراجع والكتب الإسلامية في التفسير والفقه وأصوله لطرح الآراء والأقوال الواردة فيها بما تستحقه من مكانة معتبرة في الاستنباط والوصول إلى حقائق المسائل ذات الصلة بالبحث، كما خاض الباحث جولات أخرى في كتب الإعلام المختلفة للوصول بدقة إلى كل ما ورد في ثنايا البحث من زوايا إعلامية أو ذات صلة بالإعلام بهدف طرحها ومعالجتها بطريقة علمية تحترم الآراء وتناقشها من غير إجحاف قدر الإمكان.

خرج البحث بالنتائج الآتية:

♦ تعريف المسؤولية هو: أن يتحمل المرء تبعة ما يصدر عنه من اعتقاد أو قول أو أعمال ومحاسبته على ذلك.

♦ أن الفرق بين المسؤولية والحكم التكليفي: أن المسؤولية سابقة للتكليف، إذ هي استعداد الإنسان الفطري لتحمل ما يكلف به؛ أي: في التعبير الفقهي (ذمة الإنسان)، والتكليف هو أمر الشارع بمعين، كما أن المسؤولية طوعية والتكليف ليس كذلك، أما الشبه بينهما فيتضح في كونهما نوعًا من الإلزام بالعمل أو الترك، وأنهما يوجبان الجزاء عن ذلك إما شرًّا أو خيرًّا.

♦ هناك أركان ثلاثة للمسؤولية الاجتماعية في المجتمع المسلم هي: الرعاية: فكل من في الجماعة راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والهداية: وهي مسؤولية، نهي عن المنكر وأمر بالمعروف، والأخذ على أيدي المفسدين الذين يضرون الجماعة، والإتقان: فالمسلم مطالب بإتقان كل عمل يكلف به وبذل أقصى طاقاته بحيث يكون على دراية كافية فيه.

♦ إن المسؤولية الإعلامية في الشريعة الإسلامية يمكن تعريفها أنها: مجموعة القيم والأخلاقيات التي يلزم الإنسان بها نفسه إلزامًا فطريًّا بالخلقة، ومكتسبًا بالمهنية لرعاية حق الجمهور في المعرفة الصادقة والهادفة المستندة إلى مفاهيم القرآن والسنة النبوية ويكون مسؤولاً عنها في الدنيا والآخرة.

♦ خصائص الفطرة ربانية المصدر، فقد جبل الإنسان من خالقه - جل جلاله - على فطرة سليمة لا اعوجاج فيها تستند على العبادة وتحمل الأمانة والقيام بالمسؤولية على أتم وجه، في العمل الإعلامي أو غيره.

♦ لا بد للمحتسب من صلاحيات في مجال الإعلام حيث تمنح له الإمكانية على المحاسبة بشدة حين يعمل على فضح الأخطاء ورصد المخالفات التي يراها بعض ولاة الأمر مضرة بالمجتمع.

♦ في المجال الإعلامي يجب أن يحتل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مساحة مهمة في العمل: فالواجب يحتم على الإعلامي المؤمن برسالته الواعي لها، أن ينهض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيما يكتبه وينشره من أخبار ومقالات وغيرها حتى يسهم بمجهوده في تبصير الناس بما يجب عليهم عمله لتجنب الوقوع في المعاصي والضلال والفساد واتباع الشهوات والهوى.

♦ أهم معالم مسؤولية الإعلام إزاء المجتمع هي: الدفاع عن الحريات العامة، والدفاع عن القيم الاجتماعية، وتأكيد حق المجتمع في المعرفة، والدفاع عن مصالح المجتمع بشكل عام ومحاربة الفساد والانحراف.

♦ للحكومات في الدولة الإسلامية: إصدار القوانين والتعليمات التي تنظم العمل الإعلامي وفق ضوابط الشريعة الإسلامية؛ لقوله - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 41].

♦ مسؤولية الإعلام الإسلامي إزاء الدولة: الحفاظ على أمن الدولة وحمايتها، والامتناع عن نشر المعلومات التي يمثل نشرها ضررًا بالمصلحة العامة.

♦ ومسؤوليته إزاء الأفراد: تتجلى في احترام خصوصية الفرد، وعدم نشر معلومات خاصة عن الأفراد أو تصويرهم من غير موافقتهم.