• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    {وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة}
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الاستجابة لله تعالى (3) استجابة الصحابيات رضي ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    توسد اليد اليمنى عند النوم في الشرع والطب
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الحسود لا يسود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    عناية الصحابة رضي الله عنهم بحفظ القرآن وتدوينه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    القسط الهندي (Pryone) في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب صيانة كلام الرحمن عن مطاعن أهل الزيغ ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    من مشاهد القيامة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

رجل يداين ويسامح (خطبة)

رجل يداين ويسامح (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/7/2025 ميلادي - 26/1/1447 هجري

الزيارات: 4290

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رجل يُدايِن ويُسامِح


إِنَّ ‌الْحَمْدَ ‌لِلَّهِ ‌نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ، وَتَجَاوَزْ؛ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا. فَلَمَّا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ، وَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى، قُلْتُ لَهُ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ، وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ، وَتَجَاوَزْ؛ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ.

 

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا؛ فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَلَقِيَ اللَّهَ؛ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ».

 

وَفِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ لِمُسْلِمٍ: «تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَقَالُوا: أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. قَالُوا: تَذَكَّرْ. قَالَ: كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ؛ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ. قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَجَوَّزُوا عَنْهُ».

 

وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ لِمُسْلِمٍ: «أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ، آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟ قَالَ: يَا رَبِّ، آتَيْتَنِي مَالَكَ، فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ. فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي».

 

هَلْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: «إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ»، أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا؟


الْجَوَابُ: لَا؛ الرَّجُلُ كَانَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَقَوْلُ هَذَا الرَّجُلِ، الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، غَيْرَ تَجَاوُزِهِ عَنْ غُرَمَائِهِ: «لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا» إِيمَانٌ، وَإِقْرَارٌ بِالرَّبِّ وَمَجَازَاتِهِ)[1].

 

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ: قِصَّةُ الرَّجُلِ الَّذِي أَمَرَ بَنِيهِ بِإِحْرَاقِ نَفْسِهِ. وَالشَّاهِدُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّوْحِيدَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ إِنْ صَحَّتْ، رَفَعَتِ الْإِشْكَالَ فِي إِيمَانِ هَذَا الرَّجُلِ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ[2]، فَهِيَ صَحِيحَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَالْأُصُولُ كُلُّهَا تُعَضِّدُهَا، وَالنَّظَرُ يُوجِبُهَا؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُغْفَرَ لِلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ لِمَنْ مَاتَ كَافِرًا، وَهَذَا مَا لَا مَدْفَعَ لَهُ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ)[3].

 

عِبَادَ اللَّهِ: وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ:

1- وُجُودُ الصَّالِحِينَ الْمُحْسِنِينَ الْهَيِّنِينَ اللَّيِّنِينَ فِي الْأُمَمِ السَّالِفَةِ.

2- فَضْلُ الْقَرْضِ الْحَسَنِ: وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخْلِفُ عَلَى صَاحِبِهِ بِهِ خَلَفًا كَبِيرًا، وَيُضَاعِفُ لَهُ بِهِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [الْبَقَرَةِ: 245]. فَهُوَ مِنْ أَزْكَى الطَّاعَاتِ، وَأَعْظَمِهَا أَجْرًا، وَأَجْزَلِهَا مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ؛ بِأَنْ يُعِينَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ بِقَرْضٍ حَسَنٍ يُقِيلُ بِهِ عَثْرَتَهُ، وَيَفُكُّ بِهِ عُسْرَتَهُ، وَيُفَرِّجُ بِهِ كُرْبَتَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّ السَّلَفَ يَجْرِي مَجْرَى شَطْرِ الصَّدَقَةِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

3- الْأَجْرُ الْعَظِيمُ فِي إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةً قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ؛ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَاهُ صَدَقَةً» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَكُلَّمَا ازْدَادَ إِنْظَارًا؛ ازْدَادَ الْأَجْرُ؛ بِشَرْطِ أَنْ يَحْتَسِبَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، لَا أَنْ يُنْظِرَهُ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ.

 

4- خُطُورَةُ الدَّيْنِ، فَلَا يُلْجَأُ إِلَيْهِ إِلَّا لِحَاجَةٍ مُلِحَّةٍ وَاضْطِرَارٍ: فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ». فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

5- اسْتِحْبَابُ الْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَالِاقْتِضَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ: سَوَاءٌ اسْتَوْفَى مِنْ مُوسِرٍ أَوْ مُعْسِرٍ؛ لِقَوْلِهِ: «وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ[4]، فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ»؛ وَقَوْلِهِ: «كُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ؛ فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ».

 

6- الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ؛ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ؛ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ تَجَاوَزَ عَنِ النَّاسِ؛ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ[5].

 

7- وَضْعُ الدَّيْنِ بِالْكُلِّيَّةِ، أَكْثَرُ أَجْرًا مِنَ الْإِنْظَارِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 280]. فَإِنَّ الْغُنْمَ عَلَى قَدْرِ الْغُرْمِ، وَإِسْقَاطُ عَيْنِ الْمَالِ أَكْثَرُ غُرْمًا مِنْ مُجَرَّدِ الْإِمْهَالِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ:

8- أَنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الْحَسَنَاتِ مَعَ الْإِخْلَاصِ، يُكَفِّرُ الْكَثِيرَ مِنَ السَّيِّئَاتِ: لِقَوْلِهِ: «فَلَقِيَ اللَّهَ؛ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ». فَإِنَّ عَمَلًا وَاحِدًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ؛ أَدَّى بِصَاحِبِهِ إِلَى أَنْ يَشْمَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، فَهَذَا يُوجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَلَّا يَحْتَقِرَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْخَيْرِ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَهَذَا الْفَضْلُ يَكُونُ لِلْمَرْءِ إِذَا بَاشَرَ الْمَعْرُوفَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِوَكِيلِهِ[6].

 

9- مَشْرُوعِيَّةُ التَّوْكِيلِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ: لِقَوْلِهِ: «فَآمُرُ فِتْيَانِي أَنْ يُنْظِرُوا الْمُعْسِرَ، وَيَتَجَوَّزُوا عَنِ الْمُوسِرِ». وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا[7].

 

10- فَضْلُ احْتِسَابِ الْأَجْرِ، وَحُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى: لِقَوْلِهِ: «وَتَجَاوَزْ[8]؛ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا»؛ فَاسْتِشْعَارُ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ مِنْ أَعْظَمِ الْمُعِينَاتِ عَلَى الْقِيَامِ بِالطَّاعَاتِ وَالْقُرُبَاتِ، وَفِعْلِ الْخَيْرَاتِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ حَسَنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ، حَسَنَ الرَّجَاءِ لَهُ، صَادِقَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَهُ فِيهِ الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ آمِلٍ، وَلَا يُضَيِّعُ عَمَلَ عَامِلٍ)[9].

 

11- الرَّجَاءُ الْمَقْبُولُ عِنْدَ اللَّهِ؛ هُوَ مَا صَاحَبَهُ الْعَمَلُ: فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّهُ رَاجٍ رَحْمَةَ رَبِّهِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إِلَّا مُجَرَّدَ أَمَانِيَّ، وَرَجَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مَصْحُوبٌ بِعَمَلٍ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 218]، فَآمَنُوا أَوَّلًا، ثُمَّ هَاجَرُوا، ثُمَّ جَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَبَعْدَ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْعَظِيمَةِ؛ بَيَّنَ أَنَّهُمْ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ.

 

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِالتَّحَلِّي، وَلَا بِالتَّمَنِّي، إِنَّمَا الْإِيمَانُ مَا وَقَرَ فِي الْقَلْبِ، وَصَدَّقَهُ الْعَمَلُ)[10]. وَقَالَ أَيْضًا: (إِنَّ قَوْمًا أَلْهَتْهُمْ أَمَانِيُّ الْمَغْفِرَةِ، حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَتْ لَهُمْ حَسَنَةٌ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ: "إِنِّي لَحَسَنُ الظَّنِّ بِرَبِّي"، وَكَذَبَ؛ لَوْ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِرَبِّهِ لَأَحْسَنَ الْعَمَلَ)[11]. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌أَجْمَعَ ‌الْعَارِفُونَ: عَلَى أَنَّ الرَّجَاءَ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَعَ الْعَمَلِ)[12].

 

12- السَّمَاحَةُ خُلُقٌ عَظِيمٌ، يَنَالُ صَاحِبُهُ رَحْمَةَ اللَّهِ: وَخَاصَّةً فِي الْمُعَامَلَاتِ الْمَالِيَّةِ؛ مِنْ بَيْعٍ، وَشِرَاءٍ، وَمُدَايَنَةٍ، وَغَيْرِهَا؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ[13].

 

13- اتِّفَاقُ جَمِيعِ الشَّرَائِعِ عَلَى ثُبُوتِ يَوْمِ الْحِسَابِ.



[1] التمهيد، (11/ 317).

[2] وقد صَحَّ الحديث؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلاَّ التَّوْحِيدَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قَالَ لأَهْلِهِ: انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ أَنْ يُحَرِّقُوهُ، حَتَّى يَدَعُوهُ حُمَمًا، ثُمَّ اطْحَنُوهُ، ثُمَّ اذْرُوهُ فِي يَوْمٍ رَاحٍ، فَلَمَّا مَاتَ، فَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ. فَإِذَا هُوَ فِي قَبْضَةِ اللَّهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ: أَيْ رَبِّ مِنْ مَخَافَتِكَ. قَالَ: فَغُفِرَ لَهُ بِهَا، وَلَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلاَّ التَّوْحِيدَ» رواه أحمد، (13/ 408)، (رقم8040).

[3] التمهيد، (11/ 315).

[4] (الْجَوَازُ): أَي: ‌التَّسَاهُل ‌وَالتَّسَامُح فِي البَيْع والاقْتِضاء. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، (1/ 315).

[5] انظر: مختارات من القصص الصحيح، (ص96).

[6] انظر: فتح الباري، (9/ 158)؛ شرح النووي على مسلم، (10/ 224).

[7] انظر: من قصص الماضين في حديث سيد المرسلين، (ص 172).

[8] (وَتَجَاوَزْ): أي: اُعفُ وتغافَلْ.

[9] مدارج السالكين، (1/ 469).

[10] الزهد، لأحمد بن حنبل (ص213)؛ (رقم1483)؛ الشريعة، للآجري (2/ 636).

[11] الوجل والتوثق بالعمل، لابن أبي الدنيا (ص27)؛ كشف المشكل من حديث الصحيحين، (3/ 232).

[12] مدارج السالكين، (2/ 37).

[13] انظر: شرح صحيح القصص النبوي، (ص186).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عفة النفس: فضائلها وأنواعها (خطبة)
  • قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
  • أفضل الخلق بعد الأنبياء (خطبة)
  • قصة المنسلخ من آيات الله (خطبة)
  • نطق الشهادة عند الموت سعادة (خطبة)
  • الغيبة والنميمة طباع لئيمة (خطبة)
  • {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
  • ففروا إلى الله (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • موت العلماء مصيبة للأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلم النافع: صفاته وعلاماته وآثاره (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع اسم الله الرازق الرزاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستشفاء بالقرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحسود لا يسود (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: ثمرات التوحيد على الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسلم بين النضوج والإهمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثبات على الدين: أهميته، وأسبابه، وموانعه في الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • استشعار عظمة النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 3/4/1447هـ - الساعة: 6:39
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب