• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مواقع المشرفين   مواقع المشايخ والعلماء  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة (المرض والتداوي)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    آداب التلاوة وأثرها في الانتفاع بالقرآن الكريم
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    الأحاديث الطوال (22) حديث أم زرع
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    أمثال القرآن: حكم وبيان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    خطبة .. من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    نتائج بحث بلوغ المرام في قصة ظهور أول مصحف مرتل
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أثر الإيمان بالكتاب المنشور يوم القيامة، وفضائل ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    ابن تيمية وعلم التفسير
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد من قصة يونس عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    طبيعة العلم من المنظور الإسلامي
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    فضل ذي القعدة (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي / بحوث ودراسات
علامة باركود

المفهوم الشرعي لسلامة المنشآت (WORD)

أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي


تاريخ الإضافة: 25/5/2011 ميلادي - 21/6/1432 هجري

الزيارات: 17625

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المفهوم الشرعي لسلامة المنشآت بحث مقدم

إلى المؤتمر العشرين الذي تنظمه المديرية العامة للدفاع المدني

 

مقدمة:

الحمد له الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن. والصلاة والسلام على النبي المجتبى...

 

أما بعد:

فإن الإنسان لا يشعر بالاستقرار ومنعة الحياة إلا إذا توافرت له السلامة في نفسه وماله وما حوله وبسط الأمن جناحه في البلاد، وغرست جذوره في قلوب العباد.

 

أما إذا حلت الفوضى محل الأمن، ونزلت الآفات المحسوسة وغير المحسوسة على الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فعندها يكون بطن الأرض خير من ظاهرها إذ تتحول البلاد إلى غابة، ويتحول المجرمون إلى سباع ضارية لا تبقي ولا تذر.

 

من هنا تأتي أهمية الأمن والسلامة في الإسلام للذي جاءت تشريعاته حفظ نظام الكون والإنسان، وفى هذه الورقات نركز الحديث على سلامة المنشآت على وجه للخصوص لأهميتها.

 

أقدمها إلى المؤتمر للعشرين الذي تنظمه المديرية العامة للدفاع المدني، والتي وجهت إلى الدعوة مشكورة للمشاركة في هذا للمؤئمر داعياً الحق سبحانه وتعالى أن يجعل في هذه الوريقات المتعة والإفادة.

 

والله ولي التوفيق؛؛؛

 

 

وسلامة المنشآت متوقفة على حفظ هذه الضروريات وعلى ألأخص حفظ المال.

فإنه (المال) له منزلة عظيمة في الإسلام.

 

أ- فالإنسان ميال إليه بالفطرة:

﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 20].

 

ب- وهو زينه للحياة:

﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46].

 

ج- وهو قوام للحياة:

﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ﴾ [النساء: 5].

 

د- وهو سبب سعادة الإنسان أو شقائه:

(إن هذا للمال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع)[1].

 

والمال- وهو كل ما يتمول ويملك، سواء كان ملكيته خاصة) أو عامة- تتعين المحافظة عليه يقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور: "وأما حفظ المال فهو حفظ أموال الأمة من الإتلاف ومن الخروج إلى أيدي غير الأمة بدون عوض، وحفظ أجزاء المال المعتبرة عن التلف بدون عوض[2].

 

 

المبحث الأول

مفهوم المنشآت، وأهميتها

 

أولاً: مفهوم المنشآت:

المفهوم اللغوي:

المنشآت: جمع المنشأة، وهي اسم مبني للمجهول، وأصلها من الفعل نشأ، قال ابن فارس: النون والشين والهمزة أصل صحيح يد على ارتفاع في شيء وسمو، ونشأ السحاب: ارتفع"[3].

 

أما الزبيدي في تاج العروس فقد أطال وفصل في معاني اللفظة "نشأ" ومشتقاتها، ومعظم ما ذكره يعود إلى ما قاله ابن فارس، لكن من أهم ما أضافه قوله "والمنشأ والمستنشأ، من أنشأ العلم في المفازة والشارع، واستنشأه: المرفوع المحدد من الأعلام والصوى... وقال الزجاج في قوله تعالى: ﴿ وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴾ [الرحمن: 24] هي السفن المرفوعة الشرع والقلوع"[4].

 

المفهوم الاصطلاحي:

المنشأة في اصطلاح الاقتصاديين هي: "وحدة إدارية تمارس عملياتها تحت اسم تجاري معين، وتشكل تنظيمًا يستهدف إما استخراج المعادن، وإما إنتاج أو تصنيع السلع وإما بيع السلع والخدمات..."[5].

 

وهي بهذا قريبة المعنى من لفظه "المؤسسة" لكن بينها فروقًا بذكرها بعض أهل الاختصاص[6].

 

هذا هو المفهوم الاصطلاحي عند الاقتصاديين فهل هو المراد في بحثنا؟

الواقع أنه ليس المراد على الخصوص، أما ما نريده هنا بالمنشأة فيمكن تقريب معناه بتوصيف معالمه وحدوده.

 

فالمنشآت المقصودة هي: المباني العمرانية الكبيرة، والمصانع والآلات القائمة والعاملة سواء كانت ملكيتها فردية أو جماعية، والمرافق العامة، وهي كل ما ينتفع به السكان كالطرق والجسور وأجهزة الشرب والإضاءة ووسائل النقل.

 

وبرغم هذا التوسع لمفهوم "المنشآت" إلا أنه غير مقطوع الصلة بالمعنى اللغوي بل بالمقارنة بينهما يلحظ وجود اشتراك ما، وهو التشييد والارتفاع، فهذا المعنى موجود في المفهوم اللغوي وفي ما اصطلحنا عليه.

 

ثانيًا: أهمية المنشآت:

تأتي أهمية المنشآت من أهمية المال بشكل عام، فالمال عصب الحياة وقوامها، وهو كما يقول أهل العلم: سلاح المؤمن[7].

 

وهو بالنسبة إلى التملك ثلاثة أقسام:

1- ما لا يجوز تمليكه ولا تملكه بحال، مثل الأراضي والمنشآت المخصصة للمنافع العامة، كالطرق والجسور والحصون والسكك الحديدية والمكتبات.

 

2- ما لا يجوز تملكه إلا بسبب شرعي كالأرض الموقوفة وأملاك بيت المال.

 

3- ما يجوز تملكه وتمليكه على أي حال، وهو ما عدا ما تقدم مما يملكه الأفراد والجماعات[8].


والمنشآت لا تخرج عن هذه الأقسام الثلاثة، سواء كانت مملوكة لأفراد أو لشركات أو لدولة، أو كانت أوقافًا، أو مرافق عامة.

 

ولكن هذه المنشآت تكتسب أهمية خاصة نظرًا إلى حجمها الكبير، كما هو الغالب عليها، ولكونها تؤدي وظائف وخدمات غير محدودة.

 

كما أنها جارية وفق الطبيعة البشرية التي تنزع إلى " اتخاذ البلاد وبنائها ليمتنع بها في حفظ الأموال والنفوس"[9].

 

وكان للفقهاء عناية واهتمام بكثير من المنشآت التي كنت موجودة في عهدهم، كالقناطر والحصون والقلاع، فحينما يتحدثون عن أموال الدولة والجهات التي تصرف فيها وأنه لابد أن يبدأ بالأهم فالأهم يجعلون في مقدمة ذلك بناء السدود في الأنهار وكري الأنهار، وهو حفرها وتنظيفها، وعمل القناطر، وهى الجسور[10].

 

وفي باب الوقف يتحدث للفقهاء عن شروطه، ويذكرون منها أن يكون على بر، أي أن يكون من أعمال الطاعة وليس من أعمال المعصية، ويضربون لذلك أمثَلة في مقدمتها: المساجد والقناطر والسقايات وكتب العلم[11].

 

وهذا الأمام سعيد بن المسيب يجعل قطع الذهب والورق- وهما العملة النقدية المستعملة آنذاك- من للفساد في الأًرض[12].

 

المبحث الثاني

المحافظة على المنشآت

إذا كانت المنشآت جزءا من المال، والمال أحد الضروريات الخمس، التي بجب المحافظة عليها، فإن المحافظة على المنشآت أمر تفرضه الضرورة.

 

لدا نركز هنا على أمرين:

أحدهما: أهمية المحافظة على المنشآت.

ثانيهما: كيفية المحافظة على المنشآت.

(1)

أما أهمية المحافظة على المنشآت فذلك مما لا يختلف عليه، سواء كانت ملكيتها خاصة أو عامة، وذلك من عدة وجوه:

1- أنها مال، والمال يجب حفظه من الضياع ومن التصرف غبر المحمود.

قال سبحانه ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ﴾ [النساء: 5] .

 

2- أنها ذات نفع متعد، سواء كانت حكومية او غير حكومية، الأمر الذي يزيد في أهميتها وأهمية الحفاظ عليها.

 

3- وغالبها يعتاده الناس ويترددون عليه كالطرق والجسور، والأنفاق والفنادق، والمدارس، والمصانع الكبيرة، والمكتبات والحدائق العامة والعمائر الكبيرة، والمجمعات السكنية، ومجمعات الأسواق، والمطارات وما إليها، فإذا أهملت قل الانتفاع بها، وأنصرف عنها الناس، مما يفوت لكثير من المصالح على الناس، ويعيق حركة دولاب الحياة، وهذا خلاف مقصود الشارع من المال وهو جلب المصالح بقدر الإمكان.

 

4- ولابد أن يترتب على عدم المحافظة عليها مفاسد وأضرار مادية أو معنوية، مالية أو بشرية. وهذا خلاف مقصود الشارع الحكيم من درء المفاسد ما أمكن ذلك.

 

وقاعدة الشريعة الإسلامية تقول: لا ضرر ولا ضرار وجاءتَ هذه الشريعة لترسيخ الصلاح في الأرض ودرء الفساد، قال تعالى على لسان موسى مخاطبا أخاه هارون عليهما السلام ﴿ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 142].

 

وفي الحديث الصحيح "أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها"[13].

 

(2)

أما كيفية المحافظة على المنشآت، فهي من الأمور المهمة، وفد مر بنا أن حفظ الضروريات بكون بأمرين:

أحدهما: ما يقيم أصل وجودها.

الثاني: ما يدفع عنها الاختلال العارض.

 

وهكذا بالنسبة للمنشآت تكون المحافظة عليها بالأمرين.

 

أما الأول: فيكون بالمحافظة على أصول هذه المنشآت والموجودات، وضمان بقائها، وهذا يستلزم قيامها على أصول سليمة عند إنشائها، وأما الثاني فهو في المحافظة على هذه للمنشآت من حدوث أي اختلال فيها، سواء كان خللا هندسيا، أو عدم صيانة، أو عدم توفير ما يلزم من خدمات، أو إهمال للآلات أو عدم استفادة منها (أعنى المنشآت).

 

وبهذا نضمن- بعون الله سلامة هذه المنشات من حيث أصولها وكياناتها، ومن حيث إمكانية الاستفادة منها، أي أنها تبقي قوية سليمة قابلة للعطاء و الاستعمال.

 

ففي الحديث: (( اتقوا الله في البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة ))[14] وهكذا ينبغي على المستفيد أن يغادر الشيء ويتركه كما كان عليه.

 

وبإمكاننا أن نفصل هذه المجملات في النقاط التالية:

1- اختيار الموقع المناسب للمنشاة فإذا أريد إقامة مصنع مثلا فلابد من تحديد المكان المناسب له، بحيث يكون بعيداً عن المساكن والمدارس والمستشفيات. وإذا أريد تشييد عمارة سكنية أو تجارية فلابد من اختيار للموقع المناسب من حيث الشوارع ومواقف السيارات ووجود الخدمات العامة.. ونحو ذلك.

 

2- تشييد المنشاة بالطرق الهندسية السليمة، التي تكفل بقاءها بإذن بإذن الله وتكفل استغلالها والاستفادة منها.

 

3- الأخذ بقواعد السلامة عند الإنشاء، مما معروف لدي الدفاع المدني.

 

4- توفير الخدمات اللازمة للمنشأة حتى يمكن الاستفادة منها.

 

5- الصيانة المستمرة للمنشأة كيلا تتعطل آلاتها أو منافعها، ومن أجل أن تعيشَ عمرا أطول.

 

6- الحراسة المشددة للمنشأة، وبخاصة أذا كانت آهلة بالسكان، أو كانت قابلة للاشتعال، أو تحتوي على مواد ثمينة، حتى لا تطولها أيدي العابثين والمخربين.

 

7- ترشيد الانتفاع بالمنشأة وتوجيهه الوجهة الصحيحة، سواء كان هذا الانتفاع: مرورا، أو جلوسا، أو سكنى،أو استهلاكا، أو ترفيها، أو غير ذلك.

 

وكل ذلك من باب اتخاذ الأسباب التي شرعها رب الأرباب جل وعز للقائل في تنزيله: ﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء: 80].

 

يقول القرطبي عند هذه الآية: "المسالة الثالثة: هذه الآية أصل في اتخاذ الأسباب والصنائع، وهو قول أهل العقول والألباب، لا قول الجهلة الأغبياء القائلين بأن ذلك إنما شرع للضعفاء، فالسبب سنة الله في خلقه، فمن طعن في ذلك ففد طعن في الكتاب والسنة... وقد أخبر الله تعالى عن نبيه داود عليه السلام  انه كان يصنع الدروع وكان أيضا يصنع الخوص، وكان يأكل من عمل يده"[15].

 

ويقول أيضا عند تفسيره لآية الدين "المسألة الثالثة: لما أمر الله تعالى بالكتب والإشهاد وأخذ الرهان كان ذلك نصا قاطعا على مراعاة حفظ الأموال وتنميتها، وردا على الجهلة المتصوفة ورعاعها الذين لا يرون نلك "[16].

 

المبحث الثالث

التفريط بالمنشآت

إذا كانت المنشآت لها تلك القيمة والأهمية في واقع الحياة الاقتصادية للمجتمع، وكان من الواجب المتحتم المحافظة عليها، فإن التفريط بها يعد إهمالا وتساهلا بالحقوق والأمانات.

 

يمن اْهم مظاهر التفريط:

1- عدم التزام الأصول الهندسية عند الإنشاء.

2- عدم التزام قواعد السلامة فيها.

3- عدم صيانتها.

4- عدم حراستها.

5- تعريضها للخطر.

6- سوء الانتفاع بها واستغلالها.

 

وكل ذلك خلاف المقاصد التي أقيمت هذه المنشآت من أجلها.

 

وهذا التفريط إما أن يصدر من المالك نفسه أو من المؤتمن عليها، أو من المستفيد.

 

فإن كان من المالك فإنه يصدق عليه أن يسمى مبذرا ومسرفا ومضيعا.

 

وقد جاءت الشريعة بالنهي الأكيد عن التبذير والإسراف والإضاعة. قال جل وعلا﴿ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 26، 27].

والتبذير: التفريق والتخريب والإفساد[17].

 

وقال: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].

والإسراف: تجاوز للحد، وهو قريب المعنى من التبذير.

 

وفي الحديث (( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال))[18].

وإضاعة المال: هي إنفاقه في الحرام أو ترك القيام عليه. كما يقول ابن حجر أما إذا  كان التفريط من المؤتمن على المال (المنشاة) فإن ذلك من الخيانة التي باباها الطبع السليم.

 

وقد قال الحق تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58].

وفي الحديث: ((أد الأمانة إلي من ائتمنك ولا تخن من خانك ))[19].

ومن أمثال العرب: من خان هان. مما يدل على أن الخيانة من أسوا الأخلاق.

 

وإذا كان التفريط من قبل المستفيد من المنشأة فإن كان تصرفه هذا سلبيا كان يرى وقوع الضرر أو الخلل في المنشأة ثم يسكت عنه فإن مثل ذلك يعد سلبية مذمومة، بل هو تعطيل لوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو النصيحة التي تجب لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

 

وإن كان ذلك التصرف إيجابيا كاستعمال المحظورات الخطرة داخل المنشأة،أو تخريب شيء من الموجودات، أو العبث به بما يشوهه، أو الكتابة عليه[20]، أو تمزيق الأوراق أو غير ذلك من ألوان الفساد، فكل ذلك يعد إساءة بالغة، وهو من الفساد في الأرض، والعدوان على حقوق الغير وممتلكاته.

 

المبحث الرابع

جرائم الاعتداء على المنشآت والجزاء عليها

المطلب الأول: الاعتداء على المنشآت:

إن غالب المنشآت يكلف إنشاؤها أموالا طائلة، ويستهلك جهوداً ضخمة، سواء كانت هذه المنشاة تابعة للقطاع العام، او للقطاع الخاص، وأي اعتداء على المنشأة قد يعرضها للخطر أو الضرر أو التلف. لذا يكون من نافلة القول أن مثل هذا الاعتداء جريمة منكرة شرعاً وعقلا.

 

على أن هذا الاعتداء ليس نوعا واحدا، أو صورة واحدة بل له أنواع وصور شتى، ولعل من أبرزها:

1- ما يحدث خللا أو ضررا في أصل المنشاة وكيانها مثل أعمال التفجيرات، وأحداث الحرائق، ونحوهما مما يعرض المنشأة للضرر الفادح.

 

2- ما يحدث ضررا يعطل الانتفاع بالمنشاة، كقطع الكهرباء أو الماء، أو تعطيل الآلات الخدمية كالحاسوب، وما أشبه ذلك.

 

3- ما يحدث ضررا في مقتنيات المنشاة كالأثاث ووسائل الترفيه.

 

4- ما يحدث ضررا في الشكل الظاهري للمنشاة من الدهانات والزخارف وما أشبه.

 

فكل من ذلك يعد جريمة، لأنه ظلم وإفساد وتخريب، وإن كان ليس على درجة واحدة.

فأعظمها أولها الذي يأتي على المنشأة في أصلها، سواء تلفت بالكلية، أو بقيت على علاتها.

ثم الثاني الذي يعطل الانتفاع بها، ثم الاعتداء على المقتنيات وهو الثالث.

وأخيرا ما يشوه صورة المنشاة الظاهرة.

وأدلة الشريعة متضافرة على اعتبار ذلك ظلما وعدوانا وإفسادا.

 

قال سبحانه: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 204 - 206] .

 

يقول القرطبي: "والآيات بعمومها تعم كل فساد كان في أرض أو مال أو دين، وهو الصحيح إن شاء الله "[21].

 

وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].

 

يقول ابن عطية الأندلسي: "الآية ألفاظ عامة تتضمن كل إفساد قل أو كثر بعد إصلاح قل أو كثر، والقصد بالنهي هو على العموم، وتخصيص شيء دون شيء تحكم إلا أن يقال على وجهة المثال..."[22].

 

وقد تكررت مادة "فسد" في القرآن العظيم في أكثر من خمسين موضعا، ما بين تحذير عن الفساد، أو تصوير لحال المفسدين ومغبة عاقبتهم.

 

مما يدل على أنه خلق ذميم لا يتخلق به إلا من لا خلاق له.

 

أما الظلم فهو من كبائر الذنوب، وقد تكررت مادة "ظلم" في القرآن مئات المرات، ولكنها ليست ذات معنى واحد، بل منها ما يقصد به الشرك، ومنها ما يقصد به مطلق المعصية، ومنها ما يقصد به التعدي على حقوق الغير. وهو  المقصود هنا. ومنه قول الحق تعالى: " ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 42].

 

وأما الاعتداء وهو تجاوز الحد المشروع إلى الممنوع، فقد ورد في القرآن في عدد من الآيات الكريمة. ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ﴾ [البقرة: 231].

 

ذلك في القرآن العظيم، أما السنة النبوية فقد وردت فيها ألفاظ: "الفساد والظلم والاعتداء" في عشرات الأحاديث، وكلها توكيد وبيان للقرآن العظيم.

 

ومنها قوله صلى الله عليه وسلم (إذا أتيت على حائط فناد صاحبه ثلاث مرات فإن أجابك وإلا فكل من غير أن لا تفسد) رواه الإمام أحمد في المسند، والمقصود بالحائط البستان.

 

وهذا توجيه نبوي كريم لمن يريد أن يستفيد من مال الغير أن يكون بأسلوب حضاري بعيد عن العدوانية والإفساد.

 

ومنها الحديث المشهور: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا). رواه مسلم.ك: البر الحديث رقم 55.

 

المطلب الثاني: جزاء الاعتداء على المنشآت:

مر بنا في المطلب الأول أنواع الاعتداء وصوره، وأنه ليس على درجة واحدة.

 

ومن هنا فإن الجزاء لن يكون متساويًا، بل الجزاء من جنس العمل، كما تقتضيه العدالة الإلهية.

 

ويتعين التنويه ابتداءً بأن طبيعة الجزاء في الإسلام أنه ليس في الدنيا فقط، بل منه ما هو في الدنيا، ومنه ما هو في الآخرة، ومنه ما يتكرر فيهما.

 

وقد عرفنا أن الاعتداء على المنشآت جريمة وأنه ظلم وعدوان، وأنه يتعارض مع مراد الشارع الحكيم من حفظ الأموال والحقوق، وعدم الاعتداء عليها.

 

لذا فلابد أن تكون ثمة عقوبة مكافئة لتلك الجريمة. ونشير هنا إلى الجزاء الأخروي ثم الدنيوي.

 

(1)

أما الجزاء الأخروي على جرائم الاعتداء فهو باب واسع للغاية وقد وردت في ذلك نصوص كثيرة.

 

كقوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [البقرة: 204 - 206] .

 

وقوله تعالى: ﴿ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 41، 42] .

 

وكقوله صلى إلهة عليه وسلم: (( الظلم ظلمك يوم لقيامة)) [23]

وقوله: (( من ظلم من الأرض شينا طوقه من سبع أرضين))[24]

وقوله: (( إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة )) [25].

ومعنى يتخوضون أي: يتصرفون فيه بما لا يرضى الله تعالي[26].

 

ومال الله هنا: الأموال العامة.

 

وفيه نصوص كثيرة جداً فيها الوعيد لأهل جرائم الاعتداء على حقوق الآخرين وممتلكاتهم، سواء كانت هذه الحقوق عامة أو خاصة.

 

(2)

وأما الجزاء الدنيوي فله تفصيلات قد يكون الخوض فيها خارجا عن مقصود البحث، لكننا نشير بعض الإشارات التي نأمل أن تكون مفيدة.

 

فالجزاء هنا إما أن يكون مقدرا أو غير مقدر. أما المقدر- وهو الحدود المقدرة- فهو إما بسبب سرقة، وإما بسبب قطع طريق.

 

فإذا كان الاعتداء على المنشآت بالسرقة كسرقة بعض مقتنياتها فجزاؤه قطع اليد اليمنى إذا توافرت الشروط قال سبحانه ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38].

 

وإن كان الاعتداء بقطع الطريق والحرابة فجزاؤه ما جاء في الآية الكريمة ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33].

 

ولكن هذه العقوبة لا تطبق على كل اعتداء على المنشآت بل هو خاص بنوع منه، وهو ما يتم بأسلوب القوة والحرابة، وذلك باستعمال السلاح، أو المتفجرات أو أحداث التخريب.

 

فمن اعتدى على المنشآت بمثل هذه الأساليب فهو مفسد محارب، وجزاؤه ما جاء في الآية الكريمة.

 

والحاكم- إماما كان أو قاضيا- "مخير في الحكم على المحاربين يحكم عليهم بأي من الأحكام التي أوجبها الله من القتل والصلب أو القطع أو النفع لظاهر الآية"[27].

 

ذلك في العقوبة المقدرة، أما العقوبة غير القدرة وهي التعزيز، فإنها مطلقة في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة[28] ،ومن ذلك التعدي على المنشآت بما لا يوجب حداً، وتقديم هذه العقوبة يعود إلى القاضي.

 

ولعل من المناسب هنا أن أسجل الفتوى التي أصدرتها هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية.

 

ففي الدورة الثانية والثلاثين المعـقودة في 12/1/1409هـ درس المجلس ظاهرة كثرة الأعمال التخريبية في بلاد المسلمين، وبعد مداولة أصدر المجلس قراره رقم 0148 الذي نص على الآتي:

"من يثبت شرعا أنه قام بعمل من أعمال التخريب والإفساد في الأرض التي تزعزع الأمن بالاعتداء على الأنفس والممتلكات الخاصة والعامة كنسف المساكن والمساجد أو المدارس أو المستشفيات والمصانع والجسور ومخازن الأسلحة والمياه والموارد العامة لبيت المال،كأنابيب البترول ونسف الطائرات أو خطفها ونحو نلد فإن عقوبته القتل، لدلاله الآيات المتقدمة على أن مثل هذا الإفساد في الأرض يقتضي إهدار دم المفسد" ا. هـ.

 

وعقوبة القتل هذه التي قررها مجلس هيئة كبار العلماء هي عقوبة تعزيرية تتناسب مع حجم الجرائم التي أشار إليها القرار.

 

ولعل في ذلك ما يردع أهل الإجرام والفساد.

 

المبحث الخامس

مسؤولية المحافظة على المنشآت

 

يمكن تقسم هذه المسؤولية إلى قسمين:

الأول: المسؤولية الاجتماعية.

الثاني: المسؤولية الخاصة.

 

ويقصد بالمسؤولية الاجتماعية: المسؤولية العامة المتعلقة بعموم الأفراد وبالمسئولية الخاصة: المسؤولية المحدودة بأفراد أو جهات معينة.

 

أما المسؤولية الاجتماعية فقد جاءت فيها النصوص الكثيرة المقررة لها. ومن هذه النصوص:

• قوله تعالي: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [التوبة: 71].

• وقوله:  ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]

 

وفي الحديث الصحيح: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمام راع ومسؤول عن رعبته، والرجل راع على أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"[29].

 

والشاهد هنا الجملة الأولى من الحديث والجملة الأخيرة وفي الحديث الأخر: " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميع"[30]. فهده النصوص ونظائرها كثيرة تؤكد عموم المسؤولية وأنها ليست خاصة بفئة معينة.

 

وأما المسؤولية الخاصة فقد وردت فيها نصوص أيضًا كثيرة، ومنها الحديث المتقدم قبل قليل "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " حيث جاء فيه تخصيص فئات معينة، كالإمام الأعظم، ورب البيت وربة البيت.

 

فكأن الحديث أجمل في البداية ثم فصل، ثم أكد في آخر الحديث ما بدأ به[31].


ومنها قوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [النساء: 58].

 

قال الطبري عند هذه الآية، بعد أن ساق كعادته أقوال المفسرين للآية"وأولى الأقوال بالصواب في ذلك عندي قول من قال هو خطاب من الله ولاة أمور المسلمين بأداء الأمانة إلى من ولوا أمره في فيئهم وحقوقهم وما ائتمنوا عليه من أمورهم، بالعدل بينهم في القضية. والقسم بينهم بالسوية"[32].

 

نعم.. في ضوء هذه النصوص تتضح لنا معالم المسؤولية وحقيقتها سواء كانت عامة لم خاصة، وبناء على هذا، فمسؤولية سلامة المنشآت غير محصورة بشخص أو فئة، بل هي خاصة وعامة في آن واحد.

 

فمديرو المنشات وموظفوها وحراسها مسؤولون مسؤولية خاصة كل بحسب موقعه، والتفريط بهذه المسؤولية خيانة ظاهرة يبوء بها صاحبها. وهكذا المستفيدون والمرتادون للمنشاة لا يجوز لهم أن يتساهلوا بها فيتسببوا بما يضر بها.

 

ومن سيما المسلم وطبعه الشعور بالمسؤولية والاهتمام بها، والقيام بمقتضياتها على الوجه المطلوب، ورحم الله عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قال في أواخر أيام خلافته- وهو يفكر بعظم المسؤولية التي تحملها- فرفع يديه إلى السماء وهو يقول: "اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط؟[33].

 

ولا ننسي في نهاية الحديث عن المسؤولية أن ننبه إلى مسؤولية الدفاع المدني الكبيرة، تجاه المنشآت وأنها مسؤولية تبدأ منذ تصميم المنشأة، وأثناء تنفيذها، ثم الرقابة المستمرة ما دامت المنشأة فاعلة.

 

الأمر الذي يؤكد ضخامة الدور الذي يقوم به هذا الجهاز واثر ذلك في المحافظة على منشأتنا وممتلكاتنا.

 

خاتمة

يمكننا بعد هذه الجولة مع سلامة المنشآت أن نصل إلى نتيجة مفادها:

أن هذه السلامة إن هي إلا جزء من السلامة الكبرى في الإسلام، فاصل المادة اللغوية للسلامة والإسلام واحد.

 

قال ابن فارس عند مادة "سلم" السين واللام والميم معظم بابه من الصحة والعافية.... فالسلامة: أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى..

 

ومن الباب أيضا الإسلام وهو الانقياد، لأنه يسلم من الإباء والامتناع، والسلام: المسالمة"أ. هـ

 

وهكذا يعيش الفرد والمجتمع آمنا سالما، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (( المسلم من سلم السلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم ))[34].


[1] متفق عليه: صحيح البخاري. ك: الزكاة الباب 47 وصحيح مسلم. ك: الزكاة ح/96.

[2] مقاصد الشرعية الإسلامية ص307، وينظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/417.

[3] معجم مقاييس اللغة ص1028.

[4] تاج العروس 1/468.

[5] الموسوعة الاقتصادية. دكتور حسين عمر ص472.

[6] ينظر: القاموس الاقتصادي. دكتور/محمد عليه ص423.

[7] انظر تفسير النسفي بهامش الخازن1/323

[8] انظر : الأموال ونظرية العقد في الفقه الإسلامي للدكتور/ محمد يوسف موسى ص 153.

[9] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/283.

[10] ينظر: المبدع شرح المقنع لابن مفلح 3/384 الكتبة الإسلامية.

[11] المرجع السابق 5/319.

[12] ينظر: الموطأ للإمام مالك كتاب البيوع الحديث رقم 37.

[13] رواه مسلم في صحيحه ك : الهبات الحديث رقم 26.

[14] رواه أبو داود في سننه ك: الجهاد. الباب (47).

[15] الجامع لأحكام القرآن 11/321

[16] المرجع السابق 3/417

[17] تاج العروس10/147.

[18] متفق عليه: صحيح البخاري. ك: الزكاة الباب 18. وصحيح مسلم ك: الأقضية  الحديث رقم14.

[19] رواه الإمام أحمد في المسند3/414 وأبو داود في سننه.ك الييوع الباب 79.

[20] إن ظاهرة الكتابة على الجدران والأبواب والجسور وما إليها من الظواهر الذميمة التي تنم عن الجهلة وضعف التفكير، مع الأنانية وعدم احترام مشاعر الآخرين، وهي بحق تستحق الدراسة لإيجاد الحلول المناسبة.

[21] الجامع لأحكام القرآن 3/18.

[22] المحرر الوجيز 7/ 79.

[23] متفق عليه. صحيح البخاري ك / المظالم الباب 8 وصحبح مسلم. ك: البر ح / 56.

[24] صحيح البخاري ك/ المظالم الباب 13.

[25] صحيح البخاري ك: فرض الخميس لباب 7.

[26] ينظر: النهـاية في غريب الحديث لابن الأثير2/ 88.

[27] الجامع لأحكام لقرآن 6/152.

[28] انظر: أعلام الموقعين لابن القيم 2/86.

[29] متفق عليه: صحيح للبخاري ك: الاستقرار الباب 20 وصحيح مسلم. ك: الأمارة الحديث رقم 20

[30] رواه البخاري ك: الشركة الباب 6.

[31] ينظر فتح الباري لابن حجر 31/113.

[32] تفسير الطبريى 8/492 تحقيق محمود شاكر.

[33] رواه الأمام مالك في للموطأ. ك: الحدود للحديث رقم10

[34] رواه الإمام أحمد 2/206 والترمذي ك: الإيمان الباب 12.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • المفهوم الشرعي لسلامة المنشآت (PDF)(كتاب - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • غنى النفس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب تباطؤ المنشآت الكبرى في العمل على الرقي بخدماتها لمتقاعديها وفق المفهوم العالمي الجديد للتقاعد(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • المفهوم السياسي للأيديولوجيا(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • مفهوم المفهوم والفرق بينه وبين المصطلح(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المفهوم (مفهوم الموافقة والمخالفة في الفقه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حلق شعر الرأس بهيئة القزع: المفهوم والحكم الشرعي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خصائص المفهوم القرآني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراف والتبذير: المفهوم - الأسباب - النماذج - الآثار - الواقع – المعالجة (WORD)(كتاب - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • بناء المفاهيم ودراستها في ضوء المنهج العلمي (مفهوم الأمن الفكري أنموذجا) (WORD)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب