• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع / خطب منبرية مفرغة
علامة باركود

‏نصوص القرآن والسنة لا تعارض بالآراء والأهواء

‏نصوص القرآن والسنة لا تعارض بالآراء والأهواء
الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/8/2015 ميلادي - 10/11/1436 هجري

الزيارات: 16710

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نصوص القرآن والسُّنة لا تُعارَض بالآراء والأهواء


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ:

أيها الإخوة الكرام، لقد جاء القرآن الكريم ليضع منهاجًا واضحًا بيِّنًا قويمًا لأهل الإسلام في كل زمان ومكان، ومن جملة ذلك ما جاءت به النصوص الواضحة البيِّنة في القرآن والسنة، من تعظيم وحي الله جل وعلا، الوحي المنزَّل في القرآن كلامِ الله، والوحي الذي شرَح وبيَّن هذا القرآن العظيم، وهو سنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولأن هذين المصدرين - القرآن والسنة - حقهما التعظيم والإجلال، والتوقير والإكبار، فقد جاءت النصوص مؤكدة لأهل الإسلام أن يراعوا ما لهذين المصدرين من عظمة وجلال، وما ينبغي نحوهما من السمع والطاعة والإذعان؛ حتى لا يتقدم أحد برأيه، ولا يعترض بفكره؛ لأن ما جاء في القرآن أو في السنة يخالف رأيًا عنده أو هوى ارتضاه، ومن الآيات البيِّنات الكريمات الدالة على هذا المعنى، ما جاء في صدر سورة الحجرات التي هي سورة الآداب، الآداب التي أدَّب الله تعالى بها عباده في جملة من الأمور، أدَّبهم ربنا جل وعلا في شأن التعامل مع نصوص القرآن والسنة، والتعامل مع النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وهكذا التعامل فيما بينهم، بل التعامل فيما بين البشر وبين الأمم والشعوب جمعاء، جاء في صدر هذه السورة الكريمة قول ربنا جل وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ [الحجرات: 1]: نداء من ربنا جل وعلا وخطاب منه سبحانه، بوصف شريف هو وصف الإيمان الذي يحمل المؤمن على أن يستقيم ويستجيب لهذا النداء العظيم والأمر الرباني الكريم؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا سمعت الله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ [الحجرات: 1]، فأرع لها سمعك، فإنما هو خير تؤمر به، أو شر تُنهى عنه، ﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]: ﴿ لَا تُقَدِّمُوا ﴾ [الحجرات: 1]؛ أي: لا يتقدم الإنسان برأي أو فعل، أو تصرُّف أو توجُّه، قبل أن ينظر ما الذي حكم الله فيه، وحكم فيه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟

 

إن هذا الدين العظيم دين شامل كامل؛ قال الله جل وعلا: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾[الأنعام: 38]، وقال سبحانه: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا ﴾ [النحل: 89].

 

ونبينا صلى الله عليه وسلم لم يمت وينتقل إلى الرفيق الأعلى، إلا وقد بيَّن وبلَّغ البلاغ المبين الكامل التام؛ قال الله جل وعلا: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].

 

ويقول أبو ذرٍّ رضي الله عنه: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائر يقلِّب جناحيه في السماء إلا وعندنا فيه علم، ولذا قال بعض اليهود: ما ترك نبيكم من شيء إلا علَّمكم إياه.

 

نعم، إنه ما دام الأمر كذلك، فالواجب على المسلم أن ينظر في حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في هذه المسألة، ثم يصدر عنها.

 

إن مما بُليت به الأمة وكان سببًا في ارتكاسها - فيما مضى وفي الحديث، وفيما يُستقبَل من أيامها - أن تُقَدَّم الآراء والعقول والأفكار في معارضة الكتاب والسنة.

 

﴿ لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1]: إنه تأديب من الله للمؤمنين الذين رضوا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيًّا - لأن يتعاملوا مع هذا النبي الكريم تعامل الإعظام والإجلال، تعامل الاحترام الذي يفرض عليهم أن يُعظموا قوله، وأن يستجيبوا لأمره؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الحجرات: 1].

 

فالمؤمن ينظر إلى ما جاء في هذا الأمر وهذه المسألة من أمر رباني في القرآن، أو توجيه نبوي في السنة، ثم يكون هو موقفه، هكذا هو المؤمن الذي رضِي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيًّا، هكذا يكون موقف الصادق في حبه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال ربنا جل وعلا: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31].

 

يقول ربنا جل وعلا: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ [النور: 51]، وقال ربنا جل وعلا: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 36].

 

فالمؤمن يوطِّن نفسه على أن يكون مستجيبًا لله ومستجيبًا لرسوله عليه الصلاة والسلام، ومنزلة أرفع وأعلى، وهو الأدب مع القرآن ومع السنة، ولذلك فإن الإنسان الذي يقل عنده هذا الأدب مع القرآن والسنة ونصوصهما، ما يزال يتردَّى ويتعاظم فحشُه بالتعامل مع نصوص الوحيين؛ حتى يعارض بها رأيه، وهل وصل مَن وصل إلى حد الإلحاد إلا بسبب خفة ورقَّة هذا الميزان في التعامل مع نصوص القرآن والسنة؟!

 

لقد كانوا في أول الأمر يناقشون ويجادلون في أن هذا النص من قرآن أو سنة، لا يتفق مع عقل ولا يوافقه فكر، ولم يزالوا يتردَّون ويتساقطون في هذا المجال المهيع المفزع الفاحش، حتى وصل بهم الحد إلى الإلحاد ومعارضة الرب جل وعلا، والله سبحانه غني عن عباده، غني عن أن يستجيبوا وعن أن يستقيموا؛ كما قال عن نفسه في الحديث القدسي: "يا عبادي، إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضري فتضروني".

 

والله سبحانه لا تَنفعه طاعة مطيع ولا تضره معصية عاصٍ، وهؤلاء لَمَّا أعرضوا واستنكفوا واستكبروا، حال الله بينهم وبين قلوبهم أن ترجع للإيمان؛ قال الله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾ [الأنفال: 24].

 

فلا يرجع هؤلاء إلى إيمانهم ورشدهم، بل إنه يصل بهم الحال إلى محادة الله ومحادة رسوله عليه الصلاة والسلام، وبأبي وأمي هو عليه الصلاة والسلام، ما أعظم نُصحه وتحذيره من أن يصل أحد من أفراد أُمته إلى مثل هذه الحال! حتى إنه قال كما جاء في سنن ابن ماجه بسند صحيح: ((لعل أحدهم شبعان مُتكئ على أريكته، يقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال أحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله كالذي حرم الله))، أو كما صح عنه عليه الصلاة والسلام.

 

وها هي تلك النَّبتة تنبت بين ظهور أهل الإسلام في بلادهم أو في بلاد المهجر، لتنشأ طائفة يطلقون على أنفسهم "القرآنيين"، وهم يزعمون أنهم أتباع القرآن؛ لأن القرآن محفوظ بحفظ الله، ولا يتطرق إليه كذب، كما يتطرق إلى السنة النبوية من أحاديث موضوعة ومكذوبة، وهؤلاء كذبوا والله؛ لأن القرآن فيه: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، فهم لا يعملون هذه الآية، ولا يستجيبون لها، فبهذا كانوا رادين للقرآن غير مستجيبين له، والسنة محفوظة بحفظ الله، وقد نقد العلماء رحمهم الله ما أُدخل فيها وما كُذب على رسول الله، حتى استوت على الجودي، وكانت واضحة جليَّة، فما من أحد من أهل العلم إلا وهو يعلم المنهاج في معرفة الحديث الصحيح من الضعيف، والسنة محفوظة عُرِف صحيحها مما أُدخل عليها مما كُذِب على رسول الله.

 

والمقصود أن هؤلاء - لَمَّا قالوا عن أنفسهم: إنهم قرآنيون - كاذبون في هذه الدعوى، ولذلك جاءت الطائفة الأخرى من بعدهم الذين يطلقون على أنفسهم "العقلانيين"، وهؤلاء ما هم بعقلانيين؛ لأن العقل السليم يفرض على صاحبه أن يذعن لخالقه؛ لأن هذا الكون بكل دقائقه وكل ذراته، شاهد أن لا إله إلا الله، وإذا وصل العاقل إلى هذا الحد، فموقفه أن يستجيب لأمر الله، أمرنا ربنا أن نتَّبع رسله، وأن نؤمن بنبيه محمد عليه الصلاة والسلام، وأمرنا بالأدب والتعظيم مع كتابه ومع سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الحمد لله رب، العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أمَّا بعدُ:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].

 

إن هذه الآية كما تَقدَّم تُقرِّر المنهاج الذي يسير عليه المؤمن في تعظيم القرآن والسنة، والأدب معهما، والحذر من أن يُدلي الإنسان برأي أو فعل يعارض الله تعالى ويُحاده فيه، ولذلك فإن الله سبحانه لما عدَّ المحرمات في كتابه الكريم، ذكرها ثم ذكر الشرك، فقال: ﴿ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].

 

فالقول على الله بغير علم ذنبه عظيم وشناعته خطيرة، ولذا عدَّه الله في هذه الآية ورتَّبه بعد الشرك بالله؛ وذلك لأن الذي يقول على الله بغير علم بعد أن أضلَّ نفسه، فإنه يُضِل الآخرين؛ ولذا قال ربنا جل وعلا: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

 

ومما يضل به الشيطان عددًا من الناس الذين استسهلوا معارضة نصوص القرآن والسنة بأهوائهم وبعقولهم - أنه يُزيِّن لهم ذلك بأن يُصنفوا نصوص القرآن والسنة، بينما يقبله العقل وبينما يرده، فيجعلون العقل حاكمًا على نصوص القرآن والسنة، ومثل هؤلاء كما قال الله جل وعلا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: 150، 151].

 

إن من الناس وإن لم ينطق بمثل هذا التوزيع وهذه التفرقة، فإن هؤلاء تنطبق عليهم هذه الآية الكريمة، بأنهم يريدون أن يؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض، فالعقل عندهم هو السقف الذي يصلون إليه ويحتكمون إليه، ومثل هؤلاء خطرهم عظيم، وبخاصة إذا أدلوا بالشبهات، ولم يسلم مجتمع من مثل هذه الفئة التي تروِّج لأفكار فيها التشويش وفيها التشكيك في نصوص القرآن والسنة؛ ولذلك لَمَّا وُجِد بعض هؤلاء في زمن الصحابة رضي الله عنهم، كان الموقف منهم حاسمًا، كما كان من رجل يقال له: "صبيغ"، هذا الرجل كان يعرض نصوص القرآن ويتدارسها مع مَن معه، ثم يطرح الشبهات: ما معنى كذا؟ ولِمَ كذا؟ فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فأُتِي به إليه، فعلاه بالدرة، عاقبه وجلده حتى غاب عن وعيه، ولما أفاق أمر بنفيه وإخراجه عن المدينة، فلما مضى عددٌ من السنين، وظهرت بعض الفتن، قيل لصبيغ: هذا زمانك وهذا أوانك، قال: كلاَّ لم يَزَلْ أدبُ عمرَ قائمًا معي.

 

فالمقصود أن مثل هؤلاء لا زالوا موجودين، وبخاصة اليوم مع الثورة المعرفية، وتيسُّر التواصل عبر الأجهزة الحديثة، فتبث أنواع من الشبهات التي ترقِّق الإيمان وتُضعفه، وتُخل بالعقيدة وتَنقضها، ولذلك يسعى أمثال هؤلاء لإيجاد مجموعات لهم يطلقون على أنفسهم الملاحدة أو العقلانيين، أو الملحدين، وحتى يُزيلوا التشكيك في شأنهم، وأنهم ليسوا من بَني جلدتنا، يُطلقون على أنفسهم الملحدين العرب ونحو ذلك، والحقيقة أن مثل هذا الترويج منهم لأجل أن يَستسيغ الناس فكرهم وأطروحاتهم، إلا أن هذا الطرح من مجاهيل عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل، فإذا سمع بهم بعض الناس، ظن أنهم موجودون بكثرة، فحينئذ يستسهلون مثل هذه الأطروحات، ولم يزل طيف هؤلاء يؤثر في عدد من الناس، بسبب ضعف إيمانهم وارتضائهم لمثل هذه الشبهات، ولذا مثَّل العلماء القلب الذي ليس فيه إيمان أو ليس عند صاحبه علم، بالإسفنجة التي توضَع في الماء، فإنها تتشربه، وهكذا القلب والإيمان الضعيف، إذا سمع مثل هذه الشبهات تأثَّر بها واستجاب لها عياذًا بالله من ذلك! ولهذا فإن المؤمن يسأل الله الثبات؛ كما قال سبحانه في شأن أهل الإيمان، وأن من دعائهم: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، والمؤمن أيضًا ينأَى بنفسه ويبعد عن أن يكون متلقِّيًا لمثل هذه الأطروحات؛ لأنها ربما وجدت فرجة في قلبه، فأصاخ لها واستمع وتأثَّر بها، السلامة في الإيمان لا يعدلها شيء، ولذا فإن المؤمن يحرص على أن يكون متباعدًا عن هذه الشبهات، وأيضًا إذا عرض له شيء، فإنه يسأل عنه أهل العلم؛ حتى يكون في سلامة من كل ذلك، وإلا فإن المؤمن ربما تأثر بمثل هذه الأطروحات إذا أصاخ لها واستمع واستجاب، والله جل وعلا يقول كما تقدم في الآية: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾ [الأنفال: 24].

 

فربما استساغ وربما استحسن شيئًا من هذه الأطروحات، فأثَّرت في إيمانه وأعطبته عياذًا بالله من ذلك، خاصة كما تقدم مع عدد من الأساليب في الترويج لهذه الشبهات، وإقناع الناس بها، والله سبحانه جعل لنا هذا المعيار: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الحجرات: 1].

 

ألا وصلوا وسلموا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا ربنا بذلك، فقال عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم وارضَ عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذِل الكفر والكافرين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.

اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.

 

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهدِ قلوبهم للإيمان، اللهم وفِّقهم لما فيه خير العباد والبلاد، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة، وأبعد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين.

 

اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان.

 

اللهم إن بأمة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام من اللأْوَاء والفرقة، والتشرد والخوف ما لا يعلمه إلا أنت، ولا يقدِر على كشفه إلا أنت، اللهم فعجِّل بالفرج لإخواننا المسلمين المبتلين في كل مكان يا رب العالمين.

 

اللهم عجِّل بالفرج لإخواننا في الشام، اللهم بدِّل حالهم من الخوف إلى الأمن، ومن الفرقة إلى الاجتماع، اللهم انصرهم على مَن ظلمهم وكاد لهم وعاداهم يا قوي يا عزيز.

 

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.

اللهم اغفر لنا ولوالدينا وارْحمهم كما ربَّوْنا صغارًا.

 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • منهج القرآن والسنة في بناء العقلية العلمية
  • منهج الإصلاح بين القرآن والسنة والواقع
  • فضل تلاوة القرآن من القرآن والسنة

مختارات من الشبكة

  • نصوص القرآن والسنة لا تعارض بالآراء والأهواء(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • صورة مصر في قصائد نصوص المرحلة الابتدائية والإعدادية بجمهورية مصر العربية (نصوص مختارة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نقد نصوص الكتاب العربي المخطوط(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • النسخ يقع في نصوص الكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصوص الكتاب والسنة في مسألة القضاء والقدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما العلم الممدوح في نصوص الكتاب والسنة؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • تحقيق نصوص علوم القرآن الكريم: قضايا منهجية وموضوعية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدور الاجتماعي للفتوى الشرعية من خلال علاقتها بالمجتمع في ضوء نصوص القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نصوص وفهوم (1): {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عرض كتاب (مسالك أهل السنة فيما أشكل من نصوص العقيدة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب