• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمد الدبل / خطب منبرية
علامة باركود

مفهوم النصر

مفهوم النصر
د. محمد بن سعد الدبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/3/2012 ميلادي - 21/4/1433 هجري

الزيارات: 25946

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحمد لله وليّ كل نعمة، ومقدّر كل نقمة، وكاشف كل كرب وغُمة. أحمده سبحانه على ما أولى وأعطى، وأشكره والشكر له يزيد في الخير والحسنى، وأشهد أن لا إله في الوجود سواه، رفع ووضع، وأعطى ومنع، وضيق وبسط، وأفقر وأغنى. حوم بعض خلقه من المزيد لحكمة، ووسع على آخرين منهم لحكمة، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو اللطيف الخبير، تمت بحكمته الدنيا والآخرة، وجرى حكمه على المخلوقين فعالم متبع وجاهل مكابر، ومفلح وخاسر، ومهزوم ومنتصر، ومجزي ومحاسب، له الأمر في الأولى والآخرة، العزيز في حكمه، البديع في صنعه. فنشهد أن لا إله سواه، ونصلي ونسلم على خير خلقه إمامنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبته ومن اقتفى أثره وأثرهم إلى يوم الدين.

 

أما بعد، فيا أيها المسلمون المؤمنون استقيموا على منهج الله بتقواه في كل أمر، واعلموا أن من تقوى الله العملُ لوجهه، لأن من تقوى الله نصره ونصر دينه في كل زمان ومكان. فما مفهوم النصر؟ وما معناه؟ أهو المضي إلى حرب العدو وحمل السلاح في وجوه الكفرة؟؟ أهو الانخراط في سلك العسكرية والتدرب على استعمال السلاح وحمله؟؟ أهو حمل القلم وملء القرطاس ببلاغة الكلام لتبيين الحق وإزهاق الباطل؟؟ أهو التصدي لحمل الناس على العمل بأحكام الشريعة وبسط دين الله لهم؟؟ أهو التزام المسلم بتنفيذ أوامر الله واجتناب نواهيه؟؟

 

إن كل هذه المعاني هي غاية النصر ومفهومه. ولكن لا يتم ولا يتحقق هذا المفهوم إلا بالإيمان الخالص بأن الله موجود معبود بالعين والقلب والروح يستحق العبادة لعظمته وقهره وسلطانه ومحبته والطمع فيما عنده.

 

ومادام الأمر كذلك فتعالوا- يا عباد الله- لنطل على هذه الكلمة- كلمة النصر من خلال نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة ومواقف الأبطال الأتقياء الذين باعوا أنفسا تموت غدا بأنفس لا تموت أبدا. ومن خلال موقف علماء الإسلام من السلف الصالح الذين نذروا أنفسهم لعبادة الله وخدمة دينه والذب عن شريعته حتى خرجوا من هذه الدنيا بأكفانهم متجهين إلى الآخرة بأرواحهم، منهجهم في ذلك قولى الله تبارك وتعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10]، وقول رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم-: "اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها". وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها".

 

أما ورود هذه الكلمة في كتاب الله تعالى فقد ذكرها القرآن الكريم فيما يزيد على ستين موضعا، مرة بلفظ الفعل، ما أشتق منه مصدر أو اسم فاعل أو أسم مفعول، ومرة بلفظ المفرد، ومرة بلفظ الجمع. وما ذلك إلا لخطورة هذه الكلمة والتزام التقيد بمفهومها والعمل بمقتضاها الذي هو نصر الله ورسوله ونصر شريعته. يقول تبارك وتعالى:

 

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾ [آل عمران: 123] ، ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ﴾ [التوبة: 25] ﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾ [الأنبياء: 77] ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40]، ﴿ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 72] ، ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157] ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7] ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ﴾ [غافر: 51]، ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [آل عمران: 160]، ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40]، ﴿ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ ﴾ [المؤمنون: 26] ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ [القمر: 10]، ﴿ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ ﴾ [الأنفال: 72]، ﴿ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ﴾ [العنكبوت: 10]، ﴿ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 5] ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]. ﴿ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا ﴾ [الجن: 24]، ﴿ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [آل عمران: 22].

 

وبعد فيا أيها الإخوة المؤمنون: إن استقصاء الآيات القرآنية الكريمة المبينة فضل النصر وجدوى الانتصار لله ولرسوله ولدين الله وللمؤمن به، إن استقصاء ذلك يطول ذكره وسرده، ولو لم يذكر القرآن الكريم سوى قول الله تعالى: ﴿ بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾ [آل عمران: 150] لكفى المسلم مكانة ووعدا ونصرا من الله.

 

أما نصوص السنة الشريفة فيكفينا من القلادة ما أحاط بالعنق. يقول - صلوات الله وسلامه عليه- وهو يعدل صفوف المجاهدين من المسلمين في غزوة بدر: "اللهم أن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد". فيقول أبو بكر- رضي الله عنه: يا نبي الله بعض مناشدتك ربك؛ فإن الله منجز لك ما وعدك.

 

فيقول رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه: "يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثنايا النقع، والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة.

 

وفي معنى الصبر في الملمات معنى نصر الله ونصر رسوله ونصر دينه ونصر المسلمين.

 

ألا فلنعلم- يا عباد الله- لنعلم من خلال هذه النصوص التي سمعناها في فضل نصر الله ونصر رسوله ونصر دينه، أن النصر لا يكون بحمل السلاح في وجه العدو فحسب، وإنما ينصر المسلم الله وينصر رسوله ودينه بالصمود والثبات على الحق والإيمان بما يقول ويفعل، وأن كل حركة وتصرف منه إنما ذلك لوجه الله وحده، وأن نصر الله يكون بنصر المنكوبين من عباده المبتلين في ديارهم وأموالهم وأعراضهم وأديانهم. فنصرهم ومواساتهم من نصر الله، فالله غني عن شفاعة الشافعين، وعن قتال القاتلين وعن قوة المجاهدين، لأنه وحده القوي القهار، وإنما عمل المسلم ابتلاء، واختبار لصبره وإيمانه ونصره شرع الله.

 

وإذا حين يثبت المسلم على الحق ويغار على الدين، ويتغير حين تنهك حقوق الله فهو من المنتصرين لله الذين ينصرهم الله يوم لا ناصر سواه.

 

وحين يقدم المسلم نصيحته لإخوانه المسلمين في يسر ولين ووعظ حسن من غير ضعف يزري به ومن غير صلف وشدة تؤخذ عليه فهو من المنتصرين لله ولرسوله وللمسلمين.

 

وحين يستنكر ما يكون عليه الناس من بعلم عن الله وتنكب لجادة الحق، وينكر بقلبه وقالبه وسلوكه ما يجري في بعض المجتمعات الإسلامية من سلوك ضار مضر بالدين والأخلاق فهو ممن ينتظر لله ولدينه ولرسوله.

 

وحين يحمل السلاح على ثغور المسلمين، ويقف صامدا محتسبا مطيعا لأوامر قادته فهو ممن ينصرون الله وينصرون الإسلام.

 

ويكفينا شاهدا على هذا الصنيع المحمود وقوف سلفنا من الصحابة والتابعين والتابعين لهم إلى اليوم، وقوفهم مع الحق من أجل الحق اجتهادا واحتسابا كله صبر ومعاناة، لا لشيء إلا لنصرة دين الله وإعزازه من غير غلو وصلف في التصوف والسلوك.

 

فمن أجل نصر الله صلب الصحابي المجاهد خبيب- رضي الله عنه- وهو يردد:

 

ولست أبالي حين أقتل مسلما
على أي جنب كان في الله مصرعي

 

ومن أجل نصر الله يحتمل بلال بن رياح العذاب الأليم من سياط كفرة قريش وهو يردد: أحد أحد.

 

ومن أجل نصر الله يرافق رسول الله في الغار أول مصدق بالله ودينه ورسوله الخليفة الراشد أبو بكر- رضي الله عنه- من غير صحبة أحد، ومن غير سلاح، ومن غير صحبة أحد، ومن غير زاد، ومن غير مجير في موقف من أحرج الموقف وأصعبها، لكنها معية الله والإيمان به ﴿ لا تحزن إن الله معنا ﴾.

 

ومن أجل نصر الله يحمل الراية في موقعه مؤتة ثلاثة من الصحابة وكلهم يخر صريعا تحت لواء الإسلام إنهم زيد بن حارثه وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة. وما أكثر شهداء الإسلام لنصرة الله.

 

ويمتحن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ويلاقي عذاب الهون والجلد بالسياط فينتصر لله صابرا محتسبا.

 

فاللهم اجعلنا ممن ينتصرون لك ولدينا ولنبيك، ويصرون على الأخرى في ذلك. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ﴾.

 

بارك الله لي ولكم في كتابه الكريم ونفعني وإياكم ونفع كل مسلم بما فيه من الأحكام والذكر العظيم. أقول هذا القول وأستغفر إليه لي ولكم ولكل مسلم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

 

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، هو الملك الأول الآخر الظاهر الباطن، فما قبله أحد وما بعده أحد وما دونه أحد وما تحته أحد، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأصلي وأسلم على رسوله المجتبى خير من عرف ربه وخير من آمن به وقام بفرائض دينه، وتزود من عبادة الله في كل نوع من أنواع العبادات. نشأ مجاهدا وأرسل مجاهدا ومات مجاهدا حتى نصره الله ونصر دينه ونصر المؤمنين به.

 

صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه حملة لواء الإسلام وناصريه.

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون: أعلموا أن من تقوى الله الانتصار لدينه والذب عنه، وأن تقوى الله من أعظم العبادات وأجل القربات، فاتقوا الله في السر والعلن تفلحوا في الدنيا والآخرة.

 

عباد الله: ما أكثر أسباب الخلافات، وما أوسع نطاق الفرقة، وما أثقل الشحناء في صفوف مجتمعاتنا الأسرية في كل بلد، وما أكثر أسباب الهجر والقطيعة بين الأخ وأخيه، وبين القريب وقرابته، وبين الزوج وزوجته، وما أفظع وأنكى أسباب العقوق بينه الأبناء وآبائهم وأمهاتهم. ما ذلك يا عباد الله إلا لبعد المسلمين عن دينهم. فلو انتصروا له ببيان أحكامه وتطبيقها قولا وعملا لانحسرت كل هذه المشكلات التي يشكو منها كل فريق ويعج بها كل بيت.

 

ولكن نسوا الله فنسيهم.

 

إنه- والله- لا يستقيم على هذا الدين واحد إلا نصره الله حتى ليكبره في عيون حساده ومناوئيه، ويغرس محبته في قلوب خلقه، ويعلي له كلمته ما الحق ويجعل منه إنسانا تألفه القلوب وتتحدث بذكره الركبان. فالحديث عن المؤمن المسلم بالذكر الحسن خير بشراه في الدنيا وفي الآخرة.

 

عباد الله، ما أكثر أسباب الخلافات والفرقة، وما أكثر أسباب التناحر والتطاحن بإثارة الشغب وإشعال الحروب الدامية بين كثير من مجتمعاتنا الإسلامية، ومعلوم أنه لا يشعل نيران الحروب ولا يبرم حبل التفرق ولا يصل أسباب البغضاء والضغينة بين دول الإسلام في الشرق والغرب إلا أعداء الله وأعداء دينه

 

هموا خبروا منكم عقولا فأيقنوا
بأن قياد القوم طبع التشاجر

فبثوا دعايات هي السم كله
وداء الأماني من سموم التآمر

وقد أبرموا حبل التفرق خلسة
يشق على الأسماع نشر السرائر

 

إنها- يا عباد الله- دعايات مغرضة يفتلها في صف الإسلام أعداؤه الألداء، وليست الغاية منها سوى إضعاف قوة المسلمين في كل أرض ينطلق من آفاقها لا إله إلا الله محمد رسول الله. وصدق الله وقوله الحق: ﴿ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾ [البقرة: 217]، ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].

 

فها هو الإسلام منذ بزوغ شمسه وهو يصارع القوى الكافرة الملحدة، وانتهت تحت مجالدته عقائد ونظم، ولم يزل شامخا كالطود العظيم، وإن بعد أهله عنه وضعفوا، لأن ضعفهم لا يعني ضعف الإسلام ولا يعني نقصه ولا تعطيل بند من بنوده، وحكم من أحكامه، لأنه ليس من نظام البشر، وإنما هو كتاب منزل من عند الله، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأنه رسول صادق مصدوق، نصره ربه الذي أرسله ونصر دينه الذي أرسله به.

 

أيها الأحباب، إن ما يعيشه العالم الإسلامي في بعض دوله المعاصرة من واقع مر أليم تسلطت عليه قوى كافرة مستعمرة لا يمكن لعاقل أن يعزو أسباب هذا الواقع إلا إلى تفرق المسلمين وتفكك أواصرهم، وبعدهم عن الله ورضاهم بتحكيم القوانين الوضعية التي ما أنزل الله بها من سلطان: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44] ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45] ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47].

 

وكلما نصر المسلمون دين الله وجاهدوا لإعلاء كلمة الحق كان النصر حليفهم، ولو بعد حين، لأن الإسلام جهاد مستمر، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، جهاد بالكلمة والروح والمال والسلاح وبكل قوة عن يقين وإيمان بأن الله أهل القوة والقهر والجبروت المتصرف بأحوال العباد أجمعين.

 

تذكروا ما كان من نصر الفتوحات الإسلامية على أيدي القادة المسلمين عبر تاريخ الإسلام منذ عهد محمد - صلى الله عليه وسلم- وعهد صحابته الأجلاء إلى عهد حرب العاشر من رمضان على الانتصارات الكبيرة التي أحرزها المجاهدون الأفغان بصبرهم ومعاناتهم ونصرهم دين الله. ها هو علم الإسلام وتاج النصر يرتفع خفاقا على ربوع كابل وعلى الأفغان كلها، وإنه سيرفرف بإذن الله على أرض القدس المحتلة، وعلى كل أرض يشن الاستعمار بزعامة الصهيونية الحاقدة الكافرة الحروب الدامية فيها.

 

وإن مما يندى له الجبين، وتعتصر له القلوب، وتهتز النياط وتستثار العواطف وتنثال الدمعات وتسكب العبرات أن يهجم النصارى واليهود والصهيونية العالمية على إخوان لكم في الإسلام في جمهورية "البوسنة والهرسك " التي كانت جزءا مما يعرف بيوغوسلافيا سابقا.

 

إنها والله مأساة في جبين الحكم الإسلامي، في جبين كل مسلم ومسلمة يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر.

 

حرب ضروس دامية يشب أوارها فئات ومنظمات سرية كافرة تتمثل في النصرانية البغيضة الحاقدة التي تسعى لإبادة ستة ملايين مسلم ما بين ذكر وأنثى كبير وصغير.

 

هناك- أيها الأحباب- إخوان لكم في الله تسبى ذراريهم، وتنتهك حرماتهم، وتستحيا نساؤهم، وتقتل أطفالهم على مرأى من آبائهم.

 

هناك تهدم المنازل، وتوقد النير من. ويسري أزيز المدافع ليل نهار. هناك تسكب العبرات ويصيح الأطفال المسلمون من الجوع طافحة أنظارهم شاردة عيونهم مروعة قلوبهم مرتعدة فرائصهم. يهرعون بدآبائهم فلا يجدون أبا أو أما، وإنما يجدون ذئابا مفترسة مكشرة تبقر بطن هذا! الطفل الرضيع، وتفض بكارة هذه الفتاة، وتنزل حمل تلك الأم وتصرع ذلك الشيخ. وتفعل الأفاعيل بإخوان لكم في الإسلام، فإنا لته وإنا إليه راجعون.

 

كل هذه الأعمال المنكرة والمجازر الفاجرة والسلاح الفتاك يصول ويجول على أرض البوسنة والهرسك.

 

الطفل المسلم الصغير، والأم المسلمة الحنون، والشيخ المسلم الوقور كلهم يمد يده لمن يغيثه ولا يجد ناصرًا ولا معينا.

 

ونحن هنا سادرون في غفلة عنهم نضطجع على ما لان وارتفع من الفرش، ونأكل من أطايب الطعام. لقد مدت الدولة- رعاها الله- الكثير من المعونات والإغاثة، وبقي دوركم كرعية مسلمة تلتف حول قيادتها وتناصر المسلمين وتواسي ضعفاءهم في كل أرض، فمدوا يد العون لإخوان لكم ظلموا وقوتلوا وأخرجوا من ديارهم، فما تقدمونه ولو ريالا واحدا إنما هو رصاصة تقبع في جوف كل نصراني لا يرقب في مسلم إلا ولا ذمة فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبلكم، فإن الله مبتليكم بالنعم فقدموا لأنفسكم وانصروا الله ينصركم. وتذكروا أن الله لا يضيع عنده مثقال الذر، وتذكروا أنكم رواد البلدان الإسلامية ومحط أنظار المسلمين، وأن كل مسلم مؤمن يدين دين الحق ويحكم شرع الله أمانة في أعناقكم.

 

اللهم يا رب الأرباب، ويا مالك السبع الشداد، ويا رازق العباد من حاضر وباد، ها نحن نرفع أكف الضراعة إليك وحدك يا جبار السماوات والأرض.

 

ويا ناصر المنتصرين بك أن تحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الإحن والمصائب والفتن.

 

اللهم بنصرتك وبعزتك أعز الإسلام والمسلمين، ودمر الكفرة والملحدين، وأجعل العزة والتمكين والنصر لأمة محمد، واقض بقضائك وحكمك المنجز وقوتك القاهرة على النصرانية واليهودية والشيوعية، وكل عدو للإسلام والمسلمين، وثبت اللهم قادتنا وحكامنا وولاة أمورنا على دينك، وانصرهم على عدوك وعدوهم، ومكن لهم في الأرض ما مكنت لعبادك الصالحين.

 

سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وأقم الصلاة؛ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.

 

المصدر: من كتاب المنبر خطب وتوجيهات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أسباب النصر

مختارات من الشبكة

  • غنى النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التفسير المفهوم لسورة النصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المفهوم السياسي للأيديولوجيا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • ما معنى الفكر ؟(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • مفهوم الحرية في الإسلام ومفهومها في الفكر الغربي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • العالم الإسلامي: مفهوم واحد أم مفاهيم متعددة؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • مختصر بحث: بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي "مفهوم الأمن الفكري أنموذجا"(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي (مفهوم الأمن الفكري أنموذجا) (WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • مفهوم المفهوم والفرق بينه وبين المصطلح(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مفاهيم ضائعة (1) مفهوم الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب