• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة كاتب الألوكة الثانية / المشاركات المرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية / قسم الدراسات والأبحاث / الدراسات الشرعية
علامة باركود

ابن عاق يبرر عقوقه!! لنستمع ثم نحكم

ابن عاق يبرر عقوقه!! لنستمع ثم نحكم
عبدالعزيز جايز الفقيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/6/2012 ميلادي - 19/7/1433 هجري

الزيارات: 188784

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ابن عاق

يبرر عقوقه!!.. لنستمع ثم نحكم

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)


المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، ثم الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم. ثم أما بعد:

في زمن كثر فيه العقوق، وتعددت صورة، وكثرة قصصه، أصبح المرء في حيرة من أمره.. ويتساءل ولكن بما يتساءل...

 

كيف يحدث هذا في بلاد المسلمين؟

أم كيف يصدر هذا من أبناء الموحدين؟

أم أين خوف ذاك الابن من دعوة والد في جوف الليل؟

هل للتربية دور في القضاء على العقوق؟

هل للمسجد دور في التوعية بخطر العقوق؟

هل على المدرسة مسؤولية لتحذير من عاقبة العقوق؟

 

كل هذه الأسئلة تجعل المرء في حيرة، ولكن لا بد من بحث الموضوع من جوانبه المتعدد، ووضع اليد على الجرح، لوضع النقاط على الحروف.

 

وهو ما سوف تجدونه في هذا البحث المختصر في هذا الموضوع المهم.

 

البداية تبدأ من هنا...

 

العقوق مصطلح شائع يتداوله الآباء بكل اهتمام، ويتهربون من خلاله عن العديد من المسؤوليات المناطة بهم تجاه الأبناء، ويرمونه بكل برود أما أبنائهم، وبناتهم، وأقاربهم، وأصدقائهم - إلا ما رحم ربي -.

 

وفي المقابل؛ يزداد الابن العاق عقوقاً جراء هذه التهمة التي لم تخضع ولو لساعة حوار، وأيضاً لم تُشفع بكتمان وستر ودونما ضجيج وفضائح، بل وصلت إلى إدخال البعيد قبل القريب للتدخل، والأهم في هذه المسألة هو: تجاهل نفسية ومرارة الابن من قسوة هذا المصطلح الذي يعد تهمة ظالمة تعلق برقبته - إلا ما رحم ربي-.

 

حتى لا نتشعب بالتفاصيل الطويلة وننسى جانب التميز من قبل بعض الآباء والأبناء أود في البداية تهنئة وشكر العديد من الأبناء الذين ضربوا أروع أمثال البر، وجعلوا جنتهم في رضا والديهم، وأنسهم في ابتسامة والديهم؛ فلهم منا الدعاء، ونبشرهم بهذا الحديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه).رواه البخاري.

 

وأيضاً: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف قيل من يا رسول الله قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة). رواه مسلم.

 

فالوالدان فرصة عظيمة لكل مسلم عليه أن يغتنمها، وأن يسابق العمر عليها قبل فواته، وأن لا يتأفف ولو حصل ما حصل لأن الله جل وتعالى نهانا عن ذلك حيث قال: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء-23] وأيضاً في الآية التي تليها مباشرة:﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾[الإسراء-24].

 

ولن أذكر فنون العقوق المعاصرة التي صنعتها الكثير من الأفلام والمسلسلات لجيل الأبناء المعاصر، وكان الآباء معها في خانة الاحتياط فلم يتدخلوا لإخراج الطبق الفضائي من المنزل بل أسكنوه بجوارهم وكأنه ابنهم الثاني.

 

ولم يتحركوا لإدخال الابن في حلقه قرآن بل منعوه منذ صغره بحجة أننا (لا نريد تعقيده)، فكبر الابن وكبر شحمه ولحمه واعتاد على التمدد والتنطيط في الاستراحات والمقاهي.

 

إذاً.. هذه هي المقدمة، التي نتسلل منها من كل جانب للدخول إلى الموضوع بكل صمت، وبدون تشويش.. فاستعدوا!!.

 

اقرأ ثم فكر: كل شخص منا له تفكير وميول وتطلعات ربما لم تسعفه الظروف والإمكانات لتحقيقها والحصول عليها، بل ربما آثر الكسل والملل ولكن الأخطر أن يكون قد رضي بالاستسلام؛ المهم أننا جميعاً ناجحون، وفاشلون، ونشطاء وكسالى؛ كلنا جميعاً نتمنى أن يخرج من بين أصلابنا ابن يعوض كل هذه الأحلام التي فاتت أباه عند صغره، وكان لا بد من شبل يحيا ليسترد العرين لوالده، وليحفظ عرش الغابة الذي لم يستطع والده المحافظة عليه.

 

رسالتي يا أصحاب الأماني والأمنيات من الآباء والأمهات ((سؤال صريح)).. ماذا تريد أن يصبح ابنك في المستقبل القريب؟؟!!.

 

طبيب، مهندس، طيار، قاضي، تاجر، معلم، مؤلف، مذيع، كاتب، مخترع، عالم فضاء، عالم ذرة، ضابط عسكري، أديب، شاعر، حافظ لكتاب الله... إلخ. من الأمنيات والأحلام التي تتمناها أنتَ كأب في ابنك، أو تتمنينها أنتِ كأم في ابنتك.

 

بالطبع؛ طموحات هائلة قد يصاب الأب أو الأم بالعين إن صرحوا بها مبكراً ربما، وربما يصابوا بالإحباط من قبل الجو المحيط بهم والمثير دائماً لتعليقات الساخرة والمثيرة للخذلان؛ لكن الأخطر من هذا كله أن تكون يا أيها الأب ويا أيتها الأم إلى الآن لم تضعا هدفاً لابنكما أو ابنتكما بحيث تريدان منهما تحقيقه والوصول إليه.

 

(عيالنا مثل عيال الناس)، (يكبر ويتعلم)، (إلي ما يفهم اليوم يفهم بكره)، (لا تشد بالحيل علشان ما تنقطع)، (المصلح الله)، (ربينا وعجزنا)، (الشارع يربي)... آه.. ثم.. آه.. من هؤلاء الآباء والأمهات الذين يتبنون مثل هذه الأمثال البائسة والقاتلة لكل معاني الطموح في تربية الأجيال.

 

• فترى الأب منبطحاً في بيوت الشعر، ومجالس الثرثارين، واستراحات السفهاء؛ ليقول بعد ذلك؛ مصيبة.. ابني يشرب الدخان!!.

 

• والأخرى تلك الأم الرشيقة، التي هرعت بكل حيلة، لإنقاص وزنها، وتقصير خصرها، ولطخ مكياجها، ثم خرجت بكل زينتها إلى ذاك السوق سويعات، وإلى تلك الكوافيرة سويعات، ثم سويعات تضيع الطفش مع سماعة الهاتف التي أصبحت أذن ثالثة لها، أهم من أذنيها الاثنتين؛ لتفاجئ في إحدى الليالي بأن ابنتها البالغة وقعت في مكالمات غرامية مع أحد الشباب والآنسة بكل دلال مع آخر الموضات والبنطلونات!!.

 

هل تتوقعون أو تستغربون من أن تصل سلوكيات أبنائنا أو بناتنا إلى مثل هذه المنحدرات؟!!.

بالطبع أنا لا أستغرب ذلك، بل أتوقع مثل هذه النتائج.. بل إنني وأكاد أحلف بالله أن أقول لكم: بأنني أستغرب وأستعجب من الابن الصالح كيف يخرج من البيئة والأسرة الفاسدة؟!.

 

وعلى العكس لا أستغرب بأن يخرج الابن الفاسد من البيئة والأسرة الفاسدة والمهملة لكل معاني التربية!!.

 

بمعنى أوضح وأشد صراحة، وأكثر صرامة:

• أب مدخن، وابنه مدخن (معقولة).

• أب تارك للصلاة، وابنه تارك للصلاة (معقولة).

• أب عاق لوالديه، وابنه عاق لوالديه (معقولة).

 

لكن؛

• أب مولع بالغزل، وابنه شريف كالجوهرة (عجيب).

• أب سيء الخلق، وابنه دمث الأخلاق (عجيب).

• أب كسول خامل، وابنه نشيط بارز (عجيب).

والكلام أيضاً ينطبق تماماً على البنات وأمهاتهن.

 

فمثلاً:

• أم (خزنة بيت)، وابنتها (خزنة بيت) (معقولة).

• أم عاشقة للفن والموضة والأزياء، وابنتها عاشقة للدراسة والستر والقرآن (عجيب).

 

كل هذه الأمور ما هي إلا معادلات، وأشياء حسابية ثابتة تكاد ألا تتغير إلا أن يشاء الله، فكما أن (1+1)=(2)، أيضاً أب ناجح = ابن ناجح، وكذلك أب فاشل = ابن فاشل بدون كلام وبدون مقدمات، انظر حولك تجد أن هذا الكلام واقع بنسبة تكاد تصل إلى 99.9%.

 

وصدق الشاعر حيث قال:

وينشئ ناشئ الفتيان فينا
على ما كان عوده أبوه.

 

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته»3 وفي رواية «والوالد عن ولده».

 

التربية أعزائي القراء تنشئ عند الطفل بالمحاكاة فإذا شاهد الطفل أباه يصرخ في وجه أمه عند الغضب، تلقائياً وبدون شعور منه سوف يصرخ في وجه أمه عند الغضب.

 

وكذلك البنت إذا شاهدت الأم تلبس كل ضيق وقصير وشفاف أمام الضيوف فبدون مقدمات سوف تكبر البنت وتحاكي لبس وعري أمها في اللباس، بل ربما يتربى الأبناء والبنات بشكل أكبر على هذه المعاني الخسيسة والدنيئة؛ فبدلاً من أن يكتفي الابن بالصراخ في وجه أمه في البداية، تجده في المرة القادمة يتطور إلى البصق، وربما مد اليد فالتطور يا كرام لا يشمل التقنية والأجهزة فقط بل حتى الأخلاق الحسنة والسيئة كلاهما يتطور ويتطور إما علواً علوا وإما سفولاً سفولا.

 

وكذلك البنت قد لا تكتفي بالضيق والقصير والشفاف؛ لأن دروس أمها كان لابد من إخضاعها إلى جملة من الموضات والماركات التي لم تكن موجودة في عصر أمها؛ فتجدها بدلاً من أن تكتفي بالضيق أمام الضيوف، تطوره إلى البنطال والجينز في الحفلات والأفراح، وبدلاً من التغنج والماكياجات تهرع البنت إلى الأسواق والمحلات تسابق الشباب والمراهقين.

 

بالطبع؛ الحال كما صاغها الشاعر في هذه الأبيات، التي لابد يوماً وأن مرت على أذنيك إما من ابنك: أبي سمع لي هذه الأبيات، أو أمي حفظيني هذه الأبيات:

بين الحديقة والنهر
وجمال ألوان الزهر
سارت مها مسرورةً
مع والد حانٍ أبر
فرأت هنالك نخلةً
معوجةً بين الشجر
فتناولت حبلاً وقالت
يا أبي هيا انتظر
حتى نقوم عودها
لتكون أجمل في النظر
فأجاب والدها لقد
كبرت وطال بها العُمُر
ومن العسير صلاحها
فات الأوان ولا مفر
قد ينفع الإصلاح والتهذيب
في عهد الصغر
والنشء إن أهملته
طفلاً تعثر في الكبر

 

ويا ليت الآباء يتأملون هذه الآيات بكل معانيها: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم-6].

 

أي: أحفظوا أنفسكم وأهليكم من الأبناء والبنات والأزواج من هذه النار؛ نار جهنم. فهذا خطاب من المولى عز وجل إلى جميع الذين آمنوا به وبرسله وكتبه بأن أنفسهم وأهليهم يجب أن تحفظ من النار أكبر خطر قد يقع بهم، أسألك بكل واقعية؛ أبناء وبنات ينامون عن الصلوات، ويعشقون سماع الأغنيات، ويهملون الواجبات، هل هذه الحالة التي وصل إليها الأبناء تنم عن حرص الأبوان على وقاية أبنائهم وبناتهم من النار؛ أم إن الأمر والعياذ بالله لم يخطر على بال الأبوين، فضلاً عن الحرص عليه.

 

للأسف الواقع يقول لنا: بأن أكبر هم الكثير من الأبناء من الآباء والأمهات منصب على مأكل الأبناء، وملبس البنات، ورفاهية الأسرية، والدين قد يكون في يوم الجمعة فقط وربما قد لا يكون.-إلا من رحم ربي-.

 

بل يقول الشيخ والمستشار الأسري غازي الشمري: (بأن أعظم الخطر يكون على الأطفال لأنهم يجهلون أمور الدين فيسهل التأثير عليهم فيتعلمون طقوس بعض الديانات الباطلة، فبعض الفتيات شوهدت وقد علقت في رقبتها الصليب، وعندما سئلت عن ذلك أجابت بأنها هدية من الخادمة التي عندهم، وقد شوهد في بعض بيوت المسلمين بعض أطفال يؤشرون بعلامة التثليث على الرأس وجانبي الصدر كما يفعل النصارى وذلك اقتداء بذلك السائق أو الخادمة).

 

وهاهم الأبناء والبنات يتعثرون ويتعثرون وكل هذا هو بسب أننا (آباء وأمهات) لم نمهد لهم الطريق بل تركناه مفتوحاً، فلا نحن الذين أغلقناه عنهم، ولا نحن الذين مهدناه لهم وسلكناه، لكي يكون صالحاً للسير.

ليس اليتيم من انتهى أبواه من
هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له
أماً تخلت أو أباً مشغولا

 

ولنستمع إلى هذه القصة:

يقال بأنه كان هناك طفل صغير في التاسعة من عمره.. أراه والده زجاجة عصير صغيرة وبداخلها ثمرة برتقال كبيرة.. تعجب الطفل؟! كيف دخلت هذه البرتقالة داخل هذه الزجاجة الصغيرة؟ وهو يحاول إخراجها من الزجاجة..

عندها سأل والده كيف دخلت هذه البرتقالة الكبيرة في تلك الزجاجة ذات الفوهة الضيقة!؟ أخذه والده إلى حديقة المنزل وجاء بزجاجة فارغة، وربطها بغصن شجرة برتقال حديثة الثمار! ثم أدخل في الزجاجة إحدى الثمار الصغيرة جداً وتركها. ومرت الأيام فإذا بالبرتقالة تكبر وتكبر حتى استعصى خروجها من الزجاجة!! حينها عرف الطفل السر وزال عنه التعجب، وقتها قال له والده: يا بني سوف يصادفك الكثير من الناس، وبالرغم من ذكائهم وثقافتهم ومراكزهم إلا أنهم قد يسلكوا طرقاً لا تتفق مع مراكزهم ومستوى تعليمهم، ويمارسون عادات ذميمة لا تناسب أخلاق وقيم مجتمعهم! لأن تلك العادات غرست في نفوسهم منذ الصغر فنمت وكبرت فيهم، وتعذر تخلصهم منها مثلما يتعذر إخراج البرتقالة الكبيرة من فوه الزجاجة الصغيرة، وأيضا هناك أشخاص يضحون بمبادئهم وقيمهم وأخلاقهم من أجل الوصول إلى أهداف لا أخلاقية!! هنا تكمن المصيبة في أن يضحي الإنسان..

 

بقيم نبيلة دائمة من أجل متعة حياتية زائلة!.. انتهت القصة، وهكذا هم الآباء والأمهات الحمقى والمغفلين الذين أضاعوا أوقاتهم، وجهدهم، وعقولهم مع أهداف دنيئة، فذاك الأب طاش عقله مع الكرة، والآخر مع الأطماع التجارية التي لا تنتهي، والثالث مع السفرات والنزهات والاستراحات.. كلها (تضحية بقيم نبيلة من أجل متعة حياتية زائلة!).

 

وأيضاً تلك الأم التي تجردت من كل معاني الحياء وخرجت بكل ما شذ عن الأخلاق والآداب الإسلامية والعامة التي لا مجال لنا للخروج منها، فهي إما خراجه أو ولاجه إلى الأسواق والمولات، أو على الجوال أو الدش كلها (تضحية بقيم نبيلة من أجل متعه حياتية زائلة!).

 

قد تتساءلون وما هي القيم النبيلة التي ضح الأب، والأم بها؟.

أقول وهل هناك قيمة نبيلة أنبل من تربية وتنشئة جيل من الأبناء والبنات على الدين والعلم والأخلاق. إياك أن تقول بأن الأمر سهل.

التربية يا كرام ليست سهلة، بل هي كما قال أنيس منصور: (الأبناء عندنا أعمال شاقة مؤبدة).

 

فالتربية تتطلب جهد وصبر لن يأتي إلا مع حزم وحكمة؛ فبالله عليكم أين الحكمة مع أم قد أوكلت (الجمل بما حمل) أقصد البيت والأبناء إلى خادمة لتتسكع هي في أسواقها ومولاتها التي لا تنتهي ربما إلا بموتها.

 

وأين الحكمة من أب شغل وقته مع الأصدقاء والاستراحات والقنوات وأوكل أبنائه إلى السائق ليوصلهم إلى المدرسة، ومع البلايستيشن ليعلمهم فن إضاعة الوقت، ومع رفيق السوء ليعلمه كل جديد في عالم التدخين والإدمان.

 

الآن ماذا يريد الأب من هذا الابن المدخن، أو المدمن، أو العاق، أو غيرهم من الأبناء المنحرفين سلوكياً؟.

 

بالطبع؛ الوصول إلى بر الأمان بترك هذه العادة السيئة ولا شيء غيرها.

 

وأيضاً ماذا تريد تلك الأم من ابنتها المعاكسة للشباب، والمتعرية باللباس، والهابطة بالأخلاق؟.

 

بكل تأكيد.. الرجوع إلى الطريق الصحيح، والخلق الحميد، والسمعة الحسنة، ولا شيء غيرها.

 

لكن؛ أريد أن أذكركم.. أين الطموحات التي علقناها في بداية كلامنا؟

 

أين من يقول: أريد أن يصبح ابني طياراً؟


والآن يقول: أريده فقط أن يخرج من السجن وأن يترك الإدمان.

 

أين الأم التي تقول: أريد من ابنتي أن تصبح معلمةً في المدرسة التي بجانبنا؟

 

والآن تقول وعيناها تذرف بالدموع: فقط أريدها أن تترك المعاكسات.. فقط.. فقط.. فقط..

 

قد أكون قاسيا عليكم، مع أنني لم أقل شيئاً جديداً.. فقط نقلت لكم الواقع من المجتمع ثم شرحته لكم.

 

لكن.. يا آباء ويا أمهات.. هل تريدون أن ينزل ملك من السماء ليحفّظ ابنكم القرآن؟!.

 

وهل تريدون من ابنتكم أن تتحول من طالبة في الصف الأول ابتدائي إلى معلمة في اليوم التالي؟!.

 

لا والله، بل هذا سراب، فالحرف الذي تعلمه ابنك من القرآن يبقى حرف، يتبع بآية، ثم سورة، ثم حزب، ثم جزء، ثم القرآن كله.

 

والبنت التي تربى على حفظ الدروس أولاً بأول، واحترام الأقارب ثانياً، والقرار بالبيت ثالثاً حتماً ستصبح درة غالية في المستقبل يتسابق الخُطاب عليها، وتحتفل الأم ليس بنجاحها فقط بل بنجاحاتها.

 

هكذا سنة الحياة تسير، وهذه هي مجريات الكون تدور، فمن جد وجد، ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل.

 

فالأب الذي زرع ابنه من البداية على الدين، والنور، وكريم الأخلاق؛ سيحصد البر، والفلاح، والثمار اليانعات.

 

والأم التي زرعت ابنتها على الحجاب، وخفض الأصوات، وعدم مخالطة الرجال؛ حتماً ستحصد عفة، وطهر، وسمعة طيبة.

ظهر في إحدى البرامج المعنية بالاختراع وأهله، طفل صغير قام باختراع طفاية حريق أوتوماتيكية؛ فسألت من أخبرني بهذه القصة.. كيف حدث هذا؟. كيف أستطاع طفل صغير اختراع هذا الاختراع الذي ربما أشب وأشيب وأنا لم أصل لتحقيقه؟.

 

فقال: وفر له أبوه ورشةً بالمنزل، فيها كل ما يحتاجه المخترع ليصل إلى ما يصبوا إليه.

 

وهذا ابن صغير في القرية التي أسكن بها لم يتجاوز الخمس سنوات، استطاعت أمه تحفيظه جزئين من القرآن.

 

وشاهدت في قناة الناس (على ما أعتقد) طفلاً صغيراً في الصف الثاني ابتدائي مع والده، استطاع الأب بالتعاون مع الأم تعليم ابنهما القراءة والكتابة وهو في سن الثالثة، وعوداه على قراءة الكتب أيضاً، والأعجب أنه حافظٌ للقرآن، بل من شدة ما وصل إليه هذا الطفل من علم وثقافة، وافقت قناة الناس على بث برنامج له عن قصص الأنبياء يقوم بإعداده وتقديمه هذا الطفل الذي لم يتجاوز الخمس سنوات.

 

أقول: لكل هؤلاء.. ما شاء الله تبارك الله، وهذا الشبل من هذا الأسد، ومن شب على شيء شاب عليه.

 

بالله عليكم هؤلاء الأبناء لو عاشوا مع آباء مدمنين على الاستراحات، وأمهات لاهثات خلف الموضة والمجلات.. هل سيخرجون لنا بهذه الثمرة؟ هل سيشاهد المجتمع هؤلاء الأبطال؟ هل كنا سنسمع بهم؟ أم هل كنت سأكتب بهم بكل فخر؟.

 

وفي المقابل: لو كان ذاك الابن العاشق للسيجارة، والمفحط عند كل إشارة، والمدعي عليه من كل جيرانه؛ قد تربى وترعرع في كنف أولائك الآباء الذين خرجوا لنا ذاك الابن الحافظ لكتاب الله وهو لم يتجاوز التسع سنين، وغيره.. من كل قلب وضمير أسألكم: هل كان أولائك الأبناء المنحرفين سيكونون كذلك أم أن الأمر سيتغير؟.

 

بكل تأكيد أن الأمر سيتغير بإذن الله؛ لأن التربية بناء، والبناء يحتاج إلى الحفر يتبعه وضع للقواعد الأساسية، ثم بعد ذلك تدفن البنية الأساسية لهذا المشروع ليشرع في رفعه إلى الأعلى بكل سرور وإنجاز ورسوخ.

 

وهكذا التربية، هي بناء تحتاج إلى بنية أساسية ينشئ عليها الأطفال قبل الولادة باختيار الأم الصالحة، ومن ثم وضع القواعد الأساسية للأخلاق لكي يرضعوها جيداً مع حليب أمهم؛ فلا للكذب، ولا للغيبة، ولا للنميمة، ولا للجدال العقيم، ولا للسرقة، ولا للعنف، ولا للغضب، ولا للعقوق، ولا للكسل، وأيضاً صب قوالب ضخمة في قلوبهم وعقولهم مليئة بـ( الصدق، والأمانة، والحوار، والعدل، ومحبة الآخرين، والشجاعة، والكرم، والإيثار، والإخلاص، والبر، والصلاة، والصيام، وحب الوطن، والثقافة، والكِتاب).

 

كل هذه الأمور وغيرها ما هي إلا بناء في طريق تربية الابن أو البنت التربية الصحيحة منذ البداية، والسليمة الأركان.

 

لذا.. يحتاج الوالدان إلى إخلاص، ودعاء، وصبر، ووقت؛ والأهم عدم استعجال النتائج؛ لأن المؤمن موقن بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

 

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (علقوا السوط حيث يراها أهل البيت).صححه الألباني.

 

ولخطورة وأهمية هذا الأمر حذرت السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم من خطورة إهمال أمانة تربية الأبناء، فالأبناء والبنات أمانة على الوالدين المحافظة عليها، ورعايتها، وإلا حصلت لهم العقوبة الواردة في هذا الحديث: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته؟ فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته).

 

وقال: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة).

 

أقول لكل أب: ماذا ستقول لابنك يوم القيامة إذا قال لك يا أبي: لماذا ضيعتني ولم تعلمني من القرآن شيئا؟.

 

وكذلك أقول لكل أم: ماذا سوف تقولين لابنتك يوم القيامة إذا قالت لك يا أمي: لماذا لم تربيني على الحشمة والحجاب، واللبس المصان؟.


بالتأكيد؛ أن الموقف مهول، والخطب جلل لكن؛ هل تظنون أن نداء النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر بقوله: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) هل تظنون بأن هذا المطلب ألا وهو الزوجة الصالحة هو من أجل الزوج فقط؟.

 

بالتأكيد لا، فكما أن الزوج بحاجة إلى زوجة صالحة أيضاً الأبناء بحاجة إلى زوجة صالحة.

 

لذلك قيل: "المرء على دين زوجته؛ لما يستنزله الميل إليها من المتابعة، ويجتذبه الحب لها من الموافقة، فلا يجد إلى المخالفة سبيلا، ولا إلى المباينة والمشاقة طريقا".

 

وقال أكثم بن صيفي لولده: "يا بني لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف".

 

وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه: "قد أحسنت إليكم صغارا وكبارا، وقبل أن تولدوا، قالوا:  وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تسبون بها". وأنشد الرياشي:

 

فأول إحساني إليكم تخيري
لماجدة الأعراق باب عفافها

 

وهذا أمير المؤمنين، أريب العرب، وألمعيها معاوية بن أبي سفيان- رضي الله عنهما- من كان وراءه؟ لقد كان وراءه أم عظيمة هي هند بنت عتبة- رضي الله عنها- وهي القائلة وقد قيل لها ومعاوية وليد بين يديها:  إن عاش ساد قومه. قالت:  ثكلته إن لم يسد إلا قومه.

 

وكان معاوية إذا نوزع الفخر بالمقدرة، وجوذب بالمباهاة بالرأي- انتسب إلى أمه، فصدع أسماع خصمه بقوله: أنا ابن هند.

 

فيا ترى من أعزي أولاً؟.

 

من طلبت زوجاً غنياً، يحب السفر، مع خادمة أو سائق؟


أم من طلب زوجة لعوب، تحب الغنج، وتعشق الطرب؟


يا أهل العقل، ويا أهل الرأي.. هل دين وأخلاق الأزواج والزوجات ينعكس على أبنائهم، أم أن هذا الأمر من المحال؟!!.

 

أترك الإجابة لكم لتستخرجونها من قصة هذا الشاب العاق الذي حاور الخليفة عمر - رضي الله عنه - لتبرير عقوقه؛ استمعوا، وعوا، واتعظوا.

 

(جاء رجل إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر الخليفة الولد وأنَّبه على عقوقه لأبيه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوق على أبيه؟ فقال: بلى، أن ينتقي أمه، ويحسن اختيار اسمه، ويعلّمه الكتاب، فقال الولد: إنَّ أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، فأُمي زنجية كانت لمجوسي، وقد سمَّاني جُعلاً"خنفساء"، ولم يعلّمني من الكتاب حرفاً، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: لقد عققته قبل أن يعقك وأسأت إليه قبل أن يُسيء إليك).

 

هذه القصة التي قدر الله لها البقاء لتصل اليوم والآن إلى مسامعكم قد حدثت مع الخليفة عمر - رضي الله عنه - وكلكم تعرفون من عمر، وكيف تكون شدته في الحق؛ إلا أن عدل الخليفة عمر - رضي الله عنه - لم يمنعه من قول الحق وكتمانه؛ فالحق أن الأب قد عق ابنه قبل أن يعق به.

 

وهذه قصة أخرى عن العقوق:

قال ( عبد الله الكوفي ) رحمه الله:

كان عندنا بالكوفة رجل له ابن عاق، فاختصم الأب مع ابنه ذات يوم على شيء!! فما كان من الابن إلا أن جرّ أباه برجله!! حتى أخرجه من البيت، ثم سحبه في الطريق مسافة طويلةً، فلما بلغ إلى موضع ما، صاح فيه أبوه قائلاً، والدموع تتقاطر من عينيه:

يا بُني: حسبك!! قف هنا!! فإلى هنا جررتُ أبي من الدار، فسلّطك الله عليّ فجررتني منها!!.

 

فإلى متى والآباء والأمهات يتحججون بالأعذار الواهية، والكثيرة، والغير مبررة للتهرب من مسؤولية تربية الأبناء والبنات.

 

أقول لهؤلاء بأن الزواج لم يشرع في الإسلام لأجل قضاء الشهوة فقط؛ بل لأهداف أعظم وأسمى، والتي من أجلها (تكثير سواد المسلمين بإنجاب الأبناء والبنات) والقيام على تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة.

 

يقول ابن القيم -رحمه الله-: "فمن أهملَ تعليمَ ولدِهِ ما ينفعه، وَتَرَكَهَ سُدى، فقد أَساءَ إليه غايةَ الإساءة، وأكثرُ الأولادِ إِنما جاء فسادُهُم من قِبَلِ الآباءِ وإهمالِهِم لهم، وتركِ تعليمِهِم فرائضَ الدينِ وَسُنَنَه، فأضاعوها صغارًا، فلم ينتفعوا بأنفسِهِم ولم ينفعوا آباءَهُم كِبَارا".

 

وسلمت يمين من كتب هذه السطور:

إلى أبي وأمي مع التحية:

أبي و أمي أوجه إليكما هذه الرسالة لكي تساعداني أن أنشأ نشأة صالحة حتى أصبح قوياً في الإرادة لتحمل أعباء الحضارة القادمة خلال القرن الواحد والعشرين وحتى أستطيع الوقوف على أقدامي بثبات وعزم أمام التيارات السيئة والجارفة لجميع القيم والله المستعان، لذا لا تفرطا في تدليلي، واعلما تماما بأنني لا يجب أن أنال كل ما أريد، فقط أريد أن أختبركما فكونا حازمين معي، إنني أفضل ذلك لأنه يجعلني أشعر بالأمان، لا تدعاني أكون عادات سيئة، كما لا تجعلاني أبدو صغيرا مما أنا في الواقع، لأن ذلك يجعلني أسلك مسلك الكبار بطريقة بليدة، وأرجوكما لا تصححا أخطائي أمام الآخرين، كما لا تجعلاني أشعر بأن أخطائي نوع من الإثم فذلك يربك إحساسي بالقيم ا.هـ.

 

وقال أحد العقلاء: (أولادنا خلقوا ليعيشوا في زمانٍ غير زماننا).

 

ومما يثير التفاؤل والإقتداء ما ذكره لي أحد الأصدقاء حيث يقول لي: لاحظت أن أي مهندسٍ أو عامل أجنبي يأتي إلينا في الشركة لابد وأن يسألنا هذا السؤال: ما هي أفضل مدرسة في هذه القرية؟.

 

فتنهدت بالجواب، وأعدت الكرة إلى الوراء لأنظر إلى حالِ أطفالنا الذين يرمون في المدارس القريبة من منازلهم في الصباح، ثم يحملون منها في منتصف الظهيرة، فلا سؤال ولا كلام إلى أن تنتهي السنة الدراسية ثم بعدها نسأل كم مادة رسب الطالب فيها؟. وكم مادة رسبت الطالبة فيها؟.

 

أنظروا إلى اعتناء هؤلاء العمال والمهندسين الأجانب بأبنائهم، يسأل عن أفضل مدرسة لأبنائه، وعن أفضل مدرسة لبناته؛ لأنهم جعلوا أبنائهم (كنز)، ونحن جعلناهم (عله)، ولأنهم في الحقيقة قد شغلوا حيزاً متسعاً من تفكيرهم، ونحن لا نعرف إلى أي مرحلة دراسية وصلوا، والأهم هو أنهم قد أعدوهم لهدفٍ ما قد رسموه لهم، ونحن جعلنا هدفنا الأكثر رواجاً هو (بس نبغى الفكه منهم)، أو(متى يتوظف ونسلم من مصاريفه)، أو(يا ليت ما لنا عيال).

 

تأمل في تربية أخواننا المصريين: لا تجدهم إلا ويرددون هذه العبارة؛ أنا ابني إن شاء الله سوف يتخرج طبيب، والآخر مهندس، والابن أو البنت إلى الآن في المرحلة الابتدائية (الإعدادية).

 

أريد هذا الحرص وهذا التفكير أن يعشش في عقلك، وأن يُزرع في قلبك، وأن يشغل بالك.

 

وأنتِ كذلك أيتها الأم.

 

فأبدأ أيها الأب بحلقة تحفيظ القرآن، ولتنتقيها بنفسك، ثم لترغب ابنك عليها، ولتشجعه، ولتكافئه، ولا تقل أنها مضيعة وقت؛ لأن الأب الذي وفر لأبنائه دش، وبلايستيشن، وغيرهما من الملهيات.. هذا الأب هو آخر من يتكلم عن ضياع الوقت.

 

فبادر بتسجيل ابنك في حلقة قرآن، فهي مجانية 100%، وأعلم بأنها إن لم تعلمه القرآن زرعت في قلبه حب القرآن، وإن لم تزده من العلم شيئاً زودته من الأخلاق الحصص الكثيرة.

 

فالله الله بحلقات تحفيظ القرآن، والصبر عليها، وأعلم بأن البركة مع القرآن، والخير وإن خالف هواك فإنك مجبورٌ عليه؛ فبالله عليك.. هل يشرب ابنك الصغير الدواء باختياره أم بإلحاح منك، وشدة بعض الشيء؟.

 

بالتأكيد.. قد تلجئ إلى الإلحاح والشدة وأنت بذلك لا تريد إلا مصلحته، وهو أيضاً بعد أن يذوق طعم العافية سوف يشكرك على صنيعك به، وإعانتك له على تركه لهواه.

 

لذا.. أعلم ثم أعلم بأن ابنك لن يندم على عمره الذي فات وقد حفظ فيه القرآن.. حاشا وكلا؛ بل إذا رأى زميله الذي بجانبه وقد ختم القرآن عن ظهر غيب، وبدأ بحفظ غيره من العلم، وهو لا يعرف إلا ترديد الأغاني، وحفظ قصائد الغزل.

 

ولن يندم ابنك إذا تدرع في يوم درعاً من أعرق الجامعات، ولبس أفخم وشاح، وأعتلى سلم المعالي؛ بل سيبكي إذا تخرج بنسبة 70%، ورمي ملفه مع كل باب، وسخر منه الأصحاب والأصدقاء؛ عندها يتبرأ الأب منه، ويغلق الباب دونه، ويصدمه المجتمع بصدوده عنه.

 

وأنتِ أيتها الأم.. عليك بالحجاب قدوة وسنة؛ قدوة لابنتك فتلبسينه أمامها بدون نقاب، أو تضييق، بل تلتزمين السنة، ثم تعلمين وتفهمين ابنتك بأن حجابها في الدنيا حجاب لها عن النار في الآخرة.

 

وبأن حيائها هو بسترها، وعدم تبرجها، ولا تنسي تنشئتها على أن الأجنبي قريباً كان أم بعيدا هو أجنبي لا تحل مخالطته، أو مصافحته، بل الحذر كل الحذر من ذلك، وأن سمعت الفتاة كالزجاجة أية خدشٍ فيها يعيبها، وينقص من قدرها.

 

لذا.. لن ولن ثم لن تندم ابنتك على ضياع وقتها، وسنين عمرها بدون أصحاب، وخلاّن، يدغدغونها بقصص الحب، وعبارات الإعجاب.

 

بل وبل ثم بل ستبكي وتسهر، ثم تدعوا وتصرخ، وفي النهاية تندم وتولول على ذاك الشاب الذي فضح جسدها، وقطع غشاء حيائها، وصعد على ظهر مروءتها.

 

وسمعت عن لص قبض عليه، وحكم عليه بقطع يده فقال قبل أن ينفذ الحكم: قبل أن تقطعوا يدي، أقطعوا لسان أمي.

 

ولذلك لأن أمه لم تنهاه عندما سرق شيئاً رخيصاً وهو صغير بل شجعته، وهكذا تجرئ الابن على السرقات حتى وصل إلى ما وصل إليه؛ والسبب الأول هو لسان أمه.

 

وللعلم فإن الوصايا الموجهة للآباء والأمهات كثيرة وكثيرة وما جاءت هذه الكثرة إلا من أهمية بالغة وعظيمة ألا وهي: (تربية الأبناء).

 

إلا أنني لضيق المقام سأكتفي بوصيتين للآباء والأمهات:

أولاً: ليعلم الأبوان الفاضلان بأن التربية في الصغر هي كالنقش على الحجر؛ فلا يهملن الوالدان حث أبنائهم على الجد والاجتهاد في الصلاة والمدرسة في الصغر حتى لا يتباكيان عليهم حال الكبر.

 

وأذكر في ذلك قصة قالها الشيخ والطبيب المشهور/خالد الجبير، لأحد من زاروه في منزله، حيث يقول: بأنه ومنذ أن كان في الصف الخامس الابتدائي قرر أن يكون طبيب قلب كبير، يقول: وفعلاً، ما إن شعرت بشيء من الإخفاق إلا وقلت لنفسي كيف تريد أن تكون طبيباً وأنت تقع في بعض الإخفاق، إلى أن وصل إلى ما وصل إليه بأن أصبح من ألمع وأبرع أطباء القلب في المملكة.

 

بتأكيد؛ أن الدعم والمساندة كانت منذ الصغر، والتربية على وصوله لهذا الهدف كانت في الصغر؛ وهكذا هي الأخلاق والأهداف لا تنشأ غالباً إلا منذ الصغر، فأستطيع تشبيه التربية بالبستان: تستطيع ملئه بالفل والياسمين، وأن تحيطه بالظل والماء، وهو كذلك مع الأيام يزداد نمواً، ويمتد ظلاً، ويشتد مائه صفاءً؛ وعلى النقيض يُنقَض، فلو لم يكن خلف هذا البستان راعي وعامل يقوم على رعايته وسقايته، وتقليم أشجاره، وإزالة الحشائش من تحته، لما دام هذا البستان طويلاً، ولا عاش ظله كثيرا، ولجف ياسمينه وزهره كلمح البصر.

 

وهكذا الأبناء والبنات، يا آباء ويا أمهات؛ هم بساتين تزرعون فيها الأخلاق، وتحفونها بالتوجيهات، وتدربونها على الفضائل من الأقوال والأفعال.

 

فإن لم ترعوا هذه البساتين هجم عليها الغبار، والجفاف، والهلاك، والذي لا أظن أنني أقصد بها غير ثلاث وهي: (الدش، ورفيق السوء، والبلايستيشن).

 

واسمع إلى هذا الطفل يجيب والده الذي عاتبه على العقوق، قال: يا أبت!، إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً؛ و أضعتني وليداً؛ فأضعتك شيخاً.

 

 

أقو لجميع الآباء: تذكروا هذه الآية،﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [الإسراء-7].

 

وتعالوا معي إلى قول المولى جل وتقدس حيث يقول في كتابه:﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء-24] لو تأملنا في هذه الآية قليلاً، لوجدنا أن هذه الآية توصل إلينا رسالة عظيمة في أهمية التربية منذ الصغر، وأن الله قد خص الدعاء هنا للوالدين جزاءً على تربيتهما.

 

فلم يقل الله في الآية: (وقل رب ارحمهما كما -أكلاني-أو شرباني-أو لعباني-أو لبساني- لا وألف لا بل (كما ربياني صغيرا).

 

كل هذا دلالة على فضل التربية، وأهميتها في الدين الإسلامي، وأيضاً أهمية كونها منذ الصغر، وأنها يجب أن لا تهمل وتترك وتؤجل عند الكبر؛ لا.. بل البدار البدار فإن الطفل أو الطفلة في الصغر يكون مثل العجينة بين يديك تستطيع عجنها، وخبزها كيفما تشاء.

 

أما عند الكبر؛ فإن التربية تكون مثل الحجر القاسي قد لا تستطيع تعديله إلا بالطرق، وقد كان بالإمكان تفادي ذلك في الصغر.

 

 

لذا.. حذّر أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان في صحيفة الوطن من استمرار التشوه الثقافي الذي يتعرض له الأطفال والشباب اليوم. وقال الفوزان "لا يوجد في العالم أطفال يتعرضون للتشوه الثقافي كما يتعرض له أطفالنا، نتيجة لضعف التربية، الأمر الذي أظهر حالة من الانسلاخ من الثقافة المحلية، والانغماس في سلبيات الثقافة الغربية دون إحساس بالخطر المحدق بأبنائنا بناة الغد، فالحالة العامة لتربية أطفالنا اليوم تنذر بكارثة تربوية في المستقبل، إن لم تتضافر الجهود لحماية المجتمع وتوجيهه وإرشاده، واستثمار العنصر البشري إيجابياً".

 

وأضاف الفوزان لـ "الوطن" أن غياب القدوة، الذي أدى إلى غياب الحوار، إضافة إلى إدمان الألعاب الإلكترونية، وحرية استخدام الأطفال والشباب للإنترنت بلا ضوابط، وضعف دور الأجهزة المعنية بالتربية ورعاية المجتمع في القيام بواجباتها في هذا المجال، كل تلك أسباب تهدد المجتمع بكارثة تربوية وأخلاقية في المستقبل.

 

وقال إن أحدث الإحصاءات أن أكثر من 70% من المجتمع شباب مما يستدعي مضاعفة الجهد لخلق جيل واع مدرك ومتحمل للمسؤولية، معتز بموروثه الثقافي. ولن يتأتّى ذلك إلا باعتماد الحوار أسلوباً في معالجة السلوكيات السلبية، والبعد عن العنف بكافة أشكاله وصوره، كما أن 25% من الأطفال السعوديين يراجعون طوارئ المستشفيات نتيجة تعرضهم للعنف الأسري, بسبب الجهل التربوي لدى الأسرة في التعامل معهم، ولأن الأطفال هم الفئة الأضعف في الأسرة ويمارس عليهم ذلك العنف في المنزل. الأمر الذي يعزز العدوانية لديهم وفقدان الثقة بأنفسهم، مع العلم أن حوالي 75- 85% من شخصية الإنسان تتشكل خلال السنوات الـ5 الأولى من عمره، فإذا تعرض أبناؤنا للعنف وغاب عنهم القدوة، وترك أمرهم للمؤثرات التقنية السلبية فإن استشراف المستقبل يكاد يكون مظلماً.

 

كما أن 85% من طالبات المرحلة الثانوية يعانين من الفراغ العاطفي داخل الأسرة، و60% من الأطفال مصابون بالرهاب الاجتماعي نتيجة القمع، وغياب الحوار، مما أصابهم بفقدان الثقة بالنفس. فعلى الأجهزة المعنية بالتربية وحقوق الإنسان والرعاية الاجتماعية وضع خطط استثمارية لهذه الطاقات البشرية الشابة، وتوجيهها التوجيه السليم.

 

وحذر الفوزان من الآثار السلبية ألعاب الأطفال الإلكترونية (البلاي ستيشن) حيث تستهدف تعليمهم أو إكسابهم ثقافة العدوان، والتمرد، والعنف، والانحلال الأخلاقي، مما يتطلب تدخل رجال الأعمال إلى خدمة المجتمع من خلال إنتاج ألعاب إلكترونية للأطفال تعزز منظومة قيم المجتمع. في حين يلحق الإنترنت الأذى النفسي بالمراهقين والمراهقات من خلال الاستدراج الجنسي، أو السخرية، أو تعليم الشذوذ الجنسي، مما يتطلب أسلوباً تربوياً للتعامل مع هذه التقنيات يعتمد على منع الاختلاء بأجهزة الحاسب، مع تعزيز الثقة، والمصداقية.

 

ودعا الدكتور الفوزان المجتمع إلى ضرورة الاطلاع ومعرفة خصائص النمو لدى الأطفال والمراهقين ليتمكن الآباء والأمهات من التعامل مع أبنائهم وفق معرفة سليمة لطرائق التربية الإسلامية الصحيحة.

 

الوصية الثانية والأخيرة هي: عودوا ورغبوا وحببوا أبنائكم على قراءة الكتب، لأن الكتب مفاتيح العلوم، والابن أو البنت اللذان ينشئان على حب الإطلاع والثقافة حتماً سيكسبان العديد والعديد من الأخلاق والمعارف والعلوم التي تفيدهم في دينهم ودنياهم.

 

ولا بأس بتعويدهم بالتدرج من خلال قراءة القصص الهادفة، والكتيبات البسيطة، ومن ثم التدرج شيئاً فشيئاً إلى أن يصبح الابن أو البنت قادراً على اختيار كتابه بنفسه، وتحدد ميوله ورغبته بإتقان.

 

والأهم ألا ينخرط الأبناء في قراءة المجلات الهابطة، والروايات الغزلية، التي تضيع الوقت، وتهدم ما تبقى من الأخلاق.

 

لذا.. القراءة مهمة، والإطلاع بحر لا ساحل له، فيا أيها الأبوان الكريمان لا تحرمان أبنائكم وبناتكم من طلة على شاطئ هذا البحر، فكما أنكما تحرصان على إطعامهم الطعام، وتغذيتهم جسدياً؛ أيضاً احرصا على تغذية عقولهم بالعلم وقراءة الكتب، وحببوهم الذهاب إلى المكتبات العامة أو التجارية؛ ولا تنسوا بأن الكتاب خير جليس.

 

وأنصتوا الآن إلى عبارات تكتب بماء الذهب قرأتها في صحيفة اليوم:

" أبي وأمي ".. أنتما قدوتي.

 

• أمي.. أنا مقلد لكِ ولأبي، سأحاكي فعلكما قبل قولكما.

 

• علميني الحب والحنان والرحمة ومبدأ العطاء مقابل الأخذ.

 

• علماني الصلاة وحب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بالترغيب والطمع في الثواب لا بالترهيب والعقاب.

 

• علمني آداب الاستئذان معكما في البيت.

 

• علماني كيف أعبر الطريق وأنظر إلى اليمين واليسار، وأفهم معنى الإشارة، فالأحمر معناه قف، والأصفر معناه استعد، والأخضر معناه سر.

 

وسمعت عن أحد الأبناء توفى ثم كفن ثم دفن وعندما انتهى دفنه وقف أبوه على قبره كالعادة ليدعوا لأبنه؛ ولكنه فاجئ الجميع بقوله:

" الحمد الله الذي ريحنا منه.. بهدلنا.. فضحنا.. شرطة.. ومشاكل ليل ونهار.. ".

 

لذا.. أختم بحثي بسطر أسطوري سطره لنا الأديب الكبير الشيخ/علي الطنطاوي، حيث يقول: ( وإن في أذكياء المجرمين من لو رُبي وعُلِم لكان من عباقرة الدهر ).

 

همسة: ( يا كرام: إن الحيوانات إذا تعلمت ودُربت نفع بها فاستفادت وأفادت؛ فهذا الببغاء إذا درب على ترديد الكلام تدرب وأصبح مردداً فصيحاً لا يمل ولا يكل، فيحرص الناس على اقتنائه، والاستمتاع بمشاهدته، والإنس بترديده.

 

وهذا الحمام الزاجل، ذكره التاريخ في صفحاته، وأستطاع تغيير العديد من مجريات التاريخ بفضل الله ثم بفضل نقله للرسائل؛ فهو مع التعليم والتدريب منذ الصغر أصبح ناقل رسائل في عصر أحوج ما يكون إليه، في حين أن أبناء جنسه من الحمام الآخر لا يُتردد في صيده وأكله غير مأسوفٍ عليه.

 

فهذا الحمام الزاجل غلا ثمنه، وزاد فضله، بسبب تربيته التي مكنته من إرسال الرسائل، وعلى النقيض رمي بالنبل، وطبخ بالقدر من لم يحظى بنقل رسالة، أو إيصال حرف.

 

والشيء العجيب أن الحمام الزاجل ليس الكائن الوحيد الذي يمتلك مثل هذا النظام الملاحي في نقل الرسائل بل هو موجود عند كل الطيور المهاجرة والنحل والدلافين والحيتان بالإضافة إلى سلاحف البحر والكثير من أنواع البكتريا الدقيقة.

 

وهذا الكلب أجلكم الله، إذا علم على الصيد، ودرب عليه تدرب، وتمرس، وربما أصبح من لوازم بعض الصيادين، بل يتحول بهذا التدريب والتعليم من الحرمة إلى الحل؛ فمن المعلوم أن اقتناء الكلب لغير حاجة محرم وفيه الوعيد الشديد، أما إذا كان الكلب ممن يستفاد منه في الصيد فهو بهذه الحالة مباح اقتنائه، بل يكون له ثمن عند من لهم خبرة بالصيد، وقد يحزن على فراقه؛ ولأجل هذا ذكر الله في كتابه إباحة استعمال الحيوانات من ذوات المخالب والأنياب من الكلاب والفهود والصقور ونحوها مما يُعَلَّم، قال تعالى في سورة المائدة: ﴿ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ﴾ [المائدة-4].

 

وأيضاً في هذا العصر دربت الكلاب على أشياء أكبر من الصيد، كالقبض على المجرمين، والبحث عن المخدرات، والكشف عن الجثث المطمورة، وغيرها من الاستعمالات.

 

فهذا يا كرام حيوان تغير حاله من الحرمة إلى الحل بفضل الله ثم بفضل التربية والتعليم؛ فكيف الحال بنا نحن البشر؟!!.

 

هل ستنفع التربية بنا؟!.


أم هل سينفع التعليم بنا؟!.


لا جواب ولا إنصاف إلا أن نقول بأن: الدول والأجيال والأمم ما هي إلا دين، وأخلاق، وتربية، وعلم؛ فإن عُدِمت انعَدَمت، وإن خَلدت خُلِدت).

 

خاتمتي قصيدة تقطر دماً لا دموعاً:

للشيخ سالم العجم:


كفى لوما أبي أنت الملام
كفاك فلم يعد يجدي الملام
عفافي يشتكي و ينوح طهري
و يغضي الطرف بالألم احتشام
أبي كانت عيون الطهر كحلي
فسال بكحلها الدمع السّجام
أنا العذراء يا أبتاه أمست
على الأرجاس....الكرام
سهام العار تخرس في عفافي
و ما أدراك ما تلك السهام
أبي من ذا سيغضي الطرف عني
و في الأحشاء يختلج الحرام
أبي من ذا سيقبلني فتاة
لها في أعين الناس اتهام
جراح الجسم تلتئم اصطبارا
و ما للعرض إن جرح اِلتئام
أبي هذا عفافي لا تلمني
فمن كفيك دنسه الحرام
زرعت بدارنا أطباق فسق
جناها يا أبي سم و سام
تشب الكفر و الإلحاد نارا
لها بعيون فطرتنا اطرّام
نرى قصص الغرام فيحتوينا
مثار النفس ما هذا الغرام
فنون إثارة قد أتقنوها
بها قلب المشاهد مستهام
كأنك قد جلبت لنا بغّيا
تراودنا إذا هجع النيام
فلو للصخر يا أبتاه قلب
لثار فكيف يا أبتي الأنام
تخاصمني على إنقاذ طهري
و فيك اليوم لو تدري الخصام
أبي حطمتني و أتيت تبكي
على الأنقاض ما هذا الحطام
أبي هذا جناك بماء طهري
فمن فينا أيا أبتي الملام.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عقوق آخر زمن.. آهات وأحزان
  • شؤم العقوق (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من سلسلة أحاديث رمضان حديث: يا معشر قريش، احفظوني في أصحابي وأبنائهم وأبناء أبنائهم(مقالة - ملفات خاصة)
  • ابن النجار وابنه تقي الدين ابن النجار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ابن بطة الأب وابن بطة الابن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم المنشئين: الخوارزمي - ابن العميد - ابن عبد ربه - ابن المعتز - الجاحظ - الحسن بن وهب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (PDF)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الأثبات في مخطوطات الأئمة: شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والحافظ ابن رجب (WORD)(كتاب - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • بين عقوق الأولاد وعقوق الآباء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر العامل الفكري في فكر الإمام ابن مفلح(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عقوق الأبناء(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة عن عقوق الآباء للأبناء(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- الابن العاق
مهندس عصام الدين عبد اللطيف - EGYPT 08-07-2014 05:25 PM

جزاك الله خير على بحثك ولكن ما رأي سيادتكم فى قصتى
باختصار شديد تزوجت لمدة 10 سنوات وحدث انفصال وقد رزقني الله بطفلين كان الكبير فى المرحلة المتوسطة والآخر في الابتدائية وتم الانفصال بون مشاكل على أن يتم إعاشتهم مع أمهم وتنازلت لهم عن الشقة وظللت أراعيهم حتى تم تخرجهم من الجامعة هذا بخلاف مصاريفهم الشهرية من ملبس ومأكل حتى أعطيت كل منهم مبلغ كبير لبدأ حياته وللأسف الشديد بعد ذلك يتم التكلم معي بتعجرف ولم أراهم من مدة سنة تقريبا وأحمد الله على تكملة رسالتي معهم حتى لا يحاسبني الله ولا أريد منهم جزاء أو شكورا.
ولهم الله

1- موضوع ممتع والأسلوب أكثر متعه :)
Gold_Star_Armour - Saudi Arabia 28-08-2012 03:08 PM

تسلم لي إيدك والله ... قرأت بمتعه وكل نقطه تجذبني للأخرى .. بدات بالعقوق ووصلت إلى ثقافة عامة عن الطيور والحيوانات..... يعجبني طريقة ربطك لها .... تسلم واستمر في إبداعك ... ألف تحيه مني لك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب