• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن إبراهيم النملة / المقالات
علامة باركود

ثنائيات تلتقي

ثنائيات تلتقي
أ. د. علي بن إبراهيم النملة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/8/2024 ميلادي - 5/2/1446 هجري

الزيارات: 1123

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثُنَائِياتٌ تَلْتَقِي


ثنائية الشرق والغرب:

• وهناك ثنائياتٍ الأصلُ فيها أنْ تلتقي كونيًّا ومنطقيًّا، وإرادة الله تعالى اقتضت أنْ تلتقي، وفي التقائها عمران الكون. فالشرق لا يلتقي بالغرب من حيث الجهة - كما سيأتي ذكره - لكنَّ أفكار الغرب تلتقي بأفكار الشرق، من حيث القدرة والإمكان والضرورة والبناء والتواصُل الثقافي والتعايُش، خلافًا لمن لم يُرد - ولا يريد - أنْ يلتقي الغرب بالشرق، مثل الشاعر الإنجليزي روديارد كيبلنج (1892 - 1936م) بمقولته المشهورة إنَّ الشرق شرقٌ والغرب غربٌ ولا يلتقيان. يقول: «الشرقُ شرقٌ والغربُ غربٌ ولا يلتقيان أبدًا»[1].

 

• وتكملة قصيدة روديارد كيبلنج «حتَّى تقف الأرض والسماء حاضرين أمام عدالة الله الكبرى فوق العرش (حيث) ليس هناك شرقٌ ولا غربٌ ولا حدودَ ولا اختلافَ بين الجنس والمولد، حيث يقف اثنان من الرجال الأشدَّاء وجهًا لوجه، وإنْ أقبلا من أواخر الأرض»[2]. وفي التنزيل الحكيم، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 115]. ولم يكنْ روديارد كيبلنج وحيدًا في زعمه هذا، بل سبقه من قبله أقوام، من أمثال الفيلسوف المستشرق الفرنسي إرنست رينان (1823 - 1892م)[3]، ولحقه بعده أقوامٌ آخرون ويلحقه أقوامٌ آخرون غيرهم، ليس فقط من الغرب، بل إنَّ في الشرق من لا يريد أنْ يلتقي بالغرب.

 

• والشاعر روديارد كيبلنج يعني بهذا أنَّ الشرق والغرب لا يمكن أنْ يلتقيا ثقافيًّا، فسيظل الشرق شرقًا، متخلِّفًا بمعطياته الفكريَّة والثقافيَّة والحضاريَّة - أو غير الحضارية - المحدودة والبدائية، وسيظل عالةً على الغرب ينهل من مَعينه الحضاري. وسيظل الغرب غربًا، بمعطياته الثقافيَّة والحضاريَّة المتقدِّمة، يغذِّي العالم النامي أو الثالث أو الجنوب، بما أوتي الغربُ من حكمة وتقدُّمٍ تقاني وفكري، ومقدرة على التفكير والتخطيط[4].


• ولا يُتوقَّع أنْ يخصَّ الشاعر العِرْقِي روديارد كيبلنج شرقًا دون شرق، فالشرق عند الغرب من منطلق عِرقي كلُّه شرقُ، دون تخصيص الشرق الإسلامي أو الشرق الأقصى أو الشرق الأدنى، فهذه كلُّها عند العرقيين يجمعها ثقافيًّا لفظة شرق. وعندما يتحدَّث كريس باتن، آخر حاكم لمستعمرة بريطانية هونج كونج (1992 - 1997م) عن الشرق والغرب فإنه يقصد بالشرق هنا الشرق الأقصى، بحكم خبرته بهذه البقعة من الشرق. ورغم جاذبية عنوان الكتاب إلا أنه اقتصر على انطباعات الحاكم السابق ورؤاه تجاه هذه الجزيرة الواعدة، دون أنْ يكون فيه - على أهمِّيته - ما يشبع رغبات الباحثين في هذه الثنائية الأزلية[5].

 

افتعال الافتراق:

• لا تقرُّ هذه الوقفاتُ هذا المنهج في نفي الالتقاء، وإيجاد الفجوات المدنية بين الأمم، ولا تراه منهجًا سويًّا يُسهم في عمارة الأرض والاستخلاف فيها، قَالَ تَعَالَى: ﴿ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7]. والواقع يتطابق مع الوحي.

 

• والباحثون عمّا يطفئ هذه الثنائية سلبًا يميلون إلى الالتقاء والتعارُف والتحالُف والتنافُس، وجميع صيغ التفاعُل الإيجابية، دون التنازُل عن الثوابت والخصوصيات الثقافية، في ضوء الدعاية غير المجدية للعولمة الثقافية.[6] وسيجدون ضالَّتهم في الوحي المنزَّل من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ثم في آثار العلماء والمفكِّرين من الشرق والغرب، من منطلق مقولة الشاعر والفيلسوف الألماني يوهان فولفجانج جوته (1749 - 1832م): «إنَّ الشرق والغرب لله وليس لهما أنْ يفترقا بعد الآن»[7]. وهو الشاعر نفسُه الذي يقول:

إنْ يكُ الإسلامُ معناهُ القنوت فعلى الإسلامِ نحيا ونموت.

 

ومنطق جوته في التقاء الشرق بالغرب هو المنهج الذي يتبنَّاه هذا البحث.

 

• والذين لا يرغبون في الالتقاء يطلقون بعض الأقوال التي تؤجِّج العداء والتباعُد والتضادَّ الثنائي[8] (Polarities or Binary Opposition)[9]، أو الثنائية الضدِّيَّة[10]، بل والتنافُر والتباغُض[11].

 

• بينما واقع الحال أنها - بإرادة الله تعالى في تصريف هذا الكون - يرُادُ لها أنْ تلتقي، لا سيَّما مع انتفاء الجهوية اليوم، في ضوء تلاقي الأمم في الاتصال التقاني الذي حطَّم جميع وسائل الانعزال والفردانية الثقافية والفوقية الحضارية، وجعل الثقافات تلاقح فيما بينها، في صورة لم تكنْ في ذهن أولئك الذين أرادو للشرق والغرب ألا يلتقيا، أو بعبارة سلبية في ظاهرها: أولئك الذين لم يريدوا - ولا يريدون - للشرق والغرب أنْ يلتقيا[12].

 

• وإنْ تحفَّظ بعضُنا على التلاقُح بين الثقافات، وأكَّد على الخصوصيَّة الثقافية والاستثناء الثقافي - وحُقَّ له ذلك -[13] فلا بدَّ ألا نتحفَّظ على التفاهُم والتعارُف والتحالُف، بين الثقافات وعمارة الأرض والاستخلاف عليها. قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

 

• فالناس لم يُخلقوا ليختلفوا، بل خلقهم الله تعالى ليعمروا هذا الكون واستخلفهم عليه، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]، وقَالَ تَعَالَى: ﴿ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7]. وقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26]. والاعتقاد أنَّ الذين لا يرغبون في الالتقاء إنَّما يقودهم الهوى.

 

• على أنه من المهمِّ قبل مغادرة هذه الفقرة، التوكيد على أنَّ هناك تعبيرًا اصطلاحيًّا مُتداولاً بين عدد من المفكِّرين والكُتَّاب الشرقيين والغربيين يجمع بين الإسلام والغرب على أنهما ثنائيتان متضادَّتان أو ثنائيتان ضدِّيَّتان. وهنا جمعٌ بين غير مجتمعَين، إذ الإسلام لا جهةَ له ولا حدود، وهو موجودٌ في الغرب والشرق. والغرب لفظٌ جِهَوي يمكن تحديده افتراضًا، على التفصيل في ذلك.

 

• وأحسِبُ أنَّ هذا الإطلاق غير الدقيق يخلط بين المسلمين في الشرق، والغربيين في الغرب في ثنائية مفتعلة، وينظر إلى الإسلام على أنه دين الشرقيين فقط، وغيره من الأديان السماوية هو دين الغرب فقط. هكذا هي هذه الثنائية الضدِّية وإنْ لم يُصرَّح بها علنًا. فليبقَ الإسلام للشرقيين مع بقيَّة الملل والنِّحل الشرقية، وليبقَ للغرب دينه المحصور في دور العبادة شكلاً، حتى لو سمحت الدساتير والقوانين الغربية بحرِّيَّة العبادة.

 

• ومن هذا المنطلق وبنظرة متحيِّزة تسعى إلى إقصاء الإسلام يُحاكم الفكر الغربي ممثَّلاً بالإعلام وبعضُ المستشرقين الإسلامَ بأفعال المسلمين، ولا يُحاكم المسلمين بأحكام الإسلام، فيجعل تصرُّفات بعض المسلمين حجَّةً على الإسلام، والأصل أنْ تكون أحكامُ الإسلام حجَّةً على تصرُّفات المسلمين جميعاً في الشرق والغرب.

 

• وواقع الحال أنه ليس كلُّ ما يدور في المجتمع المسلم يُعزى للإسلام، لا سيَّما ما فيه تشويه للإسلام، وإنْ تسمَّت بعض المجموعات فيه بأسماء ذات دلالات إسلامية. بل هي ممارسات من تلك المجموعات نشأت - أو أُنشئت - في مجتمع مسلم، فانتسبت أو نُسبت للإسلام.

 

• وليس لهذه الحركات والتنظيمات ما يبرِّرها، وإنْ تكن لها - في نظر مؤسِّسيها ومنظِّريها - أسبابها المعقَّدة التي تداخلت فيها ظروف داخلية وخارجية جعلت من المنطقة تلتهب في مشروع طويل المدى، تؤجِّجه عناصر تلتقي في مصالح آنية وبعيدة. وليس المجال هنا التفصيل فيها.

 

ثنائية الكُلِّي والجُزئي:

• ولدينا ثنائية ليست متضادَّة ولا متناقضة، بل قد تكون متداخلةً في ذاتها، إلا أنها مفترقة في واقعها المراد، مثل ثنائية الكلِّيات والجزئيات، أو ثنائية التفكير الكلِّي والتفكير الجزئي، من حيث النظر إلى الأحكام وعللها في مختلف العلم والمعارف، ومنها الفقه وأصوله. فواقعها المراد هو أنَّ التركيز عليها بصفتها ثنائيةً أخذ بعدًا تخصُّصيًّا، من حيث التركيز الكلِّي أو الجزئي. وفي حال فهم الحياة الدنيا والآخرة والأهداف منها والتعامُل معها هناك من ينظر إليها بالكلِّية، وآخرون ينظرون إلى جزئياتها ودقائقها. فالمناطقة والفلاسفة والحكماء مثلاً ينظرون غالباً إلى الكلِّيات في تصريف هذا الكون؛ لأنهم يغوصون في البحث عن الحكمة (أو العلَّة) من وراء كلِّ شيء ويغوصون في المقاصد. فهم إلى التكفير الكلِّي أقربُ منهم إلى التفكير الجزئي.

 

• وعلماءُ أصول الفقه اليوم مثلاً ينظرون إلى الكلِّيات في أحكام الشرع، من حيث عللُها وحكمتُها ومقاصدُها. وعلماء الفقه أو الفقهاء والمفتون ينظرون إلى أحكام الجزئيات، من حيث أداؤها وممارستُها في حياة الفرد والمجتمع في «فقه العبادات وفقه المعاملات»، أو «فقه العبادات والمعاملات، مثلاً». ولذا فالكلِّيات والجزئيات تأتي هنا بحسب المخاطَب، إذ إنَّ الكلِّيات يخاطب بها غالبًا خاصَّة الناس من العلماء وعلماء أصول الدين بوجهٍ أخصَّ مع بقيَّة علماء الدين والدنيا. والجزئيات يُخاطب بها غالبًا عامَّة الناس، يهتدون بالأحكام الجزئية في تسيير حياتهم وتيسيرها.

 

• وعلى أي حال فالكلِّيَّات تقتضي الجزئيَّات. والجزئيات هي التي تتكوَّن منها الكلَّيات. وتنبثق الجزئيات من الكلِّيات، وتنبثق عن الجزئيات جُزيئيات، فليس بين هذه الثنائية تناقُضٌ أو تعارُض أو تضادٌ، كما قد يظهر لبعض المحلِّلين، والذين يتعمَّقون في الكلِّيات لا تفوت عليهم الجزئيات، وكذا المتعمِّقون في الجزئيات لا يغفلون الكلِّيَّات[14].

 

• ولهذا اشترط الإمام إبراهيم بن موسى بن محمد الشاطبي (توفِّي سنة 790هـ) في كتابه الموافقات لتحقيق الاجتهاد في الشريعة: المعرفة بمقاصدها وكلِّياتها، يقول: إنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتَّصف بوصفين:

أحدهما: فهم مقاصد الشريعة على كمالها.

 

والثاني: التمكُّن من الاستنباط بناء على فهمه فيها[15].

 

• وهذا لا يتأتى إلا بسعة الاطِّلاع على النصوص، وخاصة الأحاديث والآثار، والتعمُّق في معرفة أسباب ورودها، وملابسات وقوعها، والغايات المتوخَّاة منها، والتمييز بين ما هو عامٌّ خالدٌ منها، وبين ما بُني منها على عُرفٍ قائم، أو ظرفٍ زمنيٍّ موقوت، أو مصلحة معيَّنة، فيتغيَّر بتغيير العُرف أو الظرف أو المصلحة.

 

• وعندما يقول الأصوليون - بالمعنى الإسلامي للأصولية - مثلاً: إنَّ مقاصد الأحكام مصالح الأنام، فإنهم يتحدَّثون عن عموم الأحكام وكلِّياتها التي يجب أنْ تصبَّ في مصالح الأنام، فإنْ لم تَصُبَّ في مصالح الأنام فليست هي من الأحكام. والقواعد الأصولية «الكلِّية» كثيرة، ومنها القاعدة الأصولية ذات العلاقة بالمصالح، يقرِّر علماء أصول الفقه أنَّ درء المفاسد مقدَّمٌ على جلب المصالح. ويترك التفصل في هذه القواعد الأصولية لأهل الذِّكر الذين يعلمون.

 

• ثم يأتي علماء الفقه أو الفقهاء والمفتون ويطبقون هذه القواعد الكلِّية على جزئيات سلوكية للفرد أو الأفراد أو المجتمعات، أي أنهم ينقلون هذا القول المجمل الكلِّي إلى التفصيل الجزئي على واقع المسائل التي تعنُّ للناس. وتكون هذه القاعدة الكلِّية هي منطلقَهم، وإنْ لم تكن حاضرةً في نصِّها. وهم بهذا يبيِّنون الأحكام الجزئية للمسألة، أو يُفتون فيما لم يتبيَّن فيه نصٌّ صريح، متَّبعين في هذا أصول الفتوى وقواعدها وضوابطها.

 

• فعليه؛ لا تعارُض بين هذه الثنائية - إنْ كاتنت ثنائيةً - ولا تناقُضَ ولا تضادَّ، بل هو تداخلٌ؛ لأنَّ القواعد العامَّة والكلِّيات في الدين مربوطة بفهم السلف الصالح لمقاصد الدين من خلال النصوص، فلا يلجأ العالم إلى المقاصد إلا إذا افتقد للنصِّ[16]. ولا مقاصدَ أخرى مع صريح النصِّ. وعلى أيِّ حال لا يتوسَّع في هذه المسألة إلا الراسخون في العلم الشرعي بنصوصه ومقاصده وكلِّياته وجزئياته[17].

 

• على أنه من المهم التوكيد أنَّ علماء ذلك الحين (السلف) كانوا في الغالب محيطين بالكلِّيات والجزئيات بالتزامُن، فعالِمُ ذاك الحين كان أصوليًّا وفقيهًا ومفتيًا ولُغويًّا وعالما بالحديث الشريف ومصطلحه وقسمة المواريث (الفرائض) وقدر من الحساب. وقد يكون شاعرًا ناقدًا عالما بالأخبار والآثار. أي أنه كان إلى حدٍّ كبير عالما موسوعيًّا.

 

• وقد اقتضت ضرورات هذا العصر - مع تفريع المعرفة وظهور حقول معرفيَّة تراكُمية وشبه جديدة - أنْ يميل الخلف إلى التخصُّص، ثم التخصُّص الدقيق، فيكون العالمُ ملمًّا بالكلِّيات - مثلاً - دون أنْ يكون له باع واضحٌ في الجزئيات، ودون أنْ يكون له إلمامٌ تامٌّ باللغة وأسرارها، وإن استقام لسانه وبَنانُه، مع أنه لا يستقيم علمه الشرعي ما لم يكن له حظٌّ وافر من اللغة، بنحوها وصرفها وبيانها ومعانيها وبديعها وأسرارها. فتضاءلت في هذا العصر - بفعل أنظمة التعليم الحديث - الموسوعيةُ الفرديةُ وقلَّ العلماء الموسوعيُّون، ونَحَا الناس إلى أدقِّ التخصُّصات في شتَّى العلوم[18].

 

• بل لا يستقيم علم العالِم عمومًا ما لم يكن ملمًّا بلسانه، ولن تنهض الأمَّةُ إذا هي لم تنهض بلغتها. «وقد أثبتت التجارب المعاصرة أيضًا أنه لا نهضة لأمَّةٍ إلا بلسانها، ولنا في اليابان ونمور آسيا دليلٌ على ذلك، رغم أنَّ كثيرًا من لغاتها لا تبلغ من الرصيد المعرفي والثقافي، ولا من الرصيد البشري في الاستعمال حتى اليوم، بعض ما للِّسان العربي»[19].

 

ثنائية الروحي والمادِّي:

• وأعمق من ثنائية الكلِّي والجزئي، مع أنَّها ثنائية عميقة، هو افتعال التضادِّ بين المادِّي والروحي، وأنهما لا يلتقيان، فإمَّا المادَّة أو الروح. فجاءت الأديان في الأصل ترسِّخ ضرورة تلاقي المادَّة والروح، وأصرَّ الإنسان بإرادته على الفصل بينهما في اليهوديَّة والنصرانية تحديدًا، ثمَّ بعض الفلسفات التي نزعت النزعة الصوفية بمعناها الأعمِّ، فنزع كثيرٌ من اليهود إلى المادَّة، فأصبحوا يعبدون الدرهم والدينار، ونزع كثيرٌ من النصارى إلى الروح، ودعوا إلى الرهبنة والتبتُّل، والبقاء في المعابد، ونبذ العلمنة بالخروج إلى الحياة وممارسة الوظائف البشرية في التزاوج والتكاثر وعمارة الأرض مما يتعارض مع تعاليم الكنيسة كما جعلوها.[20] فكان هناك افتعال للصدام بين ثنائية التبتُّل والتعلمُن. وكل هذا لم يكنْ بفعل تعاليم اليهودية والنصرانية الحقَّة، بل كان وما يزال بفعل بعض أتباع اليهودية والنصرانية المتعاقبين أنفسهم.

 

• ولم يقتصر هذا التزاوُج في هذه الثنائية على الأديان التي جاءت للتوافق مع فطرة الإنسان التي فطره الله عليها، بل إنَّ بعض الفلاسفة ممن لم يكونوا على علم بالدين كانت لهم إسهامات في هذه المزاوجة، كزرادشت وماني وغيرهما. وقد شطحت بهما الأفكار غير المؤصَّلة في إعطاء الروحانية والمادِّيَّة والنور والظلمة - وهما ثنائيتنان طبيعيتان - أكثر مما أُعطي لهما من وظائف كونية، فلا النور للخير والصلاح والسرور والنظام، ولا الظلمة للشرِّ والفساد والضرر والغمّ.[21] ولا للنور إله، ولا للظلمة إله - كما عند الإغريق - وإنما هما آيتان من آيات الله تعالى لهما وظائفهما في بناء هذا الكون واستقامته، إذ لا يعمر الكون بفقدان أيّ منهما، ولا تناقُض بينهما، ولا يغني أحدهما عن الآخر، فهما مكمِّلان بعضُهما لبعض، ولا يستغني أحدهما عن الآخر.

 

ثنائيات عرقيَّة: البيض والملوَّنون:

• وما دام الحديث يَرِدُ عن الإغريق فقد قسَّم الإغريق بني الإنسان إلى ثنائية عرقية تتمركز حول الأنا والآخر، وتقوم على عرق الإغريق وعرق البرابرة، فالعرق الإغريقي هم أحرار الطبيعة، والبرابرة هم عبيد الطبيعة.[22] ولعلَّ هذه الثنائية تفسِّر شعور الغرب إلى اليوم بالفوقية والتعالي على الشعوب الأخرى، التي ربَّما نُظر إلى بعضها على أنها أنصاف بشر Subhuman، بينما أحرار الطبيعة أنصاف آلهة Superhuman وهو ما يتماشى مع الانطباع العرقي في أنَّ الرجل الأبيض تحديدًا نصف إله، ومَن غيرَه من الناس أنصاف بشر.

 

• والفيلسوف الألماني جورج فيلهلم فريدرك هيجل (1770 - 1831م) مثلاً يذكر «الشرق والشرقيين بنعوت قاسية، جاعلاً منهم حيوانات متوحِّشة؛ لأنَّ الألفاظ التي استخدمها والأوصاف التي وصفهم بها مثل (نزوة، شراسة، انفعال متهور، وحشي، ترويض) وغيرها مما ورد في خطابه»،[23] كانت تتردَّد في زمانه وبعد زمانه. وتستقي هذه الرؤى من أرسطو (384 – 322 ق. م.) في كتابه السياسات،[24] حيث قسَّم العالم إلى أحرار أو متمدِّنين بالطبيعة وعبيد أو همجيِّين أو متوحِّشين بالطبيعة[25].

 

• وهذا فيما يبدو هو الذي ولَّد ثنائية المركز والمحيط أو المحور، أو المركز والأطراف. فالمركز أو المحور كان هو الغرب الأوسط أو أوروبَّا الغربية، والأطراف أو المحيط هو ما عداها. ثمَّ ربَّما تحوَّل المركز، بالإضافة إلى الغرب الأوسط، إلى الغرب الأقصى أو أمريكا الشمالية، والأطراف أو المحيط هو ما عداها، بما فيها الغرب الأوسط أو أوروبَّا الغربية التي كانت هي المحيط، لتستمرَّ هذه الثنائية القائمة على العرقية في الأصل، وإنْ تلبَّست بلباسات العصر التقانية والعلمية. وهذا ما دعا الفيلسوف الألماني إدموند هوسِرل (1859 - 1938م) إلى القول بأنَّ «أوْربَة كلِّ البشرية هو مصير الأرض»[26].

 

• وقد تتمركز الفكرة العرقية اليوم حول ثنائية التحضُّر والتخلُّف، فالمتحضِّر هو المركز، والمتخلِّف هي الأطراف أو المحيط. كما هي فلسفة هيجل ومن تابعه من العرقيين[27]، مرورًا بإرنست رينان (1823 - 1892م) وفريدريش نيتشه (1844 - 1900م) وبينيتو أندريا موسوليني (1883 - 1945م) وأدولف ألويس هتلر (1889 - 1945م) ويوسف «جوزف» ستالين (1878 - 1953م) والسموأل فيليبس هنتنجتون (1927 - 2008م) وبرنارد لويس (1916) ودانييل بايبس (1949)، ومن سيأتي بعدهم وهم كثير من المصرِّحين الواضحين أو غير الظاهرين.

 

• ومن هنا ظهر المفكِّر والقائد الشيوعي الإسباني كلاوديو صنتشيث البورنوث (1893 - 1894م) رئيس حكومة الجمهوريين في المنفى ليعزو تخلُّف إسبانيا عن ركب الحضارة الغربية والتاريخانية الغربية إلى دخول المسلمين «سحائب الجراد الأفريقي» إليها، حيث أتوا بحضارة ومفهومات متحجِّرة تعوق التقدُّم. ولم تتقدَّم إسبانيا حتى اختلط الدم الإسباني بالعربي من خلال التزاوج، مما أدَّى إلى اندثار الدم العربي.[28] والضخُّ العرقي واضح في هذه المعادلة. ولم يتَّضح تركيب «حضارة متحجِّرة»، إذ إنَّ مجرَّد إطلاق التحجُّر لا يتوافق مع إطلاق الحضارة، فيما يذكر بعض المستشرقين والمستعربين الإسبان أنَّ تقدُّم الغرب إنَّما يُعزى لاحتكاكهم بالمسلمين في الجامعات الأندلُسية والصقلِّية وجامعات الشرق الإسلامي[29].

 

• وانعكست هذه النظرة العرقية الفوقية على القادمين إلى الشرق، ومنهم بعض المستشرقين، حيث «تشكَّلت منه أوصافٌ ساعدت على تكوين صورة جاهزة ومسبقة في المعرفة القبْلية للمستشرق عند زيارته للشرق؛ لإسقاطها عليه؛ وهي البربري المتوحِّش العبد الكافر المتخلِّف الانفعالي».[30] ثم الشهواني العربيد الشّبِق والمتعصِّب. هكذا يصف «الأغلبية الساحقة من الكُتَّاب الأوروبِّيين» الإسلام بأنه دين الشبقية التي لا تعرف حدودًا ولا عوائقَ، مع عدم التسامُح البربري المتوارث[31].

 

• أما الرجل الغربي فهو العاقل المؤمن المدني المتحضِّر المسيطر على مشاعره[32]. وهو - في الوقت نفسه -يتحدر من تعاليم تحرِّم المتع الجسدية وتعتبر العزوبة مثالاً دينيًّا ممكنًا، والزواج انقيادًا لضعف الإنسان[33].

 

• يقول خوان غيويتسلو (1931م) في كتابه في الاستشراق الإسباني، وهو يتحدَّث من منطلق عرقي عن ثنائيات إيجابية في مقابل أخرى سلبية: «يكفي في الواقع أنْ نتصفَّح واحدًا من كتب التاريخ حتى نلاحظ الاستخدام الدائم لقاموس مزدوج: فهناك الصفات الإيجابية كلَّما تعلَّق الأمر بالغرب، والمفردات السلبية والحاطَّة كلَّما تعلَّق الأمر بالشرق. يتحدَّثون من جهة عن «التوسُّع» و«رسالة الإحسان» و«نشر الحضارة»، ومن جهة ثانية عن «الغزو» و«الشلَّال [البشري] الجارف» و«هجمة الفلول الهمجيَّة المباغتة».[34] ولذلك يقرِّر إدوارد سعيد (1935 - 2003م) أنَّ المستشرق ينظر إلى الشرق لا كما هو عليه، بل على ما يريده أنْ يكون عليه.[35] ومع أنَّ هذه الثنائية متحقِّقة عند جمعٍ من المستشرقين فلا ينبغي إسقاط هذه الرؤية عليهم جميعًا.

 

• ومع هذا فمن الخطورة تطبيق هذه الفكرة المتطرِّفة في العنصرية والعرقية على الغرب كلِّه، ولكنها سرت في أوساط بعض الفلاسفة الرجال؛ الغربيين البيض تحديدًا والسياسيين العنصريِّين، وأحسب أنَّ آثارها لا تزال باقية وممارسة، وإنْ لم يصرِّح بها كثيرون. «إنَّ هذه الثنائيات كانت موجِّهاتٍ شكَّلت كُتلةً متجانسةً كوَّنت أفضليَّة الذات جنسًا وتفكيرًا، ودونية الآخر عرقًا وثقافًة، مستحضَرةً في جميع ثنايا التفكير الغربي، وعلى مرِّ العصور»[36].

 

• وهذا نصُّ المستعرب الإسباني خوان غويتسيلُّو الذي لا يقبل المداخلة في نصِّه، وإلا فإنه من المناسب إضافة عبارة «ومن ثمَّ الغرب دون تعميم بعد نقله عن إدوارد سعيد عن المستشرق، وإضافة «وبعض مفكِّري الغرب» بعد حديثه عن المستشرقين. وإضافة ثالثة إلى قوله: بعض الفلاسفة الرجال عبارة «دون النساء بالضرورة».

 

ثنائية الاستشراق والاستغراب:

• وما دام ذكر الاستشراق قد ورد في هذه الثنائية فإنَّ مما يلوح في الأفق العلمي والفكري ظهور ثنائية الاستشراق والاستغراب. فالاستشراق يدرس الشرق من غربيين - هكذا يبدو - والاستغراب يدرس الغرب من شرقيين - وهكذا يبدو - وكان من الاستشراق ما كان من المواقف تجاه الشرق عموما، وتجاه الشرق الإسلامي خصوصًا. وكان وما يزال موضع نقاش وجدال حول دوافعه وأهدافه.[37] وقد سبق الاستشراقُ الاستغرابَ في مراحلَ[38].

 

• والمؤمَّل ألا يكون الاستغرابُ ردَّ فعلٍ للاستشراق، فلا ينهج الاستغرابُ من باب المعاملة بالمثل وفي النظرة الناقدة للغرب منهجَ الاستشراق في النظرة العامَّة الناقدة للشرق. ولا تكون نظرة الاستغراب للغرب نظرة ذاتية إما تقم على التهوين من منجزاته أو التهويل منها. بل النظرة التقويمية الموضوعية التي تضع المعيار واضحًا في دراسة الغرب.

 

• هذا المعيار الذي يقوم على العدل والقصد، ولا يقوم على المعاملة بالمثل. قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8]. هذا مع استحضار الآيات الكريمة التي تحدِّد بوضوح العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين من حيث المبدأ. واستحضار الولاء والبراء بالمفهوم الشرعي السليم لهذه الثنائية المتلازمة، دون إغفال جوانب تبادُل المصالح والمنافع.

 

• وعلى أي حال فقد أُشبع هذا الموضوع بحثًا بين مواقف متباينة منشورة في الفكر العربي. أما الاستغراب فقد بدأ النقاش حوله من عقود، إلا أنه لا يزال وليدًا يحتاج إلى المزيد من الطرح ليرقى إلى أن يكوِّن ثنائية متكافئةً مع الاستشراق[39].

 

ثنائية الذات والآخر:

• ومن الثنائيات، التي يبدو أنها من أقدم الثنائيات الجدلية، ثنائية الأنا والآخر. ويعتمد النظر إلى هذه الثنائية على من ينظر إليها. فقد برز عددٌ من الفلاسفة ممن زعموا بوجود فوارق بين الأنا والآخر من مطلقات عرقية غالبًا - كما سيأتي - فالأنا دائمًا ومن منظور فوقي متفوِّقة، والآخر دائمًا ومن منظور فوقي كذلك متأخِّر. وتُعطى للأنا جميع صفات الكمال البشري، وتُعطى عادةً جميع صفات النقص والقصور للآخر.

 

• ومن غير المألوف أنْ يكون الموقف عكسيًّا، حين تعطى جميع النقائص للأنا، وجميع الكمالات للآخر. ومبعث ذلك هو الشعور بالدونية في مقابل الشعور بفوقية الآخرين. وهذا الموقف موجود عند بعض مفكِّري المناطق النامية، الذين يُكثرون من جلد الذات،[40] ويَعزون التخلُّف دائمًا إلى الداخل بمعطياته الثقافية والاجتماعي، دون اعتبار للأيادي الخارجية إنْ وُجدت. وهذه الفئة من جالدي ذواتهم وذات الأمَّة موجودة وتزعم أنها هي التي تفهم الواقع أكثر من أولئك المنتمين.

 

• وقد تكون هناك عوامل نفسية تملي على الفرد شعوره بالتفوُّق على الآخرين، مما يصدق عليه إطلاق النرجسية Narcissism أو جنون العظمة Megalumania. والنرجسية قد لا تكون مقصورة على الأفراد، بل إنها قد تجتاح بعض المجموعات أو الجماعات التي تتَّسم بها نوازع النرجسية الفردية أو الذاتية.[41] وقد تطرَّقت ساندي هوتشكيس لما أسمته خطايا النرجسية المميتة السبعة وهي - دون تفصيل:

1- الخزي أو العار، أو عدم القدرة على معالجة العيوب.

2- التفكير السحري، أي رمي النقائص على الآخرين.

3- الغطرسة أو التكبُّر وإهانة الآخرين.

4- الحسد، لشعور النرجسي بالتفوُّق.

5- الاستحقاق وتبعية الآخر له.

6- الاستغلال وخنوع الآخر.

7- الحدود السيئة، أي عدم الاعتراف بالحدود[42].

 

كما فصَّل المفكِّر العراقي عبد الله إبراهيم القول في هذه الثنائية في كتابه المطابقة والاختلاف.[43] وسبق في ثنايا هذا البحث تعرُّضٌ غير مباشر لهذه الثنائية المفتعلة، بما في ذلك الحديث عن المركز والمحيط أو الأطراف من منطلقات عرقية، تعود في منشئها إلى فلاسفة الإغريق من أرسطو وغيره ممَّن تشبَّعت فيهم النعرة العرقية، فبنوا عليها لابن آدم ذكورًا وإناثًا درجات وطبقات، لم تخلُ منها بقيَّة الثقافات، كالثقافة الهندية التي قسَّمت الناس إلى طبقتين رئيسيتين، جعلت إحداهما أي أدناها أقرب إلى النجاسة.

 

ثنائية الشمال والجنوب:

وربَّما جاء من الثنائية العرقية ومن ثنائية الذات والآخر كذلك ثنائية الشمال والجنوب أو خطُّ الشمال والجنوب، تلك الفكرة المحدثة اليت سوَّقها المستشار الألماني السابق فيلي برانت (1913 - 1992م) سنة 1980م في برنامجه الاستراتيجي بعنوان من أجل البقاء. ويشمل الشمال الدول الصناعية الكبرى، مثل:

1- الولايات المتحدة.

2- كندا.

3- الدول الأوروبية.

4- تركيا.

5- الدولة اليهودية في فلسطين المحتلَّة.

6- كوريا الجنوبية.

7- اليابان.

8- تايوان.

9- سنغافورة.

10- أستراليا.

11- نيوزيلندا.

12- روسيا.

13- كازاخستان.

 

• ويقطن في هذا القطب خمس العالم (20%)، والبقية يقطنون الجنوب (80%). وقد رُسمت خريطة الشمال وأعطيت اللون الأزرق، أما الجنوب فكان نصيبه اللون الأحمر، وجاء هذا التقسيم على غلاف التقرير. وتستحوذ دول الشمال على 84% من الاستثمارات الأجنبية، بينما نصيب دول الجنوب 8% فقط. وتستحوذ 14 دولة شمالية من مجموعة التعاون والتنمية الاقتصادية على 84% من ملكية الشركات العالمية، أي أنَّ 15,6% (خمس العالم تقريبًا) من السكان يستحوذ على 80,6% من الناتج الإجمالي العالمي. فالشمال غني والجنوب فقير، والشمال متقدِّم والجنوب متأخِّر، ونسبة الأمِّية في الشمال 0,0% ونسبتها في الجنوب 65%.

 

• وقبله بسنين معدودة كان روبرت ماكنمارا (1916 - 2009م)، المهندس الأول للغزو الأمريكي لفيتنام في الستينات الميلادية، حيث كان يشغل منصب وزير الدفاع في حكم جون كينيدي ثم ليندون جونسون (1961 - 1968م)، ثمَّ رأس البنك الدولي، قد قدَّم تقريرًا سنة 1969م أشار فيه إلى الفجوة الكبيرة التي تفصل دول الشمال عن دول الجنوب، وكأنَّ تقرير فيلي برانت قد بُني على تقرير روبرت ماكنمارا[44].


• وتتوالى تقارير التنمية البشرية السنوية التي يصدرها برنامج الأمم المتَّحدة الإنمائي، فيظهر في كلِّ تقرير اختلاف طفيف جدًّا عن التقرير الذي سبقه، حتى أضحت المقارنة تعود إلى ربع قرن (25 سنة) بدلاً من المقارنة السنوية. على ما في هذه التقارير من ضعف في الموضوعية[45].

• ويدخل في تصنيف دول الشمال الدول المتقدِّمة والدول الأكثر تقدُّمًا أو الراقية والأقلُّ تقدُّمًا، كما يدخل في تصنيف دول الجنوب الدول الفقيرة والدول الأقلُّ تقدُّمًا والدول النامية والدول المتخلِّفة ودول العالم الثالث، على اعتبار أنَّ هناك عالما أوَّلَ وهي الدول الصناعية أو الدول الرأسمالية أو دول الكُتلة الغربية، وهناك عالَمٌ ثانٍ ويمثِّل الدول الشيوعية أو الاشتراكية سابقًا، كما هناك دول العالم الثالث وتشمل أفقر أقطار العالم من تلك الدول التي خضعت للاحتلال، وهي غالبًا في الجنوب[46].

 

• وليست الفكرة بعمومها من حيث القطبية العرقية جديدة، بل قد تعود إلى بطليموس الفلكي والرياضي (87 - 150م) صاحب كتاب المجسطي الذي رسم خريطة العالم مستفيدًا من جهود البابليين. «ورسم سهم الشمال إلى أعلى ليكون شرق الخريطة نحو النجم القطبي»[47].

 

• وهي كذلك ليست ثابتة ولا دائمة، فهناك دولٌ مصنَّفة على أنها من دول الشمال تُعدُّ الآن من دول الجنوب مثل بعض دول أوروبَّا الشرقية. وفي المقابل هناك دولٌ كانت تُعدُّ من الجنوب هي الآن «ترقى» إلى الشمال من أمثال الدول الآتية:

1- الأرجنتين.

2- الإمارات العربية المتحدة.

3- البرازيل.

4- تشيلي.

5- روسيا.

6- الصين.

7- فنزويلا.

8- قطر.

9- كوبا.

10- كوستاريكا.

11- ليبيا.

12- المكسيك.

13- الهند.

 

14- وأغفل المرجع المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج العربية التي تمرُّ بمرحلة تنموية ظاهرة لمن يقف على هذه البلدان، فيمكن عدُّها - دون تردُّد - من هذه الفئة التي ترقى إلى أنْ تصنَّف تنمويًّا بأنها قد أشملت.

 

• أمَّا على مستوى المدن فإنَّ توزيعها إلى شمال وجنوب حاضر في عدد من الثقافات. ولابن خلدون (732 - 808هـ) رأي في المدينة من حيثُ هذا التوزيع. فقد فرَّق في المقدمة الثالثة «في المعتدل من الأقاليم والمنحرف وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير في أحوالهم» بين الشمال والجنوب.[48] وفي التعبيرات الشائعة لدى بعض الثقافات تعطى الفوقية لشمال المدينة، وتُعطى الدونية لجنوب المدينة، فيُقال: down-south & up-north.

 

ثنائية اليمين واليسار:

• ومن الثنائيات المتلازمة لكنها متنافرة في وقتنا الراهن، ثنائية الاقتصاد والسياسة، حيث تقوم السياسة على الاقتصاد، ولا يستغني الاقتصاد عن السياسة. ومن هنا نشأت الأفكار الاقتصادية المرتبطة بالسياسة. فظهرت الرأسمالية من جانب ويمثِّلها في الغرب عالم الاقتصاد الأستكتلدي آدم سميث (1723 - 1790م)، في كتابه التحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الأمم (1776م) أو ثروة الأمم.[49] وظهرت الاشتراكية من جانب آخر ويمثِّلها في الغرب والشرق العالم الألماني كارل ماركس (1818 - 1883م) في كتابه رأس المال.[50] فصرنا نسمع ونردِّد ثنائية اليمين واليسار. فاليمين يمثِّل البعد الرأسمالي في الاقتصاد والسياسة تبعًا. واليسار يمثِّل البعد الاشتراكي في الاقتصاد والسياسية كذلك.

 

• وركَّز اليمين نظريًّا على الملكية الفردية. وركَّز اليسار نظريًّا كذلك على الملكية الجمعية. فقامت السياسة لتفرض أيًّا من التوجُّهين، فظهر القطبان: اليمين واليسار أو المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي. وظهرت لهما أدبيَّاتهما ومنظِّروهما وأحزابهما ومؤسَّساتهما وأتباعهما والمتحمِّسون لأيّ منهما حماسة تفوق حماسة من أسَّسوهما. وظهر التطرُّف في المعسكرين، فجاءت تعبيرات اليسار المتطرِّف واليمين المتطرِّف بين الأتباع، الذين أضحوا يمينيين أكثر من اليمين أو يساريين أكثر من اليسار، كما ظهر اليسار الوسط واليمين الوسط.

 

• وتبع كثيرٌ من دول المناطق النامية إحدى هاتين التجربتين دونما اقتناع واضح أو إرادة قويَّة أو مشورة شعبية. والذي يظهر أنَّ كلا القطبين، اليمين واليسار، لم يتمكَّنا من إقناع لشعوب في تبنِّي أيٍّ منهما، وإنْ وجدت دعمًا سياسيًا على مستوى القيادات المحلِّية «الحكومات»، التي لم تكنْ بالضرورة مقتنعة تمامًا بأيِّ من الاتِّجاهين، فلم تعمل على التطبيق المثالي للمنحيين «التطبيق»، بل ربَّما كانت مستفيدة مادِّيًّا من منحىً ينفي الاستفادة الشخصية.

 

• وأثبت التطبيق «التطبيع» للمنحيين وجود مشكلات واقعية، ما أدَّى إلى أنْ يستعير اليمين من اليسار حلولاً لمعضلات اجتماعية، ويستعين اليسار باليمين في إيجاد حلول لتبعات المنحى الملغي للملكية الفردية، من منطلق «من كلّ حسب استطاعته، ولكلّ حسب حاجته». ويعني هذا الإخفاق في تطبيق تنظير مثالي في مجتمعات واقعية تسعى إلى كسب رغيف الخبز وأكثر لتعيش.

 

• وثارت الحرب الباردة بين الطرفين. وجنَّد كلُّ طرف من يتحدَّث باسمه من الأتباع في الأطراف أكثر من المركز. وغلب على المعسكر الشرقي «اليسار» الضخِّ الثوري وكثرةُ ترديد الشعارات وإلهاب الجماهير بالخُطب التي قد تمتدُّ لساعات، يخرج منها الجمهور إلى واقعهم فلا يجدون لتلك الخُطَب أثرًا. فاشتهر عن هذا المعسكر أنه يقول كثيرًا ويفعل قليلاً.

 

• وفي الجانب الآخر «اليمين» قلَّت الخُطَب، من حيث عددُها ومدَّتُها في المعسكر الغربي «اليمين»، وأُعطي القائد دقائقَ معدودةً ليلقي كلمته، ليخرجَ الجمهور إلى واقعهم فيجدوا أكثر مما سمعوا، فاشتهر عن هذا المعسكر أنه يقول قليلاً ويفعل كثيرًا، ومع هذا فقد نخر الربا في جسد هذا المعسكر. وليس في هذا دفاعٌ عن هذا أو هجومٌ على ذاك، بل هو واقع هذا وذاك.

 

• ومن هنا بدأ التخلِّي التدرجي وغير المعلن عن أيِّ من المنحيين. وسبق اليسار اليمين، بمؤازرة من اليمين، في التخلِّي إلى حدِّ الانهيار (1411هـ/ 1991م). ويمثِّل انهيار سور برلين إشارة عمليةً لانهيار قطبي اليسار واليمين، بصفتهما ثنائيةً أريد لها ألا تلتقي، ومن ثمَّ سيطرة القطب الواحد، رغم أنَّ اليسار ما يزال يتنفَّس. وطفق مفكِّرو السياسة والاقتصاد في القطبين في البحث عن بديل اقتصادي لا يساري ولا يميني تدعمه السياسة ويكون أكثر واقعيةً، وكثُرت المؤتمرات واللقاءات والندوات وعُرضت فيها الخيارات والبدائل.

 

• وتمأسست هذه الفكرة من خلال صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. فتراكمت الديون على دول الجنوب خاصةً وتضخَّمت المديونيات بفوائدها، وعجزت دول الجنوب عن تسديد ديونها فلجأت «المؤسَّسات المالية الدولية إلى فرض تطبيق برنامج التقويم الهيكلي، الذي نتجت عن تطبيقه مشكلات اجتماعية عديدة. وكلُّ ذلك أدّى إلى اتِّسام الهياكل الاقتصادية في كُلٍّ من الشمال والجنوب بعدم التكافؤ في مستوى العلاقات بين القطاعات المختلفة، إذ تحقِّق دول الشمال تكامُلاً واندماجًا بين مختلف القطاعات، في حين ينعدم هذا التكامُل في دول الجنوب، فضلاً عن وجود طابع الازدواجية في دول الجنوب (قطاع تقليدي وقطاع عصري)»[51].

 

• فالتفتت بعض المؤسَّسات الاقتصادية وبيوت المال إلى النموذج الإسلامي في التعاطي مع الاقتصاد، مع إقصاء الربا الذي أذلَّ الأمم وأدخلها في ديون تراكُمية لا مخرجَ منها، ودعا إليه عددٌ من الاقتصاديين، وافتتحت بعض المصارف الدولية محافظَ «إسلاميةً» لاستدرار رأس المال الإسلامي في البدايات، فزادت الالتفاتة لهذا النموذج وزاد الإقبال عليه بكلِّ هدوء وتروٍّ، وكثُرت الدراسات الموضوعية حوله، وفتحت بعض الأقسام الاقتصادية العلمية في الجامعات والمعاهد العليا في معاقل القطبين مساراتٍ لدراسة النموذج الإسلامي في الاقتصاد وتدريسه.

 

• وقد تفضي هذه الالتفاتة إلى تطبيقه ولو بعد حين وعلى استحياء ومقاومة، مما يعني انسلاخ هذه الثنائية اقتصاديًّا. وهو أمرٌ لن يتحقَّق بسهولة، ولن تقبل به بعض الأقطاب من الربويين وغيرهم التي كانت وما تزال مستفيدة فائدةً مباشرة من هذا الوضع المضطرب في كلا المعسكرين الشرقي «اليسار» والغربي «اليمين» وعلى رأس هذه الفئة المستفيدة المرابون الذين يعمدون إلى الإقراض بفوائد تراكُمية.

 

ثنائية الدين والحياة:

• ومن اصطناع الثنائيات التي أُريد لها ألا تلتقي - ولا بُدَّ لها أنْ تلتقي - فكُّ الدين عن ارتباطه بالحياة، وظهور جدل عَلماني يقول: إنَّ سرَّ تقدُّم الغرب الأوسط والأقصى، جاء بسبب تخلِّيهما عن ماضيهما الذي كانت تسيطر عليه الكنيسة «الدين»، وقَصْرِ هذا الدين على العلاقة بين العبد وربِّه، وإنَّ تخلُّف المسلمين يعود إلى إصرارهم على التمسُّكِ بدينهم في حياتهم كلِّها. بينما يُعزى تأخُّر العالم الإسلامي إلى تمسُّكِه بالإسلام.

 

• وهناك في المقابل منطق مناقض مؤداه الإيحاء بأن تقدم الغربيين - في الغرب الأوسط والغرب الأقصى - الذي وصلا إليه إنما جاء بفضل تمسك غالبية أهلها بالدين[52]. وهذا مستوحى منطق المنصرين المتمسكين بدينهم؛ لأهداف واسباب ليس هذا مجال البسط فيها. بينما وبالمقابل إنما جاء تأخر المسلمين لأنهم لا يزالون متمسكين بدينهم الذي يعيدهم إلى الوراء دائما. وهنا التقاء واختلاف، حيث يلتقي المنصرون والعلمانيون على الحكم بتأخر المسلمين لتمسكهم بالإسلام، ويختلفون في سر تقدم الغرب بين التمسك بتعاليم الكنيسة أو نبذ هذه التعاليم في الحياة.

 

• وهذا ما صرَّح به إبراهيم فهمي هلال (1933م) الأستاذ في جامعة باريس ومؤسِّس جماعة الأمَّة القبطية سنة 1952م، في دعوته لأنْ يكون دستور مصر غيرَ ديني، مصريًا لا عربيًا. وكان واضحًا صريحًا في ألفاظه ومعانيه. كما دعا إلى العَلمانية الجزئية بـ «فصل الدين عن الدولة صراحةً في الدستور الجديد، حرصًا على قيام الأمَّة ووحدة أبنائها. وليس معنى هذا التحرُّر من الدين، فليتمسَّك كلٌّ منَّا شخصيًا بدينه. وعلى الدولة رعاية جميع الأديان»[53].

 

• والمقصود بـ« التحرُّر» من الدين - هنا - في المجال السياسي «فصل الدين عن السياسة»، فلا سياسةَ في الدين، ولا دينَ في السياسة، وعدم تدخُّل الدين في أمور الدولة في علمانية جزئية أو في أمور الحياة العامَّة في علمانية شاملة.[54] ولا مصادرة هنا للدِّين بعامَّة، ولكنه يبقى للفرد أنْ يمارس دينه على ما يرتضيه في داره أو دور العبادة، دون أنْ يكون له أثر على الحياة العامَّة.

 

• ويجيب إبراهيم محمود على ذلك ضمنًا بقوله: «وإذا كان هناك من يربط بين المسيحية والتقدُّم، والإسلام والتخلُّف، وأنَّ التقدُّم علامة المسيحية الفارقة، والتخلُّف سمة الإسلام الرئيسية، فمن الجدير بالذكر القول: إنَّ الديانتين في الأصل شرقيِّتان. وأنَّ تصنيفهما هكذا غير تاريخي، فالانتشار الثقافي أو الحضاري الذي شهده الإسلام في فترة زمنية طويلة، حيث كانت المسيحية تشهد ظلمات القرون الوسطى الأوروبية، يؤكِّد مثل هذا التصوُّر: أي عدم ربط التخلَّف بالإسلام والتقدُّم بالمسيحية».[55] فالمؤثِّر هنا مادِّيٌّ أكثرُ من كونه فكريًّا.

 

• ويضيف إبراهيم محمود قوله: «إنَّ قراءة الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لكلّ من العالمين هي التي تسمح لنا بمعرفة لماذا يوجد التقدُّم أو التخلُّف أو يظهر هنا أو يختفي هناك»[56].

 

• ويُضاف إلى ذلك أنها كلَّها أديان ربَّانيةٌ، فحصل ما حصل للأديان الأخرى من تدخُّل للبشر في النصِّ الإلهي من التوراة والإنجيل، ولم يحصل - ولن يحصل بحفظ الله تعالى - للبشر أنْ يتدخَّلوا في الوحي من القرآن الكريم وصحيح السنَّة النبويَّة المطهَّرة، ولو حاولوا مرارًا وتكرارًا.

 

• أما المصادرة التامَّة للدين أيًّا كان قد فقد تمثَّلت في الإلحاد، الذي بدا واضحًا في المعسكر الشرقي، حيث التحريم والتجريم لإشهار العبادات وبناء دورها علنًا. ولم يُترك للفرد أنْ يعبدَ إلهه أو آلهته سرًّا أو كما يريد، وفرضت مفهوم الإلحاد القائم على مقولة «لا إله والحياة مادَّة»، فكانت المصادرة التامَّة للدين والتديُّن، على اعتبار أنه أفيون الشعوب،[57] وكما هو الحالُ في بعض الدول التي تبنَّت مفهوم العلمانية الائكية، ثمَّ سعت إلى تطويع الدين للإلحاد في المجتمعات المتدينة، ووجهت الخطاب الشعبي إلى ترسيخ مفهوم الإلحاد بعباءة الدين، وحيَّدت المؤسَّسات الدينية المعتبرة بين الناس[58].

 

ثنائية الدين والعلم:

• وهذا كلُّه افتعال لصدام ثنائية أخرى لا تريد أنْ تربط بين الدين والعلم، حين حاربت الكنيسة العلم والعلماء، وجعلت البحث في علوم الدنيا وشهواتها نوعًا من الهرطقة والعَلمانية، فأُريد لهذا الصدام أنْ يُسقَط على الإسلام والثقافات الأخرى التي لا تحارب العلم، بل هي تقوم عليه، كما يقول التابعي الإمام أبو بكر محمد بن سيرين الأنصاري (33 - 110هـ): إنَّ هذا الدين علمٌ، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم.[59] وبرواية أخرى قال: «إنَّ هذا العلم دينٌ فانظروا عمَّن تأخذونه، ذهب العلم، وبقي منه غبرات في أوعية سوء، ويجتنب الرواية عن الضعفاء و المخالفين من أهل البدع والأهواء»[60].

 

• وهنا يلتقي العلم بالدين، ولا يُؤخذ الدين إلا من أهل العلم به، والعلم بالدين يقتضي العلم بما يُعين على فهمه من علوم اللغة وعلوم الدنيا، فلا انفصام بين علوم الدين وعلوم الدنيا. وإنما يقتضي ذلك كلَّه زمانُ التخصُّص - كما مرَّ ذكره في ثنائية الكلِّي والجزئي -. فهما إذًا ثنائيتان تتكاملان ولا تتصادمان. فالعلم يتَّكئ على الدين، والدين يدعو للعلم ويؤيِّده ويوجِّهه إلا ما يعمر الكون. فلا الدين يُقصي العلم، ولا العلم ينفر من الدين.

 

• هذا في الأصل، يقول الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]. ويقول الله تعالى: ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]. ومن غير الأصل أنْ يتصادم الاثنان، بل هو صدامٌ حادثٌ ومفتعلٌ من قِبل مَن لم يفهموا الدين على حقيقته، ولم يحدث ذلك في الدين الحقِّ.

 

• يصدق هذا الاتِّهامُ غالبًا من أطرافٍ لا يقودهم بالضرورة الطعنُ في الدين والتديُّن، وقد لا ينتمون إلى الدين الذي تعلَّقوا به بما أنتج من علم ومعرفة، يصدق منهم على التديُّن والمتديِّنين والمحبِّين - كذلك - لذاك الحين المتعلِّقين به من غير المتديِّنين، فهؤلاء المتعلِّقون بالتراث هُم - في الغالب - الذين يُنعتون بهذه الصفات التي توحي بالتحجُّر والرجوع إلى الخلف أو الرجعية والماضوية، والعيش على هامش الحضارة الحديثة (الحداثة)، ولفظها والتنكُّر لها، بل ومحاربتها.

 

• كما يُنعتون عادةً بـ «اجترار» الماضي. وهذا تعبيرٌ - فيما يظهر - مُهين؛ إذ إنَّ الاجترار ليس من طبيعة ولد آدم! وإنْ أُريدَ به المجاز، لكنه مجاز موحٍ بالمهانة التي لا تليق بابن دم المكرَّم من خالقه - سبحانه وتعالى -. قَالَ تَعَالَى: ﴿ ولقد كرمنا بني ءادم وحملناهم في البر ﴾ [الإسراء: 70].

 

• يقول عماد الدِّين خليل (1358هـ/ 1939م): «إنَّ الإسلام بوسطيته العقدية وتركيبه المتوازن الذي يلمُّ ويناغم بين سائر الثنائيات التي مزَّقت الحياة البشرية، لهو الحل الوحيد لمستقبل الإنسان، إذا أريد لهذا المستقبل أنْ يتشكَّل بعيدًا عن الممرَّات الضيّقة، والطرق المسدودة للحضارة الغربية، وللمذاهب الوضعية المعاصرة على السواء»[61].



[1] انظر: حسن الأمراني. أيُّها الغرب أين مشرقك؟. - ص 116. - في: مصطفى سلوي. الخطاب الاستشراقي في أفق العولمة: يوم دراسي. - وَجْدَة: جامعة محمد الأول، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2003م. – 166 ص.

[2] انظر: أكبر، أحمد. الإسلام تحت الحصار/ ترجمة عزَّت شعلان. - بيروت: دار الساقي، 2004م. - ص 53.

[3] انظر: نجيب العقيقي. المستشرقون: موسوعة في تُراث العرب مع تراجم المستشرقين ودراساتهم عنه، منذ ألف عام حتَّى اليوم. - 3 مج. - ط 5. - القاهرة: دار المعارف، 2006م. - 1: 191.

[4] انظر: إدوارد سعيد. الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق/ ترجمة محمد عناني. - القاهرة: دار رؤية، 2006م. - ص 186.

[5] انظر: كريس باتن. شرقٌ وغربٌ: السلطة والحرِّيَّة والمستقبل/ ترجمة مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية. - أبو ظبي: المركز، 2003م. – 373 ص. - (سلسلة دراسات مترجمة؛ 13).

[6] انظر: علي بن إبراهيم النملة. الاستثناء الثقافي في مواجهة الكونية: ثنائية الخصوصيَّة والعولمة. - الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1431هـ/ 2010م. – 46 ص.

[7] انظر: حسن الأمراني. أيُّها الغرب أين مشرقك؟. - ص 116. - ص 116. - في: مصطفى سلوي. الخطاب الاستشراقي في أفق العولمة: يوم دراسي. - مرجع سابق. – 166 ص.

[8] انظر: سمر الديوب. مصطلح الثنائيات الضدّيَّة. - عالم الفكر. - مرجع سابق. - ص 99 - 126.

[9] انظر: http://study.com/academy/lesson/binary-oppositions-in-literature-list-of-examles.html

[10] انظر: سمر الديوب. الثنائيات الضدية: دراسات في الشعر العربي القديم. - مرجع سابق. – 167ص. www.alkotob

[11] انظر: علي بن إبراهيم النملة. صناعة الكراهية بين الثقافات وأثر الاستشراق في افتعالها. - دمشق: دار الفكر، 1430هـ/ 2009م. – 174 ص. وانظر أيضًا: علي بن إبراهيم النملة. الاستشراق السياسي وصناعة الكراهية بين الشرق والغرب. - ط 2. - بيروت: مكتبة بيسان، 1436هـ/ 2015م. – 214 ص.

[12] انظر: السيد أمين شلبي. العداء بين الإسلام والغرب عنوانٌ مبسَّطٌ لفرضيَّةٍ معقَّدة. - صحيفة الحياة. - ع 19125 (30/ 10/ 1436هـ - 15/ 8/ 2015م). - ص 20.

[13] انظر: علي بن إبراهيم النملة. الاستثناء الثقافي في مواجهة الكونية: ثنائية الخصوصيَّة والعولمة. - مرجع سابق. – 46 ص.

[14] انظر: عبد الجبار النجَّار. الإصلاح الفكري تحيينا للمعرفة: رؤية تأصيلية. - ص 59 - 86. - في: الندوة الدولية الخامسة: تحيين المعرفة وتأصيل الإنسان 26 - 27 جمادى الآخرة 1435هـ الموافق 26 - 27 أبريل 2014م. - مرجع سابق. – 296 ص.

[15] انظر: إبراهيم بن موسى الشاطبي الغرناطي المالكي، الموافقات في أصول الشريعة/ تحقيق عبد الله دراز. - القاهرة: دار الحديث، 2006م. - 4: 105 - 106.

[16] انظر: أحمد الريسوني. نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي/ تقديم طه جابر العلواني. - ط 4. - هيريندن، فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإٍسلامي، 1415هـ/ 1995م. – 383 ص.

[17] انظر: يوسف أحمد محمد البدوي. مقاصد الشريعة عند ابن تيمية. - عمَّان: دار النفائس، 2000م. – 608 ص.

[18] انظر: علي بن إبراهيم النملة. الموسوعات الفردية: المسيري أنموذجًا. - الرياض: المجلَّة العربية، 1432هـ. – 126 ص. - (سلسلة كتاب المجلَّة العربية؛ 174).

[19] انظر: حسن الأمراني. تحيين المعرفة وشروطها. - ص 45 - 57. - في: الندوة الدولية الخامسة: تحيين المعرفة وتأصيل الإنسان 26 - 27 جمادى الآخرة 1435هـ الموافق 26 -27 أبريل 2014م. - مرجع سابق. – 296 ص.

[20] انظر: سايروس ابن المقفع (298هـ/ 910م - أواخر القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي). مصباح العقل/ تقديم وتحقيق الأب سمير خليل. - القاهرة: مطبعة العالم العربي، 1978م.

[21] انظر: سمر الديوب. مصطلح الثنائيات الضدِّيَّة. - مرجع سابق. - ص 99 - 126.

[22] انظر: عبد الله إبراهيم. المطابقة والاختلاف: بحثٌ في نقد المركزيات الثقافية. - مرجع سابق. - ص 594. - نقلاً عن: محمود خليف خضير الحيَّاني. الاستشراق والاستغراب: السلطة - المعرفة - السرد - التأويل - المرجعيات. - عمَّان: دار غيداء، 1434هـ/ 2013م. - ص 19 - 21.

[23] انظر: محمود خليف خضير الحيَّاني. الاستشراق والاستغراب. - المرجع السابق. - ص 24.

[24] انظر: أرسطو. كتاب السياسات/ نقله عن الأصل اليوناني إلى العربية الأب أوغوسطيس بربارة البولسي. - بيروت: اللجنة الدولية لترجمة الروائع الإنسانية، 1957م. – 520 ص.

[25] انظر: محمود خليف خضير الحيَّاني. الاستشراق والاستغراب. - مرجع سابق. - ص 20.

[26] انظر: المبروك الشيباني المنصوري. الدراسات الدينية المعاصرة من المركزية الغربية إلى النسبية الثقافية: الاستشراق، القرآن، الهُوية والقيم الدينية عند العرب والغرب واليابانيين Modern Studies of Religion From Western Centrism to Cultural Relativism. - تونس: الدار المتوسِّطية، 2010م. - ص 32.

[27] انظر: محمود خليف خضير الحيَّاني. الاستشراق والاستغراب. - مرجع سابق. - ص 23 - 25.

[28] انظر: سالم يفوت. حفريات الاستشراق: في نقد العقل الاستشراقي. - بيروت: المركز الثقافي العربي، 1989م. - ص 9.

[29] انظر: زيغفريد هونكه. شمس الله تشرق على الغرب: فضل العرب على أوربَّا/ ترجمه وحققه وعلَّق عليه فؤاد حسنين علي. - القاهرة: دار العالم العربي، 1429هـ/ 2008م. – 487 ص. - وانظر فيما له علاقة بالحاضر والمستقبل: التوجُّه الأوروبِّي إلى العرب والإسلام حقيقة قادمة وقدر محتوم/ ترجمة هاني صالح، تقديم إسماعيل مروَّة. - بيروت: مؤسَّسة الإيمان، 1419هـ/ 1998م. – 295 ص.

[30] انظر: محمود خليف خضير الحيَّاني. الاستشراق والاستغراب. - مرجع سابق. - ص 25.

[31] انظر: خوان غويتيسلو. في الاستشراق الإسباني: دراسة فكرية/ ترجمة كاظم جهاد. - الدار البيضاء: دار الفنك للترجمة للغة العربية، 1998م. - ص 97 - 111. (الشبقيَّة والتعصُّب: صناعة صورة).

[32] انظر: مهدي عامل. هل القلب للشرق والعقل للغرب؟: ماركس في استشراق إدوارد سعيد. - ط 3. - بيروت: دار الفارابي، 2006م. – 111 ص.

[33] انظر: خوان غويتيسلو. في الاستشراق الإسباني: دراسة فكرية. - مرجع سابق. - ص 98.

[34] انظر: خوان غويتيسلو. في الاستشراق الإسباني: دراسة فكرية. - المرجع السابق. - ص 106.

[35] انظر: إدوارد سعيد. الاستشراق: المفاهيم الغربية للشرق/ ترجمة محمد عناني. - القاهرة: دار رؤية، 2006م. - ص 186.

[36] انظر: محمود خليف خضير الحيَّاني. الاستشراق والاستغراب. - مرجع سابق. - ص 21.

[37] انظر: علي بن إبراهيم النملة. كُنه الاستشراق: المفهوم - الأهداف - الارتباطات. - ط 3. - بيروت: مكتبة بيسان، 1432هـ/ 2011م. - ص 25 - 42.

[38] انظر: سميح فرسون. الاستغراب نقدٌ للغرب. - ص 143 - 167. - في: أحمد الشيخ. من نقد الاستشراق إلى نقد الاستغراب: المثقَّفون العرب والغرب. - القاهرة: المركز العربي للدراسات الغربية، 2000م. – 319 ص. - وانظر أيضًا: حسن حنفي. مقدِّمة في علم الاستغراب. - بيروت: المؤسَّسة الجامعية للدراسات والنشر، 1412هـ/ 1992م. - ص 18 - 19. - وانظر كذلك: مازن بن صلاح مطبَّقاني. درسنا الاستشراق ونبدأ الآن في دراسة الاستغراب. - الجزيرة الثقافية. - ع 132 (3/ 11/ 1426هـ - 5/ 12/ 2005م). - ص 10.

[39] انظر: علي بن إبراهيم النملة. الاستغراب: المنهج في فهمنا الغرب. - الرياض: المجلة العربية، 1436هـ/ 2015م. – 91 ص. وانظر للباحث أيضًا: كُنه الاستغراب: المنهج في فهمنا للغرب. - ط 2. - بيروت: مكتبة بيسان، 1437هـ/ 2016م. – 275 ص.

[40] لا يُفضَّل بعض المفكِّرين المسلمين التعبير بجلد الذات؛ بحجَّة أنه تعبيرٌ كنسيٌّ، ويفضِّل التعبير بالتهوين من الذات.

[41] انظر: حسن حنفي. التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم. - ط 4. - القاهرة: المؤسَّسة الجامعية، 1412هـ/ 1992م. - ص 28 - 29.

[42] انظر: Sandy Hotchkiss & James F. Masterson. Why Is It Always About You?: The Seven Deadly Sins of Narcissism. – New York: Free press, 2003. – 214 p.

[43] انظر: عبد الله إبراهيم. المطابقة والاختلاف: بحثٌ في نقد المركزيات الثقافية. - بيروت: المؤسَّسة العربية للدراسات والنشر، 2005م. – 712 ص.

[44] انظر: جهاد محمد قربة. الشمال والجنوب!: مفهومٌ أم جغرافيا. - مكَّة المكرَّمة: جامعة أمّ القُرى، 1436هـ/ 2015م. – 4 ص. – http://uqu.edu.sa/page/ar/49437 (24/10/ 1436هـ - 9/ 8/ 2015م).

[45] انظر: جلال أمين. عصر التشهير بالعرب والمسلمين: نحن والعالم بعد 11 سبتمبر 2001. - القاهرة: دار الشروق، 1424هـ/ 2004م. – 143 ص. - (تقرير التنمية الإنسانية!).

[46] انظر: مصطفى محمد علي. الشمال والجنوب: الدلالة الجغرافية والاستخدام الدولي المعاصر. - مجلَّة جامعة دمشق. - ع 1 و2 مج 27 (2011م). - ص 393 - 424.

[47] انظر: مصطفى محمد علي. الشمال والجنوب: الدلالة الجغرافية والاستخدام الدولي المعاصر. - مجلَّة جامعة دمشق. - المرجع السابق. - ص 393 - 424.

[48] انظر: عبد الرحمن بن خلدون. مقدِّمة ابن خلدون/ تحقيق حامد أحمد الطاهر. - القاهرة: دار الفجر للتراث، 1431هـ/ 2010م. – 792 ص.

[49] انظر: آدم سميث. ثروة الأمم/ ترجمة وتحقيق حسني زينة. - بيروت: معهد الدراسات الإستراتيجية، 2007م. – 263 ص.

[50] انظر: كارل ماركس. رأس المال/ ترجمة راشد البراوي. - 4 مج. - القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1366هـ/ 1947م.

[51] انظر: مصطفى محمد علي. الشمال والجنوب: الدلالة الجغرافية والاستخدام الدولي المعاصر. - مجلَّة جامعة دمشق. - مرجع سابق. - ص 393 - 424.

[52] انظر: علي بن إبراهيم النملة. التنصير: المفهوم - الوسائل – المواجهة. - ط 5. - بيروت: مكتبة بيسان، 1431هـ/ 2010م. - ص 70 - 72. ومنه جاءت هذه الاقتباسة مع قدر ضئيل من التصرُّف.

[53] انظر: جورج خليل. الأقباط في مصر الحديثة: نظرة في النزاعات القبطية في: الأربعينات والخمسينات. - الاجتهاد. - ع 30 (شتاء 1416هـ/ 1996م). - ص 103 - 132.

[54] انظر: عبد الوهاب المسيري. العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة. - 2 مج. - القاهرة: دار الشروق، 1423هـ/ 2002م.

[55] انظر: إبراهيم محمود. المسيحية والإسلام: تصوُّرات متخيَّلة ورهانات سياسية. - الاجتهاد. - ع 30 (شتاء 1416هـ/ 1996م). - ص 165 - 203. - والنصُّ من ص 195.

[56] انظر: إبراهيم محمود. المسيحية والإسلام: تصوُّرات متخيَّلة ورهانات سياسية. - الاجتهاد. - المرجع السابق. - ص 165 - 203. - والنصُّ من ص 195 - 196.

[57] انظر: جورج خليل. الأقباط في مصر الحديثة. - الاجتهاد. - مرجع سابق. - ص 121.

[58] انظر: أحمد محمد أحمد الطيِّب. التراث والتجديد: مناقشات وردود. - القاهرة: الهيئة المصرية العامَّة لدار الكتب والوثائق، 1434هـ/ 2013م. – 144 ص.

[59] انظر: رواه مسلم.

[60] انظر: http://www.startimes.com/?t=30385087 وذكره الشيخ أبو هارون مختار الأخضر الطيباوي. (12/ 7/ 1435هـ - 11/ 5/ 2014م).

[61] عماد الدين خليل. نظرة الغرب إلى حاضر الإسلام ومستقبله. - بيروت: دار النفائس، 1420هـ/ 1999م. - ص 132.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثنائيات أحكام الصيام
  • الثنائيات
  • ثنائيات متلازمة
  • ثنائيات لا تلتقي

مختارات من الشبكة

  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (5) صحة الفهم وحسن القصد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ألمانيا: رئيس وزراء ولاية شمال الراين فستفاليا تلتقي بممثلي المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (4) الكتاب والحديد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إسبانيا: الجالية الإسلامية تلتقي بعمدة "ماندراليخو"(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (3) القوة والأمانة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (2) الذكر والأنثى(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية (1) العقل والشهوة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • هل تلتقي القلوب؟(استشارة - الاستشارات)
  • الخلاصة والنتيجة من كتاب صدام الثنائيات افتعال الصراع بين الملتقيات(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • جدلية التماضي والتحيين(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب