• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقات الألوكة المستمرة / مسابقة الملخص الماهر / المواد الفائزة في مسابقة الملخص الماهر
علامة باركود

المفاهيم الملتبسة بين الطرح العلماني والفكر الإسلامي (ملخص ثان)

شوال سعد الدين سليمان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/3/2010 ميلادي - 22/3/1431 هجري

الزيارات: 23473

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص دراسة
المفاهيم الملتبسة بين الطرح العلماني والفكر الإسلامي
مولاي المصطفى البرجاوي

هذه مجموعةٌ من المصطلحات والمفاهيم، وهي الأكثر إثارةً للجدل، روَّج لها الفكرُ العلماني دونمَا تمحيص لمخاطرها الخفية والمعلَنة، بعنوان: "المفاهيم الملتبسة بين الطَّرْح العلماني، والفكر الإسلامي".

 

الإطار العام للصِّراع المفاهيمي بين الطَّرْح العلماني والفكر الإسلامي:
أولاً: سُنَّة الاختلاف بين التنافس والتناحر:
خَلَق الله - سبحانه وتعالى - الخَلْق بصفات وقُدرات خاصة لكلِّ واحد، سواء من الناحية الشكلية، أو العقلية، ومِن هنا حَدَث الاختلاف، ولكن لا بدَّ لهذا الاختلاف من قانون يحكمه، وهذا القانون في القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية:

 

أ- من القرآن الكريم: ذَكَر الله - سبحانه وتعالى - الاختلاف في القرآن، فقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118 – 119]، وكذلك ذَكَر - سبحانه وتعالى - الأخوَّة بين المؤمنين؛ حتى لا يصيرَ الاختلاف هو القاعدةَ التي تحكم المسلمين، وهذه الأخوة وما تقتضيه من حبٍّ وتواصل ورحمة هي أساسُ التعامل بين المؤمنين.

 

ب- من السنة النبوية: قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وإنِّي سألتُ ربى لأمَّتي ألاَّ يهلكَها بسَنة عامَّة، وألاَّ يُسلِّط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم فيستبيحَ بيضتهم، وإنَّ ربي قال: يا محمد، إني إذا قضيتُ قضاءً فإنَّه لا يرد، وإني قد أعطيتُك لأمتك ألاَّ أُهلكَهم بسَنَة عامة، وألاَّ يُسلَّط عليهم عدوٌّ من سوى أنفسهم  فيستبيح بيضتَهم، ولو اجتمع عليهم مَن بأقطارها - أو قال: مَن بَيْن أقطارها - حتى يكون  بعضُهم يُهلِك بعضًا، ويَسبي بعضهم بعضًا))؛ رواه مسلم.

 

وزاد أبو داود: ((وإنما أخاف على أمَّتي الأئمَّة المضلِّين، وإذا وُضِع السيف في أمَّتي لم يُرفعْ عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحقَ قبائل من أمَّتي المشركين، وحتى يَعبد قبائلُ مِن أمَّتي الأوثان، وأنه سيكون في أمَّتي كذَّابون ثلاثون، يزعم كلُّهم أنه نبي، وأنا خاتم النبيِّين، لا نبيَّ بعدى، ولا تزال طائفةٌ من أمَّتي على الحقِّ ظاهرين، لا يضرُّهم مَن خالفَهم حتى يأتيَ أمر الله)).

 

آثار الاحتلال الفرنسي والبريطاني على الأمَّة:
خلَّف الاحتلال وراءَه الصراع والشحناء والبغضاء بيْن الشُّعوب؛ لِمَا تركه من فئة قام على تربيتها على فِكره وهواه، وقِيَمه الفاسدة، ومنها:
أن تخلُّف العالم العربي والإسلامي يرجع إلى تمسُّكه بالقِيَم الدينية التي هي مِن سِمات القرون الوسطى، وأنَّ سبيل التقدُّم هو الأخْذ بالحضارة الأوربية كاملة، دون انتقاء، أخْذًا بقولة "أرنولد توينبي": "إنَّ الحضارات تُؤخَذ كلها أو تُترك كلها".

 

ومن ذلك: المراكز المتخصِّصة في أحوال العرب والمسلمين، ومن أمثلتها: المخطَّطات المبرمجة في مراكز الدِّراسات الصهيونية، ومراكز الدِّراسات الإستراتيجية في الغَرْب، ومع سيطرة هؤلاء العلمانيين على سلطة اتخاذ القرار، وكذلك على وسائل الإعلام في البلاد الإسلاميَّة، أصبحوا أهلَ الثقافة والمدنية، وتصدَّتْ لهؤلاء نُخبةٌ من العلماء، ولكن لم يتمكَّنوا من منْع هذا التيار الجارف.

* المسميات الباطلة، وأحقاد الغرب على الدِّين الإسلامي:
على مَن يدَّعون الثقافة والعلم بتشبُّعهم من الثقافات الغربية أن يَطَّلعوا على دراسات وأهداف عمل المؤسَّسات الخيريَّة والعسكريَّة، والمنظَّمات والدعوات لعَقْد المؤتمرات المشبوهة، ومنها على سبيل المثال: تقرير لمؤسَّسة راندَا الأمريكية تحتَ مسمَّى "الإسلام المدني الديمقراطي"، الذي يدعو لتكوين علاقات قويَّة مع الصوفيِّين والعلمانيِّين والحداثيِّين.

 

وحدة العالم الإسلامي والتكتلات الاقتصادية:
لن يستطيعَ العالَم الإسلامي النهوض ومواجهة التكتُّلات السياسية والاقتصادية العالمية ما دام هناك حواجزُ بين الشعوب الإسلامية، وما صاحب تلك الحواجزَ من النِّزاع والفشل، ولقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - لفظي "التنازع" و"الفشل"، فالأول يُفضي إلى الثاني؛ قال – تعالى -: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].

 

ينهى الله - سبحانه وتعالى - عن النِّزاع الذي يضيِّع الأمَّة، ويفكك وَحْدتها، وحثَّ - سبحانه وتعالى - على الوحدة: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، أما الاختلاف في الاجتهاد، فهذا أمرٌ إيجابي طالَما لا يتعارَض مع القرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة، فالإسلام دعا للتمعُّن والبحث في الأمور، ولن تكون النصرة للمسلمين إلا بالإسلام، ولن تكون النُّصرةُ بالإسلام إلاَّ بالوحدة الإسلامية.

 

أسباب انبهار الدولة العلمانيَّة بالحضارة الغربية:
عندما نَظَر فئة من مثقَّفي العالم الإسلامي، ووجدوا تقدُّمَ وتطور الحضارة الغربية في شتَّى المجالاتِ غير مبالين أو مهتمِّين بالعقيدة، ظنُّوا أنَّ هذا هو منبع التقدُّم، وأن التمسُّك بالدِّين هو سبب الجهل والتخلُّف في العالَم العربي والإسلامي، ومَن دعوا إلى القومية وهي ترتكز على الجِنس والعنصر، ولا تبالي بالعقائد والمباديء، وهي أشبه ما تكون بدعوة الجاهليه، وكان سبب ظهور هذا الفِكر.

 

ثانيًا: التيار العلماني والصحوة الإسلامية من الصِّراع المفاهيمي إلى أساليب إدارة الصراع:
الصراع المفاهيمي Conflict conceptuel:
هو مصطلح غربي يقصد به التعارُض والتضاد بين طوائف لا تجمعهم لغةُ التفاهم، وتساهم في زيادة الشِّقاق والاختلاف.

 

إدارة الصراع Conflict Management:
هو سُرْعةُ التدخُّل لمنع حِدَّة الاختلاف بين الطَّرفَين، وتحويله لحلٍّ سِلمي مشترك بغرض عدم الوصول لحِدَّة العُنف والانفجار.

 

أساليب إدارة الصراع Conflict Management styles:
أساليب إدارة الصراع وهي:
1- التعاون: تصحيح الأفكار السيِّئة التي زَرَعها ونَشَرها الغَرْب عن الإسلام من قِبل المستشرقين.
2- اللامبالاة: وهو المنهج المتبَّع في الأمور الشخصية، ولكن عندما يمسُّ الأمر العقيدة فلا بدَّ من التدخل.
3- الوسطية: وهي تحكيمُ المنهج الصحيح للإسلام البعيد عن الغُلو والتشدُّد، وفَهْم الواقع والتعامُل معه بكلِّ مرونة مع عَدم المساس بأمور العقيدة، أو بمعنى آخَرَ: أن يكون متوافِقًا مع كتاب الله وسُنَّة رسوله. 
4-المناظرة الهادفة: البعيدة كلَّ البُعْد عن الأحكام المسبَقة المشوشة لقنوات الاتصال، ولقدِ اعْتنى الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - بهذه الطريقة في التعامُل، حتى إنَّه كان يَغْشى منتديات قريش، ويزور القبائل.

 

* تعريف المصطلح، وأهمية فَهْم المصطلحات:
المصطلح هو "تعريف يختصُّ بالألْفاظ التي تتَّصل بمجال من المجالات المعرفيَّة في العلوم الطبيعيَّة أو الإنسانية، لدَى جماعةٍ من الباحثين في مَيْدان معيَّن، وضعت المصطلحات لاتحاد لُغةِ التفاهم بيْن أهل الاختصاص في مختلف العلوم، سواء الشرعيَّة أو الطبيعيَّة أو العلميَّة؛ حتى لا يكون هناك اضطراب فِكري ومعرفي.

 

*ضبط المصطلح مطلبٌ شرعي وعلمي:
حيث إنَّ أفكار الناس وعقولهم تتباين، فكان لا بدَّ من الاعتناء بالمصطلحات في القواميس عنايةً خاصَّة، إنَّ تعدُّد مضامين المصطلح الواحد، واختلاف توجهاته الأيديولوجيَّة - يدفع بنا إلى مقاربته شرعيًّا وعلميًّا.

 

أ- ضبط المصطلح مطلب شرعي:
إنَّ عدم معرفة المصطلحات والخَلْط بينها أساس كثير من المفاسِد، وبخاصَّة في الشريعة، يقول ابن حَزْم الظاهري: "والأصل في كلِّ بلاء وعماء، وتخليط وفساد، اختلاطُ أسماء ووقوع اسم واحد على معانٍ كثيرة، وهذا في الشريعة أضرُّ شيء، وأشدُّه هلاكًا لِمَن اعتقد الباطل".

 

ب- ضبط المصطلح مطلب علمي:
لَمَّا كان ضبط المصطلح مطلبًا شرعيًّا، وبما أنَّ الإسلام دِينُ العلم، فإنَّ ضبط المصطلح مطلب علمي.

 

وتتجلَّى أهمية هذا الضبط من الناحية العلمية فيما يلي:
- ضمان استقلاليَّة كلِّ علم من العلوم عن العلوم الأخرى، وذلك لا يحدث الخَلْط.
- معرفة الباحث للأخطاء المنهجيَّة والمعرفية.
- ضبط جذور المصطلح التاريخيَّة يحدُّ من التهجين المصطلحي.
- المحطَّات التاريخية للتدافُع المصطلحي، لنتبيَّن السياق العام والإطار التاريخي لإشكالية المصطلح مثلاً في الحِقبة الحديثة.

 

نقف عند تَجرِبتين:
الأولى: تتمثَّل في اليابان التي سَعَتْ إلى تغيير معالِم التخلُّف، فأرسل الإمبراطور مايجي (1868-1912م) بعثاتٍ طلابيَّةً لتحقيق هدفين إستراتيجيين: الأول: جيش قوي ليابان غنية، والثاني: تقنية غربية ورُوح يابانية.

 

والثانية: وهي تجرِبة العالَم الإسلامي التي عَرَفتْ ثلاث مراحل:
1- مرحلة الانبهار: شعاره: "الغرب على صواب"، وترسَّخت هذه المرحلة بأمثال كلٍّ من طه حسين، وشبلي الشميل، وأحمد خان، ورفاعة الطهطاوي، وكيف نقلوا ثقافةَ الغرْب إلى بيوت العرب والمسلمين.
2- مرحلة الازدواجية في الاصطلاح: وهي بدايةُ ظهور الصَّحْوة الإسلامية، وكانت مع بداية ظهور المصطلحات المتضادة من (العلمانية والدين - الشورى والديمقراطية - التقدُّم والتخلُّف..وهكذا).
3- مرحلة الاستقلالية والبحْث عن الذات: وهي الرجوع إلى الأصْل للاستفادة من تجارِبه العِلميَّة، ولكن ينقص تلك المرحلة الكثير؛ نظرًا لهيمنة أبناء الطبقة الثريَّة على الحكومات، وتغريب رؤوس الأموال.

 

* أهداف ضبط المصطلح:
المصطلح يؤثِّر في النفوس والعقول، ويُحوِّل التفكير من جهة إلى جهة أخرى، وقد يكون نقطةَ انطلاق لفكرٍ وافدٍ خلالَ شروحه، وأنَّ الغَرْب هو الذي اخترع تلك المصطلحاتِ لوضع الفِتنة بين أبناء الأمَّة الواحدة؛ لسحبِها من التقدُّم والازدهار، وبعض مِن هذه المصطلحات تحوي قضايا اجتماعيَّةً وثقافية، منها: نوعية العلاقة بيْن المعجم والمصطلح مِن جِهة، وبيْن المصطلح وما يحيل إليه مِن مفاهيمَ من جهة أخرى، والخوف من أن تُصبح المفاهيم الغربيَّة مِعيارًا قياسيًّا تُفهم به كلُّ الظواهر الاجتماعيَّة والاقتصادية الثقافية، وحتَّى الدينية في البيئة المسلِمة.

 

عولمة الإعلام ونظرية التدافع المصطلحي:
سيْطر الإعلام الغربي على جميع وسائل الإعلام بما يمتلكه من إدارة صِهْيونيَّة قامَت على برمجة مصطلحات دشنتْها بوسائل الإعلام، تعمل على التوجيه الفِكري، والبرمجة العقليَّه للعالَم الإسلامي.

 

ومِن أهم هذه المصطلحات:
- الأصولية: وهي كلمة ٌ مُترجَمة ومنقولة عن الأصل اللاتيني (fantametalist)، وهذه الكلمة أُطلِقتْ بعد العصور الوسطى على المتطرِّفين النصارى.
- الاستعمار: وهي مُترجَمة عن الكلمة الفرنسية Colonisation، بينما الكلمة الأكثر قربًا هي الاستخراب، والاستدمار، والاستكبار.
-الشرق الأوسط: هو مصطلح سياسي واقتصادي، يضمُّ بيْن جناحيه أقوامًا من عروق شتَّى: عربية وتُركيَّة وفارسيَّة، ومِن أديان شتَّى؛ لكن الدِّيانة السائدة هي الإسلام، وتمتد حدودُه لتحتويَ الوطن العربي، ولكن مُجزَّأ، مبتدئًا بمصر دون الشَّمال الأفريقي، ثم إسرائيل، وتعانق ذراعاه بلدانًا تصل إلى أفغانستان، وحتى جمهوريات آسيا الوسطى الإسلاميَّة شَمالاً، والمصطلح الأقرب والأدقُّ هو جزء من العالَم الإسلامي.
- الدول المتخلِّفة: إلْصاق التخلُّف الذي تُعاني منه بعضُ مجتمعاتنا العربية والإسلامية بالإسلام. 
- حائط المبكى: الذي يُروِّج له الإعلام، فهو في زعْم اليهود جزءٌ من الحائط الغربي للحَرم القُدسي الشريف، وآخِر أثر مِن آثار     هيكل سليمان - عليه السلام - بدلَ حائط البراق.
- الإسلام السياسي: أنَّ الحكومات التي مرجعيتها الإسلام تستغلُّ الدين لتحقيق أهدافها الإستراتيجيَّة.
- العلوم الإنسانية: وهي تعني العلوم التي لا تَخْضع لتوجيهِ الوحي، أو الاستقاء مِن الوحي، وانتشر هذا المصطلحُ في العالَم الإسلامي، فتجد في كل مكان تقريبًا: كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

 

أقسام المصطلحات المستوردة:
1- مصطلحات ذات فِكْرٍ ومضمونٍ مخالفَيْن للإسلام، كمصطلح "البنيوية"، "الحداثة"، و"الديمقراطيَّة"... إلخ.
2- مصطلحات يقع فيها الاشتراكُ اللفظيُّ دون الاشتراك في المعنى، كمصطلح السياسة والسلطة...إلخ.
3- مصطلحات إسلاميَّة بلفظها ومحتواها، مثل البَعْثة، والتجديد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

أَثَر سِحْر الكلام، أو سلطة الإعلام على النفوس:
إنَّ ما نسمعه كلَّ يوم من مصطلحات ومفاهيمَ، منها "الحداثة"، و"حرية المرأة"، و"الديموقراطية الليبرالية" اليوم، أو "العدالة المطلَقة"، و"الشرعيَّة الدوليَّة"، وأمثالها من المصطلحات - ما هي إلا سِحرُ الكلام؛ لِمَا لها من تأثير مغناطيسي.

 

العلمانية المتطرفة، وإشكالية التعميم:
يلتبس على العلمانيِّين والمثقَّفين التصنيفُ الصحيح، فعلى سبيل المثال: يُصنِّف البعضُ المسلمين الذين يعملون في العمل الخيري، أو الجماعاتِ الإسلاميَّة الأخرى - تصنيفًا واحدًا، وكذلك البعض يرى أنَّ تصنيف النصارى واحد، وهذا مخالِف لسُنَّة التنوُّع والاختلاف، وبالتالي يحدُث التصادم بين قِيَم التعامل الإنساني السليم.

 

والقرآنُ الكريم خيرُ دليل على ذلك؛ يقول - جل علاه -: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}  [المائدة: 75].

 

* الوسطية في إدارة الصراع:
1- الإعجاز الوسطي في القرآن الكريم: قال - تعالى -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143]، وهي تقع وَسَطَ سورة البقرة تمامًا، وهي الوسط في العقيدة والتاريخ والجغرافيا، والكعبة هي مركز الكرة الأرضية. 
2- الوسطية: نموذج راقٍ في إدارة الصِّراع، بل منهج حياة، ونهضة للأمة، "الوسطية" هي المنهج الإسلامي، والتي تدعو للبُعْد عن التطرُّف الديني والفكري، مع عدم الانغلاق والتقوقُع، ولكن يكون ذلك بالتفاعل مع المجتمعات الأخرى، وهذا المفهوم ضدّ مصطلح الأصولية المزعوم.
أما الطرف الثاني - وهو العلماني -: فيُريد اقتلاعَ الأمَّة من جذورها الإسلامية، ولبْس الثوب الغربي بكامله، وبالتالي فإنَّ الفكر العلماني يقوم بدَور الاستعمار نفسه سابقًا، وهو نشْرُ الثقافة الغربية بشُبهاتها، وأفكارها الخبيثة. وأما الطرف الثالث: فيرى الاستعانةَ بعلوم الغَرْب وحضارته المادية لبناء المجتمع الإسلامي متطورًا دون المساس بجَوْهر تعاليم الإسلام؛ لأنَّها لا تُعادي العلم والتقدُّم.

 

ثالثًا: الفكر الإسلامي.. مصادره ومقوماته.. وأهم مدارسه:
لا بدَّ أن يكونَ هناك اختلاف شاسِع بين الفِكْر العلماني، والذي مصدره الأرْض، والفِكْر الإسلامي، والذي مصدرُه السماء؛ قال - تعالى -: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون} [العنكبوت: 41].

 

الفكر: عرفه إمامُ الحرمَيْن الجويني بقوله: "والنظر في اصطلاح الموحِّدين هو الفِكْر الذي يَطلبُ به مَن قام به علمًا، أو غلبة ظنّ، ثم ينقسم النظر إلى قِسْمين: إلى الصحيح والفاسد"؛ قال - تعالى -: {كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 219].

 

تعريف الفِكْر الإسلامي: هي كلمةٌ معاصِرة حديثة، لم تَرِدْ في مؤلَّفات السَّلف، ولقد ظهر هذا المفهوم عندما حصلتِ الاختلافات بيْن المسلمين، وبدأتْ تظهر الفِرق والمذاهب، ولكن حتى لو تنوَّع الفِكْر الإسلامي، فمِن الواجب أن يرتكزَ على قواعده الثابتة - القرآن والسُّنة - وتعدَّدتِ التعاريف.
فالدكتور أحمد الريسوني يعرِّفه بأنه: "كلُّ الاجتهادات والإنتاجات، والإبداعات الفِكريَّة التي تلتزم بالإسلام مصدرًا، ومرجعًا أساسيًّا لها".

 

المدارس الفكرية الإسلامية بيْن القديم والمعاصر:
بعدَ وفاة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأبي بكر وعمر بن الخطَّاب - رضي الله عنهما - إلى آخِر خِلافة عثمان بن عفَّان - رضي الله عنه - حيث كان مقتلُه - رضي الله عنه وأرضاه - سببًا في وقوع الفِتْنة والفرقة في الأمَّة، فلمَّا انتقلتِ الخلافة إلى عليٍّ - رضي الله عنه - أطلَّت البِدعة برأسها، فخرجتِ الخوارج المارِقة، وتشيَّعتِ الشيعة الغالية، ثم بعدَ الخِلافة الراشدة، ظهرتِ الفِرق تترْى، وتشعَّبتْ مِلل ونِحل شتَّى، وبعد ذلك ظَهَر في زماننا هؤلاء العلمانيُّون الذين رضعوا من الغَرْب، ويريدون نشْرَ أفكارهم ومبادئهم، حتى وإن تعارضتْ مع الدين الإسلامي.

 

وهناك ثلاث مدارس عُنِيت بالفكر الإسلامي:
1- المدرسة الاستشراقية: ظهرتْ هذه المدرسة في القرن التاسع عشر والعشرين، وهي تعتمد على تشويهِ وتحريفِ المنهج الإسلامي، وتركز على دراسة الفِرَق الباطنية، ونَشْر ثقافتها المضلَّة، وتركز على عوامل الانقسام بين الدُّول الإسلاميَّة، وتشويه التاريخ الإسلامي، وإحلال العلمانيَّة على القضايا الإسلامية، وهي كثيرة ومتعدِّدة، وظهرتْ متزامنةً مع الاستعمار، فقد كان الاستعمار يحتلُّ الأرضَ، والمستشرقون يسعَوْن لاحتلال العقول.

 

2- المدرسة الحداثية - التاريخانية: وهي المدرسة العلمانيَّة السُّوفُسْطائية، وهم الذين دَرَسوا في الغَرْب، وتعلَّموا من الفلاسفة الملحِدين، أمثال: فرنسيس بيكون وديكارت، وفيورباخ وديدرو، ومانهايم وميرلوبونتي، وماركس وإنجلز، وميرتون وفلهوزن، ودي بور ومرجليوث، وبيكر ورينان، ومكسيم رودنسون، وغيرهم، ويُروِّجون لمقولة: عدم الاستئثار بالكتاب والسُّنَّة، ويعتمدون على الفِكر الرأسمالي والماركسي.

 

3- المدرسة الإسلامية الأصيلة: تقوم بالبحْث في جميع العلوم، وتعتمد على القرآن الكريم والسُّنَّة النبويَّة تكفّلاً بالإجابة على المسائل الغَيْبيَّة، التي حار فيها الفلاسفةُ والمناطقةُ قديمًا، قال ابن القيِّم - رحمه الله - في كتابه "إعلام الموقعين": "فإذا ظهرتْ أمارات الحق، وقامتْ أدلَّة العقل، وأسْفَرَ صُبْحُه بأيِّ طريق كان، فثَمَّ شرعُ الله ودينُه، ورضاه وأمرُه".

 

الفِكْر الإسلامي، والدعوة إلى التفكير، ولكن بضوابط:
يدعو الإسلامُ الجميعَ للتفكير والتفكُّر، وأن يسرحَ بخياله، وذلك مشروطٌ بأن يكون في حدود القرآن الكريم والسُّنة النبويَّة؛ قال – تعالى -: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت: 20]، وبذلك ينبغي علينا ألاَّ نتجاوز الحدودَ الشرعية في الحقائق؛ مثل الجَنَّة والنار، والغيبيَّات، فيجب التسليمُ بما رسمه الشارع.

 

فالتفكير ينبغي أن يوجَّه إلى البِناء لا في الهَدْم، بأن يُعمِلَ المفكِّر عقلَه في بناء ذاته، وبناء مجتمعه، ولا يوجِّهه نحو الهدم في البُعدين، مع إعطاء الأولويَّة للوحي على حِساب عقْل الإنسان المحدود القاصر، وقد جاء لنا التاريخُ الإسلامي بأمثلة كثيرة، تُوحي لنا أنَّ الإسلام يدعو للفِكْر، منها: مقولة عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: إني لأعلم أنَّك حجرٌ، لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أنِّي رأيت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُقبِّلُك ما قبَّلْتُك".

 

رابعًا: المدرسة العلمانية.. من محاولة تأصيل "الفهم" إلى ترويج "الوهم":
"لا حضارة مِن غير معابد" يتبنَّى العلمانيون ترويجَ أفكار الغرب، والتي تتبنَّى فكرةَ أنَّ الحياة لا تتطلَّب وجودَ الدين، وأنَّه قد استقرَّ صلاحُها وأمرُها على المذهب الليبرالي، والذي يدعو للحريَّة السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعية، ومن هذه الكتب "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، الذي يُعلن فيه مؤلِّفه سقوطَ العقائد، ويَستثني الإسلام ببعضِ بقاياه الدِّينيَّة والخُلقية، والانتصار النهائي لليبرالية (حرية الاختيار في السياسة والاقتصاد والاجتماع).

 

منصة صواريخ الدمار الشامل: يقول الدكتور عبدالعزيز كامل: بعدَ هذا نجد مِن بَنِي جِلْدتنا مَن يجعل من نفسه منصَّةً تنطلق منها صواريخُ الدمار الفكري الشامل، القادم مِن أوروبا وأمريكا، صَوْبَ أراضينا المكشوفة، وسماواتنا المفتوحة، متعلِّلين بحريتهم في الفِكر والفعل.

 

وعلى المسلمين أن يفهموا قولَه - سبحانه وتعالى -: {هَا أَنْتُمْ أُولاَءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ} [آل عمران: 119].

 

عجز الأيديولوجيَّات:
لقد كان سقوطُ الفِكْر الاشتراكي بعدَ سيطرته لمدَّة سبعين عامًا دليلاً على ضَعْف الفِكْر البشري، وقوَّة المنهج الربَّاني، يقول أبو حيَّان في كتابه "الإمتاع والمؤانسة" (1/ 128): "إنَّ الشريعة متى فُصِلتْ من السياسة كانتْ ناقصة، والسياسة متى عَرِيتْ مِن الشريعة كانتْ ناقصة"، وعلى ذلك علينا ألاَّ نأخذَ من الغَرْب إلاَّ ما يُناسبنا ويناسب شريعتَنا وبيئتَنا، ونترك ما فَسَد وما يُفْسِد.

 

الزلزال الفكري: صادرتْ فرنسا الكتاب، وأنَّه لا مجال لنَشْر هذا الكتاب؛ لأنَّه يتعارض مع النظرية الدارونية، ونحن نأخذ من الغَرْب الطيِّبَ والخبيث دون تمييز، بدافع الجَرْي وراءَ التقدُّم، وما نجري إلا وراءَ سراب!!

 

خامسًا: أساليب تغلغُل العلمانية الغربية إلى العالَم الإسلامي بيْن القديم والمعاصر:
- الاحتلال الغربي: طبَّقَ الاستعمار أفكارَ العلمانية على البُلدان الإسلامية والعربية التي احتلَّها، ومِن أبرزها تركيا بعدَ ما كانتْ مقرَّ الخلافة الإسلامية، حيث يقول كيث بوكانان: "هناك تحوُّل في إستراتيجيات الاستعمار مِن مباشِر رسْمي إلى استعمار غير رسمي، مقنَّع ومستتر، في صورة هيمَنة وتبعيَّة ثقافيَّة واقتصاديَّة، وهذه إستراتيجية أكثر تعقيدًا والْتواءً من الامبريالية الرسمية".

 

- دور المستشرقين وترسيخ ثقافة التشكيك: كَتَب المستشرِقون كثيرًا من الكذب والتشويه عن الإسلام والمسلمين، والنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومِن أبرز ما كتب (جولد تسيهر): "فتبشير النبيِّ العربي ليس إلاَّ مزيجًا منتخبًا من معارفَ وآراء دِينيَّة، عرفها أو استقاها بسبب اتِّصاله بالعناصر اليهوديَّة والمسيحيَّة وغيرها، التي تأثَّر بها تأثرًا عميقًا، والتي رآها جديرةً بأن تُوقِظ عاطفةً دينيَّة حقيقيَّة عندَ بَنِي قومه".

 

- محاولة إضعاف اللغة العربية: بعد أن عَجَز المستشرقون في تشكيك المسلمين في الإسلام ونَبيِّ الأمَّة، لجؤوا إلى الوسائل التي تُضعِف اللغةَ العربية؛ لأنَّها لغة القرآن، وحجَّتهم في ذلك أنَّ اللغة العربية تحتاج للتطوير.


- دور اليهود في أوربا:
كان لامتلاك اليهود رؤوسَ الأموال نتيجةَ الثورة الصناعيَّة أثرٌ بالغ في سيطرتهم على الإعلام، وبالتالي محاربة الإسلام مِن خلال نشْر النظريات الماركسية والدارونية.

 

قنوات التيار العلماني في العصر الحالي:
- وسائل الإعلام: تقوم وسائلُ الإعلام حاليًّا بدَور فعَّال ومؤثِّر في نشْر الثقافات، سواء الهادفة أو الضالة، وكان لوسائل الإعلام في هذا العصر تأثيرٌ بالغ في محاربة الإسلام، يقول وزير العدل الفرنسي (Jack tobon): "إنَّ الإنترنت بالوضع الحالي شكْلٌ جديد من أشكال الاستعمار، وإذا لم نتحرَّكْ، فأسلوب حياتنا في خطر".

 

- السيطرة الإعلامية: أغلبُ وسائل الإعلام العربية مصدرُ أخبارها الوكالات الغربية، حيث إنَّ الغرب يُسيطِر على تسعين بالمائة من الوسائل الإعلامية.

 

- ومن أخطر وسائل ظهور الإعجاب بالغَرْب وقوَّة الغرب: أنَّ المسلمين حاليًّا يعيشون هزيمةً نفسيَّة، ويخشَوْن الغَرْب في كلِّ شيء، سواء في المجال العسكري أو الاقتصادي، فالغَرْب أضعفُ، وأحقرُ وأذلُّ مِن أن يخافَه مسلم.

 

- العولمة والنفوذ السياسي والنظام الدولي الجديد بدعوى حماية الضعفاء: وهذا يؤثِّر في كثير من المسلمين، فهذا يؤثِّر في الذي لا يعرِف حقيقةَ الغرب، من ذلك برامج مثل (أرض بدون حدود) و(سوق بلا حدود) و(الثقافة من غير حدود)، والعولمة الثقافية، وهي التدخُّل المباشِر في الثقافة الإسلامية للأسباب الآتية:

 

التشويه التاريخي للأمَّة الإسلامية، والتشكيك في القرآن الكريم والسُّنة النبويَّة، وإمداد العلمانيِّين بالدعْم المادي والمعنوي، فقد مُنِح - مثلاً - نجيب محفوظ جائزةَ نوبل على ثلاثيته، وتلميع المنتجات الثقافيَّة العلمانية، حتى تأخذَ الطابع العام في الفِكر والأخلاق والسلوك، والسعي نحوَ تغيير المناهج الإسلامية بدعوى مكافحةِ الإرهاب، وذلك للاستحواذ على عَقْل العالَم الإسلامي، وإضعاف العالَم الإسلامي عسكريًّا وسياسيًّا، وإنشاء المراكز الثقافية للسيطرة على الجانب التربويِّ والثقافي، مثل الدعوة إلى اقتباس الحضارة الغربية خيرِها وشرِّها، واحتقار الماضي الإسلامي تربويًّا وتاريخيًّا، وتطوير الأزهر، وتطبيق المناهج التعليمية الغربية، والدعم الصِّهْيَوني لبعض التوجُّهات العلمانية، مثل: "الاشتراكية"، و"القومية العربية"، و"الوطنية"، و"مضاهاة قديم الحضارة الأوربية مع قديم الحضارة الإسلامية".

 

فصل الدين عن الحياة: إن فصل الدين عن الحياة سبب لكثير من المفاسد؛ حيث إنه يتم فصل الجانب الروحي عن الجانب المادي أن إقصاء الدين عن الحياة كان سببًا في فساد أخلاقها وتوحشها وجبروتها.

 

أسباب بقاء الأمة:
اتِّباع شرع الله مِن القرآن الكريم، والسُّنَّة النبويَّة، وتوحيد الجهود والرُّؤى الإستراتيجية بين حُكَّام العالم الإسلامي، وتَمْتين العلاقة بينهم وبين شعوبهم، وتعديل التشريعات الوضعيَّة في بعض البلدان الإسلاميَّة؛ لتواكب ما شَرَعه الله - سبحانه وتعالى - وتوظيف المناهِج التعليميَّة، التي تُعْلِي من شأن المسلِم.

 

المصطلح الأول: الحداثة بين الاستيعاب والاستلاب، قراءة مفاهيمية ونقدية:
مصطلح الحداثة من أكثر المصطلحات انتشارًا، فالبعض يرى أنَّ ما أحدثه الإسلام من تغيير تاريخي على جميع الأوضاع هو بمقاييس الحَداثة نفسها حداثة، والبعض يرى أنَّ الاجتهاد هو حداثةُ المسلمين، والبعض يرى أنها البُعْد عن التراث والقِيَم، والاتجاه للثقافة الغربية بجميع مزاياها وعيوبها.

 

قراءة في الجهاز المفاهيمي للحداثة:
لغويًّا: قيل عنها: "الحديث نقيض القديم".
ودِينيًّا: ((إيَّاكم ومُحْدثاتِ الأمور..)).
أما الدلالة الاصطلاحية للحداثة: قال أحدهم: "مسار تاريخي كوني"، وقال آخر: "إنَّ الحداثة عملية متكاملة، فهي اكتسابُ معرفة متقدِّمة، ورفع مستوى المهارات، واستيعاب التكنولوجيا المتطوِّرة، وإنتاجية منافسة".

 

وهي: "حركة ظهرتْ في أواخر القرن العشرين، تدعو إلى إعادة تفسير التعاليم الكاثوليكيَّة التقليدية في ضَوْء النظريات التاريخيَّة والفلسفيَّة والنفسيَّة، وتدعو إلى حرية الضمير، وترى أنَّ العهدين القديم والجديد مقيَّدان بزمانهما، وأنَّ هناك تطورًا في تاريخ الديانة الإنجيلية"، وانتشر هذا التعريف بين المثقَّفين العرب، وقالوا: إنَّ الحداثة وحدة واحدة، لا فرق بيْن الحداثة العربية والغربية، ودعا أحدهم إلى "الإصلاح والتجديد في الإسلام".

 

الحديث: مأخوذة عن كلمة فرنسية (Moderne)، التي تدلُّ على ما هو معاصر، وعلى ما هو محدَّد تاريخيًّا، وتتعارض مع ما هو قديم، وهي تُستعمل لتحديد الفترة الانتقالية في أوربا من العصور الوسطى المظلِمة إلى عصْر النهضة الأوربية.

 

التحديث: هو نقْل العلوم التي تلائِم مجتمعاتِنا ودينَنا، ودون تغريب، يقول الدكتور محمد الماتع في كتاب "الحداثة مناقشة هادئة لقضية ساخنة": "إنَّنا بصدد فِكْر هدَّام يتهدَّد أمتَنا وتراثَنا، وعقيدتنا وعلمنا، وعلومنا وقِيَمنا، وكلَّ شيء في حاضرنا وماضينا ومستقبلنا".

 

الحداثة القِيميَّة المعياريَّة: وتدعو الحداثة العصرية - والتي هدفُها التخلُّص من الفِكر المادي الإلحادي - إلى إحياء القِيَم التي يؤمن بها رائدوها (القِيَم المسيحيَّة /اليهوديَّة)، وإلى بَعْث التقاليد وتقويمها عوض نبذها، وإلى الموازنة بيْن العلم والدِّين، وإلى احترام الطبيعة، وقام الباحثون العرب بتطبيق تلك الفلسفة على القرآن.

 

الإطار التاريخي للحداثة:
- الحداثة اللاتينية أو القديمة: نشأتْ مع الثورة الفرنسية سنة 1789، ومن مبادئها التمرُّد على الكنيسة وتسلُّطِها واستبدادها (سياسية)، فقد جاءتْ على شكل تمرُّد على الدِّين، ممَّا أفْضَى إلى الفَصْل الصارم بين الدِّين والدولة، وصدور قانون اللائكية (العلمانية) سنة1905، ومن سِماتها أيضًا: إقصاء كلِّ تفسير دِيني للعِلم.

 

- الحداثة الأنجلوسكسونية: نشأتْ قريبًا من الفترة السالفة الذِّكْر، وتتشابه مع الحداثة اللاتينية، وتَدْعو إلى ضمان الحقوق: (حقوق الطبقات البورجوازية وذوي النفوذ، ولم تَمْدُد إلاَّ لاحقًا بعضَ الحقوق للمواطنين العاديِّين، والرعايا الإنجليز)، وتتماهى معها في التسابق على الأسواق واستعمار العالَم، انطلقت حركةُ الحداثة في إنجلترا (الحركة الأنجليكانية) عندما وقف البابا "شارل الخامس" موقفًا منحازًا في الصِّراع الدائر بين إسبانيا وإنجلترا، فعزَّز هذا الموقفُ نفوذَ إسبانيا داخلَ أوربا، وضايق الأطماع الإنجليزية في التوسُّع الاقتصادي والترابي في أوربا.

 

دعائم ومقومات الحداثة:
يُجمع أغلبُ الحداثيين على أن أُسس الحداثة تقوم على الركائز التالية:
العلمانية: يشتمل على نمطٍ في التفكير يتعلَّق برؤية عامَّة للكون والحياة، ولا يقتصر على تصوُّر للحكم فقط، بل إنَّه مشتق من العالم كبديل للرؤية اللاهوتية، التي ترى أنَّ هذا العالم محكومٌ بقوة غيبيَّة، مفارِقة لهذا العالم، تُقدِّر مصايره، وتتحكَّم في أقداره، وقد ميَّز الدكتور عبدالوهاب المسيري - رحمه الله - بيْن نوعيْن من العلمانية:
- العلمانية الجزئية: هي رؤية جزئيَّة للواقع، لا تتعامل مع الأبعاد الكُليَّة والمعرفيَّة، مِن ثَمَّ لا تتسم بالشمول، وتذهب هذه الرؤية إلى وجوب فصْل الدِّين عن عالَم السياسة، وهو ما يُعبَّر عنه بعبارة: "فصْل الدِّين عن الدولة".
- العلمانية الشاملة: رؤية شاملة للواقِع تحاول بكلِّ صراحة تحييدَ علاقة الدِّين والقِيم المطلقة والغيبيات بكلِّ مجالات الحياة، ويتفرَّع عن هذه الرؤية نظرياتٌ ترتكز على البُعْد المادي للكون.

 

حِيَل ووسائل العلمانيِّين الجديدة:
ترجمة المصطلح - كما ذكرْنا آنفًا - الذي يدلُّ على "لا دينية" في اللغات الأوربية إلى "علمانية"، وترويج المفهوم الغربي المادِّي للدِّين، وأنَّ هناك طوائف دينية أخرى (السنة، والشيعة، والأكراد، والنصارى).

 

منهج التفكير العلماني:
1- العداء للإسلام، ويتمثل في:
أ- العداء لدِين الأمَّة الإسلامية: تصريحاتهم وكتاباتهم تدلُّ دلالةً قاطعة على عدائهم الدفين لدِين الإسلام.
ب- العداء لتاريخ الإسلام: من ذلك تطاولهم على خيْر البَشَر بعدَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم .
ج- تقزيم القضية الفلسطينية: باعتبارها قضيةً لا تَهُمُّ المسلمين.
د- التمويه بالمصطلحات والأفكار الوهمية: ويتجلَّى ذلك في طرْح تصوُّرات الغرب رغمَ بُعْدها عن التطبيق دون مراعاة ثقافة المسلمين.

 

2-العقلانية:
وهي تحكيمُ العقْل في كلِّ شيء من حولك، فلا يتمُّ قَبول إلا ما وافق عليه العقل، والرفض لكلِّ شيء يرفضه العقل، يقول الشيخ محمد عبده: "إذا أردتَ أن تحكم على الغَيْب بعقلك القاصِر، فأنت تَزِن الحجر بميزان الذهب".

 

3- العلم:
وهو الابتعادُ عن الغيبيات، والرجوع للعِلم في كل شيء، وبذلك نَقبل كلَّ ما تُثبته التجارِب والبحوث، ونرفض خلاف ذلك.

 

يقول الدكتور الأنتربولوجي - الحداثي أحمد أبو زايد: "فالتفكير العلمي يتميَّز بالعقلانية، والمنطق الواقعي الذي يرتفع عن مستوى الخُرافات، التي تؤلِّف جانبًا لا يُستهان به من التراث الثقافي (يقصد الإسلام توريةً) لدَى كلِّ الشعوب، بما في ذلك التراث الثقافي العربي".

 

ويمكن الرد على الدكتور في النقاط الآتية:
أ- أن الإسلام قد حثَّ على طلب العلم؛ يقول الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن سَلَك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة))، شريطة عدم مخالفتها للضوابط الشرعية.
ب- وأنَّ مشكلة التعارض بين الدِّين والعلم - على حدِّ تعبير الدكتور عبدالحليم محمود - إنما نشأت في أوروبا، ويقول إتيان دينيه: "إنَّ العقيدة الإسلامية لا تقف عقبةً في سبيل الفكر، فقد يكون المرءُ صحيحَ الإسلام، وفي الوقت نفسِه حرَّ الفكر"، وقد حاول موريس بوكاي أن يكتشفَ تناقضًا بين حقائق العلم وحقائق القرآن الكريم، فلم يستطع.

 

4-الحرية الفردية / الليبرالية: وهي أن يكون الإنسان غيرَ مُقيَّد، ولا تحكمه شريعةٌ إلهيَّة، ويفعل ما يشاء في أيِّ وقت يشاء؛ قال - تعالى -: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18].

وفي المذهب الليبرالي كلُّ شيء قابل للنِّقاش والجدال، سواء القرآن الكريم، أمِ السُّنة النبوية، وهذه الحرية المطلقة أدَّتْ إلى لعديد من الانحرافات في السلوك الاجتماعي.

 

5- الديمقراطية: وهي أن تكونَ المرجعية في الأحكام الدِّينيَّة والدنيويَّة إلى الشعب، ولا أدلَّ على ذلك من اشتقاق كلمة الديمقراطية من كلمتين يونانيتين: Demos؛ وتعني: الشعب، وkratos؛ وتعني: السلطة، والعبارة تعني: "سلطة الشعب"، ومفاد ذلك كله إرضاءُ الشعب، ولو كان ذلك على حساب القِيَم الدينية الإسلامية.

 

وقد اختلف علماء الإسلام فيها، فمنهم مَن يرفض المصطلح؛ لأنَّه نظام مِن وضْع البشر، وبالتالي مخالِف للشريعة الإسلامية، ونشأته كانت في أوربا حيث كانوا يزعمون أنَّ الحاكم اختاره الله في الأرض، فكانوا يظلمون الناس بهذا الزَّعْم، فقام صراع بينهم وبيْن النّاس، وقام فلاسفةٌ ومفكِّرون، وبحثوا موضوع الحُكم، ووضعوا نظامًا لحُكم النَّاس - وهو النظام الديمقراطي - يكون الشعب فيه هو مصدرَ السلطات.

 

ومنهم فريق يُؤيِّده، ويُمثِّله في الأصل قادة لحركات إسلامية باشَرتِ العمل السياسي، وقد أخذوا بالديمقراطية في الممارسة السياسيَّة، معتبرين إيَّاها مجرَّدَ آلية، وطريقة في الحُكم.

 

6- احترام حقوق الإنسان: وهو احترام الحقوق الفرديَّة والجماعية، وحماية الكرامة الإنسانية، حسبَ ما أقرَّتْه المواثيق الدولية، أما الشريعة الإسلاميَّة فكلُّ ذلك واضح تمامًا بها، ولا أدلَّ على ذلك مِن قول عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - لابن عمرو بن العاص - عندما شكاه القبطي -: "متى استعبدتُم الناس، وقد ولدتهم أمهاتُهم أحرارًا؟!".

 

7- النسبية: وهو أنَّ كلَّ شيء قابلٌ للتغيير والتبديل، فالصحيح والمغلوط، والجيِّد والرديء، ليس صفاتٍ مطلقة، وأنَّ كل شيء يتغيَّر ويتبدل حسبَ الظروف، وقد بيَّنتِ الشريعة الإسلامية أنَّ هناك ثوابت؛ (أي: الثبات في العقيدة، والفرائض، والشرائع القطعية..)، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ الله حدَّ حدودًا فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها، وحرَّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً بكم من غير نِسيان، فلا تبحثوا عنها)).

 

* الحداثة في مقابل الدين إسقاط لتجربة وتعميم لما هو خاص:
علينا ألاَّ نأخذ من الغرْب الجانب التربوي، ولكن أخذ المنهج العلمي المطابِق للشريعة الإسلاميَّة حتى يكون هناك بمعنى مسايرة الجانب المعرفي، وليس الجانب التربوي، يقول برترانرد راسل: "كانت اليابان دولةً متخلِّفة اقتصاديًّا، ولم تكن تشعر أبدًا أنَّها متخلفة ثقافيًّا".

 

المصطلح الثاني: مصطلح "الإسلام السياسي" بيْن مكر الإعلام الغربي، والهجوم العلماني، والحزبية الضيقة لأبناء الحركة الإسلامية:
انجذب المستشرقون نحوَ الإسلام دراسةً في العقيدة والمعاملات والحضارة، وأنَّه نقطة اصطدام بين الحضارات، ولكن الإسلام هو دين الرِّسالة العالمية للناس جميعًا؛ {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، بعكس باقي الدِّيانات مثل اليهودية والنصرانية، وظهرتْ مصطلحات صنَعَها الغرب، منها: "الإسلام الرسمي"، "الإسلام التقليدي"، "إسلام الحركات الإسلامية"، "الإسلام السياسي"، "الإسلام الأصولي"...إلخ.

 

أزمة المصطلحات، وأثرها على الصِّراع الحضاري:
إنَّ مدلولات المصطلحات تؤثِّر سلبيًّا على الإسلام، حيث إنَّ المشكلة ليستْ في شكل المفاهيم، ولكن في الجوهْر الذي يسعى لتمزيق الأمَّة، فنُلاحظ في مصطلح "الإسلام السياسي" مضمونًا يتناسب مع مقولاته، ويتوافق مع أطروحاته، ويحاول أن يوظِّف هذا المفهومَ في صراعه مع الاتجاهات الأخرى، خاصَّة الصحوة الإسلامية التي تؤرِّق الرأي العام الغربي، وتُقِضُّ مضجعَه.

 

السياسة.. جدلية الثابت والمتحول:
السياسة (لغة): القيام على الشيء بما يُصلحه، يقول ابن تيمية - رحمه الله - عن "العلم بالسياسة": "علمٌ بما يدفع المضرَّة عن الدنيا، ويجلب منفعتها".
والسياسة نوعان: سياسة عقلية، يكون تدبير مصالح الرعيَّة فيها موكولاً إلى العقل البشري، وتُسمَّى أيضًا سياسة مدنية، وسياسة شرعية، يكون تدبير مصالح العِباد فيها بمقتضى النصوص الشرعيَّة.

 

* مصطلح "الإسلامويَّة"..فن الاختراع:
وتعني عند العلمانيين: الاستخدامَ المتطرف جدًّا إلى درجة الغلو للعقيدة الإسلامية في النظرية والممارسة، ولا سيَّما الممارسة السياسية، وهو أن يُوظَّف الدِّينُ للسيطرة على مشاعر الناس؛ للوصول للحُكم.


* إشكالية مصطلح "إسلامي":

أوَّل مَن استعمل هذا المصطلح هو أبو الحسن الأشعري (ت324 هجري)، حيث عَنْوَن كتابه بـ (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين)، وهو يقصد به المدافعة عن العقيدة والدِّين في وجه المنحرِفين والضالِّين، أما اليوم فيُقصد به أبعادٌ سياسية أخرى.

 

الإسلام السياسي.. جدلية وإشكالية المفهوم:
الإسلام دينٌ إلهي تعبّدي خالص، بينما السياسة مصطلح عِلمي، وفن يقوم على الخديعة والمَكْر والنِّفاق.

 

المفهوم الغربي للإسلام السياسي:
مجموعة مِنَ الأفكار والأهداف السياسية، النابعة من العقيدة الإسلامية، والتي تستخدمها مجموعةٌ يُطلِق عليهم الإعلام الغربي "المسلمين المتطرِّفين"، أو "الحركات الأصولية".

 

- المفهوم العلماني للإسلام السياسي:
يُطلقه الحداثيُّون على أغلب الحركات الإسلامية التي تتمثَّل في تشكيل أيديولوجيات سياسية مستمدة من الدِّين، والمثال على ذلك: موقف وزيرة الأسرة والتضامن في المغرب (نزهة الصقلي) حيث طالبت بحَذْف أذان الفجر؛ لئلاَّ يُزعِج السُّيَّاح.

 

تاريخية المصطلح..إشكالية المفهوم والمصطلح:
أ- الجذور التاريخية للمصطلح: يرى الأستاذ عطية الويشي أنَّ أول مَنِ استخدم هذا المصطلح هو (هتلر)، لكن نرى أنَّ أول من استخدم مصطلح "الإسلام السياسي" هو الشيخ محمد رشيد رضا، لكن يُجمع أغلبُ المهتمين أنَّ هذا المصطلح لم يُستخدمْ بشكل مكثَّف إلاَّ بعد أحداث 11سبتمبر.

 

* في الفقه السياسي المعاصر.. بين سوء التطبيق، والفَهْم الضيق:
- التيار الأول: طائفة سدَّتْ على نفسها وعلى الناس من طرق السياسة الشرعية ما تستقيم به أمورُهم؛ ظنًّا منهم أنها منافية لقواعد الشرع؛ "والذي أوْجب لهم ذلك نوْعُ تقصيرٍ في معرفة حقيقة الشريعة، والتطبيق بين الواقِع وبينها".
- التيار الثاني: فرض باسم السياسة ما يُناقض حُكمَ الله ورسوله، من السياسات والقوانين الوضعيَّة، لمَّا رأتْ أن النَّاس لا يستقيم أمرُهم إلا بشيءٍ زائدٍ على ما فَهِمه أولئك المفرِّطون من الشريعة، "فتولَّد مِن تقصير أولئك في الشريعة، وإحداث هؤلاء ما أحدثوه من أوضاع سياستِهم شرٌّ طويل، وفسادٌ عريض.
- التيار الثالث: فِئة معاصِرة من الحركات الإسلامية، التي ضخَّمت من الجانب السياسي بمفهومه الغربي الحداثي وهولته، بل حولتْه إلى أصْل في مشرعها النضالي؛ مما حدَا بها إلى التنازل عن أهمِّ المبادئ الدينية، شرط مشاركتها في العملية "الديمقراطية العلمانيَّة": من إباحة الرِّبا، ومشروعية البيوت الراقية للزِّنا، وتوفير حانات الخمر للسيَّاح الأجانب، ومِن ثَمَّ للمسلمين.

 

* الحركات الإسلامية.. بين الحِزبية الضيقة، والدعوة إلى الإسلام:
إنَّ دعوة الإسلام هي عملٌ في صلب الدِّين، واندماج في قضاياه الإيمانية، وأحكامه الشرعية، واشتغال بنصوصه تربيةً ودعوة، سيرًا نحوَ مفهوم تجديد الدِّين في الأمة، بما هو دين، أنزل أساسًا ليُعبد به اللهُ في الأرض، بينما آل أمر "الحركة الإسلامية" إلى حركة سياسيَّة، ذات توجُّه إسلامي؛ فهي عملٌ باسم الدين، ورفْع لشعاره، تدور حولَه لا داخله، وإن كان الأصل فيها أنها تعمل من أجله؛ لأن السياسة الحزبية الحالية إنما هي صنيعة بشرية "براجماتية" أشبه ما تكون بالطائفيَّة؛ لخلوِّها في الغالب من المصالح العامة الحقيقية، اللهمَّ إلا ما كان شعارًا وكفى، فمصالحها إنَّما هي لبعض الناس، لا لكلِّ الناس، بينما الدِّين كله لله.

 

السياسة من واقع الإسلام:
إنَّ محاولاتِ إبعاد السياسة عن الدِّين غيرُ مرضية لكثير من المسلمين، حيث يعتقد الجميع أنَّه لا مناصَ مِن تحكيم شرْع الله، وقد وضع الإسلام نظامًا للحرب، ونظامًا للسلم، وذلك في قوله - تعالى -: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61]، {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].

وفي مجال الاقتصاد قد حاربَ الفقر حربًا لا هوادة فيها؛ فعمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - حين رأى يهوديًّا مسنًّا يسأل الناس قال: "والله ما أنصفناه؛ أخذْنا منه في شبيبته، وننساه في شيبته، اضربوا له مِن بيت المال"؛ أي: اجعلوا له خراجًا يعيش منه، نفس الشيء ينطبق على جميع شؤون الحياة (الثقافة، التعليم، الصحة، العلاقات الدبلوماسية...)، والسياسة من باب الإيمان – كما يرى بعضُ العلماء المعاصرين - تعني الثِّقةَ بأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - لا يضيع أجْرَ من أحسن عملاً.

 

المصطلح الثالث: مصطلح "الأصولية" بين الافتراء والتشريف، الأصولية وإلباس الحق بالباطل:
الصحوة الإسلاميَّة الحالية من أهمِّ عوامل القَلق لدى الغرب، فهم يعلمون أنَّ حضارتهم قائمةٌ على أصول خاوية، وأنَّ الحضارة الإسلامية لو أخذتْ فرصتها لضيعتِ الحضارة الغربية الفاسدة؛ لذلك فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بدأتِ النظرات تتوجَّه نحوَ العالم الإسلامي، وبدأتِ الدراسات، ومنها التقرير الذي موَّلتْه مؤسسة راند للمحافظة الأمريكية، وعنوانه: "الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء والمصادر والإستراتيجيات"، ويدعو إلى إحداث صِلات وثيقة مع القوى الإسلامية المحبَّة للغرْب، مثل الصوفيِّين والعلمانيين الحداثيِّين.

 

معنى الأصولية: من المصطلحات الشائِعة المستوردة مِنَ الغرْب، والغرض منه التنفير من الإسلام، وهي التصرُّف أو التكلُّم وَفقَ الأصول المرعية، دينيًّا، أو علميًّا، أو أخلاقيًّا، أو قانونيًّا، أو وراثيًّا، أو ما إلى ذلك، مع الالْتزام بمقتضاها، دون تحريف أو تزييف.

 

- في الثقافة الإسلامية: هو المعين على فَهْم النصوص الشرعيَّة، سواء في ذلك نصوص الكتاب أو السُّنَّة، وعليه مدار الأحكام الفقهية، وقد عرف الغزالي هذا العلم بقوله: "هو عبارةٌ عن أدلَّة الأحكام، وعن معرفة وجوه دلالاتها على هذه الأحكام"، وأبو الحسين البصري في تعريفه: "هو طرق الفِقه على طريق الإجمال، وكيفية الاستدلال بها، وما يتبع كيفية الاستدلال بها"، وعرَّفه الشيخ أبو زهرة: "أصول الفِقه: هو العلم بالقواعد التي ترسم المناهجَ لاستنباط الأحكام العمليَّة مِن أدلتها التفصيلية".

 

- في الفكر العلماني.. زراعة الشجرة الخبيثة:
يُطلق عندهم على الحركات الإسلامية وتصورهم ذاك من الرسالات السماوية المحرَّفة، كالأصوليِّين اليهود الذين ينتمون للمذهب الأرثوذكسي اليهودي، وبعض الطوائف البروتستانتية النصرانية دون فَهْمٍ دقيق للأحكام الشرعيَّة الإسلاميَّة.

 

- في الفكر الغربي: موقف أولئك الذين يرفضون تكييفَ العقيدة مع الظروف الجديدة، أما لاروس الفرنسي الأكاديمي 1987 فيعرف (الأصولية) بأنَّها: "موقف بعض الكاثوليكيِّين الذين يرفضون كلَّ تطور عندما يُعلنون انتسابهم إلى التراث".

 

ومن أهم الاتجاهات الغربية التي فحصت إشكالية المصطلح:
* الاتجاه المنصِف: يصف (ماليس روتنين) بأنَّه يُطلق على تطوُّرات معينة في العصر الحديث، وتحول إلى مصطلح يُراد به إلْصاقُ تُهَم سلبية بجهة أو فكر.
* الاتجاه المعادي /المتحامل: ويمثِّل الأغلبية، وهو الاتجاه الذي يُطابق مطابقةً كلية بين الأصولية والإرهاب والعنف، ويمثِّل هذا الاتجاهَ الاستخباراتُ الأمريكية الصهيونيَّة ومنظروهم، مثل برنارد لويس، وصمويل هانتجتون، وثُلَّة من العلمانيِّين العرب مثل فؤاد عجمي، دون الفصل بيْن الإسلام في مبادئه السامية الراقية، وبيْن تصرُّفات المسلمين الغالين الطائشة.

 

الاتجاهات الغربية المنصفة وموقفها من الطَّرْح الهجين للمصطلح: يرى مراد هوفمان (الألماني الذي أسلم) الحركة الإسلامية باعتبارها إحياءً (تجديدًا) للدين بالرجوع إلى مصادره الأولى، ويقول برنارد لويس - رغم حِقْده الدفين، والحق ما شهدتْ به الأعداء -: "المنظَّمات الإسلامية هي الوحيدةُ التي تنبع من تراب المنطقة، وتُعبِّر عن مشاعر الكتل الجماهيرية المسحوقة، وبالرغم من أنَّ كل الحركات الإسلامية قد هُزِمت حتى الآن، غير أنها لم تَقُلْ بعد كلمتها الأخيرة".

 

الأصولية..سياقها التاريخي:
تعود لفرقة البروتستانت، التي تؤمن بالعِصمة الحرفية لكلٍّ كلمة     في "الكتاب المقدَّس"، وآخرون يرَوْن أنَّها تعود للأصولية الصِّهْيونية المسيحية، الذين يؤمنون ويُبشِّرون بفكرة "هَرْمَجِدُّون"، وهي أنَّ حربًا نووية سوف تقع في أرض فلسطين، تحرق مئاتِ الملايين من المسلمين، وسيعود المسيح الذي سينقذ مَن بقي من يهود ومسيحيين متجدِّدين، ويقيم مملكةً على الأرض، فيعم السلام ألف عام، وآحرون يرون أنَّ مصطلح "الأصولية" في الأصل والأساس ظهرَ مع الكنيسة الكاثوليكية.

 

في الثقافة الشرعية.. الغلو لا الأصولية:
لغلو: هو مجاوزة الحد، والمعنى الاصطلاحي: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "الغلو: مجاوزة الحد بأن يُزاد في الشيء في حَمْده أو ذمِّه على ما يستحقُّ، ونحو ذلك"؛ وذلك لأنَّ الحق واسطةٌ بيْن الإفراط والتفريط، والغلو لفظة شرعيَّة وردتْ في الكتاب والسُّنة، وهي مِن "غلا": إذ زاد وارتفع، وجاوز الحدّ، وقد جاء ذلك في قوله - تعالى -: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ} [النساء: 171].

 

وهو نوعان:
الأول: غلو اعتقادي، كغلو النصارى في عيسى ابن مريم - عليه السلام - وغلو الرافضة في الأئمة.
والثاني: غلو عملي، وهو المتعلِّق بالأمور العملية التفصيليَّة من الأقوال والأفعال، بما لا يترتَّب عليه اعتقاد، مثل رمي الجمار بالحَصَى الكبيرة، والزيادة في العبادات، كالوصال في الصوم.

 

لماذا الهلع الغربي - العلماني من "الأصولية الإسلامة"، عفوًا "الصحوة الإسلامية"؟
من المبشِّرات بأنَّ المستقبل للإسلام، وهي حَدَث تاريخي له دلالته الواقعية، فهي تجيء من جهة بعد الجهد الكبير الذي بذلتْه القوى الصليبيَّة والصِّهيونيَّة على مدى ما يقرب من قرنين من الزمان؛ لزحزحة الأمَّة المسلِمة عن دينها، وسلْخها منه، وتجيء من جهة أخرى والبشرية في أحد منعطفاتها التاريخيَّة، وقد بدأت تيئس من حضاراتها المادية الجافَّة، وبدأتْ تتطلع إلى المخلِّص، والمنقذ الجديد، ومِن هنا ربطوا خلطًا بيْن الأصولية والصحوة الإسلامية.

 

أهم مظاهر الصحوة الإسلامية:
انتشار الدعوة الإسلامية في صفوف المثقَّفين من الأطبَّاء والمهندسين والمحامين، وأصحاب الثقافات الحديثة، وعودة كثير من الشباب إلى الإسلام رغمَ محاولات الأحزاب العلمانيَّة والإلحادية، والقومية والماركسية، التي بُذلَتْ لصَرْفهم عن ذلك، حتى أصبحتْ كثير من هذه الأحزاب تُعاني من الكساد في ترويج أفكارها.

 

والندوات والخُطب الإسلامية أصبحتْ من الظواهر الاجتماعية، وأصبح الكتاب الإسلامي أكثرَ الكتب رواجًا في الأسواق، مع كساد كُتب الأدب الرخيص.
وعودة كثيرٍ من النساء إلى الحِجاب الشرعي، بالرغم من محاولات التضليل والافتراء.
وتوبة عدد كبير من الممثِّلات والمغنِّيات، وعودتهنَّ إلى الإسلام، واعتزازهن بذلك.
وعودة الشباب المسلم الذي يدرس في أوربا وأمريكا إلى الإسلام، فَهْمًا وعملاً ودعوة.

 

المصطلح الرابع: الثقافة الجنسية بين الضوابط والانفلات، من أجل "تربية جنسية" شرعية سليمة:
الغَرْب يريد نشْر الرذيلة في العالَم الإسلامي؛ حتى تنهارَ الأخلاق، وعلى حدِّ تعبير بروتوكولات حكماء صِهْيون: "يجب أن نعملَ لتنهارَ الأخلاق في كلِّ مكان، فتسهل سيطرتنا.. إنَّ فرويد منَّا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضَوْء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب شيءٌ مقدَّس، ويُصبح همُّه الأكبر هو إرواءَ غرائزه الجِنسيَّة؛ وعندئذ تنهار أخلاقه".

 

* التربية الجنسية وتدافع الرؤى:
إنَّ مناقشة التربية الجِنسيَّة من أمور الدين، ولذلك نجد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - تكلَّم وأجاب عن كلِّ سؤال طُرِح عليه في هذا الشأن، فالأصل: أنَّ الوعي بالتربية الجنسية جزءٌ أصيل في الفِكر الإسلامي، فلا يَمنع الإسلامُ السؤال عن الجنس، والمثال على ذلك: الشاب الذي استأذن الرسولَ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الزِّنا، وكيف ردَّه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكذلك سؤال الصحابة للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكون له فيها أجْر؟ قال: ((أرأيتم لو وضعَها في حرام، أكان عليه فيها وِزر، فكذلك إذا وضعَها في الحلال كان له أجْر))؛ رواه مسلم.

 

فالثقافة الجنسية يحثُّ عليها الإسلام - كما يحث على أيِّ ثقافة - بشرْط أن تتمَّ بقدر فَهْم الفتي والفتاة لهذه الأمور، وفَهْم واستيعاب ثقافة شرعيَّة تُعينه على تخطِّي منغِّصات مرحلة المراهقة، ثم الاستعداد لحَياته الزوجيَّة ذات المقاصِد النبيلة.

 

ولكن عند العلمانيِّين "التربية الجنسية" هي الكلام، والخَوْض في كلِّ ما هو مسكوتٌ عنه دون حياء، أو التزامات وضوابطَ شرعية، فلديهم السلامة النفسيَّة، والعُقدة النفسية.

 

الثقافة الجنسية، والتربية الجنسية:
زيادة الوعْي بالثقافة الجِنسيَّة، والحدُّ من انتشار الأمراض الجنسيَّة، والقضاء على الكثير من الممارسات الخاطئة، والتي مِن سببها عدم الوعي بالتربية الجنسية، وللقضاء على ظاهرة انتشار الجرائم الاجتماعية: "زنا المحارم والأقارب"، و"اغتصاب الأطفال"، وبيان تعاليم الدين الإسلامي مِن مبادئَ وتشريعات وقِيَم.

 

والثقافة الجِنسية الخارجةُ عن ضوابط الشرع الإسلامي تؤدِّي - لا محالة - إلى تدمير المجتمعات؛ يقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وما تشيع الفاحشة في قوم قطُّ إلا عمَّهم الله بالبلاء)).

 

وبيان أنَّ العلمانيين يسيرون على النهج الغربي في كلِّ شيء، وأنهم يُروِّجون لسلعتهم الواقي الذَّكَرِي، وبيان خطر الدعوة للاختلاط؛ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا ظهر الرِّبا والزِّنا في قوم، أَذِن الله بهلاكها))، وتطاول العلمانيِّين على الفتوى؛ رغم أنهم ليسوا أهلاً لها.

 

* المؤتمرات الدولية للمرأة، ودَوْرها في نزْع حجاب العِفَّة، وعولمة الحرية الجنسية غير المنضبطة:
يعلم الغرب أنَّ أساس تماسُك الأسرة هو المرأة؛ لذلك يُخطِّطون للنيل منها أولاً حتى ينهدم البناء، ومِن هنا كانت المؤتمرات التالية للمرأة، ابتداء من "نيروبي عام 1985"، ومؤتمر بقمة الأرض في "ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1992م"، و"المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا في النمسا عام 1993م"، و"مؤتمر السُّكَّان والتنمية في القاهرة بمصر عام 1994م"، و"المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين بالصين عام 1995م"، و"مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في إستانبول بتركيا عام 1997م"، ثم "مؤتمر المرأة في نيويورك عام 2000م"، وجميعها تسعى للحرية الجِنسيَّة، وحرية الإجهاض، والعُري والإباحية، فهم ينظرون لمفهوم الأسرة بالمعنى الذي يشرعه الدِّين ليس إلاَّ مفهومًا عقيمًا، وقيدًا على الحرية الشخصية.

 

الثقافة الجنسية في الغرب.. سقوط المبادئ، وزيف الادعاءات:
يشغل الجنسُ معظمَ اهتمامات العالم الغربي في الإعلام، وكلَّ نواحي الحياة؛ ممَّا أدَّى إلى الفوضى الجِنسية بينهم، وبالتالي أدى لظهور أبناء بأمهات وبدون آباء مَدَى الحياة، حيث يوجد 300 ألف مولود سنويًّا بلا أب شرعي.

 

الفرق بيْن الثقافة الجنسية للأمم المتحدة، والتربية الجنسية من منظور إسلامي:
تُعرِّف الأمم المتحدَّة الثقافة الجنسية بأنها: "توفير معلومات كاملة ودقيقة عن السلوك الجِنسي الإيجابي المأمون والمسؤول، بما في ذلك الاستخدامُ الطوعي لوسائل الوقاية الذَّكريَّة المناسِبة والفعَّالة؛ بُغيةَ الوقاية من فيروس الإيدز..".

 

أ- الثقافة الجنسية الغربية: مع الانفلات الجِنسي في العالَم الغربي، اضطر إلى إيجاد وسائل لمكافحة الأمراض، منها:
1-استعمال العازل الطبي: في وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان عام (1994م)، جاء تحت بند معالجة الإيدز: "ينبغي العمل على إتاحة الواقي الذَّكَري والعقاقير؛ للوقاية والعلاج من الأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي على نِطاق واسع، وبأسعار متهاودة، مع إدراجها في جميع قوائِم العقاقير الأساسيَّة".
2- الإخلاص للشريك: تعني كلمة "شريك" في مواثيق الأمم المتحدة: أي نوع من المساكنة بيْن اثنين، رجل وامرأة (ولو بدون رِباط شرعي)، أو معاشرة بيْن رجلين (اللواط)، أو امرأتين (السحاق)؛ ترويجًا لمصطلح "الجندر".
3- الامتناع: المقصود بالامتناع في لغة الأمم المتحدة هو: الاستمناء باليد - العادة السرية المزدوجة - ممارسة الجِنس بدون تلامُس الأعضاء التناسلية - ممارسة الجنس الفموي بدون قَذْف بالفم، كما دَعَوْا إلى يسمُّونه بـ "الإجهاض الآمن" (Safe Abortion)، هذا الإجهاض الآمن الذي يروِّجون له بطريقة أو بأخرى، هو إجهاض أجنَّة الزِّنا، والحمل غير الشرعي.

 

ب- التربية الجنسية في الإسلام: هي تعليم الجِنس، وتوجيه كِلاَ الجنسين من منظور ديني وأخلاقي نحوَ المسائل الجنسية، والتغيُّرات الجسمية التي يتفاجأ بها أبناؤها على حين غفلة، والابتعاد عن التعلُّم الاعتباطي الكيفي عن طريق أحدِ أصدقاء السُّوء، أو عن طريق التجارِب الخاطئة.

 

بداية التربية الجنسية:
اعْتنى الإسلام بالتربية الجنسية اعتبارًا من الطفولة؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقصُّ الشارب، وتقليم الأظافر، ونَتْف الإِبْط)).

 

المرحلة الأولى: ما بين سن (7 - 10سنوات):
وهي مرحلة ابتدائية، يُعلم الصبيان ومَن هم قَبْل البلوغ الصلاةَ والوضوء لها، ونواقض الوضوء، وأحكام الطهارة، وكذلك الصوم... إلخ، ثم التفريق في المضاجع؛ يقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((.. وفرِّقوا بينهم في المضاجِع))؛ رواه أبو داود في سننه، ويَتعلَّم فيها الأبناءُ آدابَ الاستئذان، وغض البصر، بحيث يحرم على المولى النظر إلى غير المحارم، وبالتالي ينشأُ الطفل صحيحًا معافًى مِن الانحرافات الجنسية.

 

المرحلة الثانية: ما بين سِن (10 - 18):
يتمُّ في هذه المرحلة تغيُّرات فسيولوجية، ولا بدَّ من أن تهتمَّ الأسرة والمدرسة بذلك الأمر، ومن ثم يجب وضْع منهج للتوجيه الجنسي الرشيد، ومنها: أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - حذَّر من الاقتراب من الزنا في قوله: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء: 32].

 

وكذلك على المراهِق أن يتذكَّر دائمًا أنَّ له محارمَ، يجب أن يراعي الله فيهم، وَفْقًا لما جاء في الحديث النبوي الشريف، وتنمية العِفَّة والطهارة لدَى الفَرْد؛ {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُم اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33].

 

المرحلة الثالثة: 18 سنة فما فوق:
يكون دور الوعَّاظ والعلماء والآباء في بيان الجِنس بكلِّ تفاصيله بعبارات مُغلَّفة بالوقار والحياء، وبيان حاجَةِ الكَوْن إليه؛ للحفاظ على النَّسْل، وواجبات الزوج نحوَ زوجته، وواجبات الزَّوْجة نحو زوجِها، ولا ننسى دَورَ الأطباء في القيام بدورات لبيان أضرار الممارسات الجنسية الشاذَّة.

 

الموقف الإسلامي من العلاقة بيْن "التربية الجنسية"، و"العلاقات الجنسية":
يَجمع القرآن الكثيرَ من الآيات التي توضِّح العلاقات الجنسية الآمنة؛ قال – تعالى -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ * نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقر: 222 - 223]، وقال الله – تعالى -: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187]، قال الله – تعالى -: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]، والكثير من الآيات والأحاديث التي توجِّه للعملية الجنسية الصحيحة بشروطها وضوابطها.

 

* الأسس والضوابط الشرعية للتربية الجنسية:
أ- ضبط الوسائل الحديثة: ومنها القنوات الفضائية، وشبكة الإنترنت، وما تحتويه من فساد، ونشْر رذيلة، وما ظهر بما يُعرف بفن التمثيل، وما يُشيعه من نشْر الفواحش.
ب - البعد عن وسائل الإثارة: على الوالدين والقائمين على تربية المراهقين تجنيبهم كلَّ ما يؤدِّي إلى الإثارة، ومن ذلك مراقبتهم عندَ استعمال شبكة الإنترنت والفضائيات، وتوجيههم إلى قراءة كتاب الله، ومدارسة العلوم الدنيويَّة النافعة للأمَّة.
ج - لبس الحجاب بالنسبة للفتيات: فهو صَوْن للفتاة من الأذى، والتحرُّش الجنسي، ووقاية للشاب من الفِتنة؛ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما تركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء)).
د - منع الخلوة والاختلاط بين الرَّجل والمرأة: ولقد حرَّم الإسلام الدخولَ على النساء غيرِ المحارم؛ لسدِّ ذرائع الفتنة، ونزغات الشيطان؛ فعن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يَخلونَّ أحدكم بامرأة، فإنَّ الشيطان ثالثُهما))؛ رواه أحمد.
هـ - غض البصر: هو أدبٌ نفسي رفيع، ومحاولة للاستعلاء على الرَّغْبة في الاطلاع على المحاسن والمفاتن؛ فقد جاء عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((النظرة سهمٌ من سِهام إبليس مسموم، مَن تركه مخافتي، أبدلته إيمانًا يَجِدُ حلاوتَه في قلْبه))؛ أخرجه الطبراني بسنده عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه.
و - الزواج المبكر: وهو أحسن وسيلة للتخلُّص من الفاحشة لِمَن تيسَّرت له سُبل الزواج؛ تحقيقًا لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا معشرَ الشباب، مَن استطاع منكم الباءةَ فليتزوَّجْ، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفَرْج، ومَن لم يستطعْ فعليه بالصوم، فإنَّه له وِجاء))؛ أخرجه البخاري ومسلم.

 

الاهتمام المتزايد من الغَرْب، وحرصه الشديد على فَرْض تحديد النسل:
انقسم المجتمع الإسلامي إلى فريقين:
1-الفريق العلماني: الذي يُنادي في وسائل الإعلام المختلفة بألاَّ يزيد عدد الأطفال عن طِفل واحد، وكحَدٍّ أقصى عن طفلين، ويتحجَّج في رأيه بأنه لكي يستطيعَ الوالد أن يوفِّر رعايةً طبية مناسبة، وتعليمًا راقيًا، وغذاءً.  
2- أما الفريق الثاني: فيُمثِّله أبناء الصحوة الإسلامية؛ فيقف بالمرصاد لكلِّ التوجهات التي تسعى جاهدةً إلى تخريب عقيدة المسلمين، ويقف حجرَ عثْرة أمام خداع الغرب وبَنِي علمان؛ فهو بهذا يرى تنظيم النَّسْل كما جاء في سُنة النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تزوَّجوا الودودَ الولود، فإني مكاثِر بكم الأمم يومَ القيامة))؛ رواه أبو داود. وروى عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أنكحوا أمهات الأولاد، فإنِّي أُباهي بكم يوم القيامة))، وقال – تعالى -: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6].

 

ظاهرة العنوسة:
وقد بدأتْ تنتشر في المجتمع الإسلامي مؤخَّرًا، وعزوف كثير من الشباب عن الزواج له مضارُّه الوخيمة، وعواقبه الخطيرة على الأمَّة، ومن المؤسِف أن يصل بعض الشباب إلى سِنٍّ  متقدمة وهو لم يُفكرْ بعدُ في الزواج؛ لذلك انتشر الانحلالُ والدعارة، وما وراء ذلك وما بعدَه، من المغازلات والمعاكسات، والعلاقات المشبوهة، والسفر إلى بيئات موبوءة؛ بسبب تعقيد أمور الزواج.

 

* الأسرة..النواة الأولى لبناء المجتمع:
يهتمُّ الإسلام بالأُسرة من البداية؛ فعَنِ أَبي هُريرة - رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالِها، ولِحَسَبها، ولِجَمَالها، وَلدينها، فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ))؛ متفق عليه.

 

فهذه هي معاييرُ الاختيار عند الناس، ولكن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - نبَّه إلى أهمها، والذي إذا فُقِد فلا قيمة للبقية مِن بعده، وهو الدِّين.

 

الديمغرافيا والنظرية المالتوسية الجديدة: "يوجينيا Eugenics":
الديموغرافيا: هو علم  خصائص السُّكَّان، وكان أول استخدام لها في عام 1855 في كتاب "عناصر إحصاءات البش"، أو "علم مقارنة خصائص السكان"، وهو يَدرس البشر عن طريق مجموعة من العلوم.

 

اليوجينيا: هو تحسين النسل وراثيًّا، وهي كلمة مشتقة من عبارة يونانية تعني: الفَرْد الطيِّب الحسب والنسب، النبيل العِرق، ويتم هذا التحسين بانتقاء مجموعة من الأفراد هم الأكثر صلاحيةً من غيرهم؛ لامتلاكهم صفاتٍ وراثيةً مرغوبةً، وتشجيعهم على الزواج بمَن كان مثلهم، وحملهم على التكاثُر، ومساعدتهم على تربية أطفالهم، وإجراء الفحوصات الجينية للراغبين في الزواج قبلَ إتمامه.

 

* لماذا ترويج فكرة تحديد النسل:
أدَّى انخفاض سكَّان الدول الغربية إلى بَحْثهم عن تقليل عدد سكَّان العالَم الثالث، ومنها البلاد الإسلامية؛ حتى لا يتفوَّقوا على الغَرْب، من حيث كثرةُ النفوس، التي هي من مقوِّمات تفوقهم من جهة التقدُّم العلمي والصناعي أيضًا، فأخذوا يَضغطون على بلدان العالم الثالث في فَرْض قوانين تحديد النسل، علمًا بأنَّ اليهود أيضًا من وراء العديد من أساليب تحديد النسل والعُقم في البلاد الإسلامية والعربية.

 

* منْع النسل جاهلية جديدة، وخدعة مفضوحة:
نهجتِ الصين سياسة "الطفل الواحد"، التي تُحتم من خلالها الحكومة الصينية على كل أسرة إنجابَ طفل واحد "فقط" كان ذلك في محاولة مستميتة من الحكومة للحدِّ من عدد السكَّان؛ للحفاظ على الهندسة المجتمعية للصين، ولإحداث توازن بين ازدياد عدد السكان والموارد البيئية والاقتصادية للبلاد، والآن مع اقتراب نهاية 27 عامًا من تنفيذ تلك السياسة بدأت تجني الدولة ثمارَ سياستها.

 

تحديد النسل، والاكتشافات العلمية:
ثَبَت علميًّا أنَّ استخدام أي نوع من وسائل تحديد النسل يعود بآثار، منها:
- اختلال في التوازن الهرموني بالجسم.
- زيادة وزن الجسم وتجمُّع كميات كبيرة من السوائل به.
- حدوث الْتهابات شديدة بالجهاز التناسلي للأم.

 

ثبت أخيرًا أنَّ استعمال موانع الحمل، ولا سيَّما الحبوب، قد يؤدِّي إلى حدوث بعض الحالات السرطانية، ولكن الذي نهى عنه الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو إرْضاع الطفل إذا حملتْ أمُّه؛ لأنَّ ذلك يؤثر على الرضيع تأثيرًا  سيئًا، مما يجعله ضعيفَ البِنية، وفي الهدى النبوي المسافةُ بيْن الحمل والآخر تستغرق ثلاثَ سنوات.

 

بُلدان العالَم الإسلامي، وفشل حُجج فِكرة تحديد النسل:
تؤكِّد بعض التقارير الاقتصادية في أحد البلدان العربية (الخليجية بالضبط) أنَّ ما يُصرف على إنجاح حملة تحديد النسل في عام واحد من سيَّارات وأطبَّاء، وممرضين وممرضات، وأدوية ومهمات، وعمليات جراحية، ومستشفيات، وغيرها يكفي لرعاية أكثرَ من مليون طِفل في حين أنَّ زيادة الأطفال في البلد لا تتجاوز رُبْع مليون طفل، ثم إنَّ في البلاد الإسلامية أقطارًا فيها المشروعات، ومجالات العمل، وليس فيها العُمَّال، مما يضطرها لاستيراد العِمالة من خارج البلاد، حتى من آسيا وأوربا؛ لتنفيذ العمران في هذه الأقطار.

 

* فتوى المسلمين من تحديد النسل:
قال – سبحانه -: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، أكَّد مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر: أنَّ تنظيم الأسرة لا يُعْتبر قَتْلاً للجنين؛ لأن التي تَستعمل وسائلَ تنظيم الأسرة لا تكون حاملاً في الأصْل، مشيرًا إلى أنَّ المباعدة بين الولادات وتأخير الحمْل جائز شرعًا؛ لعدم وجود نصوص تحرِّمه، سواء في القرآن الكريم أو السُّنة النبوية.

- وسائل منْع الحمل والموقف الشرعي: إنَّ الفقهاء المعاصرين أجْمعوا على القوْل بجواز استعمال موانعِ الحمْل بغَرَض تنظيم النسل، والمباعدة بين الولادات، لا تحديدًا، بل توقيتًا، وحتى يرتفعَ الحرج الداعي أصالةً لمنع الحمل المؤقت، ومنهم الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والدكتور وهبة الزحيلي، والشيخ علي الطنطاوي، والشيخ محمود شلتوت، وغيرهم من العلماء الأفاضل.

 

النسل الإسلامي..والافتراءات الغربية!
أ- الغرب، تاريخ النمو الديمغرافي السريع:
لكي ندركَ حساسية الغرب، ومِن ثَمَّ العلمانيِّين للزيادة السكانية المرتفعة في الوطن العربي والإسلامي، نُجري مقارنةً سريعة بين الأوضاع الديموغرافية لأوروبا في مرحلة ما قبل الثورة الصناعية الكبرى، والمعدلات الحالية للزيادة السكَّانية السنوية في الوطن العربي.

 

المشكلة الاقتصادية والاجتماعية للدول الإسلامية لا عَلاقةَ لها بالنمو الديمغرافي:
مِن هنا يرى بعضُ المهتمين بمشكلات التنمية من أبناء الدول النامية: أنَّ الدول المتقدمة أعطتِ المشكلة حجمًا وهالةً أكبرَ ممَّا تستحق، بهدف جعْل الدول النامية في حالة تبعية لها بشكل مستمر، بينما تعود مشكلة التخلُّف إلى أسباب ومشكلات أخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية، وليس بسبب النمو المطَّرد في عدد السكان.

 

ويرى آخرون: أنَّ سوء توزيع الموارد الاقتصادية بيْن دول العالم سببٌ من أسباب التخلف في الدول النامية.

 

ويرى فريق رابع: أنَّ هناك سوابقَ تاريخية يمكن الاستدلالُ بها على أنَّ الزيادة السكانية لا تمثِّل عائقًا أمام العملية التنميوية.

 

ب- الغرب حاليًّا، وفترة التآكل الديمغرافي:
يتميَّز الاتحاد الأوربي الموسَّع - كنموذج - بِغِنًى ثقافي متنوِّع، لكنه يَعرف تباطُؤًا ديمغرافيًّا واضحًا، إذ مجمل البلدان المنظمة مؤخَّرًا تعرف ديناميكية ديمغرافية، تتسم بتناقص مهول للسكان.

 

فهل سيعمل الاتحاد الأوربي على سياسته العائلية، أم سيُصبح مُجْبرًا على تبنِّي أبناء الجالية المسلِمة؟! وإلا فكيف نفسِّر تجنيس آباء الجالية المغربية المسلِمة في هولندا؟!

 

ج- أوربا.. محاولة العودة إلى الرشد:
نشرت مجلة V.S.D الفرنسية في أحد أعدادها ملفًّا حول المعاشرة الزوجية، ذكرتْ فيه حقائق مرعبة، وأنَّ الأوروبيين تنبهوا لهذا الأمر، فرجعوا فصاروا ينادون بالتناسُل لَمَّا رأوا عواقبَ قلة المواليد، أو ما يُعرف بـ "الهبوط في معدل النمو السكاني"، ومن أول هذه الدول فرنسا، إذ قرَّر برلمانها في إحدى جلساته منْحَ كلِّ امرأة - ذات الدخل المحدود - ما يعادل مرتَّبَ شهرين على كلِّ ولادة.

 

د- الغرب..والدعوة الماكرة لتحديد نسْل المسلمين، ومواقف أبناء الصحوة الإسلامية:
إنهم يسعَون إلى قتْلنا، ووأد عيالنا من أجْل الغَرَض نفسه؛ لكي نستمرَّ في الفقر، وليس من أجْل أن نحقِّق ازدهارًا وتنمية، وهي مؤامرة لترسيخ الاستغلال الاقتصادي، ومِن هنا يتبيَّن لنا أنَّ الزيادة السكانية التي تنعقد لها المؤتمرات، وتُقام لها المجالس والإدارات، وتطلق لها التصريحات والدعايات، وتُصنع منها للفشل شمَّاعات - مشكلةٌ مستوردة لا تخصُّ العالَم الثالث، بقدْر ما تخص الغرب، الذي ضاق بها في بلاده نقصانًا، وأخذ يُصدِّرها إلينا تنقيصًا!

 

هـ- فوبيا النسل الإسلامي الفلسطيني:
الهولوكوست الإسرائيلي ضدَّ الديمغرافية الفلسطينية: البروفسور أرنون سوفير، خبير الجغرافية والديموغرافية، يرى أنَّ "الرحم الفلسطيني ستقضي على إسرائيل"، وأنَّ رَحِم المرأة الفلسطينية واليهوديَّة أصبحَا عنصرًا حاسمًا في الصِّراع  الوجودي المرير بين اليهود والفلسطينيين، لقد تنبَّأ عالِم الديموجرافيا اليهودي المعروف البروفيسور أرنون سوفير من جامعة حيفا، في كتابه الشهير "إسرائيل: ديموجرافيا 2000 - 2020  مخاطر واحتمالات" بأنَّ اليهود سيصبحون أقليَّة في المنطقة الواقعة بين الأردن والبحر المتوسط، وبالتالي فإنَّ الطابع اليهودي للدولة الإسرائيلية مُهدَّد بالزوال".‏

 

* الزيادة السكَّانية ليستْ عائقًا أمام التنمية والتقدُّم، شهد شاهِد من أهل الغرب:
قد أكَّد علماء الاقتصاد منذ وقت طويل أهميَّةَ تنمية الموارد البشرية في تحقيق النمو الاقتصادي، حيث ذَكَر " آدم سميث A. SMITH" في كتابه الشهير "ثروة الأمم": أنَّ كافة القدرات المكتسبة والنافعة لَدَى سائر أعضاء المجتمع تُعتبر ركنًا أساسيًّا في مفهوم رأس المال الثابت، حقيقة أنَّ اكتساب القدرة أثناء التعلم يُكلِّف نفقات مالية.

 

الهلع الغربي.. ولماذا ترويج الفِكرة من العلمانيِّين في العالَم الإسلامي:
يقول المفكر الألماني الشهير باول شمتز: تشير ظاهرة النمو السكاني في أقطار الشرق الإسلامي إلى احتمال وقوع هزة في ميزان القوى في العالم، يقول هذا المفكر الألماني: فإن ما لدى الشعوب الإسلامية من خصوبة بشرية تفوق ما لدى الشعوب الأوربية من هذه الخصوبة البشرية، وهذا الكم الهائل في الإنتاج البشري يهيئ الشرق إلى أن ينقل السلطة من الأوربيين إلى الشرق المسلم في مدة لا تتجاوز بضعة عقود، ويؤكد هذه الحقيقة أيضًا المفوض السابق لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، إذ يقول: إن الزيادة المضطردة في النمو السكاني لدول العالَم الثالث تُهدِّد بصورة مرعبة المصالحَ الإستراتيجية الأمريكية بصورة مباشرة".

 

* النمو الديمغرافي، وجدليَّة التخلف والتنمية:
تكْمُن حقيقة المشكلة الاقتصاديَّة في الإنسان في درجة وعيه، وفي حقيقة فعاليته، إذًا المشكلة تعود إلى ما يلي:
- التخلي عن المنهج الإسلامي في التنمية (البعد عن تطبيق شَرْع الله).
- العدل في الأعطية، (غياب تكافؤ الفرص).
- تهريب أموال المسلمين إلى البُلدان الغربية.
- الانصياع لأحكام الغرب الكافر، رغم مخالفتها لقِيَمنا الإسلامية الثابتة.
- النظام الاقتصادي الإسلامي نظامٌ أخلاقي تربوي، والرِّبا هو إيدز الاقتصاد المعاصِر.
- التنمية البشرية أهمُّ عناصر التنمية الاقتصادية في الفِكْر الإسلامي.

 

- سوء استغلال الموارد:
فالعالَم الإسلامي يمتلك أراضيَ شاسعة، صالحةً للزراعة والعمارة، ويمتلك مخزونًا كبيرًا من المياه، ويزخر بالموارد والإمكانات التي لا تُعدُّ ولا تُحصى، فمن غير الصحيح إطلاق أبواق تحديد النسل، إذ ليس هناك أيُّ موجب لهذا العمل، فالبلاد الإسلامية تزخر بثروات هائلة، زراعية ومعدنية ونفطية، لكن إلى أين تذهب هذه الموارد؟! ولماذا تجمد تلك الثروات؟!

كَالْعِيسِ فِي الْبَيْدَاءِ يَقْتُلُهَا الظَّمَا        وَالْمَاءُ فَوْقَ  ظُهُورِهَا  مَحْمُولُ


- موارد بشرية مؤهلة مفقودة:
من المعترَف به عالميًّا: أنَّ الباحثين والعلماء وطلبة الدِّراسات العُليا، خصوصًا في التخصصات العلمية والتقنية والاقتصادية المميَّزة، يُعتبرون ثروةً وطنية تفوق في قيمتها أيَّ ثروة وطنية أخرى، مِن ضمنها الثروات الطبيعيَّة كالنفط والغاز، وتُعدُّ ظاهرة هجرة الكفاءات، وغالبًا ما يُطلق على هذا النَّوْع من الهجرة "نزيف العقول من الدول العربية".

 

التنمية بين منظور الأمم المتحدة ومنظور إسلامي:
لا بدَّ وأن نفرِّق بيْن مفهوم النمو والتنمية من المنظور الاقتصادي التقليدي.
فالنمو: هو زيادة إنتاج المجتمع من السِّلع والخِدْمات، وبالتالي منها للاستهلاك والاستثمار.
والتنمية: هي مفهوم شامِل لجوانبَ عديدة، دينيَّة واقتصاديَّة، واجتماعيَّة وثقافيَّة، وبيئيَّة وأخلاقيَّة، ولا يقتصر مفهوم التنمية على زيادة دخْل الفَرْد، وإنما يجب أن تتاح لهم الفرصة في أن يتعلَّموا كيفية تحقيقها.

 

ركائز التنمية في الإسلام:
1- الالْتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية: باعتبارها المنهجَ الشامل للحياة الذي يُنظِّم السلوك الإنساني، علمًا وعملاً وخُلقًا، ويوضِّح الحقوق والواجباتِ التي تمسُّ المجتمع على مستوى الفرْد والجماعة.

 

أ- الإيمانُ والتقوى: من أعظم الأسباب لحلِّ المشكلة السكانية؛ قال – تعالى -: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: 96].
ب- الاستغفار: يقول الحقُّ - سبحانه - حكايةً عن نبيِّه نوح - عليه السلام -: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 - 12].
ج- الاستغلال الأمْثَل للموارد بالعدالة في التوزيع؛ لتكون خُطوةً أولى على طريق التكافل والتكامل.  
د- دَوْر الزكاة في التنمية: تُعدُّ الزكاة إحدى الأدوات لتحقيق الضمان الاجتماعي، وقد نجحت الزكاة في تحقيق دورها في عصري الخلفاء عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز، فإنَّ للزكاة دورًا حيويًّا يجب أن يستغلَّ استغلالاً سليمًا لحل العديد من المشاكل الاقتصادية، مثل مشكلة البطالة، والفقر، والدُّيون وغير ذلك.

 

2- إعداد الإنسان من أجل الإعمار والتنمية:
جاء الإسلام من أجْل سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة؛ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا قامت الساعة وفي يَدِ أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألاَّ تقوم الساعة حتى يغرسَها، فلْيغرسْها، وله بذلك أجر))، كما دعا الإسلام إلى تعمير الأرض، والاستفادة من خيراتها؛ يقول - تعالى -: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61].

 

* التعليم ودوره في التنمية:
يعتبر الدين الإسلامي أحدَ العناصر المؤثِّرة في التعليم، حيث اهتمَّ الإسلام بالتعليم والتعلُّم، وحضَّ عليهما، يقول (جوستاف لوبون) في كتابه "حضارة العرب": "إنَّ فلاسفة العرب والمسلمين هم أوَّل مَن علَّم العالَم كيف تتفق حرية الفِكر مع استقامة الدِّين".

 

* التخطيط عملية مهمة في التنمية:
ويُعتبر تعلُّم التخطيط من المعارف التي حثَّ الإسلام على تعلمها، فقد كان سِمَةَ الحياة الإسلامية، بل هو سمة الرسالات السماوية في كلِّ عهد، ولعلَّ خطط رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الدعوة الإسلامية، وبناء الدولة مثالٌ ناصع، الأَوْلى الاقتداء به.

 

خلاصة:
المفهوم الإسلامي للتنمية له خصائصُ الشمولية، والتوازن والعدالة، بحيث يشمل الجوانبَ المادية والرُّوحيَّة معًا، ويلبِّي حاجة الفَرْد والجماعة في تناسق تامٍّ، وتناغم، وتعاون بين أفراد المجتمع.

 

عوائق التنمية في العالم الإسلامي:
1- الفساد في العالَم الإسلامي أكبر عوائق التنمية والنهضة:
ورَدَ في موسوعة العلوم الاجتماعية: أنَّ الفساد هو: "إساءة استخدام السلطة العامَّة لتحقيق كَسْب خاص، فالفساد الإداري والمالي تُعاني منه معظم المؤسَّسات والهيئات الحكوميَّة في بلدان العالم الإسلامي".

 

2- خطورة الربا في المعاملات المحلية والدولية:
في العصْر الحديث نجد غُبارَ الرِّبا في كافة المعاملات، وأصبح على الأمَّة الإسلامية أن تحرِّر نفسها من الاستعمار الربوي، ولن يكون ذلك إلاَّ بتطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي، الذي يقوم على نظام زكاة المال، وتحريم الربا، واستثمار الأموال في الطيبات، وَفقًا لقاعدة المشاركة في الرِّبْح والخسارة، والبديل الشرعي المضاربة، والقرض الحسن، والزكاة.

 

3- الافتقار إلى ضوابط العدل:
على أنَّ الإسلام لم يتحدَّث عن العدل حديثًا مجردًا، إنَّه يضع من النظم ما تحقِّقه – كالزكاة، والعمل الطيب، وحدَّد القرآن مصارفَ الزكاة، وجعل من أكبر الأعمال الصالحة الإنفاقَ، وكافَّة صور التكافل الاقتصادي، ودستور المسلمين إذًا يحث على العدل والإحسان، وينهى عن المنكر والبغي.

 

السيرة النبوية:
تُعدُّ السيرة النبوية شفاءً لكل عليل، مِن الأمراض الفكرية البشرية السقيمة، ورَحِم الله ابن القَيِّم إذ يقول في كتابه "زاد المعاد إلى هَدْي خير العباد": "وليس طِبُّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - كطبِّ الأطباء، فإنَّ طبَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - متيقَّن قطعي إلهي، صادرٌ عن الوحي، ومشكاة النبوة، وكمال العقل".

 

أبرز معالم الخطط والمناهج النبوية في مواجهة المخالفين:
-
التمكُّن مِن مذاهب وأفكار ولُغات القوم المخالف: اختار زيدَ بن ثابت، وكان أول المهام النبويَّة أنْ قال له النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يا زيد، تعلَّمْ لي كتابة اليهود، فإني لا آمنهم على ما أقول))، فقال: لبيك يا رسول الله، فحذقَها في عدَّة أيام، يقول عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: "مَن تعلَّم لغةَ قوم أَمِن مكرَهم".

 

- عدم الالتفات إلى أساليب استهزائهم، والثبات على الحق: لقي النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - صنوفَ الاستهزاء والتهكُّم، مثل: شاعر، كاهن، ساحر، وغيرها، ورغم ذلك لم يلتفتْ إلى تُرهاتهم، لكن أخي المسلم، مُرْ بالمعروف بمعروف، وانهَ عن المنكر بغير منكر.

 

- التخلق بأخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: قال - تعالى - مادحًا وواصفًا خُلق نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، قالت عائشة - رضي الله عنها - لَمَّا سئلت عن خُلق النبيِّ - عليه الصلاة والسلام - قالت: "كان خُلُقه القرآن"؛ صحيح مسلم.

 

إنَّ معالجة المشكلة مع العلمانيِّين لا يجب أن نعاملهم بالمِثْل، بل نتواصل معهم بأخلاق رفيعة:
- الدعاء لهم بالهداية لتتوحَّدَ كلمة المسلمين ضدَّ أعدائهم: لنا في سيرة النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - خيرُ أُسوة، فلقدِ اختار الخروج للطائف، فبدأ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بسادات القوم الذين ينتهي إليهم الأمر، فكلَّمهم عن الإسلام، ودعاهم إلى الله، فردُّوا عليه ردًّا قاسيًا، فما كان منه إلا العفو عنهم، قائلاً: ((أرجو أن يُخرجَ الله مِن أصلابهم مَن يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئًا))؛ رواه البخاري.

 

- العدل بين الناس: فالنبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان أعدلَ الناس بشهادة أعدائه، وكيف لا يعدل مَن خُوطِب بقول واضح مبين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].

 

- حكمة الرسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: لقد عَرَف المشرِكون من قريش أنَّ القرآن حقّ، ولكن أكثرهم لم يؤمنْ تكبُّرًا وعنادًا، وكان النبي - عليه الصلاة والسلام - يحاول أن يُقنِعَهم بالحِكمة والموعظة الحسنة، ولكن كانوا  يخافون على مركزهم الاجتماعي، أو المالي أو غير ذلك.

 

إنَّ لهذه المناهج القرآنية النبويَّة أثرًا عظيمًا في قوَّة المسلمين وثباتهم وانتصارهم، فمتى ما صدقتِ الأمة ربَّها، ونصرتْ دينه، جاءهم نصر الله ومدده؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].

- حسن اختيار الدعاة والعلماء والقادة للمناظرة والمواجهة: فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - خطَّ منهجًا في البحث عمَّن هم أَوْلى بالقيادة والدعوة في المجتمع، وتوليتهم مقاليدَ الأمور، فمِن الأمانة انتقاء أفضل العناصر، وتقليد أكفأ الناس الذين يُناسبون المواقف؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أرحمُ أمَّتي بأمَّتي أبو بكر، وأشدُّهم في أمر الله عمر، وأصدقُهم حياءً عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام  معاذ بن جبل، وأفرَضُهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أُبَيّ، ولكلِّ أمة أمين، وأمين هذه الأمَّة أبو عبيدة بن الجرَّاح)).

 

- إحسان الظن بهم: وأصْل هذه القاعدة عندما قال خالد بن الوليد للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قصة الرجل الذي اعترض على قِسْمة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ألاَ أضرب عُنقَه؟ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إني لم أومرْ أن أُنقِّبَ عن قلوب الناس، ولا أشقَّ بطونَهم))؛ متفق عليه.

 

عدم معاداتهم، بل مواجهتهم بالحِكمة والإقناع: فالأصل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللِّين والرِّفق؛ كما قال الله - تعالى -: {ادْعُ  إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].

 

وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما كان الرِّفْق في شيءٍ إلا زَانَه، ولا نُزع الرفق من شيء إلاَّ شانَه))؛ رواه مسلم.

 

ومن الحِكمة في الدعوة: مراعاة جانب المصالح والمفاسد، فإذا كانتِ الشدَّة لا تؤدِّي في الغالب إلا إلى مفاسد، فالأَوْلى استبدال الرفق واللين بالشدة والغلظة؛ كما قال – تعالى -: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].

 

- دعوة الإسلام: وهذا الأساس في عقيدتنا وشريعتنا، لن يتأتَّى إلاَّ بالمعاملة وبالمخالطة؛ يقول النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمِن الذي يُخالط الناسَ، ويَصْبر على أذاهم خيرٌ مِن المؤمن الذي لا يُخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم))؛ رواه الترمذي.

 

واللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المفاهيم الملتبسة بين الطرح العلماني والفكر الإسلامي

مختارات من الشبكة

  • المفاهيم الملتبسة بين الطرح العلماني والفكر الإسلامي (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غنى النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مختصر بحث: بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي "مفهوم الأمن الفكري أنموذجا"(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي (مفهوم الأمن الفكري أنموذجا) (WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • خصائص المفهوم القرآني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما معنى الفكر ؟(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • في العلاقة الملتبسة بين المبدع والمتلقي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المفهوم السياسي للأيديولوجيا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • مفهوم الحرية في الإسلام ومفهومها في الفكر الغربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العالم الإسلامي: مفهوم واحد أم مفاهيم متعددة؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب