• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    صحة العيون في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تذكير (للأحياء) مِن الأحياء بحقوق الأموات عليهم!
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    حديث: حسابكما على الله، أحدكما كاذب لا سبيل لك ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة (المنافقون)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    موعظة وذكرى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من غشنا فليس منا (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تبرؤ المتبوعين من أتباعهم
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الخامس والسادس لتدريس ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    التوازن في حياة المسلم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وقيامه به ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    بطلان موت الصحابي الجليل عبيدالله بن جحش رضي الله ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (10) أبو ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    استراتيجيات تحقيق الهدف الثاني والثالث والرابع ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

أخلاق يبغضها الله سبحانه (خطبة)

أخلاق يبغضها الله سبحانه (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/4/2025 ميلادي - 11/10/1446 هجري

الزيارات: 20030

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أخلاق يُبغضها الله سبحانه

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَكَثِيرَةٌ هِيَ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي تَتَحَدَّثُ عَنْ بُغْضِ اللَّهِ تَعَالَى لِجُمْلَةٍ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْأَشْخَاصِ، وَهَذِهِ الْخِصَالُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يُحِبُّهَا لَيْسَتْ فِي مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَمِنْهَا: مَا هُوَ كُفْرٌ وَخُرُوجٌ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْهَا: مَا هُوَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ، وَمِنْهَا: مَا هُوَ مَكْرُوهٌ مِنَ الْمَكْرُوهَاتِ. وَمِنْ لَوَازِمِ مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَتَمَامِ إِيمَانِهِ؛ أَنْ يُحِبَّ مَا يُحِبُّهُ مَوْلَاهُ، وَيُبْغِضَ مَا يُبْغِضُهُ، وَيَرْضَى لِرِضَائِهِ، وَيَغْضَبَ لِغَضَبِهِ. وَحَدِيثُنَا عَنِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ، وَيُبْغِضُ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. مِنْ أَهَمِّ الْأَخْلَاقِ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ:

1- الْكِبْرُ، وَالْفَخْرُ، وَالْخُيَلَاءُ: فَالْكِبْرُ: هُوَ إِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ؛ بِأَنْ يَرَى نَفْسَهُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ. وَالْفَخْرُ: هُوَ الْمُبَاهَاةُ فِي الْأَشْيَاءِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْإِنْسَانِ؛ كَالْمَالِ وَالْجَاهِ[1]. وَالْخُيَلَاءُ: هِيَ التَّكَبُّرُ؛ بِأَنْ يَتَخَيَّلَ الْإِنْسَانُ فَضِيلَةً تَرَاءَتْ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ. وَالْخُيَلَاءُ وَالْمَخِيلَةُ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لُقْمَانَ: 18]؛ أَيْ: مُخْتَالٌ مُعْجَبٌ بِنَفْسِهِ، فَخُورٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَهَذَا الصِّنْفُ مِنَ النَّاسِ لَا يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَكَبِّرُونَ عَلَى النَّاسِ، وَلِذَا يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى؛ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الِاخْتِيَالُ الَّذِي يُبْغِضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْخُيَلَاءُ فِي الْبَاطِلِ» حَسَنٌ - رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

وَهَذِهِ صِفَاتٌ مَذْمُومَةٌ، تَسْلُبُ صَاحِبَهَا الْفَضَائِلَ، وَتُكْسِبُهُ الرَّذَائِلَ، وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ؛ بَلْ إِنَّ كُلًّا مِنَ الْخُيَلَاءِ وَالْفَخْرِ ثَمَرَةٌ سَيِّئَةٌ لِصِفَةِ الْكِبْرِ وَالْإِعْجَابِ بِالنَّفْسِ[2]. وَاللَّهُ تَعَالَى يُبْغِضُ الْمُتَكَبِّرِينَ، وَلَا يُحِبُّهُمْ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾ [النَّحْلِ: 23].

 

وَأَسْوَأُ صُوَرِ التَّكَبُّرِ: هُوَ تَكَبُّرُ الْفَقِيرِ الْعَائِلِ ذِي الْحَاجَةِ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الْبَيَّاعُ الْحَلَّافُ، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، وَالشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْإِمَامُ الْجَائِرُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَالتَّكَبُّرُ مُحَرَّمٌ عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا، إِلَّا أَنَّهُ مِنَ الْفَقِيرِ أَعْظَمُ جُرْمًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَوَى عَنْهُ أَسْبَابَ التَّكَبُّرِ، فَكَانَ الْأَوْلَى بِهِ التَّوَاضُعَ، فَأَبَى لُؤْمُ طَبْعِهِ إِلَّا التَّكَبُّرَ، فَلِذَلِكَ كَانَ التَّكَبُّرُ مِنْهُ أَقْبَحَ[3]، وَاللَّهُ تَعَالَى سَيُحَاسِبُ الْمُتَكَبِّرِينَ – وَإِنْ كَانَ مَا يُكِنُّونَهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْهُ وَزْنَ ذَرَّةٍ، وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُجَازَوْا عَلَى كِبْرِهِمْ[4]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

2- الْبُخْلُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ: مَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ، ‌وَغَنِيٌّ ‌بَخِيلٌ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ"[5]. وَالْبُخْلُ أَنْوَاعٌ: بُخْلٌ بِالْمَالِ، وَبِالْعِلْمِ، وَبِالطَّعَامِ، وَبِالسَّلَامِ، وَبِالْكَلَامِ، وَبِالْجَاهِ، وَبِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُلُّهَا نَقَائِصُ وَرَذَائِلُ مَذْمُومَةٌ عَقْلًا وَشَرْعًا[6]، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَرُّ مَا فِي الرَّجُلِ: ‌شُحٌّ ‌هَالِعٌ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. أَيْ: يَجْزَعُ فِي شُحِّهِ أَشَدَّ الْجَزَعِ[7]. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌إِنَّ ‌أَبْخَلَ ‌النَّاسِ ‌مَنْ ‌بَخِلَ بِالسَّلَامِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ أَيْضًا: «‌الْبَخِيلُ ‌مَنْ ‌ذُكِرْتُ ‌عِنْدَهُ؛ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَهَلْ تَجِدُ أَبْخَلَ مِنْ هَذَا؟!

 

3- الْفُحْشُ وَالتَّفَحُّشُ: وَالْفُحْشُ: مَا عَظُمَ قُبْحُهُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ[8]. وَقِيلَ: هُوَ مَا يَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ السَّلِيمُ، وَيَسْتَنْقِصُهُ الْعَقْلُ الْمُسْتَقِيمُ[9]، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَدَمِ مَحَبَّةِ اللَّهِ لِلْفُحْشِ وَالتَّفَحُّشِ، بِقَوْلِهِ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَحَذَّرَ أُمَّتَهُ مِنَ الْفُحْشِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌إِيَّاكُمْ ‌وَالْفُحْشَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ وَالْمُتَفَحِّشَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَصَرَّحَ بِبُغْضِ اللَّهِ لِلْفَاحِشِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ» صَحِيحٌ - رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَالْبَذَاءُ: الْفُحْشُ فِي الْقَوْلِ، وَالْقُبْحُ فِي الْمَنْطِقِ، وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ صِدْقًا[10].

 

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ فِي اجْتِنَابِ الْفُحْشِ وَالتَّفَحُّشِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

4- التَّكَلُّفُ فِي الْكَلَامِ: يُطْلَقُ عَلَى التَّكَلُّفِ - فِي الْكَلَامِ- عِدَّةُ صِفَاتٍ، مِنْهَا: التَّشَدُّقُ[11]، وَالتَّقَعُّرُ[12]، وَالتَّفَاصُحُ[13]، وَالتَّفَيْهُقُ[14]، وَالثَّرْثَرَةُ[15]، وَهِيَ أَوْصَافٌ - فِي الْكَلَامِ- لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يُحِبُّ مَنْ يَفْعَلُهَا.

 

وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بُغْضِ اللَّهِ لِمَنْ يَتَكَلَّفُ فِي كَلَامِهِ؛ تَفَاصُحًا وَاسْتِعْلَاءً، وَإِظْهَارًا لِلْبَلَاغَةِ وَالِاقْتِدَارِ، وَتَشَدُّقًا فِي الْكَلَامِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ[16] مِنَ الرِّجَالِ، الَّذِي يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ تَخَلُّلَ الْبَاقِرَةِ[17] بِلِسَانِهَا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. فَشَبَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْمُتَفَاصِحَ الْمُتَشَدِّقَ بِالْبَقَرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُدِيرُ لِسَانَهُ حَوْلَ أَسْنَانِهِ حَالَ كَلَامِهِ، كَفِعْلِ الْبَقَرَةِ حَالَ الْأَكْلِ، فَإِنَّهَا تَلُفُّ الْكَلَأَ بِلِسَانِهَا لَفًّا[18]، وَكَذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبْغِضُهُمْ، وَهُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ مِنْهُ مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: «إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ، وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الثَّرْثَارُونَ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ، وَالْمُتَفَيْهِقُونَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا "الثَّرْثَارُونَ، وَالْمُتَشَدِّقُونَ" فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: «الْمُتَكَبِّرُونَ» حَسَنٌ - رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. بَلْ إِنَّهُمْ شِرَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌شِرَارُ ‌أُمَّتِي: ‌الثَّرْثَارُونَ، الْمُشَّدِّقُونَ، الْمُتَفَيْهِقُونَ» صَحِيحٌ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي (الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ).

 

وَجَمِيعُ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ - مِنْ صُوَرِ التَّكَلُّفِ بِالْكَلَامِ – إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ التَّنَطُّعِ، الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَلَاكِ مُلَازِمِيهِ، بِقَوْلِهِ: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلَاثًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالتَّنَطُّعُ: هُوَ التَّعَمُّقُ، وَالتَّشَدُّدُ، وَالِاسْتِقْصَاءُ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَالْمُتَنَطِّعُ: هُوَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِأَقْصَى حَلْقِهِ، مَأْخُوذٌ مِنَ النَّطْعِ[19].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْأَخْلَاقِ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ:

5- الْبُؤْسُ وَالتَّبَاؤُسُ: مَظْهَرُ الْمَرْءِ بَيْنَ النَّاسِ لَهُ مَدْلُولٌ وَاضِحٌ لَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ إِظْهَارَ نَفْسِهِ أَمَامَ النَّاسِ ذَلِيلًا مُنْكَسِرًا مُفْتَقِرًا، لِيَسْتَجْلِبَ عَطْفَهُمْ وَإِحْسَانَهُمْ؛ بَلْ يُحِبُّ مِنْهُ أَنْ يَتَجَمَّلَ بِمَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ[20]. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَنْعَمْ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ، ‌وَيَكْرَهُ ‌الْبُؤْسَ ‌وَالتَّبَاؤُسَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، وَيُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ، ‌وَيُبْغِضُ ‌الْبُؤْسَ ‌وَالتَّبَاؤُسَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. فَإِظْهَارُ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ مَعَ الْكِفَايَةِ؛ هُوَ كَشَكْوَى اللَّهِ إِلَى الْعِبَادِ، وَهُوَ سَبَبٌ لِاحْتِقَارِ النَّاسِ لَهُ، وَازْدِرَائِهِمْ إِيَّاهُ، وَشَمَاتَةِ أَعْدَائِهِ فِيهِ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُهْمِلَ نَفْسَهُ، وَيُقَصِّرَ فِيمَا هُوَ مُتَوَفِّرٌ بَيْنَ يَدَيْهِ مِمَّا يُحَسِّنُ مَظْهَرَهُ.

 

6- الْغَيْرَةُ الْمَذْمُومَةُ: الْغَيْرَةُ مِنْهَا مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَذْمُومٌ مَكْرُوهٌ يُبْغِضُهُ اللَّهُ؛ أَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَيَرْضَى عَنْ صَاحِبِهَا: فَهِيَ غَيْرَةُ الرَّجُلِ عَلَى عِرْضِهِ وَمَحَارِمِهِ – إِذَا رَأَى مِنْهُمْ فِعْلًا مُحَرَّمًا، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الْمَذْمُومَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ تَعَالَى فَهِيَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى أَسَاسِ الظُّنُونِ وَالشُّكُوكِ وَالْأَوْهَامِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ... فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ» حَسَنٌ – رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

فَفِي الْغَيْرَةِ الْمَذْمُومَةِ تَتَحَرَّكُ الْقُوَّةُ الْغَضَبِيَّةُ النَّاتِجَةُ عَنِ الْحَسَدِ، وَكَرَاهَةِ الْمُشَارَكَةِ، فَتَدْفَعُهُ إِلَى الْعَمَلِ بِالظُّنُونِ وَالْأَوْهَامِ، فَيَسْتَغِلُّهَا الشَّيْطَانُ لِيُوَسْوِسَ لِلْإِنْسَانِ بِمَا شَاءَ. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا، قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: «مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟»، فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ؟»، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَمَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قُلْتُ: وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.



[1] انظر: مفردات ألفاظ القرآن، (1/ 332)؛ لسان العرب، (11/ 226)؛ معجم مقاييس اللغة، (5/ 153).

[2] انظر: أدب الدنيا والدين، (ص231).

[3] انظر: فيض القدير، للمناوي (1/ 470).

[4] انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (2/ 91).

[5] فِيهِ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَرْحَبِيُّ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

[6] انظر: البحر المحيط، (3/ 256).

[7] انظر: شرح المشكاة، للطيبي (5/ 1530).

[8] انظر: مفردات ألفاظ القرآن، (2/ 180).

[9] انظر: التعريفات، للجرجاني (ص212).

[10] انظر: النهاية، لابن الأُثير (1/ 130).

[11] المُتَشَدِّق: هو المُتكلِّم بملءِ شِدقيه؛ تَفاصُحاً وتَعاظُماً واستعلاءً على غيره. انظر: الصحاح، (6/ 193).

[12] المُتَقَعِّر: هو الذي يُخرِج الكلامَ من قَعْرِ حلقِه. انظر: مقاييس اللغة، (5/ 109).

[13] المُتَفاصِح: هو الذي تكلَّف الفصاحةَ، وتشبَّه بالفُصَحاء تَكلُّفًا. انظر: مختار الصحاح، (ص517).

[14] المُتَفَيْهِق: هو الذي يتوسَّع في كلامه، ويَملأُ به فَمَه. انظر: لسان العرب، (10/ 313).

[15] الثَّرْثار: هو الذي يُكثِر الكلامَ تَكَلُّفًا، وخُروجًا عن الحق. انظر: النهاية، لا بن الأثير (1/ 234).

[16] أي: المُظْهِر للتَّفَصُّح تِيهًا على الغير، وتفاصحًا واستعلاء. انظر: السراج المنير، (2/ 979).

[17] جماعة البقر. انظر: عمدة القاري، (6/ 172).

[18] انظر: النهاية، لابن الأثير (3/ 91).

[19] انظر: إكمال المعلم بفوائد مسلم، (8/ 164).

[20] انظر: فيض القدير، (2/ 202).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أخلاق خاتم الأنبياء وإعجازها
  • أخلاق العمل في الإسلام
  • المساحة في أخلاق الناس
  • أهمية الأخلاق في الإسلام
  • الحلم زينة الأخلاق وعقد مفاخرها
  • الخلف وسوء الأخلاق في رمضان
  • ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (27) «البر حسن الخلق» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بأخلاقنا.. لا بأخلاقهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منزلة الأخلاق في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكارم الأخلاق على ضوء الكتاب والسنة الصحيحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: المصافحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/2/1447هـ - الساعة: 13:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب