• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مسابقة كاتب الألوكة الثانية   مسابقة الألوكة الكبرى لتعزيز القيم والمبادئ والأخلاق   المسابقة الإلكترونية لجميع أفراد الأسرة   أنشطة دار الألوكة   مسابقة شبكة الألوكة (حياتنا توسط واعتدال)   أخبار الألوكة   إصدارات الألوكة   مسابقات الألوكة المستمرة   مسابقة الألوكة الكبرى للإبداع الروائي  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في محراب العلم والأدب: تحية إكبار وتقدير لشبكة ...
    د. مصطفى يعقوب
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    كلمة شكر وعرفان لشبكة الألوكة من أبي محمد فواز ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تهنئة بعيد الأضحى ١٤٤٠هـ
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في ظلال الألوكة
    د. سعد مردف
  •  
    بطاقة تهنئة بعيد الأضحى
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    الألوكة وجامعة السويس ينظمان مؤتمرا دوليا بعنوان ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    نتائج مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    في حب الضاد شاركت الألوكة مجمع اللغة العربية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    شبكة الألوكة تشارك في فعاليات اليوم العالمي للغة ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    إذاعات مدرسية مكتوبة - شبكة الألوكة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    دار الألوكة للنشر في معرض الرياض الدولي للكتاب ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    الألوكة.. لغة سماوية
    خالد يحيى محرق
  •  
    اللقاء الرمضاني السنوي لشبكة الألوكة في بلدة رغبة
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مسابقة شبكة الألوكة: حياتنا توسط واعتدال
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    ترشيح د. خالد الجريسي لانتخابات الغرفة التجارية
    محمد بن سالم بن علي جابر
شبكة الألوكة / الإصدارات والمسابقات / مسابقات الألوكة المستمرة / مسابقة الملخص الماهر / المواد الفائزة في مسابقة الملخص الماهر
علامة باركود

العقيدة الإسلامية وأثرها في مواجهة الفتن المعاصرة (ملخص أول)

السيد أحمد محمد عبدالراضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/6/2012 ميلادي - 20/7/1433 هجري

الزيارات: 57734

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملخص كتاب
العقيدة الإسلامية وأثرها في النجاة من الفتن المعاصرة

د. سليمان العيد


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعدُ:

فقد كثرت الفتنُ في عصرنا الحاضر كثرة هائلة، تدل على زوال الدنيا، وقرب مَجِيء الساعة، وهو الأمر الذي أخبَرَنا به نبيُّنا محمد - صلى الله عليه وسلم.

وقد كثرت وسائل الفتن وتنوعتْ في هذا العصر عما كانتْ عليه قديمًا؛ حيث نجد - على سبيل المثال - وسائل شتى ومتنوعة تفتن الرجال بالنساء في هذه الأيام؛ مثل: القنوات الفضائية الإباحية، ومواقع الإنترنت الإباحية، إلى غير ذلك من وسائل لَم تكنْ موجودة من قبلُ.

وقد أوْجَدَ الله - سبحانه وتعالى - هذه الفتن ابتلاءً واختبارًا منه للإنسان في هذه الدنيا؛ إذ إن الابتلاء هو المقصود مِنْ خَلْق الله للإنسان، وكما أوجد الله - سبحانه وتعالى - الإنسان على هذه الأرض ليبتليه بالفِتَن، فقد أنْزَلَ إليه عن طريق الرُّسل الشريعة الإسلامية التي إذا سار على نَهْجِها نجا من هذه الفتن.

وفيما يلي أعرض تمهيدًا يتناول معنى الفتنة، وخطرها، وكيفية السلامة منها، ومعنى العقيدة الإسلامية، وأثرها في الحياة، ثم أتناولُ مفهوم كلِّ فتنة من فِتَن المال، والنساء، والسلطان، وبيان خَطرها، وصورها المعاصرة، وكيفية النجاة منها عن طريق اتِّباع العقيدة الصافية.

تمهيد
1- معنى الفتنة:
وردت لكلمةِ (الفتنة) معانٍ كثيرة، كلُّها يدور حول الابتلاء والامتحان، وأصلها مأخوذ مِن: (فتن الذهب)؛ أي: إحراقه، ومن ذلك قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13]؛ أي: يحرقون، والفتنة: المحنة، والمال، والكفر، واختلاف الناس بالآراء، والظلم، والإعجاب بالشيء، والعذاب، والقتل.

أما المراد بها هنا: فهو ما يبتلَى به الإنسان في هذه الدنيا؛ من مال، وجاه، وسلطان، ونساء، وأولاد، مما يكون سببًا في انشغالِه بالدنيا، وبُعده عن الله والدار الآخرة.

2- خطر الفتن:

للفتن أخطار عظيمة في الدنيا والآخرة، وقد وردتْ أحاديث كثيرةٌ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تُحَذِّر منَ الفِتَن، وتُبَيِّن كيفية الوقاية منها، كما وردتْ بعض الأقوال عن السلف الصالح يحذرون منها أيضًا.
فممّا ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يدعو عقب التشهُّد الأخير من كل صلاة قائلاً: ((اللهم إنِّي أعوذ بك من عذاب جهنّم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات)).

فقد قرَن الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - فتنة المحيا والممات بفتنة المسيح الدجال، وهي فتنة عظيمة، حذَّر منها الناسَ كلُّ الأنبياء؛ يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه لَم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله آدم أعظم من فتنة الدجال، وإن الله لم يبعث نبيًّا إلا حذر أمته الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، وإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكلِّ مسلم، وإن يخرج من بعدي، فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم)).
ويبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعظم الفتن وأشدها في قوله: ((أخوف ما أخاف على أمتي ثلاثة: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج)).

ومما ورد عن بعض السلَف في التحذير من الفتن قول سفيان:
"تعوَّذوا بالله من فتنة العابد الجاهل، وفتنة العالِم الفاجِر؛ فإنَّ فتنتهما فتنة لكلِّ مفتون".
وكان السلفُ الصالح يتجنَّب الوقوع في الفتنة؛ لأن خطرها لا يصيب الظالم فقط، بل يصيب الظالم والصالح؛ يقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، وكانوا – أي: السلف - يحرصون على دفعها بالتقوى، فقد رُوي أن طلق بن حبيب كان يقول: "اتقوا الفتنة بالتقوى، فقيل له: أجملْ لنا التقوى، فقال: أن تعملَ بطاعة الله على نور من الله ترجو رحمة الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عذاب الله".

ومن ثَمَّ؛ يجب على المسلم أن يحافظَ على نفسه من الوقوع في الفتن، فلا يخرج وقت الفتنة، بل يكف يده ولسانه، ولا يخرج على السلطان وإن كان ظالمًا، بل عليه ألا يطيعه في المعصية فقط، ولكن لا يخرج عليه.

3- السلامة من الفتن:
لقد قدم لنا الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - العلاج الذي يحفظ به المسلم نفسه من الوقوع في الفتن، وهو يتمثَّل في التوجيهات النبويَّة الآتية:
أ- لُزُوم جماعة المسلمين وإمامهم:
فقد رُوي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قحموه فيها، فسأله حذيفة بن اليمان عن كيفيَّة النجاة منهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم))، فقال حذيفة: فإن لم تكن جماعة ولا إمام جماعة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((فاهرب من تلك الفرق كلها، ولو يدركك الموت وأنت عاض بساق شجرة)).

وجماعة المسلمين هي الجماعة المستمسكة بالقرآن الكريم وسُنَّة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن لم تكن هناك جماعة - كما هو الحال بالنسبة للإنسان المسلم الذي يعيش في بلاد الكفر - وجب على المسلم العزلة، والبعد عن الناس، حتى يلقى الله - عز وجل.

ب- تعلم العلم وتعليمه والعمل به:
يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: ((تعلموا العلم، وعلموه الناس، وتعلموا القرآن، وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض، وتظهر الفتَن، حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان أحدًا يفصل بينهما)).

جـ- التمسُّك بهدي من مات من السلف الصالح:
قال عبدالله بن مسعود: "من كان منكم مستنًّا فليستنَّ بمن قد مات؛ فإنَّ الحي لا يؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبًا وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا".
د- طاعة السلطان وعدم الخروج عليه.
هـ- عدم المشاركة في الفتنة إذا وقعتْ.
و- عدم بيع السلاح في الفتنة.
ز- التمسُّك بالقرآن والسنة.

4- مفهوم العقيدة الإسلامية:
والمقصود بها الإيمان الجازم بالله، وما يجب له في ألوهيته وربوبيته، وأسمائه وصفاته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وبكل ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدين، وأمور الغيب، وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم لله تعالى في الحكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - بالطاعة والتحكيم والاتباع.

♦
مزايا عقيدة أهل السنة والجماعة:
أ - سلامة المصدر:
وهو المتمَثِّل في القرآن الكريم، وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الصحابة، وهو الأمر الذي لا يجود في المذاهب الأخرى التي تعتمد على النظر والعقل، والمصادر البشرية؛ مثل: أهل الكلام، والمبتدعة، والمتصوِّفة.

ب - التسليم لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم:
وذلك في الأمور الغيبية، فلا مجال للخوض في هذه الأمور التي لا يعلمها إلا الله؛ يقول تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3].

جـ- موافقتها للفطرة القويمة والعقل السليم.
د- اتِّصال سندها بالرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين وأئمة الهدى قولاً وعملاً وعلمًا واعتقادًا.
هـ- الوضوح والبيان.
و- سلامتها من الاضطراب والتناقُض.
ز- سبب للظهور والنصر والفلاح في الدارين.
حـ- عقيدة الجماعة والاجتماع.
ط- البقاء والثبات والاستقرار.

5- أثر العقيدة الصافية في الحياة:
لا شك أنَّ الإيمان بالعقيدة الإسلامية إيمانًا خالصًا خاليًا من الظلم والرياء، يُحَقِّق السعادة والاطمئنان للمسلم في الدنيا والآخرة؛ وذلك لأن هذه العقيدة من عند الله - سبحانه وتعالى - على عكس العقائد الأخرى التي هي من صُنع البشر، والتي تجلب لمتبعها الشر في الدنيا والآخرة؛ يقول تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].
ويقول تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124]، وقد أخبرنا القرآن عن سوء عاقبة الذين لم يتبعوا العقيدة الإسلامية واتبعوا غيرها، ومن هؤلاء: الذين اتبعوا آباءهم؛ يقول تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23].

ومنهم الذين اتبعوا رؤساءهم؛ يقول تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 67، 68].
وفي وقتنا الحاضر نجد نماذج من هؤلاء تتمثَّل في الذين يتخذون الممثلين ولاعبي الكرة والمغنين قدوة لهم.

أما المسلمون الذين تأسوا بالعقيدة الصافية التي جاء بها الأنبياء عن رب العزة - تبارك وتعالى - فقد اهتدوا لِمَا فيه الخير لدينهم ودنياهم، وسبب ذلك أن الإيمان بكل ركْن من أركان العقيدة الإسلامية يؤثر على نفْس المؤمن بما يجعله في أسْمى درجات الطاعة.

فهم إذا آمنوا بالرُّسل وجدوا فيهم القدوة الحسنة التي تُحقق لهم خيري الدنيا والآخرة؛ يقول تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

وإذا آمنوا بالملائكة علموا أن هناك ملائكةً يكتبون كل ما يفعل، فيحتاط في فعله، فلا يعمل إلا الأعمال الصالحة.

وإذا آمنوا بالكُتُب انتفعوا بما فيها من منهج قويم يسيرون عليه في حياتهم بما يحقق لهم السعادة والاطمئنان في الدنيا والآخرة؛ يقول تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 52]، كذلك الإيمان باليوم الآخر يجعل المسلم يزْهد في ملذَّات الدنيا طمعًا في الجنة وما فيها من نعيم، وخشية من النار وما فيها من عذاب أليم.

كذلك الإيمان بالقضاء والقدر يجعل المسلم يصبر على مصائب الدنيا، طمعًا في ثواب الله للصابرين؛ يقول تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].

الفصل الأول: فتْنة المال

التعريف بفتنة المال:
المال: هو كل ما يمتلكه الإنسان؛ سواء كان نقدًا، أو ذهبًا، أو فضة، أو عقاراتٍ، أو أراضي، أو غير ذلك من الأشياء الثمينة التي تميل إليها النفس البشرية.
وحب المال من طبيعة بني آدم؛ يقول تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كان لابن آدم واديان من مال، لابتغى واديًا ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على مَنْ تاب)).

وقد أخبرنا سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن وُقُوع فتنة المال في هذه الأمة، وحذَّرَنا منها؛ فقد رُوي أنه خطب في الناس فقال: ((لا والله ما أخشى عليكم - أيها الناس - إلا ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا))، فقال رجل: يا رسول الله، أيأتي الخير بالشر؟ فصَمَت - صلى الله عليه وسلم - ساعة، ثم قال: كيف قلت؟ فأعاد الرجل سؤاله، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الخير لا يأتي إلا بخير، إن كل ما يُنبت الربيعُ يقتل حبطًا، أو يُلِم، إلا آكلة الخَضر، أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس ثَلَطَتْ، أو بالتْ، ثم اجترَّتْ، فعادت فأكلت، فمن يأخذ مالاً بحقِّه يُبارك له فيه، ومن يأخذ مالاً بغير حقه فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة)).

فهذا الحديث يُبَيِّن أن المال إذا استعمل في غير موضعه كان فتنةً لصاحبه، وعاد بالشرِّ عليه، مثل الذي يأكل ولا يشبع، حيث يصاب بالأمراض والأوجاع.
أما إذا أخلص المسلم في طلب المال، وعرف حق الله فيه، فإنه يعود بالنفع عليه في الدنيا والآخرة، كالذي يأكل بقدر ما يحتاجه دون تبذير، حيث ينعم بالصحة والأمان.

وقد ذكَر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن أمته ستُفتن بالمال؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لكل أمة فتنة، وإن فتنة أمتي المال))، كما بَيَّن أنَّ كثرة المال من علامات الساعة؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من أشراط الساعة أن يفيض المال، ويكثر الجهال، وتظهر الفتن، وتفشو التجارة)).
- خطر فتنة المال:

لفتنة المال أخطار بالغة؛ يقول تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15]، ولذا خشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمته منها؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من قبلكم، فتتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم))، ومن ثَمَّ كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يخشون على أنفسهم من الدنيا، لما تسببه من الأضرار التالية:
1- ضياع الضرورات الخمس: الدين، والنفس، والعقل، والمال، والعِرْض.
2- فتنة المال تكون سببًا مباشرًا في الفخر، والخُيَلاء، والتكبُّر.
3- تجعل الإنسان يقع في محاذير مختلفة: كأكل أموال الناس بالباطل، وأكل الربا، وأكل أموال اليتامى، واستغلال الوصايا والأوقاف، ومنع الزكاة، وكل ذلك منهي عنه بالقرآن والسنة. 

صور معاصرة لفتنة المال:
على الرغم من أن فتنة المال قديمة قِدَم الإنسانية، إلا أن خطرها في هذه الأيام أشد، بسبب تنوُّع وسائل الكسب والرِّبح، وفيما يلي أعرض بعض المظاهر المعاصرة لفتنة المال:
1- تسابُق البنوك للحُصُول على الأموال، وكسب العملاء عن طريق البرامج المختلفة: كالتمويل، وصناديق الاستثمار، وغيرهما.
2- تسابُق وسائل الإعلام في الحصول أيضًا على الأموال عن طريق طرح المسابقات.
3- تسابُق شركات الاتصالات في الحصول على الأموال عن طريق تعاونها مع وسائل الإعلام.
4- تداوُل الأسهم، وتجارتها، حيث تحقق الأرباح بدون جهد.
5- سعي بعض الناس إلى الحصول على لقب أغنى الأغنياء، وامتلاك الشركات العالمية، فقد ذُكر على شبكة الإنترنت أن بيل جيتس يتصدر قائمة أغنى أغنياء العالم بما معه من ثروة بلغ مقدارها (5. 46) مليار دولار.
6- سعي بعض الناس إلى امتلاك الأبراج العالية وناطحات السحاب، كما أخبر بذلك الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حيث قال في حديثه عن علامات الساعة: ((وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاء يتطاولون في البنيان))، ومثال ذلك ما تسعى إليه دُبَي من بناء أعلى برج في العالم بارتفاع يزيد عن 700 متر.

أثر العقيدة الإسلامية في النجاة من فتنة المال:

لكي ينجو المسلم من فتنة المال لا بُدَّ وأن يلتزم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة، ومظاهر الالتزام بها تبدو على النحو التالي:
1- الإيمان بالله - سبحانه وتعالى - وذلك بأن:
أ- يؤمن بأن الله وحده هو الغَنِي، وأن المال الذي لديه إنما هو من عند الله؛ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]، ويقول تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: 53].
ب- يؤمن بأن الله يعطي رزقه لمن يشاء، ويمنعه عمن يشاء، وأنه هو الرزاق الكريم، فيجب الاعتماد عليه وحده في الرزق؛ يقول تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الزمر: 52].
جـ- يثق بالله - سبحانه وتعالى - يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كانت الآخرة همَّه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتَتْه الدنيا وهي راغمة، ومَنْ كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولَمْ يأته من الدنيا إلا ما كتب له)).
د- يتحصن بالأدعية المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كقوله: ((اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من أن أُرَدّ إلى أرذل العُمُر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر))، وبالأدعية الواردة في القرآن الكريم؛ كقوله تعالى: {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، فالمقصود بالحسنة في الدنيا هنا كل مطلوب دنيوي من صحةٍ وعافيةٍ وحفظ من الفِتَن، وما أشبه ذلك. 

2- الإيمان بالكُتُب، وعلى رأسها القرآن الكريم، وذلك بأن:
أ- يتعظ بما حدث لأصحاب الأموال الطائلة الذين ذكرهم الله في قصص القرآن الكريم، ومن هؤلاء قارون، الذي آتاه الله المال الكثير فبغى في الأرض، وقال - كما حكى عنه رب العزة -: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78]، فكان من عاقبة ذلك أن خسف الله به وبداره الأرض؛ يقول تعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} [القصص: 81].
ب- يعلم أن عاقبةَ فتنة المال وخيمة، وذلك من خلال الآيات التي اشتملت على تهديد ووعيد للذين يغلبون محبة المال على الله ورسوله، ويكنزون الأموال الطائلة ولا ينفقونها في سبيل الله؛ يقول تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]، ويقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].
جـ- يعلم أن الله يُبارك في المال الذي ينفق في سبيله؛ يقول الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].

3- الإيمان بالرسل:
وذلك بأن يتخذ المسلم من الرسُل القدوة الحسنة، فيزهد في المال كما زهدوا هم فيه، ويرغب في الآخرة كما رغبوا فيها، ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - خير قدوة يمكن أن تهتدي بها، فقد زهد في الدنيا واختار الآخرة عندما خيره جبريل - عليه السلام - بينهما، كما روي في الأثر.

كما أنه كان يدعو ربه أن يكون في زمرة المساكين، وأخبر بأن المساكين يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفًا، وخير مثال يدل على زهده - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا العيشة المتواضعة التي كان يعيشها، على الرغم من قدرته على جمع الأموال الطائلة، فقد كان ينام على الحصير، وكان في بعض الأحيان لا يجد ما يشبعه؛ فقد روي عن أنس بن مالك أنه قال: "ما أكل رسول الله على خوان حتى مات، ولا أكل خبزًا مرققًا حتى مات - صلى الله عليه وسلم"، وكان لا يدخر مالاً عنده، بل كان يصرفه في سبيل الله، يقول أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يدخر شيئًا لغد، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((عرض عليّ ربي أن يجعل بطحاء مكة ذهبًا، فقلت: لا يا رب، ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا، فإذا جعت تضرعْت، وإذا شبعت حمدتك وذكرتك))، وكان صحابته  - رضي الله عنهم - كذلك.

وقد وردتْ في السنة النبوية توجيهات عديدة ترشد المؤمن إلى كيفية الوقاية من فتنة المال، ومن هذه التوجيهات:
أ- معرفة حقيقة المال:
يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء))، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ما مثل الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بِمَ يرجع؟))، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى عن النفس)).

ب-الصبر على ضيق العيش، والقناعة بالقليل:
يُروَى أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفد ما عنده قال: ((ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومَن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر))، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((كنْ في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وعد نفسك من أهْل القُبُور)).

جـ-
إخلاص النية لله - سبحانه وتعالى.

4- الإيمان بالملائكة:
إن الإيمان بالملائكة يجعل المسلم على شعور دائم بأنه مُراقب من قِبَل الله تعالى، وأن هناك ملائكة يسجلون كل ما يفعل، مما يدفعه إلى فِعْل كل ما هو حلال، والامتناع عما هو حرام؛ يقول تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10 - 12]، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب بمثلها حتى يلقى الله - عز وجل))، فإذا علِمَ المؤمنُ ذلك احتاط في جمعه للمال وإنفاقه له، فلا يحصل عليه إلا بطريق الحلال، ولا يصرفه إلا في وُجُوه الخير.

5- الإيمان باليوم الآخر:
وذلك بأن يؤمنَ بأن هذه الدنيا فانية، وأن هناك يومًا للجزاء والحساب، يجازى فيه كلُّ إنسان بما عمل.

فإذا علم أن هذه الدنيا فانية لَم يتعلق بالمال الكثير، وزهد فيه، وإذا علم أن كل إنسان يجازى بما عمل، حرص على جمع هذا المال من الحلال، وإنفاقه في وجوه الخير؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزول قدمًا عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسده فيم أبلاه؟)).

6- الإيمان بالقدر:
ويُمكن بيان أثر الإيمان بالقدر: خيره وشره في الوقاية مِنْ فتنة المال فيما يلي:
1- إذا آمن المسلم بأن الله قد قدر لكل إنسان رزقه، وأنه يبسط الرزق لمن يشاء، ويغني من يشاء، لم يغترَّ بماله، وأدرك أن الله الذي أعطاه هذا المال قادر على أن ينزعه منه، وقادر على أن يغني من سواه؛ يقول تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30].
2- إذا علم أن كثرة المال ليستْ دليلاً على الرضا، بل ابتلاء لصاحب المال، لَم يتعلق قلبه بهذا المال، وعرف حق الله فيه، فلا ينفقه إلا في وجوه الخير، وفي قصة قارون دليل على ذلك، حيث إن قارون اغترَّ بماله، فخسف الله به وبداره الأرض.
3- إذا آمن بالقدَر علم أن غناه قد لا يكون دائمًا، فرُبَّ فقير قد كتب في القدر أنه سيصير غنيًّا، وربَّ غني قد كتب له في القدر أنه سيصير فقيرًا.
4- أن يعلم أن الله هو الذي قسم الأرزاق، وأن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولكنه يعطي الإيمان لمن يحب فقط.
5- أن يعلم أنه أحوج إلى نصيبه من الآخرة إلى نصيبه من الدنيا.

الفصل الثاني: فتنة النساء

تعريف فتنة النساء:
هي تجاوز العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة، وهي تتمثل فيما يلي:

1- العشق المحرم.
2- النظر إلى النساء الأجنبيات.
3- ما يقع بين الرجل والمرأة من زنًا وكلام محرَّمٍ، وما أشبه ذلك.
4- التمتع بالنظر إلى الصور العارية في وسائل الإعلام والإنترنت.

خطر فتنة النساء:
فتنة النساء من أشدِّ الفتَن التي يتعرض لها الإنسان؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء))، وقد حذَّر الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلم - من هذه الفتنة فقال: ((ما من صباح إلا وملكان يناديان: ويل للرجال من النساء، ويل للنساء من الرجال))، وهذه الفتنة من أكثر الأسباب التي تدخل الإنسان النار؛ كما أخبر بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن أكثر الأسباب التي تدخل النار، حيث قال: ((الأجوفان: الفم والفرج)).

ومما يزيد من خطر هذه الفتنة: ما تبذله النساء من جهد في التزيُّن بجميع الوسائل التي تغري الرجال.

صور معاصرة من فتنة النساء:
1 - التبرُّج:
ولقد نهى الله عن التبرُّج، فقال: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، والتبَرُّج في عصرنا الحاضر أشد مما كان قديمًا، إذْ تنوعتْ وسائله وأشكاله، فإذا كان قديمًا يعني خروج المرأة لتمشي بين الرجال، فإنه تجاوز ذلك في العصر الحاضر، حيث تمشي المرأةُ وسط الرجال مع كشف معظم جسدها، وعدم تغطية شعْرها.

2- الاختلاط:
وذلك في أماكن العمل، والمدارس، والمتنزهات العامة، كل ذلك بدعوى الحضارة والحرية.

3- المبالغة في الزينة:
والمقصود بها هنا الزينة الاصطناعية بكل أنواعها ووسائلها الحديثة من مساحيق لتجميل الوجه، وأجهزة لتجميل المناطق المثيرة لدى المرأة، ومراكز لتغيير شكل الوجه والشعر.

4- انتشار الصور:
فما من وسيلة من وسائل الإعلام إلا وتتخذ من صورة المرأة دعاية لها، فتجد صورة المرأة على شاشات التليفزيون، والقنوات الفضائية، وتجد الصور العارية على بعض المواقع في الإنترنت، وسهل من التقاط هذه الصور وتداولها وسائل التقنية الحديثة من هواتف نقالة، وإنترنت، وبلوتوث، وغيرها.

5- المحادثات الهاتفية:
والتي كانت تتم - على نطاق محدود - عن طريق التليفون العادي، ثم تطوَّر الأمر لتتم - على نطاق واسع جدًّا - عن طريق الهواتف النقالة، ثم الماسنجر، والشات، ونظام الدردشة السعودي، ونظام الرسائل SMS، وهذه الوسائل من أشد الطرق ترويجًا للرزيلة.

6- الفيديو كليب:
فكل أغنية لا بد وأن تظهر فيها بعض الفتيات المتزينات بأحسن زينة؛ ليرقصن على أنغام الموسيقا؛ وذلك لترويج الأغنية، وقد ظهرتْ كثير من القنوات الفضائية التي خُصِّصَتْ لهذا الغرض. 

أثر العقيدة في النجاة من فتنة النساء:
1- الإيمان بالله تعالى:
ومُقتضى هذا الإيمان أن يمتثلَ كلٌّ من الرجل والمرأة أوامر الله، وأن يجتنبَ نواهيه، فعلى المرأة أن تتجنب التبرُّج والسفور، وتتحلَّى بالعفة والستر؛ امتثالاً لقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31].

وعلى الرجل أن يغضَّ مِنْ بصرِه، ويترفع عن فعْل كل ما يُعَرِّضه لفتنة النساء؛ وذلك امتثالاً لقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30].

2- الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -:
حيث يجب على كلِّ مؤمن أن يقتديَ بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ويسترشد بتَوْجِيهاته، ويتجنب الوُقُوع فيما حذر منه؛ فقد كان - صلى الله عليه وسلم - زاهدًا في الدنيا وملذاتها، وحريصًا على توجيه شباب المسلمين، وتقديم النُّصح لهم؛ حتى يتقوا فتنة النساء، فقال: ((مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج))، كما حرص - صلى الله عليه وسلم - على تحذير الأمة من هذه الفتنة؛ حيث يقول: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتَّقوا الدنيا واتقوا النساء))، ويقول - صلى الله عليه وسلم - محذرًا المرأة من التبرُّج: ((أيما امرأة تبرجتْ ثم خرجتْ إلى المسجد، لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل)).

وهنا تجدُر الإشارةُ إلى الرجل الذي ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في فعل الزنا، حيث صرفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأسلوب تربوي حكيم، فسأله - صلى الله عليه وسلم - عما إذا كان يقبل هذا الفعل بزوجته، أو أمه، أو أخته، فأخبره الرجل بأنه لا يقبل ذلك بهم، وعلم أنه مخطئ، وسأل الرسول أن يدعو له.

الفصل الثالث: فتنة المنصب

تعريف فتنة المنصب:
المقصود بها: رغبة الإنسان في أن تكونَ له المكانة العالية، والسيادة والسيطرة على الآخرين.

وهذه الفتنة لا تُصيب صاحب المنصب فقط، بل تصيب غيره بسببه، فصاحب المنصب لا يعدل بين المرْؤُوسين، ويغلب المنصب على محبة الله ومرضاته، وغيره يكون مشغولاً بتقديس صاحب المنصب، والثناء عليه؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من بدا جفا، ومن تبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قربًا)).

والمنصب قد يكون نعمة على صاحبه أو نقمة؛ وذلك لأنها ابتلاء من الله – تعالى - فمَنْ عرف حق الله فيها فهي نعمة له، ومن سخرها في غضب الله والسيطرة على الناس واستعبادهم، فهي عليه نقمة، ولنا في سيدنا داود القدوة الحسنة، فقد أنعم الله عليه بالملك العظيم ابتلاء له، فنجح داود - عليه السلام - في هذه الابتلاء بتوظيف هذا الملك فيما يرضي الله - عز وجل.

خطر فتنة المنصب:
وردتْ أحاديث كثيرة تُحَذِّر من خطر فتنة المنصب، وتدعو إلى عدم طلبِه، من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لعبدالرحمن بن سمرة: ((يا عبدالرحمن، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنْت عليها)).

وقد حذَّر - صلى الله عليه وسلم - المسلم من طلب المنصب؛ لأن طلب المسلم له مع درايته بما يكتنفه من صعوبات وآفات دليل على أنه يطلبه لنفسه ولأغراضه الشخصية.

أما لو علم أنه لا يوجد من يصلح لتولي هذا المنصب غيره، وأنه وحده القادر على القيام بمهام هذا المنصب على خير وجه، دون استغلاله لمصالحه الشخصية - جاز له أن يطلبَ هذا المنصب.

ويكْمُن خطر المنصب في الأمور التالية:
1- أنها سبب لنقصان الدين: يقول علي بن أبي طالب: "اتقوا أبواب السلطان"، ويقول ابن مسعود: "إن على أبواب السلطان فتنًا كمبارك الإبل، لا تصيبوا شيئًا من دنياهم إلا أصابوا من دينكم مثله".
2- أنها سبب للكذب والنفاق: يروى عن حذيفة أنه قال: "إياكم ومواقف الفتن، فقيل له: وما مواقف الفتن؟ قال: أبواب الأمراء؛ يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه".
3- أنها سبب في تسلط الأمراء على الرعية، وخوف الرعية من بطشهم.
4- أنها سبب لفتنة الرعية بما يُغدق عليهم من أموال من قبل السلطان.
5- أنها سبب في زوال النِّعَم، يقول الفضيل بن عياض: "احذروا أبواب الملوك، فإنها تزيل النعم".
6- أنها قد تكون سببًا في الشرك بالله، حيث تتخذ الصور وتعظم كما لو كانتْ صور أنبياء أو صالحين.

ونظرًا لهذه الأخطار الناتجة عن فتنة المنصب؛ فقد كان السلفُ يتجنبون الإمارة، يقول الفضيل بن عياض: "كنا نتعلم اجتناب السلطان كما نتعلم سورة من القرآن".

صور معاصرة لفتنة المنصب:
1- الانتخابات:
والتي تجري بهدف الوصول إلى بعض المناصب؛ كرئاسة الدولة، أو عضوية البرلمان، وما أشبه ذلك، وفي هذه الانتخابات يحدث التزوير والتلاعب، ودفع الرشاوى إلى الجمهور للإدلاء بأصواتهم، والكذب والنفاق، وإعطاء المنصب لمن لا يستحقه.

2- مسميات المنصب:
حيث يسعى كل شخص للحصول إلى أعلى المسميات المنصبية منزلةً؛ كمنصب رئيس الوزراء، أو وزير، أو عضو أحد المجالس النيابية.

3- تحقيق المصلحة الشخصية:
فإن تقييد المنصب أحيانًا بفترة زمنية معينة يجعل صاحب هذا المنصب مشغولاً بتحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من مناصب شخصية خلال تلك الفترة، وذلك قبل أن تنتهي مدة توليه المنصب.

أثر العقيدة في النجاة من فتنة المنصب:
كما أن العقيدة الإسلامية فيها نجاة من فتنة المال والنساء، فإن فيها أيضًا نجاة من فتنة المنصب، وذلك على النحو التالي:
1- الإيمان بالله - سبحانه وتعالى -:
وذلك بأن يدرك صاحب المنصب ما يلي:
أ- أن الله هو الذي ولاّه هذا المنصب، وأن بقدرته نزع هذا المنصب منه؛ يقول تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ} [آل عمران: 26].
ب- أن يتصرف من خلال هذا المنصب بما أمره الله، وأن يجتنبَ نواهيه.
جـ- أن يعلم أنَّ قدرة الله عليه أعظم من قدرته على مرؤوسيه، وأن الله فوق كل شيء.

2- الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم -:
وذلك عن طريق:
أ- العلم بحاله - صلى الله عليه وسلم.
ب- اتباع توجيهاته في الإقبال على المناصب وإدارتها؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ويل للزريبة))، قيل: يا رسول الله، وما الزريبة؟ قال: ((الذي إذا صدق الأمير قالوا: صدق، وإذا كذب قالوا: صدق)).

3- الإيمان بالقضاء والقدر:
وذلك بأن يعلم صاحب المنصب أن هذا المنصب إنما هو قدر كتبه الله عليه، وأن الله - سبحانه وتعالى - قد كتب عليه زوال هذا المنصب عنه أيضًا.

4- الإيمان باليوم الآخر:
يؤدي الإيمان باليوم الآخر إلى النجاة من فتنة المنصب، وذلك على النحو التالي:
1- أن يعلم صاحب المنصب أنه مسؤول عنه يوم القيامة؛ يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راع، وكلم مسؤول عن رعيته)).
2- أن يعلمَ بالثواب الذي أعده الله لمن أحسن في منصبه.
3- أن يعلم العقاب المترَتِّب على الإخلال بواجبات هذا المنصب.

وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العقيدة الإسلامية وأثرها في مواجهة الفتن المعاصرة (ملخص ثان)
  • العقيدة الإسلامية وأثرها في مواجهة الفتن المعاصرة (ملخص ثالث)
  • اعتزال السلف للفتن
  • الفتن في العالم العربي، هل تملك العلوم تفسيرا لها؟!
  • إصلاح العقيدة .. هو المنطلق لكل إصلاح
  • موقفنا من الفتن
  • العقيدة الإسلامية في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة
  • أثر العقيدة الإسلامية في بلورة المشروع الحضاري

مختارات من الشبكة

  • العقيدة وأثرها في مواجهة الفتن المعاصرة(كتاب - موقع أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد)
  • العقيدة الإسلامية وأثرها التربوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة: ثمرات العقيدة الصحيحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة ( منزلة علم العقيدة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العقيدة العقيدة(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • أثر المنطق على العقيدة الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الموجز في العقيدة الإسلامية "مختصر عقيدة الإمام السفاريني" (PDF)(كتاب - موقع أ. د. مصطفى حلمي)
  • كتب تنصح اللجنة الدائمة بقراءتها في مجال العقيدة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العقيدة.. وأثرها في صياغة الشخصية المسلمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف العقيدة ومسمياتها ومصدر تلقيها(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- سؤال
سارة - البحرين 17-09-2012 11:14 PM

بارك الله فيكم على هذا الطرح..

لكن سؤالي هل يوجد دليل في السنة ما يشير لخروج ووجود التلفونات النقالة وأجهزه التنصت ؟؟

لأنها أيضا تعتبر من من الفتن

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب