• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    جواب لسائل يقول أمي عاملة دوشة في البيت
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    وصف جنات النعيم وأهلها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أهم مراجع التثقيف القانوني للمحامين والمستشارين ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    حديث: يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاما أسود
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    من حقوق الوالدين
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وفاة سماحة المفتي عبدالعزيز آل الشيخ رحمه الله: ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    خطبة النعي وأحكامه
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الاستجابة لله تعالى (3) استجابة الصحابيات رضي ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    توسد اليد اليمنى عند النوم في الشرع والطب
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الحسود لا يسود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    عناية الصحابة رضي الله عنهم بحفظ القرآن وتدوينه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    القسط الهندي (Pryone) في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

التعامل الأمثل عند الخصومة والنزاع (خطبة)

التعامل الأمثل عند الخصومة والنزاع (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/10/2024 ميلادي - 4/4/1446 هجري

الزيارات: 10777

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التَّعامل الأمثل عند الخُصومَة والنِّزاع


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَلَا يَخْلُو مُجْتَمَعٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ أَفْرَادِهِ؛ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الثَّقَافَاتِ، أَوِ التَّبَايُنِ فِي حُظُوظِ النَّفْسِ، أَوِ التَّنَافُسِ فِي الدُّنْيَا، أَوِ اتِّبَاعِ الْهَوَى، أَوِ الِاسْتِجَابَةِ لِنَزَغَاتِ الشَّيَاطِينِ، مِمَّا يُؤَدِّي إِلَى شَيْءٍ مِنَ التَّنَازُعِ وَالْخُصُومَاتِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ.

 

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ بِمَا يُعِيدُ الْحَقَّ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ، وَذَكَّرَهُمْ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ أَنْ يَقْتَطِعَ أَحَدُهُمْ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، أَوْ يَتَمَادَى فِي الْبَاطِلِ، وَحَذَّرَهُمْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، وَعَصَبِيَّتَهَا الْمُنْتِنَةَ، وَحَذَّرَهُمْ مِنْ نِسْيَانِ الْفَضْلِ بَيْنَهُمْ عِنْدَ الْخُصُومَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ، وَرَبَّاهُمْ عَلَى كُلِّ صِفَاتِ الْخَيْرِ، وَالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ، وَكَانَ يَتَعَامَلُ مَعَ الْمُتَخَاصِمِينَ إِلَيْهِ تَعَامُلًا حَكِيمًا عَادِلًا؛ يُنْهِي الْخِلَافَ، وَيَقْطَعُهُ، وَحَدِيثُنَا عَنِ التَّعَامُلِ الْأَمْثَلِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ:

1- السَّعْيُ لِلصُّلْحِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالْحِجَارَةِ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ؛ فَقَالَ: «اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا، فَنَادَى: «يَا كَعْبُ». قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا» فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ؛ أَيِ: الشَّطْرَ. قَالَ: "لَقَدْ فَعَلْتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ". قَالَ: «قُمْ فَاقْضِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلَحَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْخَصْمَيْنِ، وَشَفَعَ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ؛ بِأَنْ يَضَعَ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ، فَقُبِلَتْ شَفَاعَتُهُ.

 

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالَّذِي أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ‌سَبِيلِ ‌الْمَشُورَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ: عَلَى أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُرَاوِدَ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الصُّلْحِ؛ إِذَا رَأَى وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ، كَمَا يَفْصِلُ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا).

 

2- تَرْغِيبُ الْمُتَخَاصِمِينَ وَتَشْجِيعُهُمْ عَلَى الصُّلْحِ، وَفِعْلِ الْمَعْرُوفِ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ، عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ [أَيْ: يَطْلُبُ مِنْهُ الْوَضِيعَةَ؛ وَهِيَ تَرْكُ بَعْضِ الدَّيْنِ]، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ [أَيْ: يَطْلُبُ مِنْهُ الرِّفْقَ فِي الْمُطَالَبَةِ]، وَهْوَ يَقُولُ: "وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ!" فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ؟» فَقَالَ: "أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ" [أَيْ: سَأَفْعَلُ مَا يَطْلُبُهُ خَصْمِي] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. بَابُ: هَلْ يُشِيرُ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ؟


فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَعَ إِلَى صَاحِبِ الْحَقِّ، وَقُبِلَتْ شَفَاعَتُهُ فِي الْخَيْرِ؛ بِالرِّفْقِ بِالْغَرِيمِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَوَضْعِ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ.

 

3- إِذَا لَمْ يُجْدِ الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ؛ حُكِمَ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ [جَمْعُ شَرْجَةٍ؛ وَهِيَ مَسِيلُ الْمَاءِ مِنَ الْحَرَّةِ إِلَى السَّهْلِ] الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا [كَانَ الْمَاءُ يَمُرُّ بِأَرْضِ الزُّبَيْرِ قَبْلَ أَرْضِ الْأَنْصَارِيِّ، فَيَحْبِسُهُ الزُّبَيْرُ؛ لِإِكْمَالِ سَقْيِ أَرْضِهِ، ثُمَّ يُرْسِلُهُ إِلَى أَرْضِ جَارِهِ؛ فَالْتَمَسَ مِنْهُ الْأَنْصَارِيُّ تَعْجِيلَ ذَلِكَ، فَامْتَنَعَ] فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِلزُّبَيْرِ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ» فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: "أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟" [أَيْ: حَكَمْتَ لَهُ بِالتَّقْدِيمِ؛ لِأَجْلِ أَنَّهُ ابْنُ عَمَّتِكَ] فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ [أَيِ: الْحَوَاجِزِ الَّتِي تَحْبِسُ الْمَاءَ، وَالْمَعْنَى: حَتَّى تَبْلُغَ تَمَامَ الشُّرْبِ]». فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النِّسَاءِ: 65] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِمَا فِيهِ السَّعَةُ لِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ مِنَ الْجَفَاءِ؛ اسْتَوْعَبَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ). وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَكَانَ الزُّبَيْرُ صَاحِبَ الْأَرْضِ الْأُولَى، فَأَدَلَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: اسْقِ شَيْئًا يَسِيرًا دُونَ قَدْرِ حَقِّكَ، ثُمَّ أَرْسِلْهُ إِلَى جَارِكَ ‌إِدْلَالًا ‌عَلَى الزُّبَيْرِ، وَلِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَرْضَى بِذَلِكَ، وَيُؤْثِرُ الْإِحْسَانَ إِلَى جَارِهِ، فَلَمَّا قَالَ الْجَارُ مَا قَالَ؛ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ حَقِّهِ).

 

4- تَخْوِيفُ الْمُتَخَاصِمِينَ مِنَ الْحَلِفِ بِاللَّهِ كَذِبًا: عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: "إِنَّ هَذَا انْتَزَى [أَيِ: اسْتَوْلَى] عَلَى أَرْضِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ". قَالَ: «بَيِّنَتُكَ». قَالَ: "لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ". قَالَ: «يَمِينُهُ». قَالَ: "إِذًا يَذْهَبُ بِهَا" [أَيْ: يَأْخُذُ الْأَرْضَ إِذَا كَانَ بَقَاؤُهَا مَعَهُ مُتَوَقِّفًا عَلَى حَلِفِهِ]. فَقَالَ لَهُ: «لَيْسَ لَكَ إِلَّا ذَاكَ». قَالَ: فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضًا ظَالِمًا؛ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَلَا بُدَّ مِنْ وَعْظِ الْمُتَخَاصِمِينَ، وَتَخْوِيفِهِمْ مِنَ الْحَلِفِ بِاللَّهِ كَذِبًا، فَيُشَدِّدُ عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ بَاطِلًا، فَيَرْجِعَ إِلَى الْحَقِّ بِالْمَوْعِظَةِ.

 

5- حُكْمُ الْقَاضِي لَا يُحِلُّ حَرَامًا، وَلَا يُبِيحُ لِلظَّالِمِ أَخْذَ حَقِّ غَيْرِهِ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ [أَيْ: أَفْصَحَ بِبَيَانِ حُجَّتِهِ]مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ؛ فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ. فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ؛ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا، أَوْ لِيَتْرُكْهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ: وُجُوبُ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ، وَأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا، وَلَا يُحَرِّمُ حَلَالًا، وَأَنَّهُ مَتَى أَخْطَأَ فِي حُكْمِهِ فَقَضَى؛ كَانَ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ، فَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ، ‌وَفِي ‌حُكْمِ ‌الْآخِرَةِ؛ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَاضٍ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ التَّعَامُلِ الْأَمْثَلِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ وَالتَّنَازُعِ:

6- تَحْذِيرُ الْمُتَخَاصِمِينَ وَتَخْوِيفُهُمْ مِنَ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؛ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ، وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ [أَيْ: يَعْلَمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ، أَوْ يَعْلَمُ أَنَّ خَصْمَهُ عَلَى حَقٍّ]؛ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ، وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ؛ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ [الرَّدْغَةُ: هِيَ ‌الْوَحْلُ، وَرَدْغَةُ الْخَبَالِ: هِيَ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عَرَقُهُمْ]حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

قَالَ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ ذَا قُدْرَةٍ عِنْدَ الْخُصُومَةِ- سَوَاءٌ كَانَتْ خُصُومَتُهُ فِي الدِّينِ، أَوْ فِي الدُّنْيَا- عَلَى أَنْ يَنْتَصِرَ لِلْبَاطِلِ، وَيُخَيِّلَ لِلسَّامِعِ أَنَّهُ حَقٌّ، وَيُوهِنَ الْحَقَّ، وَيُخْرِجَهُ فِي صُورَةِ الْبَاطِلِ؛ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَقْبَحِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمِنْ أَخْبَثِ خِصَالِ النِّفَاقِ).

 

7- الْقَضَاءُ بِالْحَقِّ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ؛ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَطْيِيبِ خَوَاطِرِ الْجَمِيعِ: اخْتَصَمَ عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَجَعْفَرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ – فِي كَفَالَةِ ابْنَةِ حَمْزَةَ وَتَرْبِيَتِهَا؛ لِكَوْنِهَا يَتِيمَةً، فَكُلٌّ مِنْهُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِهَا؛ لِيَنَالَ رِضَا اللَّهِ؛ وَيُؤْجَرَ عَلَى ذَلِكَ.

 

فَقَالَ عَلِيٌّ: "أَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي". وَقَالَ جَعْفَرٌ: "ابْنَةُ عَمِّي، وَخَالَتُهَا تَحْتِي". وَقَالَ زَيْدٌ: "ابْنَةُ أَخِي". فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَالَتِهَا. وَقَالَ: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» [أَيْ: تَرَجَّحَ جَانِبُ جَعْفَرٍ؛ لِكَوْنِهِ ابْنَ عَمِّهَا، وَخَالَتُهَا عِنْدَهُ؛ فَاجْتَمَعَتْ قَرَابَةُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنْهَا دُونَ الْآخَرَيْنِ]،وَقَالَ - لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْكَ»، وَقَالَ – لِجَعْفَرٍ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي»، وَقَالَ – لِزَيْدٍ: «أَنْتَ أَخُونَا [أَيْ: فِي الْإِيمَانِ]وَمَوْلَانَا؛ [أَيْ: مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ، وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَوَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطْيِيبُ ‌خَوَاطِرِ ‌الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ قَضَى لِجَعْفَرٍ؛ فَقَدْ بَيَّنَ وَجْهَ ذَلِكَ). وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَالَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ؛ مِنَ الْكَلَامِ ‌الْمُطَيِّبِ لِقُلُوبِهِمْ: مِنْ حُسْنِ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

 

وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ: تَعْظِيمُ صِلَةِ الرَّحِمِ؛ بِحَيْثُ تَقَعُ الْمُخَاصَمَةُ بَيْنَ الْكِبَارِ فِي التَّوَصُّلِ إِلَيْهَا، وَالْحَاكِمُ يُبَيِّنُ دَلِيلَ الْحُكْمِ لِلْخَصْمِ، وَأَنَّ الْخَصْمَ يُدْلِي بِحُجَّتِهِ، وَتَنَافُسُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي الْمُسَارَعَةِ إِلَى الْخَيْرَاتِ.

 

8- الْعَدْلُ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ مَهْمَا اخْتَلَفَتْ أَدْيَانُهُمْ وَعَقَائِدُهُمْ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، جَاءَ يَهُودِيٌّ فَقَالَ: "يَا أَبَا الْقَاسِمِ! ضَرَبَ وَجْهِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِكَ" فَقَالَ: «مَنْ؟» قَالَ: "رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ". قَالَ: «ادْعُوهُ». فَقَالَ: «أَضَرَبْتَهُ؟» قَالَ: سَمِعْتُهُ بِالسُّوقِ يَحْلِفُ: "وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ"، قُلْتُ: "أَيْ خَبِيثُ، عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ، ضَرَبْتُ وَجْهَهُ" فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ...» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فجور المنافقين في الخصومة
  • وقف الخصومة
  • الإنصاف في الخصومة!!
  • من فوائد وثمرات ترك الخصومة
  • الخصومة مع العلم...!

مختارات من الشبكة

  • خطبة: التعامل مع الشاب اليتيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم والمتشابه: موازين الاستقامة والانحراف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • قواعد مهمة في التعامل مع العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المترجم الدبلوماسي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التعامل الأمثل مع العصاة والمذنبين (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • التعامل الأمثل مع الأخطاء الأسرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة للطامع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم والعلماء والتذكير بالموت والفناء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/4/1447هـ - الساعة: 9:39
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب