ملخص بحث: الإعلام العربي الإلكتروني الموجه للأطفال واقعه وسبل تطويره

ملخص بحث

الإعلام العربي الإلكتروني الموجه للأطفال واقعه وسبل تطويره

(الأطفال والشبكة العنكبوتية)

اعتقد كثير من الناس في بداية القرن العشرين بأن دخول الشبكة العنكبوتية إلى بلادنا ما هو إلا صَرعة من صَرعات العصر (موضه) سرعان ما يملها الناس فيتركونها، وانتشرت شائعات متعددة مفادها بأن هذه الشبكة تخفي وراءها كثيراً من الأهداف والنوايا المشبوهة، ونظر معظم الناس إلى رواد مقاهي النت بنظرة تشوبها الريبة والشك وقبل أن تشترك جامعة اليرموك بخدمة وتوصيل النت لكل مكتب من مكاتب موظفيها، وكنا في ذلك الوقت نحتاج إلى استخدام الشبكة الموجودة في المقاهي، بهدف الوصول إلى المعلومات اللازمة لأبحاثنا، كنا نشعر بحرج شديد ونلتفت يميناً ويساراً خوفاً من أن يرانا احد فيعتقد بأننا ندخل مقاهي النت لغاية في نفس يعقوب، فقد كانت الفكرة السائدة آنذاك هي أن رواد المقاهي هم فقط من المراهقين والعابثين.

وبعد مرور عدة سنوات على دخول النت، اتضحت معالم كثيرة وتبلورت أفكار جديدة عن أهمية وظائف الشبكة العنكبوتية الجادة في مختلف جوانب حياة الناس، مثل المراسلات عبر البريد الإلكتروني، التحدث مباشرة مع الأهل والأصدقاء داخل وخارج البلد، الحصول على كم هائل من المعلومات العلمية والثقافية لكافة شرائح المجتمع ومختلف الفئات العمرية، توفير ألعاب مسلية للأطفال، مشاهدة ألأخبار المحلية والعالمية وغيرها الكثير، وقد استطاعت خدمات النت المهمة من دحر الشبهات والشكوك حول هذه الوسيلة الرائعة، وشرعت الفتياتبدخول مقاهي النت مع صديقة أو شقيق في بداية الأمر، ثم لوحدهن بعد ذلك، ولم يمر وقت طويل حتى وصلت خدمة الشبكة إلى كثير من بيوت العائلات الميسورة، حيث كانت رسوم الاشتراك مرتفعة، ولكن بعد ظهور عدة شركات انخفضت هذه الرسوم لتصبح في متناول معظم العائلات من مختلف الطبقات الاجتماعية، وكان الناس يتباهون باشتراكهم في الشبكة العنكبوتية، ويرون في ذلك رقياً وحضارة وثقافة. ولم تستمر الهدنة بين الناس والنت طويلاً، فقد بدأ الناس يتذمرون من نتائج استخدام أبنائهم للشبكة، وحتى من أزواجهم وزوجاتهم، فراح الناس يرمون اللوم والمسئولية على الشبكة التي أفسدت عليهم راحة بالهم ووضعتهم في حالة صراع مع أفراد عائلاتهم ومع الآخرين، وقد أصبحت الشبكة العنكبوتية مدار حديث في الشارع وتتناولها وسائل الإعلام المختلفة، دفاعاً عنها تارة وهجوماً عليها تارة أخرى، وقد نسي الناس بأن الشبكة العنكبوتية ما هي إلا أداة صماء وعمياء، ولا ترفض ولا ترحب بما سيحقن فيها من مواد ومعلومات مثلها في ذلك مثل السيارة أو أية وسيلة نقل أخرى التي لا تتحرك بدون سائق، وإذا ما وقع حادث فسيكون السائق وحده المسئول عن ذلك، وحتى لو افترضنا بأن الشبكة العنكبوتية تتبنى على مواقعها مواد فاسدة ومفسدة، فهل تقوم الشبكة بإجبار المستخدم على تصفحها ومشاهدتها؟

ولم يعد الحديث عن سلبيات وإيجابيات استخدام الشبكة العنكبوتية على المجتمع بأسره وبخاصة على الأطفال والمراهقين جديداً، فقد طفحت مواقع الشبكة بمقالات ونتائج دراسات وأبحاث تناولت جميعها هذا الموضوع، ولكن بعد قراءة هذه المقالات وتلك التعليقات وجدنا ضرورة ملحة لتناول هذا الموضوع من جوانبه الأخرى التي تتعدى محور السلوك والأخلاق، وتوتر وفتور العلاقات الأسرية والاجتماعية، إلى تناول هذا الموضوع من زوايا أخرى لم تحظ بتغطية على الإطلاق أو أنها غُطيت بشكل جزئي، ولعل من أبرز الجوانب التي سعت هذه الدراسة لتغطيتها وتوضيح أبعادها ما يلي:

1- تمهيد يُعرف بأضرار إدخال الإنسان لكائن حي جديد إلى الطبيعة، للوصول إلى مفهوم وتأثير إدخال تكنولوجيا حديثة إلى المجتمعات بدون دراسة واستعداد مسبق.

أليست الشبكة العنكبوتية تشبه كائن حي ينبض بالحياة ويؤثر في الناس ويتأثر بهم؟

2- مقدمة تبرز حيرة الناس إزاء تقبل أو رفض الشبكة العنكبوتية ووسائل الاتصالات الحديثة الأخرى، فلا هم قادرون على تركها، ولا هم قادرون على تقبلها كما هي بدون إدخال تعديلات تتلاءم مع عادات وقيم المجتمع العربي، وهذه التعديلات هي محور رئيس من محاور هذه الدراسة، كما سيرد لاحقاً.

3- التعريف بوسائل الإعلام الحديثة وذكر لأبرز خصائصها.

4- دور الإعلام ووسائله التقليدية والحديثة في نشر الوعي، المعرفة، الثقافة، التعليم وتعبئة الشعوب بما ينمي الحس الوطني، ويحفظ قيم وأخلاقيات هذه الشعوب.

5- دور وسائل الإعلام الحديث في إفساد كل ما ذكر أعلاه في حالة عدم حياديتها وتعرضها لضغوط من المتنفذين.

6- إبراز فوائد وإيجابيات الشبكة العنكبوتية لجميع أفراد المجتمع مهما تباينت تخصصاتهم ومستوياتهم العلمية والثقافية، وبخاصة للأطفال الذين يلعبون ويتعلمون في وقت واحد (إلعب وتعلم). ومن بين الفوائد المهمة التي يجنيها الأطفال هي التدريب الجيد على استخدام الحاسوب والشبكة العنكبوتية، وما لذلك من أثر طيب على مستقبلهم الدراسي والمهني.

7- التعريف بفوائد استخدام الشبكة العنكبوتية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك للمصابين بأمراض مستعصية.

8- التحدث بإسهاب عن أضرار وسلبيات استخدام الشبكة العنكبوتية على الإنسان وبخاصة المراهقين والأطفال، ويتناول هذا العنوان الأضرار الصحية، النفسية والأسرية والاجتماعية وغيرها، وطرق الوقاية من هذه المؤثرات التي تتضمن التغذية الصحية والجلوس السليم، والإضاءة المناسبة، وممارسة النشاط البدني والرياضة وقد حظي هذا الموضوع بتوضيح وتفصيل نظراً لأهميته القصوى في صون صحة وسلامة مستخدمي الشبكة لساعات طويلة وحرمانهم من الحركة وما يترتب على ذلك من أمراض وعلل خطيرة، كما تتضمن طرق الوقاية من أضرار الشبكة الأخرى، توجيه ونصح الأطفال بأسلوب علمي منطقي، والعمل على إخراج الأطفال من عزلتهم الاجتماعية ومساعدة المدمنين على النت على الإقلاع عن هذه العادة بطرق بسيطة وآليات مختلفة.

9- الإسهاب في التعرض لظاهرة الإدمان عند المراهقين من مختلف الجوانب.

10- التعرض لأخلاقيات وآداب التعامل مع الشبكة العنكبوتية، وخطورة وتبعات إساءة استخدامها.

11- تناول واقع الشبكة العنكبوتية في العالم العربي من حيث انتشارها وأعداد مستخدميها وأهدافهم، وتخصيص الاهتمام بتأثير مواقع الشبكة العربية وبرامجها على الأطفال والمراهقين، ووضع اقتراحات لزيادة كفاءتها وفعاليتها، وإجراء مقارنة بينها وبين المواقع الأجنبية الموجهة للطفولة.

12- تحليل محتوى أفلام الكرتون كنموذج موجه للأطفال وبيان إيجابياته وخصائصه ومقارنته بمواقع عربية.

13- ذكر معوقات انتشار المواقع العربية على الشبكة العنكبوتية، وشرح كل منها بحيادية، وذكر مواصفات المواقع الجيدة، وتقييم المواقع العربية الموجهة للأطفال، وذكر معايير التقييم الأساسية والفنية.

14- التعرض للمحتوى الموضوعي للمواقع العربية وعلاقته بعدد المستخدمين واهتماماتهم.

15- مبررات الحاجة لمواقع عربية جيدة موجهة للأطفال:

• التعليم التقليدي وسلبياته.

• التعليم الحديث، ايجابياته ونواقصه.

16- لعب الأطفال، أهميته ودوره في صناعة الأجيال.

17- أنواع المواقع على الشبك ة العنكبوتية.

18- توجيهات وإرشادات لأولياء الأمور للمحافظة على سلامة وتوجه أبناهم المستخدمين للشبكة العنكبوتية وتوضيح أبعاد هذه التوجيهات.

19- توصيات عامة لمستخدمي الشبكة ومنتجي البرامج والمزودين للمواد الثقافية والعلمية والترويحية على الشبكة.

20- الشبكة العنكبوتية من منظور إسلامي، الإسلام هو دين حضارة ونماء فكري ونصير للعلم والعلماء، ولكن ضمن القيود الشرعية التي أمر الله تعالى بها.

21- الخاتمة والخلاصة، وتشتمل على تحليل فلسفي يتماشى مع العقيدة الإسلامية والقيم العربية واقتراحات وتوصيات وطموحات مستخلصة من العناوين الرئيسة والفرعية للدراسة.

22- إضافة ملحق يحتوي على نموذج استبيان لمساعدة الباحثين في دراسة حالة الإدمان على استخدام الشبكة، والتعرض لعدد من شروط تعبئة الاستبيان، كما جاءت في الصفحات الأخيرة من هذا البحث، قصص خطيرة وأحداث مخيفة بسبب الشبكة العنكبوتية واستغلالها في إثارة الفتن والإساءة للدين الإسلامي وللرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم.

ويستنتج القارئ في نهاية الأمر، بأن المجتمع يحتاج بقوة إلى استخدام وسائل الاتصالات الحديثة لاسيما الشبكة العنكبوتية، ولكن بعد تعزيز الوعي لدى الناس والحث على التقيد الضوابط الشرعية والأخلاقية، وهذا يتطلب قيام أولياء الأمور والمؤسسات التربوية والجهات الرقابية بدورهم الكامل في تأمين سلامة فكر وسلوك وعقيدة أفراد المجتمع كافة خصوصاً الأطفال منهم والمراهقين.

ولما كان هذا البحث وغيره من الأبحاث التي تفضلت مسابقة الألوكه بطرحها للمنافسة والتي ستنشر في حال فوزها وتطرح بين أيدي القراء العرب من مختلف المستويات العلمية والثقافية،ا فقد راعينا اعتماد الأسلوب العلمي الميسر الذي يتماشى مع مختلف مستويات المجتمع العلمية والثقافية، واستعملنا الكلمات والمعاني المألوفة لدى المجتمعات العربية، كما لم نغفل عن الاستشهاد بعدد كاف من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تشكل المرجعية الأولى للإنسان المسلم.

أما المراجع والمصادر فقد جاء ذكرها في نهاية هذا البحث لتسهيل مهمة القراء للاستزادة في المعرفة، إضافة لذكر هذه المراجع في هوامش البحث وإضافة الكثير من المداخلات على الفقرات المقتبسة خاصة من المراجع الأجنبية.

لقد شمل هذا البحث الإطلاع على كثير من الكتب والمراجع كأساس لأي بحث علمي موضوعي، وإجراء مقابلات مع أطفال وأولياء أمورهم ومع أصحاب مقاهي الإنترنت، إضافة لإلقاء عدة محاضرات حول الشبكة العنكبوتية وتأثيراتها المختلفة، وذلك حتى نقترب قدر المستطاع من حقيقة هذا الأمر، ولا أبالغ إن قلنا بأن لهذا الموضوع آثار جسيمة على مستقبل الإنسان المسلم منذ مرحلة الطفولة والمراهقة، وكثيراً ما كنا نجد صعوبة في تفسير أبعاد المواضيع المختلفة التي تطرح للأطفال مما يشير إلى وجود أهداف مشبوهة يسعى أصحابها ببطء لتسميم عقول الجيل الصاعد.

ومن الجدير ذكره هو أن المؤلفان قد أوردا رأيهما وملاحظاتهما الشخصية حيثما كان ذلك ضرورياً باعتبارهما أرباب أسر تشتمل على أبناء من مختلف الفئات العمرية وفيها الذكور والإناث، كما عملا في مجال التدريس والتوجيه، علاوة على أنهما قاما بتأليف العديد من الكتب، المقالات والقصص الاجتماعية.

والسلام عليكم ورحمة الله