• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / خطب منبرية
علامة باركود

يا أبت أعني على برك

يا أبت أعني على برك
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/9/2016 ميلادي - 2/12/1437 هجري

الزيارات: 15241

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يا أبتِ، أعنِّي على برِّك


الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، أيها المؤمنون، عباد الله، إن خير الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أما بعد، معاشر المؤمنين، آباءنا الكرام، أبناءنا وقرة أعيننا، كم تحدثنا كثيراً عن وجوب بر الأبناء بآبائهم، أمر عظيم، وركن في الدين متين، ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]، تكلمنا في فضائل برّهم، وفي آثار الإحسان إليهم، فما أبدعها من آثار، وما أرقّها وأجملها من فضائل، لكني استأذن الآباء في هذه الخطبة المباركة، ونستمع إلى الصوت الآخر، صوت شكوى الأبناء من ظلم الآباء، أبناء ارتفعت إلى الله شكواهم، وعظمت عند الله بلواهم، ربنا سبحانه وتعالى سمع صوت امرأة تشكي زوجها، تجادل عنه، وتشتكي إلى الله، فسمع حوارها، وقضى شكواها سبحانه، فكيف بشكوى أبناء على الآباء.

 

أيها الآباء الكرام، إنها شكوى ابنٍ من هؤلاء، بل ليس بواحد، إنهم أبناء كثر، فلنقف في هذه الخطبة لنستمع في تضاعيفها إلى تفاصيل هذه الشكوى، يشتكي أحد الأبناء من أبيه بعد أن انحرق بظلمه، وما استطاع أن يتحمّل القيام ببرّه، يقول: أبي يظلمني أنا وإخوتي؛ لأننا من أبناء الزوجة القديمة، فإذا به يُفضّل إخواننا علينا، يُساكنهم، يُمازحهم، يعيش معهم، يُعطيهم العطايا، بل ويكتب لهم الأموال، وتركنا في حرقة، أصبحنا نُبغض إخواننا، نكرههم، نقطع رحمهم، أليس يا شيخ أبونا هو الجاني! ما عدنا نستطيع أن نحبه، ولا أن نحترمه، ولا أن نبرّه، أليس يا شيخ أبونا هو الجاني، ألم يقل ربي سبحانه بعد أن أمر بالعدل بين الأبناء في قسمة الميراث، ألم يقل الله: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 13، 14]، والجواب نعم، أيها الأب قد قالها الله سبحانه وتعالى، فاتقِ الله سبحانه، ولا يدفعك الهوى أو الجهل أو الطيش أو الظلم إلى تفضيل الذكور على الإناث، أو إلى تفضيل الصغار على الكبار، أو إلى تقديم أبناء الزوجة الجديدة على أبناء الزوجة القديمة، فتبوأ بالإثم، وتقع في الظلم، إن ربي سبحانه بعد أن أمر بالعدل في قسمة الميراث، قال عز من قائل: ﴿ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا ﴾ [النساء: 11]، وكم هي صور الظلم اليوم في المجتمع، يُعطى هؤلاء ويمنع أولائك، ويُقرّب هذا ويُبعد ذاك، ويُدخل أبناء هذه الزوجة في المدارس الخاصة، وأبناء تلك الزوجة في المدارس العامة، أليس هذا الظلم ! أليس هذا الظلم! أليس هذا الجور! ألن يُسأل هذا وأمثاله إذا قام بين يدي الله عمن تولّى أمرهم، كان السلف رحمهم الله تعالى يستحبون العدل بين الأبناء حتى في القبل، فلتعدل في كل أمر ظاهر بين بنيك، يوم أن مال القلب قليلاً، مع أن يعقوب عليه السلام عدل بين أبناءه، لكن حدث ما أراد الله، فما الذي جرى بين أبنائه، وهم أبناء أنبياء، أيها الآباء، قال ربي: ﴿ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴾ [يوسف: 8، 9]، سفّهوا أباهم، وطرحوا أخاهم، والسبب - أيها الإخوة - ميل القلب، لنتقِ الله سبحانه، لنتقِ الله سبحانه، فها نحن في محكمة حاكمها وقاضيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويقف المدّعي والمدّعى عليه بين يدي من جعله الله قيامًا لعدالة السماء في الأرض، يقف الأب بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام، ويعرض عليه المسألة، ما الذي حدث يا بشير، قال زوجتي: يا رسول الله، زوجتي أمرتني أن أهب بعض مالي لبعض بنيها، فلم أُجبها سنة، فما زالت عليّ حتى وهبتُ لبعض بنيها، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبدأ التحقيق في محكمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع هذا الأب، "يا بشير ألك ولد غيره؟" قلت: نعم يا رسول؛ "يا بشير أكل ولدك وهبت مثل الذي وهبت له؟"، قلت: لا يا رسول الله؛ "يا بشير أيسرك أن يكونوا في البر لك سواء؟"، قلت: بلى يا رسول؛ قال: "فأشهِد على هذا غيري؛ فإني لا أشهد على جور"؛ "أشهِد على هذا غيري؛ فإني لا أشهد إلا على حق"، هكذا قضاها صلى الله عليه وآله وسلم، وحكم بها، هو القائل: "اعدلوا بين أبنائكم في النحل _أي في العطايا_ ألا تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف".

 

إن بعض الآباء يتعلل بالعلل التي لا تقوم في ميزان الظلم بدفعه، يقولون: هذا يُطيعني، ويسمع كلامي، والآخر لا يستجيب إليّ، هذا ينفعني ويبرني، والآخر يهجرني، هل هذا - أيها الأب الكريم - سبب في إيقاع الظلم الذي نهاك الله سبحانه وتعالى عنه، هل جزاء القطيعة القطيعة؟، أيها الأب، أترضى أن يأتي أبناؤك خصماءك يوم القيامة، أترضى أن يتعادوا ويتخاصموا ويتناحروا في الدنيا بدلاً أن يكونوا ظهراً لظهر، وسنداً لسند، أترضى أن تُذكر بعد موتك، فيقول بعض أبنائكم: لعن الله أبانا؛ فعل الله بأبينا كذا وكذا يوم أن حرمنا وظلمنا، قد يتوب الولد، قد يُصلحه الله بعد حين، لكن ما الذي يغفر لك إن متَ على هذا الظلم.

 

أيها الآباء الكرام، إن العدل في العطية بين الأبناء واجب على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ سواء من الأم أو من الأب، ولا يجوز تفضيل بعض الأبناء على بعض، إلا بشرطين: الأول: أن يكون هناك مسوّغ شرعي للتفضيل؛ فيعطي البنات من الحلي؛ لحاجتهم لذلك، ويعطي الذكور ما يحتاجونه في حاجاتهم ونفقاتهم ودراستهم أكثر مما يعطي من لا يحتاج إلى ذلك، ويعطي المريض أكثر مما يُعطي غيره، والشرط الثاني: إخوة الإيمان، أن ينوي إن وقع الابن الثاني في نفس حاجة الأول أعطاه مثل ما أعطى الأول؛ لو دخل الجامعة لأعطاه مثل ما أعطى الأول، لو مرض لسعى في علاجه مثل ما سعى للأول، لو بلغ سن الزواج لزوجه مثل ما زوج الذي قبله، يقول بعض الآباء: ابني كبر يحتاج أن أشتري له مركبًا حتى يذهب إلى الجامعة، فنقول لهذا الأب: هذا مسوّغ شرعي، لكن انوِ إن كبر الولد الثاني وذهب إلى الجامعة أن تعطيه مثل ما أعطيت الأول، فإن قال: أعجز عن ذلك، ما معي مال، فما الحيلة؟؛ الجواب: لا تكتب هذا المركوب باسم الأول، بل اجعلها عارية، يستفيد منها، ولا تكون في ملكه.

 

إخوة الإيمان، ويشتكي ابن أباه، مع أن الله فطر في الآباء حب الأبناء، لذلك ما أمر الله الآباء كثيراً ببر الأبناء مثل ما أمر الأبناء ببر الآباء، لكن أحياناً تتغير هذه الفطرة، فيظلم بعض الآباء أبناءه، يقول أحد الأبناء: أنا البار بأبي، أنا الذي أعمل معه في مزرعته، وأشتغل معه في دكّانه، وأخواني الآخرون تركوا أبي، وذهب كلٌ في عمله، فكثّروا الأموال، وانتفعوا بالتجارات، وأبي لا يُعطيني من عملي معه إلا كما يُعطى الخادم، لا يُعطيني إلا نفقتي ونفقة أبناءي فقط، ما معي شيء من مال، إذا أردت المائة ريال لا بد أن أذهب وأطلبها منه، وأخشى أن يموت أبي، ثم يأتي إخواني، فيُشاركوني في ثمرة عملي وتعبي، وهم لهم أموالهم، أهذا جزاء بري بأبي؟ وكأني بهذا الابن كذلك يقول: يا أبتي أعني على برك، يا أبتي أُريد أن أبقى لك بارّاً، لكن لا تظلمني، وهذا من الظلم تأخذ ثمرة عمره وتعبه؛ لأجل أنه هو الطيب البار، والحيلة في هذا - أيها الإخوة - إما أن يُعطى هذا الابن أجرة عامل مثل ما يُعطى غيره من الغرباء، فتعطيه أجرة؛ كأنك تستعمل غيره، وله البِر وله أجرته، فإن عجزت عن إعطائه الأجر لتقلب الأحوال، فلا أقل أن تجعله شريكاً معك بالربع أو الثلث، حتى لو قدّر الله، ومات الأب أخذ الابن نصيبه، ثم تقاسم وإخوته البقيّة، فاتقوا الله، عباد الله، روى الإمام مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين" - من هم يا رسول الله، على منابر النور، من هم يا رسول الله ؟ "على يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، قال: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولُّوا".

 

ويشتكي أحد الأبناء أباه، وكم والله سمعنا من شكوى الأبناء، كم والله تضغط على الابن، وتخشى أن تظلمه، لكي تمنعه من أن يُخطئ في حق أبيه، لكن لماذا الأب أخطأ في حقه؟، يأتي بعض الأبناء، فيقول أبي: يُحابي، يُجامل، يُخادع أَوَ يخدع الله، كيف ؟ ماذا فعل ؟ قال: كتب أرضاً أو بيتاً باسم أحد إخواني، وجعله كالبيع، وما اشترى أخي منه شيء، ولا دفع له ثمنَا، باعه مجامله، أليست هذه عطيّة؟ أليست هذه هبة؟ أليس الله يعلم المفسد من المصلح، ولذلك فسد ما بين الأبناء، اتق الله، أيها الأب، اتق الله سبحانه، ما بعته مجاملة أو زدته زيادة دخل في الظلم؛ لأنه يدخل في الهبة، فاتقِ الله ربك، فإنما تتعامل مع رب السماوات والأرض، اتق الله سبحانه وتعالى، واعدل بين أبنائك، فمقام القيامة عظيم، وإذا كان الإنسان يتحاشى أن يظلم أحدًا من الناس، فكيف يقع في ظلم أبنائه، فلذات أكباده، يقول – بأبي - عليه الصلاة والسلام: "ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق إلا جاء الله يوم القيامة، ويده مغلولة إلى عنقه، فكّه بره أو أوبقه إثمه"، فاعدلوا بين أبناءكم، واتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن أجسادنا غداً على النار لا تقوى، غفر الله لنا ولكم، ووفقنا لكل خير، قلت ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر لله على توفيقه وامتنانه، أحمده ربي تعظيماً لشأنه، وأصلي وأسلم على رسوله الداعي إلى رضوانه، وعلى آله وأصحابه وإخوانه، معاشر المؤمنين، معاشر الآباء، يا من تحمّلتم الأمانة التي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، يا من أعطاكم الله الزينة: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46]، يا من ابتلاكم الله بالفتنة: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن: 15]، يا من خصكم الله بالوصية: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ [النساء: 11]، يا من حذركم الله العداوة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ [التغابن: 14]، هؤلاء فلذات أكبادكم، هم نشأ أصلابكم، وهم امتداد أنسابكم، هؤلاء هم أبناؤكم، أحلام ماضيكم الغابر، وسعادة حاضركم السائر، وآمال مستقبلكم العابر،

إنما أولادنا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرضِ
لو هبت الريح على بعضهم
لامتنعت عيني من الغمضِ

 

كونوا سلفهم إلى الجنة، كونوا سابقين لهم إلى جنان الله؛ بأمرهم بطاعة الله، بالعدل بينهم، ببرهم ليبرّوكم: ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ [الطور: 21].

 

أيها الآباء، ويشتكي الأبناء، ويأتي الابن يشتكي أباه، ليته شكاه في مال، ليته شكاه في عقار، بل يشكوه فيما هو أعظم عند الله الملك الجبار، ما الذي حدث بينك وبين أبيك؟ قال: أنا البار به، أن الذي أُطيعه وأسمع كلامه، وأخي فاسق مضيع، يتأخر إلى أنصاف الليل، لا يكلمه أبي، يطلب منه المال يعطيه ويتركه يذهب هنا وهنا، ولا يُبالي، وأنا البار به يمنعني حتى عن طاعة الله، حتى أن أخرج لصلاة الفجر، حتى أن أسير مع أهل الخير والاستقامة والدين؛ لأجل أني بار به يفعل بي هذا، ولأجل أن ذاك يعصيه لا يأمره ولا ينهاه، كأني بهذا الابن الذي يبر أباه، يقول: يا أبتي أعني على برك، أعني على طاعة الله لأبرك، أما نتّقي الله سبحانه، ألأجل أن هذا طيب وبار يُغلظ عليه، ويُقسى عليه! ولأجل أن ذلك فاسق وظالم يُراعى ويُحابى ويُجامل، هذا خلاف ما أمر به أهل العلم، أهل العلم يقولون: يجوز للأب لمسوّغ شرعي، وهو أن الابن يطلب العلم الشرعي، يجوز له لهذا السبب أن يخصه بالمال، ويجوز للأب أن يهجر ابنه الفاسق بأن يحرمه شيئاً من مصروفه؛ لكي يرتدع ويرجع عن غيّه، وانقلبت الآية عند بعض الآباء!.

 

يقول أهل العلم رحمهم الله تعالى: لا يجوز للابن أن يُطيع أباه في معصية الله بترك واجب أو فعل محرّم، يا بني خذ واشترِ لي هذا الحرام، يا أبتي أعني على برك، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، يا ولدي امتنع عن هذا الواجب، امتنع عن سفر الحج، امتنع عن طلب العلم الشرعي الواجب، امتنع عن رفقة الأخيار، يا أبتي أعني على برك، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أما إذا أمر الأب ابنه بترك السنن والنوافل، فأيهما يُقدّم؟ بر الأب أم فعل السنة؟ قال أهل العلم: اتركها أحياناً، فيترك صوم النافلة أحياناً، أو فعل الراتبة أحياناً طاعة لأبيه، ولا يتركها مطلقاً؛ لأن تارك السنة مطلقاً مذموم، وماذا لو أوقعه أبوه في شيء من المكروهات أو المتشابهات، قال أهل العلم: يداري أباه، ويتورع عن المكروه، وماذا لو أمره بشيء من المباحات أو منعه من شيء من المباحات؟ الابن في حاجة شديدة للزواج، والأب يمنعه من الزواج بغير حجة مقبولة، الابن يعاني من الشهوات، يعاني من الانغماس في المحرّمات، والأب يمنعه من حصانة الفرج، الجواب: يُحصن فرجه، ولو لم يرض أبوه؛ لأن إحصان الفرج مع قيام الفتنة واجب؛ حتى يمتنع من الحرام، ولو أمره أبوه بطلاق زوجته قال له: طلقها، وتزوج غيرها، فهل يُطيع الأب في طلاق الزوجة؟ قال أهل العلم: إن كان الأب عدلاً ومرضيًا، وكانت الزوجة سيئة؛ فإنه يطيع الأب في طلاقها كما أطاع ابن عمر أباه في طلاق زوجته، وأما إن كان الأب متسلطًا عليها ظالماً لها؛ لأجل تصفية حسابات بينه وبين أهلها، فيأمره بهذا، فهذا الظلم.

 

لكن ماذا لو انفصل الأب عن الأم، أين يذهب الأبناء؟ أيها الآباء، ماذا لو كان أبوه ينهاه عن زيارة أمه، يُطيع من؟ ويبر من؟ قال أهل العلم: يزورها، ويداري الآخر، في خفية من الآخر؛ لكي لا يعق هذا ولا يعق ذلك، ماذا لو أن أمه تخاصمت مع أبيه، فوكّلته في المحكمة؛ ليكون خصماً لأبيه في بعض حقها، يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: لا يجوز له أن يتوكّل ضد أبيه في المحكمة، ولو لأجل أمه؛ لأن هذا من أعظم العقوق، وإنما يحاول في النصيحة قدر ما يستطيع مع أبيه؛ ليمنعه، ويدفع ضرره عن أمه.

 

أيها الأخوة، إننا بحاجة أن نفقه أحكام الله سبحانه، أعطاك الله حقًا، لكن أمرك بواجب، فإياك أن تظلم، ثم تسأل لماذا أُظلم، أيها الأبناء، مهما كان آباؤكم فإن الله تعالى قد أمركم ببرّهم، إن الجنة عظيمة، والوالد أوسط أبواب الجنة، إن الدنيا عابرة، فلتذهب بأموالها ومتاعها، ولتفز بدعوة مستجابة من الوالد، فدعوته من ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، والله لو تترك بعض الحق الذي لك، لكن ببرّك سيبارك الله لك فيما بقي، ويدخلك جنات النعيم، ليس لأن الأب قطعك وظلمك، يحق لك أن تظلمه؛ لا، لا يحق لك ذلك، بل يقول عليه الصلاة والسلام: "وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج لهما".

 

الله الله في البر، الله الله في بر أبنائكم، معاشر الآباء، والله الله في بر آبائكم، معاشر الأبناء، لا تظن أخي الفاضل أني قصدت أباً بعينه، ما زلت من سنين، وأنا أسمع شكوى الآباء، ولذلك كان الواجب النصيحة، وقد أُمرنا بالنصيحة، النصيحة لمن؟ النصيحة للآباء، والنصيحة للأبناء، النصيحة للشباب، والنصيحة للمسؤولين عن أمور الشباب والفتيات، النصيحة للحاكم المسلم، فالدين النصيحة، يجب أن نؤدي النصح ما استطعنا، ثم يهدي الله من يشاء، (ولست عليهم بمصيطر).

 

نسأل الله رب العالمين أن يجعلنا من النصحة، وأن يعيذنا وإياكم أن نكون من الغششة، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادك، اللهم خذ بأيدينا للتقوى، اللهم وارزقنا من العمل ما تحب وترضى، اللهم وفق علماءنا ودعاتنا وولاة أمورنا، وفقهم لما تحب وترضى، اللهم اجعل بلدنا هذا بلد أمن وإيمان، وسلامة وإسلام، اللهم ارفع عنا الغلا، والوبا، والزلازل والمحن، وادفع عنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارفع عنا الفساد، واجعلنا ممن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر يا رب العباد، واجعلنا ممن يُقيم لواء هذا الدين، اللهم إنا نسألك ذلك، ونسألك أن ترزقنا موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، لا إله إلا أنت سبحانك أنت الملك الغفار.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • موجبات الغسل
  • خطوات في طريق الدعوة الفردية
  • أبت

مختارات من الشبكة

  • حديث: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • تفسير: (قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا أبت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ويا أبتي تلاشى ذلك التعب (قصيدة تفعيلة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • جدد لنا عمرا فالقدس تنتظر (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • برك السلطان سليمان القانوني ( باللغة التركية )(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • برك السلطان سليمان القانوني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير قول الله تعالى: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب