• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الوقف في خدمة القرآن الكريم: تطلعات وطموحات
    وقفنا
  •  
    وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها ووجوب قص الشارب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة (المسيخ الدجال)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة قوية الحجة واضحة ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    فضول الكلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    قصيدة عن الصلاة
    أ. محمود مفلح
  •  
    مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، يتيمة مجهولة في بئر ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    فقه يوم عاشوراء
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أدوات الكتابة المستخدمة في الجمع الأول في العهد ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أفضل الخلق بعد الأنبياء (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل صلاة الضحى
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الآباء والأمهات لهم دور كبير في توجيه الطفل حتى ...
    عثمان ظهير
  •  
    الاستهزاء بالأحاديث النبوية
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    المحرم: فضائل وخصائص وبدع
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

شروط لا إله إلا الله (3) الإخلاص

شروط لا إله إلا الله (3) الإخلاص
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/4/2019 ميلادي - 28/7/1440 هجري

الزيارات: 34469

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شروط لا إله إلا الله (3)

الإخلاص


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 1]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ لِلْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَكَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا، وَعَمَلُهُمْ مَبْرُورًا، وَجَزَاؤُهُمْ مَوْفُورًا، وَحَجَبَ عَنْهُ أَهْلَ الْغَوَايَةِ فَكَانَ سَعْيُهُمْ مَرْدُودًا، وَكَانَ عَمَلُهُمْ هَبَاءً مَنْثُورًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ دَعَا إِلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَبَيَّنَ فَضْلَهَا وَمَنْزِلَتَهَا، وَحَثَّ أُمَّتَهُ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهَا، وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا، وَالْتِزَامِ لَوَازِمِهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَعَلَّمُوا مِنْ دِينِكُمْ مَا يُبَلِّغُكُمْ رِضْوَانَ رَبِّكُمْ؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ فَنَاءٍ وَغُرُورٍ، وَإِنَّ الْآخِرَةَ دَارُ نَعِيمٍ وَخُلُودٍ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُور ُ ﴾ [لُقْمَانَ: 33].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

يَجِئْ رَجُلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِجِلَّاتِ ذُنُوبِهِ وَقَدْ بَلَغَتْ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سِجِلًّا، كُلُّ سِجِلٍّ مَدَّ الْبَصَرِ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِلَّا بِطَاقَةٌ فِيهَا الشَّهَادَتَانِ، فَوُضِعَتِ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ، فَرَجَحَتِ الْبِطَاقَةُ وَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ، وَهَذِهِ البِطَاقَةُ فِيهَا (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَا يَثْقُلُ مَعَ اسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ». وَلَكِنْ لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ الْعَظِيمَةِ شُرُوطٌ لَا بُدَّ مِنْ تَوَافُرِهَا، وَلَوَازِمُ لَا مَفَرَّ لِلْعَبْدِ مِنَ الِالْتِزَامِ بِهَا؛ لِكَيْ تَنْفَعَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَيْسَتْ مُجَرَّدَ كَلِمَةٍ تُقَالُ، بَلْ لَهَا أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ تَتَعَلَّقُ بِالْجَوَارِحِ وَالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَإِلَّا لَلَاكَهَا الْكُفَّارُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَنَجَوْا بِهَا مِنَ الْعَذَابِ. وَمَعْنَاهَا: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَأَنَّ كُلَّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ.

 

وَمِنْ شُرُوطِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ: الْإِخْلَاصُ؛ وَذَلِكَ بِأَنْ يُوَافِقَ قَلْبُهُ لِسَانَهُ فِي نُطْقِهَا، وَيَعْمَلَ بِمَدْلُولِهَا، وَيَكُونَ الْبَاعِثُ عَلَى ذَلِكَ رِضْوَانَ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يَقُولُهَا وَيَلْتَزِمُ بِمَدْلُولِهَا رِيَاءً أَوْ سُمْعَةً، وَلَا لِعِصْمَةِ دَمِهِ أَوْ إِحْرَازِ مَالِهِ، وَلَا لِدُنْيَا يَطْلُبُهَا. وَسُمِّيَتْ كَلِمَةَ الْإِخْلَاصِ لِأَنَّ اللَّافِظَ بِهَا قَدْ أَخْلَصَ التَّوْحِيدَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

 

وَقَدْ دَلَّتِ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِخْلَاصِ فِي كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَأَنَّ انْتِفَاءَ الْإِخْلَاصِ فِي أَصْلِهَا يُبْطِلُهَا، كَمَا أَنَّ انْتِفَاءَهُ فِي بَعْضِ لَوَازِمِهَا قَدْ يُبْطِلُهَا وَقَدْ يَخْرِمُهَا وَيَنْقُصُ ثَوَابَهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 29]، أَيْ: «قَاصِدِينَ بِذَلِكَ وَجْهَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ». وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾ [الزُّمَرِ: 2]، ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾ [الزُّمَرِ: 11]، ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾ [الزُّمَرِ: 14]، ﴿ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [غَافِرٍ: 65]، ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [الْبَيِّنَةِ: 5].

 

فَكُلُّ هَذِهِ الْآيَاتِ تَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِخْلَاصِ فِي كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَفِيمَا تَقْتَضِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ، وَهِيَ شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ.

 

وَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِخْلَاصِ فِي كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أَوْ نَفْسِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَمِنْهَا أَيْضًا: حَدِيثُ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَلَا يَبْتَغِي بِقَوْلِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مُخْلِصٌ.

 

وَمِنْهَا أَيْضًا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا قَالَ عَبْدٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَطُّ مُخْلِصًا إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، حَتَّى تُفْضِيَ إِلَى الْعَرْشِ، مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

 

وَمِنْهَا أَيْضًا: حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: اكْشِفُوا عَنِّي سِجْفَ الْقُبَّةِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

فَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ نُصَّ فِيهَا عَلَى الْإِخْلَاصِ فِي قَوْلِ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)؛ مِمَّا يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَهَا غَيْرَ مُخْلِصٍ فِي قَوْلِهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ، كَمَا هُوَ فِعْلُ الْمُنَافِقِينَ؛ فَإِنَّهُمْ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ، وَيَكِيدُونَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، وَيُصَلُّونَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ كَانُوا يَحْضُرُونَ الْغَزْوَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُعَرِّضُونَ أَنْفُسَهُمْ لِلْقَتْلِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَعْهُمْ قَوْلُهُمْ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، كَمَا لَمْ يَنْفَعْهُمْ إِتْيَانُهُمْ بِمُقْتَضَيَاتِهَا مِنْ صَلَاةٍ وَحَجٍّ وَجِهَادٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوهَا بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَلَمْ تُخْلِصْ قُلُوبُهُمْ فِي قَوْلِهَا.

 

وَمِنْ مُنَافِقِي عَصَرْنَا مَنْ يَقُولُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) بِلِسَانِهِ، وَقَدْ يَأْتِي بِبَعْضِ مُقْتَضَيَاتِهَا مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَحَجٍّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْهَا مِنْ قَلْبِهِ، بَلْ يُبْغِضُهَا وَيُبْغِضُ أَهْلَهَا، أَوْ يَأْتِي بِمَا يُنَاقِضُهَا؛ قَالَهَا تَقْلِيدًا لِآبَائِهِ وَأَهْلِهِ، وَيَعْسُرُ عَلَيْهِ أَنْ يُنَابِذَهُمْ فِيهَا، أَوْ قَالَهَا لِيَنَالَ مَكَانَةً وَمَنْزِلَةً لِأَنَّهُ فِي مُجْتَمَعٍ يُؤْمِنُ بِهَا، فَلَا بُدَّ أَنْ يُسَايِرَهُمْ فِي مُعْتَقَدَاتِهِمْ؛ لِيَصِلَ إِلَى مُرَادِهِ مِنْ دُنْيَاهُمْ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَغْرَاضِ الَّتِي لَا عَلَاقَةَ لَهَا بِالْإِخْلَاصِ.

 

وَالنَّاسُ فِي الْإِخْلَاصِ لِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ عَلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ:

فَقِسْمٌ مِنْهُمُ: انْعَقَدَتْ قُلُوبُهُمْ عَلَى مَا قَالَتْهُ أَلْسِنَتُهُمْ مِنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَلَمْ يَنْقُضُوهَا بِشِرْكٍ فِي الرُّبُوبِيَّةِ أَوِ الْأُلُوهِيَّةِ أَوِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَاجْتَهَدُوا فِي مُجَانَبَةِ الرِّيَاءِ؛ لِتَكُونَ أَعْمَالُهُمْ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا أَخْلَصُوا هُمْ فِي قَوْلِ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ).

 

وَقِسْمٌ مِنْهُمْ: قَالُوهَا بِأَلْسِنَتِهِمْ، لَكِنَّهُمْ نَقَضُوهَا بِقُلُوبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، بِمَا انْعَقَدَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ مُسَاوَاةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ سُبْحَانَهُ فِي التَّعْظِيمِ وَالْمَحَبَّةِ، أَوْ بِصَرْفِ شَيْءٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ لِغَيْرِهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ كَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغَاثَةِ وَالرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهَؤُلَاءِ نَقَضُوا أَصْلَ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)؛ بِعَدَمِ إِخْلَاصِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهَا.

 

وَقِسْمٌ مِنْهُمْ: خَرَمُوا الْإِخْلَاصَ فِي بَعْضِ مُقْتَضَيَاتِ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، فَدَاخَلَ الرِّيَاءُ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ فَأَبْطَلَهَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ أَصْلَ إِيمَانِهِمْ بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَإِنَّمَا أَنْقَصَهُ وَخَرَمَهُ. وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 110]، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا شَرْطَ الْإِخْلَاصِ فِي كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَأَنْ يَجْتَهِدُوا فِي تَحْقِيقِهِ؛ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى إِيمَانِهِمْ وَتَوْحِيدِهِمْ مِنَ النَّقْضِ وَمِنَ النَّقْصِ؛ فَإِنَّ تَوْحِيدَهُمْ سَبَبُ سَعَادَتِهِمْ وَنَجَاتِهِمْ وَفَوْزِهِمُ الْأَبَدِيِّ.

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

مِمَّا يُنَاقِضُ الْإِخْلَاصَ فِي قَوْلِ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) طَاعَةُ مَنْ يَنْتَهِكُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْعَظِيمَةَ فِي انْتِهَاكِهِ لَهَا؛ كَمَنْ يُطِيعُ مَنْ يُبِيحُ الْمُحَرَّمَاتِ، أَوْ يُسْقِطُ الطَّاعَاتِ، أَوْ يُهَوِّنُ مِنْ شَأْنِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ، فَمَنْ أَطَاعَهُ فِي ضَلَالِهِ لَمْ يَكُنْ مُخْلِصًا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ أَشْرَكَ مَعَهُ غَيْرَهُ فِي حُكْمِهِ ﴿ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 26]، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِغَيْرِ مَا حَكَمَ بِهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ مِنْ ذَاتِ نَفْسِهِ فَيَكُونَ شَرِيكًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي حُكْمِهِ».

 

فَمَنْ أَبَاحَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَسْقَطَ الطَّاعَاتِ فَقَدْ أَشْرَكَ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى فِي حُكْمِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [التَّوْبَةِ: 31]، قَالَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونُهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ».

 

وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَأَمَّا الْإِخْلَاصُ فَهُوَ حَقِيقَةُ الْإِسْلَامِ؛ إِذِ الْإِسْلَامُ هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ... فَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لَهُ فَقَدِ اسْتَكْبَرَ، وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِلَّهِ وَلِغَيْرِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَكُلٌّ مِنَ الْكِبْرِ وَالشِّرْكِ ضِدُّ الْإِسْلَامِ، وَالْإِسْلَامُ ضِدُّ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ».

 

وَفِي هَذَا الْعَصْرِ انْتُهِكَ شَرْطُ الْإِخْلَاصِ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ كَثِيرًا، وَلَا سِيَّمَا فِي التَّخَفُّفِ مِنَ الضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالأُمُورِ العَصْرِيَّةِ. وَالَّذِينَ أَسْقَطُوا هَذِهِ الضَّوَابِطَ الشَّرْعِيَّةَ لَمْ يَرْفَعُوا بِالشَّرْعِ رَأْسًا، وَلَمْ يَأْبَهُوا بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ الَّتِي انْتَهَكُوهَا. وَتَرَاهُمْ يَتَّكِئُونَ عَلَى أَيِّ خِلَافٍ وَلَوْ كَانَ ضَعِيفًا أَوْ شَاذًّا أَوْ قَوْلًا مَهْجُورًا أَوْ مُحْدَثًا مُبْتَدَعًا؛ لِتَعْطِيلِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرِهِ، وَالصَّيْرُورَةِ إِلَى أَهْوَاءِ الْبَشَرِ وَتَخَبُّطِهِمْ، وَلَا يَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يُعَارِضُ الْإِخْلَاصَ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، الَّتِي تَسْتَلْزِمُ أَنْ يُصَارَ إِلَى شَرِيعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُلْتَزَمَ بِحُدُودِهَا، وَلَا يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ حُرُمَاتِهَا، وَلَا يُتَعَدَّى عَلَى شَيْءٍ مِنْ حِمَاهَا.

 

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ -عِبَادَ اللَّهِ- مِنْ هَذَا الْمَسْلَكِ الْوَعِرِ، وَالْمُنْزَلَقِ الْخَطِرِ، الَّذِي قَدْ يَهْوِي بِصَاحِبِهِ إِلَى دَرَكَاتِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [غَافِرٍ: 14].

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شروط لا إله إلا الله (1) العلم
  • شروط لا إله إلا الله (2) اليقين
  • متن منظومة لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله
  • المحبة من شروط لا إله إلا الله
  • خطبة لا إله إلا الله
  • حقيقة لا إله إلا الله (خطبة)
  • بعض من مقتضيات لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله
  • شروط لا إله إلا الله
  • شروط "لا إله إلا الله"

مختارات من الشبكة

  • من مائدة العقيدة: شروط شهادة أن لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط (لا إله إلا الله)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط شهادة أن لا إله إلا الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل تعلم وتعليم شروط لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط (لا إله إلا الله)(مادة مرئية - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • ما شروط تحقيق لا إله إلا الله؟(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • معنى القبول والانقياد في شروط لا إله إلا الله (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى القبول والانقياد في شروط لا إله إلا الله (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نظرات حول شروط لا إله إلا الله (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه
  • ختام الدورة التاسعة لمسابقة "جيل القرآن" وتكريم 50 فائزا في سلوفينيا
  • ندوة في سارنيتسا تبحث تطوير تدريس الدين الإسلامي وحفظ التراث الثقافي
  • مشروع للطاقة الشمسية وتكييف الهواء يحولان مسجد في تيراسا إلى نموذج حديث
  • أكثر من 5000 متطوع مسلم يحيون مشروع "النظافة من الإيمان" في زينيتسا
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/1/1447هـ - الساعة: 11:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب