• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقة كاتب الألوكة الثانية / المشاركات المرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية / قسم الدراسات والأبحاث / التاريخ
علامة باركود

دور اليهود في الحروب الصليبية.. دراسة بحثية تاريخية

سارة محمود الجعبري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/5/2012 ميلادي - 14/6/1433 هجري

الزيارات: 58514

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دور اليهود في الحروب الصليبية

دراسة بحثية تاريخية

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

مقدمة:

لقد شغلت الحروب الصليبية عدداً كبيراً من العلماء والباحثين في إسرائيل حتى أصبحت الجامعة العبرية في إسرائيل من أهم مراكز الأبحاث الصليبية في العالم؛ وإن الموقف اليهودي من الحركة الصليبية نابع من إدراكهم للوظيفة الحضارية للتاريخ كعلم فهم يدرسون تاريخ الحملات مع التركيز على الوجود اللاتيني فوق أرض فلسطين وعوامل النجاح التي حققت للصليبيين النصر ثم عوامل الفشل والإخفاق حيث هناك العديد من التشابه بين الحركتين [الصهيونية – الصليبية] فكلتاهما استعماريتان[1].

 

فالباحثون الصهاينة الآن يولون الصليبات أشد الاهتمام فأصبحت الجامعة العبرية من أهم الجامعات التي تبحث في الصليبيات CRUSADES لاستخلاص العبر من حياتهم وخير مثال على هذا الاهتمام أن الجامعة العبرية جمعت من المصادر العربية والأجنبية الهامة والعريقة منذ الحملات ما يتعدي المليوني كتاب حتى أنهم اعتنوا بالشعر في تلك المرحلة التي عاصرت الحملات الصليبية وحتى صغار شعراء ذلك الزمان ومن أهم الباحثين اليهود المعاصرين (يهوشع برافو).

 

أوضاع اليهود في أوربا قبل الحملات الصليبية: عام 1066 – 1135م :

إذا كانت العصور الوسطى المبكرة قد شهدت ازدهار الجماعات اليهودية بسبب الدور الذى قام به اليهود في مجال التجارة والمال في المجتمع الأوروبي فقد تحول هذا المجتمع من مجتمع زراعي إلى مجتمع اقتصادي يقوم على سدِّ حاجات الاستهلاك المحلى وعلى المقايضة وأصبحت للنقود قيمة هائلة[2] وفي الفترة التي سبقت خروج أولى الحملات الصليبية إلى الشرق العربي كانت الحاجة إلى المال قد تزايدت وظهر دور اليهود وخاصة المرابين منهم وتزايدت الحاجة إلى أموالهم تحت حماية التاج وذلك في عهد الملوك النورمان [1066 – 1135م] وعلى حد تعبير المؤرخ "هامسون" "Haymson" كان لزاما على اليهودى الإنجليزى في العصور الوسطى إما أن يكون رأسماليا مقرضا للمال في معظم الأحيان أو الرحيل عن البلاد 2 وظهور اليهود في أوروبا وفى إنجلترا خاصةً ميزهم بالحال عن غيرهم باعتبارهم أجانب وبدلاً من الاختلاط بحرية في المجتمع الإنجليزي تجمعوا بمحض إرادتهم وليس قسراً للإقامة في أحياء خاصة بهم ولم يسمح لليهود بالمشاركة في مهام الإدارة المحلية ومنعوا من ممارسة عبادتهم مع جيرانهم في وقت واحد فقد كان يوم عبادتهم مختلفاً عن يوم المسحيين وتعتبر المدن لندن، وأكسفورد وكمبريدج من أولى المدن التي استقر بها اليهود بعد عام 1066ميلادية.

 

وقد امتلك اليهود بيوتا كثيرة إلا أن مدينة أكسفورد انفردت بوجود تجمع عددا أكثر من اليهود الأثرياء في قلب المدينة وامتلكوا قاعات للتعليم مثل (قاعة موسى و قاعة لومبارد Lumbards Hall) وبداية اليهود بإجماع الآراء كانت أحد نتائج الغزو النورماني وحاجة الملك وليم الفاتح للمال جعلته يجلب اليهود وأحضرهم من فرنسا من مدينة روان وأنه أحضرهم لتوطيد مركزهم وتلبية احتياجاته المالية والعسكرية ودعم أسرته، وعلى حد تعبير المؤرخ ريتشارد جرين Richard Green قال أن وليم الفاتح وجد في استقرار اليهود الذين اتبعوه من نورماندي مصدراً جاهزاً للإيراد وتمكن هؤلاء بمقتضى الحماية الملكية من إقامة احياء يهودية Jewries خاصة بهم وفي المدن الرئيسة في إنجلترا[3] وعمل اليهود كمرابين بصفتهم الفردية دون تكوين طبقة واتخذ العامة في إنجلترا من اليهود موضع شك باعتبارهم مجرد جماعة مهاجرة واتخذوا دائماً موقفاً معادياً وأسست الجماعة اليهودية منذ بداية الغزو النورماني بحاجة إلى حماية الملك ووضعوا تحت قانون خاص[4].

 

ويمكن القول أن اليهود في عهد وليم الفاتح كانوا ضمن ممتلكات الملك وأصبح وجودهم في المجتمع رهن بإرادة الملك وإنعاماً منه عليهم ولم يكن للتاجر اليهودي الحق في المثول أمام المحاكم الملكية والحي اليهودي الذى يعيش فيه مثل غابة الملك King Forest معفى من القانون العام.

 

وضع اليهود في فترة الحملة الصليبية الأولى: في عهد خلفاء وليم الفاتح (1087 – 1100م):

ذكر المؤرخ الإنجليزي (جون السالزبورى) أن الملك وليم الثاني لم يكن متديناً على الإطلاق وأن تأثير الكنيسة عليه كان ضئيلاً وقال البعض بأنه عقيديا لا يزيد عن الكفار وذلك لأنه أعطي اليهود امتيازات كثيرة وحصل على إقطاعيات الكنيسة وإيراداتها ومناصبها الشاغرة وأعطاها لليهود وذهبت خلافاته مع الكنيسة بسبب اليهود لأبعد مدى لدرجة تجاهله الساخر والمتعمد لقوانين الكنيسة وجعل اليهود هم الذين اعتنقوا المسيحية أن يعودوا لليهودية وبذلك يمكن القول أن في عهد وليم الثاني لم يشهد اليهود أي ضغوطات سياسية أو مالية وكانت قوانين الكنيسة الرومانية المناهضة لليهود موضع التنفيذ بدءًا من القرن الثاني عشر كان اليهود لا يستطيعون الاحتفاظ بعبيد وخدم من المسيحيين ومنع اليهود من تولى الوظائف العامة وشأنهم شأن الهراطقة والوثنيين لم يكن مسموحاً لهم بتوجيه الإتهامات ضد المسيحيين, واليهود الذين يتهمون بالعودة لليهودية مرة أخرى بعد اعتناقهم المسيحية يتم حرمانهم من أطفالهم وخدمهم خشية تأثير هؤلاء بهم وتتضمن مجموعة قوانين جراتيا Decrtum Gratiani وهي عبارة عن القوانين والمراسيم والأحكام البابوية بصدد مختلف أمور نظام القانون الكنيسي والقوانين الصادرة عن المجامع الكنيسية المختلفة لذا فلقد تضمنت بعض القرارات بشأن اليهود وهي كالآتي:

• لا يجب إرغام اليهود على اعتناق المسيحية.

 

• لا يجب لهؤلاء الذين اهتدوا للمسيحية منهم بالتراجع عن هذا الدين.

 

• يجب تحرير العبيد الذين يشتريهم اليهود.

 

• لا يجب أن يشغل اليهود أي وظائف.

 

• العبيد الذين يأتون من الكفر إلى المسيحية يجب أن يحرروا.

 

• أن تجديف الوالدين اليهود على الله لا يجب أن يضر بالأطفال الذين يظلون على مسيحيتهم.

 

وليس غريباً على المستوى الكنسي في إنجلترا أن يحظى اليهود الإنجليز الذين اعتنقوا المسيحية بالترحيب والمعاملة الجيدة.

 

وكانت هذه أحوال اليهود الاجتماعية والدينية قبل بدء الحملات الصليبية في أوروبا وخاصة إنجلترا.. أهم تجمع لهم.

 

أما اليهود في الشرق العربى قبل الحملات الصليبية وخاصة الحملة الصليبية الأولى كانوا فى حرية تامة ضمن أقلية دينية واقتصادية وسياسية وإذا كان اليهود فى الشرق العربى يقولون أنهم ماتوا فى سبيل الدفاع عن الشرق ضد الصليبين كما قال أنهم حاولوا إثارة هذه الدعاية والضجة الكبيرة حول مشكلتهم  وأولى الحقائق  فى الشرق العربي انهم قد تصدوا للحملات  الصليبية فى المنطقة العربية فهذا ادعاء كاذب فإن ذلك كان من منطق الشهادة والجهاد التى فرضت على المسلمين وحدهم ولم يكن من الممكن أن يلتحق غير المسلمين في الجيش الإسلامى إلا أن المصادر العربية قد قالت بوجود مساهمات فردية من قبل بعض المسيحين الشرقيين فى أعمال المساعدة العسكرية ضد الصليبين فإن هذه المصادر لم تذكر مثال واحد على مشاركة أي يهودى بمثل هذه المساعدات وإن يهود الشرق في هذه الفترة لم يكونوا على علم بالقتال ولم يكن يسمح للعامة بحمل السلاح أو امتلاك الخيول ويقول الرحالة اليهودى الأسباني(بنيامين التطليتى) الذى زار المنطقة زمن نور الدين محمود ( إن اليهود فى هذه الفترة كانوا أكثر رقياً وأعدادهم هزيلة فى المناطق الصليبية) وفي القرن الثانى عشر وبعد الغزو الصليبى للمنطقة العربية وبلاد الشام ترك اليهود مناطقهم وانتقلوا إلى كردستان والعراق حيث كان إخوانهم اليهود يتمتعون بالرخاء والغنى حيث  كان لهم مركز تجاري وروحي وذلك لخوفهم الشديد من الصليبين فقد هربوا إلى سوريا والأراضى المجاورة وقد تمتع اليهود فى كردستان والموصل أثناء الحكم الإسلامى بحكم شبه ذاتي تمثل بالاستقلالية التامة فى شئونهم الطائفية والدينية، وإن كان لليهود دور فى مواجهة الحروب الصليبية فإن البعض يقول إن السيوف الصليبية لم تفرق بين المسلمين والمسيحيين واليهود العرب في مجزرة بيت المقدس فقد كانت النظرة الصليبية الدينية تجاه الفريقين على أساس تكفر المسلميين واليهود باعتبارهم أعداء المسيح فقد منع اليهود قبل المسلمون من دخول بيت المقدس وبينما حارب المسلمون الصليبيين كان الموقف اليهودي سلبى تماماَ فى حين أن اليهود فى أوروبا أيضاَ قد قبلوا الاضطهاد الذي حل بهم فى أوروبا ولم يفعلوا شئ سوى الانتحار الجماعى كما أن الجماعات اليهودية في فلسطين لم تملك سوى أن تسلم أمرها للصيبيين وإنما اقتصر دور اليهود فى أنهم أرسلوا رسالات تحذيرية من الصليبيين لرفقاء دينهم وعلى طقوس الانتحار الجماعى وخير دليل على موقف اليهود السلبي أن الحي اليهودي فى مدينة القدس كانت نقطة الضعف الذي استفاد منه الصليبيون فى حصار المدينة ومنه شقوا طريقهم فى دخولهم المدينة المقدسة.

 

وفي سياق هذا البحث يمكن القول والإشارة إلى أن الخط الفاصل فى تاريخ اليهود في أوروبا المسيحية بصفة عامة جاء فى منتصف القرن الحادي عشر ومع بدأ الدعوات للحملة الصليية الأولى تم تدبير مبلغ عشرة آلاف مارك فضة لروبرت نورماندى لتمويل ذهابه إلى الحملة الصليبية الأولى هذه ولم تفرض أى ضريبة على اليهود للمساهمة فى ذلك، ويأتى عهد ملوك الحقبة النورمانية أن قبل أن يشهد قيام آخر ملوك هذه الحقبة وهو هنرى الأول (1100- 1135) م لمنح أول إمتياز لليهود غير معروف لمنحهم حرية التصرف في ممتلكاتهم فى المملكة وإعفائهم من كل المكوس والضرائب وحقهم فى طلب التعويض إذا تعرضوا للخداع وحيازة الأراضى كرهن لحين استرداد ديونهم وشراء ما يعرض عليهم فيما عدا ممتلكات الكنيسة وحق بيع الرهون والاحتفاظ بها لمدة عام ويوم؛ وبالتالى كانت الامتيازات التى حظى بها اليهود فى عهد هنرى الأول قد أدت إلى تزايد أعداد اليهود ورغم ازدهار الوجود اليهودى بالمملكة وبالرغم من ذلك[5] يذكر (هامسون) أنه (بالرغم من ذلك الامتياز الذى منحه هنرى الأول لليهود إلا أن أول هجوم جاء على اليهود لم يكن من العامة)، وإنما كانَ من الملك الحامى للدستور و لليهود وانطلاقاا من اعتقاده فى أحقية التصرف فى ممتلكاته كيفما يشاء وإعتبار اليهود من ممتلكاته كما قام فى عام 1130 بفرض غرامة على اليهود يهود لندن بمقدار ألفي جنيه إسترلينى ما يعادل الآن مائة ألف جنيه بزعم أن يهودياَ قتل رجلا مريضا ووصل الأمر إلى حد اتهام الطبيب اليهودى بالسحر لأنه فشل فى معالجة المريض المسيحى[6].

 

وخلف هنري الأول (الملك إستيفن- 1142م) بالرغم من أن حكم ستيفن قد عمته الفوضى والاضطرابات السياسية فقد شهد عهده استمرار الامتيازات التى منحها سلفة لليهود و بالتالى استمرار سكن اليهود فى العديد من المقاطعات الشرقية والجنوبية حيث كانت أكثر الأماكن سكنا لليهود ويذكر المؤرخ جاكوب (أن حكام إنجلترا بدأوا بالفعل من الاستفادة من المال اليهودي فنجد أن الملك إستيفن وماتيدا الورثية الشرعية وصاحبة الحق الشرعى فى التاج فقد أخذوا فى ابتزاز الدعم المالى من يهود إكسفورد التى انفردت بوجود تجمع أكبر أثرياء اليهود فى المملكة) وقيل أن الملك إستيفن حصل على مباركة الكنيسة لأنه أصدر أوامره بحرق اليهود عن طريق المحارق وإشعال النيران فى بيوت اليهود.

 

اليهود والحملة الصليبية الأولى:

أحوالهم السياسية:

مع بدء الدعوات لخروج الحملة الصليبية الأولى نتيجة لدعوة البابا أربان الثاني في مجمع كليرمونت (1095)م عن استجابة سريعة وهائلة للنبلاء والفرسان الأوروبيين والأخبار التي روجتها الدعاية الكنيسية آنذاك جعلت الناس في غرب أوروبا يأخذون هذه الأنباء على محمل الجد وخاصة أن الأوضاع الاجتماعية آنذاك كانت سيئة وكانت في صالح الحركة الصليبية ولعب العامل الاجتماعي لليهود في تلك الفترة دوراً مهماً في الحملة الصليبية الأولى لأن اليهود عاشوا في أوروبا في مجتمعات خاصة بهم أطلق عليها الجيتو Ghitto وانعزلوا فيها وبالتالي زادت الاشتباهات والشكوك فيهم على أنهم مجتمع يتآمر على من حوله من مجتمعات مخالفة لهم في الدين والمصالح الحياتية وكان اليهود في أوروبا من اليهود السيفرديم الذين انتشر أسلافهم في حوض البحر المتوسط في العصور الوسطى الباكرة وظلوا على اتصال بإخوانهم في الدين في بيزنطة والعالم العربي وعلى سبيل المثال: كتب اليهود القاطنين في شمال فرنسا إلى اليهود في ألمانيا يحذرونهم من أخطار الحروب الصليبية لأنهم اعتقدوا أن المشروع الصليبي من شأنه هو الإضرار بنشاطهم المالي في الغرب الأوروبي والشرق العربي أيضاً.

 

واستكمالاً لأحوالهم السياسية في فترة الاستعداد للحملة الصليبية الأولى علامة بارزة ونقطة تحول في العلاقات المسيحية اليهودية وذلك لأن القوات الصليبية المحتشدة استعداداً للحرب ضد أعداء المسيح في الشرق العربي الإسلامي جعلوها منذ البداية مذبحة وعنف واسع النطاق ضد من أسموهم أعداء المسيح في بلادهم[7] فقد أيقن قادة الحملة الصليبية الأولى في غمرة لهيبهم وحماسهم وأمام تيار عام من الاعتقاد بأن قتل اليهودي سوف يؤدي إلى الحصول على الغفران من جميع الخطايا وللضرورة يجب أن يبدأ هدفهم المقدس بتطهير الأرض من الكفار الذين هم في متناول أيديهم مباشرة وفي عقر دارهم وإن كان المسلمون يضطهدون أتباع المسيح فإن اليهود أشد عداء ونكراً لاضطهادهم وصلبهم المسيح وفي ظل هذه الأجواء وعلى حد تعبير المؤرخ (جيسيل روت Gecil Roth): لم يكن اليهود مستعدين لهذه العاصفة التي أوشكت علي أن تهب فوق رؤوسهم بعد أن تعهد القادة الصليبيون بالانتقام لدماء المسيح من خلال إراقة دم اليهود وعدم التضحية بترك العدو القديم واللدود للعقيدة المسيحية بدون عقاب وبالتالي عدم جدوى مغامرتهم المقدسة[8].

 

أما الدافع الثالث:

هو الدافع والعامل الاقتصادي لم يقل أهمية عن العامل الاجتماعي والسياسي بل هو من أهم العوامل التي زادت من عوامل الكراهية ضد اليهود وذلك لأن الفارس الصليبي كان في حاجة لنفقات باهظة لتجهيز نفسه للاشتراك في الحملة الصليبية فإذا لم يتوافر له من الأرض والأملاك ما يرهنه فلابد له أن يقترض المال من اليهود وكان المال هو سبب العداء وإن كان اليهود قد لعبوا منذ الحملة الصليبية الأولى دوراً في غاية الأهمية واضطر الفرسان في أوروبا إلى الاقتراض من المرابين اليهود لتسليح أنفسهم ولقد استغل اليهود ذلك شر استغلال فقد اضطر الأمراء والفرسان إلى رهن أراضيهم واستبدلوها بنقود يحملونها مما أدى إلى انخفاض أسعار المبيعات من الممتلكات العقارية والأراضي وهذا يفسر ما حدث لليهود من تصفيات جسدية وأيضاً كان الألمان لهم نفس الموقف ففى طريقهم إلى بيت المقدس أعلنوا تطهير الطريق إلى المدينة المقدسة عن طريق قتل اليهود فلقد أعلن الكونت ديتمار أنه سيقتل كل يهودي سوف يقابله, وعلى طول الطريق البري عبر ألمانيا والبلقان إلى بيزنطية والتي كانت نقطة الوثوب على العالم الإسلامي ارتكبت الجيوش الصليبية ولاسيما أن هذه الحملة كانت حملة شعبية سهلت التأثير على مسامع المشاركين فيها أن اليهود هم قتلة المسيح فارتكبت هذه الحملة المذابح ضد اليهود في اقليم اللورين والراين.

 

أما يهود في الشرق في هذه المرحلة فاختلفت الأقاويل عنهم فكانوا يعيشون في حرية تامة في شئونهم المالية والدينية وإن كان اليهود قد بالغوا في أنهم قد تصدوا للحملات الصليبية مع المسلمين فهو أو مشكوك فيه إلا أن وجدت بعض الجهود الفردية ففى عام 1100 شارك بعض اليهود من أهالى حيفا في الدفاع عنها ضد الحصار الصليبي وقام المسلمون بتزويد الجالية اليهودية بالسلاح ليقاوموا بجانبهم ضد الصليبيون ورأى اليهود أنهم من واجبهم مساندة المسلمين في نضالهم ضد الصليبيون لأن هؤلاء الصليبيون طوال زحفهم إلى الشرق مارسوا ضد اليهود أبشع أنواع القتل وشبهها اليهود بالهولوكوست وذلك يقال بأن اليهود قاموا بعمليات الانتحار الجماعي لبعض الآلاف في المدن الألمانية مثل سباير وورمز ومينز على الضفة الغربية لنهر الراين أثناء الحملة الصليبية الأولى هذه.

 

اليهود والحملة الصليبية الثانية II؟

لم تكن إنجلترا بعيده عن الأحداث التى شهدتها أوربا ضد اليهود ولقد تم ارسال التماس سان برناد ST.BERAND الزعيم الروحي للحملة الصليبية الثانية إلى ثائر البلدان الأوربية للحيلولة دون تكرار المذابح ضد اليهود ولكن هذه الحملة الصليبية الثانية لم تكن أقل عنفا من الحملة الأولى ضد اليهود بالرغم من المحاولات للسلطات المحليه والكنيسة حماية الضحايا ومنع الهجوم فجاء فى التماس براند (لا يجب أن تضهدوا اليهود, لا يجب أن تذبحوهم فإنهم مشتتون في جميع أنحاء الأرض وهذا ثمن العقاب العادل لجريمتهم الشنعاء) وشهد هذا العهد المضطرب ضد اليهود بداية حكم إستيفن الذى خلف حكم الملك هنري وكانت بداية إستيفن 1142م فقد ظلت فى عهده الامتيازات التى منحها سلفه هنري لليهود فنجد أنه تم بناء أكثر من ألف ومائة قلعة بالطبع لا يمكن أن يكون تم ذلك دون اللجوء للمال اليهودى وذلك أن حكّام إنجلترا بدءاوا بالفعل الاستفاده من اليهود المقيمين لديهم باعتبارهم مصدراً للمال مقابل الحماية والامتيازات التى منحت لهم ثم تغيرت سياسة إستيفن ضد اليهود وفرض عليهم هو وماتيدا سعرا محدداً مقابل تغير العملة الأجنبية أثناء احتلال ماتيلدا إكسفورد فقام الملك إستيفن بوضع محارق فى أماكن كثيرة ومختلفة فى المدينة  وأن يشعلوا النار فى بيوت اليهود فقد تم إحراق بيت أهارون ابن اسحق أحد أثرياء اليهود فى إكسفورد[9] وكانت سياسة إستيفن قد تغيرت مع اليهود لأن اليهود قد ساعدوا ماتيلدا عدو إستيفن اللدود وتزامنت العوامل الاقتصادية لليهود مقرضوا المال بالربا مع بداية اتهاماتهم بالدم وظهرت هذه الاتهامات والمعروفه بطقوس الدم أو القتل الطقوس متزامنة مع بداية الحملة الصليبية الثانية وفحواه أن اليهود يقتلون صبيا مسيحيا فى عيد الفصح سخرية واستهزاء من صلب المسيح.

 

ونظرا لأن عيد الفصح المسيحى واليهودي قريبان فقد تطورت التهمة وأصبح الاعتقاد بأن اليهود يستعملون دماء ضحاياهم فى شعائرهم الدينية وأعيادهم وبخاصة فى عيد الفصح اليهودي حيث أشيع أن خبز الفطير غير المخمر (ماتزوت) الذى يؤكل فيه يعجن بهذه الدماء وتطورت الشائعة فكان يقال أن اليهود يصفون دم ضحايهم لأسباب طبية أو لاستخدامه فى علاج الجروح الناتجة عن عملية الختان[10].

 

إن البيئة والمناخ السيكولوجي الذى أفرزته الحملة الصليبية الأولى باعتبار اليهود أعداء للمسيح خلق استعدادا شعبيا ينظر لليهود جميعاً باعتبارهم قتلة آثمين وبالتالي وجهت أول تهمة لليهود فى إنجلترا عام 1144 م مصحوبة بمشاحنات نفسية ضد اليهود وكان أول اتهام هذا فى غابة Thorpe في نورتيش حيث تم العثور على جثة مشوهة لطفل يدعى وليم فى الثامنة عشر من عمره وبالرغم أنه تم ذبحه بعد أن تم تعذيبه عشية عيد الفصح فقيل أنه تم صلب الطفل على لوح خشبى على هيئة صليب وقيّد بحبل وحلق شعره وتم طعنه بالشوك للاستهزاء بآلام المسيح وفى محاولة لوقف نزيف الدم قاموا بسكب ماء مغلي على الجثمان وقيل أن اليهود تشاوروا فى كيفية التخلص من جثة هذا الفتى المقتول حيث تم نقله إلى غابة ووضعوا الطفل فى جوال ولكنهم صادفوا فى طريقهم شخص يسمى الوارديد وهو مواطن ثري ومهيب كان فى طريقه للكنيسة ولمس الجوال وعرف أنه يحتوى على جثة وبذلك بدأت المشاكل تواجه اليهود وانفضح أمرهم بالقتل الطقوسى واتهامات الدم.

 

وفى فرنسا تكرر ذلك أيضاَ فيذكر روبرت تورن Rebert triongey وهو رئيس دير القديس ميشيل فى نورماندي لأحداث عام 1171م أن ثيوبالا كونت شارز أحرق جميع اليهود فى بلوا Blois بتهمة صلب طفل مسيحى فى عيد القيامة وحدث ذلك أيضا فى باريس عام 1180م.

 

أما في ألمانيا فيبدو أن قصة مقتل وليم ذلك الطفل صاحب الثانية عشر عام الذى قتل في نورتيش قد وصلت إليهم ففى أوخر عام 1147م حيث تجمعت القوات الصليبية مجتمعة فى ويرزبرج Wurz burg لمرافقة الإمبراطور الألماني كونراد الثالث ( 1138 - 1152 ) استعدادا للزحف صوب الارض المقدسة انفجر العنف المضاد لليهود ثانية فى أعقاب العثور على جثة ممزقة لرجل يدعى ثيودريك واتهم اليهود بقتله فانقض الصليبيون من سكان المدينة على اليهود وقتلوا على مايزيد من عشرين منهم وغالبا ما كان يعتبرون من يقتل فى طقوس الدم من الصليبيون على يد اليهود كانوا يعتبرونه قديساً ويزعمون ظهور المعجزات عند قبورهم.

 

فالحملة الصليببية الثانية كانت أشد فتكاَ باليهود أكثر من الحملة الأولى  وقيل أن الملك ستيفن steven قد حصل على مباركة الكنيسة لأنه أصدر أوامر بحرق اليهود وإقامة المحارق لهم وأمر أيضاً بإشعال النيران فى بيوتهم.

 

أما قتلى القتل الطقوسى وضحاياهم من المسيحين فهم بمثابة الشهداء تشيد الأضرحة على قبورهم وبعد ذلك تصبح هذه الأضرحة مزارات دينية تجلب العديد من الحجاج ومنها يجلب الثراء المادير[11].

 

وأثرت هذه الإتهامات على اليهود سياسياً, واقتصادياً ففى نوريش جاء تأثير هذه الدعوات ضد اليهود في الوقت الذى كان اليهود يمارسون نشاطهم التجاري والمالي مما يعنى أن هناك أفراد كثيرون اقترضوا أموالاً من اليهود وأخفقوا فى سدادها وأن ملكية بعض أراضيهم وربما منازلهم آلت لليهود نتيجة ذلك الأمر كان سبباً فى حنق كان المدينة ضد اليهود فقد لاقى الكثير من اليهود حتفهم وفر الآخرين هرباً من مصير ممثال على يد الجموع الغاضبة[12].

 

أما المؤرخين اليهود فهم يرون غير ذلك وذلك لواقع التزيف التاريخي الذين برعوا فيه وأنهم مستضعفون في الأرض مشارقها ومغاربها فيقول المؤرخ اليهودي إسرائيل يوفال( Isreal J.yuvol) إن (خرافة القتل الطقوسى ظهرت فى أعقاب الهجوم المسيحي على الجماعات اليهودية فى أراضى الراين عام ( 1096 م) وعلى أيدى القوات الصليبية التي احتشدت للحملة الصليبية الأولى واختار معظم أفراد الجماعة اليهودية الموت بديلاً عن التخلى الإجبارى عن عقيدتهم بالإقدام على قتل أطفالهم وزوجاتهم والانتحار بعد ذلك. وجاء ذلك تلبية لاعتقاد بين اليهود الأشكناز - يهود الغرب بأن استشهادهم سوف يعجل بقدوم المسيح وعند إذن سوف ينتصر اليهود على أعدائهم. بيد أن المسيحيين الذين شاهدوا أو سمعوا تلك الاحداث أنها تمثل تهديداً مباشراً لهم وإذا كان اليهود على استعداد لتضحية بذريتهم فلماذا لا يفعلون الشيء نفسه بالأطفال المسيحيين ويقول مؤرخ يهودى آخر إن اتهامات الدم كانت تأخذ الشكل الآتى: يختفى شخص مسيحى فى العادة (طفل) أو يوجد مقتولاً فيذكر أحد الاشخاص أن هذا الطفل شوهد آخر مرة بجوار الحى اليهودى أو يعمل لدى اليهود وأن هناك عيداً يهودياً (عادة عيد الفصح) تتطلب شعائره دماً مسيحياً ومن ثم توجه لأعضاء الجماعة اليهودية تهمة قتله ويقبض على بعضهم وإدانتهم بعد ذلك ويقول المؤرخ اليهودى توماس مونماوث مخترع (وهم القتل الطقوسي)  أن أكبر دليل على هذه الافتراءات أن البابا أنوسنت الرابع أصدر مرسوم عام (1245) م ومنه أن التهمة باطلة وحرم على المسيحيين توجيهاً إلى اليهود وأيضاً دافع البابا جريجورى العاشر فى مرسومه الذى أصدره عام (1274 م) عن اليهود وكان سان برنالد داعي الحملة الصليبية الثانية قد نادى بوقف المجازر والمذابح ضد اليهود.

 

أما وضع اليهود القانوني فى ضوء الكنيسة:

مع تزايد اتهامات اليهود بالقتل الطقوسي مع خروج الحملة الصليبية الثانية وانتشار الاتهامات فى كل دول أوربا وخاصة إنجلترا وفرنسا فإن التغيرات التى ظهرت على الحياة السياسية والاقتصادية فى أوربا بدءاً من منتصف القرن الحادى عشر تسبب فى تدهور أوضاع اليهود وكان ذلك نتيجة تطوير النظم والمؤسسات الإقطاعية إلى استمالة اليهود للأراضى وذلك لأنه مرتبط بالقسم المسيحى المقدس وأيضا ظهور وازدهار النقابات التجارية التي سيطرت على التجارة العالمية إلى استبعاد اليهود كوسطاء  من حقل العمل ومع مطلع القرن الثانى عشر كان الربا هو المصدر الرئيسى لليهود وذلك لأن اليهود فسروا تحريم الربا الوارد فى العهد القديم أن محرم فيما بينهم فجعلوا الربا محرماً للتعامل فيما بين الجماعة اليهودية وأباحوا الربا بينهم وبين غيرهم من الديانات الأخرى وزعماء الكنيسة رجحوا هذا التفسير أيضاً على أن تحريم الربا محرم بين المسيحيين فيما بينهم[13] وكل الأوضاع التى سقت الإشارة إليها من عوامل إقتصادية وسياسية ودينية زاد من كراهية اليهود لدى العامة والكنيسة على وجه الخصوص ودعمت الكنيسة سياستها المضادة للربا وأصدر البابا ألكسندر الثالث عام ( 1159 - 1181) م فى المجمع اللاتيرانى الثالث عام 1179 م ما هو نصه:ـ لما تفشت جريمة الربا فى معظم الأماكن حتى أخذ الكثيرون يهملون الأعمال الأخرى ليمارسوا الربا وكأنه حلال فإن هؤلاء فى حالة وفاتهم لا تقام لهم جنازة مسيحية وهم يمارسون هذه الخطيئة ولا يحق لأحد أن يقبل تبرعاتهم وإذا قام أحد بعمل جنازة لهم فيمنع هذا من ممارسة وظيفته حتى ينفذ وصايا هذا المجمع.

 

ومن ناحية أخرى جاءت قرارت المجمع لتغير العلاقات اليهودية المسيحية وتأكد على قرارات الكنيسة السابقة ونص على لا يسمح لليهود ولا للمسلمين أن يكون فى منازلهم خدم مسيحيون لإعالة أولادهم أو الخدمة لأى سبب آخر واللعنة على جميع من سمحوا لأنفسهم أن يسكنوا معهم.

 

ومما سبق نجد أن تحريم الكنيسة للربا جعل الربا مقتصراً على اليهود وأصبحت معاملتهم المالية أكثر سهولة بعد أن ترك لهم المجال خالياً وكانت التجارة والصناعة الأوربية تحتاج إلى المال اليهودى ودائماً ما كان النبلاء والفرنسان أثناء خروجهم للحملات الصليبية يلجؤون إلى الاقتراض أو رهن أملاكهم عند اليهود.

 

أما موقف الدولة فكان مؤيداً لموقف اليهود فكان ممكن أن يكون تحريم الكنيسة للربا غير فعال لولا ساسة الدولة المؤيدة للكنيسة وإقرارها ضد الربا فكان قرار هنرى الثانى بأن أملاك المرابين سوف تأول للتاج بعد وفاتهم وذلك القرار سوف ينطبق أيضاً لى المرلذابين المسيحيين لأنهم خالفوا قرار الكنيسة به الممارسة ثم ظهر قرار آخر يسمى بقوانين الملك إدوارد المتعرف ومضمونه أن اليهود وكل مايملكون ملك للملك بإعتبارهم ملكية خاصة به[14] وأيضاً لم يكن من مصلحة الملك والدولة أن تترك ممتلكات اليهود فى أيديهم.

 

اليهود والحملة الصليبية الثالثة:

فى القرن الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة 1187 م ألحق صلاح الدين الأيوبى بالصليبين هزيمة نكراء بالقوات الصليبية فى حطين وأسر ملك بيت المقدس وكانت أصداء الهزيمة على مسامع الصليبيون فى الغرب عظيماً، فأرسل البابا جريجوري الثامن رسائل إلى كافة الملوك والأمراء يحثهم على الخروج بحملة جديدة ومن ثم كانت الحملة الصليبية الثالثة؛ وكانت هذه الحملة من أكبر الحملات الصليبية على الأرض طموحاً على الأقل فى بدايتها[15].

 

أما اليهود أثناء الحملة الثالثة قد سبق الإشارة أنهم فى عهد هنري الثانى كانوا ضمن ممتلكات الملك وازدهرت أحوالهم وكما يقول (عبد الوهاب المسيرى) أن اليهود باعتبارهم ملكية خاصة للملك كانوا يتمتعون بحماية ومزايا خاصة ونتيجة لذلك فإن أي سلطة غير لبلاط الملكي لا يمكنها التعرض لهم ومقابل بسط الحماية هذه كانوا يقومون بمهام خاصة  هى التجارة والربا وجمع الضرائب ويذكر المؤخ براكتفون BRACTON لا يستطيع اليهود أن يمتلك شيئاً لأن كل ما يكسبه ليس لنفسه ولكن من أجل الملك وأن اليهود لا يعيشون من أجل أنفسهم بل للآخرين لأنهم يتمتعون بامتيازات خاصة وحماية خطيرة[16] ويمكن القول أن اليهود فى عهد هنري الثانى شهدوا أزهر عصورهم حتى أنهم سكنوا فى أرقى المناطق فى المدن الكبيرة فى عهده حتى قيل أنه فى أثناء الحملة الصليبية III هاجم الغوغاء لندن ولم يستطيعوا اقتحام بيوت اليهود لأنها كانت محصنة  ولكنهم أشعلوا فيها النيران وبدون المال اليهودى كان من الصعب إنجاز أي عمل عسكري أو اقتصادي.

 

وقد حصل هنري الثانى من اليهود على مبلغ ستين ألف جنيه مساهمة فى تمويل ضريبة عشور صلاح الدين عام 1188 م أي ما يعادل ربع الملكية المنقولة لليهود، وفي هذه الفترة أصدر الملك هنري الثانى قانون السلاح 1181 م نص على أن لا يحق لليهود أن يملك درعاً أو سيفاً وعليه أن يبيعها أو يسلمها أو يتخلص منها بأى شكل  كان ويرى المؤرخين اليهود ومنهم جاكوب[17] أن اليهود لم يكن مسموح لهم بالانضمام للجيش فى حين أن هيامسون يرى أن مثل هذا يدل على قوانين التميز ضد اليهود وكان ذلك تمهيد للعذاب القدام لهم من مذابح وإستعداداً لنزع ما بحوزتهم من سلاح وإستعداداً للمذابح التى لحقت بهم بعد ثمانى سنوات، فى حين أنهم فى عهد هنرى الثانى امتلكوا حرية السفر والإنتقال والعبادة أما اليهود فى فرنسا فقد أصدر الملك فليب أغسطس (1180- 1223) مرسوماً يأمر بمقتضاه اليهود بمغادرة المملكة قبل حلول عيد القديس يوحنا المعمدان بممتلكاتهم الشخصية فقط ومع خروج الحملة الصليبية الثاثلة اتخذ الملوك فى أوربا سياسة طرد اليهود وخاصة فرنسا وإن ذلك ملهمة روح القدس ومن وجهة نظر مؤرخين اليهود أن الملوك استغلوا كراهية الشعوب لليهود فى هذه الفترة وإن هؤلاء الملوك هم خدمة الرب ومع نهاية عهد هنري الثانى فى إنجلترا وهو العصر الذهبي لليهود بداية حكم ريتشارد قلب الأسد.

 

بارتقاء ريتشارد الأول عام 1189 م العرش أصبح الوجود اليهودي فى إنجلترا على شفى فترة حرجة من تاريخه فقد نعم اليهود على ما مدى مايقرب من قرن بالحماية وكانوا تحت تصرف الملك مباشرةً ولأن ريتشارد كان من أول المشاركين فى الحملة الصليبية الثالثة فإنه تمكن من استغلال الوضع المالى والقانونى لليهود وحصل على حق وراثة ممتلكات وأموال اليهود الذين ذبحوا في هجوم عيد الفصح عشية الاحتفال بتتويج ريتشارد ملكاً عام 1190 م وأحداث هذا الهجوم جاءت نتيجة لتفاخر اليهود بأموالهم الطائلة واحتقارهم للعادات المسيحية وسرت شائعة عشية تتويج الملك ريتشارد لأنه أمر بذبح اليهود فانطلقت الجموع بالهجوم على يهود لندن بالذبح والحرق.

 

وأحاطت هذه الجماهير بالمنازل اليهودية من التاسعة صباحاً حتى مغيب الشمس ولكنها كانت منيعة فلم يستطيعوا تدميرها لذلك أشعلوا النار فى الأسطح وسرعان ما نجم عن ذلك حريق هائل وكانت مأساة لليهود إذ بدأ العهد ضد اليهود فى أول يوم من حكم ريتشارد قلب الأسد أما رد الفعل الملكى فيقول (هيامسون) أنه فى ضوء تصميم الملك ريتشارد على عدم إفلات مثيرى الشغب من العقاب فقد تم اعتقال عدد كبير منهم وشنق ثلاثة ليس بسبب الهجوم على اليهود ولكن لأن واحد من الثلاثة سرق ممتلكات مسيحي والآخران لأن الحريق الذى أشعلاه لحرق منزل أحد اليهود أمتد إلى منزل جاره المسيحي وبناءً على ذلك لم يغامر الملك بمحاولة إنزال العقاب الذى يستحقه هؤلاء الشعب مكتفياً بإصدار مرسوم يتمتع اليهود بمقتضاه بالسلام فى عهده ولأن أعداد المجرمين الذين اشتركوا فى هذا الشغب لا تحصى فكان من الصعب على الملك إنزال العقوبات بهم فكتفى بإصدار مرسوم السلام الخاص باليهود فى مارس 1090 وفى هذا المرسوم منح اليهود امتيازات مالية وحقوق وسمح لهم بالانتقال كيفما يشاءون مع كل منقولاتهم وحرر اليهود من كل الضرائب والمكوس وضريبة النبيذ وإذا اشتكى أحد من المسيحيين اليهود بدون شهود يخلى سبيل اليهود ولكن ما إن توجه الملك ريتشارد صوب الأرض المقدسة فى الحملة الصليبية الثالثة حتى تآمر عدد كبير من الناس ضد اليهود وشجع على هذه الفتنة عدد من النيلاء الذين تأزم وضعهم المالي بسبب المرابين اليهود وأيضاً ممن إتخزوا علامة الرب وهم على وشك الانطلاق إلى بيت المقدس وكان من السهل على هؤلاء تحريض العامة للحصول على نفقات الرحلة إلى بيت المقدس وقد حصل هؤلاء الصليبيون على صكوك الديون المثقلة بها كواهلهم والمودعة لدى المرابين اليهود وأحرقوها أما الذبح وأسفرت هذه المذابح عن إبادة الجماعة اليهودية يورك أكبر المدن التى شهدت المذابح ضد اليهود وهناك تقارير مختلفة حول أعداد اليهود الذين قتلوا فى يورك تتراوح مابين مئة وخمسين إلى ألف وخمسمائة، ولاشك أن الهجوم  الذى تعرض له اليهود فى عهد ريتشارد يرجع بدرجة كبيرة إلى ظهور الروح الصليبية والتى هذه الجموع إلى مهاجمة أعداء المسيح فى الداخل قبل مهاجماتهم فى الداخل والأصح أن هذه المذابح كانت نابعة من دوافع اقتصادية أكثر منها دينية.

 

ولأن الملك قد أعلن من قبل أن اليهود ضمن ممتلكات الملك فقد تسبب ذلك فى أنه حرم نفسه من مبالغ طائلة كانت من الممكن أن تؤول إليه بشكل طبيعى بعد وفاة المرابين اليهود وبالرغم من هذه الامتيازات فإن العداوة تجاه اليهود أخذت فى إزدياد حتى بعد حدوث هذه المذابح فقد طلب أسقف مدينة كارليك ( سامسون ) من الملك بطرد اليهود وفى نفس الوقت قام الملك فيليب أغسطس فى فرنسا بطرد اليهود من أجل السيطرة على أموالهم وليكسب تأييد الشعوب ولكن سرعان ما أحس بالخطأ من جراء هذه السياسة وسرعان ما أمر وسمح لليهود بالعودة لفرنسا عام 1098م وقد استفاد الملك كثيراً من اليهود الفرنسيين حتى أطلقوا عليهم يهود الملك وفى ألمانيا واجه اليهود أحلك الظروف فاستمر القمع ضدهم ولقد دونت بعض المصادر التاريخية أن الاضطهاد فى أوروبا خلال القرن الثالث عشر أصبح لا يطاق فهناك قصة عثر عليها فى تعليق على كتاب الإشكنازي (الإنجيل) أن هناك حبر يهودي قتل أطفالاً رضع كثيرين خوفاً عليهم من النصر وكان لليهود دوراً كبير فى هذه الحملة الصليبية الثالثة ولكن علاقتهم بالملوك كانت وثيقة فقد شاركوا فى هذه الحملة مادية[18].

 

ومن ناحية آخرى فرضت ضرائب بالقوة على اليهود وخاصةً ما عرف بقوانين إدوارد حيث جعلهم مصدراً للمال وبعد الحملة الثالثة وما تكبده الملوك الصليبيون من خسائر فقد ساهم اليهود بمبلغ خمسة آلاف مارك لتمويل الفيدية الباهظة التى قدرت بمائة ألف مارك والتى حددها الإمبراطور الألمانى هنرى الخامس مقابل إطلاق سراح الملك ريتشارد الذى وقع أثيراً أثناء عودته من الأراضى المقدسة ومما سبق نلخص بنتيجة مؤداها أن اليهود تمتعوا فى عهد ريتشارد بالسلام لأنه كان يتأهب للحملة الصليبية الثالثة إلا أن الظروف المالية والسياسية وإتهامات الدم حالة دون عيش اليهود فى سلام  بالرغم من مشاركتهم المادية فى هذه الحملة الثالثة.

 

يهود الشرق في الحملة الثالثة:

وفي الشرق أثناء الحملة الثالثة ظل اليهود مقيمين في عقلان وذلك لأنها لم تتعرض للإبادة مثل نظيرتها من المدن وفي القدس سمح لليهود خلال هذه الفترة التي أعقبت تأسيس مملكة القدس اللاتينية وفي عام 1163 – 1174 قال المؤرخ برادن أن أربع عائلات فقط سكنت المدينة المقدسة وأن هؤلاء حصلوا على تصريح خاص.

 

وفي عام (1175 – 1190) أظهر الملك بلدوين الأول تقارباً لليهود كرعايا فسمح لهم بدخول المدينة المقدسة أما بالنسبة لباقى مدن الشام فقد تناقص عدد اليهود بشكل عام خوفاً من المذابح والقتل وأيضاً سكنوا بالجيتو Ghetto وفي أثناء حكم نور الدين محمود زنكى عام 1163 – 1173 وصفت المدينة المنورة بأنها كانت عامرة باليهود وقيل أن أعداد اليهود في 1174 – 1187 وصلت إلى عشرين ألفاً أو ما يفوق ذلك ثلاث مرات وما يلفت الانتباه أن اليهود أثناء الحكم الصليبي عاشوا مع بعض الأقليات المذهبية مثل الدروز الذى وصفهم بنيامين بأبشع الأوصاف ومع ذلك فقد عاملوا اليهود معاملة حسنة ومارس اليهود أثناء الحكم الصليبي لبلاد المسلمين مهنة الصباغة وصناعة الزجاج وامتلك اليهود سفناً بخارية والتزم اليهود بدفع ضريبة للحكم الصليبي ثم نادت بعض الطوائف اليهودية بضرورة عودة اليهود من مناطق لجوئهم بعدما أصابهم شقاء الإستيطان الصليبي في بلادهم في فلسطين والشام.

 

نخلص مما سبق أن اليهود استفادوا من الأوضاع السائدة في القرن الثاني عشر وأصبحت العلاقات بين الجالية اليهودية والنظام الصليبي إيجابية مما سهل عمليات الهجرة اليهودية وتسهيل عمليات الحج وبقيت القدس المدينة المحرمة الوحيدة على اليهود حتى عام 1178م ودخول صلاح الدين مدينة القدس فسمح لهم بدخولها كما يذكر دفيد بن جريون نداء لليهود الأوروبيين من الصليبيين بالعودة إلى بيت المقدس وواصل خلفاء صلاح الدين نفس السياسة مع اليهود إلى أن سياسة التسامح هذه لا تتعارض في أن جعل صلاح الدين يحول المعابد اليهودية إلى مساجد على أساس أنها كانت في الأصل مساجد فقام الصليبيون بتدميرها.

 

اليهود والحملة الصليبية الرابعة عام 1204م:

اليهود فى أوربا وإنجلترا بعد الحلمة الصليبية الثالثة وخروج الحلمة الرابعة بوفة ريتشارد الأول عام 1199 م وإرتقاء الملك جون العرش أصبح جون مدركاً تمام الإدراك إن التجارب المخفية التى تعرض لها  اليهود فى عهد هنري الثانى وريتشارد أسفرت عن إنخفاض المدن اليهود فى إنجلترا ومن خلال هذه المزابح أصبحت إنجلترا نافره لليهود ولم تعد جزابه لهم حتى العقد الثامن من القرن الثانى عشر[19] ويقول ويلد يورانت إن جون أدرك أن الجماعة اليهودية في حاجة ماسة إلى نوع من الحماية الفعالة وأمر جون بتعيين رئيس دينى أعلى للملكة وأيضاَ لا يتم مسألة الرئيسى الدينى الاعلى لليهود وكان هناك نوع من الود بين الملك واليهود وبعد عامين من حكم جون سنة (1201) أصدر مرسوم حريات جاءته الكثير من الامتيازات لليهود وذلك إقراراً للعهد الذى منحه سلفه الملك ريتشارد الأول فقد تمتعت اليهود بحرية التنقل والإعفاء من المكوس العادية وضرائب المرور والسماح بالإقامة فى أى جزء من البلاد والسماح ببيع الأراضى المرهونة وإن تتم محاكمة وفقاً للتوراة، وأصدر جون أيضاً عهداً تكميلياً آخر جاء إقرار وتأكيداً للإمتياز الذى منحه أبوه الملك هنرى الثانى لليهود والذى يقضى بحق اليهود فى تسوية المنازاعات التى تنشب بينهم ولكن هذه الإمتيازات لم تكن بدون مقابل وكان الثمن الذى دفعه اليهود لقاء ذلك أربعة آلاف مارك  تدفع على أربعة أقساط وبذلك عادت الثقة لليهود وعادوا من كافة أرجاء القارة الأوربية إلى إنجلترا ولكن سرعان ما غير هنرى سياسته تجاه اليهود المتسامحة وغيرها بسياسة القهر والاضطهاد وجاء ذلك نتيجة انعكاس الأوضاع السياسية في المملكة على المستوى الداخلى والخارجي ولأن الملك جون دخل فى النزاع الموروث في ملك فرنسا بسبب الممتلكات الإنجليزية فى فرنسا التى ورثها من ويليم الأول وفشله في إستعادة هذه الممتلكات وأيضا سراع ملك إنجلترا مع البابا وتهديد الآخر بخلع الملك من العرش والإطاحة به ثم وقع الملك تحت عقوبة الحرمان الكنسى عام 1209 م فاتخذ الملك سياسة معادية لليهود وأول إجراء إتخذه لذلك هو إنتزاع المال من اليهود فقام بجمع أثرياء اليهود.

 

وأمرهم بالمثول أمامه والإفصاح عن ثرواتهم الحقيقة وفرض عليهم ضريبة طارئة  tallage بمبلغ 66,000 مارك إستطاع اليهود دفع 60 ألف مارك فقط وتم إيداع بعضهم السجن ضماناً لسداد الباقى وحصل خلاف بين الدولة والكنيسة حول مسألة سداد الديون لليهود وخلال القرن الثالث عشر ففى مجمع لاتان الرباع عام 1215 م وجهت رسالة من إينو شيشوس الثالث تطالب من الملوك والأمراء سداد الديون المستحقة لليهود وإلزام هؤلاء اليهود من أخذ فوائد ربوية من الصليبيون لكن ملوك الغرب أكبر الإنجليز اليهود على دفع 25% من دخلهم للملك ريتشارد.

 

أما المجمع اللاتيراني الرابع عام 1215 فقد أصدر بزعامة البابا أنوستت III قرار يقضى بإلزام اليهود في أوروبا بإرتداء شارات صفراء وفي عام 1218 ميلادي أصبح الملك شريكاً اقتصادياً لليهود فقد أصدر الملك قرار بمعاقبة وتسجيل جميع النشاطات الاقتصادية لليهود وتدقيق جميع المعاملات المالية ويتم ذلك من خلال لصق طوابع رسمية على هذه المعاملات المالية حتى لا يسمح لهم بالتهرب من الدفع وبذلك أصبح ملك فرنسا أيضاً شريكاً لأعمال اليهود وقد تم سن القوانين لجعل اليهود مصدراً للربح والضرائب للملك[20].

 

وفي عام 1230 اتخذ القديس لويس التاسع قرار ضد اليهود المرابين بمصادرة ممتلكاتهم لحسا حملته الصليبية الجديدة وعندما سقط أسيراً في أيدي المماليك لم يرى سبباً في فشله سوى طرد اليهود وفي عام 1286م صدر مرسوم قاس وصارم ضد اليهود من قبل رادوف الهانبرجي حيث أمر بمصادرة ممتلكات اليهود الذين غادروا ألمانياً وبالأخص الذين نزحوا إلى الشرق الإسلامي، أما اليهود في القدس فقد حدثت تطورات حيث بقى اليهود في القدس حتى عام 1244م حتى تم تحرير المدينة المقدسة على يد الخوارزمين ومن الصالح نجم الدين أيوب وتم إعفاؤهم من الضرائب حينما كانت هناك جماعة يهودية خاضعة للحكم الصليبي في مدينة عكا حتى تم تحريرها على يد السلطان المملوكي الأشرف خليل بن قلاوون[21].

 

الملخص

إن اليهود قد لعبوا دورا هاماً في الحملات الصليبية وقد شجعهم في ذلك عنصر المال وهو ما برع فيه اليهود  وأقصد بذلك المعاملات الربوية حتى وصلت سمعتهم بأنهم أهل التجارة والمال فكانت كلمة (تاجر= يهودي).

 

وإذا كان عنصر المال سبب سعد اليهود ووسيلة تقربهم للملوك؛ كان ذلك سبب هلاكهم أيضا.

 

وأصبحت للنقود قيمة هائلة ففى الفترة التي سبقت خروج أولى الحملات الصليبية إلى الشرق العربي كانت الحاجة إلى المال قد تزايدت وظهر دور اليهود وخاصة المرابين منهم وتزايدت الحاجة إلى أموالهم تحت حماية التاج وعرف الملوك كيف يستنزفون المال من اليهود عن طريق جعلهم مصدرا جاهزا للإيراد وذلك تحت مسمى الحماية الملكية ثم ما لبث أن انقلب هؤلاء الملوك ضد اليهود وأقاموا لهم المحارق والمجازر لأن الديون  لليهود أثقلت كواهلهم، أم الفرسان فقد رهنوا ممتلكاتهم وأراضيهم لليهود مقابل التجهيز للحملات الصليبية، أما العامة من الشعب فقد حملوا الكراهية نفسها ضد اليهود لأنهم اعتبروهم قتلة المسيح وهم الذين صلبوهم، ومع خروج الحملة الصليبية الثانية وظهور اتهامات الدم أو القتل الطقوسي فقد تأججت مشاعر العامة ضد اليهود وأقسموا على الانتقام منهم فمع خروج الحملة الصليبية بدأ العامة في قتل اليهود، وإقامة المحارق لهم، أما اليهود في الشرق فقد اختلف الأقاويل حولهم في أنهم دافعوا عن الأراضي العربية، وكان الرأي الآخر عن استسلامهم للحكم الصليبي، وإن كان اليهود قد دافعوا عن الاراضي العربية؛ فلكرههم للصليبيين الذين مارسوا أشد أنواع العنف ضد اليهود.

 

وإن كان لليهود دور فى مواجهة الحروب الصليبية فإن البعض يقول إن السيوف الصليبية لم تفرق بين المسلمين والمسيحيين واليهود العرب فى مجزرة بيت المقدس فقد كانت النظرة الصليبية الدينية تجاه الفريقين على أساس تكفر المسلميين واليهود باعتبارهم أعداء المسيح فقد منع اليهود قبل المسلمون من دخول بيت المقدس وبينما حارب المسلمون الصليبيين كان الموقف اليهودي سلبى تماماَ فى حين ان اليهود فى اوروبا أيضاَ قد قبلوا الاضطهاد الذى حل بهم فى أوروبا ولم يفعلوا شيئاً سوى الانتحار الجماعي.



[1] عبد الوهاب المسيري: اليهود واليهودية والصهيونية، القاهرة – دار الشروق 1998م – ص 131، 132.

[2] كانتور: التاريخ الوسيط، ترجمة /قاسم عبده قاسم، الطبعة الخامسة، 1997، الجزء الثاني، صـ 500.

[3] زينب عبد المجيد: الإنجليز والحروب الصليبية – عين للدراسات والبحوث الاجتماعية – الطبعة الأولى، القاهرة، 1996، صـ 31 صـ34.

[4] Brand, P.Jews and the Law in England: 1275-1290, English historical Review, No. V.2001.

[5] Roth, Ashort History of the Jewish People, London, 1959, P.185.

[6] Jacobs: "The Jews in England, P.665; the Jews of Angevin Wngland, P.X 111.

[7] عبد الوهاب المسيرى: اليهود واليهودية والصهيونية، المرجع السابق.

[8] Jacobs: "The Jews in England, P.665; the Jews of Angevin Wngland, P.X 111.

[9] Hyamson, A.M; Ahistory of the jews in England, London, 1928.

[10] عبد الوهاب المسيرى: اليهود واليهودية والصهيونية، المجلد الأول – دار الشروق، الطبعة الأولى، صـ 150، 2003م.

[11] Langhwir, Thomas Of Monmouth Dectector Of Ritual Murder Speculum Vol. 59, 1984,  Pp.820-846.

[12] عبد الوهاب المسيرى  اليهود واليهودية والصهيونية الحملة الأولى، دار الشرق، الطبعة الاولى ص 151، ص 152

[13] كانتور، المرجع السابق ج، ص 501

[14] Jacobs The Jews Of An Gevin Of England P.P 16 _17 The Jews In England P.666.Coultonop.At.Pp.33/332 جاكوب نقلاً من قوانين جراتيان

[15] زينب عبد المجيد عبد القوى  حضارة اوربا فى العصور الوسطى  جامعة  الزقازيق 2007 ص 28 29

[16] زينب عبد المجيد عبد القوى ( اليهود فى إنجلترا فى العصور الوسطى ) 2006 ص 46 عن الدراسات والبحوث الإجتماية.

[17] زينب عبد المجيد: المرجع السابق ص 55، 58

[18] دور اليهود فى الحلمة الصليبية  د/ رياض مصطفى شاهين كلية الآداب ـ الجامعة الإسلامية بغزة

[19] ويل ديورانت ـ تاريخ الحضارة  الجزء الرابع

[20] IBID. P.19

[21] سعيد عاشور: مصر والشام، صـ 219.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحروب الصليبية
  • جرائم اليهود في الماضي والحاضر
  • أحوال الشرق الإسلامي قبل الغزو الصليبي
  • التصدي للتآمر الصليبي واليهودي ضد العالم الإسلامي

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث: لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدكتور المسيري: مع اليهود أم ضد اليهود؟(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • إيذاء اليهود للمسيح ودعوته " الدور الذي قام به بولس "(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور الأدب في الحروب الصليبية(مقالة - موقع د. محمد الدبل)
  • لن تضيع القدس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور ذرية المعز ابن باديس في مواجهة الحملات الصليبية النورمانية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الكوشر... هل هو مجرد منتجات من اليهود لليهود؟!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اليهودية والاستغراب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • حق اليهود التاريخي في فلسطين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأدلة من السنة على نهاية اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- مساعدة اليهود لقائد الحملة الصليبه الملك البريطاني ريتشارد قلب الاسد
انور سلام - لبنان 06-11-2013 03:52 AM

من الرجوع الى احد سيوف الملك البريطاني ريتشارد قلب الاسد يتبين جليا مدى مساعدة اليهود المشرقيون للحملة الصليبية على المشرق العربي وذلك من خلال تمكينه من سر المعدن المستعمل لصناعة السيف الدمشقي الذي أبهر ريتشارد قلب الاسد واعتبره سببا أساسيا في تفوق سلاح العرب على سلاحه وقد ظهرت نجمة داود بمكان خفي في أحد سيوفه التي صنعها له اليهود وهو سيف معكوف مثل السيف الدمشقي في حين لم يكن لهذا الملك القدرة على الوقوف على سر هذا السيف الدمشقي ولم يتمكن من الوصول إلى تصنيعه إلا من خلال اليهود وعليه يتبين أن اليهود كانوا يحاولون استرضاء الملك البريطاني والتقرب إليه واظهار مساندتهم له ليحوزوا على رضاه ويأمنوا جانبه واننا نلاحظ منذ ذلك التاريخ انقلبت المعايير تجاه اليهود حيث جاء وعد بلفور بإنشاء دولة لهم في فلسطين ردا للجميل الذي حفظته أوروبا لليهود تكفيرا عن الممارسات الإجرامية المرتكبة بحقهم طيلة قرون .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب